فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب من ضرب دابة غيره في الغزو

( بابُُ مَنْ ضَرَبَ دَابَّةَ غَيْرِهِ فِي الغزْوِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان من ضرب دَابَّة غَيره الَّتِي وقفت من العي إِعَانَة لَهُ ورفقاً بِهِ.



[ قــ :2734 ... غــ :2861 ]
- حدَّثنا مُسلِمٌ قَالَ حدَّثنا أبُو عُقَيْلٍ قَالَ حدَّثنا أَبُو المُتَوَكِّلِ النَّاجِيُّ قَالَ أتَيْتُ جابِرَ ابنَ عَبْدِ الله الأنْصَارِيَّ فقُلْتُ لَهُ حدِّثْنِي بِما سَمِعْتُ مِنْ رَسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ سافَرْتُ مَعَهُ فِي بَعْضِ أسْفَارِهِ قَالَ أَبُو عَقِيلٍ لَا أدْرِي غَزْوَةً أوْ عُمْرَةً فلَمَّا أنْ أقْبَلْنا قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم منْ أحَبَّ أنْ يتَعَجَّلَ إِلَى أهْلِهِ فَلْيُعَجِّلْ قَالَ جابِرٌ فأقْبَلْنَا وَأَنا عَلَى جَمَلٍ لي أرْمَكَ لَيْسَ فِيهِ شِيَّةٌ والنَّاسُ خَلْفِي فَبَيْنَمَا أَنا كَذَلِكَ إذْ قامَ عَلَيَّ فَقَالَ لِي النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا جابِرُ اسْتَمْسِكْ فَضَرَبَهُ بِسَوْطِهِ ضَرْبَةً فَوَثَبَ البَعِيرُ مَكانَهُ فَقَالَ أتَبِيعُ الجَمَلَ.

قُلْتُ نَعَمْ فَلَمَّا قَدِمْنَا المَدِينَةَ ودَخَلَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم المَسْجِدَ فِي طَوَائِفِ أصْحَابِهِ فَدَخَلْتُ إلَيْهِ وعَقَلْتُ الجَمَلَ فِي ناحِيَةِ البَلاَطِ فَقُلْتُ أَهَذَا جَمَلُكَ فَخَرَجَ فجَعَلَ يُطِيفُ بالجَمَلِ ويَقولُ الجَمَلُ جَمَلُنَا فبَعَثَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أوَاقٍ مِنْ ذَهَبٍ فَقالَ أعْطُوهاجابرَاً ثُمَّ قَالَ اسْتَوْفَيْتَ الثَّمَنَ.

قُلْتُ نَعَمْ قَالَ الثَّمَنُ والجَمَلُ لَكَ..
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( فَضَربهُ بِسَوْطِهِ ضَرْبَة) فالضارب رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم والمضروب: دَابَّة غَيره، وَهُوَ جمل جَابر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَمُسلم هُوَ ابْن إِبْرَاهِيم القصاب الْبَصْرِيّ، وَأَبُو عقيل، بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَكسر الْقَاف: اسْمه بشير ضد النذير بن عقبَة الدَّوْرَقِي الْأَزْدِيّ النَّاجِي، وَيُقَال السَّامِي الْبَصْرِيّ، وَأَبُو المتَوَكل عَليّ بن دَاوُد النَّاجِي، بالنُّون وَالْجِيم مَنْسُوبا إِلَى بني نَاجِية بن سامة بن لؤَي، قَبيلَة كَبِيرَة مِنْهُم، والْحَدِيث مضى بِهَذَا الْإِسْنَاد مُخْتَصرا فِي الْمَظَالِم، وَمَضَت مباحثه مستوفاة فِي الشُّرُوط.

قَوْله: ( أَو عمْرَة) ، كَذَا فِي رِوَايَة الكشميهنيي وَفِي رِوَايَة غَيره: أم عمْرَة.
قَوْله: ( فَلَمَّا أَن أَقبلنَا) ، كلمة: أَن، زَائِدَة، قَوْله: ( فليعجل) ، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: ( فَليَتَعَجَّل) ، فَالْأول من بابُُ التفعيل، وَالثَّانِي من بابُُ التفعل.
قَوْله: ( أرمك) برَاء وكاف، على وزن: أَحْمَر.
قَالَ الْأَصْمَعِي: الأرمك لون يخالط حمرته سوَاده، وَيُقَال: بعير أرمك وناقة رمكاء، وَعَن ابْن دُرَيْد: الرمك كل شَيْء خالطت غيرته سواداً كدراً.
وَقيل: الرمكة الرماد.
.

     وَقَالَ  ابْن قرقول: وَيُقَال: أربك، بِالْبَاء الْمُوَحدَة أَيْضا، وَالْمِيم أشهر.
قَوْله: ( لَيْسَ فِيهِ شية) ، بِكَسْر الشين الْمُعْجَمَة وَفتح الْيَاء آخر الْحُرُوف الْخَفِيفَة أَي: لَيْسَ فِيهِ لمْعَة من غير لَونه، وَعَن قَتَادَة فِي قَوْله: ( لَا شية) ، أَي: لَا عيب، وَيُقَال: الشية: كل لون يُخَالف مُعظم لون الْحَيَوَان.
قَوْله: ( وَالنَّاس خَلْفي) ، جملَة حَالية من قَوْله: ( وَأَنا على جمل لي) ، أَرَادَ أَن جمله كَانَ يسْبق جمال النَّاس.
قَوْله: ( فَبينا أَنا كَذَلِك) ، أَي: فِي حَالَة كَانَ النَّاس خَلْفي.
قَوْله: ( إِذا قَامَ عَليّ) ، جَوَاب بَينا أَنا كَذَلِك، أَي: إِذْ وقف الْجمل، يُقَال: قَامَت الدَّابَّة إِذا وقفت من الكلال.
قَوْله: ( البلاط) ، بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة، وَهِي الْحِجَارَة المفروشة، وَقيل: هُوَ مَوضِع.

وَقَالَ ابْن الْمُنْذر: اخْتلفُوا فِي الْمُكْتَرِي يضْرب الدَّابَّة فتموت، فَقَالَ مَالك: إِذا ضربهَا ضربا لَا يضْرب مثله، أَو حَيْثُ لَا يضْرب ضمن، وَبِه قَالَ أَحْمد وَإِسْحَاق وَأَبُو ثَوْر، وَيُقَال: إِذا ضربهَا ضربا يضْربهَا صَاحبهَا مثله وَلم يَتَعَدَّ فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء، وَاسْتحْسن هَذَا القَوْل أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد.
.

     وَقَالَ  الثَّوْريّ وَأَبُو حنيفَة: ضَامِن إلاَّ أَن يكون أمره بضربها.