فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب شهود الحائض العيدين ودعوة المسلمين، ويعتزلن المصلى

( بابُُ غَزْوَة أَوْطَاس)
أَي هَذَا بابُُ فِي بَيَان غَزْوَة أَوْطَاس قَالَ عِيَاض هُوَ وَاد فِي ديار هوَازن وَهُوَ مَوضِع حَرْب حنين وَهُوَ من وطست الشَّيْء وطسا إِذا كددته وأثرت فِيهِ والوطيس نقرة فِي حجر توقد حوله النَّار فيطبخ بِهِ اللَّحْم والوطيس التَّنور

[ قــ :322 ... غــ :324 ]
- ( حَدثنَا مُحَمَّد بن الْعَلَاء حَدثنَا أَبُو أُسَامَة عَن بريد بن عبد الله عَن أبي بردة عَن أبي مُوسَى رَضِي الله عَنهُ قَالَ لما فرغ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من حنين بعث أَبَا عَامر على جَيش إِلَى أَوْطَاس فلقي دُرَيْد بن الصمَّة فَقتل دُرَيْد وَهزمَ الله أَصْحَابه قَالَ أَبُو مُوسَى وبعثني مَعَ أبي عَامر فَرمي أَبُو عَامر فِي ركبته رَمَاه جشمي بِسَهْم فأثبته فِي ركبته فانتهيت إِلَيْهِ فَقلت يَا عَم من رماك فَأَشَارَ إِلَى أبي مُوسَى فَقَالَ ذَاك قاتلي الَّذِي رماني فقصدت لَهُ فلحقته فَلَمَّا رَآنِي ولى فاتبعته وَجعلت أَقُول لَهُ أَلا تَسْتَحي أَلا تثبت فَكف فاختلفنا ضربتين بِالسَّيْفِ فَقتلته ثمَّ قلت لأبي عَامر قتل الله صَاحبك قَالَ فانزع هَذَا السهْم فنزعته فنزا مِنْهُ المَاء قَالَ يَا ابْن أخي أقرىء النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - السَّلَام وَقل لَهُ اسْتغْفر لي واستخلفني أَبُو عَامر على النَّاس فَمَكثَ يَسِيرا ثمَّ مَاتَ فَرَجَعت فَدخلت على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي بَيته على سَرِير مرمل وَعَلِيهِ فرَاش قد أثر رمال السرير بظهره وجنبيه فَأَخْبَرته بخبرنا وَخبر أبي عَامر.

     وَقَالَ  قل لَهُ اسْتغْفر لي فَدَعَا بِمَاء فَتَوَضَّأ ثمَّ رفع يَدَيْهِ فَقَالَ اللَّهُمَّ اغْفِر لِعبيد أبي عَامر وَرَأَيْت بَيَاض إبطَيْهِ ثمَّ قَالَ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ يَوْم الْقِيَامَة فَوق كثير من خلقك من النَّاس فَقلت ولي فَاسْتَغْفر فَقَالَ اللَّهُمَّ اغْفِر لعبد الله بن قيس ذَنبه وَأدْخلهُ يَوْم الْقِيَامَة مدخلًا كَرِيمًا قَالَ أَبُو بردة إِحْدَاهمَا لأبي عَامر وَالْأُخْرَى لأبي مُوسَى)
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَأَبُو أُسَامَة حَمَّاد بن أُسَامَة وبريد بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَفتح الرَّاء وَكَذَا أَبُو بردة واسْمه عَامر وَأَبُو مُوسَى اسْمه عبد الله بن قيس وبريد هُنَا يروي عَن جده أبي بردة وَهُوَ يروي عَن أَبِيه أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ والْحَدِيث مضى فِي الْجِهَاد مقطعا وَفِي الدَّعْوَات يَأْتِي وَأخرجه مُسلم فِي الْفَضَائِل قَوْله بعث أَبَا عَامر واسْمه عبيد بن سليم بن حضار الْأَشْعَرِيّ وَهُوَ عَم أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ.

     وَقَالَ  ابْن إِسْحَاق هُوَ ابْن عَمه وَالْأول أشهر قَوْله على جَيش أَي أَمِيرا عَلَيْهِم وَذَلِكَ أَن هوَازن بعد الْهَزِيمَة اجْتمع بَعضهم فِي أَوْطَاس فَأَرَادَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - استئصالهم فَبَعثه إِلَيْهِم قَوْله " فلقي دُرَيْد بن الصمَّة " دُرَيْد بِضَم الدَّال مصغر الدرد بالمهملتين وَالرَّاء والصمة بِكَسْر الصَّاد الْمُهْملَة وَتَشْديد الْمِيم ابْن بكر بن عَلْقَمَة وَيُقَال ابْن الْحَارِث بن عَلْقَمَة الْجُشَمِي بِضَم الْجِيم وَفتح الشين الْمُعْجَمَة من بني جشم بن مُعَاوِيَة بن بكر بن هوَازن والصمة لقب لِأَبِيهِ واسْمه الْحَارِث ودريد شَاعِر مَشْهُور قَوْله " فَقتل دُرَيْد " على صِيغَة الْمَجْهُول وَاخْتلف فِي قَاتله فَعَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق قَتله ربيعَة بن رفيع بِضَم الرَّاء وَفتح الْفَاء وبالعين الْمُهْملَة ابْن وهبان بن ثَعْلَبَة بن ربيعَة السّلمِيّ وَكَانَ يُقَال لَهُ ابْن الذعنة بِمُعْجَمَة ومهملة وَيُقَال بِالْعَكْسِ وَهِي أمه.

     وَقَالَ  ابْن هِشَام يُقَال اسْمه عبد بن قبيع بن أهبان وَيُقَال لَهُ أَيْضا ابْن الدغنة وَلَيْسَ هُوَ ابْن الدغنة الْمَذْكُور فِي قصَّة أبي بكر فِي الْهِجْرَة وروى الْبَزَّار فِي مُسْند أنس بِإِسْنَاد حسن مَا يشْعر بِأَن قَاتل دُرَيْد بن الصمَّة هُوَ الزبير بن الْعَوام وَلَفظه لما انهزم الْمُشْركُونَ انحاز دُرَيْد بن الصمَّة فِي سِتّمائَة نفس على أكمة فَرَأَوْا كَتِيبَة فَقَالَ خلوهم فخلوهم فَقَالَ هَذِه قضاعة وَلَا بَأْس عَلَيْكُم ثمَّ رَأَوْا كَتِيبَة مثل ذَلِك فَقَالُوا هَذِه سليم ثمَّ رَأَوْا فَارِسًا وَحده فَقَالَ خلوه لي فَقَالُوا معتجر بعمامة سَوْدَاء فَقَالَ هَذَا الزبير بن الْعَوام وَهُوَ قاتلكم ومخرجكم من مَكَانكُمْ هَذَا قَالَ فَالْتَفت الزبير فَقَالَ علام هَؤُلَاءِ هَهُنَا فَمضى إِلَيْهِم وَتَبعهُ جمَاعَة فَقتلُوا مِنْهُم ثَلَاثمِائَة وحز رَأس دُرَيْد بن الصمَّة فَجعله بَين يَدَيْهِ وَكَانَ دُرَيْد لما قتل ابْن عشْرين وَيُقَال ابْن سِتِّينَ وَمِائَة قَوْله قَالَ أَبُو مُوسَى وبعثني أَي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَعَ أبي عَامر أَي إِلَى من التجأ إِلَى أَوْطَاس قَوْله " فَرمي " على صِيغَة الْمَجْهُول قَوْله " جشمي " أَي رجل جشمي يَعْنِي من بني جشم بِضَم الْجِيم وَفتح الشين الْمُعْجَمَة وَاخْتلف فِي اسْم هَذَا الْجُشَمِي فَقَالَ ابْن إِسْحَق زَعَمُوا أَن سَلمَة بن دُرَيْد بن الصمَّة هُوَ الَّذِي رمى أَبَا عَامر بِسَهْم فَأصَاب ركبته فَقتله وَأخذ الرَّايَة أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ فَقَاتلهُمْ فَفتح الله عَلَيْهِ.

     وَقَالَ  ابْن هِشَام حَدثنِي من أَثِق بِهِ أَن الَّذِي رمى أَبَا عَامر أَخَوان من بني جشم وهما أوفى والْعَلَاء ابْنا الْحَارِث فَأصَاب أَحدهمَا ركبته وقتلهما أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ وروى الطَّبَرِيّ فِي الْأَوْسَط من وَجه آخر عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ بِإِسْنَاد حسن لما هزم الله الْمُشْركين يَوْم حنين بعث رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على خيل الْمطلب أَبَا عَامر الْأَشْعَرِيّ وَأَنا مَعَه فَقتل ابْن دُرَيْد أَبَا عَامر فعدلت إِلَيْهِ فَقتلته وَأخذت اللِّوَاء الحَدِيث فَهَذَا يُؤَيّد مَا ذكره ابْن إِسْحَق قَوْله " ولى " أَي أدبر قَوْله " فَأَتْبَعته " ضبط بِقطع الْألف وَصَوَابه بوصلها وَتَشْديد التَّاء لِأَن مَعْنَاهُ سرت فِي أَثَره وَمعنى أتبعته بِقطع الْألف لحقته وَالْمرَاد هُنَا سرت فِي أَثَره قَوْله فَكف أَي توقف وكف نَفسه يتَعَدَّى وَلَا يتَعَدَّى قَوْله " فنزا مِنْهُ المَاء " أَي انصب من مَوضِع السهْم.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي فنزا أَي وثب قلت لَيْسَ كَذَلِك وَالصَّوَاب مَا ذَكرْنَاهُ قَوْله يَا ابْن أخي هَذَا يرد قَول ابْن إِسْحَق أَنه ابْن عَمه قَوْله مرمل بِضَم الْمِيم وَفتح الرَّاء وَتَشْديد الْمِيم أَي مَعْمُول بالرمال وَهِي حبال الْحَصِير الَّتِي يظفر بهَا الأسرة قَوْله وَعَلِيهِ فرَاش قَالَ ابْن التِّين وَأنْكرهُ الشَّيْخ أَبُو الْحسن.

     وَقَالَ  الصَّوَاب مَا عَلَيْهِ فرَاش فَسَقَطت مَا قيل لَا يلْزم من كَونه رقد على غير فرَاش أَن لَا يكون على سَرِيره دَائِما فرَاش قَوْله فَوق كثير من خلقك أَي فِي الْمرتبَة وَفِي رِوَايَة ابْن عَائِذ فِي الْأَكْثَرين يَوْم الْقِيَامَة من النَّاس قَالَ الْكرْمَانِي تَعْمِيم بعد تَخْصِيص قلت بَيَان لقَوْله " من خلقك " لِأَن الْخلق أَعم من أَن يكون من النَّاس وَغَيرهم قَوْله " قَالَ أَبُو بردة " مَوْصُول بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور قَوْله " إِحْدَاهمَا " أَي الدعوتين -


(بابُُ شُهُودِ الحَائِضِ الْعِيدَيْنِ وَدَعْوَةَ المُسْلِمِينَ وَيَعْتَزِلْنَ الْمُصَلَّى)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حكم حُضُور الْحَائِض فِي يَوْم الْعِيدَيْنِ.
قَوْله: (ودعوة الْمُسلمين) ، بِالنّصب عطف على الْعِيدَيْنِ وَهِي الاسْتِسْقَاء، نَص عَلَيْهِ الْكرْمَانِي، وَهِي أَعم مِنْهُ على مَا لَا يخفى قَوْله: (ويعتزلن) أَي: حَال كونهن يعتزلن الْمصلى، وَهُوَ مَكَان الصَّلَاة، وَإِنَّمَا جمعه لِأَن الْحَائِض اسْم جنس، فبالنظر إِلَى مَعْنَاهُ يجوز الْجمع، وَفِي رِوَايَة ابْن عَسَاكِر: واعتزالهن.

والمناسبة بَين الْبابَُُيْنِ من حَيْثُ إِن الْمَذْكُور فِيهِ حكم من أَحْكَام الْحَائِض، كَمَا أَن الْمَذْكُور فِي الْبابُُ السَّابِق كَذَلِك.



[ قــ :3 ... غــ :34 ]
- ح دَّثنا مُحَمَّدٌ هُوَ ابنُ سَلاَمٍ قالَ أخْبَرَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ عنْ أيُّوبَ عنْ حَفْصةَ قالتْ كنَّا نَمْنَعُ عَوَاتِقَنا أنْ يَخْرُجْنَ فِي العِيدَيْنِ فَقَامَتِ امْرَأَةٌ فَنَزَلَتْ قَصْرَ بَنِي خَلَفٍ فَحَدَّثَتْ عنْ أُخْتِهَا وكانَ زوْجُ أُخْتِهَا غَزَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثِنْتَيْ عَشْرَةَ وكانَتْ أخْتِي مَعَهُ فِي سِتٍّ قالَتْ كُنَّا نُدَاوِي الكَلْمَى وَنَقُومُ عَلَى الْمَرْضَى فَسَأَلَتْ أُخْتِي النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أعَلَى إِحْدَانَا بَأْسٌ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا جِلْبابٌُُ أنْ لاَ تَخْرُجَ قالَ لِتُلْبِسْهَا صَاحِبَتُهَا مِنْ جِلْبابُُِهَا وَلْتَشْهَد الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ فَلَمَّا قَدِمَتْ أمُّ عَطِيَّةَ سَألْتُهَا أسَمِعْتِ النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قالتْ بِأبِي نَعَمْ وَكَانَتْ لاَ تَذْكُرُهُ إلاَّ قالتْ بِأبِي سَمِعْتُهُ يَقُولُ تَخْرُجُ العَوَاتِقُ وَذَوَاتُ الْخُدُورِ أوْ العَوَاتِقُ ذَوَاتُ الْخُدُورِ والْحُيَّضُ وَلْيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُؤْمِنِينَ وَيَعْتَزِلُ الحُيَّضُ المُصَلَّى قالتْ حَفْصَةُ فَقُلْتُ الْحُيَّضُ فقالتْ ألَيْسَ تَشْهَدُ عَرَفَةَ وَكَذَا وَكَذَا.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.

ذكر رِجَاله: وهم ثَمَانِيَة: الأول: مُحَمَّد بن سَلام البيكندي، كَذَا وَقع: مُحَمَّد بن سَلام فِي رِوَايَة أبي ذَر، وَوَقع فِي رِوَايَة كَرِيمَة: مُحَمَّد هُوَ ابْن سَلام، وَفِي رِوَايَة الْأَكْثَرين: حَدثنَا مُحَمَّد، بِغَيْر ذكر أَبِيه.
الثَّانِي: عبد الْوَهَّاب الثَّقَفِيّ.
الثَّالِث: أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ.
الرَّابِع: حَفْصَة بنت سِيرِين، أم الْهُذيْل الْأَنْصَارِيَّة البصرية، أُخْت مُحَمَّد بن سِيرِين، روى لَهَا الْجَمَاعَة.
الْخَامِس: امْرَأَة فِي قَوْله: (فَقدمت امْرَأَة) وَلم يعلم اسْمهَا.
السَّادِس: أُخْتهَا، قيل: هِيَ أُخْت أم عَطِيَّة، وَقيل: غَيرهَا.
وَنَصّ الْقُرْطُبِيّ أَنَّهَا أم عَطِيَّة.
السَّابِع: زوج أُخْتهَا وَلم يعلم اسْمهَا.
الثَّامِن: أم عَطِيَّة.
وَاخْتلف فِي اسْمهَا فَقيل: نسيبة، بِضَم النُّون وَفتح السِّين الْمُهْملَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة: بنت الْحَارِث.
وَقيل: بنت كَعْب، وَقيل، بِفَتْح النُّون وَكسر السِّين كَذَا ذكره الْخَطِيب، وَزعم الْقشيرِي أَنَّهَا بنُون وشين مُعْجمَة.
وَفِي (التَّنْقِيح) لِابْنِ الْجَوْزِيّ: لسينة، بلام مَضْمُومَة وسين مَفْتُوحَة وياء سَاكِنة وَنون مَفْتُوحَة.

ذكر لطائف إِسْنَاده وَفِيه: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين.
وَفِيه: العنعنة فِي موضِعين.
وَفِيه: القَوْل وَالسُّؤَال وَالسَّمَاع.
وَفِيه: إِن رُوَاته مَا بَين بخاري وبصري ومدني.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْعِيدَيْنِ عَن أبي معمر عَن عبد الْوَارِث، وَعَن عبد الله بن عبد الْوَهَّاب الحَجبي عَن حَمَّاد بن زيد، وَفِي الْحَج عَن مُؤَمل بن هِشَام عَن إِسْمَاعِيل ابْن علية، أربعتهم عَن أَيُّوب بِهِ.
وَأخرجه مُسلم فِي الْعِيدَيْنِ عَن عَمْرو النَّاقِد عَن عِيسَى بن يُونُس.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الصَّلَاة عَن النُّفَيْلِي عَن زُهَيْر بِهِ، وَأخرجه أَيْضا مُحَمَّد بن عبيد عَن حَمَّاد بن زيد بِهِ، وَعَن مُوسَى بن سَلمَة وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الصَّلَاة أَيْضا عَن أَحْمد بن منيع عَن هشيم عَن مَنْصُور بِهِ.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهَا عَن أبي بكر بن عَليّ عَن شُرَيْح بن يُونُس عَن هشيم بِهِ، وَعَن قُتَيْبَة.
وَأخرجه ابْن مَاجَه فِيهَا عَن مُحَمَّد بن الصَّباح عَن سُفْيَان عَن أَيُّوب بِهِ.

ذكر لغاته وَمَعْنَاهُ: قَوْلهَا: (كُنَّا نمْنَع عواتقنا) ، جمع: عاتق، أَي: شَابة أول مَا أدْركْت فخدرت فِي بَيت أَهلهَا وَلم تفارق أَهلهَا إِلَى زوج.
وَفِي (الموعب) : قَالَ أَبُو زيد: العاتق من النِّسَاء الَّتِي بَين الَّتِي قد أدْركْت وَبَين الَّتِي عنست.
والعاتق الَّتِي لم تتَزَوَّج.
وَعَن الْأَصْمَعِي: هِيَ من الْجَوَارِي فَوق المعصر.
وَعَن أبي حَاتِم هِيَ الَّتِي لم تبن عَن أَهلهَا.
وَعَن ثَابت هِيَ الْبكر الَّتِي لم تبن إِلَى الزَّوْج.
وَعَن ثَعْلَب: سميت عاتقا لِأَنَّهَا عتقت عَن خدمَة أَبَوَيْهَا وَلم يملكهَا زوج بعد.
وَفِي (الْمُخَصّص) : الَّتِي اشتكت الْبلُوغ.
.

     وَقَالَ  الْأَزْهَرِي: هِيَ الْجَارِيَة الَّتِي قد أدْركْت وَبَلغت وَلم تتَزَوَّج.
وَقيل: الَّتِي بلغت أَن تدرع وعتقت من الصباء والاستعانة بهَا فِي مهنة أَهلهَا.
قَوْلهَا: (فَقدمت امْرَأَة) لم يسم اسْمهَا.
قَوْلهَا: (قصر بني خلف) هُوَ مَكَان بِالْبَصْرَةِ مَنْسُوب إِلَى طَلْحَة ابْن عبد الله بن خلف الْخُزَاعِيّ الْمَعْرُوف بطلحة الطلحات، كَذَا قَالَه بَعضهم.
قلت: لَيْسَ مَنْسُوبا إِلَى طَلْحَة، بل هُوَ مَنْسُوب إِلَى خلف جد طَلْحَة الْمَذْكُور.
وَكَذَا جَاءَ مُبينًا فِي رِوَايَة.
قَوْلهَا: (ثِنْتَيْ عشرَة غَزْوَة) هَذِه رِوَايَة الْأصيلِيّ، وَرِوَايَة غَيره (ثِنْتَيْ عشرَة) فَقَط، وَعشرَة بِسُكُون الشين، وَتَمِيم تكسرها.
قَوْلهَا: (وَكَانَت) أَي: قَالَت الْمَرْأَة المحدثة: كَانَت أُخْتِي، وَلَا بُد من تَقْدِير: قَالَت، حَتَّى يَصح الْمَعْنى، وَتَقْدِير القَوْل فِي الْكَلَام غير عَزِيز.
قَوْلهَا: (مَعَه) أَي مَعَ زَوجهَا، أَو مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
قَوْلهَا: (فِي سِتّ) أَي فِي سِتّ غزوات، وروى الطَّبَرَانِيّ أَنَّهَا غزت مَعَه سبعا.
قَوْلهَا: (قَالَت) أَي: الْأُخْت لَا الْمَرْأَة، وَإِنَّمَا قَالَت: (كُنَّا) بِلَفْظ الْجمع لبَيَان فَائِدَة حُضُور النِّسَاء الْغَزَوَات على سَبِيل الْعُمُوم.
قَوْلهَا: (كلمى) جمع: كليم، وَهُوَ على الْقيَاس، لِأَنَّهُ فعيل بِمَعْنى مفعول، والمرضى مَحْمُول عَلَيْهِ، والكلمى: الْجَرْحى.
.

     وَقَالَ  ابْن سَيّده: جمع كليم وكلوم وَكَلَام وَكَلمه ويكلمه ويكلمه من بابُُ: نصر ينصر وَضرب يضْرب.
وَكلما، بِالْفَتْح مصدره، وَكَلمه: جرحه.
وَرجل مكلوم وكليم وَفِي (الصِّحَاح) : التكليم: التجريح قَوْلهَا: (بَأْس) : أَي حرج وإثم.
قَوْلهَا: (جِلْبابُُ) ، وَهُوَ خمار وَاسع كالملحفة تغطي بِهِ الْمَرْأَة رَأسهَا وصدرها.
وتجلببت الْمَرْأَة وجلببها غَيرهَا، وَلم يدغم لِأَنَّهُ مُلْحق.
وَفِي (الْمُحكم) : الجلبابُ الْقَمِيص، وَقيل: هُوَ ثوب وَاسع دون الملحفة تلبسه الْمَرْأَة.
وَقيل: مَا يُغطي بِهِ الثِّيَاب من فَوق كالملحفة.
وَقيل: هُوَ الْخمار.
وَفِي (الصِّحَاح) : الجلبابُ الملحفة، والمصدر: الجلببة، وَلم تُدْغَم لِأَنَّهَا مُلْحقَة بدحرجة.
وَفِي (الغريبين) : الجلبابُ الْإِزَار.
وَقيل: هُوَ الملاة الَّتِي تشْتَمل بهَا.
.

     وَقَالَ  عِيَاض: هُوَ أقصر من الْخمار وَأعْرض، وَهِي المقنعة.
وَقيل: دون الرِّدَاء تغطي بِهِ الْمَرْأَة ظهرهَا وصدرها.
قَوْله: (لتلبسها) أَي: تعيرها من ثِيَابهَا مَا لَا تحْتَاج المعيرة إِلَيْهِ.
وَقيل: تشركها مَعهَا فِي لبس الثَّوْب الَّذِي عَلَيْهَا، وَهَذَا مَبْنِيّ على أَن يكون الثَّوْب وَاسِعًا حَتَّى يسع فِيهِ اثْنَان، وَفِيه نظر، على مَا يَجِيء فِي بابُُ إِذا لم يكن لَهَا جِلْبابُُ فِي الْعِيد.
وَقيل: هَذَا مُبَالغَة مَعْنَاهُ: ليخرجن وَلَو كَانَت ثِنْتَانِ فِي ثوب.
قَوْله: (وليشهدن الْخَيْر) أَي: وليحضرن مجَالِس الْخَيْر كسماع الحَدِيث وعيادة الْمَرِيض.
قَوْله: (ودعوة الْمُسلمين) ، كالاجتماع لصَلَاة الاسْتِسْقَاء.
وَفِي رِوَايَة: (ودعوة الْمُؤمنِينَ) ، وَهِي رِوَايَة الْكشميهني.
قَوْله: (وَذَوَات الْخُدُور) ، بِضَم الْخَاء الْمُعْجَمَة وَالدَّال: جمع خدر، بِكَسْر الْخَاء وَسُكُون الدَّال: وَهُوَ ستر يكون فِي نَاحيَة الْبَيْت تقعد الْبكر وَرَاءه.
.

     وَقَالَ  ابْن سَيّده: الخدر ستر يمد لِلْجَارِيَةِ فِي نَاحيَة الْبَيْت، ثمَّ صَار كل مَا واراك من بَيت وَنَحْوه خدرا، وَالْجمع: خدور وأخدار، وأخادير جمع الْجمع.
والخدر: خشبات تنصب فَوق قتب الْبَعِير مستورة بِثَوْب، وَهُوَ دج مخدور ومخدر: ذُو خدر، وَقد أخدر الْجَارِيَة وخدرها وتخدرت واختدرت.
وَفِي (الْمُخَصّص) : الخدر ثوب يمد فِي عرض الخباء فَتكون فِيهِ الْجَارِيَة.
وَفِي (المغيث) عَن الْأَصْمَعِي: الخدر نَاحيَة الْبَيْت يقطع للستر فَتكون فِيهِ الْجَارِيَة الْبكر.
وَقيل: هُوَ الهودج.
.

     وَقَالَ  ابْن قرقول: سَرِير عَلَيْهِ ستر، وَقيل: الخدر الْبَيْت.
قَوْلهَا: (وَالْحيض) بِضَم الْحَاء وَتَشْديد الْيَاء جمع: حَائِض.
قَوْلهَا: (وَكَذَا) أَي: نَحْو الْمزْدَلِفَة، وَكَذَا: أَي نَحْو صَلَاة الاسْتِسْقَاء.

ذكر إعرابه: قَوْلهَا: (عواتقنا) مَنْصُوب لِأَنَّهُ مفعول نمْنَع، وَهَذِه الْجُمْلَة فِي مَحل النصب لِأَنَّهَا خبر: كُنَّا، قَوْلهَا: (أَن يخْرجن) ، أَي: من أَن يخْرجن، وَأَن مَصْدَرِيَّة.
أَي: من خروجهن.
قَوْلهَا: (أَعلَى إحدانا) الْهمزَة فِيهِ للاستفهام.
قَوْلهَا: (أَن لَا تخرج) أَي: لِأَن لَا تخرج.
وَأَن مَصْدَرِيَّة.
أَي: لعدم خُرُوجهَا إِلَى الْمصلى للعيد.
قَوْلهَا: (لتلبسها) بجزم السِّين.
(وصاحبتها) بِالرَّفْع فَاعله.
ويروى: (فتلبسها) ، بِضَم السِّين.
قَوْلهَا: (ودعوة الْمُسلمين) كَلَام إضافي مَنْصُوب عطفا على: الْخَيْر.
قَوْلهَا: (سَأَلتهَا) أَي قَالَت حَفْصَة: سَأَلت أم عَطِيَّة.
قَوْلهَا: (أسمعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) الْهمزَة للاستفهام، وَتَقْدِيره: هَل سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول، الْمَذْكُور، وَالْمَفْعُول الثَّانِي مَحْذُوف، وَقد قُلْنَا فِي أول الْكتاب: إِن النُّحَاة اخْتلفُوا فِي: سَمِعت، هَل يتَعَدَّى إِلَى مفعولين على قَوْلَيْنِ: فالمانعون يجْعَلُونَ الثَّانِي حَالا.
قَوْلهَا: (بِأبي) قَالَ الْكرْمَانِي: فِيهِ أَربع نسخ الْمَشْهُور هَذَا، وبيبي، بقلب الْهمزَة يَاء.
وبأبا، بِالْألف بدل الْيَاء.
وبيبا، بقلب الْهمزَة يَاء.
قلت: الْبَاء: فِي (بِأبي) مُتَعَلقَة بِمَحْذُوف تَقْدِيره: أَنْت مفدى بِأبي، فَيكون الْمَحْذُوف إسما وَمَا بعده فِي مَحل الرّفْع على الخبرية، وَيجوز أَن يكون الْمَحْذُوف فعلا تَقْدِيره: فديتك بِأبي، وَيكون مَا بعده فِي مَحل النصب، وَهَذَا الْحَذف لطلب التَّخْفِيف لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال وَعلم الْمُخَاطب بِهِ، واللغتان الأوليان فصيحتان، وأصل بأبا: بِأبي هُوَ، وَيُقَال: بأبأت الصَّبِي، إِذا قلت لَهُ بِأبي أَنْت وَأمي.
فَلَمَّا سكنت الْيَاء قلبت ألفا.
وَفِي رِوَايَة الطَّبَرَانِيّ: (بِأبي هُوَ وَأمي) قَوْلهَا: (وَكَانَت لَا تذكرة) أَي: لاتذكرة أم عَطِيَّة الرَّسُول عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام إِلَّا قَالَت: (بِأبي، أَي: رَسُول الله مفدى بِأبي.
أَو: أَنْت مفدي بِأبي.
وَيحْتَمل أَن يكون قسما أَي: أقسم بِأبي، لَكِن الْوَجْه الأول أقرب إِلَى السِّيَاق وَأظْهر وَأولى.
قَوْلهَا: (سمعته يَقُول) لَيْسَ من تَتِمَّة الْمُسْتَثْنى، إِذْ الْحصْر هُوَ فِي قَوْله: بِأبي، فَقَط بِقَرِينَة مَا تقدم من قَوْلهَا: بِأبي نعم.
قَوْله: (وَذَوَات الْخُدُور) فِيهِ ثَلَاث رِوَايَات: الأولى بواو الْعَطف، وَالثَّانيَِة: بِلَا وَاو، وَتَكون صفة للعواتق، وَالثَّالِثَة: ذَات الْخُدُور بإفراد: ذَات.
قَوْله: (وَالْحيض) ، بِضَم الْحَاء وَتَشْديد الْيَاء عطف على الْعَوَاتِق.
قَوْله: (ويعتزلن الْحيض) بِلَفْظ الْجمع على لُغَة: أكلوني البراغيث، ويروى: يعتزل الْحيض بِالْإِفْرَادِ.
قَوْلهَا: (فَقلت آلحيض؟) بِهَمْزَة الِاسْتِفْهَام، كَأَنَّهَا تتعجب من إخبارها بِشُهُود الْحَائِض.
فَإِن قلت: وليشهدن عطف على مَاذَا؟ قلت: على قَوْله: تخرج الْعَوَاتِق.
فَإِن قلت: كَيفَ يعْطف الْأَمر على الْخَبَر؟ قلت: الْخَبَر من الشَّارِع فِي الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة مَحْمُول على الطّلب، فَمَعْنَاه: ليخرج الْعَوَاتِق وليشهدن.
قَوْلهَا: (أَلَيْسَ يشهدن؟) الْهمزَة فِيهِ للاستفهام.
ويروى: (أَلَيْسَ تشهد) أَي: الْحيض وألس، بِدُونِ الْيَاء، وَفِيه ضمير الشان.
وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: (أليست تشهد؟) بِالتَّاءِ فِي: لَيْسَ، وَهُوَ على الأَصْل.
وَفِي رِوَايَة الْأصيلِيّ: (ألسن يشهدن؟) بنُون الْجمع فِي: لسن.
قَوْله: (عَرَفَة) ، فِيهِ الْمُضَاف مَحْذُوف أَي: يَوْم عَرَفَة فِي عَرَفَات.
ذكر استنباط الْأَحْكَام مِنْهَا: أَن الْحَائِض لَا تهجر ذكر الله تَعَالَى.
وَمِنْهَا: مَا قَالَه [قعالخطابي [/ قع: أَنَّهُنَّ يشهدن مَوَاطِن الْخَيْر ومجالس الْعلم خلا أَنَّهُنَّ لَا يدخلن الْمَسَاجِد.
.

     وَقَالَ  ابْن بطال: فِيهِ جَوَاز خُرُوج النِّسَاء الطاهرات وَالْحيض إِلَى الْعِيدَيْنِ، وشهود الْجَمَاعَات، وتعتزل الْحيض الْمصلى، وَليكن مِمَّن يَدْعُو أَو يُؤمن رَجَاء بركَة المشهد الْكَرِيم.
قَالَ النَّوَوِيّ: قَالَ أَصْحَابنَا: يسْتَحبّ إِخْرَاج النِّسَاء فِي الْعِيدَيْنِ غير ذَوَات الهيئات والمستحسنات، وَأَجَابُوا عَن هَذَا الحَدِيث بِأَن الْمفْسدَة فِي ذَلِك الزَّمن كَانَت مَأْمُونَة بِخِلَاف الْيَوْم، وَقد صَحَّ عَن عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، أَنَّهَا قَالَت: (لَو رأى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا أحدث النِّسَاء بعده لمنعهن الْمَسَاجِد كَمَا منعت نسَاء بني إِسْرَائِيل) .
.

     وَقَالَ  [قععياض [/ قع: وَقد اخْتلف السّلف فِي خروجهن، فَرَأى جمَاعَة ذَلِك حَقًا، مِنْهُم: أَبُو بكر وَعلي وَابْن عمر فِي آخَرين، رَضِي الله عَنْهُم، ومنعهن جمَاعَة، مِنْهُم: عُرْوَة وَالقَاسِم وَيحيى ابْن سعيد الْأنْصَارِيّ وَمَالك وَأَبُو يُوسُف؛ وَأَجَازَهُ [قعأبو حنيفَة [/ قع
مرّة وَمنعه مرّة، وَفِي التِّرْمِذِيّ: وَرُوِيَ عَن ابْن الْمُبَارك: أكره الْيَوْم خروجهن فِي الْعِيدَيْنِ، فَإِن أَبَت الْمَرْأَة إِلَّا أَن تخرج فلتخرج فِي أطمارها بِغَيْر زِينَة، فَإِن أَبى ذَلِك فَللزَّوْج أَن يمْنَعهَا.
ويروى عَن الثَّوْريّ أَنه كره الْيَوْم خروجهن قلت: الْيَوْم الْفَتْوَى على الْمَنْع مُطلقًا، وَلَا سِيمَا فِي الديار المصرية.
وَمِنْهَا: أَن بَعضهم استدلوا بِهَذَا على وجوب صَلَاة الْعِيدَيْنِ؛.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيّ: لَا يسْتَدلّ بذلك على الْوُجُوب لِأَن هَذَا إِنَّمَا توجه لمن لَيْسَ بمكلف بِالصَّلَاةِ بالِاتِّفَاقِ، وَإِنَّمَا الْمَقْصُود التدرب على الصَّلَاة والمشاركة فِي الْخَيْر وَإِظْهَار جمال الْإِسْلَام.
.

     وَقَالَ  الْقشيرِي: لِأَن أهل الْإِسْلَام كَانُوا إِذْ ذَاك قليلين.
وَمِنْهَا: جَوَاز اسْتِعَارَة الثِّيَاب لِلْخُرُوجِ إِلَى الطَّاعَات، وَجَوَاز اشْتِمَال الْمَرْأَتَيْنِ فِي ثوب وَاحِد لضَرُورَة الْخُرُوج إِلَى طَاعَة الله تَعَالَى.
وَمِنْهَا: أَن فِيهِ غَزْو النِّسَاء ومداواتهن للجرحى، وَإِن كَانُوا غير ذَوي محارم مِنْهُنَّ وَمِنْهَا: قبُول خبر الْمَرْأَة.
وَمِنْهَا: أَن فِي قَوْلهَا: كُنَّا نداوي، جَوَاز نقل الْأَعْمَال الَّتِي كَانَت فِي زمن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَإِن كَانَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، لم يخبر بِشَيْء من ذَلِك.
وَمِنْهَا: جَوَاز النَّقْل عَمَّن لَا يعرف اسْمه من الصَّحَابَة خَاصَّة وَغَيرهم إِذا بيّن مَسْكَنه وَدلّ عَلَيْهِ.
وَمِنْهَا: امْتنَاع خُرُوج النِّسَاء بِدُونِ الجلاليب.
وَمِنْهَا: جَوَاز تكْرَار: بِأبي، فِي الْكَلَام.
وَمِنْهَا: جَوَاز السُّؤَال بعد رِوَايَة الْعدْل عَن غَيره تَقْوِيَة لذَلِك.
وَمِنْهَا: جَوَاز شُهُود الْحَائِض عَرَفَة.
وَمِنْهَا: اعتزال الْحيض من الْمصلى، وَاخْتلفُوا فِيهِ، فَقَالَ الْجُمْهُور: هُوَ منع تَنْزِيه وَسَببه الصيانة والاحتراز عَن مُقَارنَة النِّسَاء للرِّجَال من غير حَاجَة وَلَا صَلَاة، وَإِنَّمَا لم يحرم لِأَنَّهُ لَيْسَ مَسْجِدا.
.

     وَقَالَ  بَعضهم: يحرم الْمكْث فِي الْمصلى عَلَيْهَا كَمَا يحرم مكثها فِي الْمَسْجِد لِأَنَّهُ مَوضِع للصَّلَاة، فَأشبه الْمَسْجِد.
وَالصَّوَاب الأول.
.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: الْأَمر بالاعتزال للْوُجُوب، فَهَل الشُّهُود وَالْخُرُوج واجبان أَيْضا؟ قلت: ظَاهر الْأَمر الْوُجُوب، لَكِن علم من مَوضِع آخر أَنه هَهُنَا للنَّدْب.
.

     وَقَالَ  بَعضهم: أغرب الْكرْمَانِي فَقَالَ: الاعتزال وَاجِب وَالْخُرُوج مَنْدُوب قلت: لم يقل بِوُجُوب الإعتزال وندبية الْخُرُوج من هَذَا الْموضع خَاصَّة حَتَّى يكون مغربا، وَإِنَّمَا صرح بقوله: إِن الْوُجُوب لِلْأَمْرِ بالإعتزال، وَأما ندبية الْخُرُوج فَمن مَوضِع آخر.