فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم

( بابُُ صِفَةِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان صفة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَعْنِي: فِي خَلقه وخُلقه.



[ قــ :3381 ... غــ :3542 ]
- حدَّثنا أبُو عاصمٍ عنْ عُمَرَ بنَ سَعِيدِ بنِ أبِي حُسَيْنٍ عنِ ابنِ أبِي مُلَيْكَةَ عنْ عُقْبَةَ ابنِ الحارِثِ قَالَ صَلَّى أبُو بَكْرٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ العَصْرَ ثُمَّ خَرَجَ يَمْشِي فرَأى الحَسَنَ يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ فحَمَلَهُ علَى عاتِقِهِ.

     وَقَالَ  بِأبِي شَبِيهٌ بالنَّبِيِّ لاَ شَبِيهٌ بِعَلِيٍّ وعَلِيٌّ يَضْحَكُ.
( الحَدِيث 2453 طرفه فِي: 0573) .


مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن أَبَا بكر شبه الْحسن بِالنَّبِيِّ فِي خلقه، بِالْفَتْح وَهِي صفته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.

ذكر رِجَاله وهم خَمْسَة: الأول: أَبُو عَاصِم الضَّحَّاك بن مخلد الْمَشْهُور بالنبيل.
الثَّانِي: عَمْرو بن سعيد بن أبي حُسَيْن النَّوْفَلِي الْقرشِي.
الثَّالِث: عبد الله بن أبي مليكَة، بِضَم الْمِيم.
الرَّابِع: عقبَة بن الْحَارِث بن عَامر الْقرشِي النَّوْفَلِي أَبُو سروعة الْمَكِّيّ ...

...
ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع.
وَفِيه: العنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع.
وَفِيه: القَوْل فِي مَوضِع.
وَفِيه: أَن شَيْخه من أَفْرَاده وَهُوَ بَصرِي والبقية كلهم مكيون.
وَفِيه: عَن ابْن أبي مليكَة وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ: أَخْبرنِي ابْن أبي مليكَة، وَفِي أُخْرَى: حَدثنِي.
وَفِيه: عَن عقبَة بن الْحَارِث، وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ: أَخْبرنِي عقبَة بن الْحَارِث.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي فضل الْحسن، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، عَن عَبْدَانِ عَن ابْن الْمُبَارك، وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي المناقب عَن مُحَمَّد ابْن عبد الله المخرمي.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: ( ثمَّ خرج يمشي) ، وَزَاد الْإِسْمَاعِيلِيّ فِي رِوَايَة: بعد وَفَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بليالي، وَعلي، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ يمشي إِلَى جَانِبه.
قَوْله: ( وَقَالَ بِأبي) ، أَي: قَالَ أَبُو بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: بِأبي، أَي: أفديه بِأبي، أَو: هُوَ مفدى بِأبي،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: بِأبي قسم، وَفِيه نظر.
قَوْله: ( شَبيه بِالنَّبِيِّ) ، أَي: هُوَ شَبيه بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ( لَا شَبيه بعلي) يَعْنِي: أَبَاهُ ابْن أبي طَالب.
قَوْله: ( وَعلي يضْحك) جملَة حَالية، وضحكه يدل على أَنه وَافق أَبَا بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، على أَن الْحسن كَانَ يشبه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
.

     وَقَالَ  أَبُو عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: كَانَ المشبهون برَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَمْسَة، وهم: جَعْفَر بن أبي طَالب، وَالْحسن بن عَليّ، وَقثم بن الْعَبَّاس، وَأَبُو سُفْيَان بن الْحَارِث، والسائب ابْن عبيد، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، وَقد قيل فِي ذَلِك شعر:
( بِخَمْسَة شبه الْمُخْتَار من مُضر ... يَا حسن مَا خولوا من شبهه الْحسن)

( بِجَعْفَر وَابْن عَم الْمُصْطَفى قثم ... وسائب وَأبي سُفْيَان وَالْحسن)

وَفِي ( عُيُون الْأَثر) : وَمِمَّنْ كَانَ يُشبههُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: عبد الله بن عَامر بن كَعْب بن ربيعَة بن حبيب بن عبد شمس، رَآهُ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، صَغِيرا، فَقَالَ: هَذَا يشبهنا، وَذكر فِي ( الْمرْآة) : مِنْهُم مُسلم بن معتب، وَأنس بن ربيعَة بن مَالك البياضي الْبَصْرِيّ من بني أُسَامَة بن لؤَي، وَكَانَ أشبه النَّاس برَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي خلقه وخلقه، وَكَانَ أنس بن مَالك إِذا رَآهُ عانقه وَبكى،.

     وَقَالَ : من أَرَادَ أَن ينظر إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلْينْظر إِلَى هَذَا، وَبلغ مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان خَبره فاستقدمه، فَلَمَّا دخل عَلَيْهِ قَامَ واعتنقه وَقبل مَا بَين عَيْنَيْهِ وأقطعه مَالا وأرضاً، فَرد المَال وَقبل الأَرْض.

وَفِي الحَدِيث: فَضِيلَة أبي بكر ومحبته لآل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَفِيه: ترك الصَّبِي الْمُمَيز يلْعَب لِأَن الْحسن إِذْ ذَاك كَانَ ابْن سبع سِنِين، وَقد سمع من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَحفظ عَنهُ، ولعبه مَحْمُول على مَا يَلِيق لمثله فِي ذَلِك الزَّمَان من الْأَشْيَاء الْمُبَاحَة، بل يحمل على مَا فِيهِ تمرين وتنشيط وَنَحْو ذَلِك.





[ قــ :3383 ... غــ :3544 ]
- حدَّثني عَمْرُو بنُ عَلِيٍّ حدَّثنا ابنُ فُضَيْلٍ حدَّثنا إسْمَاعِيلُ بنُ أبي خالِدٍ قَالَ سَمِعْتُ أبَا جُحَيْفَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ رأيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وكانَ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ علَيْهِمَا السَّلامُ يُشْبِهُهُ.

قُلْتُ لأِبِي جُحَيْفَةَ صِفْهُ لِي قَالَ كانَ أبْيَض قَدْ شَمِطَ وأمَرَ لَنَا النَّبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِثَلاَثَ عَشْرَةَ قَلُوصاً قَالَ فَقُبِضَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَبْلَ أنْ نَقْبِضَهَا.
( انْظُر الحَدِيث 3453) .


هَذَا طَرِيق آخر فِي الحَدِيث الْمَذْكُور بأتم مِنْهُ أخرجه عَن عَمْرو بن عَليّ بن بَحر بن أبي حَفْص الْبَاهِلِيّ الْبَصْرِيّ الصَّيْرَفِي عَن مُحَمَّد بن فُضَيْل بِالتَّصْغِيرِ إِلَى آخِره.

قَوْله: ( قد شمط) ، بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة وَكسر الْمِيم: أَي صَار شعر رَأسه السوَاد مخالطاً بالبياض.
قَوْله: ( فَأمر لنا) أَي: لَهُ ولقومه من بني سواءة، وَكَانَ أَمر لَهُم بذلك على سَبِيل جَائِزَة الْوَفْد.
قَوْله: ( بِثَلَاث عشرَة) ويروى بِثَلَاثَة عشر،.

     وَقَالَ  ابْن التِّين: وَكَانَ حَقه أَن يَقُول: ثَلَاث عشرَة، وَهُوَ ظَاهر قَوْله: ( قلوصاً) بِفَتْح الْقَاف وَضم اللَّام، وَهِي الْأُنْثَى من الْإِبِل، وَقيل: هِيَ الطَّوِيلَة القوائم،.

     وَقَالَ  الدَّاودِيّ: هِيَ الثَّنية من الْإِبِل.
قَوْله: ( فَقبض النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قبل أَن نقبضها) أَي: قبل أَن نقبض تِلْكَ القلائص.

وَفِيه: إِشْعَار أَن ذَلِك كَانَ قرب وَفَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قلت: نعم، روى الْإِسْمَاعِيلِيّ من طَرِيق مُحَمَّد بن الفضيل بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور: فذهبنا نقبضها فَأَتَانَا مَوته فَلم يعطونا شَيْئا، فَلَمَّا قَامَ أَبُو بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَالَ: من كَانَت لَهُ عِنْد رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِدَةٌ، فليجىء، فَقُمْت إِلَيْهِ فَأَخْبَرته فَأمر لنا بهَا.





[ قــ :3384 ... غــ :3545 ]
- حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ رَجاءٍ حدَّثنا إسْرَائِيلُ عنْ أبِي إسْحَاقَ عنْ وَهْبٍ أبي جُحَيْفَةَ السُّوَائِيِّ قَالَ رَأيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ورأيْتُ بَيَاضَاً منْ تَحْتِ شَفَتِهِ السُّفْلَى العَنْفَقَةَ.


هَذَا طَرِيق آخر عَن عبد الله بن رَجَاء بن الْمثنى الفداني الْبَصْرِيّ عَن إِسْرَائِيل بن يُونُس عَن جده أبي إِسْحَاق السبيعِي، واسْمه عَمْرو بن عبد الله الْكُوفِي.

قَوْله: ( العنفقة) ، بِالْجَرِّ على أَنه بدل من: الشّفة، وَيجوز بِالنّصب على أَن يكون بَدَلا من قَوْله: ( بَيَاضًا) .
قَالَ ابْن سَيّده فِي ( الْمُخَصّص) : هِيَ مَا بَين الذقن وطرف الشّفة السُّفْلى كَأَن عَلَيْهَا شعر أَو لم يكن، وَقيل: هُوَ مَا كَانَ نبت على الشّفة السُّفْلى من الشّعْر،.

     وَقَالَ  الْقَزاز: هِيَ تِلْكَ الْهمزَة الَّتِي بَين الشّفة السُّفْلى والذقن،.

     وَقَالَ  الْخَلِيل: هِيَ الشعيرات بَينهمَا، وَلذَلِك يَقُولُونَ فِي التحلية: نقي العنفقة،.

     وَقَالَ  أَبُو بكر: العنفقة خفَّة الشَّيْء وقلته، وَمِنْه اشتقاق: العنفقة، فَدلَّ هَذَا على أَن العنفقة الشّعْر، وَأَنه سمي بذلك لقلته وَخِفته، وَفِي هَذَا الحَدِيث بيَّن مَوضِع الْبيَاض والشمط.





[ قــ :3385 ... غــ :3546 ]
- حدَّثنا عِصامُ بنُ خالِدٍ حدَّثنا حَرِيزُ بنُ عُثْمَانَ أنَّهُ سَألَ عبْدَ الله بنَ بُسْرٍ صاحِبَ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أرَأيْتَ النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كانَ شَيْخَاً قَالَ كانَ فِي عَنْفَقَتِهِ شَعَرَاتٌ بِيضٌ.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وعصام، بِكَسْر الْعين الْمُهْملَة: ابْن خَالِد أَبُو إِسْحَاق الْحِمصِي الْحَضْرَمِيّ، مَاتَ سنة بضع عشرَة وَمِائَتَيْنِ، من كبار شُيُوخ البُخَارِيّ وَلَيْسَ لَهُ عَنهُ فِي ( الصَّحِيح) غَيره، وَهُوَ من أَفْرَاد البُخَارِيّ، و: حريز، بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَكسر الرَّاء وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره زَاي: ابْن عُثْمَان السَّامِي، مَاتَ سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَمِائَة، وَعبد الله بن بسر، بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون السِّين الْمُهْملَة وَفِي آخِره رَاء.

والْحَدِيث من ثلاثيات البُخَارِيّ، الثَّالِث عشر مِنْهَا، وَمن أَفْرَاده أَيْضا.

قَوْله: ( أَرَأَيْت النَّبِي) يجوز فِيهِ وَجْهَان: أَحدهمَا: أَن يكون أَرَأَيْت بِمَعْنى أَخْبرنِي، وَيكون لفظ: النَّبِي، مَرْفُوعا على الإبتداء.
وَقَوله: ( أَكَانَ شَيخا) ، خَبره على تَأْوِيل: هَل يُقَال فِيهِ: كَانَ شَيخا؟ وأعربه بَعضهم بِأَن النَّبِي مَرْفُوع على أَنه اسْم: كَانَ، وَفِيه مَا فِيهِ، وَالْوَجْه الآخر: أَن يكون: أَرَأَيْت؟ استفهاماً تَقْدِيره: هَل رَأَيْت النَّبِي أَكَانَ شَيخا؟ فَيكون النَّبِي مَنْصُوبًا على المفعولية، وَيُؤَيّد هَذَا مَا رَوَاهُ الْإِسْمَاعِيلِيّ من وَجه آخر عَن حريز بن عُثْمَان، قَالَ: رَأَيْت عبد الله بن بسر صَاحب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بحمص وَالنَّاس يسألونه، فدنوت مِنْهُ وَأَنا غُلَام، فَقلت: أَنْت رَأَيْت رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ قَالَ: نعم، قلت: أشيخ كَانَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أم شَاب؟ قَالَ: فَتَبَسَّمَ.
وَفِي رِوَايَة لَهُ: فَقلت لَهُ: أَكَانَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صبغ؟ قَالَ: يَا ابْن أخي، لم يبلغ ذَلِك.
قَوْله: ( شَعرَات بيض) ، الشعرات جمع شَعْرَة، وَالْبيض بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة جمع أَبيض،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: شَعرَات جمع قلَّة فَلَا يكون زَائِدا على عشرَة.
قلت: سَمِعت بعد الأساتذة الْكِبَار: أَن عدد الشعرات الْبيض الَّتِي كَانَت على عنفقته سَبْعَة عشر شَعْرَة، وَالله أعلم.





[ قــ :3386 ... غــ :3547 ]
- حدَّثني ابنُ بُكَيْرٍ قَالَ حدَّثني اللَّيْثُ عنْ خالِدٍ عنْ سَعيدِ بنِ أبِي هِلالٍ عنْ رَبِيعَةَ ابنِ أبِي عبْدِ الرَّحْمانِ قَالَ سَمِعْتُ أنَسَ بنَ مالِكٍ يَصِفُ النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ كانَ رَبْعَةً مِنَ القَوْمِ لَيْسَ بالطَّوِيلِ ولاَ بالْقَصِيرَ أزْهَرَ اللَّوْنِ لَيْسَ بأبْيَضَ أمْهَقَ ولاَ آدَمَ لَيْسَ بِجَعْدٍ قَطِطٍ ولاَ سَبْطٍ رَجُلٍ أُنْزِلَ علَيْهِ وهْوَ ابنُ أرْبَعِينَ فلَبِثَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ يُنَزَّلُ علَيْهِ وبالمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ ولَيْسَ فِي رأسِهِ وَلِحْيَتِهِ عِشْرُونَ شَعرَةً بَيْضَاءَ قَالَ رَبِيعَةُ فرَأيْتُ شَعَرَاً مِنْ شَعَرِهِ فإذَا هُوَ أحْمَرُ فَسَألْتُ فَقيلَ احْمَرَّ مِنَ الطَّيب.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَابْن بِكَسْر هُوَ يحيى بن بكير تَصْغِير بكر وَهُوَ مَنْسُوب إِلَى جده لِأَنَّهُ يحيى بن عبد الله بن بكير أَبُو زَكَرِيَّا المَخْزُومِي الْمصْرِيّ، وَاللَّيْث هُوَ ابْن سعد الْمصْرِيّ، وخَالِد هُوَ ابْن يزِيد الجُمَحِي الإسْكَنْدراني أَبُو عبد الرَّحِيم الْفَقِيه الْمُفْتِي، وَسَعِيد بن أبي هِلَال اللَّيْثِيّ الْمدنِي، وَرَبِيعَة بن أبي عبد الرَّحْمَن بن فروخ الْفَقِيه الْمدنِي الْمَعْرُوف بربيعة الرَّأْي.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا عَن عبد الله بن يُوسُف عَن مَالك وَفِي اللبَاس عَن إِسْمَاعِيل عَن مَالك.
وَأخرجه مُسلم فِي فَضَائِل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عَن يحيى بن يحيى عَن مَالك وَعَن يحيى بن أَيُّوب وقتيبة وَعلي بن حجر وَعَن الْقَاسِم بن زَكَرِيَّاء.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي المناقب عَن قُتَيْبَة عَن مَالك وَعَن إِسْحَاق بن مُوسَى عَن معن عَن مَالك.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الزِّينَة عَن قُتَيْبَة عَن مَالك بِهِ مُخْتَصرا.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: ( كَانَ ربعَة) ، بِفَتْح الرَّاء وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة أَي: مربوعاً، والتأنيث بِاعْتِبَار النَّفس، يُقَال: رجل ربعَة وَامْرَأَة ربعَة.
قَوْله: ( لَيْسَ بالطويل وَلَا بالقصير) ، تَفْسِير ربعَة، أَي: لَيْسَ بالطويل الباين المفرط فِي الطول مَعَ اضْطِرَاب الْقَامَة، قَالَ الْأَخْفَش: هُوَ عيب فِي الرِّجَال وَالنِّسَاء، وَسَيَأْتِي فِي حَدِيث الْبَراء عَن قريب أَنه كَانَ مربوعاً، وَوَقع فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة عِنْد الذهلي.
فِي ( الزهريات) بِإِسْنَاد حسن: كَانَ ربعَة وَهُوَ إِلَى الطول أقرب.
قَوْله: ( أَزْهَر اللَّوْن) أَي: أَبيض مشرب بحمرة، وَقد وَقع ذَلِك صَرِيحًا فِي مُسلم من حَدِيث أنس من وَجه آخر، قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَبيض مشرباً بياضه بحمرة، وَقيل: الْأَزْهَر أَبيض اللَّوْن ناصعاً.
قَوْله: ( لَيْسَ بأبيض أمهق) ، كَذَا وَقع فِي الْأُصُول، وَوَقع عِنْد الدَّاودِيّ تبعا لرِوَايَة الْمروزِي: أمهق لَيْسَ بأبيض،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: أمهق أَبيض لَا فِي الْغَايَة، وَهُوَ معنى لَيْسَ بأبيض.
.

     وَقَالَ  رؤبة: المهق خضرَة المَاء، وَلم يُوجد لفظ أمهق فِي بعض النّسخ وَهُوَ الْأَظْهر.
وَفِي ( الموعب) : الأمهق الْبيَاض الجصي، وَكَذَلِكَ الأمقه، وَقيل: هُوَ بَيَاض فِي زرقة، وَامْرَأَة مهقاء ومقهاء،.

     وَقَالَ  بَعضهم: هما الشديدا الْبيَاض، وَعَن ابْن دُرَيْد: هُوَ بَيَاض سمج لَا يخالطه حمرَة وَلَا صفرَة.
وَفِي ( التَّهْذِيب) : بَيَاض لَيْسَ بنير.
وَفِي ( الْجَامِع) : بَيَاض شَدِيد مفتح، وَقيل: هُوَ شدَّة الخضرة.
.

     وَقَالَ  عِيَاض: من روى أَنه لَيْسَ بالأبيض وَلَا الآدم فقد وهم، وَلَيْسَ بصواب، ورد عَلَيْهِ بِأَن المُرَاد أَنه لَيْسَ بالأبيض الشَّديد الْبيَاض، وَلَا بالآدم الشَّديد الأدمة، وَإِنَّمَا يخالط بياضه الْحمرَة، وَالْعرب قد تطلق على من كَانَ كَذَلِك أسمر، وَلِهَذَا جَاءَ فِي حَدِيث أنس أخرجه أَحْمد وَالْبَزَّار وَابْن مَنْدَه بِإِسْنَاد صَحِيح: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ( كَانَ أسمر) ، وَفِي رِوَايَات كَثِيرَة مُخْتَلفَة، فَعِنْدَ النّظر يظْهر من مجموعها أَن المُرَاد بالسمرة: الْحمرَة الَّتِي تخالط الْبيَاض، وَأَن المُرَاد بالبياض الْمُثبت مَا يخالط الْحمرَة، والمنفي مَا لَا يخالطه، وَهُوَ الَّذِي تكرههُ الْعَرَب وتسميه أمهق، وَبِهَذَا يظْهر أَن رِوَايَة الْمروزِي: أمهق، لَيْسَ بأبيض، مَقْلُوبَة على أَنه يُمكن تَوْجِيهه بِمَا ذَكرْنَاهُ عَن الْكرْمَانِي آنِفا.
قَوْله: ( لَيْسَ بجعد قطط) ، الْجَعْد، بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة، والقطط بِفتْحَتَيْنِ والجعودة فِي الشّعْر أَن لَا يتكسر وَلَا يسترسل، والقطط شَدِيد الجعودة.
وَفِي ( التَّلْوِيح) : الشّعْر القطط شَبيه بِشعر السودَان.
قَوْله: ( وَلَا سبط) ، بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة: من السبوطة وَهِي ضد الجعودة، وَالْحَاصِل أَنه: وسط بَين الجعودة والسبوطة، وَيُقَال: يَعْنِي شعره لَيْسَ بِهَاتَيْنِ الصفتين وَإِنَّمَا فِيهِ جعدة بصقلة.
قَوْله: ( رجل) ، بِفَتْح الرَّاء وَكسر الْجِيم وَقيل بِفَتْحِهَا وَقيل بسكونها، وَهُوَ مَرْفُوع على أَنه خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف أَي: هُوَ رجل، أَي: مسترسل، وَقيل: منسرح.
وَفِي حَدِيث التِّرْمِذِيّ عَن عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: وَلم يكن بالجعد القطط وَلَا بالسبط، كَانَ جَعدًا رجلا.
وَوَقع عِنْد الْأصيلِيّ: رجل، بِالْجَرِّ.
قيل: إِنَّه وهم وَيُمكن تَوْجِيهه على أَنه جر بالمجاورة، ويروى فِي بعض الرِّوَايَات: رجل، بِفَتْح اللَّام وَتَشْديد الْجِيم، على أَنه فعل مَاض، فَإِن صحت هَذِه الرِّوَايَة فَلَا يظْهر وَجه وُقُوعه هَكَذَا إلاَّ بتعسف.
قَوْله: ( أنزل عَلَيْهِ) ، يَعْنِي: الْوَحْي، وَفِي رِوَايَة مَالك: بَعثه الله.
قَوْله: ( وَهُوَ ابْن أَرْبَعِينَ سنة) ، جملَة حَالية يَعْنِي: وعمره أَرْبَعُونَ سنة، وَهُوَ قَول الْأَكْثَرين، وَقيل: أنزل عَلَيْهِ الْوَحْي بعد أَرْبَعِينَ سنة وَعشرَة أَيَّام، وَقيل: وشهرين، وَذَلِكَ يَوْم الْإِثْنَيْنِ لسبع عشرَة خلت من شهر رَمَضَان، وَقيل: لسبع، وَقيل: لأَرْبَع وَعشْرين لَيْلَة مِنْهُ، فِيمَا ذكره ابْن عَسَاكِر، وَعَن أبي قلَابَة: نزل عَلَيْهِ الْوَحْي لثمان عشرَة لَيْلَة خلت من رَمَضَان، وَعند المَسْعُودِيّ: يَوْم الْإِثْنَيْنِ لعشر خلون من ربيع الأول، وَعند إِبْنِ إِسْحَاق: ابْتَدَأَ بالتنزيل يَوْم الْجُمُعَة من رَمَضَان بَغْتَة، وعمره أَرْبَعُونَ سنة وَعِشْرُونَ يَوْمًا، وَهُوَ تَاسِع شباط لسبعمائة وَأَرْبَعَة وَعشْرين عَاما من سني ذِي القرنين،.

     وَقَالَ  ابْن عبد الْبر: يَوْم الْإِثْنَيْنِ لثمان خلون من ربيع الأول سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين من الْفِيل، وَقيل: فِي أول ربيع، وَفِي ( تَارِيخ يَعْقُوب بن سُفْيَان الْفَسَوِي) : على رَأس خمس عشرَة سنة من بُنيان الْكَعْبَة، وَعَن مَكْحُول: أُوحِي إِلَيْهِ بعد اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين سنة،.

     وَقَالَ  الْوَاقِدِيّ: وَابْن أبي عَاصِم والدولابي فِي ( تَارِيخه) : نزل عَلَيْهِ الْقُرْآن وَهُوَ ابْن ثَلَاث وَأَرْبَعين سنة.
وَفِي ( تَارِيخ أبي عبد الرَّحْمَن العتقي) : وَهُوَ ابْن خمس وَأَرْبَعين سنة لسبع وَعشْرين من رَجَب، قَالَه الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، وَجمع بَين هَذِه الْأَقْوَال، وَالْأول بِأَن ذَلِك حِين حمي الْوَحْي وتتابع، وَعند الْحَاكِم مصححاً: أَن إسْرَافيل، عَلَيْهِ السَّلَام، وكل بِهِ ثَلَاث سِنِين، قبل جِبْرِيل صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَأنكر ذَلِك الْوَاقِدِيّ،.

     وَقَالَ : أهل الْعلم ببلدنا يُنكرُونَ أَن يكون وكل بِهِ غير جِبْرِيل صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَزعم السُّهيْلي إِن إسْرَافيل صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وكل بِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تدرباً وتدريجاً لجبريل كَمَا كَانَ أول نبوته الرُّؤْيَا الصادقة.
قَوْله: ( فَلبث بِمَكَّة عشر سِنِين ينزل عَلَيْهِ) أَي: الْوَحْي، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنه عَاشَ سِتِّينَ سنة، وَأخرج مُسلم من وَجه آخر عَن أنس أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: عَاشَ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ سنة، وَهُوَ مُوَافق لحَدِيث عَائِشَة الَّذِي مضى عَن قريب، وَبِه قَالَ الْجُمْهُور، وَالله أعلم.
قَوْله: ( وَلَيْسَ فِي رَأسه ولحيته عشرُون شَعْرَة بَيْضَاء) ، يَعْنِي: دون ذَلِك.
فَإِن قلت: روى ابْن إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه وَابْن حبَان وَالْبَيْهَقِيّ من حَدِيث ابْن عمر: ( كَانَ شيب رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَحوا من عشْرين شَعْرَة بَيْضَاء فِي مقدمه) ، فَهَذَا وَحَدِيث أنس يَقْتَضِي أَن يكون أَكثر من عشرَة إِلَى مَا دون عشْرين، وَحَدِيث عبد الله بن بسر الْمَاضِي يدل على أَنَّهَا كَانَت عشرَة، لِأَنَّهُ قَالَ: عشر شَعرَات بِصِيغَة جمع الْقلَّة، وَقد ذكرنَا عَن قريب أَن جمع الْقلَّة لَا يزِيد على عشرَة.
قلت: التَّوْفِيق بَين هَذَا أَن حَدِيث ابْن بسر فِي شَعرَات عنفقته، وَمَا زَاد على ذَلِك يكون فِي صدغيه، كَمَا فِي حَدِيث الْبَراء، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
فَإِن قلت: روى ابْن سعد بِإِسْنَاد صَحِيح عَن حميد عَن أنس فِي أثْنَاء حَدِيث، قَالَ: لم يبلغ مَا فِي لحيته من الشّعْر عشْرين شَعْرَة، قَالَ حميد: وَأَوْمَأَ إِلَى عنفقته سبع عشرَة، وروى أَيْضا بِإِسْنَاد صَحِيح عَن ثَابت عَن أنس، قَالَ: ( مَا كَانَ فِي رَأس النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ولحيته إلاَّ سبع عشرَة أَو ثَمَان عشرَة) ، وروى ابْن أبي خَيْثَمَة من حَدِيث حميد عَن أنس: لم يكن فِي لحية رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عشرُون شَعْرَة بَيْضَاء، قَالَ حميد: كن سبع عشرَة، وروى الْحَاكِم فِي ( الْمُسْتَدْرك) من طَرِيق عبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل عَن أنس، قَالَ: لَو عددت مَا أقبل من شَيْبه فِي رَأسه ولحيته مَا كنت أزيدهن على إِحْدَى عشرَة.
قلت: هَذِه أَربع رِوَايَات عَن أنس كلهَا تدل على أَن شعراته الْبيض لم تبلغ عشْرين شَعْرَة، وَالرِّوَايَة الثَّانِيَة توضح بِأَن مَا دون الْعشْرين كَانَ سبع عشرَة أَو ثَمَان عشرَة، فَيكون كَمَا ذكرنَا الْعشْرَة على عنفقته وَالزَّائِد عَلَيْهَا يكون فِي بَقِيَّة لحيته، لِأَنَّهُ قَالَ فِي الرِّوَايَة الثَّالِثَة: لم يكن فِي لحية رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عشرُون شَعْرَة بَيْضَاء، واللحية تَشْمَل العنفقة وَغَيرهَا، وَكَون الْعشْرَة على العنفقة بِحَدِيث عبد الله بن بسر، والبقية بالأحاديث الْأُخَر فِي بَقِيَّة لحيته، وَكَون حميد أَشَارَ إِلَى عنفقته سبع عشرَة لَيْسَ يفهم ذَلِك من نفس الحَدِيث، والْحَدِيث لَا يدل إلاَّ على مَا ذكرنَا من التَّوْفِيق، وَأما الرِّوَايَة الرَّابِعَة الَّتِي رَوَاهَا الْحَاكِم فَلَا تنَافِي كَون الْعشْرَة على العنفقة وَالْوَاحد على غَيرهَا، وَهَذَا الْموضع مَوضِع تَأمل.
قَوْله: ( قَالَ ربيعَة) ، هُوَ مَوْصُول بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور.
قَوْله: ( فَسَأَلت) ، قيل: يُمكن أَن يكون المسؤول عَنهُ أنسا، وَيدل عَلَيْهِ مَا رَاه مُحَمَّد ابْن عقيل: أَن عمر بن عبد الْعَزِيز قَالَ لأنس: هَل خضب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِنِّي رَأَيْت شعرًا من شعره قد لون؟ فَقَالَ: إِنَّمَا هَذَا الْأَثر قد لون من الطّيب الَّذِي كَانَ يطيب بِهِ شعر رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَهُوَ الَّذِي غير لَونه فَيحْتَمل أَن يكون ربيعَة سَأَلَ أنسا عَن ذَلِك فَأَجَابَهُ بقوله: أَحْمَر من الطّيب، يَعْنِي لم يخضب، وَالله أعلم.





[ قــ :3387 ... غــ :3548 ]
- حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفَ أخبَرَنَا مالِكُ بنُ أنَسٍ عنْ رَبِيعَةَ بنِ أبِي عَبْدِ الرَّحْمانِ عنْ أنَسِ بنِ مالِكٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ أنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ كانَ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْسَ بالطَّوِيلِ البائِنِ ولاَ بالقَصِيرِ وَلَا بالأبْيَضِ الأمْهَقِ ولَيْسَ بالآدَمِ ولَيْسَ بالجَعْدِ القطَطِ ولاَ بالسَّبْطِ بَعَثَهُ الله علَى رأسِ أرْبَعِينَ سَنَةً فأقامَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنينَ وبِالمَدِينَةِ عَشْرِ سِنينَ فتَوَفَّاهُ الله ولَيْسَ فِي رَأسِهِ ولِحْيَتِهِ عِشْرُونَ شَعْرَةً بَيْضَاءَ.
( انْظُر الحَدِيث 7453 وطرفه) .


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَهَذَا طَرِيق آخر فِي حَدِيث أنس من رِوَايَة ربيعَة بن أبي عبد الرَّحْمَن.
وَالْكَلَام فِيهِ قد مر عَن قريب، وَهَذَا الحَدِيث يَقْتَضِي أَنه عَاشَ سِتِّينَ سنة، وروى مُسلم من وَجه آخر عَن أنس: أَنه عَاشَ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ سنة، وَهَذَا مُوَافق لحَدِيث عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عنهَا الْمَاضِي عَن قريب.
وَهَذَا قَول الْجُمْهُور،.

     وَقَالَ  الْإِسْمَاعِيلِيّ: لَا بُد أَن يكون الصَّحِيح أَحدهمَا قلت: كِلَاهُمَا صَحِيح، وَيحمل رِوَايَة السِّتين على إِلْغَاء الْكسر.





[ قــ :3388 ... غــ :3549 ]
- حدَّثنا أحْمَدُ بنُ سَعِيدٍ أبُو عَبْدِ الله حدَّثنا إسْحَاقُ بنُ مَنْصُورٍ حدَّثَنا إبْرَاهِيمُ ابنُ يُوسُفَ عنْ أبِيهِ عنْ أبِي إسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ البَرَاءَ يقُولُ كانَ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أحْسَنَ النَّاسِ وجْهاً وأحْسَنَهُ خَلْقاً لَيْسَ بالطَّوِيلِ البائِنِ وَلَا بالقَصِيرِ.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَأحمد بن سعيد بن إِبْرَاهِيم أَبُو عبد الله الْمروزِي الْمَعْرُوف بالرباطي، مَاتَ يَوْم عَاشُورَاء أَو النّصْف من محرم سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ، وروى عَنهُ مُسلم أَيْضا وَإِسْحَاق بن مَنْصُور أَبُو عبد الله السَّلُولي الْكُوفِي وَإِبْرَاهِيم بن يُوسُف بن إِسْحَاق يروي عَن أَبِيه يُوسُف بن إِسْحَاق، ويوسف يروي عَن جده أبي إِسْحَاق السبيعِي، واسْمه: عَمْرو بن عبد الله، لِأَن إِسْحَاق يُقَال: إِنَّه مَاتَ قبل أَبِيه أبي إِسْحَاق!
والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي فَضَائِل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن أبي كريب.

قَوْله: ( وَأحسنه خلقا) ، بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَفِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَضَبطه ابْن التِّين بِضَم أَوله، وَاسْتشْهدَ بقوله تَعَالَى: { وَإنَّك لعلى خلق عَظِيم} ( الْقَلَم: 4) .
وَوَقع فِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ: ( وَأحسنه خلقا وخلقاً) .
قَوْله: ( الْبَائِن) ، بِالْبَاء الْمُوَحدَة من: بَان، أَي: ظهر على غَيره أَو فَارق من سواهُ.





[ قــ :3389 ... غــ :3550 ]
- حدَّثنا أبُو نَعَيْمٍ حدَّثنا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ سألْتُ أنَسَاً هَلْ خَضَبَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لاَ إنَّمَا كانَ شَيْءٌ فِي صُدْغَيْهِ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَأَبُو نعيم الْفضل بن دُكَيْن، وَهَمَّام بن يحيى العوذي الْبَصْرِيّ.

والْحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الشَّمَائِل عَن بنْدَار.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الزِّينَة عَن أبي مُوسَى.
قَوْله: ( شَيْء) ، أَي: من الشيب، يُرِيد أَنه لم يبلغ الخضاب لِأَنَّهُ لم يكن لَهُ شَيْء من الشيب إلاَّ قَلِيلا فِي صدغيه لم يحْتَج إِلَى التخضيب.
قَوْله: ( فِي صدغيه) ، الصدغ مَا بَين الْأذن وَالْعين، وَيُسمى أَيْضا الشّعْر المتدلي عَلَيْهِ صدغاً.
فَإِن قلت: روى ابْن عمر فِي ( الصَّحِيحَيْنِ) : أَنه رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يصْبغ من الصُّفْرَة.
قلت: صبغ فِي وَقت وَتَركه فِي مُعظم الْأَوْقَات، فَأخْبر كل بِمَا رأى، وَكِلَاهُمَا صادقان.
فَإِن قلت: هَذَا الحَدِيث يدل على أَن بعض الشيب كَانَ فِي صدغيه، وَفِي حَدِيث عبد الله بن بسر: كَانَ على عنفقته؟ قلت: يجمع بَينهمَا بِمَا رَوَاهُ مُسلم من طَرِيق سعيد عَن قَتَادَة عَن أنس، قَالَ: ( لم يخضب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَإِنَّمَا كَانَ الْبيَاض فِي عنفقته وَفِي الصدغين وَفِي الرَّأْس نبذ، أَي: متفرق) ، فَإِن قلت: أخرج الْحَاكِم من حَدِيث عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت: ( مَا شانه الله ببيضاء) .
قلت: هَذَا مَحْمُول على أَن تِلْكَ الشعرات الْبيض لم يتَغَيَّر بهَا شَيْء من حسنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.





[ قــ :3390 ... غــ :3551 ]
- حدَّثنا حَفْصُ بنُ عُمَرَ حدَّثنا شُعْبَةُ عنْ أبِي إسْحَاقَ عنِ البَرَاءِ بنِ عازِبٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما قَالَ كانَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَرْبُوعَاً بَعيد مَا بَيْنَ المَنْكِبَيْنِ لَهُ شَعْرٌ يَبْلُغُ شَحْمَةَ أذُنِهِ رأيْتُهُ فِي حُلَّة حَمْرَاءَ لَمْ أرَ شَيْئاً قَطُّ أحْسَنَ مِنْهُ قَالَ يُوسُفُ بنُ أبِي إسْحَاقَ عنْ أبِيهِ إلَى مَنْكِبَيْهِ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَأَبُو إِسْحَاق مر الْآن، والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي اللبَاس عَن أبي الْوَلِيد مُخْتَصرا.
وَأخرجه مُسلم فِي الْفَضَائِل عَن أبي مُوسَى وَبُنْدَار.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي اللبَاس عَن حَفْص بن عمر بِهِ.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الاسْتِئْذَان وَالْأَدب عَن بنْدَار بِبَعْضِه، وَفِي الشَّمَائِل عَن بنْدَار بِتَمَامِهِ وَعَن أَحْمد بن منيع.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الزِّينَة عَن عَليّ بن الْحُسَيْن وَعَن يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم الدَّوْرَقِي.

قَوْله: ( مربوعاً) وَهُوَ معنى قَوْله: ( ربعَة) فِي الْأَحَادِيث السَّابِقَة.
قَوْله: ( بعيد مَا بَين الْمَنْكِبَيْنِ) ، أَي عريض أَعلَى الظّهْر، وَوَقع فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة عِنْد ابْن سعد: رحب الصَّدْر.
قَوْله: ( أُذُنه) بِالْإِفْرَادِ، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: ( أُذُنَيْهِ) بالتثنية، وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ: تكَاد جمته تصيب شحمة أُذُنَيْهِ.
قَوْله: ( قَالَ يُوسُف بن أبي إِسْحَاق) ، نسبه إِلَى جده لِأَنَّهُ ذكر الْأَب وَأَرَادَ الْجد مجَازًا،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: الضَّمِير فِي أَبِيه يرجع إِلَى إِسْحَاق لَا إِلَى يُوسُف، لِأَن يُوسُف لَا يروي إلاَّ عَن الْجد.
قَوْله: ( إِلَى مَنْكِبَيْه) ، أَي: يبلغ الجمة إِلَى مَنْكِبَيْه، وَهَذَا التَّعْلِيق أسْندهُ قبل عَن أَحْمد بن سعد عَن إِسْحَاق بن مَنْصُور: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن يُوسُف حَدثنَا أبي عَن أبي إِسْحَاق عَن الْبَراء، وَلكنه اخْتَصَرَهُ،.

     وَقَالَ  الدَّاودِيّ: قَوْله ( يبلغ شحمة أُذُنَيْهِ) ، مُغَاير لقَوْله: مَنْكِبَيْه، ورد بِأَن المُرَاد أَن مُعظم شعره كَانَ عِنْد شحمة أُذُنه، وَمَا استرسل مِنْهُ مُتَّصِل إِلَى الْمنْكب، أَو يحمل على حالتين.





[ قــ :3391 ... غــ :355 ]
- حدَّثنا أبُو نُعَيْمٍ حدَّثنا زُهَيْرٌ عنْ أبِي إسْحَاقَ قَالَ سُئِلَ البَرَاءُ أكانَ وجْهُ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِثْلَ السَّيْفِ قَالَ لَا بَلْ مِثْلَ الْقَمَرِ.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَأَبُو نعيم الْفضل بن دُكَيْن، وَزُهَيْر هُوَ ابْن مُعَاوِيَة، وَأَبُو إِسْحَاق عَمْرو بن عبد الله السبيعِي.

والْحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ فِي المناقب عَن سُفْيَان بن وَكِيع.

قَوْله: ( أَكَانَ؟) الْهمزَة فِيهِ للاستفهام على سَبِيل الإستخبار.
قَوْله: ( مثل السَّيْف) ، يحْتَمل أَنه أَرَادَ: مثل السَّيْف فِي الطول، قَالَ الْبَراء: لَا بل مثل الْقَمَر فِي التدوير، وَيحْتَمل أَنه أَرَادَ مثل السَّيْف فِي اللمعان والصقال، فَقَالَ الْبَراء: لَا بل مثل الْقَمَر الَّذِي فَوق السَّيْف فِي ذَلِك، لِأَن الْقَمَر يَشْمَل التدوير واللمعان، بل التَّشْبِيه بِهِ أبلغ لِأَن التَّشْبِيه بالقمر لوجه الممدوح شَائِع ذائع، وَكَذَا بالشمس، وَقد أخرج مُسلم من حَدِيث جَابر بن سَمُرَة: أَن رجلا قَالَ لَهُ: أَكَانَ وَجه رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثل السَّيْف؟ قَالَ: لَا بل مثل الشَّمْس وَالْقَمَر مستديراً، وَقد أَشَارَ بقوله: مستديراً، إِلَى أَنه جمع التدوير مَعَ كَونه مثل الشَّمْس وَالْقَمَر فِي الْإِشْرَاق واللمعان والصقال، فَكَأَنَّهُ نبه فِي حَدِيثه أَنه جمع الْحسن والاستدارة، وَهَذَا الحَدِيث يُؤَيّد الِاحْتِمَالَيْنِ الْمَذْكُورين.