فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب مداواة النساء الجرحى في الغزو

( بابُُ مُدَاوَاةِ النَّساءِ الْجَرْحَى فِي الغَزْوِ)

أَي: هَذَا بيا فِي بَيَان مَا جَاءَ من مداواة النِّسَاء الْجَرْحى من الرِّجَال وَغَيرهم، والجرحى جمع جريح.



[ قــ :2754 ... غــ :2882 ]
- حدَّثنا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الله قَالَ حدَّثنا بِشْرُ بنُ المَفَضَّلِ قَالَ حدَّثنا خالِدُ بنُ ذَكْوَانَ عنِ الرُّبَيْعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ قالَتْ كُنَّا معَ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَسْقِي ونُدَاوي الجَرْحَى ونَرُدُّ القَتْلَى إِلَى المَدِينَةِ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَرِجَاله قد مروا فِيمَا مضى، فعلي بن عبد الله المسندي، مر مرَارًا، وَبشر، بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة: ابْن الْمفضل مر فِي الْعلم، وخَالِد بن ذكْوَان مر فِي الصَّوْم، وَالربيع، بِضَم الرَّاء وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف الْمَكْسُورَة: بنت معوذ، بِضَم الْمِيم وَفتح الْعين الْمُهْملَة وَكسر الْوَاو الْمُشَدّدَة ثمَّ الذَّال الْمُعْجَمَة: الْأَنْصَارِيَّة من المبايعات، وأبوها معوذ بن عفراء لَهُ صُحْبَة.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْجِهَاد عَن مُسَدّد وَفِي الطِّبّ عَن قُتَيْبَة، وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي السّير عَن عَمْرو ابْن عَليّ.

قَوْله: ( نسقي) ، أَي: أَصْحَاب رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
قَوْله: ( ونداوي الجرخى) ، فِيهِ مُبَاشرَة الْمَرْأَة غير ذِي محرم مِنْهَا فِي المداواة وَمَا شاكلها من ألطاف المرضى، وَنقل الْمَوْتَى.
فَإِن قلت: كَيفَ سَاغَ ذَلِك؟ قلت: جَازَ ذَلِك للمتجالات مِنْهُنَّ، لِأَن مَوضِع الْجرْح لَا يلتذ بمسه، بل تقشعر مِنْهُ الْجُلُود وتهابه الْأَنْفس ولمسه عَذَاب لِلاَّمس والملموس، وَأما غَيْرهنَّ فيعالجن بِغَيْر مُبَاشرَة مِنْهُنَّ لَهُم، فيضعن الدَّوَاء ويضعه غَيْرهنَّ على الْجرْح، وَقد يُمكن أَن يضعنه من غير مس شَيْء من جسده.
وَيدل على ذَلِك اتِّفَاقهم أَن الْمَرْأَة إِذا مَاتَت وَلم تُوجد امْرَأَة تغسلها، أَن الرجل لَا يُبَاشر غسلهَا بالمس.
بل يغسلهَا وَرَاء حَائِل، فِي قَول الْحسن الْبَصْرِيّ وَالنَّخَعِيّ وَالزهْرِيّ وَقَتَادَة وَإِسْحَاق، وَعند سعيد بن الْمسيب وَمَالك والكوفيين وَأحمد: تيَمّم بالصعيد، وَهُوَ أصح الْأَوْجه عِنْد الشَّافِعِيَّة،.

     وَقَالَ  الْأَوْزَاعِيّ: تدفن كَمَا هِيَ وَلَا تيَمّم، وَقيل: الْفرق بَين حَال المداواة وتغسيل الْمَيِّت، أَن الْغسْل عبَادَة والدواء ضَرُورَة، والضرورات تبيح الْمَحْظُورَات، وَالله أعلم.