فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب السمع والطاعة للإمام

( بابُُ السَّمْعِ والطَّاعَةِ للإمَامِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان وجوب السّمع وَالطَّاعَة للْإِمَام، زَاد الْكشميهني فِي رِوَايَته: مَا لم يَأْمر بِمَعْصِيَة، وَهَذَا الْقَيْد مُرَاد وَإِن لم يذكر، وَنَصّ الحَدِيث يدل عَلَيْهِ.



[ قــ :2824 ... غــ :2955 ]
- حدَّثنا مُسَدَّدٌ قالَ حَدَّثَنا يَحْيى عنْ عُبَيْدِ الله قَالَ حدَّثني نافِعٌ عنِ ابنِ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما عنِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وحدَّثني مُحَمَّدُ بنُ صبَّاحٍ قَالَ حدَّثنا إسْمَاعِيلُ بنُ زَكَرِيَّاءَ عنْ عُبَيْدِ الله عنْ نافِعٍ عنِ ابنِ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما عنِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قالَ السَّمْعُ والطَّاَعَةُ حَقٌّ مَا لَمْ يُؤْمَرْ بالْمَعْصِيَةِ فإذَا أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلاَ سَمْعَ وَلَا طاعَةَ.

( الحَدِيث 5592 طرفه فِي: 4417) .

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.

وَأخرجه من طَرِيقين: الأول: عَن مُسَدّد عَن يحيى بن سعيد الْقطَّان عَن عبيد الله بن عمر بن حَفْص بن عَاصِم بن عمر بن لخطاب عَن نَافِع عَن عبد الله بن عمر، وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْأَحْكَام، وَأخرجه مُسلم فِي الْمَغَازِي عَن زُهَيْر ابْن حَرْب.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْجِهَاد عَن مُسَدّد بِهِ.
الطَّرِيق الثَّانِي: عَن مُحَمَّد بن صباح، بتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة: عَن إِسْمَاعِيل ابْن زَكَرِيَّاء الخلقاني عَن عبيد الله ... إِلَى آخِره.

قَوْله: ( السّمع) ، أَي: إِجَابَة قَول الْأَمِير، إِذْ طَاعَة أوامرهم وَاجِبَة مَا لم يَأْمر بِمَعْصِيَة وإلاَّ فَلَا طَاعَة لمخلوق فِي مَعْصِيّة الْخَالِق، وَيَأْتِي من حَدِيث عَليّ بِلَفْظ: لَا طَاعَة فِي مَعْصِيّة، إِنَّمَا الطَّاعَة فِي الْمَعْرُوف.

وَفِي الْبابُُ عَن عمرَان بن حُصَيْن أخرجه النَّسَائِيّ، وَالْحكم بن عمر وَأخرجه الطَّبَرَانِيّ وَابْن مَسْعُود وَغَيرهم، وَذكر عِيَاض: أجمع الْعلمَاء على وجوب طَاعَة الإِمَام فِي غير مَعْصِيّة وتحريمها فِي الْمعْصِيَة،.

     وَقَالَ  ابْن بطال: احْتج بِهَذَا الْخَوَارِج فَرَأَوْا الْخُرُوج على أَئِمَّة الْجور وَالْقِيَام عَلَيْهِم عِنْد ظُهُور جَوْرهمْ، وَالَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُور: أَنه لَا يجب الْقيام عَلَيْهِم عِنْد ظُهُور جَوْرهمْ وَلَا خلعهم إلاَّ بكفرهم بعد إِيمَانهم، أَو تَركهم إِقَامَة الصَّلَوَات، وَأما دون ذَلِك من الْجور فَلَا يجوز الْخُرُوج عَلَيْهِم إِذا استوطن أَمرهم وَأمر النَّاس مَعَهم، لِأَن فِي ترك الْخُرُوج عَلَيْهِم تحصين الْفروج وَالْأَمْوَال وحقن الدِّمَاء، وَفِي الْقيام عَلَيْهِم تفرق الْكَلِمَة، وَلذَلِك لَا يجوز الْقِتَال مَعَهم لمن خرج عَلَيْهِم عَن ظلم ظهر مِنْهُم،.

     وَقَالَ  ابْن التِّين: فَأَما مَا يَأْمر بِهِ السُّلْطَان من الْعُقُوبَات فَهَل يسع الْمَأْمُور بِهِ أَن يفعل ذَلِك من غير ثَبت أَو علم يكون عِنْده بِوُجُوبِهَا؟ قَالَ مَالك: إِذا كَانَ الإِمَام عدلا كعمر بن الْخطاب أَو عمر بن الْعَزِيز، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، لم تسمع مُخَالفَته وَإِن لم يكن كَذَلِك وَثَبت عِنْده الْفِعْل جَازَ،.

     وَقَالَ  أَبُو حنيفَة وصاحباه: مَا أَمر بِهِ الْوُلَاة من ذَلِك غَيرهم يسعهم أَن يفعلوه فِيمَا كَانَ ولايتهم إِلَيْهِ، وَفِي رِوَايَة عَن مُحَمَّد: لَا يسع الْمَأْمُور أَن يَفْعَله حَتَّى يكون الْآمِر عدلا، وَحَتَّى يشْهد بذلك عِنْده عدل سَوَاء إلاَّ فِي الزِّنَا فَلَا بُد من ثَلَاثَة سَوَاء، وَرُوِيَ نَحْو الأول عَن الشّعبِيّ، رَحمَه الله.