فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب مناقب سعد بن أبي وقاص الزهري وبنو زهرة أخوال

( بابُُ مَناقِبِ سَعْدِ بنِ أبِي وقَّاصٍ الزُّهْرِيِّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان مَنَاقِب سعد بن أبي وَقاص الزُّهْرِيّ أحد الْعشْرَة ويكنى أَبَا إِسْحَاق، وَكَانَ يُقَال لَهُ: فَارس الْإِسْلَام وَهُوَ أول من رمى بِسَهْم فِي سَبِيل الله، وَكَانَ مجاب الدعْوَة، وَكَانَ سَابِع سَبْعَة فِي الْإِسْلَام، وَهُوَ الَّذِي كوف الْكُوفَة وَنفى الْأَعَاجِم وَفتح الله على يَدَيْهِ أَكثر فَارس، مَاتَ فِي قصره بالعقيق على عشرَة أَمْيَال من الْمَدِينَة، وَحمل على رِقَاب النَّاس إِلَى الْمَدِينَة وَدفن بِالبَقِيعِ، وَصلى عَلَيْهِ مَرْوَان بن الحكم وَهُوَ آخر الْعشْرَة وَفَاة فِي سنة خمس وَخمسين وَهُوَ الْمَشْهُور وعمره يَوْم مَاتَ ثَلَاث وَثَمَانُونَ، وَقيل: ثَلَاث وَسَبْعُونَ، وَالله أعلم.

وبَنُو زُهْرَةَ أخْوَالُ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
لِأَن أم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم آمِنَة مِنْهُم وأقارب الْأُم أخوال.

وهْوَ سَعْدُ بنُ مالِكٍ
أَشَارَ بِهِ إِلَى أَن اسْم أبي وَقاص وَالِد سعد هُوَ: مَالك بن وهب، وَيُقَال: وهيب، وَيُقَال: أهيب بن عبد منَاف بن زهرَة ابْن كلاب بن مرّة، يجْتَمع مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي كلاب بن مرّة، وَعدد مَا بَينهمَا من الْآبَاء متفاوت، وَأمه حمْنَة بنت سُفْيَان ابْن أُميَّة بن عبد شمس، لم تُسْلِم.



[ قــ :3552 ... غــ :3725 ]
- حدَّثني مُحَمَّدُ بنُ الْمُثَنَّى حدَّثنا عبْدُ الوَهَّابِ قَالَ سَمِعْتُ يَحْيَى قَالَ سَمِعْتُ سَعيدَ بن المُسَيَّبِ قَالَ سَمِعْتُ سعْدَاً يقُولُ جَمَع لي النَّبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أبَوَيْهُ يَوْمَ أُحُدٍ.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَعبد الْوَهَّاب هُوَ ابْن عبد الْمجِيد الثَّقَفِيّ، وَيحيى هُوَ ابْن سعيد الْقطَّان.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْمَغَازِي عَن مُسَدّد وَعَن قُتَيْبَة.
وَأخرجه مُسلم فِي الْفَضَائِل عَن مُحَمَّد بن الْمثنى بِهِ وَعَن قُتَيْبَة وَمُحَمّد بن رمح عَن القعْنبِي.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الاسْتِئْذَان فِي المناقب عَن قُتَيْبَة.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي السّنة عَن مُحَمَّد بن رمح بِهِ وَعَن هِشَام بن عمار.
قَوْله: ( جمع لي) أَي: فِي التفدية بِأَن قَالَ: فدَاك أبي وَأمي.





[ قــ :3553 ... غــ :376 ]
- حدَّثنا مَكِّيُّ بنُ إبْرَاهِيمَ حدَّثنا هَاشِمُ بنُ هاشِمٍ عنْ عامِرِ بنِ سَعْدٍ عنْ أبِيهِ قَالَ لَقَدْ رأيْتُنِي وَأَنا ثُلُثُ الإسْلاَمِ.

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِنَّه كَانَ ثلث الْإِسْلَام، وَهُوَ منقبة عَظِيمَة.
وهَاشِم بن هَاشم بن عتبَة بن أبي وَقاص الزُّهْرِيّ يعد فِي أهل الْمَدِينَة وَهُوَ يروي عَن عَامر بن سعد وَابْن أبي وَقاص يروي عَن أَبِيه سعد.

قَوْله: ( لقد رَأَيْتنِي) أَي: رَأَيْت نَفسِي وَالْحَال ( وَأَنا ثلث الْإِسْلَام) أَرَادَ بِهِ أَنه ثَالِث من أسلم أَولا، وَأَرَادَ بالإثنين، أَبَا بكر وَخَدِيجَة أَو النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبا بكر، وَالظَّاهِر أَنه أَرَادَ الرِّجَال الْأَحْرَار، لِأَن أَبَا عمر ذكر فِي الِاسْتِيعَاب أَنه سَابِع سَبْعَة فِي الْإِسْلَام، وَقد تقدم فِي تَرْجَمَة الصّديق حَدِيث عمار: رَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَمَا مَعَه إلاَّ خَمْسَة أعبد وَأَبُو بكر فَهَؤُلَاءِ سِتَّة وَيكون هُوَ السَّابِع بِهَذَا الإعتبار، أَو قَالَ ذَلِك بِحَسب إطلاعه، وَالسَّبَب فِيهِ أَن من كَانَ أسلم فِي ابْتِدَاء الْأَمر كَانَ يخفي إِسْلَامه، فَبِهَذَا الِاعْتِبَار قَالَ: وَأَنا ثلث الْإِسْلَام.





[ قــ :3554 ... غــ :377 ]
- حدَّثني إبْرَاهِيمُ بنُ مُوساى أخْبرَنا ابنُ أبِي زَائِدَةَ حدَّثنا هاشِمُ بنُ هاشِمِ بنِ عُتْبَةَ بنِ أبِي وقَّاصٍ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ أبِي وقَّاصٍ يقُولُ مَا أسْلَمَ أحَدٌ إلاَّ فِي اليَوْمِ الَّذي أسْلَمْتُ فيهِ ولَقَدْ مَكَثْتُ سَبْعَةَ أيَّامٍ وإنِّي لَثُلُثُ الإسْلاَمِ.
( انْظُر الحَدِيث 673 وطرفه) .


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَإِبْرَاهِيم بن مُوسَى بن يزِيد التَّمِيمِي الْفراء أَبُو إِسْحَاق يعرف بالصغير، يروي عَن يحيى بن زَكَرِيَّاء بن أبي زَائِدَة، واسْمه مَيْمُون، وَيُقَال: خَالِد الْهَمدَانِي الْكُوفِي القَاضِي.

قَوْله: ( مَا أسلم أحد) ظَاهره أَنه لم يسلم أحد قبله، وَهَذَا مُشكل لِأَنَّهُ قد أسلم قبله جمَاعَة وَلَكِن يحمل هَذَا على مُقْتَضى مَا كَانَ اتَّصل بِعِلْمِهِ حِينَئِذٍ وَقد روى ابْن مَنْدَه فِي الْمعرفَة من طَرِيق أبي بدر عَن هَاشم بِلَفْظ: مَا أسلم أحد فِي الْيَوْم الَّذِي أسلمت فِيهِ، وَهَذَا لَا إِشْكَال فِيهِ لِأَنَّهُ لَا مَانع أَن لَا يُشَارِكهُ أحد فِي الْإِسْلَام يَوْم أسلم وَلَا يُنَافِي هَذَا إِسْلَام جمَاعَة قبل يَوْم إِسْلَامه فَافْهَم.
قَوْله: ( وَلَقَد مكثت) إِلَى آخِره، هَذَا أَيْضا على مُقْتَضى إطلاعه، كَمَا ذكرنَا عَن قريب.
تابَعَهُ أبُو أُسَامَةَ حدَّثنا هاشِمٌ
أَي: تَابع ابْن أبي زَائِدَة أَبُو أُسَامَة حَمَّاد بن أُسَامَة عَن هَاشم، وَأسْندَ البُخَارِيّ هَذِه الْمُتَابَعَة فِي إِسْلَام سعد، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، على مَا يَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى ويروى: أَبُو أُسَامَة حَدثنَا هَاشم.





[ قــ :3555 ... غــ :378 ]
- حدَّثنا عَمْرُو بنُ عَوْنٍ حدَّثنا خالِدُ بنُ عَبْدِ الله عنْ إسْمَاعِيلَ عنْ قَيْسٍ قَالَ سَمِعْتُ سَعْدَاً رَضِي الله تَعَالَى عنهُ يقُولُ إنِّي لأَوَّلُ العَرَبِ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ الله وكُنَّا نَغْزُو مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَا لَنَا طَعَامٌ إلاَّ ورَقُ الشَّجَرِ حتَّى إنَّ أحَدَنا لَيَضَعُ كَمَا يَضَعُ البَعِيرُ أوِ الشَّاةِ مَا لَهُ خِلْطٌ ثُمَّ أصْبَحَتْ بَنُو اسَدٍ تُعَزِّرُنِي علَى الإسْلاَمِ لَقَدْ خِبْتُ إذَاً وضَلَّ عَمَلِي وكانُوا وشَوْا بِهِ إلَى عُمَرَ قالُوا لاَ يُحْسِنُ يُصَلِّي.

مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: ( إِنِّي لأوّل الْعَرَب رمى بِسَهْم فِي سَبِيل الله) وَفِيه منقبة عَظِيمَة لَهُ.

وَعَمْرو، بِفَتْح الْعين: ابْن عون، بِفَتْح الْعين وبالنون، مر فِي الصَّلَاة، روى عَنهُ البُخَارِيّ هُنَا بِلَا وَاسِطَة، وَفِي بعض الْمَوَاضِع يروي عَنهُ بِوَاسِطَة عبد الله بن مُحَمَّد المسندي، وخَالِد بن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن الطَّحَّان الوَاسِطِيّ يروي عَن إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد الأحمسي البَجلِيّ عَن قيس بن أبي حَازِم عَن سعد بن أبي وَقاص.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْأَطْعِمَة عَن عبد الله بن مُحَمَّد وَفِي الرقَاق عَن مُسَدّد.
وَأخرجه مُسلم فِي آخر الْكتاب عَن يحيى بن حبيب وَعَن مُحَمَّد بن عبد الله ابْن نمير وَعَن يحيى عَن وَكِيع.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الزّهْد عَن مُحَمَّد بن بشار وَعَن عَمْرو بن إِسْمَاعِيل.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي المناقب عَن مُحَمَّد بن الْمثنى.
وَفِي الرَّقَائِق عَن قُتَيْبَة.
وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي السّنة عَن عَليّ بن مُحَمَّد.

قَوْله: ( إِنِّي لأوّل الْعَرَب رمى) كَانَ ذَلِك فِي سَرِيَّة عُبَيْدَة بن الْحَارِث بن عبد الْمطلب، وَكَانَ الْقِتَال فِيهَا أول حَرْب وَقعت بَين الْمُشْركين وَالْمُسْلِمين، وَكَانَت هِيَ أول سَرِيَّة بعثها رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي السّنة الأولى من الْهِجْرَة، بعث نَاسا من الْمُسلمين إِلَى رابغ ليلقوا عيرًا لقريش فتراموا بِالسِّهَامِ وَلم يكن بَينهم مسايفة، أَي: مُضَارَبَة ومحاربة، وَكَانَ سعد أول من رمى، وَكَانُوا سِتِّينَ رَاكِبًا من الْمُهَاجِرين وَفِيهِمْ سعد، وَعقد لَهُ اللِّوَاء، وَهُوَ أول لِوَاء عقده رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَالتقى عُبَيْدَة وَأَبُو سُفْيَان الْأمَوِي وَكَانَ هُوَ على الْمُشْركين، وَهَذَا أول قتال جرى فِي الْإِسْلَام، وَأول من رمى إِلَيْهِم هُوَ سعد، وَفِيه قَالَ:
( ألاَ هَلْ جاءَ رَسُول الله أَنِّي ... حميت صحابِيَ بِصدور نبلي)

( فَمَا يعْتد رام من معد ... بِسَهْم مَعَ رَسُول الله قبلي)

قَوْله: ( كَمَا يضع) ، أَي: يضع عِنْد قَضَاء الْحَاجة أَي: يخرج مِنْهُم مثل البعر ليبسه وَعدم الْغذَاء المألوف.
قَوْله: ( مَا لَهُ خلط) بِكَسْر الْخَاء الْمُعْجَمَة أَي: لَا يخْتَلط بعضه بِبَعْض لجفافه.
قَوْله: ( تعزرني على الْإِسْلَام) أَي: تؤذيني، وَالْمعْنَى: تعلمني الصَّلَاة وتعيرني بِأَنِّي لَا أحْسنهَا.
قَوْله: ( لقد خبت) ، من الخيبة أَي: إِن كنت مُحْتَاجا إِلَى تعليمهم فقد ضل عَمَلي فِيمَا مضى خاسئاً من ذَلِك.
قَوْله: ( وَكَانُوا) أَي: بَنو أَسد.
قَوْله: ( وشوا بِهِ) بالشين الْمُعْجَمَة أَي: سعوا بِهِ، أَي: بِسَعْد، يُقَال: وشى بِهِ وشاية إِذا نم عَلَيْهِ وسعى بِهِ فَهُوَ واش، وَجمعه وشَاة وَأَصله: اسْتِخْرَاج الحَدِيث باللطف وَالسُّؤَال، وَقد مرت قصَّته مَعَ الَّذين زَعَمُوا أَنه لَا يحسن يُصَلِّي فِي: صفة الصَّلَاة.