فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب إثم من قتل معاهدا بغير جرم

( بابُُ إثْمِ مَنْ قَتَلَ مُعاهَدَاً بِغَيْرِ جُرْمٍ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان إِثْم من قتل معاهداً أَي ذِمِّيا بِغَيْر جرم، أَي: بِغَيْر ذَنْب أَرَادَ: إِذا قَتله بِغَيْر حق، وَهَذَا الْقَيْد لَيْسَ فِي الحَدِيث، وَلكنه مُسْتَفَاد من قَوَاعِد الشَّرْع، وَوَقع مَنْصُوصا عَلَيْهِ فِي رِوَايَة أبي مُعَاوِيَة الَّتِي يَأْتِي ذكرهَا بِلَفْظ: بِغَيْر حق، وروى النَّسَائِيّ وَأَبُو دَاوُد من حَدِيث أبي بكر بِلَفْظ: من قتل نفسا معاهدة بِغَيْر حلهَا، حر الله علهي الْجنَّة.



[ قــ :3021 ... غــ :3166 ]
- حدَّثنا قَيْسُ بنُ حَفصٍ قَالَ حدَّثنا عَبْدُ الوَاحِدِ قَالَ حدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ عَمْرٍ.

     وَقَالَ  حدَّثنا مُجاهِد عنْ عَبْدِ الله بنِ عَمْرٍ وَرَضي الله تَعَالَى عنهُما عنِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ منْ قتَلَ مُعاهِداً لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الجَنَّةِ وإنَّ رِيحَها تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أرْبَعِينَ عَاما.
( الحَدِيث 6613 طرفه فِي: 4196) .

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( من قتل معاهداً) وَقَوله: ( لم يرح) إِلَى آخِره، يُوضح مَا أبهمه فِي التَّرْجَمَة.
وَقيس بن حَفْص أَبُو مُحَمَّد الدَّارمِيّ الْبَصْرِيّ، وَعبد الْوَاحِد بن زِيَاد وَالْحسن بن عَمْرو الْفُقيْمِي التَّمِيمِي الْكُوفِي، والفقيمي، بِضَم الْفَاء وَفتح الْقَاف نِسْبَة: إِلَى فقيم بن دارم بن مَالك، وَالْحسن بن عمر، وَهَذَا لَيْسَ لَهُ فِي البُخَارِيّ إلاَّ هَذَا الحَدِيث وَآخر فِي الْأَدَب.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الدِّيات عَن قيس بن حَفْص أَيْضا وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الدِّيات عَن أبي كريب، قَالُوا: هَذَا الحَدِيث مُنْقَطع فِيمَا بَين عبد الله بن عَمْرو وَمُجاهد، بيَّن ذَلِك البرديحي فِي كِتَابه ( الْمُتَّصِل والمرسل) بقوله: مُجَاهِد عَن ابْن عَمْرو، وَلم يسمع مِنْهُ، وَقد رَوَاهُ مَرْوَان بن مُعَاوِيَة الْفَزارِيّ عَن حَدثنَا الْحسن بن عَمْرو عَن مُجَاهِد عَن جُنَادَة بن أبي أُميَّة عَن عبد الله بن عَمْرو، قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: هُوَ الصَّوَاب.
وَأجِيب: بِأَن سَماع مُجَاهِد عَن ابْن عمر وثابت وَلَيْسَ هُوَ بمدلس، فَيحْتَمل أَن يكون مُجَاهِد سَمعه أَولا من جُنَادَة ثمَّ لَقِي عبد الله ابْن عَمْرو، أَو سمعاه مَعًا من ابْن عَمْرو، فَحدث بِهِ مُجَاهِد تَارَة عَن ابْن عَمْرو وَتارَة عَن جُنَادَة، وَقَالُوا أَيْضا: هَذَا الحَدِيث من مُسْند عبد الله بن عَمْرو إلاَّ أَن الْأصيلِيّ رَوَاهُ عَن الْجِرْجَانِيّ عَن الْفربرِي، فَقَالَ عبد الله بن عمر، بِضَم الْعين بِغَيْر وَاو، ورد بِأَنَّهُ تَصْحِيف.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: ( معاهداً) ، بِكَسْر الْهَاء وَفتحهَا وَأَرَادَ بِهِ الذِّمِّيّ لِأَنَّهُ من أهل الْعَهْد، أَي: الْأمان، والعهد حَيْثُ وَقع هُوَ الْمِيثَاق.
قَوْله: ( لم يرح) ، بِفَتْح الْيَاء وَالرَّاء وَأَصله: يراح، قَالَ الْجَوْهَرِي: رَاح فلَان الشَّيْء يراحه ويريحه إِذا وجد رِيحه، وَأما فِي هَذَا الحَدِيث فقد جعله أَبُو عبيد من: راحه يراحه، وَكَانَ أَبُو عَمْرو يَقُول: إِنَّه من راحه يريحه، وَالْكسَائِيّ يَقُول: من راحه يريحه، وَمعنى الثَّلَاث وَاحِد.
قَوْله: ( أَرْبَعِينَ عَاما) هَكَذَا هُوَ فِي رِوَايَة الْجَمِيع.
( أَرْبَعِينَ عَاما) إلاَّ عبد الْغفار، فَقَالَ: ( سبعين عَاما) ، وَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَة أبي هُرَيْرَة عِنْد التِّرْمِذِيّ مَرْفُوعا، وَلَفظه: ( أَلا من قتل نفسا معاهدة لَهَا ذمَّة الله وَذمَّة رَسُوله فقد أَخْفَر بِذِمَّة الله فَلَا يراح رَائِحَة الْجنَّة، وَأَن رِيحهَا ليوجد من مسيرَة سبعين خَرِيفًا) .
وروى النَّسَائِيّ أَيْضا من حَدِيث أبي بكرَة بِإِسْنَاد صَحِيح نَحوه، وَفِي ( الْمُوَطَّأ) خَمْسمِائَة، قَالَ ابْن بطال: أما الْأَرْبَعُونَ فَهِيَ أقْصَى أَشد الْعُمر فِي قَول الْأَكْثَرين، فَإِذا بلغَهَا ابْن آدم زَاد عمله ويقينه واستحكمت بصيرته فِي الْخُشُوع لله تَعَالَى على الطَّاعَة والندم على مَا سلف، فَهَذَا يجد ريح الْجنَّة على مسيرَة أَرْبَعِينَ عَاما، وَأما السبعون فَهِيَ حد المعترك، ويعرض للمرء عِنْدهَا من الخشية والندم لاقتراب أَجله فيجد ريح الْجنَّة من مسيرَة سبعين عَاما، وَأما وَجه الْخَمْسمِائَةِ فَهِيَ فَتْرَة مَا بَين نَبِي وَنَبِي، فَيكون من جَاءَ فِي آخر الفترة واهتدى بِاتِّبَاع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الَّذِي كَانَ قبل الفترة وَلم يضرّهُ طولهَا، فيجد ريح الْجنَّة على خَمْسمِائَة عَام.
فَإِن قلت: الْمُؤمن لَا يخلد فِي النَّار؟ قلت: المُرَاد لم يجد أول مَا يجدهَا سَائِر الْمُسلمين الَّذين لم يقترفوا الْكَبَائِر،.

     وَقَالَ  أَحْمد: أَرْبَعَة أَحَادِيث تَدور على أَلْسِنَة النَّاس وَلَا أصل لَهَا عَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من آذَى ذِمِّيا فَأَنا خَصمه يَوْم الْقِيَامَة.
وَمن بشر بِخُرُوج آذار بشر بِالْجنَّةِ.
وَيَوْم نحركم يَوْم فطركم.
وللسائل حق وَإِن جَاءَ على فرس.