فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب استقبال الغزاة

( بابُُ اسْتِقْبَالِ الغُزَاةِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان اسْتِقْبَال الْغُزَاة عِنْد رجوعهم من غزوتهم.



[ قــ :2943 ... غــ :3082 ]
- حدَّثنا عبْدُ الله بنُ أبِي الأسْوَدِ قَالَ حدَّثنا يَزِيدُ بنُ زُرَيْعٍ وحُمَيْدُ بنُ الأسْوَدِ عنْ حَبِيبِ بنِ الشَّهِيدِ عنِ ابنِ أبِي مُلَيْكَةَ قَالَ ابنُ الزُّبَيْرِ لإبْنِ جَعْفَرٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُم أتَذْكُرُ إذْ تَلَقَّيْنَا رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنا وأنتَ وابنُ عَبَّاسٍ قَالَ نَعَمْ فحَمَلَنا وتَرَكَكَ.


مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: ( إِذْ تلقينا رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) .

وَعبد الله بن أبي الْأسود هُوَ عبد الله بن مُحَمَّد بن حميد بن أبي الْأسود أَبُو بكر، ابْن أُخْت عبد الرَّحْمَن بن مهْدي الْحَافِظ، وَهُوَ من أَفْرَاد البُخَارِيّ، وَحميد، بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة: ابْن الْأسود أَبُو الْأسود الْبَصْرِيّ صَاحب الكرابيس، وَهُوَ من أَفْرَاده أَيْضا، وحبِيب بن الشَّهِيد أَبُو مُحَمَّد الْأَزْدِيّ الْأمَوِي الْبَصْرِيّ، وَابْن أبي مليكَة هُوَ عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكَة، واسْمه زُهَيْر أَبُو مُحَمَّد الْمَكِّيّ الْأَحول، كَانَ قَاضِيا لعبد الله بن الزبير ومؤذناً لَهُ، وَابْن الزبير هُوَ عبد الله بن الزبير بن الْعَوام، وَابْن جَعْفَر هُوَ أَيْضا عبد الله بن جَعْفَر بن أبي طَالب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: وَكَانَ لجَعْفَر أَوْلَاد ثَلَاثَة: عبد الله وَمُحَمّد وَعون، وَالظَّاهِر أَنه هُوَ عبد الله.
قلت: لم يجْزم بِهِ وَغَيره من الشُّرَّاح، جزم بِأَنَّهُ عبد الله.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الْفَضَائِل عَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَعَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْحَج عَن أبي الْأَشْعَث وَمُحَمّد بن عبد الله كِلَاهُمَا عَن يزِيد بن زُرَيْع.

قَوْله: ( حَدثنَا عبد الله بن أبي الْأسود) كَذَا هُوَ فِي رِوَايَة الْكشميهني وَفِي رِوَايَة غَيره عبد الله بن الْأسود وَهُوَ يروي عَن اثْنَيْنِ أَحدهمَا يزِيد بن زُرَيْع وَالْآخر حميد ابْن الْأسود، وَهُوَ جده، وقرَنه بِيَزِيد، وَمَا لحميد بن الْأسود فِي البُخَارِيّ إلاَّ هَذَا الحَدِيث وَآخر فِي تَفْسِير سُورَة الْبَقَرَة.
قَوْله: ( قَالَ ابْن الزبير لِابْنِ جَعْفَر) وَفِي رِوَايَة مُسلم، قَالَ عبد الله بن جَعْفَر لِابْنِ الزبير، وَهُوَ عكس مَا فِي رِوَايَة البُخَارِيّ، قَالَ بَعضهم: وَالَّذِي فِي البُخَارِيّ أصح، وَيُؤَيِّدهُ مَا تقدم فِي الْحَج عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: لما قدم رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَكَّة اسْتقْبل أغيلمة بني عبد الْمطلب فَحمل وَاحِدًا بَين يَدَيْهِ وَآخر خَلفه، فَإِن ابْن جَعْفَر من بني عبد الْمطلب بِخِلَاف ابْن الزبير، وَإِن كَانَ عبد الْمطلب جد أَبِيه لكنه جده لأمه.
قلت: التَّرْجِيح بِهَذَا الْوَجْه فِيهِ نظر، وَالزُّبَيْر: أمه صَفِيَّة بنت عبد الْمطلب عمَّة رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم،.

     وَقَالَ  أَبُو عمر: رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: الزبير ابْن عَمَّتي وَحَوَارِيي من أمتِي.
فَإِن قلت: أخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ من طَرِيق خَالِد بن سارة عَن عبد الله بن جَعْفَر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حمله خَلفه وَحمل قثم بن الْعَبَّاس بَين يَدَيْهِ.
قلت: لَا يسْتَلْزم هَذَا أَن يكون حِين تلقى رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد قدومه مَكَّة.
قَوْله: ( أَتَذكر؟) الْهمزَة فِيهِ للاستفهام على سَبِيل الاستخبار.
قَوْله: ( إِذْ تلقينا) أَي: حِين تلقينا.
قَوْله: ( فحملنا) ، بِفَتْح اللاَّم، وَالضَّمِير فِي، حمل، يرجع إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فالمحمول ابْن الزبير وَابْن عَبَّاس، والمتروك عبد الله بن جَعْفَر، وعَلى رِوَايَة مُسلم الْمَتْرُوك ابْن الزبير.

وَفِيه من الْفَوَائِد إِن التلقي للمسافرين والقادمين من الْجِهَاد وَالْحج بالبشر وَالسُّرُور، أَمر مَعْرُوف وَوجه من وُجُوه الْبر.
وَفِيه: الْفَخر بإكرام الشَّارِع.
وَفِيه: رِوَايَة الصَّبِي ابْن سبع سِنِين وَإِثْبَات الصُّحْبَة لعبد الله بن الزبير لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم توفّي وَهُوَ ابْن ثَمَان سِنِين.
وَفِيه: ركُوب الثَّلَاثَة على الدَّابَّة.





[ قــ :944 ... غــ :3083 ]
- حدَّثنا مالِكُ بنُ إسْمَاعِيلَ قَالَ حدَّثنا ابنُ عُيَيْنَةَ عنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ قَالَ السَّائِبُ بنُ يَزيدَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ ذَهَبْنَا نتَلَقَّى رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم معَ الصِّبْيَانِ إِلَى ثَنِيَّةِ الوَدَاعِ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَمَالك بن إِسْمَاعِيل بن زِيَاد أَبُو غَسَّان النَّهْدِيّ الْكُوفِي، وَابْن عُيَيْنَة هُوَ سُفْيَان بن عُيَيْنَة، والسائب بِالسِّين الْمُهْملَة ابْن يزِيد الْكِنْدِيّ.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْمَغَازِي عَن عَليّ بن عبد الله وَعبد الله بن مُحَمَّد فرقهما.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْجِهَاد عَن أبي الطَّاهِر بن السَّرْح، وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن مُحَمَّد بن يحيى وَسَعِيد بن عبد الرَّحْمَن.

قَوْله: ( إِلَى ثنية الْوَدَاع) ، المُرَاد من ثنية الْوَدَاع هُنَا هِيَ من جِهَة تَبُوك، لِأَن فِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ عَن السَّائِب بن يزِيد قَالَ: لما قدم رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، من تَبُوك خرج النَّاس يتلقونه إِلَى ثنية الْوَدَاع، فَخرجت مَعَ النَّاس، وَأَنا غُلَام،.

     وَقَالَ : هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح، وَفِي غير هَذَا يحْتَمل أَن يكون ثنية الْوَدَاع الَّتِي من كل جِهَة الَّتِي يصل إِلَيْهَا المشيعون يسمونها ثنية الْوَدَاع، والثنية طَرِيق الْعقبَة، وَحكى صَاحب ( الْمُحكم) فِي الثَّنية أَرْبَعَة أَقْوَال: فَقَالَ: والثنية الطَّرِيق فِي الْجَبَل كالنقب.
وَقيل: الطَّرِيقَة إِلَى الْجَبَل.
وَقيل: هِيَ الْعقبَة.
وَقيل: هِيَ الْجَبَل نَفسه،.

     وَقَالَ  الدَّاودِيّ ثنية الْوَدَاع من جِهَة مَكَّة وتبوك من الشَّام مقابلتها كالمشرق من الْمغرب، إِلَّا أَن يكون ثنية أُخْرَى فِي تِلْكَ الْجِهَة، قَالَ: والثنية الطَّرِيق فِي الْجَبَل، ورد عَلَيْهِ صَاحب ( التَّوْضِيح) : بقوله: وَلَيْسَ كَذَلِك، وَإِنَّمَا الثَّنية مَا ارْتَفع من الأَرْض.
قلت: كَانَ هَذَا مَا اطلع على مَا قَالَه صَاحب ( الْمُحكم) فَلذَلِك أسْرع بِالرَّدِّ.