فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب الخروج آخر الشهر

( بابُُ الخُرُوجِ آخِرِ الشَّهْرِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان جَوَاز الْخُرُوج إِلَى السّفر فِي آخر الشَّهْر، وَأَرَادَ بِهَذِهِ التَّرْجَمَة الرَّد على من كره ذَلِك.
.

     وَقَالَ  ابْن بطال: إِن أهل الْجَاهِلِيَّة كَانُوا يتحرون أَوَائِل الشُّهُور للأعمال ويكرهون التَّصَرُّف فِي محاق الْقَمَر.
قلت: المحاق من الشَّهْر ثَلَاثَة أَيَّام من آخِره.

وقالَ كُرَيْبٌ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا انْطَلَقِ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنَ المَدِينَةِ لِخَمْسٍ بَقِينَ منْ ذِي القِعْدَةِ وقَدِمَ مَكَّةَ لأِرْبَع لَيالٍ خَلَوْنَ منْ ذِي الحِجَّةِ
هَذَا التَّعْلِيق قِطْعَة من حَدِيث وَصلهَا البُخَارِيّ فِي كتاب الْحَج فِي: بابُُ

.
فَإِن قلت: روى أَصْحَاب السّنَن وَابْن حبَان فِي ( صَحِيحه) عَن صَخْر الغامدي بالغين الْمُعْجَمَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: ( بورك لأمتي فِي بكورها) .
قلت: هَذَا لَا يمْنَع جَوَاز التَّصَرُّف فِي غير وَقت البكور، وَإِنَّمَا خص البكور بِالْبركَةِ لكَونه وَقت النشاط.
.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: قصد البُخَارِيّ بِهَذَا الحَدِيث الرَّد على من كره ذَلِك عملا بقول المنجم، وَقد اسْتشْكل هَذَا الحَدِيث، وَحَدِيث عَائِشَة أَيْضا الَّذِي يَأْتِي الْآن، فَقيل: إِن كَانَ سَفَره ذَلِك يَوْم السبت تبقى أَربع من ذِي الْقعدَة، لِأَن الْخَمِيس كَانَ أول ذِي الْحجَّة، كَانَ أول ذِي الْحجَّة، وَإِن كَانَ يَوْم الْخَمِيس فالباقي سِتّ وَلم يكن خُرُوجه يَوْم الْجُمُعَة لقَوْل أنس: صلى الظّهْر بِالْمَدِينَةِ أَرْبعا، وَالْجَوَاب أَن الْخُرُوج يَوْم الْجُمُعَة.
وَقَوله: ( لخمس بَقينَ) ، أَي: فِي أذهانهم حَالَة الْخُرُوج بِتَقْدِير تَمَامه، فاتفق إِن كَانَ الشَّهْر نَاقِصا فَأخْبر بِمَا كَانَ فِي الأذهان يَوْم الْخُرُوج، لِأَن الأَصْل التَّمام.



[ قــ :2821 ... غــ :2952 ]
- حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ مسْلَمَةَ عنْ مالِكٍ عنْ يَحْيَى بنِ سَعِيدٍ عنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عبْدِ الرَّحْمانِ أنَّهَا سَمِعَتْ عائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهَا تَقولُ خَرَجْنا مَعَ رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِخَمْسِ لَيالٍ بَقِينَ مِنْ ذِي القَعْدَةِ وَلَا نُرَي إِلَّا الحَجَّ فلَمَّا دَنَوْنَا مِنْ مَكَّةَ أمَرَ رسوُلُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ إذَا طافَ بالبَيْتِ وسَعى بَيْنَ الصَّفَا والمَرْوَةِ أنْ يَحِلَّ قالَتْ عائِشَةُ فَدُخِلَ علَيْنَا يَوْمَ النَّحْرِ بِلَحْمِ بَقَرٍ فقلتُ مَا هَذَا فقالَ نَحَرَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عنْ أزْوَاجِهِ..
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْلهَا: ( خرجنَا مَعَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لخمس لَيَال بَقينَ من ذِي الْقعدَة) فَإِنَّهَا آخر الشَّهْر، وَهَذَا الحَدِيث مضى فِي كتاب الْحَج فِي: بابُُ ذبح الرجل الْبَقر عَن نِسَائِهِ، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عبد الله بن يُوسُف عَن مَالك عَن يحيى بن سعيد إِلَى آخِره نَحوه.
قَوْله: ( وَلَا نرى) أَي: وَلَا نظن.
قَوْله: ( فَدخل علينا) ، بِضَم الدَّال على صِيغَة الْمَجْهُول.
قَوْله: ( فَقَالَ نحر رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) ، ويروى: قَالُوا: وَقد مضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.

قالَ يَحْيى فَذَكَرْتُ هذَا الحَدِيثَ لِلْقَاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ فقالَ أتَتْكَ وَالله بالحَدِيثِ على وجْهِهِ يحيى هم ابْن سعيد الْأنْصَارِيّ الْمَذْكُور فِي سَنَد الحَدِيث، وَالقَاسِم بن مُحَمَّد بن أبي بكر الصّديق، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
قَوْله: ( أتتك) أَي: عمْرَة بنت عبد الرَّحْمَن، وَالله أعلم.