فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب: ومن الدليل على أن الخمس لنوائب المسلمين


[ قــ :2991 ... غــ :3133 ]
- حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ قَالَ حدَّثنا حَمَّادٌ قَالَ حدَّثنا أيُّوبُ عنْ أبِي قِلاَبَةَ قالَ وحدَّثني القاسِمُ بنُ عاصِمٍ الكُلَيْبِيُّ وَأَنا لِحَدِيثِ القاسِمِ أحْفَظُ عنْ زَهْدَمٍ قَالَ كُنَّا عِنْدَ أبِي مُوسَى فأتَى ذِكْرُ دَجاجَةٍ وعِنْدَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَيْمِ الله أحْمَرُ كأنَّهُ مِنَ المَوَالِي فَدَعَاهُ للطَّعَامِ فَقَالَ إنِّي رأيْتُهُ يأكُلُ شَيْئاً فَقَذِرْتُهُ فحَلَفْتُ لاَ آكُلُ فقالَ هَلُمَّ فَلأُحَدِّثْكُمْ عنْ ذَاكَ إنِّي أتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي نَفَرٍ مِنَ الأشْعَرِيِّينَ نَسْتَحْمِلُهُ فَقالَ وَالله لَا أحْمِلُكُمْ وَمَا عِنْدِي مَا أحْمِلُكُمْ وأتِيَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِنَهْبِ إبِلٍ فَسألَ عَنَّا فَقَالَ أيْنَ النَّفَر الأشْعَرِيُّونَ فأمَرَ لَنا بِخَمْسِ ذَوْدٍ غُرِّ الذُّرَى فلَمَّا انْطَلَقْنَا قُلْنَا مَا صَنَعْنَا لاَ يُبَارَكُ لَنَا فرَجَعْنَا إلَيْهِ فَقُلْنَا إنَّا سألْنَاكَ أنْ تَحْمِلَنَا فَحَلَفْتَ أنْ لاَ تَحْمِلَنَا أفَنَسِيتَ قَالَ لَسْتُ أَنا حَمَلْتُكُمْ ولَكِنَّ الله حَمَلَكُمْ وإنِّي وَالله إنْ شاءَ الله لَا أحْلِفُ علَى يَمِينٍ فأرَى غَيْرَهَا خَيْرَاً مِنْهَا إلاَّ أتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وتَحَلَّلْتُهَا.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة وَهِي قَوْله: وَمَا كَانَ النَّبِي ... إِلَى قَوْله: ( من الْخمس) تُؤْخَذ من قَوْله: ( وأتى رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِنَهْب إبل) إِلَى آخِره.

وَعبد الله بن عبد الْوَهَّاب أَبُو مُحَمَّد الحَجبي الْبَصْرِيّ، وَحَمَّاد هُوَ ابْن زيد، وَأَيوب السّخْتِيَانِيّ، وَأَبُو قلَابَة، بِكَسْر الْقَاف: عبد الله ابْن زيد الْجرْمِي الْبَصْرِيّ، وَالقَاسِم بن عَاصِم التَّمِيمِي الكليبي مَنْسُوب إِلَى مصغر الْكَلْب الْبَصْرِيّ، وزهدم، بِفَتْح الزَّاي وَسُكُون الْهَاء وَفتح الدَّال الْمُهْملَة: ابْن مضرب من التضريب بالضاد الْمُعْجَمَة الْجرْمِي الْأَزْدِيّ الْبَصْرِيّ، وَهَؤُلَاء كلهم بصريون وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ عبد الله بن قيس.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ فِي التَّوْحِيد عَن عبد الله بن عبد الْوَهَّاب أَيْضا وَفِي النذور عَن قُتَيْبَة وَفِي الذَّبَائِح وَفِي النذور أَيْضا عَن أبي معمر وَفِي كَفَّارَات الْأَيْمَان عَن عَليّ بن حجر وَفِي الْمَغَازِي عَن أبي نعيم وَفِي الذَّبَائِح عَن يحيى عَن وَكِيع.
وَأخرجه مُسلم فِي الْأَيْمَان وَالنُّذُور عَن أبي الرّبيع الزهْرَانِي وَعَن ابْن أبي عمر وَعَن عَليّ بن حجر وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَمُحَمّد بن عبد الله بن نمير وَعَن ابْن أبي عمر عَن سُفْيَان وَعَن شَيبَان ابْن فروخ، وَعَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَعَن مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الْأَطْعِمَة عَن هناد بِبَعْضِه وَعَن زيد بن أحرم فِي الشَّمَائِل عَن عَليّ بن حجر.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الصَّيْد عَن عَليّ بن حجر وَعَن مُحَمَّد بن مَنْصُور وَفِي النذور عَن قُتَيْبَة.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: ( وحَدثني الْقَاسِم) ، الْقَائِل هُوَ أَيُّوب، بَين ذَلِك عبد الْوَهَّاب الثَّقَفِيّ عَن أَيُّوب، كَمَا سَيَأْتِي فِي الْأَيْمَان وَالنُّذُور.
وَقَوله: ( أحفظ) ، يَعْنِي من أبي قلَابَة،.

     وَقَالَ  الكلاباذي: الْقَاسِم وَأَبُو قلَابَة كِلَاهُمَا حَدثا عَن زَهْدَم، وروى أَيُّوب عَن الْقَاسِم مَقْرُونا بِأبي قلَابَة فِي الْخمس.
قَوْله: ( فَأتى ذكر دجَاجَة) ، كَذَا فِي رِوَايَة أبي ذَر، فَأتى، بِصِيغَة الْمَاضِي من الْإِتْيَان، وَلَفظ: ذكر، بِكَسْر الذَّال وَسُكُون الْكَاف، ودجاجة بِالْجَرِّ والتنوين على الْإِضَافَة، وَكَذَا فِي رِوَايَة النَّسَفِيّ وَفِي رِوَايَة الْأصيلِيّ، فَأتي، بِصِيغَة الْمَجْهُول و: ذكر، بِفتْحَتَيْنِ على صِيغَة الْمَاضِي، و: دجَاجَة بِالنّصب والتنوين على المفعولية.
وَفِي النذور، فَأتى بِطَعَام فِيهِ دَجَاج، وَفِي رِوَايَة مُسلم: فدعي بمائدة وَعَلَيْهَا لحم دَجَاج، وَفِي لفظ عَن زَهْدَم الْجرْمِي: دخلت على أبي مُوسَى وَهُوَ يَأْكُل لحم دَجَاج، وَفِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ عَن زَهْدَم، قَالَ: دخلت على أبي مُوسَى وَهُوَ يَأْكُل دجَاجَة، فَقَالَ: أدنُ فكُلْ فَإِنِّي رَأَيْت رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَأْكُلهُ،.

     وَقَالَ : هَذَا حَدِيث حسن.
والدجاجة، بِفَتْح الدَّال وَكسرهَا، وهما لُغَتَانِ مشهورتان، وَحكى فِيهِ أَيْضا ضمهَا، وَهِي لُغَة ضَعِيفَة.
قَالَ الدَّاودِيّ: اسْم الدَّجَاجَة يَقع على الذّكر وَالْأُنْثَى،.

     وَقَالَ  صَاحب ( التَّوْضِيح) : وَلَا أَدْرِي من أَيْن أَخذه.
قلت: قَالَه أهل اللُّغَة، وَالتَّاء فِيهِ للْفرق بَين الْجِنْس ومفرده.
قَوْله: ( وَعِنْده رجل من بني تيم الله) وَالرجل، وتيم الله، بِفَتْح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف: وَهُوَ نِسْبَة إِلَى بطن من بني بكر بن عبد مَنَاة بن كنَانَة، وَمعنى: تيم الله: عبد الله.
قَوْله: ( أَحْمَر) ، مُقَابل الْأسود وَهُوَ صفة لرجل.
قَوْله: ( كَأَنَّهُ من الموالى) ، يَعْنِي: من سبي الرّوم.
قَوْله: ( فقذرته) ، بِالْقَافِ والذال الْمُعْجَمَة وَالرَّاء، قَالَ ابْن فَارس: قذرت الشَّيْء: أَي كرهته.
قَوْله: ( هَلُمَّ) أَي: تعال، وَفِيه لُغَتَانِ فَأهل الْحجاز يطلقونه على الْوَاحِد والإثنين وَالْجمع والمؤنث بِلَفْظ وَاحِد مَبْنِيّ على الْفَتْح، وَبَنُو تَمِيم تثنى وَتجمع وتؤنث، فَتَقول: هَلُمَّ هلما هلموا، هَلُمِّي هلما هلمن.
قَوْله: ( فلأحدثكم عَن ذَلِك) يَعْنِي عَن الْحلف.
قَوْله: ( فِي نفر) ، النَّفر: رَهْط الْإِنْسَان وعشيرته وَهُوَ اسْم جمع يَقع على جمَاعَة من الرِّجَال خَاصَّة مَا بَين الثَّلَاثَة إِلَى الْعشْرَة وَلَا وَاحِد لَهُ من لَفظه، والرهط عشيرة الرجل وَأَهله، والرهط من الرِّجَال مَا دون الْعشْرَة، وَقيل: إِلَى الْأَرْبَعين وَلَا يكون فيهم امْرَأَة، وَلَا وَاحِد لَهُ من لَفظه، وَيجمع على: أرهط وأرهاط وأراهط، جمع الْجمع قَوْله: ( من الْأَشْعَرِيين) جمع أشعري نِسْبَة إِلَى الْأَشْعر، وَهُوَ نبت بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان.
قَوْله: ( نستحمله) ، أَي: نسْأَل مِنْهُ أَن يحملنا، يَعْنِي أَرَادوا مَا يركبون عَلَيْهِ من الْإِبِل ويحملون عَلَيْهَا.
قَوْله: ( وَأتي رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) أَي: على صِيغَة الْمَجْهُول.
قَوْله: ( بِنَهْب إبل) النهب الْغَنِيمَة.
قَوْله: ( ذود) بِفَتْح الذَّال الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْوَاو وَفِي آخِره دَال مُهْملَة، وَهُوَ من الْإِبِل مَا بَين الثَّلَاث إِلَى الْعشْرَة.
قَوْله: ( غر الذرى) الغر، بِضَم الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الرَّاء: جمع أغر، وَهُوَ الْأَبْيَض، و: الذرى، بِضَم الذَّال الْمُعْجَمَة وَفتح الرَّاء مَقْصُورا، جمع ذرْوَة، وذروة كل شَيْء أَعْلَاهُ يُرِيد: أَنَّهَا ذَوُو الأسنمة الْبيض من سمنهن وَكَثْرَة شحومهن.
قَوْله: ( أفنسيت؟) الْهمزَة فِيهِ للاستفهام على سَبِيل الاستخبار.
قَوْله: ( وَلَكِن الله حملكم) ، قَالَ الْخطابِيّ: هَذَا يحْتَمل وُجُوهًا: أَن يُرِيد بِهِ إِزَالَة الْمِنَّة عَلَيْهِم وَإِضَافَة النِّعْمَة فِيهَا إِلَى الله تَعَالَى، أَو أَنه نسي، وَالنَّاسِي بِمَنْزِلَة الْمُضْطَر، وَفعله قد يُضَاف إِلَى الله تَعَالَى، كَمَا فِي الصَّائِم إِذا أكل نَاسِيا فَإِن الله أطْعمهُ وسقاه، أَو أَن الله حملكم حِين سَاق هَذَا النهب ورزق هَذِه الْغَنِيمَة، أَو أَنه نوى فِي ضَمِيره إلاَّ أَن يرِدَ عَلَيْهِ مَال فِي ثَانِي الْحَال فيحملهم عَلَيْهِ.
قَوْله: ( وتحللتها) من التَّحَلُّل، وَهُوَ التفضي من عُهْدَة الْيَمين وَالْخُرُوج من حرمتهَا إِلَى مَا يحل لَهُ مِنْهَا، وَهُوَ: إِمَّا بِالِاسْتِثْنَاءِ مَعَ الِاعْتِقَاد، وَإِمَّا بِالْكَفَّارَةِ.

وَفِي هَذَا الحَدِيث: دلَالَة على أَن من حلف على فعل شَيْء أَو تَركه وَكَانَ الْحِنْث خيرا من التَّمَادِي على الْيَمين اسْتحبَّ لَهُ الْحِنْث، وَتلْزَمهُ الْكَفَّارَة وَهَذَا مُتَّفق عَلَيْهِ.
وَأَجْمعُوا على أَنه: لَا تجب عَلَيْهِ الْكَفَّارَة قبل الْحِنْث، وعَلى أَنه يجوز تَأْخِيرهَا عَن الْحِنْث، وعَلى أَنه لَا يجوز تَقْدِيمهَا قبل الْيَمين.
وَاخْتلفُوا فِي جَوَازهَا بعد الْيَمين، وَقبل الْحِنْث، فجوزها مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ، وَاسْتثنى الشَّافِعِي التَّكْفِير بِالصَّوْمِ، فَقَالَ: لَا يجوز قبل الْحِنْث، وَأما التَّكْفِير بِالْمَالِ فَيجوز،.

     وَقَالَ  أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه وَأَشْهَب الْمَالِكِي: لَا يجوز تَقْدِيم الْكَفَّارَة على الْحِنْث بِكُل حَال.
وَفِيه: أَنه لَا بَأْس بِدُخُول الرجل على الرجل فِي حَال أكله، لَكِن إِنَّمَا يحسن ذَلِك إِذا كَانَ بَينهمَا صداقة مُؤَكدَة.
وَفِيه: استدناء صَاحب الطَّعَام للداخل عَلَيْهِ فِي حَال أكله ودعوته للطعام، وَهُوَ مَشْرُوع متأكد سَوَاء كَانَ الطَّعَام قَلِيلا أَو كثيرا، وَطَعَام الْوَاحِد يَكْفِي الْإِثْنَيْنِ، وَطَعَام الِاثْنَيْنِ يَكْفِي الْأَرْبَعَة، وَطَعَام الْأَرْبَعَة يَكْفِي الثَّمَانِية، واجتماع الْجَمَاعَة على الطَّعَام مُقْتَض لحُصُول الْبركَة فِيهِ.
وَفِيه: جَوَاز أكل الدَّجَاج، وَهُوَ مجمع عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا الْخلاف فِي الْجَلالَة مِنْهُ: هَل يكره أكلهَا أَو يحرم؟ وروى ابْن عدي فِي ( الْكَامِل) من حَدِيث نَافِع عَن ابْن عمر: أَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، كَانَ إِذا أَرَادَ أَن يَأْكُل دجَاجَة أَمر بهَا فَربطت أَيَّامًا، ثمَّ يأكلها بعد ذَلِك.





[ قــ :99 ... غــ :3134 ]
- حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفَ قَالَ أخبرنَا مالِك عنْ نافِعٍ عنِ ابنِ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعَثَ سَرِيَّةً فِيها عَبْدُ الله ابنُ عُمَرَ قِبَلَ نَجْدٍ فغَنِمُوا إبِلاً كَثِيراً فَكانَتْ سِهَامُهُمْ اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيراً أوْ أحَدَ عشَرَ بَعِيراً ونُفِّلُوا بَعِيراً بَعِيراً.
( الحَدِيث 4313 طرفه فِي: 8334) .


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( ونُفِّلُوا) على صِيغَة الْمَجْهُول من التَّنْفِيل وَهُوَ الْإِعْطَاء لُغَة،.

     وَقَالَ  الْخطابِيّ: التَّنْفِيل عَطِيَّة يخص بهَا الإِمَام من أبلى بلَاء حسنا، وسعى سعياً جميلاً كالسلب، إِنَّمَا يعْطى للْقَاتِل كالقتالة وكفايته.
قَوْله: ( بعث سَرِيَّة) وَهِي طَائِفَة من الْجَيْش يبلغ أقصاها أَرْبَعمِائَة تبْعَث إِلَى الْعَدو.
قَوْله: ( فِيهَا عبد الله) ، وَهُوَ عبد الله بن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، وَصرح بذلك مُسلم فِي رِوَايَته فَإِنَّهُ أخرجه فِي الْمَغَازِي عَن يحيى بن يحيى.
قَالَ: قَرَأت على مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر، ( قَالَ: بعث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَرِيَّة وَأَنا فيهم قِبَلَ نجدٍ، فغنموا إبِلا كَثِيرَة، فَكَانَت سِهَامهمْ اثْنَي عشر بَعِيرًا، أَو أحد عشر بَعِيرًا، ونفلوا بَعِيرًا بَعِيرًا) .
وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْجِهَاد عَن القعْنبِي عَن مَالك وَعَن القعْنبِي وَابْن موهب كِلَاهُمَا عَن اللَّيْث عَن نَافِع عَن عبد الله بن عمر: أَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث سَرِيَّة فِيهَا عبد الله بن عمر قِبَل نجد ... الحَدِيث.
وَرَوَاهُ الطَّحَاوِيّ عَن مُحَمَّد بن خُزَيْمَة عَن يُوسُف بن عدي عَن ابْن الْمُبَارك عَن عبيد الله بن عمر عَن نَافِع عَن ابْن عمر: أَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث سَرِيَّة فِيهَا ابْن عمر فغنموا غَنَائِم كَثِيرَة، فَكَانَت غنائمهم لكل إِنْسَان اثْنَي عشر بَعِيرًا، أَو نفل كل إِنْسَان مِنْهُم بَعِيرًا بَعِيرًا سوى ذَلِك.

قَوْله: ( قبل نجد) ، بِكَسْر الْقَاف وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة: أَي نَاحيَة نجد وجهتها، والنجد، بِفَتْح النُّون وَسُكُون الْجِيم: وَهُوَ اسْم خَاص لما دون الْحجاز مِمَّا يَلِي الْعرَاق، وَرُوِيَ أَن هَذِه السّريَّة كَانُوا عشرَة فغنموا مائَة وَخمسين بَعِيرًا، فَأخذ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْهَا ثَلَاثِينَ، وَأخذُوا هم عشْرين وَمِائَة، وَأخذ كل وَاحِد مِنْهَا اثْنَي عشر بَعِيرًا وَنفل بَعِيرًا.
قَوْله: ( فغنموا إبِلا كَثِيرَة) وَفِي رِوَايَة لمُسلم: فأصبنا إبِلا وَغنما.
قَوْله: ( فَكَانَت سِهَامهمْ) ، أَي: أنصباؤهم اثْنَي عشر بَعِيرًا.

     وَقَالَ  النَّوَوِيّ: مَعْنَاهُ أسْهم لكل وَاحِد مِنْهُم، وَقد قيل: مَعْنَاهُ سَهْمَان جَمِيع الْغَانِمين إثني عشر بَعِيرًا، وَهَذَا غلط، وَقد جَاءَ فِي بعض رِوَايَات أبي دَاوُد وَغَيره: أَن الإثني عشر بَعِيرًا كَانَت سَهْمَان كل وَاحِد من الْجَيْش والسرية، وَنفل السّريَّة سوى هَذَا بَعِيرًا.
قَوْله: ( أَو أحد عشر) قَالَ ابْن عبد الْبر: اتّفق جمَاعَة رُوَاة ( الْمُوَطَّأ) على أَن رِوَايَته بِالشَّكِّ إلاَّ الْوَلِيد بن مُسلم، فَإِنَّهُ رَوَاهُ عَن شُعَيْب وَمَالك فَلم يشك، وَكَأَنَّهُ حمل رِوَايَة مَالك على رِوَايَة شُعَيْب، وَكَذَا أخرج أَبُو دَاوُد عَن القعْنبِي عَن مَالك وَاللَّيْث بِغَيْر شكّ،.

     وَقَالَ  أَبُو عمر: قَالَ سَائِر أَصْحَاب نَافِع: إثني عشر بَعِيرًا، بِغَيْر شكّ، وَلم يَقع الشَّك فِيهِ.
قَوْله: ( ونُفِّلوا) ، على صِيغَة الْمَجْهُول كَمَا ذكرنَا، وَفِي رِوَايَة: فنفلوا بَعِيرًا، فَلم يُغَيِّرهُ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَفِي رِوَايَة: ونفلنا رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَالْجمع بَين هَذِه الرِّوَايَات: أَن أَمِير السّريَّة نفلهم فَأَجَازَهُ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَيجوز نسبته إِلَى كل مِنْهُمَا.

وَاحْتج بِهَذَا الحَدِيث سعيد بن الْمسيب وَالْحسن الْبَصْرِيّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق فِي جَوَاز التَّنْفِيل بعد سِهَامهمْ، قَالُوا: هَذَا ابْن عمر يخبر أَنهم قد نفلوا بعد سِهَامهمْ بَعِيرًا بَعِيرًا، فَلم يُنكر ذَلِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
.

     وَقَالَ  النَّوَوِيّ: وَاخْتلفُوا فِي مَحل النَّفْل، هَل هُوَ من أصل الْغَنِيمَة؟ أَو من أَرْبَعَة أخماسها؟ أم من خمس الْخمس؟ وَهِي ثَلَاثَة أَقْوَال للشَّافِعِيّ، وَبِكُل مِنْهَا قَالَ جمَاعَة من الْعلمَاء، وَالأَصَح عندنَا أَنه من خمس الْخمس، وَبِه قَالَ ابْن الْمسيب وَمَالك وَأَبُو حنيفَة وَآخَرُونَ.
وَمِمَّنْ قَالَ: إِنَّه من أصل الْغَنِيمَة الْحسن الْبَصْرِيّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَأحمد وَأَبُو ثَوْر وَآخَرُونَ، وَأَجَازَ النَّخعِيّ أَن تنفل السّريَّة جَمِيع مَا غنمت دون بَاقِي الْجَيْش، وَهُوَ خلاف مَا قَالَه الْعلمَاء كَافَّة.





[ قــ :993 ... غــ :3135 ]
- حدَّثنا يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ قَالَ أخْبَرَنَا اللَّيْثُ عنْ عُقَيْلٍ عنِ ابنِ شِهَابٍ عنْ سالِمٍ عنِ ابنِ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما أنَّ رسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كانَ يُنَفِّلُ بَعْضَ مَنْ يبْعَثُ مِنْ السَّرَايَا لأِنْفُسِهِمْ خاصَّةٌ سِوَى قِسْمِ عامَّةِ الجَيْشِ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَرِجَاله قد ذكرُوا غير مرّة.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الْمَغَازِي عَن عبد الْملك عَن شُعَيْب ابْن اللَّيْث عَن أَبِيه عَن جده بِهِ.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْجِهَاد عَن عبد الْملك بِهِ وَعَن حجاج بن أبي يَعْقُوب عَن حُصَيْن بن الْمثنى عَن اللَّيْث بِهِ.

وَفِيه: دَلِيل على أَن لَا نفل إِلَّا بعد الْخمس، وَيُؤَيِّدهُ مَا رَوَاهُ الطَّحَاوِيّ من حَدِيث معن بن يزِيد السّلمِيّ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لَا نفل إلاَّ بعد الْخمس، قَالَ الطَّحَاوِيّ: مَعْنَاهُ حَتَّى يقسم الْخمس، فَإِذا قسم الْخمس انْفَرد حق الْمُقَاتلَة وَهِي أَرْبَعَة أَخْمَاس، فَكَانَ ذَلِك النَّفْل الَّذِي ينفلهُ الإِمَام من بعد أَن آثر أَن يفعل ذَلِك من الْخمس لَا من الْأَرْبَعَة الْأَخْمَاس الَّتِي هِيَ حق الْمُقَاتلَة.





[ قــ :994 ... غــ :3136 ]
- حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ العَلاَءِ قَالَ حدَّثنا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ حدَّثنا بُرَيْدُ ابنُ عَبْدِ الله عنْ أبي بُرْدَةَ عنْ أبِي مُوسَى رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ بلَغَنَا مَخْرَجُ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ونَحْنُ بالْيَمَنِ فَخَرَجْنَا مُهَاجِرِينَ إلَيْهِ أَنا وأخَوَانِ لِي أَنا أصْغَرُهُمْ أحَدُهُمَا أَبُو بُرْدَةَ والآخرُ أَبُو رُهْمٍ إمَّا قالَ فِي بِضْعٍ وإمَّا قالَ فِي ثَلاثَةٍ وخَمْسِينَ أوِ اثْنَيْنِ وخَمْسِينَ رَجُلاً مِنْ قَوْمِي فرَكِبْنَا سَفِينَةً فألْقَتْنَا سَفِينَتُنَا إِلَى النَّجَاشِيِّ بالحَبَشَةِ ووَافَقْنَا جَعْفَرَ بنَ أبِي طالِبٍ وأصْحَابَهُ عِنْدَهُ فَقَالَ جَعْفَرٌ إنَّ رَسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَعَثَنَا هاهُنا وأمَرَنا بالإقَامَةِ فأقِيمُوا مَعَنا فأقَمْنا مَعَهُ حَتَّى قَدِمْنَا جَمِيعاً فَوَافَقْنا النبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِينَ افْتَتَحَ خَبِير فأسْهَمَ لَنَا أوْ قَالَ فأعْطَانا مِنْها وَمَا قَسَمَ لأحَدٍ غابَ عنْ فَتْحِ خَيْبَرَ مِنْها شَيْئاً إلاَّ لِمَنْ شَهِدَ مَعَهُ إلاَّ أصْحَابَ سَفِينَتِنَا مَعَ جَعْفَرٍ وأصْحَابِهِ قَسَمَ لَهُمْ مَعَهُمْ.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: ( فَأَسْهم لنا) إِلَى آخِره، وبريد، بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة: ابْن عبد الله بن أبي بردة بن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ، يكنى أَبَا بردة الْكُوفِي يروي عَن جده أبي بردة واسْمه عَامر، وَقيل: الْحَارِث وَهُوَ يروي عَن أَبِيه أبي مُوسَى عبد الله بن قيس.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ مقطعاً فِي الْخمس، وَفِي هِجْرَة الْحَبَشَة وَفِي الْمَغَازِي عَن أبي كريب.
وَأخرجه مُسلم فِي الْفَضَائِل عَن أبي كريب وَأبي عَامر عبد الله بن براد، كِلَاهُمَا عَن أبي أُسَامَة عَنهُ بِهِ.

قَوْله: ( مخرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) ، لفظ مخرج مصدر ميمي بِمَعْنى الْخُرُوج مَرْفُوع لِأَنَّهُ فَاعل بلغنَا، وَهُوَ بِفَتْح الْغَيْن، وَالْوَاو فِي ( وَنحن بِالْيمن) للْحَال.
قَوْله: ( مُهَاجِرين) ، نصب على الْحَال.
قَوْله: ( أَبُو بردة) ، بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة واسْمه عَامر بن قيس الْأَشْعَرِيّ،.

     وَقَالَ  أَبُو عمر: حَدِيثه عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أللهم إجعل فنَاء أمتِي بالطعن والطاعون.
قَوْله: ( أَبُو رهم) ، بِضَم الرَّاء ابْن قيس الْأَشْعَرِيّ،.

     وَقَالَ  أَبُو عمر: كَانُوا أَربع إخْوَة: أَبُو مُوسَى وَأَبُو بردة وَأَبُو رهم ومجدي، وَقيل: أَبُو رهم اسْمه مجدي بَنو قيس ابْن سليم بن حضار بن حَرْب بن غنم بن عدي بن وَائِل بن نَاجِية بن جماهر بن الْأَشْعر بن أدد بن زيد.

قَالَت الْعلمَاء: فِي معنى هَذَا الحَدِيث تأويلات: أَحدهَا: مَا روى عَن مُوسَى بن عقبَة أَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، استطاب قُلُوب الْغَانِمين بِمَا أَعْطَاهُم، كَمَا فعل فِي سبي هوَازن.
الثَّانِي: إِنَّمَا أَعْطَاهُم مِمَّا لم يفتح بِقِتَال.
الثَّالِث: إِنَّمَا أَعْطَاهُم من الْخمس الَّذِي حكمه حكم الْفَيْء، وَله أَن يَضَعهُ بِاجْتِهَادِهِ حَيْثُ شَاءَ،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: ميل البُخَارِيّ إِلَى الْأَخير بِدَلِيل التَّرْجَمَة، وبدليل أَنه لم ينْقل أَنه اسْتَأْذن من المقاتلين.





[ قــ :995 ... غــ :3137 ]
- حدَّثنا عَلِيٌّ قَالَ حدَّثنا سُفْيانُ قَالَ حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ الْمُنْكَدِرِ قَالَ سَمِعَ جابِراً رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَوْ قدْ جاءَنِي مالُ الْبَحْرَيْنِ لَقَدْ أعْطَيْتُكَ هاكَذَا وهاكَذَا وهاكَذَا فَلَمْ يَجِىءْ حَتَّى قُبِضَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فلَمَّا جاءَ مالُ البَحْرَيْنِ أمَرَ أَبُو بَكْرٍ مُنَادِيَاً فَنادَى مَنْ كانَ لَهُ عِنْدَ رسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَيْنٌ أوْ عدَةٌ فلْيَأْتِنَا فأتَيْتُهُ فقُلْتُ إنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لي كَذَا وكذَا فَحَثا لِي ثَلاثاً وجعَلَ سُفْيَانُ يَحْثُو بِكَفَّيْهِ جَمِيعاً ثُمَّ قَالَ لَنَا هَكَذَا قَالَ لَنَا ابنُ الْمُنْكَدِرِ.

     وَقَالَ  مَرَّةً فأتَيْتُ أَبَا بَكْرٍ فَسَألْتُ فلَمْ تُعْطِنِي أَتَيْته فَلم يُعْطِنِي ثمَّ أَتَيْته الثَّالِثَة فَقلت سَأَلتك فَلم تعطني ثُمَّ سألْتُكَ فَلَمْ تُعْطِنِي فإمَّا أنْ تُعْطِينِي وإمَّا أنْ تَبْخَلَ عَنِّي قَالَ.

قُلْتُ تَبْخَلُ علَيَّ مَا مَنَعْتُكِ مِنْ مَرَّةٍ إلاَّ وَأَنا أُرِيدُ أنْ أُعْطِيَكَ.
قَالَ سُفْيَانُ وحدَّثنا عَمْرٌ وعنْ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ عنْ جابِرٍ فَحَثَا لي حَثْيَةً.

     وَقَالَ  عُدَّهَا فوَجَدْتُهَا خَمْسَمِائَةٍ قَالَ فَخُذْ مِثْلَهَا مَرَّتَيْنِ.

     وَقَالَ  يَعْنِي ابنُ الْمُنْكَدِرِ وأيُّ داءٍ أدُوأا مِنَ البُخْلِ.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: ( من كَانَ لَهُ عِنْد رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دين أَو عدَّة) وَقد مر فِي التَّرْجَمَة، وَمَا كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يعد النَّاس أَن يعطيهم من الْفَيْء والأنفال من الْخمس.

وَعلي شَيْخه هُوَ ابْن الْمَدِينِيّ، وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة.

والْحَدِيث مر بالسند الأول بِعَيْنِه فِي كتاب الْهِبَة فِي: بابُُ إِذا واهب هبة أَو وعد ثمَّ مَاتَ، إِلَى قَوْله: فَحثى لي ثَلَاثًا، بِدُونِ الزِّيَادَة الَّتِي بعده، وَتَقَدَّمت رِوَايَة سُفْيَان عَن عَمْرو هُوَ ابْن دِينَار عَن مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ فِي كتاب الْكفَالَة فِي: بابُُ من تكفل عَن ميت دينا، وَفِي كتاب الشَّهَادَات فِي: بابُُ من أَمر بإنجاز الْوَعْد، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ: عَن إِبْرَاهِيم بن مُوسَى عَن هِشَام عَن ابْن جريج عَن عَمْرو بن دِينَار عَن مُحَمَّد بن عَليّ عَن جَابر ... الحَدِيث.

قَوْله: ( فَلَمَّا جَاءَ مَال الْبَحْرين) أرْسلهُ الْعَلَاء بن الْحَضْرَمِيّ.
قَوْله: ( أَو عدَّة) ، أَي: وعد.
قَوْله: ( منادياً) قيل: يحْتَمل أَن يكون بِلَالًا، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
قَوْله: ( فَحثى لي ثَلَاثًا) ، أَي: ثَلَاث حثيات، من حثى يحثي، وَمن حثا يحثو، لُغَتَانِ، الحثية مَا يمْلَأ الْكَفّ، والحفنة مَا يمْلَأ الْكَفَّيْنِ، وَذكر أَبُو عبيد أَنَّهُمَا بِمَعْنى.
قَوْله: ( تبخل) ، بِفَتْح الْخَاء ويروى: تبخل، بتَشْديد الْخَاء أَي: تنْسب إِلَى الْبُخْل.
قَوْله: ( عني) أَي: من جهتي.
قَوْله: ( مَا منعتك من مرّة إلاَّ وَأَنا أُرِيد أَن أُعْطِيك) ، فَإِن قلت: إِذا كَانَ يُرِيد أَن يُعْطِيهِ فلِمَ مَنعه؟ قلت: لَعَلَّه منع الْإِعْطَاء فِي الْحَال لمَانع أَو لأمر أهم من ذَلِك، أَو لِئَلَّا يحرص على الطّلب، أَو لِئَلَّا يزدحم النَّاس عَلَيْهِ، وَلم يرد بِهِ الْمَنْع الْكُلِّي على الْإِطْلَاق.
قَوْله: ( قَالَ سُفْيَان) ، هُوَ مُتَّصِل بالسند الْمَذْكُور.
قَوْله: ( أَدّوا) ، قَالَ القَاضِي عِيَاض: رَوَاهُ المحدثون غير مَهْمُوز من: دوى الرجل، إِذا كَانَ بِهِ مرض فِي جَوْفه، وَالصَّوَاب الْهَمْز لِأَنَّهُ من الدَّاء.





[ قــ :996 ... غــ :3138 ]
- حدَّثنا مُسْلِمُ بنُ إبْرَاهِيمَ قَالَ حدَّثنا قُرَّةَ بنُ خَالِدٍ قَالَ حدَّثنا عَمْرُو بنُ دِينارٍ عنْ جابرِ بنِ عبْدِ الله رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ بَيْنَما رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقْسِمُ غَنِيمَةً بالجِعْرَانَةِ إذْ قَالَ لَهُ رَجُلٌ اعْدِلْ فقَالَ لَهُ شَقِيتَ إنْ لَمْ أعْدِلْ.


لَا يُمكن تَوْجِيه وَجه الْمُطَابقَة بَين حَدِيث الْبابُُ وَبَين التَّرْجَمَة إلاَّ بِأَن يُقَال: لما كَانَ التَّصَرُّف فِي الْفَيْء والأنفال والغنائم والأخماس للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَفِي الحَدِيث ذكر قسْمَة الْغَنِيمَة، وَفِي التَّرْجَمَة مَا يدل على هَذَا، حصلت الْمُطَابقَة من هَذَا الْوَجْه، وَإِن كَانَ فِيهِ بعض التعسف.

وقرة، بِضَم الْقَاف وَتَشْديد الرَّاء: هُوَ ابْن خَالِد أَبُو مُحَمَّد السدُوسِي الْبَصْرِيّ، وَقد مر تَفْسِير الْجِعِرَّانَة، غير مرّة أَنه مَوضِع قريب من مَكَّة، وَهِي فِي الْحل وميقات الْإِحْرَام، وَهِي بتسكين الْعين وَالتَّخْفِيف وَقد تكسر وتشدد الرَّاء، وَكَانَت الْقِسْمَة بالجعرانة قسْمَة غَنَائِم هوَازن، وَكَانَت الْغَنِيمَة سِتَّة آلَاف من الذَّرَارِي وَالنِّسَاء وَمن الْإِبِل وَالشَّاء مَا لَا يدرى عدته، وَيُقَال: عدَّة الْإِبِل أَرْبَعَة وَعِشْرُونَ ألف بعير، وعدة الْغنم أَكثر من أَرْبَعِينَ ألف شَاة، وَمن الْفضة أَرْبَعَة آلَاف أُوقِيَّة،.

     وَقَالَ  الْوَاقِدِيّ: أصَاب كلَّ راجل أربعٌ مِن الْإِبِل وَأَرْبَعُونَ شَاة، وَعَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن رَافع بن خديج أَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أعْطى الْمُؤَلّفَة قُلُوبهم من سبي حنين مائَة من الْإِبِل، فَأعْطى أَبَا سُفْيَان بن حَرْب مائَة، وَصَفوَان بن أُميَّة مائَة وعيينة بن حُصَيْن مائَة، والأقرع بن حَابِس مائَة، وعلقمة بن غلاثة مائَة، وَمَالك بن عَوْف مائَة، وَالْعَبَّاس ابْن مرادس دون الْمِائَة، وقصتهم مَشْهُورَة.

قَوْله: ( إِذْ قَالَ) ، جَوَاب: بَينا، وَالرجل الَّذِي قَالَ لَهُ: إعدل، دو الْخوَيْصِرَة التَّمِيمِي كَمَا ذكره ابْن إِسْحَاق، رجل من بني تَمِيم، وَفِي رِوَايَة قَالَ: هَذِه قسْمَة مَا أُرِيد بهَا وَجه الله، وَسَيَأْتِي حَدِيث أبي سعيد مطولا قَالَ: بَيْنَمَا نَحن عِنْد رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يقسم إِذا أَتَاهُ ذُو الْخوَيْصِرَة، رجل من بني تَمِيم، فَقَالَ: يَا رَسُول الله إعدل.
.
الحَدِيث.
قَوْله: ( فَقَالَ لَهُ) ، أَي: فَقَالَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للرجل: شقيت إِن لم أعدل، وشقيت، بِضَم التَّاء فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَمَعْنَاهُ ظَاهر وَلَا مَحْذُور فِيهِ، وَالشّرط لَا يسْتَلْزم الْوُقُوع لِأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّن لَا يعدل حَتَّى يحصل لَهُ الشَّقَاء، بل هُوَ عَادل فَلَا يشقى، وَحكى القَاضِي عِيَاض فتح التَّاء على الْخطاب، وَرجحه النَّوَوِيّ، وَالْمعْنَى على هَذَا: لقد ضللت أَنْت أَيهَا التَّابِع حَيْثُ تقتدي بِمن لَا يعدل، أَو حَيْثُ تعتقد ذَلِك فِي نبيك هَذَا القَوْل الَّذِي لَا يصدر عَن مُؤمن،.

     وَقَالَ  الذَّهَبِيّ: ذُو الْخوَيْصِرَة الْقَائِل، فَقَالَ: يَا رَسُول الله إعدل، يُقَال هُوَ: حرقوص بن زُهَيْر رَأس الْخَوَارِج، قتل فِي الْخَوَارِج يَوْم النَّهر.