فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب من صف أصحابه عند الهزيمة، ونزل عن دابته واستنصر

( بابُُ مَنْ صَفَّ أصْحَابَهُ عِنْدَ الْهَزِيمَةِ ونَزلَ عنْ دَابَّتِهِ واسْتَنْصَرَ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي ذكر من صف أَصْحَابه عِنْد هزيمتهم وَثَبت هُوَ وَنزل عَن دَابَّته واستنصر الله تَعَالَى، وَهَذَا كَانَ يَوْم حنين حَيْثُ انْقَلب أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، منهزمين من عدوهم كَمَا وَصفهم الله تَعَالَى: { ثمَّ وليتم مُدبرين} ( التَّوْبَة: 52) .
وَثَبت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَذَلِكَ لما خصّه الله تَعَالَى من الشجَاعَة والنجدة، فَنزل عَن بغلته واستنصر، يَعْنِي دَعَا الله بالنصرة فنصره الله تَعَالَى، إِذْ رماهم بِالتُّرَابِ كَمَا يَأْتِي بَيَانه مستقصىً فِي الْمَغَازِي، ونزوله كَانَ بِسَبَب الرجالة البَاقِينَ مَعَه ليتأسوا بِهِ.



[ قــ :2801 ... غــ :2930 ]
- حدَّثنا عَمْرُو بنُ خالِدٍ قَالَ حدَّثنا زُهَيْرٌ قَالَ حدَّثنا أبُو إسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ البَرَاءَ وسَألَهُ رَجلٌ أكنْتُمْ فَرَرْتُمْ يَا أَبَا عُمارَةَ يَوْمَ حُنَيْنٍ قَالَ لاَ وَالله مَا وَلَّى رسولُ الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ولَكِنَّهُ خَرَجَ شُبَّانُ أصْحَابِهِ وأخِفَّاؤُهُمْ حُسَّرَاً لَيْسَ بِسِلاحٍ فأتَوْا قَوْماً رُماةً جَمْعَ هَوَازِنَ وبَنِي نَصْرٍ مَا يَكادُ يَسْقُطُ لَهُمُ سَهْمٌ فرَشَقُوهُمْ رَشْقَاً مَا يَكادُونَ يُخْطِئُونَ فأقْبَلُوا هُنالِكَ إِلَى النَّبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وهْوَ عَلَى بَغْلَتِهِ البيْضَاءِ وابنُ عَمِّهِ أَبُو سُفْيَانَ بنُ الحَارِثِ بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ يَقودُ بِهِ فَنَزَلَ واسْتَنْصَرَ ثُمَّ قَالَ أَنا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ أنَا ابنُ عَبْدِ الْمُطَّلِب ثُمَّ صَفَّ أصْحَابَهُ.

.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( فَنزل واستنصر) .

وَعَمْرو بن خَالِد بن فروخ الْحَرَّانِي الْجَزرِي سكن مصر وَهُوَ من أَفْرَاده، وَزُهَيْر هُوَ ابْن مُعَاوِيَة، وَأَبُو إِسْحَاق عَمْرو بن عبد الله.

والْحَدِيث قد مضى فِي: بابُُ من قاد دَابَّة غَيره فيكتاب الْجِهَاد، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ: عَن قُتَيْبَة عَن سهل بن يُوسُف عَن شُعْبَة عَن سهل بن أبي إِسْحَاق ... إِلَى آخِره.

قَوْله: ( يَا أَبَا عمَارَة) ، بِضَم الْعين وَتَخْفِيف الْمِيم، كنية أبي الدَّرْدَاء.
قَوْله: ( وأخفاؤهم) ، وَجمع خف بِمَعْنى الْخَفِيف، وهم الَّذين لَيْسَ مَعَهم سلَاح يثقلهم.
قَوْله: ( حسراً) ، بِضَم الْحَاء وَتَشْديد السِّين الْمُهْمَلَتَيْنِ وبالراء: جمع حاسر، وَهُوَ الَّذِي لَا سلَاح مَعَه، وَقيل: هُوَ الَّذِي لَا درع لَهُ وَلَا مغفر، وانتصابه على الْحَال من: شُبَّان أَصْحَابه.
قَوْله: ( لَيْسَ بسلاح) ، اسْم: لَيْسَ، مُضْمر، وَالتَّقْدِير: لَيْسَ أححدهم ملتبساً بسلاح، ويروى لَيْسَ سلَاح، بِدُونِ الْبَاء، وَسلَاح مَرْفُوع على أَنه اسْم: لَيْسَ، وَالْخَبَر مَحْذُوف، أَي: لَيْسَ سلَاح لَهُم.
قَوْله: ( رُمَاة) ، جمع رام، وانتصابه على أَنه صفة: قوما، وانتصاب قوما على المفعولية.
قَوْله: ( جمع هوَازن) ، مَنْصُوب على أَنه بدل من: قوما، وَيجوز رَفعه على أَنه خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف، أَي: هم جمع هوَازن، وَجمع بني نصر وهما قبيلتان.
قَالَ الْجَوْهَرِي: نصر أَبُو قَبيلَة من بني أَسد وَهُوَ نصر بن قعين.
قَوْله: ( فرشقوهم) ، الرشق الرَّمْي،.

     وَقَالَ  الدَّاودِيّ: مَعْنَاهُ يَرْمِي الْجَمِيع سِهَامهمْ.
قَوْله: ( وَابْن عَمه) ، مُبْتَدأ، وَالْوَاو للْحَال، وَخَبره قَوْله: ( يَقُود بِهِ) .