فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب مناقب سالم مولى أبي حذيفة رضي الله عنه

( بابُُ مَناقِبِ سالِمٍ مَوْلَى أبِي حُذَيْفَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان مَنَاقِب سَالم مولى أبي حُذَيْفَة.
أما سَالم، فَقَالَ أَبُو عمر: سَالم بن معقل يكنى أَبَا عبد الله، كَانَ من أهل فَارس من اصطخر، وَقيل: إِنَّه من عجم الْفرس، وَكَانَ من فضلاء الصَّحَابَة وكبارهم وَهُوَ مَعْدُود فِي الْمُهَاجِرين لِأَنَّهُ لما أعْتقهُ مولاته زوج أبي حُذَيْفَة وَإِلَى أَبَا حُذَيْفَة وتبناه، فَلذَلِك عد فِي الْمُهَاجِرين، وَهُوَ مَعْدُود أَيْضا فِي الْأَنْصَار فِي بني عبيد لعتق مولاته الْأَنْصَارِيَّة زوج أبي حُذَيْفَة لَهُ، فَهُوَ يعد فِي قُرَيْش من الْمُهَاجِرين لما ذكرنَا، وَفِي الْأَنْصَار لما وَصفنَا، وَفِي الْعَجم لما تقدم ذكره أَيْضا ويعد فِي الْقُرْآن أَيْضا مَعَ ذَلِك، وَكَانَ يؤم الْمُهَاجِرين بقباء فيهم عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قبل أَن يقدم رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، الْمَدِينَة.
وَقد رُوِيَ أَنه هَاجر مَعَ عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَكَانَ يفرط فِي الثَّنَاء عَلَيْهِ، وَكَانَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قد آخى بَينه وَبَين معَاذ بن ماعص، وَقيل: إِنَّه آخى بَينه وَبَين أبي بكر، وَلَا يَصح.
وَرُوِيَ عَن عمر أَنه قَالَ: لَو كَانَ سَالم حَيا مَا جَعلتهَا شُورَى.
قَالَ أَبُو عمر: هَذَا عِنْدِي على أَنه كَانَ يصدر فِيهَا عَن رَأْيه، وَالله أعلم.
قَالَ: وَكَانَ أَبُو حُذَيْفَة قد تبنى سالما، فَكَانَ ينْسب إِلَيْهِ، وَيُقَال: سَالم بن أبي حُذَيْفَة حَتَّى نزلت: { ادعوهُمْ لِآبَائِهِمْ} ( الْأَحْزَاب: 5) .
وَكَانَ سَالم عبد الثبيتة بنت يعار بن زيد بن عبيد بن زيد بن مَالك بن عَوْف بن عَمْرو بن عَوْف الْأَنْصَارِيَّة، كَانَت من الْمُهَاجِرَات الأولى، وَمن فضلاء نسَاء الصَّحَابَة.
قلت: ثبيتة، بِضَم الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفتح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق، وَقيل: اسْمهَا عمْرَة بنت يعار، وَعَن ابْن إِسْحَاق: اسْمهَا سلمى بنت يعار، ويعار، بِضَم الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفتحهَا وبالعين الْمُهْملَة،.

     وَقَالَ  أَبُو عمر: شهد سَالم مولى أبي حُذَيْفَة بَدْرًا، وَقتل يَوْم الْيَمَامَة شَهِيدا هُوَ ومولاه أَبُو حُذَيْفَة، فَوجدَ رَأس أَحدهمَا عِنْد رجْلي الآخر، وَذَلِكَ سنة اثْنَتَيْ عشرَة من الْهِجْرَة، وَأما أَبُو حُذَيْفَة فَاخْتلف فِي اسْمه، فَقيل: مهشم، وَقيل: هشيم، وَقيل: هَاشم بن عتبَة بن ربيعَة بن عبد شمس بن عبد منَاف الْقرشِي العبشمي، كَانَ من فضلاء الصَّحَابَة من الْمُهَاجِرين الْأَوَّلين، جمع الله لَهُ الشّرف وَالْفضل، صلى الْقبْلَتَيْنِ وَهَاجَر الهجرتين وَكَانَ إِسْلَامه قبل دُخُول رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَار الأرقم للدُّعَاء فِيهَا إِلَى الْإِسْلَام، وَشهد بَدْرًا وأحداً وَالْخَنْدَق وَالْحُدَيْبِيَة والمشاهد كلهَا، وَقتل يَوْم الْيَمَامَة شَهِيدا كَمَا ذَكرْنَاهُ الْآن وَهُوَ ابْن ثَلَاث أَو أَربع وَخمسين سنة.



[ قــ :3581 ... غــ :3758 ]
- حدَّثنا سُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ حدَّثنا شُعْبَةُ عنْ عَمْرِو بنِ مُرَّةَ عنْ إبْرَاهِيمَ عنْ مَسْرُوق قَالَ ذُكِرَ عَبْدُ الله عِنْدَ عَبْدِ الله بنِ عَمْرٍ وفقال ذَاكَ رَجُلٌ لاَ أزَالُ أُحِبُّهُ بَعْدَ مَا سَمِعْتُ رسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُولُ اسْتَقْرِؤا القُرْآنَ مِنْ أرْبَعَةٍ مِنْ عَبْدِ الله بنِ مَسْعُودٍ فبَدَأ بِهِ وسالِمٍ مَوْلَى أبِي حُذَيْفَةَ وأُبَيِّ بنِ كَعْبٍ ومُعاذِ بنِ جَبَلٍ قَالَ لاَ أدْرِي بَدَأ بأُبَيٍّ أوْ بِمُعَاذٍ.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( وَسَالم مولى أبي حُذَيْفَة) وَإِبْرَاهِيم هُوَ النَّخعِيّ، ومسروق هُوَ ابْن الأجدع.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي مَنَاقِب أبي بن كَعْب عَن أبي الْوَلِيد، وَفِي فَضَائِل الْقُرْآن عَن حَفْص بن عَمْرو فِي مَنَاقِب معَاذ بن جبل عَن مُحَمَّد بن بشار وَفِي مَنَاقِب عبد الله بن مَسْعُود عَن حَفْص بن عمر.
وَأخرجه مُسلم فِي الْفَضَائِل عَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَعَن جمَاعَة آخَرين.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي المناقب عَن هناد، وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ وَفِي فَضَائِل الْقُرْآن عَن بشر بن خَالِد وَعَن آخَرين.

قَوْله: ( ذكر) ، على صِيغَة الْمَجْهُول.
قَوْله: ( عبد الله) ، أَرَادَ بِهِ عبد الله بن مَسْعُود.
قَوْله: ( استقرئوا) ، أَي: اطْلُبُوا الْقِرَاءَة من أَرْبَعَة أنفس.
قَوْله: ( من عبد الله) إِلَى آخِره، بَيَان للأربعة.
قَوْله: ( فَبَدَأَ بِهِ) أَي: بِعَبْد الله بن مَسْعُود، والتقديم يُفِيد الاهتمام بالمقدم وتفضيله على غَيره، وَوجه تَخْصِيص هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَة أَنهم كَانُوا أَكثر ضبطاً للفظ الْقُرْآن وأتقن للْأَدَاء، وَإِن كَانَ غَيرهم أفقه فِي الْمَعَالِي مِنْهُم، وَقيل: لأَنهم تفرغوا لأَخذه مِنْهُ مشافهة، وَقيل: لِأَنَّهُ يُؤْخَذ مِنْهُم، وَقيل: إِنَّه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أَرَادَ الْإِعْلَام بِمَا يكون بعده، وَهَذَا لَا يدل على أَن غَيرهم لم يجمعه.
قَوْله: ( أَو بمعاذ) ، ويروى: أَو بمعاذ بن جبل.