فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب إثم الغادر للبر والفاجر

( بابُُ إثْمِ الغَادِرِ لِلْبَرِّ والفَاجِرِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان إِثْم الغادر للرجل الْبر، بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَتَشْديد الرَّاء: الْخَيْر، وَسَوَاء كَانَ الْغدر من بر لبر أَو لِفَاجِر، أَو من فَاجر لِفَاجِر أَو لبر، والغادر هُوَ الَّذِي يواعد عل أَمر وَلَا يَفِي بِهِ، يُقَال: غدر يغدر، بِكَسْر الدَّال فِي الْمُضَارع.

6813

- 7813 حدَّثنا أبُو الوَلِيدِ قَالَ حدَّثنا شُعْبَةُ عنْ سُلَيْمَانَ الأعْمَشِ عنْ أبِي وائِلٍ عنْ عَبْدِ الله وعنْ ثابِتٍ عنْ أنَسٍ عنِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لِكُلِّ غادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ القِيَامَةِ قَالَ أحدُهُما يُنْصَبُ.
.

     وَقَالَ  الآخَرُ يُرَى يَوْمَ القِيَامَةِ يُعْرَفُ بِهِ.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، والوليد هِشَام بن عبد الْملك الطَّيَالِسِيّ، وَعبد الله هُوَ ابْن مَسْعُود.
قَوْله: ( وَعَن ثَابت) قَائِل ذَلِك هُوَ شُعْبَة،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: وَعَن ثَابت، عطف على سُلَيْمَان.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الْمَغَازِي عَن أبي مُوسَى وَأبي قدامَة.

قَوْله: ( لِوَاء) ، أَي: علم.
قَوْله: ( قَالَ أَحدهمَا) ، أَي: أحد الراويين عَن عبد الله ينصب أَي: اللِّوَاء.
.

     وَقَالَ  الآخر: يرى يَوْم الْقِيَامَة، أَي: يعرف بِهِ، وَإِنَّمَا قَالَ بِلَفْظ: أَحدهمَا لالتباسه عَلَيْهِ، وَلَا قدح بِهَذَا اللَّفْظ لِأَن كلتا الرِّوَايَتَيْنِ بِشَرْط البُخَارِيّ، واللواء لَا يمسِكهُ إلاَّ صَاحب جَيش الْحَرْب، وَيكون النَّاس تبعا لَهُ، وَمعنى: لكل غادر لِوَاء، أَي: عَلامَة يشْتَهر بهَا فِي النَّاس، لِأَن مَوضِع اللِّوَاء شهرة مَكَان الرئيس.





[ قــ :341 ... غــ :3188 ]
- حدَّثنا سُلَيْمانُ بنُ حَرْبٍ قَالَ حدَّثنا حَمَّادُ عنْ أيُّوبَ عنْ نافِعٍ عنِ ابنِ عُمرَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما قَالَ سَمِعْتُ النَّبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُولُ لِكُلِّ غادِرٍ لِوَاءٌ يُنْصَبُ بِغَدْرَتِهِ.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَحَمَّاد هُوَ ابْن زيد، وَأَيوب هُوَ السّخْتِيَانِيّ.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْفِتَن عَن سُلَيْمَان بن حَرْب أَيْضا.
وَأخرجه مُسلم فِي الْمَغَازِي عَن أبي الرّبيع.

قَوْله: ( بغدرته) ، أَي: بِسَبَب غدرته فِي الدُّنْيَا، أَو بِقدر غدرته، وَفِي غلظ تَحْرِيم الْغدر لَا سِيمَا من صَاحب الْولَايَة الْعَامَّة، لِأَن غدرته يتَعَدَّى ضَرَره إِلَى خلق كثير، وَلِأَنَّهُ غير مُضْطَر إِلَى الْغدر لقدرته على الْوَفَاء.
.

     وَقَالَ  عِيَاض: الْمَشْهُور أَن هَذَا الحَدِيث ورد فِي ذمّ الإِمَام إِذا غدر فِي عَهده لرعيته أَو لمقاتلته أَو للْإِمَامَة الَّتِي تقلدها وَالْتزم الْقيام بهَا، فَمَتَى خَان فِيهَا أَو ترك الرِّفْق فقد غدر بعهده، وَقيل: المُرَاد نهي الرّعية عَن الْغدر للْإِمَام فَلَا تخرج عَلَيْهِ وَلَا تتعرض لمعصيته لما يَتَرَتَّب على ذَلِك من الْفِتْنَة، قَالَ، وَالصَّحِيح الأول.
قلت: لَا مَانع من أَن يحمل الْخَبَر على أَعم من ذَلِك.





[ قــ :304 ... غــ :3189 ]
- حدَّثنا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الله قَالَ حدَّثنا جَرِيرٌ عنْ مَنْصُورٍ عنْ مُجَاهِدٍ عنْ طاوُسٍ عنِ ابْن عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما قَالَ قَالَ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ لاَ هِجْرَةَ ولَكِنْ جِهَادٌ ونِيَّةٌ وإذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فانْفُرُوا.

     وَقَالَ  يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ إنَّ هَذا البَلَدَ حرَّمَهُ الله يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ والأرْضَ فَهْوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ الله إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ وإنَّهُ لَمْ يَحِلَّ القِتَالُ فِيهِ لأحَدٍ قَبْلِي ولَمْ يَحِلَّ لي إلاَّ ساعَةٍ مِنْ نَهَارٍ فَهْوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ الله إِلَى يَوْمِ القِيامَةِ لاَ يُعْضَدُ شَوْكُهُ ولاَ يُنَفَّرُ صَيْدُهُ وَلاَ يَلْتَقِطُ لُقْطَتَهُ إلاَّ مَنْ عَرَفَها ولاَ يُخْتَلَى خَلاَهُ فَقَالَ العَبَّاسُ يَا رسولَ الله إلاَّ الإذْخرِ فإنَّهُ لِقَيْنِهِمْ ولِبُيُوتِهِمْ قَالَ إلاَّ الإذْخِرَ.
.


وَجه مطابقته للتَّرْجَمَة يُمكن أَخذه من قَوْله: ( فانفروا) إِذْ مَعْنَاهُ: لَا تغدروهم وَلَا تخالفوهم، إِذْ إِيجَاب الْوَفَاء بِالْخرُوجِ مُسْتَلْزم لتَحْرِيم الْغدر، وَوجه آخر: هُوَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يغدر فِي استحلال الْقِتَال بِمَكَّة لِأَنَّهُ كَانَ بإحلال الله تَعَالَى لَهُ سَاعَة، وَلَوْلَا ذَلِك لما جَازَ لَهُ.

وَرِجَال الحَدِيث كلهم قد مضوا غير مرّة.
والْحَدِيث مضى فِي كتاب الْحَج فِي: بابُُ لَا يحل الْقِتَال بِمَكَّة، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ: عَن عُثْمَان بن أبي شيبَة عَن جرير عَن مَنْصُور ... إِلَى آخِره.
وَأخرجه أَيْضا فِي: بابُُ لَا ينفر صيد الْحرم، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.
وَالله أعلم.