فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب طرح جيف المشركين في البئر، ولا يؤخذ لهم ثمن

( بابُُ طَرْحِ جِيَفِ المُشْرِكِينَ فِي البِئْره وَلَا يُؤْخَذُ لَهُمْ ثَمَنٌ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان جَوَاز طرح جيف الْمُشْركين فِي الْبِئْر، والجيف، بِكَسْر الْجِيم وَفتح الْيَاء آخر الْحُرُوف جمع جيفة.
قَوْله: ( وَلَا يُؤْخَذ لَهُم ثمن) ، أَي: لَا يجوز أَخذ الْفِدَاء فِيهَا من الْمُشْركين إِذْ كَانَ أَصْحَاب قليب بدر رُؤَسَاء مُشْركي مَكَّة، وَلَو مكن أهلهم من إخراجهم من الْبِئْر ودفنهم لبذلوا فِي ذَلِك كثير المَال، وَإِنَّمَا لَا يجوز أَخذ الثّمن فِيهَا لِأَنَّهَا ميتَة لَا يجوز تَملكهَا وَلَا أَخذ عوض عَنْهَا، وَقد حرم الشَّارِع ثمنهَا وَثمن الْأَصْنَام فِي حَدِيث جَابر، وَفِي التِّرْمِذِيّ من حَدِيث ابْن أبي ليلى عَن الحكم عَن مقسم عَن ابْن عَبَّاس: أَن الْمُشْركين أَرَادوا أَن يشتروا جَسَد رجل من الْمُشْركين فَأبى، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أَن يبيعهم إِيَّاه،.

     وَقَالَ  أَحْمد: لَا يحْتَج بِحَدِيث ابْن أبي ليلى،.

     وَقَالَ  البُخَارِيّ: هُوَ صَدُوق وَلَكِن لَا يعرف صَحِيح حَدِيثه من سقيمه، وَذكر ابْن إِسْحَاق فِي الْمَغَازِي: أَن الْمُشْركين سَأَلُوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يبيعهم جَسَد نَوْفَل بن عبد الله بن الْمُغيرَة، وَكَانَ اقتحم الخَنْدَق فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا حَاجَة لنا بِثمنِهِ وَلَا جسده،.

     وَقَالَ  ابْن هِشَام: بَلغنِي عَن الزُّهْرِيّ أَنهم بذلوا فِيهِ عشرَة آلَاف.



[ قــ :3039 ... غــ :3185 ]
- حدَّثنا عبْدَانُ بنُ عُثْمَانَ قَالَ أخبرَني أبِي عنْ شُعْبَةَ عنْ أبي إسحَاقَ عنْ عَمْرِو بن ميْمُونٍ عنْ عَبْدِالله رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ بَيْنَا رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ساجِدٌ وحَوْلَهُ ناسٌ مِنْ قُرَيْشٍ مِنَ المُشْرِكِينَ إذْ جاءَ عُقْبَةُ بنُ أبِي مُعَيْطٍ بِسَلى جَزُورٍ فَقَذَفَهُ علَى ظَهْرِ النَّبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فلَمْ يَرْفَعْ رأسَهُ حتَّى جاءَتْ فاطِمَةُ علَيْهَا السَّلاَمُ فأخَذَتْ مِنْ ظَهْرِهِ ودَعَتْ على مَنْ صَنَعَ ذَلِكَ فقالَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اللَّهُمَّ علَيْكَ المَلأَ مِنْ قُرَيْشٍ اللَّهُمَّ علَيْكَ أبَا جَهْلِ بنَ هِشامٍ وعُتْبَةَ بنَ رَبِيعَةَ وشَيْبَةَ بنَ رَبِيَعَةَ وعُقْبَةَ بنَ أبِي مُعَيْطٍ وأمَيَّةَ بنَ خَلَفٍ أوْ أبَيَّ بنَ خَلفٍ فَلَقَدْ رَأيْتُهُمْ قُتِلُوا يَوْمَ بَدْرٍ فأُلْقُوا فِي بِئرٍ غَيْرَ أمَيَّةَ أُوْ أبيٍّ فإنَّهُ كانَ رَجُلاٍ ضَخْماً فلَمَّا جَرُّوهُ تقَطَّعَتْ أوْصَالُهُ قبْلَ أنْ يُلْقَى فِي البِئْرِ.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وعبدان اسْمه عبد الله بن عُثْمَان، يروي عَن أَبِيه عُثْمَان بن جبلة وَأَبُو إِسْحَاق مر عَن قريب.
والْحَدِيث مضى بِهَذَا الْإِسْنَاد فِي كتاب الطَّهَارَة فِي: بابُُ إِذا ألقِي على ظهر الْمصلى قدر إِلَى آخِره.
قَوْله: ( سلا) بِالسِّين الْمُهْملَة وَتَخْفِيف اللاّم مَقْصُورا هُوَ اللفافة الَّتِي يكون فِيهَا الْوَلَد فِي بطن النَّاقة وَالْجَزُور المنحور من الْإِبِل، قَوْله: ( عَلَيْك الملا) أَي: أَخذ الْجَمَاعَة وأهلكهم.