فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب ما يجوز من الاحتيال والحذر، مع من يخشى معرته

( بابُُ مَا يَجُوزُ مِنَ الاحْتِيَالِ والحَذَرِ مَعَ مَنْ يَخْشَى مَعَرَّتَهُ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان مَا يجوز إِلَى آخِره.
قَوْله: ( مَعَ من يخْشَى) ، على بِنَاء الْمَعْلُوم، وَيجوز أَن يكون على صِيغَة الْمَجْهُول، فعلى الأول: مَعْرفَته، مَنْصُوب وَعلي الثَّانِي، مَرْفُوع.
والمعرة، بِفَتْح الْمِيم وَالْعين الْمُهْملَة وَتَشْديد الرَّاء: الشدَّة وَمَا يكره من فَسَاد.



[ قــ :2898 ... غــ :3033 ]
- قالَ حدَّثنا اللَّيْثُ قَالَ حدَّثَنِي عُقَيْلٌ عنِ ابنِ شِهابٍ عنْ سالِمِ بنِ عَبْدِ الله عنْ عَبْدِ الله ابنِ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما أنَّهُ قالَ انْطَلَقَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ومَعَهُ أبَيُّ بنُ كَعْبٍ قِبَلَ ابنِ صَيَّادٍ فَحُدِّثَ بِهِ فِي نَخْلٍ فلَمَّا دَخَلَ عَلَيهِ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم النَّخْلَ طَفِقَ يَتَّقِي بِجُذُوعِ النَّخْلِ وابنُ صَيَّادٍ فِي قَطِيفَةٍ لَهُ فِيها رَمْرَمَةٌ فرَأتْ أُمُّ ابنِ صَيَّادٍ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقالَتْ يَا صَافُ هَذا مُحَمَّدٌ فوَثَبَ ابنُ صَيَّادٍ فَقالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لوْ تَرَكَتْهُ بَيَّنَ..
مطابقته للتَّرْجَمَة يُمكن أَن تُؤْخَذ من قَوْله: ( طفق يَتَّقِي بجذوع النّخل) لِأَن مَعْنَاهُ: شرع يخفي نَفسه بجذوع النّخل حَتَّى لَا ترَاهُ أم ابْن صياد، وَهَذَا احتيال وحذر، لِأَن أم ابْن صياد مِمَّن يخْشَى معرته، وَلم أر أحدا من الشُّرَّاح ذكر هُنَا الْمُطَابقَة بَين التَّرْجَمَة والْحَدِيث، وَأَن الْفضل بيد الله يؤتيه من يَشَاء.

وَاللَّيْث هُوَ ابْن سعد، وَعقيل، بِضَم الْعين: ابْن خَالِد، وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله الْإِسْمَاعِيلِيّ من طَرِيق يحيى بن بكير وَأبي صَالح، كِلَاهُمَا عَن اللَّيْث، وَقد مضى قصَّة ابْن صياد مُطَوَّلَة فِي كتاب الْجَنَائِز فِي: بابُُ إِذا أسلم الصَّبِي فَمَاتَ هَل يصلى عَلَيْهِ؟ .

قَوْله: ( قِبَل ابْن صياد) ، بِكَسْر الْقَاف وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة، أَي: ناحيته وجهته، قَوْله: ( فَحدث بِهِ) ، على صِيغَة الْمَجْهُول، وَالضَّمِير فِي: بِهِ، يرجع إِلَى ابْن صياد.
قَوْله: ( فِي نخل) ، حَال من الضَّمِير الْمَجْرُور، وَالْمعْنَى: أخبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِابْن صياد، وَالْحَال أَنه فِي نخل.
قَوْله: ( طفق يَتَّقِي) ، قد مر تَفْسِيره الْآن.
قَوْله: ( فِي قطيفة) ، وَهِي: الكساء المخمل.
قَوْله: ( لَهُ فِيهَا) ، أَي: لِابْنِ صياد فِي القطيفة ( رمرمة) براءين، وَهُوَ الصَّوْت، ويروى بالزايين.
قَوْله: ( يَا صَاف) ، صَاف اسْم ابْن صياد، بِضَم الْفَاء وَكسرهَا.
قَوْله: ( لَو تركته بَين) ، أَي: لَو تركته أمه بِحَيْثُ لَا تعرف قدوم رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَلم يندهش مِنْهُ، بيّن لكم باخْتلَاف كَلَامه مَا يهون عَلَيْكُم أمره، وَقد سبقت مباحثه مستقصاة فِي كتاب الْجَنَائِز فِي الْبابُُ الْمَذْكُور.