فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب ما يكره من ذبح الإبل والغنم في المغانم

( بابُُ مَا يُكْرَهُ مِنْ ذَبْحِ الإبِلِ والغَنَمِ فِي المَغَانِمِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان مَا يكره ... إِلَى آخِره.



[ قــ :2937 ... غــ :3075 ]
- حدَّثنا مُوسَى بنُ إسْمَاعِيلَ قَالَ حدَّثنا أبُو عَوَانَةَ عنْ سَعِيدِ بن مَسْرُوقٍ عنْ عَبايَةَ بنَ رِفَاعَةَ عنْ جَدِّهِ رَافِعٍ قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِذِي الحُلَيْفَةِ فأصابَ النَّاسَ جُوعٌ وأصَبْنَا إبِلاً وغَنَماً وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي أُخْرَيَاتِ النَّاسِ فعَجِلُوا فنَصَبُوا القُدُورَ فأمَرَ بالقُدُورِ فأُكْفِئَتْ ثُمَّ قَسَمَ فعَدَلَ عَشرَةً مِنَ الغَنمِ بِبَعِيرٍ فنَدَّ مِنْهَا بعِيرٌ وَفِي الْقَوْمِ خَيْلٌ يَسِيرَة فطَلَبُوهُ فأعْيَاهُمْ فأهْوَي إليْهِ رَجُلٌ بِسَهْمٍ فَحبسَهُ الله فَقال هَذِهِ البَهَائِمُ لَهَا أوَابِدُ كأوابِدِ الوُحُشِ فَما نَدَّ علَيْكْمْ فاصْنَعُوا بِهِ هَكَذَا فَقالَ جَدِّي إنَّا نَرْجُو أوْ نَخَافُ أنْ نَلْقَى العَدُوَّ غَداً ولَيْسَ مَعَنا مُدي أفَنَذْبَحُ بالْقَصَبِ فقالَ مَا أنْهَرَ الدَّمَ وذُكِرَ اسْمُ الله فَكُلْ لَيسَ السِّنَّ والظُّفُرَ وسَأُحَدِّثُكُمْ عنْ ذالِكَ أما السِّنُّ فَعَظْمٌ وَأما الظّفُرُ فَمُدَي الحَبَشَةِ.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من أمره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بإكفاء الْقُدُور، فَإِنَّهُ يَقْتَضِي كَرَاهَة مَا ذَبَحُوا بِغَيْر أَمر.
وَأَبُو عوَانَة، بِفَتْح الْعين: الوضاح الْيَشْكُرِي، وَسَعِيد بن مَسْرُوق الثَّوْريّ الْكُوفِي وَالِد سُفْيَان الثَّوْريّ، وعباية، بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْبَاء الْمُوَحدَة وَبعد الْألف يَاء آخر الْحُرُوف: ابْن رِفَاعَة بِكَسْر الرَّاء وبالفاء وبالعين الْمُهْملَة: ابْن رَافع بن خديج الْأنْصَارِيّ الْحَارِثِيّ، سمع جده رَافعا.

والْحَدِيث مر فِي كتاب الشّركَة فِي بابُُ قسْمَة الْمغنم، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عَليّ بن الحكم الْأنْصَارِيّ عَن أبي عوَانَة عَن سعيد بن مَسْرُوق إِلَى آخِره.

قَوْله: ( بِذِي الحليفة) هِيَ: مِيقَات أهل الْمَدِينَة.
قَوْله: ( فأكفئت) ، أَي: قلبت أَو نكست.
قَوْله: ( فند) أَي: نفر.
قَوْله: ( فأعياهم) ، أَي: أعجزهم.
قَوْله: ( فَأَهوى إِلَيْهِ) أَي: مد يَده إِلَيْهِ بِسَهْم.
قَوْله: ( أوابد) جمع آبدة، وَهِي الَّتِي قد تأبدت أَي توحشت ونفرت من الْإِنْس، وَقد أبدت تأبد وتأبد بِكَسْر عين الْفِعْل وَضمّهَا.
قَوْله: ( قَالَ جدي) أَي: قَالَ عبابُة، قَالَ جدي، وَهُوَ رَافع بن خديج.
قَوْله: ( إِنَّا نرجو) ، أَي: نَخَاف، والرجاء يَأْتِي بِمَعْنى الْخَوْف.
قَوْله: ( أَو نَخَاف) ، شكّ من الرَّاوِي.
قَوْله: ( مدى) ، جمع المدية: وَهِي السكين.
قَوْله: ( مَا أنهر الدَّم) ، أَي: مَا أساله وأجراه،.

     وَقَالَ  الْمُهلب: إِنَّمَا أَمر بإكفائها لأَنهم ذبحوها بِذِي الحليفة، وَهِي أَرض الْإِسْلَام، وَلَيْسَ لأهل الْإِسْلَام إِن يَأْخُذُوا فِي أَرض الْإِسْلَام إلاَّ مَا قسم لَهُم، قَالَ الْقُرْطُبِيّ: الْمَأْمُور بإراقته إِنَّمَا هُوَ إِتْلَاف لنَفس المرق، وَأما اللَّحْم فَلم يتلفوه، وَيحمل على أَنه جمع ورد إِلَى الْمغنم، وَلَا يظنّ بِهِ أَنه أَمر بإتلافه، لِأَنَّهُ مَال الْغَانِمين، وَقد نهى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن إِضَاعَة المَال، فَإِن قيل: لم ينْقل أَنهم حملُوا ذَلِك اللَّحْم إِلَى الْمغنم؟ قُلْنَا: وَلَا نقل أَنهم أحرقوه وَلَا أتلفوه، كَمَا فعل بلحوم الْحمر الْأَهْلِيَّة، لِأَنَّهَا نَجِسَة، قَالَه، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أَو قَالَ: إِنَّهَا رِجْس.