فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب إذا قال أحدكم: آمين والملائكة في السماء، آمين فوافقت إحداهما الأخرى، غفر له ما تقدم من ذنبه

( بابٌُ إذَا قَالَ أحدُكُمْ آمِينَ والمَلائِكَةُ فِي السَّماءِ فَوافَقَتْ إحْدَاهُمَا الأُخْرَى غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ)

أَي: هَذَا بابُُ يذكر فِيهِ إِذا قَالَ الإِمَام ... إِلَى آخِره، قَالُوا: لَيْسَ لذكر هَذَا الْبابُُ هُنَا وَجه، لِأَن جَمِيع أَحَادِيث هَذَا الْبابُُ فِي ذكر الْمَلَائِكَة، وَهُوَ مُتَّصِل بِالْبابُُِ السَّابِق، وَلِهَذَا لَا يُوجد هَذَا فِي كثير من النّسخ، وَكَذَا لم يَقع فِي رِوَايَة أبي ذَر ذكر هَذَا الْبابُُ.

قَوْله: ( آمين) مَقْصُور وممدود، وَمَعْنَاهُ: استجب.
قَوْله: ( فَوَافَقت إِحْدَاهمَا) أَي: إِحْدَى كلمتي: آمين، وَأخذ هَذِه التَّرْجَمَة من حَدِيث أبي هُرَيْرَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: أَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ( إِذا قَالَ الإِمَام: { غير المغضوب عَلَيْهِم وَلَا الضَّالّين} فَقولُوا: آمين، فَإِنَّهُ مَا وَافق قَوْله قَول الْمَلَائِكَة غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه) رَوَاهُ البُخَارِيّ من حَدِيث أبي صَالح عَنهُ، وروى ابْن مَاجَه من حَدِيث سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة: أَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: ( إِذا أمَّن الإِمَام فأمِّنُوا، فَإِن الْمَلَائِكَة تؤمن، فَمن وَافق تأمينه تَأْمِين الْمَلَائِكَة غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه) .



[ قــ :3078 ... غــ :3224 ]
- حدَّثنا مُحَمَّدٌ قَالَ أخْبرنا مَخْلَدٌ قَالَ أخبرَنا ابنُ جُرَيْجٍ عنْ اسْماعِيلَ بن أُمَيَّةَ أنَّ نَافِعًا حدَّثَهُ أنَّ القَاسِمَ بنَ مُحَمَّدٍ حدَّثَهُ عنْ عائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا قالَتْ حَشَوْتُ لِلنَّبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وِسادَةً فِيها تَماثِيلُ كأنَّها نُمْرِقَةٌ فَجاءَ فَقامَ بَيْنَ الْبابَُيْنِ وجعَلَ يَتَغَيَّرُ وجْهُهُ فَقُلْتُ مَا لَنَا يَا رسُولَ الله قَالَ مَا بالُ هاذِهِ الوِسَادَةِ قالَتْ وِسادَةٌ جعَلْتُهَا لَكَ لِتَضْطَجِعَ عَلَيْهَا قَالَ أمَا عَلِمْتِ أنَّ المَلائِكَةَ لاَ تَدْخُلُ بَيْتَاً فِيهِ صُورَةٌ وأنَّ مَنْ صنَعَ الصُّورَةَ يُعَذَّبُ يَوْمَ القِيَامَةِ يَقُولُ أحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة أَعنِي: بابُُ ذكر الْمَلَائِكَة فِي قَوْله: ( أَن الْمَلَائِكَة) وَكَذَا الْمُطَابقَة بَين أَحَادِيث هَذَا الْبابُُ كلهَا، وَبَين هَذِه التَّرْجَمَة فِي ذكر الْمَلَائِكَة.

وَمُحَمّد هَذَا هُوَ مُحَمَّد بن سَلام، ومخلد هُوَ ابْن يزِيد، وَابْن جريج عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز ابْن جريج وَعَن قريب مضى هَكَذَا هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة على نسق وَاحِد، وَإِسْمَاعِيل بن أُميَّة، بِضَم الْهمزَة وَفتح الْمِيم وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف: ابْن عَمْرو بن سعيد بن الْعَاصِ الْأمَوِي الْقرشِي الْمَكِّيّ، وَالقَاسِم بن مُحَمَّد بن أبي بكر الصّديق، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.

والْحَدِيث مضى فِي كتاب الْبيُوع فِي: بابُُ التِّجَارَة فِيمَا يكره لبسه للرِّجَال وَالنِّسَاء، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ: عَن عبد الله ابْن يُوسُف عَن مَالك عَن نَافِع عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد عَن عَائِشَة.
.
إِلَى آخِره.

قَوْله: ( وسَادَة) بِكَسْر الْوَاو، وَهِي المخدة وَجَمعهَا: وسائد، و: التماثيل جمع التمثال، وَهُوَ وَإِن كَانَ فِي الأَصْل للصورة الْمُطلقَة فَالْمُرَاد مِنْهُ هُنَا صُورَة الْحَيَوَان.
قَوْله: ( كَأَنَّهَا نمرقة) ، لفظ الرواوي عَن عَائِشَة والنمرقة بِضَم النُّون وَالرَّاء وبكسرها وَبِغير هَاء.

     وَقَالَ  الْجَوْهَرِي النمرق والنمرقة وسَادَة صَغِيرَة وَرُبمَا سموا الطنفسة الَّتِي فَوق الرحل نمرقة، عَن أبي عبيد، وَيجمع على: نمارق.
قَوْله: ( فَقَامَ بَين الْبابَُُيْنِ) ويروى: بَين النَّاس.
قَوْله: ( وَجعل) من أَفعَال المقاربة، وَهِي على ثَلَاثَة أَقسَام مِنْهَا مَا وضع للدلالة على الشُّرُوع، وَهِي: طفق وَجعل وعلق وَأخذ، وَيعْمل عمل كَانَ إلاَّ أَنه يجب أَن يكون خَبره جملَة، وَهَهُنَا كَذَلِك.
قَوْله: ( فَقلت: مالنا) ويروى: فَقَالَت: مالنا؟ يَعْنِي: مَا فعلنَا حَتَّى تغير وَجهك؟ قَوْله: ( مَا بَال هَذِه النمرقة) أَي: مَا شَأْنهَا فِيهَا تماثيل؟ قَوْله: ( قَالَ: أما علمت) أَي: قَالَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَوْله: ( يَقُول) أَي: يَقُول الله، ويروى: فَيُقَال.
قَوْله: ( أحيوا) بِفَتْح الْهمزَة، وَبَاقِي الْكَلَام مر هُنَاكَ.





[ قــ :3079 ... غــ :35 ]
- حدَّثنا ابنُ مُقَاتِلٍ قَالَ أخبرَنَا عبْدُ الله قَالَ أخْبرَنا مَعْمَرٌ عنِ الزُّهْرِيِّ عنْ عُبَيْدِ الله ابنِ عَبْد الله أنَّهُ سَمِعَ ابنَ عبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما يقُولُ سَمِعْتُ أبَا طَلْحَةَ يقُولُ سَمِعْتُ رسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقُولُ لاَ تَدْخُل المَلاَئِكَةُ بَيْتاً فيهِ كَلْبٌ وَلَا صُورَةُ تَماثِيلَ.
.


وَجه مُطَابقَة هَذَا إِلَى آخر الْبابُُ قد ذَكرْنَاهُ، وَابْن مقَاتل هُوَ مُحَمَّد بن مقَاتل الْمروزِي المجاور بِمَكَّة، وَهُوَ من أَفْرَاده، وَعبد الله هُوَ ابْن الْمُبَارك الْمروزِي، وَمعمر بِفَتْح الميمين هُوَ ابْن رَاشد، وَأَبُو طَلْحَة هُوَ زيد بن سهل الْأنْصَارِيّ.
.

     وَقَالَ  الدَّارَقُطْنِيّ: وَافق معمر هُنَا عَن الزُّهْرِيّ جمَاعَة وَخَالفهُم الْأَوْزَاعِيّ فَرَوَاهُ عَن الزُّهْرِيّ عَن عبيد الله عَن أبي طَلْحَة، وَلم يذكر ابْن عَبَّاس، وَرَوَاهُ سَالم أَبُو النَّضر عَن عبيد الله نَحْو رِوَايَة الْأَوْزَاعِيّ، وَفِي النَّسَائِيّ عَن معقل عَن الْأَوْزَاعِيّ كَرِوَايَة الْجَمَاعَة،.

     وَقَالَ : هَذَا هُوَ الصَّوَاب، وَحَدِيث الْوَلِيد خطأ، ثمَّ رَوَاهُ من حَدِيث الْوَلِيد عَن الْأَوْزَاعِيّ عَن الزُّهْرِيّ عَن عبيد الله، قَالَ: حَدثنِي أَبُو طَلْحَة ... فَذكره، وروى التِّرْمِذِيّ من حَدِيث إِسْحَاق بن مُوسَى الْأنْصَارِيّ: حَدثنَا معن حَدثنَا مَالك عَن أبي النَّضر عَن عبيد الله بن عبد الله ابْن عتبَة: أَنه دخل على أبي طَلْحَة الْأنْصَارِيّ يعودهُ، فَوجدَ عِنْده سهل بن حنيف، قَالَ: فَدَعَا أَبُو طَلْحَة إنْسَانا ينْزع نمطاً تَحْتَهُ، فَقَالَ لَهُ سهل: لم تنزعه؟ قَالَ: لِأَن فِيهِ تصاوير.
.

     وَقَالَ  فِيهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا قد علمت، قَالَ سهل: أَو لم يُقَال: إلاَّ مَا كَانَ رقماً فِي ثوب؟ فَقَالَ: بلَى، وَلكنه أطيب لنَفْسي.
هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
قلت: فِي رِوَايَة مَالك هَذِه مَا يَقْتَضِي الِاتِّصَال بَين عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة وَبَين أبي طَلْحَة، فَإِنَّهُ دخل على أبي طَلْحَة وسَمعه مِنْهُ، وَهَكَذَا فِي رِوَايَة مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن سَالم أبي النَّضر عَنهُ عِنْد النَّسَائِيّ، وَفِي رِوَايَة السِّتَّة، مَا خلا أَبَا دَاوُد، وَمن رِوَايَة الزُّهْرِيّ أَيْضا إِدْخَال ابْن عَبَّاس بَين عبيد الله ابْن عبد الله وَبَين أبي طَلْحَة، فَهَل الحكم للرواية الزَّائِدَة أَو للرواية النَّاقِصَة؟ فَاخْتَارَ ابْن الصّلاح الحكم للناقصة لِأَنَّهُ يُصَرح فِيهَا بالاتصال، وَاخْتَارَ النَّسَائِيّ الزَّائِدَة لِأَنَّهُ روى كلتيهما وَرجح الزَّائِدَة.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي بَدْء الْخلق عَن عَليّ بن عبد الله وَفِي الْمَغَازِي عَن إِبْرَاهِيم بن مُوسَى، وَعَن إِسْمَاعِيل بن أبي أويس وَفِي اللبَاس عَن آدم.
وَأخرجه مُسلم فِي اللبَاس عَن يحيى بن يحيى وَعَن عَمْرو النَّاقِد وَأبي بكر بن أبي شيبَة وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَعَن أبي الطَّاهِر بن السَّرْح وحرملة بن يحيى وَعَن إِسْحَاق إِبْنِ إِبْرَاهِيم وَعبد بن حميد.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الاسْتِئْذَان عَن سَلمَة بن شيبَة وَالْحسن بن عَليّ وَعبد بن حميد.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الصَّيْد عَن قُتَيْبَة وَإِسْحَاق بن مَنْصُور، وَفِي الزِّينَة عَن وهب بن بَيَان وَعَن مُحَمَّد بن عبد الْملك وَعَن يزِيد بن مُحَمَّد، وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي اللبَاس عَن أبي بكر بن أبي شيبَة.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: ( فِيهِ كلب) قَالَ ابْن التِّين: يُرِيد كلب دَار، قَالَ: وَأَرَادَ بِالْمَلَائِكَةِ غير الْحفظَة، وَكَذَا قَالَ النَّوَوِيّ: إِن هَؤُلَاءِ هم الَّذين يطوفون بِالرَّحْمَةِ والتبريك وَالِاسْتِغْفَار، بِخِلَاف الْحفظَة،.

     وَقَالَ  الْخطابِيّ: إِنَّمَا لم يدْخل فِي بَيت إِذا كَانَ فِيهِ شَيْء من هَذِه مِمَّا يحرم اقتناؤه من الْكلاب والصور، وَأما مَا لَيْسَ بِحرَام من كلب الصَّيْد أَو الزَّرْع أَو الْمَاشِيَة وَالصُّورَة الَّتِي تمتهن فِي الْبسط والوسائد وَغَيرهمَا فَلَا يمْتَنع دُخُول الْمَلَائِكَة بِسَبَبِهِ.
.

     وَقَالَ  النَّوَوِيّ: الْأَظْهر أَنه عَام فِي كل كلب وكل صُورَة.
ثمَّ قيل: سَبَب الْمَنْع من دُخُول الْمَلَائِكَة كَونهَا مَعْصِيّة فَاحِشَة، وَكَونهَا مضاهاة لخلق الله، وفيهَا مَا يعبد من دون الله، وامتناعهم من الدُّخُول فِي بَيت فِيهِ كلب لِكَثْرَة أكله النَّجَاسَات، وَلِأَن بَعْضهَا يُسمى شَيْطَانا، وَالْمَلَائِكَة ضد لَهُم، ولقبح رَائِحَة الْكَلْب، وَالْمَلَائِكَة يكْرهُونَ الرَّائِحَة الكريهة، وَلِأَنَّهَا ينْهَى عَن اتخاذها مِمَّا لم يُؤذن فِيهِ، فَعُوقِبَ متخذها بحرمانه دُخُول الْمَلَائِكَة بَيته وصلاتها فِيهِ، واستغفارها لَهُ وتبريكها عَلَيْهِ، وَدفعهَا أَذَى الشَّيْطَان.
قلت: كل هَذِه فِي الْكَلْب لَا يشفي العليل وَلَا يرْوى الغليل، وَهَذَا الْخِنْزِير أَسْوَأ حَالا من الْكَلْب، مَعَ أَنه مَا ورد فِيهِ شَيْء وَفِي النَّجَاسَة هُوَ أنجس مِنْهُ، لِأَنَّهُ نجس الْعين بِالنَّصِّ بِخِلَاف الْكَلْب فَإِن فِي نَجَاسَة عينه خلافًا.
قَوْله: ( وَلَا صُورَة تماثيل) من إِضَافَة الْعَام إِلَى الْخَاص.





[ قــ :3080 ... غــ :36 ]
- حدَّثنا أحْمَدُ قَالَ حدَّثنا ابنُ وهْبٍ قَالَ أخْبرَنا عَمْرٌ وأنَّ بُكَيْرَ بنَ الأشَجِّ حدَّثَهُ أنَّ بُسْرَ بنَ سَعِيدٍ حَدَّثَهُ أنَّ زَيْدَ بنَ خالِدٍ الجُهَنِيَّ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ حدَّثَهُ ومَعَ بُسْرِ بنِ سَعِيدٍ عُبَيْدُ الله الخَوْلاَنِيُّ الَّذِي كانَ فِي حَجْرٍ مَيْمُونَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ حدَّثَهُما زَيْدُ بنُ خَالِدٍ أنَّ أبَا طَلْحَةَ قَالَ حدَّثَهُ أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لاَ تَدْخُلُ المَلاَئِكَةُ بَيْتاً فِيهِ صُورَةٌ قَالَ بُسْرٌ فَمَرِضَ زَيْدُ بنُ خَالِدٍ فَعُدْنَاهُ فإذَا نَحْنُ فِي بيْتِهِ بِسِتْرٍ فِيهِ تَصاوِيرُ فَقُلْتُ لِعُبَيْدِ الله الخَوْلانِيِّ ألَمْ يُحَدِّثْنا فِي التَّصَاوِيرِ فَقَالَ إنَّهُ قَالَ إلاَّ رَقْمٌ فِي ثَوْبٍ ألاَ سَمِعْتَهُ.

قُلْتُ لَا قَالَ بَلى قَدْ ذَكَرَهُ.
.


أَحْمد هُوَ أَبُو صَالح الْمصْرِيّ، وَجزم بِهِ أَبُو نعيم،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: أَحْمد بن صَالح، أَو ابْن عِيسَى التسترِي، وَذكره فِي ( رجال الصَّحِيحَيْنِ) : أَحْمد، غير مَنْسُوب، يحدث عَن عبد الله بن وهب الْمصْرِيّ حدث عَنهُ البُخَارِيّ فِي غير مَوضِع من ( الْجَامِع) وَاخْتلفُوا فِي أَحْمد هَذَا، فَقَالَ قوم: إِنَّه أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن ابْن أخي ابْن وهب،.

     وَقَالَ  آخَرُونَ: إِنَّه أَحْمد بن صَالح أَو أَحْمد بن عِيسَى.

     وَقَالَ  أَبُو أَحْمد الْحَافِظ النَّيْسَابُورِي: أَحْمد عَن ابْن وهب هُوَ ابْن أخي ابْن وهب،.

     وَقَالَ  أَبُو عبد الله بن مَنْدَه: كلما قَالَ البُخَارِيّ فِي ( الْجَامِع) : حَدثنَا أَحْمد عَن ابْن وهب فَهُوَ ابْن صَالح الْمصْرِيّ، وَلم يخرج البُخَارِيّ عَن أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن فِي ( الصَّحِيح) شَيْئا وَإِذا حدث عَن أَحْمد بن عِيسَى نسبه، وَابْن وهب هُوَ عبد الله بن وهب الْمصْرِيّ، وَعَمْرو بِفَتْح الْعين هُوَ ابْن الْحَارِث الْمصْرِيّ، وَبُكَيْر، بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة: مصغر بكر بن الْأَشَج، بالشين الْمُعْجَمَة وبتشديد الْجِيم، وَقد مر فِي الْوضُوء، وَبسر، بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون السِّين الْمُهْملَة: ابْن سعيد مولى الْحَضْرَمِيّ من أهل الْمَدِينَة، وَزيد بن خَالِد الْجُهَنِيّ من مشاهير الصَّحَابَة، وَعبيد الله الْخَولَانِيّ هُوَ عبيد الله بن الْأسود، وَيُقَال: ابْن الْأسد الْخَولَانِيّ ربيب مَيْمُونَة زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي اللبَاس عَن قُتَيْبَة عَن اللَّيْث.
وَأخرجه مُسلم فِي اللبَاس عَن قُتَيْبَة بِهِ.
وَعَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن قُتَيْبَة بِهِ وَعَن عُثْمَان بن أبي شيبَة وَعَن وهب بن بَقِيَّة.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الزِّينَة عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَعَن عِيسَى بن حَمَّاد.

قَوْله: ( الأرقم) أصل الرقم الْكِتَابَة وَالصُّورَة غير الرقم،.

     وَقَالَ  ابْن الْأَثِير: الرقم النقش والوشم.
قَوْله: ( ألاَ سَمعته؟) كلمة: ألاَ، بِفَتْح الْهمزَة وَاللَّام المخففة، وَمَعْنَاهَا هَهُنَا الِاسْتِفْهَام عَن النَّفْي.
قَوْله: ( قلت: لَا) أَي: لم أسمعهُ قَالَ: بلَى، سمعته قد ذكره أَي: الحَدِيث.





[ قــ :3081 ... غــ :37 ]
- حدَّثنا يَحْيَى بنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حدَّثني ابنُ وَهْبٍ قَالَ حدَّثني عَمْرٌ وعنْ سالِمٍ عنْ أبِيهِ قَالَ وعَدَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جِبْرِيلُ فَقال إنَّا لَا نَدْخُلُ بَيْتاً فِيهِ صُورَةٌ وَلَا كلْبٌ.
( الحَدِيث 73 طرفه فِي: 0695) .


يحيى بن سُلَيْمَان أَبُو سعيد الْجعْفِيّ الْكُوفِي، سكن مصر، وَعَمْرو، بِفَتْح الْعين وبالواو كَذَا وَقع فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَظن بَعضهم أَنه عَمْرو بن الْحَارِث، وَهُوَ خطأ لِأَنَّهُ لم يدْرك سالما، وَالصَّوَاب: عمر، بِضَم الْعين وَبِغير وَاو، وَهُوَ: عمر ابْن مُحَمَّد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، وَكَذَا ثَبت فِي رِوَايَة الْكشميهني، وَكَذَا وَقع فِي اللبَاس عَن يحيى بن سُلَيْمَان بِهَذَا الْإِسْنَاد.
قَوْله: ( وعد النَّبِي) بِالنّصب، وَجِبْرِيل بِالرَّفْع فَاعله يَعْنِي وعد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أَن ينزل فَلم ينزل، فَسَأَلَهُ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عَن السَّبَب فَقَالَ: إِنَّا لَا ندخل بَيْتا فِيهِ صُورَة وَلَا كلب.





[ قــ :308 ... غــ :38 ]
- حدَّثنا إسْمَاعِيلُ قَالَ حدَّثني مالِكٌ عنْ سُمَيٍّ عنْ أبِي صالِحٍ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أنَّ رسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا قَالَ الإمامُ سَمِعَ الله لِمَنْ حَمِدَهُ فقُولُوا اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الحَمْدُ فإنَّهُ مَنْ وافَقَ قَوْله قَولَ المَلائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ.
( انْظُر الحَدِيث 697) .


إِسْمَاعِيل بن أبي أُويس، وَسمي، بِضَم السِّين الْمُهْملَة وَفتح الْمِيم وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف: مولى أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن ابْن الْحَارِث بن هِشَام بن الْمُغيرَة، وَأَبُو صَالح عبد الله بن ذكْوَان، والْحَدِيث مضى فِي كتاب الصَّلَاة فِي: بابُُ فضل أللهم رَبنَا وَلَك الْحَمد، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.





[ قــ :3085 ... غــ :331 ]
- حدَّثنا عبْدُ الله بنُ يُوسُفَ قَالَ أخبرَنا ابنُ وَهْبٍ قَالَ أخبرَنِي يُونُسُ عنِ ابنِ شِهَابٍ قَالَ حدَّثني عُرْوَةُ أنَّ عائِشةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهَا زَوْجَ النَّبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حدَّثَتْهُ أنَّها قَالَتْ لِلنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَلْ أتَى علَيْكَ يَوْمٌ كانَ أشَدَّ مِنَ يَوْمِ أُحُدٍ قَالَ لَقَدْ لَقِيتُ منْ قَوْمِكَ مَا لَقِيتُ وكانَ أشَدُّ مَا لَقِيتُ مِنْهُمْ يَوْمَ الْعُقَبَةِ إذْ عَرَضتُ نَفْسي علَى ابنِ عَبْدِ يالِيلَ بنِ عَبْدِ كُلاَلٍ فلَمْ يُجِبْني إِلَى مَا أرَدْتُ فانْطَلَقْتُ وأنَا مَهْمُومٌ علَى وَجْهِي فلَمْ أسْتَفِقِ إلاَّ وَأَنا بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ فرَفعْتُ رأسِي فإذَا أَنا بِسَحابَةٍ قدْ أظَلَّتْني فنظَرْتُ فَإِذا فِيها جِبرِيلُ فَنادَانِي فَقال إنَّ الله قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ وَمَا رَدُّوا علَيْكَ وقَدْ بَعثَ إلَيْكَ ملَكَ الجِبَالِ لِتَأمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ فَنَادَانِي ملَكُ الجِبَالِ فسَلَّمَ علَيَّ ثُمَّ قالَ يَا مُحَمَّدُ فَقَالَ ذالِكَ فِيما شِئْتَ إنْ شِئْتَ أنْ أُطِيقَ علَيْهِمْ الأخْشَبَيْنِ فَقَالَ النَّبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَلْ أرْجُو أنْ يُخْرِجَ الله من أصْلاَبِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ الله وحْدَهُ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً.
( الحَدِيث 133 طرفه فِي: 9837) .


الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي التَّوْحِيد عَن عبد الله بن يُوسُف أَيْضا.
وَأخرجه مُسلم فِي الْمَغَازِي عَن أبي الطَّاهِر ابْن السَّرْح وحرملة بن يحيى وَعَمْرو بن سَواد.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي النعوت عَن أبي الطَّاهِر بِهِ.

قَوْله: ( يَوْم أحد) هُوَ يَوْم غَزْوَة أحد، كَانَت فِي سنة ثَلَاث من الْهِجْرَة.
قَوْله: ( يَوْم الْعقبَة) هِيَ الَّتِي تنْسب إِلَيْهَا جَمْرَة الْعقبَة وَهِي بمنى.
قَوْله: ( إِذْ عرضت نَفسِي) أَي: حِين عرضت نَفسِي، كَانَ ذَلِك فِي شَوَّال فِي سنة عشر من المبعث، وَأَنه كَانَ بعد موت أبي طَالب وَخَدِيجَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، وَذكر مُوسَى بن عقبَة فِي ( الْمَغَازِي) : عَن ابْن شهَاب: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما مَاتَ أَبُو طَالب توجه إِلَى الطَّائِف رَجَاء أَن يؤوه فَعمد إِلَى ثَلَاثَة نفر من ثَقِيف وهم ساداتهم، وهم أخوة: عبد ياليل وحبِيب ومسعود بَنو عَمْرو، فَعرض عَلَيْهِم نَفسه وشكا إِلَيْهِم مَا انتهك مِنْهُ قومه، فَردُّوا عَلَيْهِ أقبح رد.
قَوْله: ( على ابْن عبد ياليل) ، بِالْيَاءِ آخر الْحُرُوف وَكسر اللَّام وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره لَام: ابْن عبد كلال، بِضَم الْكَاف وَتَخْفِيف اللَّام وَفِي آخِره لَام، وَاسم عبد ياليل: كنَانَة، وَيُقَال: مَسْعُود.
وَفِي ( الجمهرة) للكلبي: عبد ياليل بن عَمْرو بن عُمَيْر بن عَوْف بن عقدَة بن عفرَة بن عَوْف بن ثَقِيف، وَالْمَذْكُور هُنَا: أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عرض نَفسه على ابْن عبد ياليل وَالَّذِي فِي ( الْمَغَازِي) : أَن الَّذِي كَلمه هُوَ عبد ياليل نَفسه، وَعند أهل النّسَب أَن عبد كلال أَخُوهُ لَا أَبوهُ، وَكَانَ ابْن عبد ياليل من أكَابِر أهل الطَّائِف من ثَقِيف، وَقد روى عبد بن حميد فِي ( تَفْسِيره) : من طَرِيق ابْن أبي نجيح عَن مُجَاهِد فِي قَوْله تَعَالَى: { على رجل من القريتين عَظِيم} ( الزخرف: 13) .
قَالَ: نزلت فِي عتبَة بن ربيعَة وَابْن عبد ياليل الثَّقَفِيّ، وَعَن ابْن سعد: كَانَت إِقَامَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الطَّائِف عشرَة أَيَّام، وَذكر ابْن إِسْحَاق وَابْن عقبَة: أَن كنَانَة بن عبد يَا ليل وَفد مَعَ وَفد الطَّائِف سنة عشر فأسلموا، وَذكر أَبُو عمر فِي ( الصَّحَابَة) كَذَلِك، وَذكر المدايني: أَن الْوَفْد أَسْلمُوا إلاَّ كنَانَة، فَخرج إِلَى الرّوم وَمَات بهَا بعد ذَلِك، وَالله أعلم.
قَوْله: ( على وَجْهي) ، مُتَعَلق بقوله: انْطَلَقت، أَي على الْجِهَة المواجهة لي.
قَوْله: ( بقرن الثعالب) جمع الثَّعْلَب الْحَيَوَان الْمَشْهُور، وَهُوَ مَوضِع بِقرب مَكَّة،.

     وَقَالَ  النَّوَوِيّ: هُوَ مِيقَات أهل نجد، وَيُقَال لَهُ: قرن الْمنَازل، بِفَتْح الْمِيم، وَيُقَال: هُوَ على مرحلَتَيْنِ من مَكَّة، وأصل الْقرن كل جبل صَغِير مُنْقَطع من جبل كَبِير،.

     وَقَالَ  عِيَاض: يُقَال فِيهِ: قرن، غير مُضَاف على يَوْم وَلَيْلَة من مَكَّة، قَالَ: وَرَوَاهُ بَعضهم بِفَتْح الرَّاء وَهُوَ غلط،.

     وَقَالَ  الْقَابِسِيّ: من سكن الرَّاء أَرَادَ الْجَبَل المشرف على الْموضع، وَمن فتحهَا أَرَادَ الطَّرِيق الَّذِي يتفرق مِنْهُ، فَإِنَّهُ مَوضِع فِيهِ طرق مُتَفَرِّقَة.
قَوْله: ( ملك الْجبَال) ، أَي: بعث الله إِلَيْك ملك الْجبَال، وَهُوَ الْملك الَّذِي سخر الله لَهُ الْجبَال وَجعل أمرهَا بِيَدِهِ.
قَوْله: ( ذَلِك) ، مُبْتَدأ وَخَبره مَحْذُوف أَي: ذَلِك كَمَا قَالَ جِبْرِيل، أَو كَمَا سَمِعت مِنْهُ، أَو الْمُبْتَدَأ مَحْذُوف، أَي: الْأَمر ذَلِك.
قَوْله: ( فِيمَا شِئْت؟) كلمة مَا، فِيهِ استفهامية وَجَزَاء قَوْله: ( إِن شِئْت) مُقَدّر أَي: إِن شِئْت لفَعَلت.
قَوْله: ( ذَلِك فِيمَا شِئْت إِن شِئْت) كَذَا هُوَ فِي رِوَايَة أبي ذَر عَن شَيْخه، وروى عَن الْكشميهني مثله إلاَّ أَنه قَالَ: فَمَا شِئْت، وروى الطَّبَرَانِيّ عَن مِقْدَام بن دَاوُد عَن عبد الله بن يُوسُف شيخ البُخَارِيّ فَقَالَ: يَا مُحَمَّد إِن الله بَعَثَنِي إِلَيْك وَأَنا ملك الْجبَال لتأمرني بِأَمْرك، فَمَا شِئْت إِن شِئْت.
قَوْله: ( أَن أطبق) أَي: بِأَن أطبق، و: أَن، مَصْدَرِيَّة تَقْدِيره: لفَعَلت بإطباق الأخشبين عَلَيْهِم، والأخشبان بِالْخَاءِ والشين المعجمتين هما جبلا مَكَّة: أَبُو قبيس وَالَّذِي يُقَابله قيقعان،.

     وَقَالَ  الصغاني: بل هُوَ الْجَبَل الْأَحْمَر الَّذِي يشرف عَليّ قيقعان، وَوهم من قَالَ: ثَوْر.
قلت: الَّذِي قَالَ: الأخشبان: أَبُو قبيس وثور، هُوَ الْكرْمَانِي، وسميا بذلك لصلابتهما وَغلظ حجارتهما، يُقَال: رجل أخشب إِذا كَانَ صلب الْعِظَام عاري اللَّحْم، وَالْمرَاد من قَوْله: أَن أطبق عَلَيْهِم: أَن يلتقيا على من بِمَكَّة فيصيران كطبق وَاحِد عَلَيْهِم.
قَوْله: ( بل أَرْجُو) كَذَا هُوَ فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: أَنا أَرْجُو.
قَوْله: ( أَن يخرج الله) ، بِضَم الْيَاء من الْإِخْرَاج.
قَوْله: ( من يعبد الله) فِي مَحل النصب لِأَنَّهُ مفعول: يخرج.
قَوْله: ( يعبد الله) أَي: يوحده.
قَوْله: ( لَا يُشْرك بِهِ شَيْئا) تَفْسِيره.





[ قــ :3086 ... غــ :33 ]
- حدَّثنا قُتَيْبَةُ قَالَ حدَّثنا أَبُو عَوَانَةَ قَالَ حدَّثنا أبُو إسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ قَالَ سألْتُ زرَّ ابنَ حُبَيْشٍ عَنْ قَوْلِ الله تَعَالَى { فَكانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أوْ أدْنَى فأوْحاى إِلَى عَبْدِهِ مَا أوْحاى} (النَّجْم: 9، 01) .
قَالَ حدَّثنا ابنُ مَسْعُودٍ أنَّهُ رَأى جِبْرِيلَ لَهُ سِتُّمِائَةِ جَناحٍ.

أَبُو عوَانَة بِفَتْح الْعين الوضاح بن عبد الله الْيَشْكُرِي، وَأَبُو إِسْحَاق الشَّيْبَانِيّ اسْمه سُلَيْمَان بن أبي سُلَيْمَان، واسْمه فَيْرُوز الْكُوفِي، وزر، بِكَسْر الزَّاي وَتَشْديد الرَّاء: ابْن حُبَيْش، بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره شين مُعْجمَة: الْأَسدي الْكُوفِي مَاتَ سنة اثْنَيْنِ وَثَمَانِينَ.
قَوْله: { (قاب قوسين} (والنجم: 9) .
أَي: قدر قوسين.
قَوْله: (حَدثنَا ابْن مَسْعُود) أَي: عبد الله بن مَسْعُود، ويروى: قَالَ لي ابْن مَسْعُود.
قَوْله: (أَنه) أَي: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَسَيَأْتِي الْكَلَام فِي سُورَة: والنجم، مَبْسُوطا، إِن شَاءَ الله تَعَالَى.





[ قــ :3088 ... غــ :334 ]
- حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الله بنِ إسْمَاعِيلَ قَالَ حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الله الأنْصَارِيُّ عنِ ابنِ عَوْنٍ أنْبَأنَا الْقَاسِمُ عنْ عائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهَا قالَتْ مَنْ زَعَمَ أنَّ مُحَمَّداً رَأى رَبَّهُ فَقدْ أعْظَمَ ولَكِنْ قدْ رأى جِبْرِيلَ فِي صُورَتِهِ وخَلْقِهِ سَادًّا مَا بَيْنَ الأفُقِ.
.


مُحَمَّد بن عبد الله شَيْخه من أَفْرَاده، وَمُحَمّد بن عبد الله بن الْمثنى بن عبد الله بن أنس بن مَالك الْأنْصَارِيّ الْبَصْرِيّ، وَابْن عون هُوَ عبد الله بن عون بن أرطبان أَبُو عون الْمُزنِيّ الْبَصْرِيّ، وَالقَاسِم بن مُحَمَّد بن أبي بكر الصّديق، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم.

قَوْله: ( فقد أعظم) أَي: دخل فِي أَمر عَظِيم، ومفعوله مَحْذُوف.
قَوْله: ( فِي صورته) ، أَي: فِي هَيئته وَحَقِيقَته.
قَوْله: ( وخلقه) أَي: خلقته الَّتِي خلق عَلَيْهَا.
قَوْله: ( سَادًّا) نصب على الْحَال من جِبْرِيل أَي: مطبقاً بَين أفق السَّمَاء.
.

     وَقَالَ  أَحْمد بِإِسْنَادِهِ عَن أبي وَائِل عَن ابْن مَسْعُود، قَالَ: رأى رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، جِبْرِيل فِي صورته وَله سِتّمائَة جنَاح، كل جنَاح مِنْهَا قد سد الْأُفق، يسْقط من جنَاحه من التهاويل والدر والياقوت مَا الله بِهِ عليم، والتهاويل: الألوان الْمُخْتَلفَة.
.

     وَقَالَ  ابْن الْكَلْبِيّ: سَأَلَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، جِبْرِيل أَن يَأْتِيهِ فِي صورته الَّتِي خلقه الله عَلَيْهَا، فَقَالَ لَهُ: لَا تَسْتَطِيع أَن تثبت، فَقَالَ: بلَى، فَظهر لَهُ فِي سِتّمائَة جنَاح سد الْأُفق جنَاح مِنْهَا، فشاهد رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أمرا عَظِيما فَصعِقَ، وَذَلِكَ معنى قَوْله تَعَالَى: { وَلَقَد رَآهُ نزلة أُخْرَى} ( النَّجْم: 31) .
وَقد ثَبت أَن جِبْرِيل، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، كَانَ يَأْتِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي صُورَة دحْيَة الْكَلْبِيّ، وَتارَة كَانَ يَأْتِيهِ فِي صُورَة أَعْرَابِي، وَأَتَاهُ مرَّتَيْنِ فِي صورته الَّتِي خلق عَلَيْهَا، مرّة منهبطاً من السَّمَاء، وَمرَّة عِنْد سِدْرَة الْمُنْتَهى، وَجِبْرِيل هُوَ أَمِين الْوَحْي وخازن الْقُدس، وَيُقَال لَهُ: الرّوح الْأمين، وروح الْقُدس، والناموس الْأَكْبَر، وطاووس الْمَلَائِكَة.
وَمعنى: جبر: عبد، وأيل: اسْم من أَسمَاء الله تَعَالَى، وَمَعْنَاهُ: عبد الله، وَفِيه أَرْبَعَة عشر لُغَة ذكرتها فِي ( التَّارِيخ الْكَبِير) فِي: فضل خلق الْمَلَائِكَة.

ثمَّ اعْلَم أَن إِنْكَار عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، الرُّؤْيَة لم تذكرها رِوَايَة، إِذْ لَو كَانَ مَعهَا رِوَايَة فِيهِ لذكرته، وَإِنَّمَا اعتمدت على الاستنباط من الْآيَات، وَهُوَ مَشْهُور قَول ابْن مَسْعُود، وَعَن أبي هُرَيْرَة مثلهَا، وَعَن ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا: أَنه رَآهُ بِعَيْنِه، رُوِيَ ذَلِك عَنهُ بطرق، وروى ابْن مرْدَوَيْه فِي ( تَفْسِيره) عَن الضَّحَّاك وَعِكْرِمَة عَنهُ فِي حَدِيث طَوِيل، وَفِيه: فَلَمَّا أكرمني رَبِّي بِرُؤْيَتِهِ بِأَن أثبت بَصرِي فِي قلبِي أجد بَصرِي لنوره نور الْعَرْش، وروى اللالكائي من حَدِيث حَمَّاد ابْن سَلمَة عَن قَتَادَة عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا: رَأَيْت رَبِّي، عز وَجل، وَمن حَدِيث أبي هُرَيْرَة، قَالَ: رَأَيْت رَبِّي، عز وَجل ... الحَدِيث.
وَذكر ابْن إِسْحَاق: أَن ابْن عمر أرسل إِلَى ابْن عَبَّاس يسْأَله: هَل رأى رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ربه؟ فَقَالَ: نعم، وَالْأَشْهر عَنهُ أَنه رَآهُ بِعَيْنيهِ، وَرُوِيَ عَنهُ: أَن الله تَعَالَى اخْتصَّ مُوسَى، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، بالْكلَام، وَإِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، بالخلة ومحمدا بِالرُّؤْيَةِ.

     وَقَالَ  الْمَاوَرْدِيّ قيل إِن الله قسم كَلَامه ورؤيته بَين مُحَمَّد ومُوسَى عَلَيْهِمَا الصَّلَاة وَالسَّلَام فَرَآهُ مُحَمَّد مرَّتَيْنِ، وَكلمَة مُوسَى مرَّتَيْنِ، وَحكى أَبُو الْفَتْح الرَّازِيّ وَأَبُو اللَّيْث السَّمرقَنْدِي هَذِه الْحِكَايَة عَن كَعْب وَحكى عبد الرَّزَّاق عَن الْحسن أَنه كَانَ يحلف بِاللَّه لقد رأى مُحَمَّد ربه، وَحكى النقاش عَن أَحْمد: أَنا أَقُول بِحَدِيث ابْن عَبَّاس: بِعَيْنِه رَآهُ حَتَّى انْقَطع نفس أَحْمد.
.

     وَقَالَ  الْأَشْعَرِيّ وَجَمَاعَة من أَصْحَابه: أَنه رره ببصره وعيني رَأسه.
.

     وَقَالَ : كل آيَة أوتيها نَبِي من الْأَنْبِيَاء فقد أُوتِيَ مثلهَا نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَخص من بَينهم بتفضيل الرُّؤْيَة.

فَإِن قلت: قَالَ الله تَعَالَى: { لَا تُدْرِكهُ الْأَبْصَار} ( الْأَنْعَام: 301) .
.

     وَقَالَ : { لن تراني} ( الْأَعْرَاف: 341) .
قلت: المُرَاد بالإدراك الْإِحَاطَة وَنفي الْإِحَاطَة لَا يسْتَلْزم نفي نفس الرُّؤْيَة، وَعَن ابْن عَبَّاس: لَا يُحِيط بِهِ، وَنحن نقُول بِهِ، وَقيل: لَا تُدْرِكهُ أبصار الْكفَّار، وَقيل: لَا تُدْرِكهُ الْأَبْصَار، وَإِنَّمَا يُدْرِكهُ المبصرون، وَلَيْسَ فِي الشَّرْع دَلِيل قَاطع على اسْتِحَالَة الرُّؤْيَة وَلَا امتناعها، إِذْ كل مَوْجُود فرؤيته جَائِزَة غير مستحيلة.
وَأما قَوْله: { لن تراني} ( الْأَعْرَاف: 341) .
فَمَعْنَاه: فِي الدُّنْيَا، وَذكر القَاضِي أَبُو بكر أَن مُوسَى، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، رأى ربه، فَلذَلِك صعق، وَأَن الْجَبَل رأى ربه فَلذَلِك صَار دكاً، استنبطه من قَوْله: { وَلَكِن انْظُر إِلَى الْجَبَل فَإِن اسْتَقر مَكَانَهُ فَسَوف تراني} ( الْأَعْرَاف: 341) .
ثمَّ قَالَ: { فَلَمَّا تجلى ربه للجبل جعله دكاً وخر مُوسَى صعقاً} ( الْأَعْرَاف: 341) .
فَرَآهُ الْجَبَل فَصَارَ دكا، وَرَآهُ مُوسَى، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، فَصعِقَ.





[ قــ :3089 ... غــ :335 ]
- حدَّثني مُحَمَّدُ بنُ يُوسُفَ قَالَ حدَّثنا أبُو أُسَامَةَ قَالَ حدَّثنا زَكَرِيَّاءُ بنُ أبِي زَائِدَةَ عنِ ابنِ الأشْوَعِ عنِ الشَّعْبِيِّ عنْ مَسْرُوقٍ قَالَ.

قُلْتُ لِ عَائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهَا فأيْنَ .

     قَوْلُهُ  { ثُمَّ دَنا فتَدَلَّى فَكانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أوْ أدْنَى} ( النَّجْم: 8 9) .
قالَتْ ذااكَ جِبْرِيلُ كانَ يأتِيهِ فِي صُورَةِ الرَّجُلِ وإنَّهُ أتاهُ هاذِهِ المَرَّةَ فِي صُورَتهِ الَّتِي هِيَ صُورَتُهُ فسَدَّ الأُفُقَ.
.


مُحَمَّد بن يُوسُف هَذَا هُوَ أَبُو أَحْمد البُخَارِيّ البيكندي، وَقد جزم بِهِ أَبُو عَليّ الجياني، وَأَبُو أُسَامَة حَمَّاد بن أُسَامَة، وَابْن الأشوع، بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة وَفتح الْوَاو وَفِي آخِره عين مُهْملَة: واسْمه سعيد بن عَمْرو بن أَشوع نسب إِلَى جده، وَالشعْبِيّ عَامر بن شرَاحِيل، ومسروق بن الأجدع.

والْحَدِيث مُسلم فِي الْإِيمَان عَن مُحَمَّد بن عبد الله ابْن نمير عَن أبي أُسَامَة نَحوه.

قَوْله: ( فَأَيْنَ قَوْله) وَمعنى الْفَاء هُنَا: إِذا أنْكرت رُؤْيَته فَمَا معنى قَوْله: { ثمَّ دنا فَتَدَلَّى} ( النَّجْم: 8 9) .
فَقَالَت: المُرَاد بِهِ قربه من جِبْرِيل، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام.
فَإِن قلت: ملاقاة جِبْرِيل، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، كَانَت دائمة.
قلت: لجبريل صُورَة خَاصَّة خلق عَلَيْهَا لم يره رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فِي تِلْكَ الصُّورَة الخلقية إلاَّ هَذِه الْمرة، وَمرَّة أُخْرَى، وَقد ذَكرْنَاهُ عَن قريب.





[ قــ :3090 ... غــ :336 ]
- حدَّثنا مُوساى قَالَ حدَّثنا جَريرٌ قَالَ حدَّثنا أبُو رَجاءٍ عنْ سَمُرَةَ قَالَ قَالَ النَّبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رأيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أتَيانِي قالاَ الَّذِي يُوقِدُ النَّارَ مالِكٌ خازِنُ النَّارِ وَأنَا جِبْرِيلُ وهاذَا ميكَائيلُ.
.

مُوسَى هُوَ ابْن إِسْمَاعِيل التَّبُوذَكِي، وَجَرِير بِفَتْح الْجِيم هُوَ ابْن حَازِم بن زيد أَبُو النَّصْر الْأَزْدِيّ الْبَصْرِيّ، وَأَبُو رَجَاء اسْمه عمرَان بن ملْحَان، وَيُقَال: ابْن تيم، وَيُقَال: ابْن عبد الله العطاردي الْبَصْرِيّ، أدْرك زمن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يره، وَأسلم بعد الْفَتْح، وأتى عَلَيْهِ مائَة وَعِشْرُونَ سنة.
وَقيل: أَكثر من ذَلِك.
والْحَدِيث مضى فِي كتاب الْجَنَائِز فِي بابُُ مُجَرّد بعد: بابُُ مَا قيل فِي أَوْلَاد الْمُشْركين، مطولا بِعَين هَذَا الْإِسْنَاد.