فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب نفقة نساء النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته

( بابُُ نَفَقَةِ نِساءِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعْدَ وفَاتِهِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان نَفَقَة نسَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد مَوته.



[ قــ :2956 ... غــ :3096 ]
- حدَّثنا عبْدُ الله بنُ يُوسُفَ قَالَ أخْبرَنَا مالِكٌ عَن أبِي الزِّنادِ عنِ الأعْرَجِ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لاَ تَقْتَسِمُ ورَثَتِي دِيناراً مَا تَرَكْتُ بَعْدَ نفَقَةِ نِسَائِي ومَونَةِ عامِلِي فَهْوَ صَدَقَةٌ.
( انْظُر الحَدِيث 6772 وطرفه) .


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَأَبُو الزِّنَاد عبد الله بن ذكْوَان، والأعرج هُوَ عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْوَصَايَا عَن عبد الله بن يُوسُف عَن مَالك إِلَى آخِره نَحوه متْنا وسنداً، وَفِي الْفَرَائِض عَن إِسْمَاعِيل.
وَأخرجه مُسلم فِي الْمَغَازِي عَن يحيى بن يحيى.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْجراح عَن القعْنبِي.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الشَّمَائِل عَن مُحَمَّد بن بشار عَن عبد الرَّحْمَن بن مهْدي عَن سُفْيَان الثَّوْريّ عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة: لَا تقتسم ورثتي دِينَارا وَلَا درهما.

قَوْله: ( لَا تقتسم) من الاقتسام من بابُُ الافتعال، ويروى: لَا تقسم من الْقسم.
قَوْله: ( دِينَارا) التَّقْيِيد بِهِ هُوَ من بابُُ التَّنْبِيه بالأدنى على الْأَعْلَى، كَقَوْلِه تَعَالَى: { وَمِنْهُم من إِن تأمنه بِدِينَار} ( آل عمرَان: 57) .
وَإِنَّمَا هُوَ بِمَعْنى الْإِخْبَار، وَمَعْنَاهُ: لَا تقسمون شَيْئا لِأَنِّي لَا أورث وَلَا أخلف مَالا، وَإِنَّمَا اسْتثْنى نَفَقَة نِسَائِهِ بعد مَوته، لِأَنَّهُنَّ محبوسات عَلَيْهِ، أَو لعظم حقوقهن فِي بَيت المَال لفضلهن، وَقدم هجرتهن وكونهن أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ، وَلذَلِك اختصصن بمساكنهن وَلم يَرث ورثتهن.

وَاخْتلف فِي مؤونة الْعَامِل، فَقيل: حافر قَبره، ومتولى دَفنه، وَقيل: الْخَلِيفَة بعده، وَقيل: عُمَّال حوائطه، وَجزم ابْن بطال بِأَن المُرَاد بالعامل عَامل نخله فِيمَا خصّه الله بِهِ من الْفَيْء فِي فدك وَبني النَّضِير وسهمه بِخَيْبَر مَا لم يوجف عَلَيْهِ بخيل وَلَا ركاب، فَكَانَ لَهُ من ذَلِك نَفَقَته وَنَفَقَة أَهله، وَيجْعَل سائره فِي نفع الْمُسلمين، وَجَرت النَّفَقَة بعده من ذَلِك على أَزوَاجه وعَلى عُمَّال الحوائط إِلَى أَيَّام عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فَخير عمر أَزوَاجه بَين أَن يتمادين على ذَلِك أَو يقطع لَهُنَّ قطائع، فَاخْتَارَتْ عَائِشَة وَحَفْصَة الثَّانِي، فَقطع لَهما بِالْغَابَةِ، وأخرجهما عَن حصتهما من ثَمَرَة تِلْكَ الْحِيطَان فملكتا مَا أقطعهما عمر من ذَلِك إِلَى أَن ماتتا وَورث عَنْهُمَا.





[ قــ :957 ... غــ :3097 ]
- حدَّثنا عبْدُ الله بنُ أبِي شَيْبَةَ قَالَ حدَّثنا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ حدَّثنا هِشَامٌ عنْ أبِيهِ عنْ عائِشَةَ قالَتْ تُوُفِيَ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَا فِي بَيْتِي مِنْ شَيْءٍ يأكُلُهُ ذُو كَبِدٍ إلاَّ شَطْرُ شَعِيرٍ فِي رَفٍّ لِي فأكَلْتُ مِنْهُ حتَّى طالَ عَلَيَّ فَكِلْتُهُ فَفَنِيَ.
( الحَدِيث 7903 طرفه فِي: 1546) .


مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ أَنَّهَا لم تذكر أَنَّهَا أَخَذته فِي نصِيبهَا، إِذْ لَو لم يكن لَهَا النَّفَقَة مُسْتَحقَّة لَكَانَ الشّعير الْمَوْجُود لبيت المَال أَو مقسوماً بَين الْوَرَثَة، وَهِي إِحْدَاهُنَّ، وَأَبُو أُسَامَة حَمَّاد بن أُسَامَة، وَهِشَام هُوَ ابْن عُرْوَة بن الزبير.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الرقَاق عَن عبد الله بن أبي شيبَة أَيْضا.
وَأخرجه مُسلم فِي آخر الْكتاب عَن أبي كريب.
وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الْأَطْعِمَة عَن أبي بكر بن أبي شيبَة بِهِ.

قَوْله: ( ذُو كبد) ، أَي: حَيَوَان أَو إِنْسَان.
قَوْله: ( إلاَّ شطر شعير) ، قَالَ التِّرْمِذِيّ: الشّطْر، الشَّيْء.
.

     وَقَالَ  عِيَاض: نصف وسق،.

     وَقَالَ  ابْن الْجَوْزِيّ: أَي جُزْء من شعير.
قَالَ: وَيُشبه أَن يكون نصف شَيْء كالصاع وَنَحْوه.
قَوْله: ( فِي رف) ، بِفَتْح الرَّاء وَتَشْديد الْفَاء: شبه الطاق،.

     وَقَالَ  ابْن الْأَثِير: الرف، خشب يرفع عَن الأَرْض إِلَى جنب الْجِدَار يوقى بِهِ مَا يوضع عَلَيْهِ، وَجمعه: رفوف ورفاف.
قَوْله: ( ففني) يَعْنِي: فرغ،.

     وَقَالَ  ابْن بطال: كَانَ الشّعير الَّذِي عِنْد عَائِشَة غير مَكِيل فَكَانَت الْبركَة فِيهِ من أجل جهلها بكيله، وَكَانَت تظن فِي كل يَوْم أَنه سيفنى لقلَّة كَانَت تتوهمها فِيهِ، فَلذَلِك طَال عَلَيْهَا، فَلَمَّا كالته علمت مُدَّة بَقَائِهِ، ففني عِنْد تَمام ذَلِك الأمد.
فَإِن قلت: رُوِيَ عَن الْمِقْدَام بن معدي كرب ( كيلو طَعَامكُمْ يُبَارك لكم فِيهِ) قلت: المُرَاد بكيله أول تملكه إِيَّاه أَو عِنْد إِخْرَاج النَّفَقَة مِنْهُ بِشَرْط أَن يبْقى الْبَاقِي مَجْهُولا، ويكيل مَا يُخرجهُ لِئَلَّا يخرج أَكثر من الْحَاجة أَو أقل.

وَفِيه: أَن الْبركَة أَكثر مَا يكون فِي المجهولات والمبهمات.





[ قــ :958 ... غــ :3098 ]
- حدَّثنا مُسَدَّدٌ قَالَ حدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ قَالَ حدَّثني أبُو إسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ عَمْرَو بنَ الحَارِثِ قَالَ مَا تَرَكَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إلاَّ سِلاَحَهُ وبَغْلَتَهُ البَيْضَاءَ وأرْضَاً تَرَكَهَا صَدَقَةً.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: ( وأرضاً تَركهَا صَدَقَة) وَذَلِكَ لِأَن نَفَقَة نِسَائِهِ، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بعد مَوته كَانَت مِمَّا خصّه الله بِهِ من الْفَيْء، وَمِنْه فدك وسهمه من خَيْبَر، وَيحيى هُوَ الْقطَّان،.

     وَقَالَ  الجياني: وَقع عِنْد الْقَابِسِيّ: حَدثنَا يحيى عَن سُفْيَان وَهَذَا وهم، وَالصَّوَاب: حَدثنَا مُسَدّد حَدثنَا يحيى عَن سُفْيَان الثَّوْريّ عَن أبي إِسْحَاق عَمْرو بن عبد الله السبيعِي، إِلَى آخِره، وَقد مر الحَدِيث فِي أول كتاب الْوَصَايَا بأتم مِنْهُ، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.