فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب العون بالمدد

( بابُُ العَوْنِ بِالْمَدَدِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان عون الْجَيْش بالمدد، وَهُوَ فِي اللُّغَة مَا يمد بِهِ الشَّيْء، أَي: يُزَاد وَيكثر، وَمِنْه أمد الْجَيْش بمدد إِذا أرسل إِلَيْهِ زِيَادَة، وَيجمع على أَمْدَاد.
.

     وَقَالَ  ابْن الْأَثِير: هم الأعوان وَالْأَنْصَار الَّذين كَانُوا يمدون الْمُسلمين فِي الْجِهَاد.



[ قــ :2927 ... غــ :3064 ]
- حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ بَشَّارٍ قَالَ حدَّثنا ابنُ أبي عَدِيٍّ وسَهْلُ بنُ يُوسُفَ عنْ سَعِيدٍ عنْ قَتادَةَ عنْ أنَسٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ أنَّ النَّبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أتَاهُ رَعْلٌ وذَكْوَانُ وعُصَيَّةُ وبَنُو لِحْيَانَ فزَعَمُوا أنَّهُمْ قَدْ أسْلَمُوا واسْتَمَدُّوهُ على قَوْمِهِمْ فأمَدَّهُمْ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِسَبْعِينَ مِنَ الأنْصَارِ قَالَ أنَسٌ كُنَّا نُسَمِّيهِم القرَّاءَ يَحْطِبُونَ بالنَّهارِ ويُصَلُّونَ باللَّيْلِ فانْطَلَقُوا بِهِمْ حتَّى بلَغُوا بِئْرَ مَعُونَةَ غَدَرُوا بِهِمْ وقَتلُوهُمْ فَقَنتَ شَهْرَاً يَدْعُو علَى رِعْلٍ وذَكْوَانَ وبَنِي لِحْيَانَ قَالَ قَتادَةُ وحدَّثنا أنَسٌ أنَّهُمْ قَرَؤوا بِهِم قُرْآناً ألاَ بَلِّغُوا عَنَّا قَوْمَنَا أَنا قَدْ لَقِينا رَبَّنا فَرَضِيَ عَنَّا وأرْضَانَا ثُمَّ رُفِعَ ذَلِكَ بَعْدُ..
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( واستمدوه على قَومهمْ فَأَمَدَّهُمْ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بسبعين من الْأَنْصَار) وَابْن أبي عدي: هُوَ مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم أَبُو عَمْرو السّلمِيّ الْبَصْرِيّ، وَسَهل بن يُوسُف أَبُو عبد الله الْأنمَاطِي الْبَصْرِيّ، وَسَعِيد هُوَ بن أبي عرُوبَة الْبَصْرِيّ.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الطِّبّ وَفِي الْمَغَازِي عَن عبد الْأَعْلَى بن حَمَّاد.
وَأخرجه مُسلم فِي الْحُدُود عَن أبي مُوسَى.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الطَّهَارَة وَفِي الْحُدُود وَفِي الطِّبّ عَن مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى وَفِي الْمُحَاربَة عَن أبي مُوسَى بِهِ.

قَوْله: ( رعل) ، بِكَسْر الرَّاء وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة: ابْن خَالِد بن عَوْف بن امرىء الْقَيْس بن بهثة بن سليم قَالَ ابْن دُرَيْد: رعل من الرَّعْلَة وَهِي النَّخْلَة الطَّوِيلَة، وَالْجمع: رعال ( وذكوان) بِفَتْح الذَّال الْمُعْجَمَة: ابْن ثَعْلَبَة بن بهثة بن سليم.
( وَعصيَّة) : بِضَم الْعين الْمُهْملَة مصغر عَصا: ابْن خفاف بن امرىء الْقَيْس بن بهثة بن سليم، وَهَؤُلَاء الثَّلَاثَة قبائل فِي سليم.
قَوْله: ( وَبَنُو لحيان) بِكَسْر اللَّام: حَيّ من هُذَيْل،.

     وَقَالَ  الْحَافِظ الدمياطي: قَوْله فِي هَذِه الطَّرِيق: أَتَاهُ رعل وذكوان وَعصيَّة وَبَنُو لحيان، وهم: لِأَن هَؤُلَاءِ لَيْسُوا أَصْحَاب بِئْر مَعُونَة، وَإِنَّمَا هم أَصْحَاب الرجيع الَّذين قتلوا عَاصِم بن أبي الْأَفْلَح وَأَصْحَابه، وأسروا خبيباً وَابْن الدثنة، وَإِنَّمَا الَّذِي أَتَاهُ أَبُو برَاء من بني كلاب، وأجار أَصْحَاب رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأخفر جواره عَامر بن الطُّفَيْل وَجمع عَلَيْهِ هَذِه الْقَبَائِل من سليم.
قَوْله: ( واستمدوه) أَي: طلبُوا مِنْهُ المدد.
قَوْله: ( بسبعين من الْأَنْصَار) ، قَالَ مُوسَى بن عقبَة: وَكَانَ أَمِير الْقَوْم الْمُنْذر بن عَمْرو، وَيُقَال: مرْثَد بن أبي مرْثَد.
قَوْله: ( كُنَّا نسميهم الْقُرَّاء) جمع القاريء، وَسموا بذلك لِكَثْرَة قراءتهم.
قَوْله: ( يحطبون) ، أَي: يجمعُونَ الْحَطب.
قَوْله: ( بِئْر مَعُونَة) بِفَتْح الْمِيم وَضم الْعين الْمُهْملَة وبالنون، وَهُوَ بَين مَكَّة وَعُسْفَان وَأَرْض هُذَيْل حَيْثُ قتل الْقُرَّاء، وَكَانَت سَرِيَّة بِئْر مَعُونَة فِي صفر من السّنة الرَّابِعَة من الْهِجْرَة، وَأغْرب مَكْحُول حَيْثُ قَالَ: إِنَّهَا كَانَت بعد الخَنْدَق،.

     وَقَالَ  ابْن إِسْحَاق: كَانَت فِي صفر على رَأس أَرْبَعَة أشهر من أحد.
قَوْله: ( ثمَّ رفع بعد ذَلِك) أَي: نسخت تِلَاوَته.

وَفِي ( التَّوْضِيح) : وَفِيه: أَنه يجوز النّسخ فِي الْإِخْبَار على صفة وَلَا يكون نسخه تَكْذِيبًا، إِنَّمَا يكون نسخه رفع تِلَاوَته فَقَط، كَمَا أَن نسخ الْأَحْكَام ترك الْعَمَل بهَا، فَرُبمَا عوض من الْمَنْسُوخ من الْأَحْكَام حكم غَيره، وَرُبمَا لم يعوض عَنهُ، وَكَذَلِكَ الْإِخْبَار نسخهَا من الْقُرْآن رفع ذكرهَا وَترك تلاوتها، لَا أَن تكذب بِخَبَر آخر مضاد لَهَا، وَمثله مِمَّا نسخ من الْأَخْبَار مَا كَانَ يقرؤ فِي الْقُرْآن: لَو أَن لِابْنِ آدم واديين من ذهب لابتغى لَهما ثَالِثا.