فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب فضل دور الأنصار

(بابُُ فَضْلِ دُورِ الأنْصَارِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان فضل دور الْأَنْصَار، والدور بِالضَّمِّ جمع دَار، قَالَ ابْن الْأَثِير: هِيَ الْمنَازل المسكونة والمحال وَتجمع أَيْضا على ديار، وَالْمرَاد هَهُنَا الْقَبَائِل، وكل قَبيلَة اجْتمعت فِي محلّة سميت تِلْكَ الْمحلة دَارا، وَسمي ساكنوها بهَا مجَازًا على حذف الْمُضَاف، أَي: أهل الدّور، قَالَ: وَأما قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (وَهل ترك لنا عقيل من دَار) فَإِنَّمَا يُرِيد بِهِ الْمنزل لَا الْقَبِيلَة.



[ قــ :3613 ... غــ :3789 ]
- حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ بَشَّار حدَّثنا غُنْدَرٌ حدَّثنا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ قَتادَةَ عنْ أنَسِ بنِ مالِكٍ عنْ أبِي أُسَيْدٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَيْرُ دُورِ الأنْصَارِ بَنُو النَّجَّارِ ثُمَّ بَنُو عَبْدِ الأشْهَلِ ثُمَّ بَنُو الحَارِثِ بنِ خَزْرَجٍ ثُمَّ بَنُو ساعِدَةَ وَفِي كلِّ دُورِ الأنْصَارِ خَيْرٌ.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وغندر، بِضَم الْغَيْن الْمُعْجَمَة قد تكَرر ذكره وَهُوَ مُحَمَّد بن جَعْفَر، وَأَبُو أسيد، بِضَم الْهمزَة وَفتح السِّين الْمُهْملَة، مصغر أَسد واسْمه: مَالك بن ربيعَة السَّاعِدِيّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي مَنَاقِب سعد بن عبَادَة عَن إِسْحَاق عَن عبد الصَّمد.
وَأخرجه مُسلم فِي الْفَضَائِل عَن أبي مُوسَى.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي المناقب عَن مُحَمَّد بن بشار بِهِ.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن مُحَمَّد بن الْمثنى عَن غنْدر بِهِ.

قَوْله: (خير دور الْأَنْصَار) ، أَي: خير قبائلهم: بَنو النجار) بِفَتْح النُّون وَتَشْديد الْجِيم، وَهَذَا من بابُُ إِطْلَاق الْمحل وَإِرَادَة الْحَال، أَو خيريتها بِسَبَب خيرية أَهلهَا، والنجار هُوَ: تيم الله بن ثَعْلَبَة بن عَمْرو بن الْخَزْرَج، والخزرج أَخُو الْأَوْس ابْنا حَارِثَة بن ثَعْلَبَة العنقاء بن عَمْرو مزيقيا بن عَامر بن مَاء السَّمَاء ابْن حَارِثَة الغطريف بن امرىء الْقَيْس البطريق بن ثَعْلَبَة البهلول بن مَازِن وَهُوَ جماع غَسَّان بن الأزد بن الْغَوْث بن يشجب ابْن ملكان بن زيد بن كهلان ابْن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان بن عَابِر بن شالخ بن إرفخشذ بن سَام بن نوح، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام.
والأزد، يُقَال لَهُ: الْأسد أَيْضا بِالسِّين، وقحطان: فعلان من الْقَحْط وَهُوَ الشدَّة، وَيُقَال: شَيْء قحيط أَي: شَدِيد، وَسمي: تيم الله بالنجار، لِأَنَّهُ اختتن بقدوم، وَقيل: جرحه رجل بالقدوم فَسُمي النجار، وَبَنُو النجار هم رَهْط سعد بن معَاذ وَأبي أَيُّوب.
وَمِنْهُم: أَبُو قيس صرمة بن مَالك بن عدي بن عَامر بن غنم بن عدي بن النجار النجاري، ترهب فِي الْجَاهِلِيَّة وَلبس المسوح وَفَارق الْأَوْثَان واغتسل من الْجَنَابَة وهم بالنصرانية، ثمَّ أمسك عَنْهَا،.

     وَقَالَ : أعبد رب إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، فَلَمَّا قدم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة أسلم فَحسن إِسْلَامه.
وَأما الطَّائِفَة النجارية فتنسب إِلَى حُسَيْن النجار، أَخذ عَن بشر بن غياث المريسي الْقَائِل بِخلق الْقُرْآن.
قَوْله: (ثمَّ بَنو عبد الْأَشْهَل) ، هم من الْأَوْس، وَعبد الْأَشْهَل بن جشم بن الْحَرْث بن الْخَزْرَج الْأَصْغَر بن عَمْرو وَهُوَ النبيت بن مَالك بن أَوْس بن حَارِثَة، وَبَقِيَّة النّسَب قد مرت الْآن.
.

     وَقَالَ  ابْن دُرَيْد: زَعَمُوا أَن الْأَشْهَل صنم وَالنِّسْبَة إِلَيْهِ أشهلي، مِنْهُم: أسيد بن حضير بن سماك بن عتِيك بن امرىء الْقَيْس بن زيد بن عبد الْأَشْهَل.
قَوْله: (ثمَّ بَنو الْحَارِث بن خزرج) والخزرج بن عَمْرو بن مَالك بن أَوْس الْمَذْكُور.
مِنْهُم: رَافع بن خديج بن رَافع بن عدي بن زيد بن عَمْرو بن زيد بن جشم بن الْحَارِث بن الْخَزْرَج الْمَذْكُور.
قَوْله: (ثمَّ بَنو سَاعِدَة) ، هم من الْخَزْرَج الْمَذْكُور أَيْضا، وساعدة بن كَعْب بن الْخَزْرَج، قَالَ ابْن دُرَيْد: سَاعِدَة اسْم من أَسمَاء الْأسد.
مِنْهُم: سعد بن عبَادَة بن دليم بن حَارِثَة بن أبي خُزَيْمَة بن ثَعْلَبَة بن طريف بن الْخَزْرَج ابْن سَاعِدَة الْأنْصَارِيّ الخزرجي الشَّاعِر.
قلت: أَبُو حزيمة، بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَكسر الزَّاي، كَذَا قَالَه الدارقني،.

     وَقَالَ  أَبُو عمر: حليمة بِاللَّامِ مَوضِع الزَّاي،.

     وَقَالَ  الْخَطِيب: خُزَيْمَة، بِضَم الْخَاء الْمُعْجَمَة وَفتح الزَّاي، وَيُقَال: خُزَيْمَة، بِكَسْر الزَّاي، قَوْله: (وَفِي كل دور الْأَنْصَار خير) ، الْمَذْكُور هُنَا لفظ: خير، فِي الْمَوْضِعَيْنِ.
الأول: قَوْله: (خير دور الْأَنْصَار) وَلَفظ: خير فِيهِ، بِمَعْنى أفعل التَّفْضِيل أَي: أفضل دور الْأَنْصَار، أَي: قبائلهم كَمَا ذكرنَا.
وَالثَّانِي: قَوْله: (وَفِي كل دور الْأَنْصَار خير) ، وَلَفظ: خير، فِيهِ على أَصله، أَي: فِي كل دور الْأَنْصَار أَي: فِي قبائلهم خير، وَإِن تفاوتت مَرَاتِبهمْ.

فَقَالَ سَعْدٌ مَا أرَي النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إلاَّ قَدْ فَضَّلَ عَلَيْنَا فَقِيل قَدْ فَضَّلَكُمُ علَى كَثِيرٍ
أَي: قَالَ سعد بن عبَادَة، بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْبَاء الْمُوَحدَة، وَهُوَ من بني سَاعِدَة.
قَوْله: (مَا أرى) ، يجوز بِفَتْح الْهمزَة من الرُّؤْيَة، وَبِضَمِّهَا بِمَعْنى الظَّن.
قَوْله: (قد فضل علينا) أَي: قد فضل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، علينا بعض الْقَبَائِل وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِك لِأَنَّهُ من بني سَاعِدَة وَلم يذكر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بني سَاعِدَة إلاَّ بِكَلِمَة، ثمَّ، بعد ذكره الْقَبَائِل الثَّلَاثَة.
قَوْله: (فَقيل: قد فَضلكُمْ على كثير) أَي: على كثير من الْقَبَائِل الْغَيْر الْمَذْكُورين من الْأَنْصَار.

وَقَالَ عَبْدُ الصَّمَدِ حدَّثَنَا شُعْبَةُ حدَّثنا قَتادَةُ سَمِعْتُ أنَسَاً قَالَ أبُو أُسَيْدٍ عنِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِهَذَا.

     وَقَالَ  سَعْدُ بنُ عُبَادَةَ
عبد الصَّمد هُوَ ابْن عبد الْوَارِث بن سعيد التنوري الْبَصْرِيّ، وَهَذَا التَّعْلِيق ذكره مَوْصُولا فِي مَنَاقِب سعد بن عبَادَة عَن إِسْحَاق عَن عبد الصَّمد عَن شُعْبَة عَن قَتَادَة، قَالَ: سَمِعت أنس بن مَالك، قَالَ أَبُو أسيد: قَالَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (خير دور الْأَنْصَار بَنو النجار) الحَدِيث، وَيَأْتِي عَن قريب إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
قَوْله: (وَقَالَ سعد بن عبَادَة) أَي: صرح بِأَن سَعْدا فِي قَوْله: قَالَ سعد: مَا أرى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، هُوَ سعد بن عبَادَة.





[ قــ :3614 ... غــ :3790 ]
- حدَّثنا سَعْدُ بنُ حَفْصٍ الطَّلْحِيُّ حدَّثنا شَيْبَانُ عنْ يَحْيَى قَالَ أبُو سلَمَة أخْبَرَنِي أبُو أُسَيْدٍ أنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُولُ خَيْرُ الأنْصَارِ أوْ قالَ خَيْرُ دُورِ الأنْصَارِ بَنُو النَّجَّارِ وبَنُو عَبْدِ الأشْهَلِ وبَنُو الحَارِثِ وبَنُو ساعِدَةَ.
هَذَا طَرِيق آخر عَن أبي أسيد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أخرجه عَن سعد بن حَفْص أبي مُحَمَّد الطلحي الْكُوفِي عَن شَيبَان بن عبد الرَّحْمَن النَّحْوِيّ عَن يحيى بن أبي كثير، وَاسم أبي كثير صَالح اليمامي الطَّائِي عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف عَن أبي أسيد مَالك بن ربيعَة.
وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْأَدَب عَن أبي قبيصَة عَن سُفْيَان، وَأخرجه مُسلم فِي الْفَضَائِل عَن يحيى بن يحيى وَعَن عَمْرو بن عَليّ.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي المناقب عَن عَمْرو بن عَليّ وَآخَرين.