فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب {أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه} [البقرة: 133] الآية

(بابٌُ { أمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءً إذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ المَوْتُ} إِلَى قَوْلِهِ { ونحْن لَهُ مُسْلِمُونَ} (الْبَقَرَة: 331) .
) أَي: هَذَا بابُُ يذكر فِيهِ: { أم كُنْتُم شُهَدَاء إِذْ حضر يَعْقُوب الْمَوْت إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبدُونَ من بعدِي قَالُوا نعْبد إل هك وإل هـ آبَائِك إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل وَإِسْحَاق إل هَاً وَاحِدًا وَنحن لَهُ مُسلمُونَ} (الْبَقَرَة: 331) .
ذكر الله تَعَالَى وَصِيَّة إِبْرَاهِيم لِبَنِيهِ بقوله) { ووصى بهَا إِبْرَاهِيم بنيه} (الْبَقَرَة: 231) .
أَي: بِهَذِهِ الْملَّة، وَهِي الْإِسْلَام ووصى يَعْقُوب أَيْضا بهَا ثمَّ قَالَ محتجاً على الْمُشْركين من الْعَرَب أَبنَاء إِسْمَاعِيل وعَلى الْكفَّار من بني إِسْرَائِيل: إِن يَعْقُوب لما حَضرته الْوَفَاة وصّى بنيه بِعبَادة الله تَعَالَى وَحده لَا شريك لَهُ، فَقَالَ لَهُم: مَا تَعْبدُونَ من بعدِي؟ فَأخْبر الله تَعَالَى عَنْهُم أَنهم قَالُوا: نعْبد إل هك ... وَالْآيَة هَذِه من بابُُ التغليب، لِأَن إِسْمَاعِيل عَم يَعْقُوب، وَنقل الْقُرْطُبِيّ أَن الْعَرَب تسمي الْعم أَبَا، وَقد اسْتدلَّ بِهَذِهِ الْآيَة من جعل الْجد أَبَا، وحجب بِهِ الْأُخوة وَهُوَ قَول الصّديق: وَإِلَيْهِ ذهبت عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ، وَبِه يَقُول الْحسن الْبَصْرِيّ وطاووس وَعَطَاء، وَهُوَ مَذْهَب أبي حنيفَة وَغير وَاحِد من عُلَمَاء السّلف وَالْخلف.
.

     وَقَالَ  مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد فِي الْمَشْهُور عَنهُ: إِنَّه يقاسم الْإِخْوَة، وَحكى مَالك عَن عَمْرو وَعُثْمَان وَعلي وَابْن مَسْعُود وَزيد بن ثَابت، وَبِه قَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد بن الْحسن، رَحِمهم الله،.

     وَقَالَ  الزَّمَخْشَرِيّ: (أم كُنْتُم شُهَدَاء) هِيَ: أم، المنقطعة وَمعنى الْهمزَة فِيهَا الْإِنْكَار، وَالشُّهَدَاء: جمع شَهِيد، يَعْنِي الْحَاضِر: أَي: مَا كُنْتُم حاضرين يَعْقُوب إِذْ حَضَره الْمَوْت أَي: حِين احْتضرَ، وَالْخطاب للْمُؤْمِنين بِمَعْنى: مَا شهدتم ذَلِك وَإِنَّمَا حصل لكم الْعلم بِهِ من طَرِيق الْوَحْي، وَقيل: الْخطاب للْيَهُود لأَنهم كَانُوا يَقُولُونَ: مَا مَاتَ نَبِي إلاَّ على الْيَهُودِيَّة.
.

     وَقَالَ  الزَّمَخْشَرِيّ أَيْضا: لَكِن الْوَجْه أَن تكون: أم، مُتَّصِلَة على أَن يقدر قبلهمَا مَحْذُوف، كَأَنَّهُ قيل: أَتَدعُونَ على الْأَنْبِيَاء الْيَهُودِيَّة أم كُنْتُم شُهَدَاء إِذْ حضر يَعْقُوب الْمَوْت، يَعْنِي أَن أوائلكم من بني إِسْرَائِيل كَانُوا مشاهدين لَهُ إِذْ أَرَادَ بنيه على التَّوْحِيد وملة الْإِسْلَام، وَقد علمْتُم ذَلِك، فَمَا لكم تدعون على الْأَنْبِيَاء مَا هم مِنْهُ برَاء؟ .



[ قــ :3220 ... غــ :3374 ]
- حدَّثنا إسْحَاقُ بنُ إبْرَاهِيمُ سَمِعَ الْمُعْتَمِرَ عنْ عُبَيْدِ الله عنْ سَعِيدِ بنِ أبِي سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ عنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ قِيلَ لِ لنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَنْ أكْرَمُ النَّاسِ قَالَ أكْرَمُهُمْ أتْقَاهُمْ قَالُوا يَا نَبِيَّ الله لَيْسَ عنْ هاذَا نَسْألُكَ قَالَ فأكْرَمُ النَّاسِ يُوسُفَ نَبيُّ الله ابنُ نَبِيِّ الله ابنِ نَبِيِّ الله ابنِ خَلِيلِ الله قالُوا لَيْسَ عَنْ هاذَا نَسْألُكَ قَالَ فَعَنْ مَعَادِنِ العَرَبِ تَسْألُونِي قالُوا نَعَمْ قَالَ فَخِيَارِكُمْ فِي الجَاهِلِيَّةِ خِيَارُكُمْ فِي الإسْلامِ إذَا فَقِهُوا.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن الحَدِيث مُوَافق لِلْآيَةِ فِي سِيَاق نسب يُوسُف، وَالْآيَة تَضَمَّنت أَن يَعْقُوب خَاطب أَوْلَاده عِنْد مَوته بِالْوَصِيَّةِ الْمَذْكُورَة آنِفا.
وَمن جملَة أَوْلَاد يَعْقُوب: يُوسُف، وَلَيْسَ فِي الْأَنْبِيَاء على نسق نسب يُوسُف فَإِنَّهُ نَبِي الله ابْن نَبِي الله يَعْقُوب ابْن نَبِي الله إِسْحَاق ابْن نَبِي الله إِبْرَاهِيم، وَإِسْحَاق ابْن إِبْرَاهِيم الرَّاوِي هُوَ ابْن رَاهَوَيْه، والمعتمر هُوَ ابْن سُلَيْمَان بن طرخان، وَعبيد الله مُصَغرًا ابْن عمر بن حَفْص بن عَاصِم بن عمر بن الْخطاب، والْحَدِيث مر فِي: بابُُ أَوَائِل قَول الله: { وَاتخذ الله إِبْرَاهِيم خَلِيلًا} (النِّسَاء: 561) .
وَمر الْكَلَام فِيهِ مستقصًى.