فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب ناقة النبي صلى الله عليه وسلم

( بابُُ ناقَةِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان ذكر نَاقَة النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَفِي بعض النّسخ: بابُُ نَاقَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، الْقَصْوَاء والعضباء.

قَالَ ابنُ عُمَرَ أرْدَفَ النبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اسامَةَ علَى القَصْوَاءِ

هَذَا التَّعْلِيق رَوَاهُ ابْن مَنْدَه فِي كتاب ( الأرداف) من طَرِيق عَاصِم بن عبيد الله عَن سَالم عَن أَبِيه، فَذكره من غير ذكر الْقَصْوَاء.

     وَقَالَ  ابْن التِّين: ضبطت القصوى، بِضَم الْقَاف وَالْقصر، وَهِي عِنْد أهل اللُّغَة بِالْفَتْح وَالْمدّ،.

     وَقَالَ  ابْن قرقول: هِيَ المقطوعة ربع الْأذن، وَالْقصر خطأ، وَهِي الَّتِي هَاجر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عَلَيْهَا.
وَيُقَال لَهَا: العضباء، ابتاعها أَبُو بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، من نعم بني الْحَرِيش والجدعاء، وَكَانَت شهباء، وَكَانَ لَا يحملهُ إِذا نزل عَلَيْهِ الْوَحْي غَيرهَا، وَتسَمى أَيْضا: الْحِنَّاء والسمراء والعريس والسعدية والبغوم واليسيرة والرياء وبردة والمروة والجعدة ومهرة والشقراء.
وَفِي ( الْمُحكم) : القصاء، حذف فِي طرف أذن النَّاقة وَالشَّاة، وَهُوَ أَن يقطع مِنْهَا شَيْء قَلِيل، وَقد قصاها قصواً، وقصاها، وناقة قصواء ومقصوة، وجمل مقصو وأقصى، وَأنكر بَعضهم: أقْصَى.
.

     وَقَالَ  اللحياني: بعير أقْصَى ومقصى ومقصو، وناقة قصواء ومقصاة ومقصوة: مَقْطُوعَة طرف الْأذن، والقصية من الْإِبِل: الْكَرِيمَة الَّتِي لَا تجهد فِي حل وَلَا حمل، وَقيل: القصية من الْإِبِل رذالتها.
.

     وَقَالَ  الْجَوْهَرِي: كَانَت نَاقَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لم تكن مَقْطُوعَة الْأذن، وَجزم ابْن بطال: بِأَن الْقَصْوَاء من النوق الَّتِي فِي أذنها حذف، يُقَال مِنْهُ: نَاقَة قصواء وبعير مقصي، قَالَ أَبُو عبيد: العضباء مشقوقة الْأذن.
.

     وَقَالَ  ابْن فَارس: العضباء لقب لَهَا،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: وَأما نَاقَة رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، الَّتِي كَانَت تسمى العضباء، إِنَّمَا كَانَ ذَلِك لقباً لَهَا وَلم تكن أذنها مشقوقة.
.

     وَقَالَ  صَاحب ( الْعين) نَاقَة عضباء مشقوقة الْأذن، وشَاة عضباء مَكْسُورَة الْقرن، والعضب: الْقطع، وَقد عضبه يعضبه: إِذا قطع.

وَقَالَ المِسْوَرُ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا خَلأتِ القَصْوَاءُ

الْمسور، بِكَسْر الْمِيم: ابْن مخرمَة بن نَوْفَل، لَهُ ولأبيه صُحْبَة، وَهَذَا التَّعْلِيق ذكره البُخَارِيّ مُسْندًا فِي كتاب الشُّرُوط فِي: بابُُ الشُّرُوط فِي الْجِهَاد مطولا.
قَوْله: ( مَا خلأت) أَي: مَا وقفت وبركت.



[ قــ :2744 ... غــ :2871 ]
- حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حدَّثنا مُعاوِيَةُ قَالَ حدَّثنا أَبُو إسْحَاقَ عنْ حُمَيْدٍ قَالَ سَمِعْتُ أنَساً رَضِي الله تَعَالَى عنهُ يَقولُ كانَتْ ناقَةُ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُقالُ لَها العَضْباءُ.
الْمُطَابقَة بَينه وَبَين التَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن ذكر النَّاقة يَشْمَل العضباء وَغَيرهَا، وَعبد الله بن مُحَمَّد الْمَعْرُوف بالمسندي، وَمُعَاوِيَة هُوَ ابْن عَمْرو الْأَزْدِيّ وَأَبُو إِسْحَاق هُوَ إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الْفَزارِيّ، وَقد مضى رجال إِسْنَاده كلهم عَن قريب.





[ قــ :745 ... غــ :87 ]
- حدَّثنا مالِكُ بنُ إسْمَاعِيلَ قَالَ حدَّثنا زُهَيْرٌ عنْ حُمَيْدٍ عنْ أنَسٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ كانَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ناقَةٌ تُسَمَّى العَضْبَاءَ لَا تُسْبَقُ قَالَ حُمَيْدٌ أوْ لَا تَكاد تُسْبَقُ فَجاءَ أعْرَابي عَلى قَعُودٍ فسَبَقَها فَشَقَّ ذَلِكَ علَى الْمُسْلِمِيمنَ حتَّى عرَفَهُ فَقالَ حَق علَى الله أَن لاَ يَرْتَفِعَ شَيْءٌ مِنَ الدُّنْيَا إلاَّ ووَضَعَهُ طَوَّلَهُ مُوسَى عنْ حَمَّادٍ عنْ ثابِتٍ عنْ أنَسٍ عنُ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم..
مطابقته للتَّرْجَمَة مَا ذَكرْنَاهُ فِي الحَدِيث الأول، وَمَالك بن إِسْمَاعِيل بن زيدا النَّهْدِيّ الْكُوفِي، وَزُهَيْر هُوَ ابْن مُعَاوِيَة.

والْحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْأَدَب عَن أَحْمد بن سُلَيْمَان عَن مُوسَى بن دَاوُد عَن زُهَيْر بِهِ.

قَوْله: ( أَو لَا تكَاد) شكّ من الرَّاوِي.
قَوْله: ( على قعُود) ، بِفَتْح الْقَاف.
وَهُوَ مَا اسْتحق الرّكُوب من الْإِبِل، وَيُقَال: الْقعُود من الْإِبِل، مَا يعده الْإِنْسَان للرُّكُوب وَالْحمل،.

     وَقَالَ  الْأَزْهَرِي عَن اللَّيْث: الْقعُود والقعودة من الْإِبِل خَاصَّة، وَلم أسمع قعوده بِالْهَاءِ لغير اللَّيْث، وَلَا يكون إلاَّ للذّكر، وَلَا يُقَال للْأُنْثَى: قعودة، قَالَ: وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ أَنه قَرَأَ بِخَط أبي الْهَيْثَم: ذكر الْكسَائي أَنه سمع من يَقُول: قعودة، للقلوص وللذكر قعُود، وَجمع الْقعُود قعدان، والقعادين جمع الْجمع.
وَفِي ( الْمُحكم) : الْقعدَة والقعودة وَالْقعُود من الْإِبِل مَا اتَّخذهُ الرَّاعِي للرُّكُوب.
وَالْجمع: أقعدة وَقعد وقعائد.
.

     وَقَالَ  الْجَوْهَرِي: هُوَ الْبكر حَتَّى يركب، وَأَقل ذَلِك إِن يكون ابْن سنتَيْن إِلَى أَن يدْخل فِي السَّادِسَة فيسمى جملا.
قَوْله: ( حَتَّى عرفه) ، أَي: حَتَّى عرفه رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَونه شاقاً عَلَيْهِم، وَيُقَال: عرف أثر الْمَشَقَّة، وَسَيَجِيءُ فِي الرقَاق، فَلَمَّا رأى مَا فِي وُجُوههم، وَقَالُوا: سبقت العضباء ... الحَدِيث.
قَوْله: ( أَن لَا يرْتَفع شَيْء من الدُّنْيَا) ، وَفِي رِوَايَة مُوسَى ابْن إِسْمَاعِيل: أَن لَا يرفع شَيْئا، وَكَذَلِكَ فِي الرقَاق، على مَا سَيَأْتِي، إِن شَاءَ الله تَعَالَى، وَكَذَا فِي رِوَايَة أبي دَاوُد عَن النُّفَيْلِي عَن زُهَيْر، وَفِي رِوَايَة النَّسَائِيّ من رِوَايَة شُعْبَة عَن حميد: أَن لَا يرفع شَيْء نَفسه فِي الدُّنْيَا.
قَوْله: ( طوله مُوسَى) ، أَي: رَوَاهُ مُوسَى بن إِسْمَاعِيل التَّبُوذَكِي مطولا عَن حَمَّاد بن سَلمَة عَن ثَابت الْبنانِيّ عَن أنس، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَهَذَا التَّعْلِيق وَقع فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي وَحده هُنَا.

وَفِيه: إتخاذ الْإِبِل للرُّكُوب والمسابقة عَلَيْهَا.
وَفِيه: التزهيد فِي الدُّنْيَا للْإِشَارَة إِلَى أَن كل شَيْء مِنْهَا لَا يرْتَفع إلاَّ يتضع.
وَفِيه: الْحَث على التَّوَاضُع.
وَفِيه: حسن خلق النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وتواضعه وعظمته فِي صُدُور أَصْحَابه.