فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب صفة إبليس وجنوده

( بابُُ صِفَةِ إبْلِيسَ وجُنُودِهِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان صفة إِبْلِيس، وَفِي بَيَان جُنُوده.
وَالْكَلَام فِي صفته وَحَقِيقَة أمره على أَنْوَاع:
الأول فِي اسْمه: هَل هُوَ مُشْتَقّ أَو لَا؟ فَقَالَ جمَاعَة: هُوَ اسْم أعجمي، وَلِهَذَا منع من الصّرْف للعلمية والعجمة،.

     وَقَالَ  ابْن الْأَنْبَارِي: لَو كَانَ عَرَبيا لصرف كإكليل،.

     وَقَالَ  الطَّبَرِيّ: إِنَّمَا لم يصرف وَإِن كَانَ عَرَبيا لقلَّة نَظِيره فِي كَلَام الْعَرَب، فشبهوه بالعجمي، وَهَذَا فِيهِ نظر، لِأَن كَون قلَّة نَظِيره فِي كَلَام الْعَرَب لَيْسَ عِلّة من الْعِلَل الْمَانِعَة لاسم من الصّرْف،.

     وَقَالَ  قوم: هُوَ اسْم عَرَبِيّ مُشْتَقّ من: أبلس، إِذا يئس.
.

     وَقَالَ  الْجَوْهَرِي: أبلس من رَحْمَة الله إِذا يئس، وَمِنْه سمي إِبْلِيس، وَكَانَ اسْمه: عزازيل، قيل: من ادّعى أَنه عَرَبِيّ فقد غلط وَوَجهه مَا ذَكرْنَاهُ، وَلَكِن روى الطَّبَرِيّ عَن ابْن أبي الدُّنْيَا عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: كَانَ اسْم إِبْلِيس حَيْثُ كَانَ عِنْد الْمَلَائِكَة عزازيل، ثمَّ أبلس بعد، وَهَذَا يُؤَيّد قَول من ادّعى أَنه عَرَبِيّ، وَعَن ابْن عَبَّاس: أَن اسْمه الْحَارِث.
وَأما كنيته، فَقيل: كَانَت كنيته أَبَا مرّة، وَقيل: أَبُو الْعُمر، وَقيل: أَبُو كرْدُوس.

النَّوْع الثَّانِي: فِي بَيَان أصل خلقه روى الطَّبَرِيّ من حَدِيث حجاج عَن ابْن جريج عَن صَالح مولى التؤمة وَشريك عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن من الْمَلَائِكَة قَبيلَة من الْجِنّ، وَكَانَ إِبْلِيس مِنْهَا، وَعَن ابْن عَبَّاس: سمي قَبيلَة الْجِنّ لأَنهم خزان الْجنَّة، وَعَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: إِبْلِيس حَيّ من أَحيَاء الْمَلَائِكَة، يُقَال لَهُم: الْجِنّ، خلقُوا من نَار السمُوم، وخلقت الْمَلَائِكَة كلهم من النُّور غير هَذَا الْحَيّ.
وَعَن الْحسن الْبَصْرِيّ: إِنَّه من الشَّيَاطِين، وَلم يكن من الْمَلَائِكَة قطّ، وَاحْتج بقوله تَعَالَى: { إلاَّ إِبْلِيس كَانَ من الْجِنّ} ( الْكَهْف: 05) .
.

     وَقَالَ  مقَاتل: لَا من الْمَلَائِكَة وَلَا من الْجِنّ، بل هُوَ خلق مُنْفَردا من النَّار كَمَا خلق آدم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، من الطين.
.

     وَقَالَ  شهر بن حَوْشَب: كَانَ إِبْلِيس من الْجِنّ الَّذين يعْملُونَ فِي الأَرْض الْفساد، فَأسرهُ بعض الْمَلَائِكَة فَذهب بِهِ إِلَى السَّمَاء، وَيُقَال: كَانَ نوع من الْجِنّ سكان الأَرْض، وَكَانَ فيهم الْملك والنبوة وَالدّين والشريعة، فاستمروا على ذَلِك مُدَّة، ثمَّ طغوا وأفسدوا وجحدوا الربوبية وسفكوا الدِّمَاء، فَأرْسل الله إِلَيْهِم جنداً من السَّمَاء فَقَاتلُوا مَعَهم قتالاً شَدِيدا فطردهم إِلَى جزائر الْبَحْر، وأسروا مِنْهُم خلقا كثيرا، وَكَانَ فِيمَن أسر: عزازيل، وَهُوَ إِذْ ذَاك صبي، وَنَشَأ مَعَ الْمَلَائِكَة وَتكلم بكلامهم وَتعلم من علمهمْ، وَأخذ يسوسهم وطالت أَيَّامه حَتَّى صَار رَئِيسا فيهم حَتَّى أَرَادَ الله تَعَالَى خلق آدم، وَاتفقَ لَهُ مَا اتّفق.
وروى عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس، أَنه قَالَ: إِبْلِيس أصل الجان وَالشَّيَاطِين، وَهُوَ أَبُو الْكل، وروى مُجَاهِد عَنهُ أَنه قَالَ: الجان أَبُو الْجِنّ كلهم، كَمَا أَن آدم أَبُو الْبشر.

النَّوْع الثَّالِث: فِي حَده وَصفته: أما حَده: فَمَا ذكره الْمَاوَرْدِيّ فِي ( تَفْسِيره) هُوَ شخص روحاني خلق من نَار السمُوم، وَهُوَ أَبُو الشَّيَاطِين، وَقد ركبت فيهم الشَّهَوَات، مُشْتَقّ من الإبلاس وَهُوَ الْيَأْس من الْخَيْر.
وَأما صفته: فَمَا قَالَه الطَّبَرِيّ: كَانَ الله قد حسن خلقه وشرفه وَكَرمه وَملكه على سَمَاء الدُّنْيَا وَالْأَرْض، وَجعله مَعَ ذَلِك من خَزَائِن الْجنَّة، فاستكبر على الله تَعَالَى وَادّعى الربوبية، ودعا من كَانَ تَحت يَده إِلَى طَاعَته وعبادته، فمسخه الله شَيْطَانا رجيماً، وشوه خلقه وسلبه مَا كَانَ خوله، ولعنه وطرده عَن سماواته فِي العاجل، ثمَّ جعل مَسْكَنه ومسكن شيعته وَأَتْبَاعه فِي الْآخِرَة نَار جَهَنَّم.
انْتهى.
وَكَانَ يُقَال لَهُ: طَاوس الْمَلَائِكَة لحسنه، ثمَّ مسخه الله تَعَالَى.
.

     وَقَالَ  عبد الْملك بن أَحْمد بِإِسْنَادِهِ عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: كَانَ إِبْلِيس يَأْتِي يحيى بن زَكَرِيَّا، عَلَيْهِمَا الصَّلَاة وَالسَّلَام، طَمَعا أَن يفتنه، وَعرف ذَلِك يحيى مِنْهُ، وَكَانَ يَأْتِيهِ فِي صور شَتَّى، فَقَالَ لَهُ: أحب أَن تَأتِينِي فِي صُورَتك الَّتِي أَنْت عَلَيْهَا، فَأَتَاهُ فِيهَا فَإِذا هُوَ مُشَوه الْخلق كريه المنظر، جسده جَسَد خِنْزِير وَوَجهه وَجه قرد وَعَيناهُ مشقوقتان طولا وأسنانه كلهَا عظم وَاحِد وَلَيْسَ لَهُ لحية ويداه فِي مَنْكِبَيْه وَله يدان آخرَانِ فِي جانبيه وأصابعه خلقَة وَاحِدَة وَعَلِيهِ لِبَاس الْمَجُوس وَالْيَهُود وَالنَّصَارَى، وَفِي وَسطه منْطقَة من جُلُود السبَاع، فِيهَا كيزان معلقَة وَعَلِيهِ جلاجل، وَفِي يَده جرس عَظِيم وعَلى رَأسه بَيْضَة من حَدِيدَة معوجة كالخطاف، فَقَالَ يحيى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَيحك مَا الَّذِي شوه خلقتك؟ فَقَالَ: كنت طَاوس الْمَلَائِكَة فعصيت الله فمسخني فِي أخس صُورَة، وَهِي مَا ترى.
قَالَ: فَمَا هَذِه الكيزان؟ قَالَ: شهوات بني آدم.
قَالَ: فَمَا هَذِه الجرس؟ قَالَ: صَوت المعازف وَالنوح، قَالَ: فَمَا هَذِه الخطاطيف؟ قَالَ: أخطف بهَا عُقُولهمْ.
قَالَ: فَأَيْنَ تسكن؟ قَالَ: فِي صُدُورهمْ وَأجْرِي فِي عروقهم، قَالَ: فَمَا الَّذِي يعصمهم مِنْك؟ قَالَ: بغض الدُّنْيَا وَحب الْآخِرَة.

النَّوْع الرَّابِع: فِي أَوْلَاده وَجُنُوده.
وروى مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: بلغنَا أَن لإبليس أَوْلَادًا كثيرين، واعتماده على خَمْسَة مِنْهُم: شبر والأعور ومسوط وداسم وزلنبور،.

     وَقَالَ  مقَاتل: لإبليس ألف ولد ينْكح نَفسه ويلد ويبيض كل يَوْم مَا أَرَادَ، وَمن أَوْلَاده: الْمَذْهَب وخنزب وهفاف وَمرَّة والولهان والمتقاضي، وَجعل كل وَاحِد مِنْهُم على أَمر ذكرته فِي ( تاريخي الْكَبِير) وَمن ذُريَّته: الأقنص وَهَامة بن الأقنص ويلزون وَهُوَ الْمُوكل بالأسواق وَأمه طرطية، وَيُقَال: بل هِيَ حاضنتهم، ذكره النقاش، قَالُوا: باضت ثَلَاثِينَ بَيْضَة: عشرَة بالشرق، وَعشرَة بالمغرب، وَعشرَة فِي وسط الأَرْض، وَأَنه خرج من كل بيض جنس من الشَّيَاطِين كالعفاريت والغيلان والحيات، وأسماؤهم مُخْتَلفَة كلهم عَدو لبني آدم، أعاذنا الله من شرهم، وَله جنود يرسلهم إِلَى إضلال بني آدم، وَقد روى ابْن حبَان وَالْحَاكِم وَالطَّبَرَانِيّ من حَدِيث أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ مَرْفُوعا، قَالَ: إِذا أصبح إِبْلِيس يبْعَث جُنُوده، فَيَقُول: من أضلّ مُسلما ألبسته التَّاج الحَدِيث، وروى مُسلم من حَدِيث جَابر: سَمِعت رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: عرش إِبْلِيس على الْبَحْر، فيبعث سراياه فيفتنون النَّاس، فأعظمهم عِنْده أعظمهم فتْنَة.

وَقَالَ مُجَاهِدٌ يُقْذَفُونَ يُرْمَوْنَ: دُحورَاً مَطْرُودِينَ
أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: { ويقذفون من كل جَانب دحوراً وَلَهُم عَذَاب واصب} ( الصافات: 8 9) .
وَفسّر يقذفون بقوله: يرْمونَ، ودحوراً بقوله: مطرودين، كَأَنَّهُ جعل الْمصدر بِمَعْنى الْمَفْعُول جمعا، وَقد فسره عبد بن حميد من طَرِيق ابْن أبي نجيح عَن مُجَاهِد كَذَلِك.

وِاصِبٌ دَائِمٌ
أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: { وَلَهُم عَذَاب واصب} ( الصافات: 9) .
وَفسّر الواصب بقوله: دَائِم، وَقد ذكره البُخَارِيّ وَمَا بعده اتِّفَاقًا واستطراداً.

وَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ مَدْحُورَاً مَطْرُودَاً
أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: { فَتلقى فِي جَهَنَّم ملوماً مَدْحُورًا} ( الْإِسْرَاء: 93) .
وَوصل هَذَا التَّعْلِيق الطَّبَرِيّ من طَرِيق عَليّ بن أبي طَلْحَة عَنهُ، والمدحور مفعول من الدَّحْر، وَهُوَ الدّفع والإبعار من قَوْلك: دحرته أدحره دحراً ودحوراً.
وَفِي ( تَفْسِير عبد بن حميد) : عَن قَتَادَة: دحوراً: قذفا فِي النَّار.

يُقالُ مَرِيداً مُتَمَرِّدَاً
أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: { وَإِن يدعونَ إلاَّ شَيْطَانا مرِيدا} ( النِّسَاء: 711) .
وَفسّر مرِيدا بقوله: متمرداً.
بَتَّكَهُ قَطَعَهُ
أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: { ولآمرنَّهُم فليبتكن آذان الْأَنْعَام} ( النِّسَاء: 911) .
أَي: ليقطعن، وَفسّر: بتكه، بِمَعْنى: قطعه.

     وَقَالَ  قَتَادَة: يَعْنِي الْبحيرَة.
وَهِي إِذا نتجت خَمْسَة أبطن، وَكَانَ آخرهَا ذكرا شَقوا أذنها، وَلم ينتفعوا بهَا، وَالتَّقْدِير: ولآمرنهم بتبتيك آذانهن، وليبتكنها.

واسْتَفْزِزْ اسْتَخِفَّ بِخَيْلِكَ الفُرْسَانُ والرَّجْلُ الرَّجَّالَّةُ واحِدُها رَاجِلٌ مِثْلُ صاحِب وصَحْبٍ وتاجِرٍ وتَجْر
أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: { واستفزز من اسْتَطَعْت مِنْهُم بصوتك، واجلب عَلَيْهِم بخيلك ورجلك} ( الْإِسْرَاء: 46) .
وَفسّر قَوْله: استفزز، بقوله: استخف، وَيُرِيد بالصوت الْغناء والمزامير، وَفسّر الْخَيل بالفرسان، وَفسّر الرجل بِفَتْح الرَّاء وَسُكُون الْجِيم بالرجالة بِفَتْح الرَّاء وَتَشْديد الْجِيم، ثمَّ قَالَ وَاحِد الرجالة راجل، وَمثله بقوله: صَاحب وَصَحب، فَإِن الصحب جمع صَاحب والتجر، بِفَتْح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق: جمع تَاجر،.

     وَقَالَ  ابْن عَبَّاس: كل خيل سَارَتْ فِي مَعْصِيّة، وكل رجل مشت فِيهَا وكل مَا أُصِيب من حرَام فَهُوَ للشَّيْطَان،.

     وَقَالَ  غَيره: مشاركته فِي الْأَمْوَال الْبحيرَة والسائبة، وَفِي الْأَوْلَاد عِنْد الْغَزْو وَعند الحروب.

لأحْتَنِكَنَّ: لأَستَأصِلَنَّ
أَشَارَ بِهَذَا إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: { لأحتنكن ذُريَّته إلاَّ قَلِيلا} ( الْإِسْرَاء: 26) .
وَفسّر: لأحتنكنَّ، بقوله: لأستأصلنَّ من الاستئصال.

قَرِينٌ شَيْطَانٌ
أَشَارَ بِهَذَا إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: { فَهُوَ لَهُ قرين} ( الزخرف: 63) .
وَفسّر القرين بالشيطان، وَفَسرهُ مُجَاهِد كَذَلِك.



[ قــ :3121 ... غــ :3268 ]
- حدَّثنا إبْرَاهِيمُ بنُ مُوسَى قَالَ أخْبَرَنا عِيسَى عنْ هِشامٍ عنْ أبِيهِ عنْ عائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا قالَتْ سُحِرَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.

     وَقَالَ  اللَّيْثُ كَتَبَ إلَيَّ هِشامٌ أنَّهُ سَمِعَهُ ووَعَاهُ عنْ أبِيهِ عنْ عائِشَةَ قالَتْ سُحِرَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حتَّى كانَ يُخَيَّلُ إلَيْهِ أنَّهُ يَفْعَلُ الشَّيْءَ وَمَا يَفْعَلُهُ حتَّى كانَ ذَاتَ يَوْمٍ دَعَا ودَعا ثُمَّ قَالَ أشَعَرْتِ أنَّ الله أفْتَانِي فِيما فِيهِ شِفَائِي أتَانِي رَجُلان فَقَعَدَ أحَدُهُمَا عِنْدَ رأسِي والآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ فقالَ أحَدُهُمَا لِلآخَرِ مَا وَجَعُ الرَّجُلِ قَالَ مَطْبُوبٌ قَالَ وَمَنْ طَبَّهُ قَالَ لَبِيدُ بنُ الأعْصَمِ قَالَ فِيما ذَا قَالَ فِي مُشْطٍ ومُشَاقَةٍ وجُفَّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ قَالَ فأيْنَ هُوَ قَالَ فِي بِئْرِ ذَرَوانَ فخَرَجَ إلَيْهَا النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لِعَائِشَةَ حِينَ رَجَعَ نَخْلُهَا كأنَّهَا رُؤُوسُ الشَّيَاطِينَ فَقُلْتُ اسْتَخْرَجتْهُ فَقَالَ لَا أمَّا أنَا فَقَدْ شَفَانِي الله وَخَشِيتُ أنْ يُثِيرَ ذَلِكَ علَى النَّاسِ شَرَّاً ثُمَّ دُفِنَتِ الْبِئْرُ.
.


وَجه مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن السحر إِنَّمَا يتم باستعانة الشَّيْطَان على ذَلِك، وَهِي من جملَة صِفَاته القبيحة.
وَإِبْرَاهِيم ابْن مُوسَى بن يزِيد الْفراء أَبُو إِسْحَاق الرَّازِيّ، يعرف بالصغير، وَعِيسَى هُوَ ابْن يُونُس بن أبي إِسْحَاق السبيعِي، وَهِشَام هُوَ ابْن عُرْوَة بن الزبير بن الْعَوام، يروي عَن أَبِيه عَن عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الطِّبّ عَن إِبْرَاهِيم ابْن مُوسَى عَن عِيسَى.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الطِّبّ عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم عَن عِيسَى بن يُونُس نَحوه.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: ( وَقَالَ اللَّيْث) ، هُوَ اللَّيْث بن سعد، رَحمَه الله، هَذَا التَّعْلِيق وَصله أَبُو بكر عبد الله بن دَاوُد عَن عِيسَى ابْن حَمَّاد النجيبي الْمصْرِيّ عَن اللَّيْث.
قَوْله: ( ووعاه) ، أَي: حفظه.
قَوْله: ( يخيل) ، على صِيغَة الْمَجْهُول من تخيل الشَّيْء كَذَا وَلَيْسَ كَذَلِك، وَأَصله الظَّن.
قَوْله: ( ذَات يَوْم) إِنَّمَا لم يتَصَرَّف لِأَن إضافتها من قبيل إِضَافَة الْمُسَمّى إِلَى الِاسْم، لِأَن معنى: كَانَ ذَات يَوْم قِطْعَة من الزَّمَان ذَات يَوْم، أَي: صَاحِبَة هَذَا الإسم.
قَوْله: ( أشعرت) أَي: أعلمت.
قَوْله: ( أفتاني) ، ويروى: أنبأني، أَي: أَخْبرنِي.
قَوْله: ( مطبوب) ، أَي: مسحور، والطب جَاءَ بِمَعْنى: السحر.
قَوْله: ( مَن طبه؟) أَي: مَن سحره؟ قَوْله: ( فِي مشط ومشاقة) ، الْمشْط فِيهِ لُغَات: ضم الْمِيم وَإِسْكَان الشين وَضمّهَا أَيْضا وَكسر الْمِيم بِإِسْكَان الشين، والمشاقة: بِضَم الْمِيم وَتَخْفِيف الشين الْمُعْجَمَة وَالْقَاف،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: مَا يغزل من الْكَتَّان.
قلت: المشاقة مَا يخرج من الْكتاب حِين يمشق، والمشق: جذب الشَّيْء ليمتد وَيطول.
قَوْله: ( وجف طلعة ذكر) ، الجف، بِضَم الْجِيم وَتَشْديد الْفَاء: وَهُوَ وعَاء طلع النّخل، وَهُوَ الغشاء الَّذِي يكون عَلَيْهِ وَيُطلق على الذّكر وَالْأُنْثَى، وَلِهَذَا قَيده بقوله: ذكر، وَهُوَ الَّذِي يدعى بالكفري،.

     وَقَالَ  ابْن فَارس: جف الطّلع، وعاؤها، يُقَال: إِنَّه شَيْء ينثر من جُذُوع النّخل،.

     وَقَالَ  الْهَرَوِيّ: ويروى فِي مشط ومشاقة فِي جف طلعة، قَالَ: المشاطة الشّعْر الَّذِي يسْقط من الرَّأْس واللحية عِنْد التسريح بالمشط، قَالَ: وجف طلعة، أَي: فِي جوفها.
وَقَوله: ( ذكر) ، الذَّكر من النّخل الَّذِي يُؤْخَذ طلعه فَيجْعَل مِنْهُ فِي طلع النَّخْلَة المثمرة فَيصير بذلك تَمرا، وَلَو لم يَجْعَل فِيهِ لَكَانَ شيصاً لَا نوى فِيهِ، وَلَا يكَاد يساغ.
قَوْله: ( فِي بِئْر ذروان) ، بِفَتْح الذَّال الْمُعْجَمَة وَسُكُون الرَّاء، ويروى: ذِي أروان، وَكِلَاهُمَا صَحِيح مَشْهُور، وَالْأول أصح، وَهِي بِئْر بِالْمَدِينَةِ فِي بُسْتَان بني زُرَيْق، بِضَم الزَّاي وَفتح الرَّاء وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالقاف، من الْيَهُود.
قَوْله: ( كَأَنَّهَا رُؤُوس الشَّيَاطِين) ، قَالَ الْخطابِيّ: فِيهِ قَولَانِ: أَحدهمَا: أَنَّهَا مستدقة كرؤوس الْحَيَّات، والحية يُقَال لَهَا: الشَّيْطَان.
وَالْآخر: أَنَّهَا وحشية المنظر سمجة الأشكال، وَهُوَ مثل فِي استقباح صورتهَا وهول منظرها كصورة الشَّيَاطِين.
قَوْله: ( أَن يثير ذَلِك على النَّاس شرا) يُرِيد فِي إِظْهَاره، وَقيل: إِنَّمَا امْتنع عَن تعْيين السَّاحر لِئَلَّا تقوم أنفس الْمُسلمين فَيَقَع بَينهم وَبَين قبيل السَّاحر فتْنَة.
قَوْله: ( ثمَّ دفنت الْبِئْر) ، على صِيغَة الْمَجْهُول.

وَفِيه: أَن آثَار الْفِعْل الْحَرَام يجب إِزَالَتهَا، وَقد مر الْبَحْث فِي هَذَا مُسْتَوفى فِي: بابُُ هَل يُعْفَى عَن الذِّمِّيّ إِذا سحر؟ فِي أَوَاخِر الْجِهَاد.





[ قــ :31 ... غــ :369 ]
- حدَّثنا إسْمَاعِيلُ بنُ أبِي أُوَيْسٍ قَالَ حدَّثني أخِي عنْ سُلَيْمَانَ بنِ بِلاَلٍ عنْ يَحْيَى ابنِ سَعِيدٍ عنْ سَعِيدِ بنِ المُسَيَّبِ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ أنَّ رسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ علَى قَافِيَةِ رأسِ أحَدِكُمْ إذَا هُوَ نامَ ثَلاَثُ عُقَدٍ يَضْرِبُ علَى كُلِّ عُقْدَةٍ مَكانها علَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ فارْقُدْ فإنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ الله انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ فإنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَة فإنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقَدُهُ كُلُّها فأصْبَحَ نَشِيِطاً طَيِّبَ النَّفْسِ وإلاَّ أصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلاَنَ.
( انْظُر الحَدِيث 411) .


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة لِأَن عقد الشَّيْطَان على قافية رَأس أحد من أَفعَال الشَّيْطَان وَصِفَاته القبيحة.
والْحَدِيث مضى فِي كتاب التَّهَجُّد بِاللَّيْلِ فِي: بابُُ عقد الشَّيْطَان على قافية الرَّأْس، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عبد الله بن يُوسُف عَن مَالك عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة، وَهنا أخرجه عَن إِسْمَاعِيل بن أبي أويس، واسْمه عبد الله الْمدنِي ابْن أُخْت مَالك بن أنس، وَهُوَ يروي عَن أَخِيه عبد الحميد، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ، وَمعنى: يعْقد، يتَكَلَّم عَلَيْهِ، والقافية: مُؤخر الرَّأْس، وَمِنْه قافية الشّعْر.
قَوْله: ( انْحَلَّت عقده) ، وَهُوَ جمع عقدَة، وَلِهَذَا أكده بقوله: كلهَا.





[ قــ :313 ... غــ :370 ]
- حدَّثنا عُثُمَانُ بنُ أبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدثنَا جَرِيرٌ عنْ مَنْصُورٍ عنْ أبِي وائِلِ عنْ عبْدِ الله رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ ذُكِرَ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَجُلٌ نامَ لَيْلَهُ حتَّى أصْبَحَ قَالَ ذَاكَ رَجُلٌ بالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنَيْهِ أوْ قَالَ فِي أُذُنِهِ.
( انْظُر الحَدِيث 4411) .


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، لِأَن بَوْل الشَّيْطَان فِي أذن الرجل النَّائِم كل لَيْلَة من صِفَاته القبيحة، وَأَبُو وَائِل شَقِيق، وَعبد الله هُوَ ابْن مَسْعُود.
وَمضى الحَدِيث فِي كتاب التَّهَجُّد فِي: بابُُ إِذا نَام وَلم يصلِّ بَال الشَّيْطَان فِي أُذُنه، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن مُسَدّد عَن أبي الْأَحْوَص عَن مَنْصُور عَن أبي وَائِل ... إِلَى آخِره.





[ قــ :314 ... غــ :371 ]
- حدَّثنا مُوساى بنُ إسْمَاعِيلَ قَالَ حدَّثنا هَمَّامٌ عنْ مَنْصُورٍ عنْ سالِمِ بنِ أبِي الجَعْد عنْ كُرَيْبٍ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما عنِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أما إنَّ أحَدَكُمْ إذَا أتَى أهْلَهُ.

     وَقَالَ  بِسْمُ الله اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ وجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقَتنَا فَرُزِقَا ولَدَاً لَمْ يَضُرُّهُ الشَّيْطَانُ.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة لِأَن من صِفَات الشَّيْطَان ضَرَره الْعَام للْمُؤْمِنين، وَهُوَ من صِفَاته الذميمة القبيحة.
وَرِجَاله قد مروا غير مرّة.
والْحَدِيث قد مضى فِي كتاب الطَّهَارَة فِي: بابُُ التَّسْمِيَة على كل حَال، وَعند الوقاع، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ: عَن عَليّ بن عبد الله عَن جرير عَن مَنْصُور عَن سَالم بن أبي الْجَعْد عَن كريب ... الحَدِيث، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.





[ قــ :315 ... غــ :37 ]
- حدَّثنا مُحَمَّدٌ قَالَ أخبرَنا عَبْدَةُ عنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ عنْ أبِيهِ عنِ ابنِ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما قَالَ قَالَ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إذَا طَلَعَ حاجِبُ الشَّمْسِ فَدَعُوا الصَّلاَةَ حتَّى تَبْرُزَ وإذَا غَابَ حاجِبُ الشَّمْسِ فَدَعُوا الصَّلاَةَ حتَّى تَغِيبَ.
وَلاَ تَحَيَّنُوا بِصَلاَتِكُمْ طُلوُعَ الشَّمْسِ ولاَ غُرُوبها فإنَّها تَطْلُعُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ أوِ الشَّيْطَانِ لاَ أدْرِي أيَّ ذَلِكَ قَالَ هِشامٌ.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( فَإِنَّهَا تطلع بَين قَرْني الشَّيْطَان) .
مُحَمَّد هُوَ ابْن سَلام، قَالَه أَبُو نعيم، وَأَبُو عَليّ، وَعَبدَة، بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة: ابْن سُلَيْمَان.
والْحَدِيث مضى فِي كتاب مَوَاقِيت الصَّلَاة فِي: بابُُ الصَّلَاة بعد الْفجْر حَتَّى ترْتَفع الشَّمْس، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.

قَوْله: ( حَتَّى تبرز) ، أَي: حَتَّى تظهر.
قَوْله: ( وَلَا تَحَيَّنُوا) من التحين، وَهُوَ طلب وَقت مَعْلُوم ( وقرنا الشَّيْطَان) جانبا رَأسه.
قَوْله: ( لَا أَدْرِي أَي ذَلِك قَالَ هِشَام) ، الْقَائِل بِهَذَا هُوَ عَبدة بن سُلَيْمَان، وَهِشَام هُوَ ابْن عُرْوَة.





[ قــ :316 ... غــ :374 ]
- ( حَدثنَا أَبُو معمر قَالَ حَدثنَا عبد الْوَارِث حَدثنَا يُونُس عَن حميد بن هِلَال عَن أبي صَالح عَن أبي سعيد قَالَ قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا مر بَين يَدي أحدكُم شَيْء وَهُوَ يُصَلِّي فليمنعه فَإِن أَبى فليمنعه فَإِن أبي فليقاتله فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَان) مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله " فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَان " وَأَبُو معمر بِفَتْح الميمين عبد الله بن عَمْرو بن أبي الْحجَّاج الْمنْقري المقعد وَعبد الْوَارِث بن سعيد وَيُونُس هُوَ ابْن عبد الله الْعَبْدي الْبَصْرِيّ وَأَبُو صَالح ذكْوَان الزيات والْحَدِيث قد مر فِي كتاب الصَّلَاة فِي بابُُ يرد الْمصلى من مر بَين يَدَيْهِ
( وَقَالَ عُثْمَان بن الْهَيْثَم حَدثنَا عَوْف عَن مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ وكلني رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِحِفْظ زَكَاة رَمَضَان فَأَتَانِي آتٍ فَجعل يحثو من الطَّعَام فَأَخَذته فَقلت لأرفعنك إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذكر الحَدِيث فَقَالَ إِذا أويت إِلَى فراشك فاقرأ آيَة الْكُرْسِيّ لن يزَال من الله حَافظ وَلَا يقربك شَيْطَان حَتَّى تصبح فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صدقك وَهُوَ كذوب ذَاك الشَّيْطَان) مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله " ذَاك الشَّيْطَان " وَعُثْمَان بن الْهَيْثَم بِفَتْح الْهَاء وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفتح الثَّاء الْمُثَلَّثَة مُؤذن الْبَصْرَة وعَوْف الْأَعرَابِي والْحَدِيث مضى فِي كتاب الْوكَالَة فِي بابُُ إِذا وكل رجال بِعَين مَا ذكره هُنَا قَالَ.

     وَقَالَ  عُثْمَان بن الْهَيْثَم إِلَى آخِره مطولا وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ -



[ قــ :317 ... غــ :376 ]
- حدَّثنا يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ حدَّثنا اللَّيْثُ عنْ عُقَيْلٍ عنِ ابنِ شِهَابٍ قَالَ أخْبَرَنِي عُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ قَالَ أبُو هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ رسوُلُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يأتِي الشَّيْطَانُ أحَدَكُمْ فَيَقُولُ منْ خَلَقَ كذَا مَنْ خَلَقَ كذَا حتَّى يَقُولَ مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ فإذَا بَلَغَهُ فلْيَسْتَعِذِ بِاللَّه ولْيَنْتَهِ.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَرِجَاله قد ذكرُوا غير مرّة.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الْإِيمَان عَن عبد الْملك بن شُعَيْب وَعَن زُهَيْر بن حَرْب وَعبد بن حميد وَعَن هَارُون بن مَعْرُوف وَمُحَمّد بن عباد وَعَن مَحْمُود بن غيلَان.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي السّنة عَن هَارُون بن مَعْرُوف بِهِ، وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة عَن مُحَمَّد بن مَنْصُور، وَعَن أَحْمد بن سعيد وَعَن هَارُون ابْن سعيد.

قَوْله: (من خلق كَذَا) ، وَفِي رِوَايَة مُسلم: (لَا يزَال النَّاس يسْأَلُون حَتَّى يَقُولُوا: هَذَا خلق الله، فَمن خلق الله؟ قَوْله: (فليستعذ باالله) ، وَفِي رِوَايَة مُسلم: (فَلْيقل آمَنت بِاللَّه) .
وَلأبي دَاوُد: (فَإِذا قَالُوا ذَلِك فَقولُوا: الله أحد الله الصَّمد الْآيَة، ثمَّ ليتفل عَن يسَاره ثَلَاثًا وليستعذ بِاللَّه من الشَّيْطَان الرَّجِيم) .
وَمعنى: فليستعذ، أَي: قل أعوذ بِاللَّه من الشَّيْطَان الرَّجِيم، من الْأَعْرَاض والشبهات الْوَاهِيَة الشيطانية.
قَوْله: (ولينته) ، أَي: عَن الاسترسال مَعَه فِي ذَلِك بِإِثْبَات الْبَرَاهِين القاطعة الحقانية، على أَن لَا خَالق لَهُ بِإِبْطَال التسلسل، وَنَحْوه.
.

     وَقَالَ  الطَّيِّبِيّ: لينته أَي: ليترك التفكر فِي هَذَا الخاطر، وليستعذ بِاللَّه من وَسْوَسَة الشَّيْطَان، فَإِن لم يزل التفكر بالاستعاذة فَليقمْ وليشتغل بِأَمْر آخر، وَإِنَّمَا أمره بذلك وَلم يَأْمُرهُ بِالتَّأَمُّلِ والاحتجاج لِأَن الْعلم باستغنائه عَن الموجد أَمر ضَرُورِيّ لَا يقبل المناظرة لَهُ، وَعَلِيهِ، وَلِأَن السَّبَب فِي مثله إحساس الْمَرْء فِي عَالم الْحس، وَمَا دَامَ هُوَ كَذَلِك لَا يزِيد فكره إلاَّ زيغاً عَن الْحق، وَمن كَانَ هَذَا حَاله فَلَا علاج لَهُ إلاَّ اللجاء إِلَى الله تَعَالَى والاعتصام بحوله وقوته.
.

     وَقَالَ  الْمَازرِيّ: الخواطر على قسمَيْنِ، فالتي لَا تَسْتَقِر وَلَا تجلبها شُبْهَة هِيَ الَّتِي تدفع بالأعراض عَنْهَا، وعَلى هَذَا ينزل الحَدِيث، وعَلى مثلهَا يُطلق اسْم الوسوسة.
وَأما الخواطر المستقرة الناشئة عَن الشُّبْهَة فَهِيَ لَا تنْدَفع إلاَّ بِالنّظرِ وَالِاسْتِدْلَال.





[ قــ :319 ... غــ :378 ]
- حدثناالحُمَيْدِيُّ حدَّثَنَا سُفْيانُ حدَّثنا عَمْرٌ.

     وَقَالَ  أخْبرني سَعِيدُ بنُ جُبَيْرٍ قَالَ.

قُلْتُ ل إبْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ حدَّثنا أُبَيُّ بنُ كَعْبٍ أنَّهُ سَمِعَ رسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُولُ إنَّ مُوسَى قَالَ لِفَتاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا قَالَ أرَأيْتَ إذْ أوَيْنا إِلَى الصَّخْرَةِ فإنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أنْسَانِيهُ إلاَّ الشَّيْطَانُ أنْ أذْكُرَهُ ولَمْ يَجِدْ مُوسَى النَّصَبَ حَتَّى جاوَزَ المَكَانَ الَّذِي أمَرَ الله بِهِ.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( وَمَا أنسانيه إلاَّ الشَّيْطَان) والْحميدِي بن عبد الله بن الزبير بن عِيسَى، وسُفْيَان بن عُيَيْنَة، وَعَمْرو بن دِينَار.
والْحَدِيث مضى فِي كتاب الْعلم فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع، وَفِي غَيره أَيْضا وَقد ذَكرْنَاهُ هُنَاكَ.





[ قــ :3130 ... غــ :379 ]
- حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ مَسْلَمَةَ عنْ مالِكٍ عنْ عبْدِ الله بنِ دِينِارٍ عَنْ عَبْدِ الله بنِ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما قَالَ رَأيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُشِيرُ إلَى المَشْرِقِ فَقَالَ هَا إنَّ الفِتْنَةَ هَهُنَا إنَّ الفِتْنَةَ هَهُنَا مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيّطَانِ.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( من حَيْثُ يطلع قرن الشَّيْطَان) وَهَذَا الحَدِيث من أَفْرَاده.
قَوْله: ( هَا) ، قَالَ الْكرْمَانِي: هَا، حرف وَلم يزدْ على هَذَا شَيْئا.
قلت: هُوَ حرف من حُرُوف المعجم، وَمن حُرُوف الزِّيَادَة وَهِي حرف تَنْبِيه.
قَوْله: ( من حَيْثُ يطلع قرن الشَّيْطَان) ، نسب الطُّلُوع إِلَى قرن الشَّيْطَان مَعَ أَن الطُّلُوع للشمس لكَونه مُقَارنًا لطلوع الشَّمْس، وَالْغَرَض أَن منشأ الْفِتَن هُوَ جِهَة الْمشرق، وَقد كَانَ كَمَا أخبر صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.





[ قــ :3131 ... غــ :380 ]
- حدَّثنا يَحْيَى بنُ جَعْفَرٍ قَالَ حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الله الأنْصَارِيُّ حدَّثنا ابنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبرنِي عَطاءٌ عنْ جَابِرٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ عنِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إذَا اسْتَجَنحَ اللَّيْلُ أوْ كانَ جُنْحُ اللَّيْلِ فَكُفُّوا صِبْيَانَكُمْ فإنَّ الشَّيَاطِينَ تَنْتَشِرُ حِينَئِذٍ فإذَا ذهَبَ ساعَةٌ مِنَ العَشَاءِ فَخَلُّوهُمْ وأغْلِقْ بابَُكَ واذكُرِ اسْمَ الله وَأطْفِىءْ مِصْبَاحَكَ وَاذْكُرِ اسْمَ الله وأوْكِ سِقَاءَكَ واذْكُرِ اسْمَ الله وخَمِّرْ إنَاءَكَ واذْكُرِ اسْمَ الله وَلَوْ تَعْرُضُ علَيْهِ شَيْئَاً.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( فَإِن الشَّيَاطِين تَنْتَشِر) .
وَيحيى بن جَعْفَر بن أعين أَبُو زَكَرِيَّا البُخَارِيّ البيكندي، وَهُوَ من أَفْرَاده، وَمُحَمّد بن عبد الله الْأنْصَارِيّ من شُيُوخ البُخَارِيّ، وروى عَنهُ هُنَا بِوَاسِطَة، وَابْن جريج عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز، وَعَطَاء بن أبي رَبَاح.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْأَشْرِبَة عَن إِسْحَاق بن مَنْصُور.
وَأخرجه مُسلم فِي الْأَشْرِبَة عَن إِسْحَاق بن مَنْصُور وَعَن أَحْمد بن عُثْمَان.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن أَحْمد بن حَنْبَل.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة عَن أَحْمد بن عُثْمَان وَعَن عَمْرو بن عَليّ وَعَن عَمْرو بن دِينَار عَن جَابر.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: ( إِذا استجنح) أَي: إِذا أظلم، ومادته: جِيم وَنون وحاء،.

     وَقَالَ  ابْن سَيّده: جنح اللَّيْل يجنح جنوحاً وجنحاً إِذا أظلم، وَيُقَال: إِذا أقبل ظلامه، والجنح، بِضَم الْجِيم وَكسرهَا لُغَتَانِ: وَهُوَ ظلام اللَّيْل، وأصل الجنح الْميل.
وَقيل: جنح اللَّيْل أول مَا يظلم.
قَوْله: ( أَو كَانَ جنح اللَّيْل) وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: أَو قَالَ: كَانَ جنح اللَّيْل، وَحكى عِيَاض أَنه وَقع فِي رِوَايَة أبي ذَر: استجنع، بِالْعينِ الْمُهْملَة بدل الْحَاء، وَهُوَ تَصْحِيف، وَعند الْأصيلِيّ: وَأول اللَّيْل بدل: قَوْله: إِذا كَانَ جنح اللَّيْل، وَكَانَ هَذِه تَامَّة بِمَعْنى وجد أَو حصل.
قَوْله: ( فكفوا صِبْيَانكُمْ) ، أَي: ضموهم وامنعوهم من الانتشار، وَفِي رِوَايَة: فاكفتوا، ومادته: كَاف وَفَاء وتاء مثناة من فَوق، وَمَعْنَاهُ: ضموهم إِلَيْكُم، وكل من ضممته إِلَى شَيْء فقد كفته، وَفِي رِوَايَة: وَلَا تُرْسِلُوا صِبْيَانكُمْ.
.

     وَقَالَ  ابْن الْجَوْزِيّ: إِنَّمَا خيف على الصّبيان فِي ذَلِك الْوَقْت لِأَن النَّجَاسَة الَّتِي يلوذ بهَا الشَّيَاطِين مَوْجُودَة مَعَهم غَالِبا.
وَالذكر الَّذِي يستعصم بِهِ مَعْدُوم عِنْدهم، وَالشَّيَاطِين عِنْد انتشارهم يتعلقون بِمَا يُمكنهُم التَّعَلُّق بِهِ، فَلذَلِك خيف على الصّبيان فِي ذَلِك الْوَقْت وَالْحكمَة فِي انتشارهم حِينَئِذٍ أَن حركتهم فِي اللَّيْل أمكن مِنْهَا لَهُم فِي النَّهَار، لِأَن الظلام أجمع لَهُم من غَيره، وَكَذَلِكَ كل سَواد، وَيُقَال: إِن الشَّيَاطِين تستعين بالظلمة وَتكره النُّور وتشأم بِهِ.
قَوْله: ( فخلوهم) ، بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة، هَكَذَا فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة السَّرخسِيّ، بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة.
قَوْله: ( وأغلق) من الإغلاق، فَلهَذَا يُقَال: الْبابُُ مغلق، وَلَا يُقَال: مغلوق، وَإِنَّمَا قَالَ: فكفوا، بِصِيغَة الْجمع،.

     وَقَالَ : أغلق بِصِيغَة الْإِفْرَاد لِأَن المُرَاد بقوله: أغلق لكل وَاحِد، وَهُوَ عَام بِحَسب الْمَعْنى، أَو هُوَ فِي معنى الْمُفْرد إِذْ مُقَابلَة الْجمع بِالْجمعِ تفِيد التَّوْزِيع، فَكَأَنَّهُ قَالَ: كف أَنْت صبيك، كَذَا قَالَه الْكرْمَانِي،.

     وَقَالَ  بَعضهم: وَلَا شكّ أَن مُقَابلَة الْمُفْرد بالمفرد تفِيد التَّوْزِيع.
قلت: لَيْسَ كَذَلِك، بل الصَّوَاب مَا قَالَه الْكرْمَانِي.
قَوْله: ( وأطفىء) أَمر من الإطفاء إِنَّمَا أَمر بذلك لِأَنَّهُ جَاءَ فِي ( الصَّحِيح) : أَن الفويسقة جرت الفتيلة فأحرقت أهل الْبَيْت، وَهُوَ عَام يدْخل فِيهِ السراج وَغَيره، وَأما الْقَنَادِيل الْمُعَلقَة فَإِن خيف حريق بِسَبَبِهَا دخلت فِي الْأَمر بالإطفاء، وَإِن أَمن ذَلِك كَمَا هُوَ من الْغَالِب فَالظَّاهِر أَنه لَا بَأْس بهَا لانْتِفَاء الْعلَّة، وَسبب ذَلِك أَنه، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى على خمرة فجرت الفتيلة الْفَأْرَة فأحرقت من الْخمْرَة مِقْدَار الدِّرْهَم، فَقَالَ النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَلِك نبه عَلَيْهِ ابْن الْعَرَبِيّ وَفِي ( سنَن أبي دَاوُد) عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: جَاءَت فَأْرَة فَأخذت تجر الفتيلة، فَجَاءَت بهَا وألقتها بَين يَدي رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، على الْخمْرَة الَّتِي كَانَ قَاعِدا عَلَيْهَا، فأحرقت مِنْهَا مَوضِع دِرْهَم.
قَوْله: ( وأوك) أَمر من الإيكاء، وَهُوَ الشد، والوكاء: اسْم مَا يشد بِهِ فَم الْقرْبَة، وَهُوَ مَمْدُود مَهْمُوز، والسقاء بِكَسْر السِّين: اللَّبن، وَالْمَاء، والوطب للبن خَاصَّة، والنحي للسمن، والقربة للْمَاء.
قَوْله: ( وخمِّر) ، أَمر من التخمير وَهُوَ التغطية، وللتخمير فَوَائِد: صِيَانة من الشَّيَاطِين والنجاسات والحشرات وَغَيرهَا، وَمن الوباء الَّذِي ينزل فِي لَيْلَة من السّنة، وَفِي رِوَايَة أَن فِي السّنة لليلة وَفِي رِوَايَة يَوْمًا ينزل وباء لَا يمر بِإِنَاء لَيْسَ عَلَيْهِ غطاء أَو شَيْء لَيْسَ عَلَيْهِ وكاء إلاَّ نزل فِيهِ ذَلِك الوباء.
قَالَ اللَّيْث بن سعد: والأعاجم يَتَّقُونَ ذَلِك فِي كانون الأول.
قَوْله: ( وَلَو تعرض عَلَيْهِ شَيْئا) بِضَم الرَّاء وَكسرهَا، وَمَعْنَاهُ: إِن لم تقدر أَن تغطي فَلَا أقل من أَن تعرض عَلَيْهِ عوداً، أَي: تعرضه عَلَيْهِ بِالْعرضِ وتمده عَلَيْهِ عرضا، أَي: خلاف الطول.
قَوْله: ( شَيْئا) ، وَفِي رِوَايَة: عوداً، هَذَا مُطلق فِي الْآنِية الَّتِي فِيهَا شراب أَو طَعَام.
قلت: روى مُسلم من حَدِيث جَابر بن عبد الله، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، يَقُول: أَخْبرنِي أَبُو حميد السَّاعِدِيّ، قَالَ: أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقدح لبن من النقيع لَيْسَ مخمراً.
قَالَ: ألاَ خمرته، وَلَو تعرض عَلَيْهِ عوداً قَالَ أَبُو حميد: إِنَّمَا أَمر بالأسقية إِن توكأ لَيْلًا، وبالأبواب أَن تغلق لَيْلًا انْتهى.
فَهَذَا أَبُو حميد قيد الإيكاء والإغلاق بِاللَّيْلِ.
قلت: قَالَ النَّوَوِيّ: لَيْسَ فِي الحَدِيث مَا يدل عَلَيْهِ، وَالْمُخْتَار عِنْد الْأُصُولِيِّينَ، وَهُوَ مَذْهَب الشَّافِعِي، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَن تَفْسِير الصَّحَابِيّ إِذا كَانَ خلاف ظَاهر اللَّفْظ لَيْسَ بِحجَّة، وَلَا يلْزم غَيره من الْمُجْتَهدين مُوَافَقَته على تَفْسِيره.
وَأما إِذا كَانَ فِي ظَاهر الحَدِيث مَا يُخَالِفهُ فَإِن كَانَ مُجملا يرجع إِلَى تَأْوِيله، وَيجب الْحمل عَلَيْهِ لِأَنَّهُ إِذا كَانَ مُجملا لَا يحل لَهُ حمله على شَيْء إلاَّ بتوقيف، وَكَذَا لَا يجوز تَخْصِيص الْعُمُوم بِمذهب الرَّاوِي عندنَا، بل يتَمَسَّك بِالْعُمُومِ، وَقد يُقَال: أَبُو حميد قَالَ: أمرنَا، وَهَذَا رِوَايَة لَا تَفْسِير، وَهُوَ مَرْفُوع على الْمُخْتَار، وَلَا تنَافِي بَين رِوَايَة أبي حميد وَالرِّوَايَة الْأُخْرَى فِي يَوْم، إِذْ لَيْسَ فِي أَحدهمَا نفي للْآخر وهما ثابتان.
فَإِن قلت: مَا حكم أوَامِر هَذَا الْبابُُ؟ قلت: جَمِيعهَا من بابُُ الْإِرْشَاد إِلَى الْمصلحَة الدُّنْيَوِيَّة، كَقَوْلِه تَعَالَى: { واشهدوا إِذا تبايعتم} ( الْبَقَرَة: 8) .
وَلَيْسَ على الْإِيجَاب، وغايته أَن يكون من بابُُ النّدب، بل قد جعله كثير من الْأُصُولِيِّينَ قسما مُنْفَردا بِنَفسِهِ عَن الْوُجُوب وَالنَّدْب، وَيَنْبَغِي للمرء أَن يمتثل أمره، فَمن امتثل أمره سلم من الضَّرَر بحول الله وقوته، وَمَتى وَالْعِيَاذ بِاللَّه خَالف إِن كَانَ عناداً خلد فَاعله فِي النَّار، وَإِن كَانَ عَن خطأ أَو غلط فَلَا يحرم شرب مَا فِي الْإِنَاء أَو أكله، وَالله أعلم.