فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب: إذا وادع الإمام ملك القرية، هل يكون ذلك لبقيتهم؟

(بابٌُ إذَا وادَعَ الإمَامُ مَلِكَ القَرْيَةِ هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ لِبَقِيَّتِهِمْ؟)

أَي: هَذَا بابُُ يذكر فِيهِ إِذا وادع الإِمَام، من الْمُوَادَعَة، وَهِي: الْمُصَالحَة والمسالمة على ترك الْحَرْب والأذى، وَحَقِيقَة الْمُوَادَعَة المتاركة أَي: يدع كل وَاحِد مِنْهُمَا مَا هُوَ فِيهِ.
قَوْله: (هَل يكون ذَلِك؟) جَوَاب: إِذا، أَي: هَل يكون مَا ذكر من الْمُوَادَعَة الَّتِي يدل عَلَيْهِ قَوْله: وادعُ.
قَوْله: (لبقيتهم) أَي: لبَقيَّة أهل الْقرْيَة، وَجَوَاب الِاسْتِفْهَام مَحْذُوف تَقْدِيره: يكون.



[ قــ :3017 ... غــ :3161 ]
- حدَّثنا سَهْلُ بنُ بَكَّارٍ قَالَ حدَّثنا وُهَيْبٌ عنْ عَمْرِو بنِ يَحْيَى عنْ عَبَّاس السَّاعِدِيِّ عنْ أبي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ غَزوْنَا معَ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَبُوكَ وأهْدَى مَلِكُ أيْلَةَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَغْلَةً بَيْضَاءَ وكَساهُ بُرْداً وكَت لَهُ بِبَحْرِهِمْ.
.
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن قبُول هديته مُؤذن بموادعته وكتابته ببحرهم مُؤذن بدخولهم فِي الْمُوَادَعَة، لِأَن موادعة الْملك موادعة لرعيته، لِأَن قوتهم بِهِ ومصالحهم إِلَيْهِ، فَلَا معنى لانفراده دونهم وانفرادهم دونه عِنْد الْإِطْلَاق.
.

     وَقَالَ  بَعضهم: هَذَا الْقدر لَا يَكْفِي فِي مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة، لِأَن الْعَادة بذلك مَعْرُوفَة من غير الحَدِيث، وَإِنَّمَا جرى البُخَارِيّ على عَادَته فِي الْإِشَارَة إِلَى بعض طرق الحَدِيث الَّذِي يُورِدهُ، وَقد ذكر ذَلِك ابْن إِسْحَاق فِي (السِّيرَة) فَقَالَ: لما انْتهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، إِلَى تَبُوك أَتَاهُ بحنة بن روبة صَاحب أَيْلَة فَصَالحه وَأَعْطَاهُ الْجِزْيَة، وَكتب إِلَيْهِ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، كتابا فَهُوَ عِنْدهم بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم! هَذِه أَمَنَة من الله وَمُحَمّد النَّبِي رَسُول الله لبحنة بن روبة وَأهل أَيْلَة) فَذكره.
قلت: هَذَا الْقَائِل ذكر الِاكْتِفَاء فِي مَوَاضِع عديدة فِي الْمُطَابقَة بِوَجْه أدنى من الَّذِي ذَكرْنَاهُ، فَمَا لَهُ يدعى هُنَا عدم الْكِفَايَة؟ وَإِثْبَات الْمُطَابقَة بِالْوَجْهِ الَّذِي ذَكرْنَاهُ أقوى وأوجه من الَّذِي ذكره، لِأَن الَّذِي ذَكرْنَاهُ من الدَّاخِل، وَالَّذِي ذكره من الْخَارِج؟ وَهل علم أَنه قصد ذَلِك أم لَا؟
وَسَهل بن بكار أَبُو بشر الدَّارمِيّ الْبَصْرِيّ، ووهيب مصغر وهب بن خَالِد بن عجلَان أَبُو بكر الْبَصْرِيّ صَاحب الكرابيس، وَعَمْرو بن يحيى بن عمَارَة الْمَازِني، وعباس ابْن سهل السَّاعِدِيّ، وَأَبُو حميد السَّاعِدِيّ اسْمه عبد الرَّحْمَن، وَقيل: الْمُنْذر، وَيُقَال: إِنَّه عَم عَبَّاس السَّاعِدِيّ.

وَهَذَا طرف حَدِيث مضى فِي كتاب الزَّكَاة مطولا بِعَين هَذَا الْإِسْنَاد فِي: بابُُ خرص التَّمْر، وَقد مضى الْكَلَام فِيهِ.

قَوْله: (أَيْلَة) بِضَم الْهمزَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفتح اللَّام وَفِي آخِره هَاء،.

     وَقَالَ  ابْن قرقول: هِيَ مَدِينَة بِالشَّام على النّصْف مَا بَين طَرِيق مصر وَمَكَّة على شاطىء الْبَحْر من بِلَاد الشَّام.
قَوْله: (وكساه) كَذَا هُوَ بِالْوَاو: وَفِي رِوَايَة أبي ذَر بِالْفَاءِ، قَوْله: (ببحرهم) أَي: بقريتهم.