فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب: كيف يعرض الإسلام على الصبي

(بابٌُ كَيْفَ يُعْرَضُ الإسْلاَمُ علَى الصَّبِيِّ)

أَي: هَذَا بابُُ يذكر فِيهِ كَيفَ يعرض الْإِسْلَام على الصَّبِي.



[ قــ :2918 ... غــ :3055 ]
- حدَّثنا عبْدُ الله بنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حدَّثنا هِشَامً قالَ أخبرَنَا مَعْمَرٌ عنِ الزُّهْرِيِّ قالَ أخْبرَني سالِمُ بنُ عَبْدِ الله عنِ ابنِ عُمرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا أنَّهُ أخْبَرَهُ أنَّ عُمَرَ انْطَلَقَ فِي رَهْطٍ مِنْ أصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَ النَّبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قِبَلَ ابنِ صَيَّادٍ حَتَّى وجَدُوهُ يَلْعَبُ مَعَ الغِلْمَانِ عِنْدَ أُطُمِ بَنِي مغالَةَ وقَدْ قَارَبَ يَوْمَئِذٍ ابنُ صَيَّادٍ يَحْتَلِمُ فلَمْ يَشْعُرْ حتَّى ضَرَبَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ظَهْرَهُ بِيَدِهِ ثُمَّ قالَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أتَشْهَدُ أنِّي رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فنَظَرَ إلَيْهِ ابنُ صَيَّادٍ فَقَالَ أشْهَدُ أنَّكَ رَسولْ الأمِّيِّينَ فَقَالَ ابنُ صَيَّادٍ لِلنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أتَشْهَدُ أنِّي رسُولُ الله قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم آمَنْتُ بِاللَّه ورُسُلِهِ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ماذَا تَرَى قَالَ ابنُ صَيَّادٍ يأتِيني صادِقٌ وكاذِبٌ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خُلِطَ عَلَيْكَ الأمْرُ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إنِّي قَدْ خَبأتُ لَكَ خَبِيئَاً قَالَ ابنُ صَيَّادٍ هُوَ الدُّخُّ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اخْسَأ فلَنْ تَعْدُو قَدْرَكَ قَالَ عُمَرُ يَا رسولَ الله ائْذَنْ لِي فيهِ أضْرِبْ عُنُقَهُ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إنْ يَكُنْهُ فلَنْ تُسَلَّطَ علَيْهِ وإنْ لَمْ يَكُنْهُ فَلاَ خَيْرَ لَكَ فِي قَتْلِهِ.
قالَ ابنُ عُمَرَ انْطَلَقَ النَّبِيُّ وأُبَيُّ بنُ كعْبٍ يأتِيَانِ النَّخْلَ الَّذِي فِيهِ ابنُ صَيَّادٍ حتَّى إذَا دَخَلَ النَّخْلَ طَفِقَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَتَّقِي بِجُذُوعِ النَّخْلِ وهْوَ يَخْتِلُ أنْ يَسْمَعَ منِ ابنِ صَيَّادٍ شَيْئاً قَبْلَ أنْ يَرَاهُ وابنُ صَيَّادٍ مُضْطَجِع عَلى فِرَاشِهِ فِي قَطيفَةٍ لَهُ فِيهَا رَمْزَةٌ فرَأتْ أُمُّ ابنِ صَيَّادٍ النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وهْوَ يَتَّقِي بِجُذُوعِ النَّخْلِ فقالَتْ لإِبْنِ صَيَّادٍ أَي صافِ وهْوَ اسْمُهُ فَثارَ ابنُ صَيَّادٍ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَوْ تَرَكْتُهُ بَيَّن.

وقَالَ سالِمٌ قَالَ ابنُ عُمَرَ ثُمَّ قامَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي النَّاسِ فأثْنَى على الله بِمَا هُوَ أهْلُهُ ثُمَّ ذَكَرَ الدَّجَّالَ فَقَالَ إنِّي أُنْذِرُكُمُوهُ وَمَا مِنْ نَبِيٍّ إلاَّ قَدْ أنْذَرَهُ قَوْمَهُ لَقَدْ أنْذَرَهُ نُوحٌ قَوْمَهُ ولاكِنْ سأقُوُلُ لَكُمْ فِيهِ قَوْلاً لَمْ يَقُلْهُ نَبي لِقَوْمِهِ تَعْلَمُونَ أنَّهُ أعْوَرُ وأنَّ الله لَيسَ بِأعْوَرَ..
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (أَتَشهد أَنِّي رَسُول الله؟) وَهُوَ عرض الْإِسْلَام على الصَّبِي، لِأَن ابْن صياد إِذْ ذَاك لم يحْتَمل، وَقد ترْجم فِي كتاب الْجَنَائِز: بابُُ إِذا أسلم الصَّبِي فَمَاتَ، هَل يصلى عَلَيْهِ؟ وَهل يعرض على الصَّبِي الْإِسْلَام؟ وَذكر فِيهِ حَدِيث ابْن صياد، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ مُسْتَوفى، ولنذكر هُنَا بعض شَيْء.
وَفِي هَذَا الحَدِيث ثَلَاث قصَص ذكرهَا البُخَارِيّ بِتَمَامِهَا فِي الْجَنَائِز من طَرِيق يُونُس، وَذكر هُنَا من طَرِيق معمر بن رَاشد عَن مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ عَن سَالم بن عبد الله عَن عبد الله بن عمر بن الْخطاب، وَذكر فِي الْأَدَب من طَرِيق شُعَيْب، وَاقْتصر فِي الشَّهَادَات على الثَّانِيَة، وَذكرهَا أَيْضا فِيمَا مضى من الْجِهَاد من وَجه آخر، وَاقْتصر فِي الْفِتَن على الثَّالِثَة.

قَوْله: (قبل ابْن صياد) ، بِكَسْر الْقَاف وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة، أَي: ناحيته وجهته.
قَوْله: (عِنْد أَطَم بني مغالة) ، بِضَم الْهمزَة، وَهُوَ الْبناء الْمُرْتَفع، وَيجمع على: آطام، وآطام الْمَدِينَة: أبنيتها المرتفعة كالحصون، (ومغالة) : بِفَتْح الْمِيم وَتَخْفِيف الْغَيْن الْمُعْجَمَة وباللام، قَالَ النَّوَوِيّ: كَذَا فِي بعض النّسخ: بني مغالة، وَفِي بَعْضهَا: ابْن مغالة، وَالْأول هُوَ الْمَشْهُور.
وَذكره مُسلم فِي رِوَايَة الْحسن الْحلْوانِي أَنه أَطَم بني مُعَاوِيَة، بِضَم الْمِيم وبالعين الْمُهْملَة، قَالَ الْعلمَاء: الْمَشْهُور الْمَعْرُوف هُوَ الأول، وَقد ذكرنَا فِي كتاب الْجَنَائِز أَن بني مغالة بطن من الْأَنْصَار، وَقيل: حَيّ من قضاعة.
قَوْله: (الْأُمِّيين) ، أَي: الْعَرَب.
وَمَا ذكره، وَإِن كَانَ حَقًا من جِهَة الْمَنْطُوق، بَاطِل من جِهَة الْمَفْهُوم، وَهُوَ أَنه لَيْسَ مَبْعُوثًا إِلَى الْعَجم كَمَا زَعمه الْيَهُود.
قَوْله: (آمَنت بِاللَّه وَرُسُله) ، وَفِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي: (وَرَسُوله) ، بِالْإِفْرَادِ، وَفِي حَدِيث أبي سعيد: (آمَنت بِاللَّه وَمَلَائِكَته وَكتبه وَرُسُله وَالْيَوْم الآخر.
قيل: كَيفَ طابق: آمَنت بِاللَّه وَرُسُله الِاسْتِفْهَام؟ وَأجِيب: بِأَنَّهُ لما أَرَادَ أَن يظْهر للْقَوْم حَاله أرْخى الْعَنَان حَتَّى يُبينهُ عِنْد المغتر بِهِ، فَلهَذَا قَالَ آخرا: إخسأ.
وَقيل: إِنَّمَا عرض النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، الْإِسْلَام على ابْن صياد بِنَاء على أَنه لَيْسَ الدَّجَّال المحذر مِنْهُ، ورد بِأَن أمره كَانَ مُحْتملا فَأَرَادَ اختباره بذلك.
.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيّ: كَانَ ابْن صياد على طَرِيق الكهنة يخبر بالْخبر فَيصح تَارَة وَيفْسد أُخْرَى، وَلم ينزل فِي شَأْنه وَحي، فَأَرَادَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، سلوك طَرِيقَته يختبر بهَا حَاله، وَهَذَا هُوَ السَّبَب أَيْضا فِي انطلاقه إِلَيْهِ، وَقد روى أَحْمد من حَدِيث جَابر.
قَالَ: (ولدت امْرَأَة من الْيَهُود غُلَاما ممسوحة إِحْدَى عَيْنَيْهِ، وَالْأُخْرَى طالعة ناتئة، فأشفق النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يكون هُوَ الدَّجَّال.
قَوْله: (مَاذَا ترى؟) قَالَ ابْن صياد: يأتيني صَادِق وكاذب، وروى التِّرْمِذِيّ من حَدِيث أبي سعيد.
قَالَ: لَقِي رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ابْن صياد فِي بعض طرق الْمَدِينَة، فاحتبسه وَهُوَ غُلَام يَهُودِيّ وَله ذؤابة وَمَعَهُ أَبُو بكر، وَعمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، فَقَالَ لَهُ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (تشهد أَنِّي رَسُول الله؟) فَقَالَ: أَتَشهد أَنِّي رَسُول الله؟ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: آمَنت بِاللَّه وَمَلَائِكَته وَكتبه وَرُسُله وَالْيَوْم الآخر، فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا ترى؟ قَالَ: أرى عرشاً فَوق المَاء.
قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ترى عرش إِبْلِيس فَوق الْبَحْر، قَالَ: مَا ترى؟ قَالَ: أرى صَادِقا وكاذبين، أَو صَادِقين وكاذباً، قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَيْسَ عَلَيْهِ فَدَعَاهُ) .
انْتهى.
قَوْله: (فَدَعَاهُ) أَي: اتركاه، يُخَاطب أَبَا بكر وَعمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا.
وَكَذَا رَوَاهُ مُسلم، وَفِي آخِره: (فَدَعوهُ) ، بِصِيغَة الْجمع: وَفِي رِوَايَة أَحْمد: أرى عرشاً على المَاء وَحَوله الْحيتَان.
قَوْله: (خلط عَلَيْك الْأَمر) ، بِضَم الْخَاء وَكسر اللَّام المخففة، وَمَعْنَاهُ: لبس، وَكَذَا هُوَ فِي رِوَايَة، بِضَم اللَّام وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة المخففة بعْدهَا سين مُهْملَة.
وَفِي حَدِيث أبي الطُّفَيْل عِنْد أَحْمد، فَقَالَ: (تعوذوا بِاللَّه من شَرّ هَذَا) .
قَوْله: (إِنِّي خبأت) ، أَي: ضمرت (لَك خبيئاً) ، بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف ثمَّ همزَة، ويروى: (خبأ) بِكَسْر الْخَاء وَسُكُون الْبَاء وبالهمزة، يَعْنِي: أضمرت لَك اسْم الدُّخان، وَقيل: آيَة الدُّخان، وَهِي { فَارْتَقِبْ يَوْم تَأتي السَّمَاء بِدُخَان مُبين} (الدُّخان: 01) .
قَوْله: (هُوَ الدخ) ، بِضَم الدَّال الْمُهْملَة وبالخاء الْمُعْجَمَة، وَحكى صَاحب (الْمُحكم) الْفَتْح، وَوَقع عِنْد الْحَاكِم: الزخ، بِفَتْح الزَّاي بدل الدَّال، وَفَسرهُ: بِالْجِمَاعِ، وَاتفقَ الْأَئِمَّة على تغليطه فِي ذَلِك، وَيَردهُ مَا وَقع فِي حَدِيث أبي ذَر وَأخرجه أَحْمد وَالْبَزَّار، فَأَرَادَ أَن يَقُول: الدُّخان فَلم يسْتَطع، فَقَالَ: الدخ، وَفِي رِوَايَة الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ فِي (الْأَوْسَط) من حَدِيث زيد بن حَارِثَة، قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خبأ لَهُ سُورَة الدُّخان، وَكَأَنَّهُ أطلق السُّورَة وَأَرَادَ بَعْضهَا، وَالدَّلِيل عَلَيْهِ أَن أَحْمد روى عَن عبد الرَّزَّاق فِي حَدِيث الْبابُُ، وخبأ لَهُ: { يَوْم تَأتي السَّمَاء بِدُخَان مُبين} (الدُّخان: 01) .
وَأما جَوَاب ابْن صياد: بالدخ، فَإِنَّهُ اندهش وَلم يَقع من لفظ الدُّخان إلاَّ على بعضه، وَحكى الْخطابِيّ: أَن الْآيَة كَانَت حِينَئِذٍ مَكْتُوبَة فِي يَد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلم يهتد ابْن صياد مِنْهَا إلاَّ لهَذَا الْقدر النَّاقِص على طَرِيق الكهنة، وَلِهَذَا قَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (لن تعدو قدرك) أَي: قدر مثلك من الْكُهَّان الَّذِي يحفظون من إِلْقَاء شياطينهم مَا يختطفونه مختلطاً صدقه بكذبه، وَحكى أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيّ: أَن السِّرّ فِي امتحان النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لَهُ بِهَذِهِ الْآيَة.
الْإِشَارَة إِلَى أَن عِيسَى بن مَرْيَم، عَلَيْهِمَا الصَّلَاة وَالسَّلَام، يقتل الدَّجَّال بجبل الدُّخان، فَأَرَادَ التَّعْرِيض لِابْنِ صياد بذلك.
قَوْله: (إخسأ) ، كلمة زجر واستهانة، أَي: اسْكُتْ صاغراً ذليلاً.
قَوْله: (فَلَنْ تعدو قدرك) ، قد مر تَفْسِيره الْآن ويروى بِحَذْف الْوَاو،.

     وَقَالَ  ابْن مَالك: الْجَزْم، بلن، لُغَة حَكَاهَا الْكسَائي.
قَوْله: (إِن يكنه) ، الْقيَاس: إِن يكن إِيَّاه لِأَن الْمُخْتَار فِي خبر: كَانَ الإنفصال، وَلَكِن يَقع الْمَرْفُوع الْمُنْفَصِل مَوضِع الْمَنْصُوب، وَيحْتَمل أَن يكون تَأْكِيدًا للمتصل، وَكَانَ تلامة، أَو الْخَبَر مَحْذُوف، أَي: إِن يكن هُوَ هَذَا وَإِن يكون ضمير فصل، والدجال الْمَحْذُوف خَبره وَإِنَّمَا لم يَأْذَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يضْرب عُنُقه لِأَنَّهُ كَانَ غير بَالغ، أَو هُوَ من أهل مهادنة رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَهم.
قَوْله: (فَلَنْ تسلط عَلَيْهِ) ، وَفِي حَدِيث جَابر: فلست بِصَاحِبِهِ، وَإِنَّمَا صَاحبه عِيسَى بن مَرْيَم، عَلَيْهِمَا السَّلَام.
قَوْله: (فَلَا خير لَك فِي قَتله) ، وَفِي مُرْسل عُرْوَة: فَلَا يحل لَك قَتله.
قَوْله: (قَالَ ابْن عمر) ، هَذَا مَوْصُول بِالْإِسْنَادِ الأول، وشروع فِي الْقِصَّة الثَّانِيَة، وَفِي حَدِيث جَابر: ثمَّ جَاءَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَعَهُ أَبُو بكر وَعمر وَنَفر من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار وَأَنا مَعَهم.
قَوْله: (طفق النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) ، أَي: جعل، قَوْله: (وَيَتَّقِي) ، أَي: يستر.
قَوْله: (ويختل) أَي: يسمع فِي خُفْيَة وَفِي حَدِيث جَابر: رَجَاء أَن يسمع من كَلَامه شَيْئا ليعلم أَنه صَادِق أم كَاذِب، وَيُقَال: يخْتل بِسُكُون الْخَاء الْمُعْجَمَة وَكسر التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق، أَي: يخدعه ليعلم الصَّحَابَة حَاله فِي أَنه كَاهِن حَيْثُ يسمعُونَ مِنْهُ شَيْئا يدل على كهانته.
قَوْله: (رمزة) ، بِفَتْح الرَّاء وَسُكُون الْمِيم وَفتح الزَّاي، وَفِي (الْمطَالع) قَوْله: (فِيهَا رمرمة) ، أَو رمزة، كَذَا فِي البُخَارِيّ فِي كتاب الشَّهَادَات بِغَيْر خلاف، وَفِي الْجَنَائِز مثله فِي الأول، وَفِي الآخر: رمزة لأبي ذَر خَاصَّة، وَعند النَّسَفِيّ:.

     وَقَالَ  عقيل: رمزة، وَفِي كتاب (كَيفَ يعرض الْإِسْلَام على الصَّبِي) : رمزة، وَعند البُخَارِيّ فِي حَدِيث أبي الْيَمَان عَن شُعَيْب.
رمرمة أَو زمزمة، وَكَذَا للنسفي فِي الْجَنَائِز، قَالَ: وَمعنى هَذِه الْأَلْفَاظ كلهَا مُتَقَارب، و: الزمزمة، بالزايين: تَحْرِيك الشفتين بالْكلَام، قَالَه الْخطابِيّ،.

     وَقَالَ  غَيره: هُوَ كَلَام العلوج، وَهُوَ سكُوت بِصَوْت يدار من الخواشيم وَالْحلق لَا يَتَحَرَّك فِيهِ السان وَلَا الشفتان، و: الرمرمة، بالراءين: صَوت خَفِي بتحريك الشفتين بِكَلَام لَا يفهم، وَأما الزمرة بِتَقْدِيم الزَّاي من دَاخل الْفَم.
قَوْله: (أَي: صَاف) ، بالصَّاد الْمُهْملَة وَالْفَاء وَزَاد فِي رِوَايَة يُونُس: أَي صَاف { هَذَا مُحَمَّد، وَفِي حَدِيث جَابر، فَقَالَت: يَا عبد الله} هَذَا أَبُو الْقَاسِم قد جَاءَ، وَكَانَ الرَّاوِي عبر باسمه الَّذِي يُسمى بِهِ فِي الْإِسْلَام، وَأما اسْمه الأول فَهُوَ: صَاف.
قَوْله: (لَو تركته) أَي: لَو تركت أم ابْن صياد ابْنهَا بيَّن هُو، أَي: أظهر لنا من حَاله مَا نطلع بِهِ على حَقِيقَة حَاله.
قَوْله: (وَقَالَ سَالم) ، أَي: ابْن عمر، هَذَا أَيْضا مَوْصُول بِالْإِسْنَادِ الأول وشروع فِي الْقِصَّة الثَّالِثَة، وَالله أعلم.