فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب قول الله تعالى: {واتخذ الله إبراهيم خليلا} [النساء: 125]

( بابُُ قَوْلِ الله تَعَالَى { واتَّخَذَ الله إبْرَاهِيمَ خَلِيلاً} ( النِّسَاء: 561) .
)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان فضل إِبْرَاهِيم الْخَلِيل، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: { وَاتخذ الله إِبْرَاهِيم خَلِيلًا} وَتَمام الْآيَة هُوَ قَوْله تَعَالَى: { وَمن أحسن دينا مِمَّن أسلم وَجهه لله وَهُوَ محسن وَاتبع مِلَّة إِبْرَاهِيم حَنِيفا وَاتخذ الله إِبْرَاهِيم خَلِيلًا} ( النِّسَاء: 561) .
وَسبب تَسْمِيَته خَلِيلًا مَا ذكره ابْن جرير فِي ( تَفْسِيره) : عَن بَعضهم أَنه إِنَّمَا سَمَّاهُ الله خَلِيلًا من أجل أَنه أصَاب أهل نَاحيَة جَدب، فَأرْسل إِلَى خَلِيل لَهُ من أهل الْموصل، وَقيل: من أهل مصر، ليمتار طَعَاما لأَهله من قبله، فَلم يصب عِنْده حَاجته، فَلَمَّا قرب من أَهله مر بمفازة ذَات رمال فَقَالَ: لَو مَلَأت غرائري من هَذَا الرمل لِئَلَّا أغم أَهلِي برجوعي إِلَيْهِم بِغَيْر ميرة، وليظنوا إِنِّي أتيتهم بِمَا يحبونَ، فَفعل ذَلِك، فتحول مَا فِي غرائره من الرمل دَقِيقًا، فَلَمَّا صَار إِلَى منزله نَام وَقَامَ أَهله ففتحوا الغرائر فوجدوا دَقِيقًا نقياً، فعجنوا مِنْهُ وخبزوه، فَاسْتَيْقَظَ فَسَأَلَهُمْ عَن الذقيق الَّذِي خبزوا مِنْهُ، فَقَالُوا: من الدَّقِيق الَّذِي جئتنا بِهِ من عِنْد خَلِيلك، فَقَالَ: نعم هُوَ من خليلي الله، فَسَماهُ الله تَعَالَى بذلك خَلِيلًا.
وَقيل: إِنَّمَا سمي خَلِيلًا لشدَّة محبَّة ربه عز وَجل لما قَامَ لَهُ من الطَّاعَة الَّتِي يُحِبهَا ويرضاها، وَقيل: جَاءَ من طَرِيق جُنْدُب بن عبد الله البَجلِيّ، وَعبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ وَعبد الله بن مَسْعُود، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَن الله اتَّخَذَنِي خَلِيلًا كَمَا اتخذ الله إِبْرَاهِيم خَلِيلًا.
.

     وَقَالَ  ابْن أبي حَاتِم، بِإِسْنَادِهِ إِلَى عبد الله بن عُمَيْر، قَالَ: كَانَ إِبْرَهِيمُ، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، يضيف النَّاس، فَخرج يَوْمًا يلْتَمس إنْسَانا يضيفه فَلم يجد أحدا يضيفه فَرجع إِلَى دَاره فَوجدَ فِيهَا رجلا قَائِما، فَقَالَ: يَا عبد الله { مَا أدْخلك دَاري بِغَيْر إذني؟ فَقَالَ: دَخَلتهَا بِإِذن رَبهَا، قَالَ: وَمن أَنْت، قَالَ: ملك الْمَوْت أَرْسلنِي رَبِّي إِلَى عبد من عباده أُبَشِّرهُ بِأَن الله قد اتَّخذهُ خَلِيلًا، قَالَ: من هُوَ؟ فوَاللَّه إِن أَخْبَرتنِي بِهِ، ثمَّ كَانَ بأقصى الْبِلَاد لآتيته ثمَّ لَا أَبْرَح لَهُ جاراً حَتَّى يفرق بَيْننَا الْمَوْت، قَالَ: ذَلِك العَبْد أَنْت قَالَ: نعم} قَالَ: فَبِمَ اتَّخَذَنِي رَبِي خَلِيلًا؟ قَالَ: إِنَّك تُعْطِي النَّاس وَلَا تَسْأَلهُمْ.

وَاخْتلفُوا فِي نسبه؟ فَقيل: إِنَّه إِبْرَاهِيم بن تارح بن ناحور بن ساروح بن راعو بن فالح بن عَابِر بن شالخ بن قينان بن أرفخشذ بن سَام بن نوح صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، حَكَاهُ السّديّ عَن أشياخه، وَقد أسقط ذكر: قينان، من عَمُود النّسَب بِسَبَب أَنه كَانَ ساحراً، وَقيل: إِبْرَاهِيم بن تارخ بن أسوع بن أرغو بن فالغ بن شالخ بن أرفخشذ بن سَام بن نوح صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَقيل: إِبْرَاهِيم بن آزر بن الناجر بن سارغ بن والغ بن الْقَاسِم، الَّذِي قسم الأَرْض ابْن عبير بن شالخ بن وَاقد بن فالخ، وَهُوَ سَام.
وَقيل: آزر بن صاروج بن راغو بن فالغ بن إرفخشذ.
.

     وَقَالَ  الثَّعْلَبِيّ: كَانَ اسْم أَب إِبْرَاهِيم الَّذِي سَمَّاهُ أَبوهُ: تارخ، فَلَمَّا صَار مَعَ نمْرُود قيمًا على خزانَة آلِهَته سَمَّاهُ: آزر، وَقيل: آزر اسْم صنم،.

     وَقَالَ  ابْن إِسْحَاق: إِنَّه لقب لَهُ عيب بِهِ، وَمَعْنَاهُ: معوج، وَقيل: هُوَ بالقبطية الشَّيْخ الْهَرم،.

     وَقَالَ  الْجَوْهَرِي: آزر اسْم أعجمي،.

     وَقَالَ  البلاذري عَن الشرفي بن الْقطَامِي: إِن معنى آزر: السَّيِّد الْمعِين،.

     وَقَالَ  وهب: إسم أم إِبْرَاهِيم نونا بنت كرنبا من بني سَام بن نوح،.

     وَقَالَ  هِشَام: لم يكن بَين نوح وَإِبْرَاهِيم، عَلَيْهِمَا الصَّلَاة وَالسَّلَام، إلاَّ هود وَصَالح، عَلَيْهِمَا الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَكَانَ بَين إِبْرَاهِيم وَهود سِتّمائَة سنة وَثَلَاثُونَ سنة، وَبَين نوح وَإِبْرَاهِيم، عَلَيْهِمَا الصَّلَاة وَالسَّلَام، ألف وَمِائَة وَثَلَاثَة وَأَرْبَعُونَ سنة.
.

     وَقَالَ  الثَّعْلَبِيّ: وَكَانَ بَين مولد إِبْرَاهِيم وَبَين الطوفان ألف سنة وَمِائَتَا سنة وَثَلَاث وَسِتُّونَ سنة، وَذَلِكَ بعد خلق آدم بِثَلَاثَة آلَاف سنة وثلاثمائة سنة وَسبع وَثَلَاثُونَ سنة، وَكَانَ مولد إِبْرَاهِيم فِي زمن نمْرُود بن كنعان، لَعنه الله تَعَالَى، وَلَكِن اخْتلفُوا فِي أَي مَكَان ولد؟ فَقيل: بِبابُُِل من أَرض السوَاد مَدِينَة نمْرُود، قَالَه ابْن عَبَّاس، وَعَن مُجَاهِد: بكوثا محلّة بكوفة، وَعَن عِكْرِمَة: بالسوس، وَعَن السّديّ: بَين الْبَصْرَة والكوفة، وَعَن الرّبيع بن أنس: بكسكر ثمَّ نَقله أَبوهُ إِلَى كوثا، وَعَن وهب: بحران، وَالصَّحِيح الأول،.

     وَقَالَ  مُحَمَّد بن سعد فِي ( الطَّبَقَات) كنية إِبْرَاهِيم أَبُو الأضياف، وَقد سَمَّاهُ الله بأسماء كَثِيرَة مِنْهَا: الأواه والحليم والمنيب، قَالَ الله تَعَالَى: { إِن إِبْرَاهِيم لحليم أَواه منيب} ( هود: 57) .
وَمِنْهَا: الحنيف وَهُوَ المائل إِلَى الدّين الْحق، وَمِنْهَا: القانت والشاكر إِلَى غير ذَلِك.
قلت: هَذِه أَوْصَاف لَهُ فِي الْحَقِيقَة، وَمَات إِبْرَاهِيم وعمره مِائَتي سنة، وَهُوَ الْأَصَح، وَيُقَال: مائَة وَخَمْسَة وَسَبْعُونَ سنة، قَالَه الْكَلْبِيّ،.

     وَقَالَ  مقَاتل: مائَة وَتسْعُونَ سنة، وَدفن بالمغارة الَّتِي فِي جبرون وَهِي الْآن تسمى بِمَدِينَة الْخَلِيل، وَمعنى: إِبْرَاهِيم: أَب رَحِيم، لِرَحْمَتِهِ الْأَطْفَال، وَلذَلِك جعل هُوَ وَسَارة كافلين لأطفال الْمُؤمنِينَ الَّذين يموتون إِلَى يَوْم الْقِيَامَة، وَسَيَأْتِي عَن قريب،.

     وَقَالَ  الجواليقي: إِبْرَاهِيم وأبرهم وإبراهم وإبراهام.
وقَوْلِهِ { إنَّ إبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتَاً} ( النَّحْل: 021) .
وقوْلِهِ { إنَّ إبْرَاهِيمَ لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ} ( التَّوْبَة: 411) .

وَقَوله، عطف على الْمَجْرُور فِي: بابُُ قَول الله تَعَالَى، الأواه، على وزن: فعال، للْمُبَالَغَة فِيمَن يَقُول أوه، وَهُوَ المتأوه المتضرع، وَقيل: هُوَ الْكثير الْبكاء، وَقيل: هُوَ الْكثير الدُّعَاء.
وَفِي الحَدِيث: ( أللهم إجعلني لَك مخبتاً أوَّاهاً منيباً) وَعَن مُجَاهِد: الأوَّاه الْمُنِيب: الْفَقِير الْمُوفق، وَعَن الشّعبِيّ: الأواه المسبح، وَعَن كَعْب الْأَحْبَار: كَانَ إِذا ذكر النَّار قَالَ: أَواه من عَذَاب الله تَعَالَى.

وَقَالَ أبُو مَيْسَرَةَ الرَّحِيمُ بِلسَان الحَبَشَةِ
أَبُو ميسرَة ضد الميمنة واسْمه: عَمْرو بن شُرَحْبِيل الْهَمدَانِي الوادعي الْكُوفِي، سمع ابْن مَسْعُود، وَعنهُ أَبُو وَائِل شَقِيق بن سَلمَة، مَاتَ قبل أبي جُحَيْفَة فِي ولَايَة عبيد الله بن زِيَاد، وَهَذَا الْأَثر الْمُعَلق وَصله وَكِيع فِي تَفْسِيره من طَرِيق أبي إِسْحَاق عَنهُ.



[ قــ :3197 ... غــ :3349 ]
- حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ كَثِيرٍ أخبرَنا سُفْيانُ حدَّثنا المُغِيرَةُ بنُ النُّعْمَانِ قَالَ حدَّثَني سَعِيدُ ابنُ جُبَيْرٍ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما عنِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إنَّكُمْ مَحْشُورُونَ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلاً ثُمَّ قَرَأ { ك بَدَأنا أوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدَاً علَيْنَا إنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} ( الْأَنْبِيَاء: 401) .
وأوَّلُ مَنْ يُكْسَى يَوْمَ القِيامَةِ إبْرَاهِيمُ وإنَّ أُنَاسَاً مِنْ أصْحَابِي يُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ فأقُولُ أصْحَابِي أصْحَابِي فيُقَالُ إنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ علَى أعْقَابِهِمْ مُنْذُ فارَقْتَهُمْ فأقُولُ كَما قالَ العَبْدُ الصَّالِحُ { وكُنْتُ علَيْهِمْ شَهِيدَاً مَا دُمْتُ فِيهِمْ} إلَى قَوْلهِ { الحَكِيمُ} ( الْمَائِدَة: 711) .
.


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: وَأول من يُكسى يَوْم الْقِيَامَة إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وسُفْيَان هُوَ الثَّوْريّ، والمغيرة بن النُّعْمَان النَّخعِيّ الْكُوفِي.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي التَّفْسِير عَن أبي الْوَلِيد وَسليمَان بن حَرْب فرقهما، وَفِي الرقَاق عَن بنْدَار عَن غنْدر، وَفِي أَحَادِيث الْأَنْبِيَاء عَن مُحَمَّد بن يُوسُف.
وَفِيه أَيْضا عَن مُحَمَّد بن كثير.
وَأخرجه مُسلم فِي صفة الْقِيَامَة عَن أبي مُوسَى وَبُنْدَار وَعَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَعَن عبيد الله بن معَاذ.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الزّهْد عَن أبي مُوسَى وَبُنْدَار بِهِ وَعَن مَحْمُود بن غيلَان وَفِي التَّفْسِير عَن مَحْمُود بن غيلَان أَيْضا.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْجَنَائِز عَن مَحْمُود بن غيلَان وَعَن مُحَمَّد بن الْمثنى وَفِي التَّفْسِير عَن سُلَيْمَان بن عبيد الله.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: ( إِنَّكُم مَحْشُورُونَ) ، جمع محشور من الْحَشْر، وَهُوَ الْجمع، وَفِي رِوَايَة مُسلم: إِنَّكُم تحشرون، بتاء المضارعة على صِيغَة الْمَجْهُول.
قَوْله: ( حُفَاة) ، جمع حافٍ، وَهُوَ خلاف الناعل، كقضاة جمع قاضٍ من حفي يحفى حفيةً وحفايةً، وَأما من حفي من كَثْرَة الْمَشْي إِذا رقت قدمه فَهُوَ حفء من: الحفاء، مَقْصُور.
قَوْله: ( عُرَاة) جمع عَار من الثِّيَاب.
قَوْله: ( غرلًا) ، بِضَم الْغَيْن جمع: أغرل، وَهُوَ الأقلف، وَهُوَ الَّذِي لم يختن، وَبقيت مَعَه غرلته، وَهِي قلفته، وَهِي الْجلْدَة الَّتِي لم تقطع فِي الْخِتَان.
قَالَ الْأَزْهَرِي وَغَيره: هُوَ الأغرل، والأرغل والأغلف، بالغين الْمُعْجَمَة فِي الثَّلَاثَة، والأقلف والأعرم بِالْعينِ الْمُهْملَة وَجمعه: غرل ورغل وغلف وقلف وعرم، والغرلة: مَا يقطع من ذكر الصَّبِي وَهُوَ القلفة وبطولها يعرف نجابة الصَّبِي.
.

     وَقَالَ  أَبُو هِلَال العسكري: لَا تلتقي الرَّاء مَعَ اللَّام فِي الْعَرَبيَّة إلاَّ فِي أَربع كَلِمَات: أرل اسْم جبل، وورل اسْم دَابَّة، وجرل هُوَ اسْم للحجارة، والغرلة.
.

     وَقَالَ  صَاحب ( التَّوْضِيح) : أهمل أَربع كَلِمَات أُخْرَى: برل الديك، وَهُوَ الريش الَّذِي يستدير بعنقه.
وعيش أغرل: أَي وَاسع، وَرجل غرل: مسترخي الْخلق والهرل: ولد ... قَالَه القالي: قلت: لُغَة الْعَرَب وَاسِعَة واستقصاء هَذِه الْمَادَّة متعسر، والورل، بِفتْحَتَيْنِ: دَابَّة مثل الضَّب، وَالْجمع ورلان، والجرل، بِفَتْح الْجِيم وَفتح الرَّاء وَكَذَلِكَ الجرول وَالْوَاو للإلحاق بِجَعْفَر، وبرل الديك، بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة،.

     وَقَالَ  الْجَوْهَرِي: برائل الديك عفرته، وَهُوَ الريش الَّذِي يستدير فِي عُنُقه، وَلم يذكر برلاً، وَقد برأل الديك برألة: إِذا نفش برائله، وعيش أغرل بالغين الْمُعْجَمَة، وَرجل غرل، بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَكسر الرَّاء: مسترخي الْخلق بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة.
فَإِن قلت: مَا فَائِدَة الغلفة يَوْم الْقِيَامَة؟ قلت: الْمَقْصُود أَنهم يحشرون كَمَا خلقُوا لَا شَيْء مَعَهم وَلَا يفقد مِنْهُم شَيْء، حَتَّى الغرلة تكون مَعَهم.
.

     وَقَالَ  ابْن الْجَوْزِيّ: لَذَّة جماع الأقلف تزيد على لَذَّة جماع المختون،.

     وَقَالَ  ابْن عقيل: بشرة حَشَفَة الأقلف موقاة بالقلفة فَتكون بَشرَتهَا أرق وَمَوْضِع الْحس كلما رق كَانَ الْحس أصدق كراحة الْكَفّ، إِذا كَانَت موقاة من الْأَعْمَال صلحت للحس، وَإِذا كَانَت يَد قصار أَو نجار خَفِي فِيهَا الْحس، فَلَمَّا أبانوا فِي الدُّنْيَا تِلْكَ الْبضْعَة لأَجله أَعَادَهَا الله ليذيقها من حلاوة فَضله، قَالَ: والسر فِي الْخِتَان، مَعَ أَن القلفة مَعْفُو عَن مَا تحتهَا من النَّجس، أَنه سنة إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام.
فَإِن قلت: روى أَبُو دَاوُد من حَدِيث أبي سعيد: أَنه لما حَضَره الْمَوْت دَعَا بِثِيَاب جدد فلبسها، ثمَّ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يَقُول: إِن الْمَيِّت يبْعَث فِي ثِيَابه الَّتِي يَمُوت فِيهَا، وَرَوَاهُ ابْن حبَان أَيْضا وَصَححهُ، وروى التِّرْمِذِيّ من حَدِيث بهز بن حَكِيم عَن أَبِيه عَن جده، قَالَ: سَمِعت رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يَقُول: إِنَّكُم تحشرون رجَالًا وركباناً وَتجرونَ على وُجُوهكُم، فَفِيهَا مُعَارضَة لحَدِيث الْبابُُ ظَاهرا.
قلت: أُجِيب بِأَنَّهُم يبعثون من قُبُورهم فِي ثِيَابهمْ الَّتِي يموتون فِيهَا، ثمَّ عِنْد الْحَشْر تتناثر عَنْهُم ثِيَابهمْ فيحشرون عُرَاة أَو بَعضهم يأْتونَ إِلَى موقف الْحساب عُرَاة ثمَّ يكسون من ثِيَاب الْجنَّة، وَبَعْضهمْ حمل قَوْله: يبعثون فِي ثِيَابه، على الْأَعْمَال، أَي: فِي أَعماله الَّتِي يَمُوت فِيهَا من خير أَو شَرّ.
قَالَ تَعَالَى: { ولباس التَّقْوَى ذَلِك خير} ( الْأَعْرَاف: 62) .
.

     وَقَالَ  تَعَالَى: { وثيابك فطهر} ( المدثر: 3) .
أَي: عَمَلك أخلصه، وروى مُسلم عَن جَابر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، مَرْفُوعا: يبْعَث كل عبد على مَا مَاتَ عَلَيْهِ، وَحمله بَعضهم على الشُّهَدَاء الَّذين أَمر صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَن يزملوا فِي ثِيَابهمْ ويدفنوا بهَا، وَلَا يُغير شَيْء من حَالهم، وَقَالُوا: يحْتَمل أَن يكون أَبُو سعيد سمع الحَدِيث فِي الشُّهَدَاء فتأوله على الْعُمُوم،.

     وَقَالَ  بَعضهم: وَمِمَّا يدل على حَدِيث الْبابُُ قَوْله تَعَالَى: { وَلَقَد جئتمونا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أول مرّة} ( الْأَنْعَام: 49) .
وَقَوله تَعَالَى: { كَمَا بَدَأَكُمْ تعودُونَ} ( الْأَعْرَاف: 92) .
وَلَا ملابس يَوْمئِذٍ إلاَّ فِي الْجنَّة، وَذهب الْغَزالِيّ إِلَى حَدِيث أبي سعيد وَاحْتج بقوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: بالغوا فِي أكفان مَوْتَاكُم، فَإِن أمتِي تحْشر فِي أكفانها، وَسَائِر الْأُمَم عُرَاة، رَوَاهُ أَبُو سُفْيَان مُسْندًا.
وَأجِيب: عَنهُ، على تَقْدِير صِحَّته: إِنَّه مَحْمُول على أمتِي الشُّهَدَاء، وَاحْتج الْغَزالِيّ أَيْضا بِمَا رَوَاهُ أَبُو نصر الوائلي فِي ( الْإِبَانَة) : من حَدِيث أبي الزبير عَن جَابر مَرْفُوعا: أَحْسنُوا أكفان مَوْتَاكُم، فَإِنَّهُم يتباهون بهَا ويتزاورون فِي قُبُورهم.
وَأجِيب: بِأَن ذَلِك يكون فِي البرزخ، كَمَا فِي نفس الحَدِيث، فَإِذا قَامُوا خَرجُوا، كَمَا فِي حَدِيث ابْن عَبَّاس: إلاَّ الشُّهَدَاء.
قَوْله: ثمَّ قَرَأَ قَوْله تَعَالَى: { كَمَا بدأنا أول خلق نعيده} ( الْأَنْبِيَاء: 401) .
الْآيَة، وأولها هُوَ قَوْله: { يَوْم نطوي السَّمَاء كطي السّجل للْكتاب} ( الْأَنْبِيَاء: 401) .
أَي: يَوْم نطوي السَّمَاء طياً كطي السّجل الصَّحِيفَة للْكتاب الْمَكْتُوب، وَعَن عَليّ وَابْن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم: السّجل ملك يطوي كتب ابْن آدم إِذا رفعت إِلَيْهِ، وَعَن ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا: السّجل كَاتب لرَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَعنهُ أَيْضا السّجل يَعْنِي: الرجل، فعلى هَذِه الْأَقْوَال: الْكتاب اسْم الصَّحِيفَة الْمَكْتُوب فِيهَا.
قَوْله: { أول خلق} ( الْأَنْبِيَاء: 401) .
مفعول لقَوْله: نعيد، الَّذِي يفسره: نعيده، الَّذِي بعده، وَالْكَاف مَكْفُوفَة بِمَا، وَالْمعْنَى: نعيد أول خلق كَمَا بدأناه، تَشْبِيها للإعادة بالإبداء فِي تنَاول الْقُدْرَة لَهما على السوَاء، وَقيل: كَمَا بدأناهم فِي بطُون أمهاتهم حُفَاة عُرَاة غرلًا، كَذَلِك نعيدهم يَوْم الْقِيَامَة نظيرها.
قَوْله: ( وَعدا) مصدر مُؤَكد، لِأَن قَوْله: نعيده، عدَّة للإعادة.
قَوْله: ( إنَّا كُنَّا فاعلين) أَي: قَادِرين على مَا نشَاء أَن نَفْعل، وَقيل: مَعْنَاهُ: إِنَّا كُنَّا فاعلين مَا وعدناه.
قَوْله: ( وَأول من يكسى يَوْم الْقِيَامَة إِبْرَاهِيم) ، فِيهِ منقبة، ظَاهره لَهُ فَضِيلَة عَظِيمَة وخصوصية، كَمَا خص مُوسَى، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام بِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يجده مُتَعَلقا بساق الْعَرْش، مَعَ أَن سيد الْأمة أول من تَنْشَق عَنهُ الأَرْض، وَلَا يلْزم من هَذَا أَن يكون أفضل مِنْهُ، بل هُوَ أفضل من فِي الْقِيَامَة، وَلَا يلْزم من اخْتِصَاص الشَّخْص بفضيلة كَونه أفضل مُطلقًا، أَو المُرَاد غير الْمُتَكَلّم بذلك، لِأَن قوما من أهل الْأُصُول ذكرُوا أَن الْمُتَكَلّم لَا يدْخل تَحت عُمُوم خطابه، وروى ابْن الْمُبَارك فِي ( رقائقه) : من حَدِيث عبد الله بن الْحَارِث عَن عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: أول من يكسى خَلِيل الله قبطيتين، ثمَّ يكسى مُحَمَّد حلَّة حبرَة عَن يَمِين الْعَرْش.
وَفِي ( منهاج الْحَلِيمِيّ) : من حَدِيث عباد بن كثير عَن أبي الزبير عَن جبر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: أول من يكسى من حلل الْجنَّة إِبْرَاهِيم، ثمَّ مُحَمَّد ثمَّ النَّبِيون، ثمَّ قَالَ: إِذا أَتَى بِمُحَمد أُتِي بحلة لَا يقوم لَهَا الْبشر لنفاسة الْكسْوَة، فَكَأَنَّهُ كسى مَعَ إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وروى أَبُو نعيم من حَدِيث ابْن مَسْعُود فِيهِ: فَيكون أول من يكسى إِبْرَاهِيم، فَيَقُول: رَبنَا عز وَجل إكسوا خليلي، فَيُؤتى بربطتين بيضاوين فيلبسهما، ثمَّ يقْصد مُسْتَقْبل الْعَرْش، ثمَّ يُؤْتى بكسوتي فألبسها فأقوم عَن يَمِينه مقَاما يغبطني فِيهِ الْأَولونَ وَالْآخرُونَ.
وَفِي ( الْأَسْمَاء وَالصِّفَات) للبيهقي: من حَدِيث ابْن عَبَّاس، مَرْفُوعا: أول من يكسى إِبْرَاهِيم حلَّة من الْجنَّة، وَيُؤْتى بكرسي فيطرح عَن يَمِين الْعَرْش، وَيُؤْتى بِي فأكسى حلَّة لَا يقوم لَهَا الْبشر.
وَالْحكمَة فِي خُصُوصِيَّة إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، بذلك لكَونه ألقِي فِي النَّار عُريَانا، وَقيل: لِأَنَّهُ أول من لبس السَّرَاوِيل مُبَالغَة فِي السّتْر، وَلَا سِيمَا فِي الصَّلَاة، فَلَمَّا فعل ذَلِك جوزي بِأَن يكون أول من يستر يَوْم الْقِيَامَة.
قَوْله: ( وَإِن أُنَاسًا من أَصْحَابِي يُؤْخَذ بهم ذَات الشمَال) ، بِكَسْر الشين ضد الْيَمين وَيُرَاد بهَا جِهَة الْيَسَار.
قَوْله: ( فَأَقُول: أَصْحَابِي أَصْحَابِي) الأول، خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف تَقْدِيره: هَؤُلَاءِ أَصْحَابِي، وأصحابي الثَّانِي تَأْكِيد لَهُ، ويروى: أصيحابي أصيحابي، وَوجه التصغير فِيهِ إِشَارَة إِلَى قلَّة عدد من هَذَا وَصفهم.
قَوْله: ( لن يزَالُوا) ويروى: لم يزَالُوا، وَفِي رِوَايَة مُسلم: ألاَّ وَإنَّهُ سيجاء بِرِجَال من أمتِي فَيُؤْخَذ بهم ذَات الشمَال، فَأَقُول: يَا رب أَصْحَابِي.
قَوْله: ( لن يزَالُوا مرتدين على أَعْقَابهم مُنْذُ فَارَقْتهمْ) ، وَفِي رِوَايَة مُسلم: فَيُقَال: ( لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بعْدك) ،.

     وَقَالَ  الْخطابِيّ: الإرتداد هُنَا التَّأْخِير عَن الْحُقُوق اللَّازِمَة وَالتَّقْصِير فِيهَا، قيل: هُوَ مَرْدُود، لِأَن ظَاهر الإرتداد يَقْتَضِي الْكفْر لقَوْله تَعَالَى: { أَفَإِن مَاتَ أَو قتل انقلبتم على أعقابكم} ( آل عمرَان: 441) .
أَي: رجعتم إِلَى الْكفْر والتنازع، وَلِهَذَا قَالَ: بعدا لَهُم وَسُحْقًا، وَهَذَا لَا يُقَال للْمُسلمين، فَإِن شَفَاعَته للمذنبين.
فَإِن قلت: كَيفَ خَفِي عَلَيْهِ حَالهم مَعَ إخْبَاره بِعرْض أمته عَلَيْهِ؟ قلت: لَيْسُوا من أمته، وَإِنَّمَا يعرض عَلَيْهِ أَعمال الْمُوَحِّدين لَا الْمُرْتَدين وَالْمُنَافِقِينَ،.

     وَقَالَ  ابْن التِّين: يحْتَمل أَن يَكُونُوا منافقين أَو مرتكبي الْكَبَائِر من أمته، قَالَ: وَلم يرْتَد أحد من أمته، وَلذَلِك قَالَ: على أَعْقَابهم، لِأَن الَّذِي يعقل من قَوْله: الْمُرْتَدين الْكفَّار إِذا أطلق من غير تَقْيِيد، وَقيل: هم قوم من جُفَاة الْعَرَب دخلُوا فِي الْإِسْلَام أَيَّام حَيَاته رَغْبَة وَرَهْبَة: كعيينة بن حُصَيْن، جَاءَ بِهِ أَبُو بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَسِيرًا، والأشعث بن قيس، فَلم يقتلهما وَلم يسترقهما، فعادوا الْإِسْلَام.
.

     وَقَالَ  النَّوَوِيّ: المُرَاد بِهِ المُنَافِقُونَ والمرتدون، وَقيل: المُرَاد من كَانَ فِي زَمَنه مُسلما ثمَّ ارْتَدَّ بعده، فيناديه لما كَانَ يعرفهُ فِي حَال حَيَاته من إسْلَامهمْ، فَيُقَال: ارْتَدُّوا بعْدك.
فَإِن قلت: يشكل عَلَيْهِ بِعرْض الْأَعْمَال؟ قلت: قد ذكرنَا أَن الَّذِي يعرض عَلَيْهِ أَعمال الْمُوَحِّدين لَا الْمُرْتَدين وَلَا الْمُنَافِقين.
.

     وَقَالَ  أَبُو عمر: كل من أحدث فِي الدّين فَهُوَ من المطرودين عَن الْحَوْض: كالخوارج وَالرَّوَافِض وَسَائِر أَصْحَاب الْأَهْوَاء، وَكَذَلِكَ الظَّلَمة المسرفون فِي الْجور وطمس الْحق والمعلنون بالكبائر.
قَوْله: ( فَأَقُول كَمَا قَالَ العَبْد الصَّالح) وَهُوَ: عِيسَى بن مَرْيَم، صلوَات الله عَلَيْهِمَا.
قَوْله: { وَكنت عَلَيْهِم شَهِيدا} إِلَى آخِره ( الْمَائِدَة: 711) .
وَتَمام هَذَا الْكَلَام من قَوْله: { وَإِذ قَالَ الله يَا عِيسَى ابْن مَرْيَم أَأَنْت قلت للنَّاس} ( الْمَائِدَة: 711) .
إِلَى قَوْله: { فَإنَّك أَنْت الْعَزِيز الْحَكِيم} ( الْمَائِدَة: 711) .
وَمعنى قَوْله: { وَكنت عَلَيْهِم شَهِيدا} ( الْمَائِدَة: 711) .
أَي: كنت أشهد على أَعْمَالهم حِين كنت بَين أظهرهم، فَلَمَّا توفيتني كنت أَنْت الرَّقِيب أَي: الحفيظ عَلَيْهِم، والمراقبة فِي الأَصْل المراعاة، وَقيل: أَنْت الْعَالم بهم وَأَنت على كل شَيْء شَهِيد أَي: شَاهد لما حضر وَغَابَ، وَقيل: على من عصى وأطاع.
قَوْله: { أَن تُعَذبهُمْ} ( الْمَائِدَة: 711) .
ذكر ذَلِك على وَجه الاستعطاف وَالتَّسْلِيم لأَمره، وَإِن تغْفر لَهُم فبتوبة كَانَت مِنْهُم لأَنهم عِبَادك وَأَنت الْعَادِل فيهم، وَأَنت فِي مغفرتك عَزِيز لَا يمْتَنع عَلَيْك مَا تُرِيدُ، حَكِيم فِي ذَلِك.





[ قــ :3198 ... غــ :3350 ]
- حدَّثنا إسْمَاعِيلُ بنُ عَبْدِ الله قَالَ أخبرَنِي أخِي عَبْدُ الحَمِيدِ عنِ ابنِ أبِي ذِئْبٍ عنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ عَن النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يَلْقاى إبْرَاهِيمُ أباهُ آزَرَ يَوْمَ القِيَامَةِ وعَلى وَجْهِ آزَرَ قَتَرَةٌ وغبَرَةٌ فيَقُولُ لَهُ إبرَاهِيمُ ألَمْ أقُلْ لَكَ لاَ تَعْصِني فَيَقُولُ أبُوهُ فالْيَوْمَ لاَ أعْصِيكَ فيَقُولُ إبْرَاهِيمُ يَا رَبِّ إنَّكَ وعَدْتَنِي أَن لاَ تُخْزِيَنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ فأَيُّ خِزْيٍ أخْزَى مِنْ أبِي الأبْعَدِ فيَقُولُ الله تَعَالى إنِّي حَرَّمْتُ الجَنَّةَ علَى الكَافِرِينَ ثُمَّ يُقالُ يَا إبرَاهِيمُ مَا تَحْتَ رِجْلَيْكَ فيَنْظُرُ فإذَا بذِيخٍ مُلْتَطِخٍ فَيُؤْخَذُ بِقَوَائِمِهُ فيُلْقَى فِي النَّارِ.


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي ذكر إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَإِسْمَاعِيل بن عبد الله هُوَ إِسْمَاعِيل بن أبي أويس، وَاسم أبي أويس عبد الله وَأَخُوهُ عبد الحميد بن أبي أويس، يكنى أَبَا بكر الأصبحي الْمَدِينِيّ، وَابْن أبي ذِئْب هُوَ مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي ذِئْب.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي التَّفْسِير عَن إِسْمَاعِيل بن عبد الله.

قَوْله: ( قترة) أَي: سَواد الدُّخان، ( وغبرة) أَي: غُبَار، وَلَا يرْوى أوحش من اجْتِمَاع الغبرة والسواد فِي الْوَجْه.
قَالَ تَعَالَى: { وُجُوه يَوْمئِذٍ عَلَيْهَا غبرة ترهقها قترة} ( عبس: 04 14) .
وَيُقَال: القترة الظلمَة، وَفسّر ابْن التِّين: القترة بالغبرة، فعلى هَذَا يكون من بابُُ الترادف، قَالَ: وَقيل: القترة مَا يغشى الْوَجْه من كرب،.

     وَقَالَ  الزّجاج: القترة الغبرة مَعهَا سَواد كالدخان، وَعَن مقَاتل: سَواد وكآبة.
قَوْله: ( أَن لَا تخزيني) من الإخزاء وثلاثيه: خزاه يخزوه خزواً يَعْنِي: ساسه وقهره، وخزى يخزى من بابُُ علم يعلم خزياً بِالْكَسْرِ أَي: ذل وَهَان،.

     وَقَالَ  ابْن السّكيت: مَعْنَاهُ وَقع فِي بلية وخزي أَيْضا يخزى خزاية أَي: استحيى فَهُوَ خزيان، وَقوم خزايا وَامْرَأَة خزياء.
قَوْله: ( الْأَبْعَد) أَي: الْأَبْعَد من رَحْمَة الله، وَإِنَّمَا قَالَ بأفعل التَّفْضِيل لِأَن الْفَاسِق بعيد وَالْكَافِر أبعد، وَقيل: هُوَ بِمَعْنى الباعد أَي: الْهَالِك من بعد بِفَتْح الْعين إِذا هلك، وعَلى الْمَعْنيين الْمُضَاف مَحْذُوف أَي: من خزي أبي الْأَبْعَد.
قَوْله: ( فَإِذا) كلمة مفاجأة.
قَوْله: ( بذيخ) ، بِكَسْر الذَّال الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف قَوْله وبالخاء الْمُعْجَمَة: ذكر الضبع الْكثير الشّعْر،.

     وَقَالَ  ابْن سَيّده: وَالْجمع أذياخ وذيوخ، وذيخة وَالْجمع ذيخات.
قَوْله: ( متلطخ) ، صفة الذّبْح أَي متلطخ بالرجيع أَو بالطين أَو بِالدَّمِ، وحملت إِبْرَاهِيم الرأفة على أَن يشفع فِيهِ، فأري لَهُ على خلاف منظره ليتبرأ مِنْهُ، وَفِي رِوَايَة أُخْرَى: يُوجد بحجرة إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، فَانْتزع مِنْهُ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام.





[ قــ :3199 ... غــ :3351 ]
- حدَّثنا يَحْيَى بنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حدَّثني ابنُ وَهْبٍ قَالَ أخْبَرَنِي عَمُرٌ وأنَّ بُكَيْرَاً حدَّثَهُ عنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابنِ عَبَّاسٍ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما قَالَ دَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْبَيْتَ وَجَدَ فِيهِ صُورَةَ إبْرَاهِيمَ وصُورَةَ مَرْيَمَ فَقَالَ أمَّا هُمْ فَقَدْ سَمِعُوا أنَّ المَلاَئِكَةَ لاَ تَدْخُلُ بَيْتَاً فِيهِ صُورَةٌ هذَا إبْرَاهِيمُ مُصَوَّرٌ فَمَا لَهُ يَسْتَقْسِمُ.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: إِبْرَاهِيم، فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَيحيى بن سُلَيْمَان أَبُو سعيد الْجعْفِيّ الْكُوفِي، نزل مصر وَهُوَ من أَفْرَاد البُخَارِيّ، وَابْن وهب هُوَ عبد الله بن وهب الْمصْرِيّ، وَعَمْرو هُوَ ابْن الْحَارِث الْمصْرِيّ، وَبُكَيْر مصغر بكر ابْن عبد الله بن الْأَشَج.

والْحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ فِي الزِّينَة عَن وهب بن بَيَان، وَقد مضى أَيْضا فِي كتاب الْحَج فِي: بابُُ من كبر فِي نواحي الْكَعْبَة فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ من حَدِيث أَيُّوب عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس، وَقد مضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.

قَوْله: ( الْبَيْت) ، أَي: الْكَعْبَة.
قَوْله: ( أما) ، بِالتَّشْدِيدِ.
قَوْله: ( هم) ، أَي: قُرَيْش، وقسيم: إِمَّا، هُوَ قَوْله: هَذَا إِبْرَاهِيم، أَو قسيمه مَحْذُوف نَحْو: وَأما صُورَة مَرْيَم فَكَذَا.
قَوْله: ( هَذَا إِبْرَاهِيم) ، أَي: هَذَا صُورَة إِبْرَاهِيم قَوْله: ( فَمَاله يستقسم؟) إبعاد مِنْهُ فِي حق إِبْرَاهِيم لِأَنَّهُ مَعْصُوم مِنْهُ، والاستقسام طلب معرفَة مَا قسم لَهُ مِمَّا لم يقسم لَهُ بالإزلام، وَهِي القداح، وَقيل: الاستقسام بالأزلام هُوَ الميسر، وقسمتهم الْجَزُور على الْأَنْصِبَاء الْمَعْلُومَة، وَإِنَّمَا حرم ذَلِك لِأَنَّهُ دُخُول فِي علم الْغَيْب.
وَفِيه: اعْتِقَاد أَنه طَرِيق إِلَى الْحق.
وَفِيه: إفتراء على الله إِذْ لم يَأْمر بذلك.





[ قــ :300 ... غــ :335 ]
- حدَّثنا إبْرَاهِيمُ بنُ مُوسَى أخْبرَنَا هِشامٌ عنْ مَعْمَرٍ عنْ أيُّوبَ عنْ عِكْرِمَةَ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما أنَّ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَمَّا رأى الصُّوَرَ فِي البَيْتِ لَمْ يَدْخُلْ حتَّى أمَرَ بِهَا فمُحِيَتْ ورَأى إبْرَاهِيمَ وإسْمَاعِيلَ علَيْهِمَا السَّلاَمُ بأيْدِيهِمَا الأزْلاَمُ فَقَالَ قاتَلَهُمُ الله وَالله إنِ اسْتَقْسَمَا بالأزْلاَمِ قَطٌّ.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: إِبْرَاهِيم، وَهَذَا طَرِيق آخر فِي حَدِيث ابْن عَبَّاس أخرجه عَن إِبْرَاهِيم بن مُوسَى الْفراء أبي إِسْحَاق الرَّازِيّ الْمَعْرُوف بالصغير عَن هِشَام بن يُوسُف الصَّنْعَانِيّ الْيَمَانِيّ عَن معمر عَن أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ عَن عِكْرِمَة.

قَوْله: ( فمحيت) من المحو، وَهُوَ الْإِزَالَة، وَهُوَ على صِيغَة الْمَجْهُول.
قَوْله: ( قَاتلهم الله) ، أَي: لعنهم الله.
قَوْله: ( إِن استقسما) أَي: مَا استقسما، وَكلمَة: إِن، بِكَسْر الْهمزَة وَسُكُون النُّون: نَافِيَة.





[ قــ :301 ... غــ :3353 ]
- حدَّثنا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الله حدَّثنا يَحْيَى بنُ سَعِيدٍ حدَّثنا عُبَيْدُ الله قَالَ حدَّثني سعِيدُ بنُ أبِي سَعِيدٍ عنْ أبِيهِ عَن أبي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قِيلَ يَا رسولَ الله مَنْ أكْرَمُ النَّاسِ قَالَ أتْقاهُمْ فَقَالُوا لَيْسَ عنْ هَذَا نَسْألُكَ قَالَ فَيُوسُفُ نَبيُّ الله ابنُ نَبِيِّ الله ابنِ نَبِيِّ الله ابنِ خَلِيلِ الله قالُوا لَيْسَ عنْ هَذَا نَسْألُكَ قَالَ فَعَنْ معادِنِ العَرَبِ تَسْألُونَ خيارهم فِي الْجَاهِلِيَّة خِيارُهُمْ فِي الإسْلاَمِ إذَا فَقِهُوا.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( خَلِيل الله) وَعلي بن عبد الله الْمَعْرُوف بِابْن الْمَدِينِيّ، وَيحيى بن سعيد الْقطَّان، وَعبيد الله بتصغير العَبْد هُوَ ابْن عمر بن حَفْص بن عَاصِم بن عمر بن الْخطاب، وَسَعِيد هُوَ المَقْبُري يروي عَن أَبِيه كيسَان عَن أبي هُرَيْرَة.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا هُنَا عَن صَدَقَة بن الْفضل وَفِي مَنَاقِب قُرَيْش عَن مُحَمَّد بن بشار.
وَأخرجه مُسلم فِي المناقب عَن مُحَمَّد بن الْمثنى وَزُهَيْر بن حَرْب وَعبيد الله بن عمر.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي التَّفْسِير عَن عمر بن عَليّ.

قَوْله: ( أتفاهم) ، يَعْنِي: أَشَّدهم تقوى، قَالَ الله تَعَالَى: { إِن أكْرمكُم عِنْد الله أَتْقَاكُم} ( الحجرات: 31) .
قَوْله: ( فيوسف نَبِي الله) أَي: فيوسف نَبِي الله أَشْرَفهم، لِأَن معنى الْكَرم هُنَا الشّرف، وَذَلِكَ من اتَّقى ربه عز وَجل شرف لِأَن التَّقْوَى تحمله على أَسبابُُ الْعِزّ لِأَنَّهَا تبعده عَن الطمع فِي كثير من الْمُبَاح، فضلا عَن غَيره وَمن المآثم، وَمَا ذَاك إلاَّ من أسره هَوَاهُ، وَادّعى الْقُرْطُبِيّ: أَنه يخرج من هَذَا الحَدِيث أَن أخوة يُوسُف لَيْسُوا أَنْبيَاء، إِذْ لَو كَانُوا كَذَلِك لشاركوه فِي هَذِه المنقبة، وَفِيه نظر، لِأَنَّهُ ذكره لكَونه أفضلهم لَا سِيمَا على من ادّعى رسَالَته.
قَوْله: ( ابْن نَبِي الله) هُوَ يعقوبُ ( ابْن نَبِي الله) هُوَ إِسْحَاق ( ابْن خَلِيل الله) هُوَ إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام.
قَوْله: ( فَعَن معادن الْعَرَب) ، أَي: أصولهم الَّتِي ينسبون إِلَيْهَا ويتفاخرون بهَا، وَإِنَّمَا جعلت معادن لما فِيهَا من الاستعدادات المتفاوتة.
فَمِنْهَا: قَابِلَة لفيض الله على مَرَاتِب المعدنيات، وَمِنْهَا: غير قَابِلَة لَهُ، وشبههم بالمعادن لأَنهم أوعية للعلوم، كَمَا أَن الْمَعَادِن أوعية للجواهر النفيسة، وَإِنَّمَا قيد بقوله: ( إِذا فقهوا) وَالْحَال أَن كل من أسلم وَكَانَ شريفاً فِي الْجَاهِلِيَّة فَهُوَ خير من الَّذِي لم يكن لَهُ الشّرف فِيهَا، لِأَن الْمَعْنى لَيْسَ على ذَلِك، فَإِن الوضيع الْعَالم خير من الشريف الْجَاهِل، وَالْعلم يرفع كل من لم يرفع، وَقَوله: ( فقهوا) ، بِكَسْر الْقَاف مَعْنَاهُ: إِذا فَهموا وَعَلمُوا، وَهُوَ من بابُُ علم يعلم أَعنِي: بِكَسْر الْقَاف فِي الْمَاضِي وَبِفَتْحِهَا فِي الْمُسْتَقْبل، وَأما: فقه، بِضَم الْقَاف: يفقه، كَذَلِك فَمَعْنَاه: صَار فَقِيها عَالما، وَالْفِقْه فِي الْعرف خَاص بِعلم الشَّرِيعَة، وَيخْتَص بِعلم الْفُرُوع.

قَالَ أَبُو أُسَامَةَ ومُعْتَمِرٌ عنْ عُبَيْدِ الله عنْ سَعِيدٍ عَن أبي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
أَشَارَ بِهَذَا التَّعْلِيق عَن أبي أُسَامَة حَمَّاد بن أُسَامَة وَعَن مُعْتَمر بن سُلَيْمَان بن طرخان إِلَى أَنَّهُمَا خالفا يحيى بن سعيد الْقطَّان فِي الْإِسْنَاد حَيْثُ لم يرويا إلاَّ عَن سعيد عَن أبي هُرَيْرَة، وَلم يذكرَا الْأَب بِخِلَاف يحيى فَإِنَّهُ قَالَ: عَن سعيد عَن أبي هُرَيْرَة.
أما تَعْلِيق أبي أُسَامَة فَإِن البُخَارِيّ وَصله فِي قصَّة يُوسُف عَن عبيد بن إِسْمَاعِيل عَن أبي أُسَامَة حَمَّاد بن أُسَامَة.
وَأما تَعْلِيق مُعْتَمر فوصله فِي قصَّة يَعْقُوب عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم عَن الْمُعْتَمِر بن سُلَيْمَان عَن عبيد الله.





[ قــ :30 ... غــ :3354 ]
- حدَّثنا مُؤَمَّلٌ حدَّثنا إسْمَاعِيلُ حدَّثنا عَوْفٌ حدَّثنا أَبُو رَجاءٍ حدَّثنا سَمُرَةُ قَالَ قَالَ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أتَانِي اللَّيْلَةَ آتِيَانِ فأتَيْنَا على رَجُلٍ طَوِيلٍ لَا أكادُ أرَى رأسَهُ طُوْلاً فِي السَّماءِ وإنَّهُ إبْرَاهِيمُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( وَإنَّهُ إِبْرَاهِيم) والْحَدِيث مضى فِي آخر كتاب الْجَنَائِز مطولا عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل عَن جرير ابْن أبي حَازِم عَن أبي رَجَاء عَن سَمُرَة، وَهنا أخرجه: عَن مُؤَمل بِلَفْظ اسْم الْمَفْعُول من التأميل ابْن هِشَام الْبَصْرِيّ، ختن إِسْمَاعِيل بن علية، والراوي عَنهُ عَن عَوْف الْأَعرَابِي عَن أبي رَجَاء عمرَان العطاردي عَن سَمُرَة بن جُنْدُب.
قَوْله: ( فأتينا) أَي: فذهبا بِي حَتَّى أَتَيْنَا.





[ قــ :303 ... غــ :3355 ]
- حدَّثني بَيانُ بنُ عَمْرٍ وحدَّثَنَا النَّضْرُ أخْبَرَنَا ابنُ عَوْن عنْ مُجَاهِدٍ أنَّهُ سَمِعَ ابنَ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما وذَكَرُوا لَهُ الدَّجَّالَ بَيْنَي عَيْنَيْهِ مَكْتُوبٌ كافِرٌ أوْ ك ف ر قَالَ لَمْ أسْمَعْهُ ولَكِنَّهُ قَالَ أمَّا إبْرَاهِيمُ فانْظُرُوا إِلَى صاحِبِكُمْ وأمَّا مُوسَى فَجَعْدٌ آدَمُ علَى جَمَلٍ أحْمَرَ مَخْطُومٍ بِخُلْبَةٍ كأنِّي أنْظُرُ إلَيْهِ انْحَدَرَ فِي الوَادِي يُكَبِّرُ.
( انْظُر الحَدِيث 551 وطرفه) .


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( أما إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام) وَبَيَان، بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَتَخْفِيف الْيَاء آخر الْحُرُوف: ابْن عمر، وَأَبُو مُحَمَّد البُخَارِيّ وَهُوَ من أَفْرَاده، وَالنضْر، بِفَتْح النُّون وَسُكُون الضَّاد الْمُعْجَمَة: ابْن شُمَيْل، وَابْن عون هُوَ عبد الله بن عون.

والْحَدِيث مضى فِي كتاب الْحَج فِي: بابُُ التَّلْبِيَة إِذا انحدر من الْوَادي، وَهنا أتم.

قَوْله: ( وَذكروا لَهُ الدَّجَّال.
.
)
إِلَى ( قَالَ) ، جمل مُعْتَرضَة.
قَوْله: ( أَو: ك ف ر) ، وَهَذِه الْحُرُوف إِشَارَة إِلَى الْكفْر، وَالصَّحِيح الَّذِي عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ أَن هَذِه الْكِتَابَة على ظَاهرهَا، وَأَنَّهَا كِتَابَة حَقِيقَة جعلهَا الله تَعَالَى عَلامَة حسية على بُطْلَانه تظهر لكل مُؤمن كَاتبا أَو غير كَاتب، قَوْله: ( صَاحبكُم) ، يُرِيد بِهِ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، نَفسه.
قَوْله: ( فجعد) ، بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة، قَالَ الْكرْمَانِي نَاقِلا عَن صَاحب ( التَّحْرِير) : هَذَا يحْتَمل مَعْنيين: أَحدهمَا أَن يُرَاد بِهِ جعودة الشّعْر ضد السبوطة، وَالثَّانِي: جعودة الْجِسْم، وَهُوَ اجتماعه واكتنازه، وَهَذَا أصح لِأَنَّهُ فِي بعض الرِّوَايَات: أَنه رجل الشّعْر.
قَوْله: ( آدم) ، من الأدمة وَهُوَ السمرَة.
قَوْله: ( مخظوم) ، أَي: مزموم بالخلبة، بِضَم الْخَاء الْمُعْجَمَة وَسُكُون اللَّام وَضمّهَا وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة، وَهِي الليفة.
قَوْله: ( انحدر) ، فعل مَاض من الانحدار وَهُوَ الهبوط.
قَوْله: ( يكبر) ، جملَة فعلية مضارعية وَقعت حَالا من مُوسَى، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام.





[ قــ :304 ... غــ :3356 ]
- حدَّثنا قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيدٍ حدَّثنا مُغِيرَةُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمانِ القُرَشِيُّ عنْ أبي الزِّنَادِ عنِ الأعْرَجِ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اخْتَتَنْ إبْرَاهِيمُ علَيْهِ السَّلاَمُ وهْوَ ابنُ ثَمَانِينَ سَنَةً بالْقَدُّومِ.
( الحَدِيث 6533 طرفه فِي: 896) .


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام) .
وَأَبُو الزِّنَاد عبد الله بن ذكْوَان، والأعرج عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الاسْتِئْذَان عَن قُتَيْبَة أَيْضا.
وَأخرجه مُسلم فِي أَحَادِيث الْأَنْبِيَاء، عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام، عَن قُتَيْبَة بِهِ.

قَوْله: ( وَهُوَ ابْن ثَمَانِينَ سنة) ، جملَة حَالية، قَالَ عِيَاض: جَاءَ هَذَا الحَدِيث من رِوَايَة مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ، وَهُوَ ابْن مائَة وَعشْرين سنة، وعاش بعد ذَلِك ثَمَانِينَ سنة إلاَّ أَن مَالِكًا وَمن تبعه وَقَفُوهُ على أبي هُرَيْرَة،.

     وَقَالَ  النَّوَوِيّ: وَهُوَ متأول أَو مَرْدُود.
قلت: قد أخرجه ابْن حبَان فِي ( صَحِيحه) مَرْفُوعا، وَحكى الْمَاوَرْدِيّ أَنه اختتن وَهُوَ ابْن سبعين سنة،.

     وَقَالَ  ابْن قُتَيْبَة: عَاشَ مائَة وَسبعين سنة، وَقد ذكرنَا الْخلاف فِيهِ فِيمَا مضى عَن قريب.
قَوْله: ( بالقدوم) ، فِي رِوَايَة الْأصيلِيّ والقابسي بِالتَّشْدِيدِ،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: روى بتَخْفِيف الدَّال وتشديدها، فَقيل آلَة النجار، يُقَال لَهَا: الْقدوم، بِالتَّخْفِيفِ لَا غير، وَأما الْقدوم الَّذِي هُوَ مَكَان بِالشَّام فَفِيهِ التَّشْدِيد وَالتَّخْفِيف، فَمن رَوَاهُ بِالتَّشْدِيدِ أَرَادَ الْقرْيَة، وَمن روى بِالتَّخْفِيفِ فَيحْتَمل الْقرْيَة والآلة، وَالْأَكْثَرُونَ على التَّخْفِيف وَإِرَادَة الْآلَة، ونستقصي الْكَلَام فِيهِ عَن قريب، وَلما اختتن إِبْرَاهِيم صَار الْخِتَان سنة مَعْمُولا بهَا فِي ذُريَّته، وَهُوَ حكم التَّوْرَاة على بني إِسْرَائِيل كلهم، وَلم يزَالُوا يختتنون إِلَى زمن عِيسَى، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، غيرت طَائِفَة من النَّصَارَى مَا جَاءَ فِي التَّوْرَاة من ذَلِك، وَقَالُوا: الْمَقْصُود غلفة الْقلب لَا غلفة الذَّكَر، فتركوا الْمَشْرُوع من الْخِتَان بِضَرْب من الهذيان، وَهُوَ عِنْد الشَّافِعِي وَاجِب، وَعند أَكثر الْعلمَاء سنة، وَإِنَّمَا يجب بعد الْبلُوغ، وَيسْتَحب فِي السَّابِع، وَمحله الْفُرُوع.

حدَّثنا أَبُو اليَمَانِ أخْبرَنا شُعَيْبٌ حَدثنَا أَبُو الزِّنَادِ بالقَدُومِ مُخَفَّفَةً

أَبُو الْيَمَان الحكم بن نَافِع الْحِمصِي، وَشُعَيْب بن أبي حَمْزَة الْحِمصِي، وَأَبُو الزِّنَاد عبد الله بن ذكْوَان.

قَوْله: ( بالقدوم) ، يَعْنِي: روى أَبُو الزِّنَاد بالقدوم حَال كَونهَا مُخَفّفَة الدَّال،.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيّ: الَّذِي عَلَيْهِ أَكثر الروَاة بِالتَّخْفِيفِ يَعْنِي بِهِ الْآلَة، وَهُوَ قَول أَكثر أهل اللُّغَة فِي الْآلَة، قَالَ يَعْقُوب: الْآلَة لَا تشدد، وَاعْلَم أَن قَوْله: حَدثنَا أَبُو الْيَمَان إِلَى قَوْله: مُخَفّفَة، وَقع فِي غير نُسْخَة من رِوَايَة أبي الْوَقْت وَغَيره بعد قَوْله: وَرَوَاهُ مُحَمَّد بن عَمْرو عَن أبي سَلمَة وَفِي نسختنا: وَقع مثل مَا ترَاهُ، فَلذَلِك جعلنَا مُتَابعَة عبد الرَّحْمَن بن إِسْحَاق ومتابعة عجلَان وَرِوَايَة مُحَمَّد بن عَمْرو لشعيب لذِي روى عَنهُ أَبُو الْيَمَان بِالتَّخْفِيفِ، وَأما على تِلْكَ النّسخ فَتكون المتابعتان لقتيبة بن سعيد فِي كَون عمر إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ السَّلَام، فِي ثَمَانِينَ سنة، فَيكون اتِّفَاق هَذِه الرِّوَايَات تدل على أَن عمره عِنْد اختتانه كَانَ ثَمَانِينَ سنة، وَيَنْبَغِي التَّنْبِيه فِي هَذَا الْموضع حَتَّى لَا يخْتَلط الْكَلَام.

تابَعَهُ عَبْدُ الرَّحْمانِ بنُ إسْحَاقَ عنْ أبِي الزِّنادِ
أَي: تَابع شعيباً عبد الرَّحْمَن بن إِسْحَاق بن عبد الله الثَّقَفِيّ الْمدنِي فِيهِ مقَال اسْتشْهد بِهِ البُخَارِيّ، وروى لَهُ فِي الْأَدَب وَهَذِه الْمُتَابَعَة وَصلهَا مُسَدّد فِي ( مُسْنده) عَن بشير بن الْمفضل عَنهُ وَلَفظه: اختتن إِبْرَاهِيم بَعْدَمَا مرت بِهِ ثَمَانُون سنة واختتن بالقدوم، يَعْنِي مُخَفّفَة.

     وَقَالَ  النَّوَوِيّ: لم يخْتَلف الروَاة عِنْد مُسلم بِالتَّخْفِيفِ.

وتابَعَهُ عَجْلاَنُ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ
أَي: تَابع شعيباً أَو عبد الرَّحْمَن بن إِسْحَاق عجلَان مولى فَاطِمَة بنت عتبَة بن ربيعَة الْقرشِي، وَالِد مُحَمَّد بن عجلَان، يَعْنِي: فِي التَّخْفِيف، وَهَذِه الْمُتَابَعَة وَصلهَا أَحْمد عَن يحيى الْقطَّان عَن مُحَمَّد بن عجلَان عَن أَبِيه عجلَان عَن أبي هُرَيْرَة.

ورَوَاهُ مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍ وعنْ أبِي سلَمَةَ
أَي: وروى الحَدِيث الْمَذْكُور مُحَمَّد بن عَمْرو عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف، وَوصل هَذَا أَبُو يعلى فِي ( مُسْنده) من هَذَا الْوَجْه، وَلَفظه: اختتن إِبْرَاهِيم على رَأس ثَمَانِينَ سنة.
وَاخْتلف فِي المُرَاد بالقدوم، فَقيل: مقيل لإِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ السَّلَام، وَقيل: هِيَ قَرْيَة بِالشَّام،.

     وَقَالَ  الْحَازِمِي: المخفف قَرْيَة كَانَت عِنْد حلب، وَقيل: هُوَ اسْم مجْلِس إِبْرَاهِيم بحلب،.

     وَقَالَ  ثَعْلَب: هُوَ اسْم مَوضِع،.

     وَقَالَ  ابْن وضاح: هُوَ جبل بِالْمَدِينَةِ،.

     وَقَالَ  ابْن دُرَيْد: قدوم، بِالْفَتْح وَالتَّخْفِيف: ثنية بالشراة، وَكَذَا قَالَ الْبكْرِيّ، وَحكى الْبكْرِيّ عَن مُحَمَّد بن جَعْفَر اللّغَوِيّ: أَن الْمَكَان مشدد لَا يدْخلهُ الْألف وَاللَّام، وَمن رَوَاهُ فِي حَدِيث إِبْرَاهِيم بِالتَّخْفِيفِ فَإِنَّمَا عَنى الْآلَة،.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيّ: الَّذِي عَلَيْهِ أَكثر الروَاة بِالتَّخْفِيفِ، يَعْنِي بِهِ: الْآلَة، وَهُوَ قَول أَكثر أهل اللُّغَة.
.

     وَقَالَ  الْجَوْهَرِي: الْقدوم الَّذِي ينحت بِهِ مخفف، وَلَا تَقول: قدوم، بِالتَّشْدِيدِ،.

     وَقَالَ  ابْن السّكيت: وَالْجمع قدوم.





[ قــ :305 ... غــ :3357 ]
- حدَّثنا سَعيدُ بنُ تَليدٍ الرُّعَيْنِيُّ أخْبرَنا ابنُ وهْبٍ قَالَ أخْبرَنِي جَرِيرُ بنُ حازِمٍ عنْ أيّوبَ عنْ مُحَمَّدٍ عنْ أبِي هُرَيرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَمْ يَكْذِبْ إبْرَاهِيمُ عليهِ السَّلاَمُ إلاَّ ثَلاثاً.





[ قــ :305 ... غــ :3358 ]
- وحدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ مَحْبُوبٍ حدَّثنا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ عنْ أيّوبَ عنْ مُحَمَّدٍ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ لَمْ يَكْذِبْ إبْرَاهِيمُ علَيْهِ السَّلاَمُ إلاَّ ثَلاثَ كذَبَاتٍ ثِنْتَيْنِ مِنْهُنَّ فِي ذَاتِ الله عزَّ وجَلَّ .

     قَوْلُهُ  إنِّي سَقِيمٌ و.

     قَوْلُهُ  بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا.

     وَقَالَ  بَيْنا هُوَ ذَاتَ يَوْمٍ وسارَةُ إذْ أتَى علَى جَبَّارٍ مِنَ الجَبابُُِرَةِ فَقِيلَ لَهُ إنَّ هاهُنَا رَجُلاً مَعَهُ امْرَأةٌ منْ أحْسَنِ النَّاسِ فأرْسَلَ إلَيْهِ فسَألَهُ عَنْهَا فقَالَ مَنْ هاذِهِ قَالَ أُخْتِي فأتَى سارَةَ قَالَ يَا سارَةُ لَيْسَ عَلَى وَجْهِ الأرْضِ مُؤمِنٌ غَيْرِي وغيرُكِ وإنَّ هَذَا سألَنِي فأخْبَرْتُهُ أنَّكِ أُخْتِي فَلاَ تُكَذِّبِينِي فأرْسَلَ إلَيْهَا فلَمَّا دَخَلَتْ علَيْهِ ذَهَبَ يَتَنَاوَلُهَا بِيَدِهِ فأُخِذَ فقَالَ ادْعِي الله لِي ولاَ أضُرُّكِ فَدَعَتْ الله فأُطْلِقَ ثُمَّ تَنَاوَلَهَا الثَّانِيَةَ فأُخِذَ مِثْلَهَا أوْ أشَدَّ فَقالَ ادْعِي الله لِي ولاَ أُضُرَّكِ فدَعَتْ فأُطْلِقَ فَدَعا بَعْضَ حَجَبَتِهِ فَقَالَ إنَّكُمْ لَمْ تأتُونِي بإنْسَانٍ إنَّمَا أتَيْتُمُونِي بِشَيْطَانٍ فأخْدَمَهَا هاجَرَ فَأَتَتْهُ وهْوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فأوْمَأ بِيَدِهِ مَهْيا قالَتْ رَدَّ الله كَيْدَ الْكَافِرِ أوِ الفَاجِرِ فِي نَحْرِهِ وأخْدَمَ هاجَرَ قَالَ أبُو هُرَيْرَةَ فَتِلْكَ أُمُّكُمْ يَا بَني ماءِ السَّماءِ.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( لم يكذب إِبْرَاهِيم) وَمَا الْمَقْصُود إلاَّ ذكر إِبْرَاهِيم فَقَط.

وَأخرجه من طَرِيقين: الأول: عَن سعيد بن تليد، بِفَتْح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَكسر اللَّام وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره دَال مُهْملَة: وَهُوَ سعيد بن عِيسَى بن تليد أَبُو عُثْمَان الرعيني الْمصْرِيّ، وَهُوَ من أَفْرَاده، يروي عَن عبد الله بن وهب الْمصْرِيّ عَن جرير بن حَازِم عَن أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ عَن مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة.
وَالثَّانِي: عَن مُحَمَّد بن مَحْبُوب ضد مبغوض أبي عبد الله الْبَصْرِيّ إِلَى آخِره.
.
وَهَذَا الطَّرِيق غير مَرْفُوع.
والْحَدِيث فِي الأَصْل مَرْفُوع كَمَا فِي رِوَايَة جرير بن حَازِم، وَكَذَا عِنْد النَّسَائِيّ وَالْبَزَّار وَابْن حبَان مَرْفُوع من حَدِيث هِشَام بن حسان عَن ابْن سِيرِين، وَابْن سِيرِين كَانَ غَالِبا لَا يُصَرح بِرَفْع كثير من حَدِيثه.
وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي النِّكَاح عَن سعيد الْمَذْكُور مَرْفُوعا.
وَأخرجه مُسلم فِي الْفَضَائِل عَن أبي الطَّاهِر بن السَّرْح.
وَأخرج البُخَارِيّ هَذَا الحَدِيث أَيْضا فِي كتاب الْبيُوع فِي: بابُُ شِرَاء الْمَمْلُوك من الْحَرْبِيّ عَن أبي الْيَمَان عَن شُعَيْب عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة ... إِلَى آخِره، وَلَيْسَ فِيهِ قَضِيَّة الْكَذِب، وَبَاقِي الْقَضِيَّة فِيهِ على اخْتِلَاف فِي الْمَتْن بِزِيَادَة ونقصان.

قَوْله: ( إلاَّ ثَلَاثًا) أَي: إلاَّ ثَلَاث كذبات، كَمَا فِي الطَّرِيق الثَّانِي، وَقيل: الْجيد أَن يُقَال: بِفَتْح الذَّال فِي الْجمع لِأَنَّهُ جمع كذبة بِسُكُون الذَّال وَهُوَ اسْم لَا صفة لِأَنَّك تَقول: كذب كذبة كَمَا تَقول ركب ركبة، وَلَو كَانَ صفة لسكن فِي الْجمع، وَقد اسْتشْكل بَعضهم هَذَا الْحصْر فِي ثَلَاث لِأَنَّهُ جَاءَ فِي رِوَايَة مُسلم من حَدِيث أبي حَيَّان عَن أبي زرْعَة عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ: أُتِي رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمًا بِلَحْم فَرفع إِلَيْهِ الذِّرَاع ... الحَدِيث، وَهُوَ حَدِيث طَوِيل فِي الشَّفَاعَة، وَفِيه: إذهبوا إِلَى إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ... الحَدِيث، وَفِيه: وَذكر كذباته ... الحَدِيث، وَفِيه: وَزَاد فِي قصَّة إِبْرَاهِيم قَالَ: وَذكر قَوْله فِي الْكَوْكَب: هَذَا رَبِّي، وَقَوله لآلهتهم: ( بل فعله كَبِيرهمْ هَذَا) ، وَقَوله: { إِنِّي سقيم} ( الصافات: 98) .
وَجه الاستشكال أَن ذكر الْكَوْكَب يَقْتَضِي أَن كذباته أَربع، وَهُوَ يُعَارض الْحصْر فِي حَدِيث الْبابُُ.
.

     وَقَالَ  بَعضهم فِي معرض الْجَواب: الَّذِي يظْهر أَنه وهم من بعض الروَاة، فَإِنَّهُ ذكر قَوْله فِي الْكَوْكَب بدل قَوْله فِي سارة، وَالَّذِي اتّفقت عَلَيْهِ الطّرق فِي ذكر سارة دون الْكَوْكَب.
انْتهى.
قلت: لَا يحْتَاج إِلَى نِسْبَة إحد إِلَى الْوَهم، لِأَن قَوْله فِي الْكَوْكَب لَا يَخْلُو إِمَّا أَنه كَانَ وَهُوَ طِفْل كَمَا قَالَه ابْن إِسْحَاق، وَإِمَّا أَنه كَانَ بعد الْبلُوغ، فَإِن كَانَ الأول فَلَا يعد هَذَا شَيْئا.
لِأَن الطفولية لَيست بِمحل للتكليف، وَإِن كَانَ الثَّانِي فَإِنَّهُ إِنَّمَا قَالَ ذَلِك على طَرِيق الِاحْتِجَاج على قومه تَنْبِيها على أَن الَّذِي يتَغَيَّر لَا يصلح للربوبية، أَو قَالَه توبيخاً أَو تهكماً بهم، وكل ذَلِك لَا يُطلق عَلَيْهِ الْكَذِب، وَأما وَجه إِطْلَاق الْكَذِب على الْأُمُور الثَّلَاثَة فَهُوَ مَا قَالَه الْمَاوَرْدِيّ: أما الْكَذِب فِيمَا طَرِيقه الْبَلَاغ عَن الله عز وَجل فالأنبياء، عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام، معصومون عَنهُ، وَأما فِي غَيره فَالصَّحِيح امْتِنَاعه.
فيؤول ذَلِك بِأَنَّهُ كذب بِالنِّسْبَةِ إِلَى فهم السامعين، أما فِي نفس الْأَمر فَلَا، إِذْ معنى سقيم إِنِّي سأسقم لِأَن الْإِنْسَان عرضة للأسقام أَو سقيم بِمَا قدر عَلَيْهِ من الْمَوْت أَو كَانَت تَأْخُذهُ الْحمى فِي ذَلِك الْوَقْت.
وَأما: فعله كَبِيرهمْ، فيؤول بِأَنَّهُ أسْند إِلَيْهِ لِأَنَّهُ هُوَ السَّبَب لذَلِك أَو هُوَ مَشْرُوط بقوله: إِن كَانُوا ينطقون أَو يُوقف عِنْد لفظ: فعله، أَي: فعله فَاعله، وَكَبِيرهمْ هُوَ ابْتِدَاء الْكَلَام، وَأما سارة فَهِيَ أُخْته بِالْإِسْلَامِ، وَاتفقَ الْفُقَهَاء على أَن الْكَذِب جَائِز بل وَاجِب فِي بعض المقامات، كَمَا أَنه لَو طلب ظَالِم وَدِيعَة ليأخذها غصبا وَجب على الْمُودع عِنْده أَن يكذب بِمثل: أَنه لَا يعلم موضعهَا، بل يحلف عَلَيْهِ.
قَوْله: ( ثِنْتَيْنِ مِنْهُنَّ) ، أَي: كذبتين من هَذِه الكذبات الثَّلَاث كَانَتَا فِي ذَات الله تَعَالَى، أَي: لأَجله، وَإِنَّمَا خص هَاتين الثِّنْتَيْنِ لِأَنَّهُمَا فِي ذَات الله لِأَن قصَّة سارة وَإِن كَانَت أَيْضا فِي ذَات الله، لِأَنَّهَا سَبَب لدفع كَافِر ظَالِم عَن مواقعة فَاحِشَة عَظِيمَة، لَكِنَّهَا تَضَمَّنت حظاً لنَفسِهِ ونفعاً لَهُ بِخِلَاف الثِّنْتَيْنِ المذكورتين، لِأَنَّهُمَا كَانَتَا فِي ذَات الله مَحْضا، وَقد وَقع فِي رِوَايَة هِشَام بن حسان: أَن إِبْرَاهِيم لم يكذب قطّ إِلَّا ثَلَاث كذبات، كل ذَلِك فِي ذَات الله تَعَالَى، وَعند أَحْمد من حَدِيث ابْن عَبَّاس: وَالله إِن جادل بِهن إلاَّ عَن الله.
قَوْله: ( بَينا هُوَ) ، أَي: إِبْرَاهِيم وَسَارة مَعَه.
قَوْله: إِذْ أَتَى، جَوَاب: بَينا إِذْ أَتَى إِبْرَاهِيم.
قَوْله: على جَبَّار، يَعْنِي: مر على جَبَّار من الْجَبابُُِرَة، وَفِي رِوَايَة مُسلم: وَوَاحِدَة فِي شَأْن سارة، أَي: خصْلَة وَاحِدَة من الثَّلَاث الْمَذْكُورَة، فَإِنَّهُ قدم أَرض جَبَّار وَمَعَهُ ارة، وَكَانَت أحسن النَّاس، وَاسم هَذَا الْجَبَّار: عَمْرو بن امرىء الْقَيْس بن سبأ، وَكَانَ على مصر، ذكره السُّهيْلي، وَهُوَ قَول ابْن هِشَام فِي ( التيجان) وَقيل: اسْمه صادوف، بِالْفَاءِ حَكَاهُ ابْن قُتَيْبَة، وَأَنه كَانَ على الْأُرْدُن، وَقيل: سُفْيَان بن علوان بن عبيد بن عويج بن عملاق بن لاوذ بن سَام بن نوح صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، حَكَاهُ الطَّبَرِيّ وَيُقَال: إِنَّه أَخُو الضَّحَّاك الَّذِي ملك الأقاليم، وَقيل: إِنَّه ملك حران.
.

     وَقَالَ  عُلَمَاء السّير: أَقَامَ إِبْرَاهِيم بِالشَّام مُدَّة فقحط الشَّام، فَسَار إِلَى مصر وَمَعَهُ سارة.
وَكَانَ بهَا فِرْعَوْن، وَهُوَ أول الفراعنة، عَاشَ دهراً طَويلا، فَأتى إِلَيْهِ رجل،.

     وَقَالَ : إِنَّه قدم رجل وَمَعَهُ امْرَأَة من أحسن النَّاس، وَجرى لَهُ مَعَه مَا ذكره فِي الحَدِيث.
قَوْله: ( فَأرْسل إِلَيْهِ) ، أَي: أرسل هَذَا الْجَبَّار إِلَى إِبْرَاهِيم.
قَوْله: ( فَقَالَ من هَذِه؟) أَي: فَقَالَ الْجَبَّار: من هَذِه الْمَرْأَة؟ قَالَ: أُخْتِي، وَفِي رِوَايَة مُسلم: فَأرْسل إِلَيْهَا فَأتى بهَا، فَهَذَا يدل على أَنه أَتَى بهَا حِين أرسل إِلَيْهِ الْجَبَّار، وَرِوَايَة البُخَارِيّ تدل على أَنه أرسل إِلَيْهِ أَولا وَسَأَلَ عَنْهَا، ثمَّ أَتَى إِبْرَاهِيم إِلَيْهَا،.

     وَقَالَ  لَهَا مَا ذكره فِي الحَدِيث، ثمَّ أرسلها إِلَيْهِ.
قَوْله: ( فَقَالَ: يَا سارة لَيْسَ على وَجه الأَرْض مُؤمن غَيْرِي وَغَيْرك) ، قيل: يشكل عَلَيْهِ كَون لَو مَعَه وَأجَاب بَعضهم بِأَن مُرَاده بِالْأَرْضِ: الأَرْض الَّتِي وَقع لَهُ بهَا مَا وَقع، وَلم يكن لوط مَعَه، إِذْ ذَاك.
فَإِن قلت: ذكر أهل السّير أَن إِبْرَاهِيم سَار إِلَى مصر وَمَعَهُ سارة وَلُوط.
قلت: يُمكن أَنه سَار مَعَه إِلَى مصر وَلم يدخلهَا مَعَه، فَأتى الْجَواب الْمَذْكُور كَمَا ذكره، وَالله أعلم.
قَوْله: ( فَأَخْبَرته أَنَّك أُخْتِي فَلَا تكذبِينِي) ، وَكَانَت عَادَة هَذَا الْجَبَّار أَن لَا يتَعَرَّض إلاَّ إِلَى ذَوَات الْأزْوَاج، فَلذَلِك قَالَ لَهَا: إِنِّي أخْبرته أَنَّك أُخْتِي.
وَقيل: لَو قَالَ: إِنَّهَا امْرَأَتي لألزمه بِالطَّلَاق.
قَوْله: ( فَلَمَّا دخلت عَلَيْهِ) أَي: فَلَمَّا دخلت سارة على الْجَبَّار.
قَوْله: ( فَأخذ) على صِيغَة الْمَجْهُول أَي: اختنق حَتَّى ركض بِرجلِهِ كَأَنَّهُ مصروع، وَفِي رِوَايَة مُسلم: فَأرْسل إِلَيْهَا فَأتي بهَا قَامَ إِبْرَاهِيم يُصَلِّي فَلَمَّا دخلت عَلَيْهِ لم يَتَمَالَك أَن بسط يَدَيْهِ إِلَيْهَا فقبضت يَده قَبْضَة شَدِيدَة، وَعند أهل السّير: فَلَمَّا دخلت عَلَيْهِ وَرَآهَا أَهْوى إِلَيْهَا فَتَنَاولهَا بِيَدِهِ فيبست إِلَى صَدره.
قَوْله: ( الثَّانِيَة) ، ويروى: ثَانِيَة، بِدُونِ الْألف وَاللَّام، وَعند أهل السّير: فعل ذَلِك ثَلَاث مَرَّات.
قَوْله: ( فدعَتْ) ، وَكَانَ دعاؤها: أللهم إِن كنت تعلم أَنِّي آمَنت بك وبرسولك واحصنت فَرجي إلاَّ على زَوجي فَلَا تسلط عَليّ الْكَافِر.
قَوْله: ( فَدَعَا بعض حَجَبته) ، بِفَتْح الْجِيم وَالْبَاء الْمُوَحدَة جمع حَاجِب، وَفِي رِوَايَة مُسلم: ( ودعا الَّذِي جَاءَ بهَا) .
قَوْله: ( إِنَّكُم لم تَأْتُونِي بِإِنْسَان إِنَّمَا أَتَيْتُمُونِي بِشَيْطَان) ، وَفِي رِوَايَة الْأَعْرَج: ( مَا أرسلتم إليَّ إلاَّ شَيْطَانا، أرجعوها إِلَى إِبْرَاهِيم) .
وَفِي رِوَايَة مُسلم: ( فَقَالَ: إِنَّمَا جئتني بِشَيْطَان وَلم تأتني بِإِنْسَان، فأخرجها من أرضي وأعطها هَاجر) .
وَالْمرَاد من الشَّيْطَان: المتمرد من الْجِنّ، وَكَانُوا قبل الْإِسْلَام يعظمون أَمر الْجِنّ جدا، ويرون كل مَا يَقع من الخوارق من فعلهم وتصرفهم.
قَوْله: ( فَأَخْدَمَهَا هَاجر) أَي: وهب لَهَا خَادِمًا اسْمهَا هَاجر، وَيُقَال: آجر، بِالْهَمْز بدل الْهَاء، وَهِي أم إِسْمَاعِيل، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَهُوَ اسْم سرياني، وَيُقَال: إِن أَبَاهَا كَانَ من مُلُوك القبط، وَأَصلهَا من قَرْيَة بِأَرْض مصر تدعى: حفن، بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْفَاء.
قَوْله: ( فَأَتَتْهُ) ، أَي: فَأَتَت هَاجر إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَالْحَال أَنه يُصَلِّي.
قَوْله: ( فَأَوْمأ بِيَدِهِ) ، أَي: أَشَارَ بِيَدِهِ.
قَوْله: ( مهيا) ، بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْهَاء وَتَخْفِيف الْيَاء آخر الْحُرُوف مَقْصُورا، وَهَذِه رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي، وَفِي رِوَايَة ابْن السكن: ( مهين) ، بالنُّون فِي آخِره، وَفِي رِوَايَة الْأَكْثَرين: ( مَهيم) ، بِالْمِيم فِي آخِره، وَالْكل بِمَعْنى وَاحِد وَهُوَ أَنَّهَا كلمة يستفهم بهَا مَعْنَاهَا: مَا حالك؟ وَمَا شَأْنك؟ وَيُقَال: إِن إِبْرَاهِيم أول من قَالَ هَذِه الْكَلِمَة.
قَوْله: ( رد الله كيد الْكَافِر فِي نَحره) ، هَذَا مثل تَقوله الْعَرَب لمن أَرَادَ أمرا بَاطِلا فَلم يصل إِلَيْهِ، وَفِي رِوَايَة مُسلم: ( كف الله يَد الْفَاجِر وَأَخْدَم خَادِمًا) .
وَفِي رِوَايَة الْأَعْرَج: ( أشعرت أَن الله كبت الْكَافِر وَأَخْدَم وليدة) أَي: جَارِيَة للْخدمَة، وَمعنى: كبت: رده الله خاسئاً.
قَوْله: ( قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: فَتلك أمكُم يَا بني مَاء السَّمَاء) أَرَادَ بهم الْعَرَب، لأَنهم يعيشون بالمطر ويتبعون مواقع الْقطر فِي الْبَوَادِي لأجل الْمَوَاشِي.

وَفِيه: حجَّة لمن يَدعِي أَن الْعَرَب كلهم من ولد إِسْمَاعِيل، وَيُقَال: أَرَادَ بِهِ: مَاء زَمْزَم، إِذْ أنبطها الله تَعَالَى لهاجر فعاشوا بهَا فصاروا كَأَنَّهُمْ أَوْلَادهَا،.

     وَقَالَ  ابْن حبَان فِي ( صَحِيحه) : كل من كَانَ لَهُ من ولد إِسْمَاعِيل يُقَال لَهُ: ابْن مَاء السَّمَاء، لِأَن إِسْمَاعِيل ولد هَاجر وَقد رَبِّي بِمَاء زَمْزَم وَهِي من مَاء السَّمَاء، وَقيل: سموا بذلك لخلوص نسبه وصفائه، فَأشبه مَاء السَّمَاء،.

     وَقَالَ  عِيَاض: وَالْأَظْهَر عِنْدِي أَنه أَرَادَ بذلك الْأَنْصَار، نسبهم إِلَى جدهم عَامر مَاء السَّمَاء بن حَارِثَة القطريف بن امريء الْقَيْس البطريق بن ثَعْلَبَة بن مَازِن من الأزد بن الْغَوْث بن نبت بن مَالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان، وعامر هَذَا هُوَ جد الْأَوْس والخزرج ابْنا حَارِثَة بن ثَعْلَبَة العنقاء بن عَمْرو بن مزيقيا بن عَامر مَاء السَّمَاء.
.

     وَقَالَ  صَاحب ( التَّوْضِيح) : وَمَا ذكره إِنَّمَا يَأْتِي على الشاذ أَن الْعَرَب جَمِيعهَا من ولد إِسْمَاعِيل، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، إلاَّ قبائل استثنيت، أما الْأَنْصَار فليسوا من ولد إِسْمَاعِيل بن هَاجر، وَلَا يعلم لَهَا ولد غَيره.
قلت: قَالَ الرشاطي: إِن الْأَنْصَار جزآن: الْأَوْس والخزرج أَخَوان رفعنَا نسبهما فِي: بابُُ الْأَنْصَار، فذكرناها كَمَا ذكرهمَا الْآن، وأمهما: قيلة بنت الأرقم بن عَمْرو بن جَفْنَة، وَقيل: قيلة بنت كَاهِل بن عذرة بن سعد بن قضاعة، حكى ذَلِك ابْن الْكَلْبِيّ والهمداني، وسنستقصي الْكَلَام فِي هَذَا الْبابُُ، إِن شَاءَ الله تَعَالَى، عِنْد انتهائنا إِلَى بابُُ ذكره البُخَارِيّ بقوله: بابُُ نِسْبَة الْيمن إِلَى إِسْمَاعِيل صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَالله أعلم.

ذكر مَا يُسْتَفَاد من الحَدِيث الْمَذْكُور: فِيهِ: مَشْرُوعِيَّة أَن يُقَال: أخي فِي غير النّسَب، وَيُرَاد بِهِ الْأُخوة فِي الْإِسْلَام.
وَفِيه: قبُول صلَة الْملك الظَّالِم وَقبُول هَدِيَّة الْمُشرك.
وَفِيه: إِجَابَة الدُّعَاء بإخلاص النِّيَّة وكفاية الرب لمن أخْلص فِي الدُّعَاء بِالْعَمَلِ الصَّالح.
وَفِيه: أَن من نابه أَمر مُهِمّ من الكرب يَنْبَغِي لَهُ أَن يفزع إِلَى الصَّلَاة.
وَفِيه: أَن الْوضُوء كَانَ مَشْرُوعا للأمم قبلنَا وَلَيْسَ مُخْتَصًّا بِهَذِهِ الْأمة وَلَا بالأنبياء، عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام، لثُبُوت ذَلِك عَن سارة، وَذهب بَعضهم إِلَى نبوة سارة، وَالْجُمْهُور على أَنَّهَا لَيست بنبية.