فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم


[ قــ :3403 ... غــ :3564 ]
- حدَّثنا قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيدٍ حدَّثنا بَكْرُ بنُ مُضَرَ عنْ جَعْفَرِ بنِ رَبِيعَةَ عنِ الأعْرَجِ عنْ عبْدِ الله بنِ مالِكٍ بنِ بُحَيْنَةَ الأسْدِيِّ قَالَ كانَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إذَا سَجَدَ فَرَّجَ بَيْنَ يَدَيْهِ حَتَّى نَرَى إبْطَيْهِ قَالَ.

     وَقَالَ  ابنُ بُكَيْرٍ حدَّثَنا بَكْرٌ بَياضَ إبْطَيْهِ.
( انْظُر الحَدِيث 093 وطرفه) .


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( بَيَاض إبطَيْهِ) لِأَن هَذَا أَيْضا من صِفَاته الجميلة.
والأعرج هُوَ عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز، وَمضى الحَدِيث فِي كتاب الصَّلَاة فِي: بابُُ يُبْدِي ضبعيه ويجافي فِي السُّجُود.

قَوْله: ( مَالك) ، بِالتَّنْوِينِ.
قَوْله: ( ابْن بُحَيْنَة) ، صفة لعبد الله لَا لمَالِك، و: بُحَيْنَة، بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفتح النُّون: وَهُوَ اسْم أم عبد الله، فَجمع فِي نسبه بَين الْأَب وَالأُم.
قَوْله: ( الْأَسدي) ، بِسُكُون السِّين وَيُقَال فِيهِ: الْأَزْدِيّ بالزاي الساكنة، وَهَذَا مَشْهُور فِي هَذِه النِّسْبَة، يُقَال: بالزاي وبالسين.
قَوْله: ( فرج بَين يَدَيْهِ) ، يَعْنِي: فتح وَلم يضم مرفقيه إِلَيْهِ، وَهَذِه سنة السُّجُود.
قَوْله: ( حَتَّى نرى) ، بنُون الْمُتَكَلّم مَعَ الْغَيْر.
قَوْله: ( وَقَالَ ابْن بكير) ، وَهُوَ يحيى بن عبد الله بن بكير، قَالَ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور.
قَوْله: ( بكر) ، هُوَ بكر بن مُضر الْمَذْكُور، أَرَادَ أَن يحيى بن بكير زَاد لَفْظَة: بَيَاض، على لَفْظَة: إبطَيْهِ، وَفِي رِوَايَة قُتَيْبَة: حَتَّى نرى إبطَيْهِ، بِدُونِ لَفْظَة: بَيَاض، قيل: المُرَاد بِوَصْف إبطَيْهِ بالبياض أَنه لم يكن تحتهما شعر فَكَانَا كلون جسده، وَقيل: لدوام تعاهده لَهُ لَا يبْقى فِيهِ شعر.
فَإِن قلت: فِي رِوَايَة مُسلم: حَتَّى رَأينَا عفرَة إبطَيْهِ؟ قلت: لَا تنَافِي بَينهمَا لِأَن العفرة هِيَ الْبيَاض لَيْسَ بالناصع، وَهَذَا شَأْن المغابن يكون لَوْنهَا فِي الْبيَاض دون لون بَقِيَّة الْجَسَد.





[ قــ :3404 ... غــ :3565 ]
- حدَّثنا عبْدُ الأعْلَى بنُ حَمَّادٍ حدَّثنا يَزِيدُ بنُ زُرَيْعٍ حدَّثنا سَعِيدٌ عنْ قَتادَةَ أنَّ أنَسَاً رَضِي الله تَعَالَى عنهُ حدَّثَهُمْ أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كانَ لَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ دُعَائِهِ إلاَّ فِي الاسْتِسْقَاءِ فإنَّهُ كانَ يَرْفَعُ يدَيْهِ حَتَّى يُرَي بَياضُ إبْطَيْهِ.
( انْظُر الحَدِيث 1301 وطرفه) .


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( حَتَّى يرى بَيَاض إبطَيْهِ) وَسَعِيد هُوَ ابْن أبي عرُوبَة.
والْحَدِيث قد مر فِي كتاب الاسْتِسْقَاء فِي: بابُُ رفع الإِمَام يَده فِي الاسْتِسْقَاء.

قَوْله: ( كَانَ لَا يرفع) إِلَى آخِره، ظَاهره أَنه لم يرفع إلاَّ فِي الاسْتِسْقَاء، وَلَيْسَ كَذَلِك، بل ثَبت الرّفْع فِي الدُّعَاء فِي مَوَاطِن فيؤول على أَنه لم يرفع الرّفْع البليغ فِي شَيْء من دُعَائِهِ إلاَّ فِي الاسْتِسْقَاء، فَإِنَّهُ كَانَ يرفع الرّفْع البليغ حَتَّى يُرى بَيَاض إبطَيْهِ.

وَقَالَ أبُو مُوساى دَعَا النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ورَفَعَ يَدَيْهُ ورَأيْتُ بَياضَ إبْطَيْهِ
أَبُو مُوسَى هُوَ مُحَمَّد بن الْمثنى يعرف بالزمن الْعَنْبَري شيخ البُخَارِيّ وَمُسلم، وَهَذَا طرف علقه من حَدِيث سَيَأْتِي مَوْصُولا فِي المناقب فِي تَرْجَمَة أبي عَامر الْأَشْعَرِيّ.





[ قــ :3405 ... غــ :3566 ]
- حدَّثنا الحَسَنُ بنُ الصَّبَّاحِ حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ سابِقٍ حدَّثنا مالِكُ بنُ مِغْوَلٍ قَالَ سَمِعْتُ عَوْنَ بنِ أبِي جُحَيْفَةَ ذَكَرَ عَنْ أبِيهِ قَالَ دُفِعْتُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وهْوَ بالأبْطَحِ فِي قُبَّةِ كانَ بالْهَاجِرَةِ خَرَجَ بِلالٌ فناداى بالصَّلاَةِ ثُمَّ دَخَلَ فأخْرَجَ فَضْلَ وَضُوءٍ رَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فوقَعَ النَّاسُ علَيْهِ يأخُذُونَ مِنْهُ ثُمَّ دَخَلَ فأخْرَج العَنْزَةَ وخَرَجَ رَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كأنِّي أنْظُرُ إِلَى وَبِيص ساقَيْهِ فرَكَزَ العَنْزَةَ ثُمَّ صَلَّى الظُّهُرَ رَكْعَتَيْنِ والعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ الحِمارُ والمَرْأةُ.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( كَأَنِّي أنظر إِلَى وبيض سَاقيه) بِفَتْح الْوَاو وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره صَاد مُهْملَة: وَهُوَ البريق وزنا وَمعنى.
وَالْحسن بن الصَّباح، بتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة، وَفِي بعض النّسخ: الْحسن ابْن الصَّباح الْبَزَّار، بِتَقْدِيم الزَّاي على الرَّاء، وَهُوَ واسطي سكن بَغْدَاد، وَمُحَمّد بن سَابق أَيْضا من شُيُوخ البُخَارِيّ روى عَنهُ هُنَا بالواسطة، وروى عَنهُ بِدُونِ الْوَاسِطَة فِي الْوَصَايَا حَيْثُ قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن سَابق أَو الْفضل بن يَعْقُوب عَنهُ، وَمَالك بن مغول بِكَسْر الْمِيم وَسُكُون الْغَيْن الْمُعْجَمَة: ابْن عَاصِم أَبُو عبد الله البَجلِيّ الْكُوفِي، وَأَبُو جُحَيْفَة اسْمه وهب وَقد مر عَن قريب، وَقد مر الحَدِيث فِي كتاب الْوضُوء فِي: بابُُ اسْتِعْمَال فضل وضوء النَّاس.

قَوْله: ( دفعت إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) على صِيغَة الْمَجْهُول، يَعْنِي: وصلت إِلَيْهِ من غير قصد.
قَوْله: ( وَهُوَ بِالْأَبْطح) جملَة حَالية، والأبطح أبطح مَكَّة وَهُوَ مسيل واديها وَيجمع على البطاح والأباطح.
قَوْله: ( فِي قبَّة) أَيْضا حَال.
قَوْله: ( بالهاجرة) وَهُوَ نصف النَّهَار عِنْد اشتداد الْحر.
قَوْله: ( فَأخْرج) من الْإِخْرَاج.
قَوْله: ( فضل وضوء النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) بِفَتْح الْوَاو وَهُوَ المَاء الَّذِي يتَوَضَّأ بِهِ.
قَوْله: ( فَأخْرج العنزة) وَهُوَ مثل نصف الرمْح أَو أكبر شَيْئا.
وفيهَا سِنَان مثل سِنَان الرمْح، والعكازة قريب مِنْهَا.





[ قــ :3406 ... غــ :3567 ]
- حدَّثني الحَسَنُ بنُ صَبَّاحٍ البَزَّارُ حدَّثنَا سُفْيَانُ عنِ الزُّهْرِيِّ عنْ عُرْوَةَ عنْ عائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهَا أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كانَ يُحَدِّثُ حَدِيثَاً لَوْ عَدَّهُ الْعادُّ لأحْصَاهُ.
( الحَدِيث 7653 طرفه فِي: 8653) .


مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن من صِفَات النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أَن الَّذِي سمع كَلَامه لَو أَرَادَ أَن يعد كَلِمَاته أَو مفرداته أَو حُرُوفه لعَدهَا، وَالْمرَاد بذلك الْمُبَالغَة فِي الترتيل والتفهيم.

وَالْحسن بن الصَّباح هَذَا هُوَ الَّذِي مضى فِي الحَدِيث السَّابِق، وَقيل: لَا بل غَيره، لِأَن الْحسن بن الصَّباح الَّذِي قبله هُوَ الْحسن بن مُحَمَّد بن الصَّباح الزَّعْفَرَانِي، نِسْبَة إِلَى جده، وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة.

والْحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْعلم عَن مُحَمَّد بن مَنْصُور الطوسي نَحوه وَذكر فِيهِ قصَّة أبي هُرَيْرَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.

قَوْله: ( لَو عدَّهُ العادُّ) ، لَو عَدَّ الْعَاد حَدِيثه، أَي: كَلِمَات حَدِيثه، لعده أَي: لقدر على عده، فَالشَّرْط وَالْجَزَاء متحدان ظَاهرا وَلكنه من قبيل قَوْله: { وَإِن تعدوا نعْمَة الله لَا تحصوها} ( إِبْرَاهِيم: 47، النَّحْل: 81) .
وَقد فسر: بِلَا تُطِيقُوا عدهَا وبلوغ آخرهَا.





[ قــ :3406 ... غــ :3568 ]
- وقالَ اللَّيْثُ حدَّثني يُونُسُ عنِ ابنِ شِهَابٍ أنَّهُ قَالَ أخبرَنِي عُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ عنْ عائِشَةَ أنَّهَا قالَتْ ألاَّ يُعْجِبُكَ أبُو فُلانٍ جاءَ فجَلَسَ إِلَى جانِبِ حُجْرَتِي يُحَدِّثُ عنْ رَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُسْمِعُنِي ذالِكَ وكُنْتُ أُسَبِّحُ فَقامَ قَبْلَ أنْ أقْضِيَ سُبْحَتِي ولَوْ أدْرَكْتُهُ لرَدَدْتُ علَيْهُ إنَّ رسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَمْ يَكُنْ يَسْرُدُ الحَدِيثَ كسَرْدِكُمْ.
(انْظُر الحَدِيث 7653) .


هَذَا التَّعْلِيق وَصله الذهلي فِي (الزهريات) عَن أبي صَالح عَن اللَّيْث.

قَوْله: (أَبُو فلَان) كَذَا فِي رِوَايَة كَرِيمَة والأصيلي، وَفِي رِوَايَة الْأَكْثَرين: أَبَا فلَان، أما الرِّوَايَة الأولى فَلَا إِشْكَال فِيهَا، وَأما الثَّانِيَة فعلى لُغَة من قَالَ: (لَا وَلَو رَمَاه بأبا قبيس، قيل: المُرَاد بِهِ أَبُو هُرَيْرَة، يدل عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ الْإِسْمَاعِيلِيّ من حَدِيث ابْن وهب عَن يُونُس: أَلا يُعْجِبك أَبُو هُرَيْرَة جَاءَ فَجَلَسَ ... وَوَقع فِي رِوَايَة أَحْمد وَمُسلم وَأبي دَاوُد من هَذَا الْوَجْه: أَلا أعْجبك من أبي هُرَيْرَة، وَوَقع للقابسي: أَتَى فلَان فَأتى، فعل مَاض من الْإِتْيَان، وَفُلَان فَاعله، وَهُوَ تَصْحِيف قَالَه بَعضهم، ثمَّ علل بقوله: لِأَنَّهُ تبين أَنه بِصِيغَة الكنية.
قلت: نظر لَا يخفى.
قَوْله: (وَكنت أسبح) يجوز أَن يكون على ظَاهره من التَّسْبِيح الَّذِي هُوَ الذّكر، وَيجوز أَن يكون مجَازًا عَن صَلَاة التَّطَوُّع.
قَوْله: (لم يكن يسْرد) أَي: لم يكن يُتَابع الحَدِيث استعجالاً، أَي: كَانَ يتَكَلَّم بِكَلَام متتابع مَفْهُوم وَاضح على سَبِيل التأني لِئَلَّا يلتبس على المستمع، وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ عَن ابْن الْمُبَارك عَن يُونُس: إِنَّمَا كَانَ حَدِيث رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فصلا يفهمهُ الْقُلُوب، وَاعْتذر عَن أبي هُرَيْرَة بِأَنَّهُ كَانَ وَاسع الرِّوَايَة كثير الْمَحْفُوظ، فَكَانَ لَا يتَمَكَّن من الْمهل عِنْد إِرَادَة التحديث، كَمَا قَالَ بعض البلغاء: أُرِيد أَن أقتصر فتزدحم القوافي عَليّ.
<