فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب: هل يرشد المسلم أهل الكتاب، أو يعلمهم الكتاب

( بابٌُ هَلْ يُرْشِدُ المُسْلِمُ أهْلَ الكِتَابِ أوْ يُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ)

أَي: هَذَا بابُُ يذكر فِيهِ: هَل يرشد الْمُسلم أهل الْكتاب، وَمعنى إرشادهم مَا قَالَه ابْن بطال: إرشاد أهل الْكتاب ودعاؤهم إِلَى الْإِسْلَام على الإِمَام، يَعْنِي: وَاجِب عَلَيْهِ، هَذَا هُوَ مَعْنَاهُ لَا مَا قَالَه بَعضهم: المُرَاد بِالْكتاب الأول التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل، وبالكتاب الثَّانِي مَا هُوَ أَعم مِنْهُمَا وَمن الْقُرْآن وَغير ذَلِك.
انْتهى.
وَهَذَا مستبعد من كل وَجه، وَلَو تَأمل هَذَا أَن الْمَعْنى: هَل يرشد الْمُسلم أهل الْكتاب إِلَى طَرِيق الْهدى ويعرفه بمحاسن الْإِسْلَام حَتَّى يرجع إِلَيْهِ لما أقدم على مَا قَالَه.
قَوْله: ( أَو يعلمهُمْ الْكتاب) ، أَي: أَو هَل يعلمهُمْ الْمُسلم الْكتاب أَي الْقُرْآن، وَفِيه خلاف، فَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا بَأْس بتعليم الْحَرْبِيّ وَالذِّمِّيّ الْقُرْآن وَالْعلم وَالْفِقْه رَجَاء أَن يَرْغَبُوا فِي الْإِسْلَام، وَهُوَ أحد قولي الشَّافِعِي،.

     وَقَالَ  مَالك: لَا يعلمهُمْ الْكتاب وَلَا الْقُرْآن، وَهُوَ أحد قولي الشَّافِعِي، وَاحْتج الطَّحَاوِيّ لأبي حنيفَة بِكِتَاب هِرقل، وَبِقَوْلِهِ عز وَجل: { وَإِن أحد من الْمُشْركين استجارك فَأَجره حَتَّى يسمع كَلَام الله} ( التَّوْبَة: 6) .
وروى أُسَامَة ابْن زيد: مر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، على ابْن أبي قبل أَن يسلم، وَفِي الْمجْلس أخلاط من الْمُسلمين وَالْمُشْرِكين وَالْيَهُود فَقَرَأَ عَلَيْهِم الْقُرْآن.



[ قــ :2807 ... غــ :2936 ]
- حدَّثنا إسحاقُ قَالَ أخبرَنا يَعْقُوبُ بنُ إبْرَاهِيمَ قَالَ حدَّثنا ابنُ أخِي ابنِ شِهَابٍ عنْ عَمِّهِ قَالَ أَخْبرنِي عُبَيْدُ الله بنُ عَبْدِ الله بنِ عُتْبَةَ بنِ مَسْعُودٍ أنَّ عَبْدَ الله بنَ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا أخْبَرَهُ أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كتَبَ إِلَى قَيْصَرَ.

     وَقَالَ  فإنْ تَوَلَّيْتَ فإنَّ عَلَيْكَ إثْمَ الأرِيسِيِّينَ.

( الحَدِيث 6392 طرفه فِي: 0492) .

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، كتب إِلَى قَيْصر آيَة من الْقُرْآن وَهِي قَوْله تَعَالَى: { يَا أهل الْكتاب تَعَالَوْا إِلَى كلمة سَوَاء بَيْننَا وَبَيْنكُم} ( آل عمرَان: 46) .
الْآيَة بِتَمَامِهَا، وَوَجهه أَن فِيهِ مُطَابقَة لكل وَاحِد من جزئي التَّرْجَمَة، أما مطابقته للجزء الأول فتؤخذ من قَوْله: ( فَإِن توليت) إِلَى آخِره، لِأَن فِيهِ إرشاداً إِلَى طَرِيق الْهدى وَالْحق، وَأما مطابقته للجزء الثَّانِي فتؤخذ من كِتَابه إِلَيْهِ على مَا لَا يخفى على المتأمل.
وَإِسْحَاق شَيْخه هُوَ ابْن مَنْصُور بن كوسج أَبُو يَعْقُوب الْمروزِي، يَعْقُوب ابْن إِبْرَاهِيم بن سعد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف الْقرشِي الزُّهْرِيّ، وَابْن أخي ابْن شهَاب هُوَ مُحَمَّد بن عبد الله ابْن أخي مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ، وَهَذَا الَّذِي ذكره هُنَا قِطْعَة من حَدِيث طَوِيل قد مر فِي أول الْكتاب.