فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب مناقب أبي بن كعب رضي الله عنه

( بابُُ مَنَاقِبِ أُبَيِّ بنِ كَعْبٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان مَنَاقِب أبي بن كَعْب بن قس بن عبيد بن زيد بن مُعَاوِيَة بن عَمْرو بن مَالك بن النجار الْأنْصَارِيّ الخزرجي النجاري، يكنى أَبَا الْمُنْذر، وَأَبا الطُّفَيْل، وَكَانَ من السَّابِقين من الْأَنْصَار، شهد الْعقبَة وَمَا بعْدهَا، مَاتَ سنة ثَلَاثِينَ، وَقيل: قبل ذَلِك بِالْمَدِينَةِ.



[ قــ :3632 ... غــ :3808 ]
- حدَّثنا أبُو الوَلِيدِ حدَّثنا شُعْبَةُ عنْ عَمْرٍ وبنِ مُرَّةَ عنْ إبْرَاهِيمَ عنْ مَسْرُوقٍ قَالَ ذُكِرَ عبْدُ الله بنُ مَسْعُودٍ عنْدَ عَبْدِ الله بنِ عَمْرٍ وفقال ذَاكَ رَجُلٌ لاَ أزَالُ أحِبُّهُ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقولُ خُذُوا القُرْآنَ مِنْ أرْبَعَةٍ مِنْ عَبْدِ الله بنِ مَسْعُود فبَدَأَ بِهِ وسالِمِ مَوْلَى أبِي حُذَيْفَةَ ومُعاذِ بنِ جَبَلٍ وأُبَيِّ بنِ كَعْبٍ.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَأَبُو الْوَلِيد هِشَام بن عبد الْملك، والْحَدِيث مر فِي: بابُُ مَنَاقِب سَالم مولى أبي حُذَيْفَة فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن سُلَيْمَان بن حَرْب إِلَى آخِره.





[ قــ :3633 ... غــ :3809 ]
- حدَّثني مُحَمَّدُ بنُ بَشَّارٍ حدَّثَنا غُنْدَرٌ قَالَ سَمِعْتُ شُعْبَةَ سَمِعْتُ قتَادَةَ عنْ أنَسِ بنِ مالِكٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لاُِبَيِّ بنِ كَعْبِ إنَّ الله أمَرَنِي أنْ أقْرَأ علَيْكَ { لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا} ( الْبَيِّنَة: 1) .
قَالَ وسَمَّاني قَالَ نَعَمْ قَالَ فبَكَى،.


مطابقته للتَّرْجَمَة أظهر مَا يكون، وَهِي منقبة عَظِيمَة لم يُشَارِكهُ فِيهَا أحد من النَّاس، وَهِي قِرَاءَة رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْقُرْآن عَلَيْهِ وَسَماهُ عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، سيد الْمُسلمين، وَقد تكَرر ذكر رِجَاله لَا سِيمَا على هَذَا النسق.

والْحَدِيث أخرجه فِي التَّفْسِير أَيْضا عَن غنْدر.
وَأخرجه مُسلم فِي الصَّلَاة وَفِي الْفَضَائِل عَن أبي مُوسَى وَبُنْدَار.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي المناقب عَن بنْدَار.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى، وَفِي التَّفْسِير عَن إِبْرَاهِيم بن الْحسن.

قَوْله: ( قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأبي بن كَعْب: إِن الله أَمرنِي أَن أَقرَأ عَلَيْك) وَفِي رِوَايَة لِأَحْمَد من حَدِيث عَليّ بن زيد عَن عمار بن أبي عمار عَن أبي حَيَّة: لما نزلت لم يكن، قَالَ جِبْرَائِيل، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، لرَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن رَبك أَمرك أَن تقرئها أَبَيَا.
فَقَالَ لَهُ: إِن الله أَمرنِي أَن أقرئك هَذِه السُّورَة، فَبكى وَالْحكمَة فِي أمره بِالْقِرَاءَةِ عَلَيْهِ هِيَ أَنه يتَعَلَّق أبي أَلْفَاظه وَكَيْفِيَّة أَدَائِهِ ومواضع الْوُقُوف، فَكَانَت الْقِرَاءَة عَلَيْهِ لتعليمه لَا ليتعلم مِنْهُ، وَأَنه يسن عرض الْقُرْآن على حفاظه المجودين لأدائه وَإِن كَانُوا دونه فِي النّسَب وَالدّين والفضيلة وَنَحْو ذَلِك، أَو أَن يُنَبه النَّاس على فَضِيلَة أبي ويحثهم على الْأَخْذ عَنهُ وتقديمه فِي ذَلِك، وَكَانَ كَذَلِك، وَصَارَ بعد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، رَأْسا وإماماً مَشْهُورا فِيهِ.
قَوْله: { لم يكن الَّذين كفرُوا} ( الْبَيِّنَة: 1) .
تَخْصِيص هَذِه السُّورَة لِأَنَّهَا مَعَ وجازتها جَامِعَة لأصول وقواعد ومهمات عَظِيمَة،.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيّ: خص هَذِه السُّورَة بِالذكر لما احتوت عَلَيْهِ من التَّوْحِيد والرسالة وَالْإِخْلَاص والصحف والكتب الْمنزلَة على الْأَنْبِيَاء، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَذكر الصَّلَاة وَالزَّكَاة والمعاد وَبَيَان أهل الْجنَّة وَالنَّار مَعَ وجازتها، وَقيل: لِأَن فِيهَا { رَسُول من الله يَتْلُو صحفاً مطهرة} ( الْبَيِّنَة: ) .
قَوْله: ( قَالَ: وسماني الله؟) أَي: قَالَ أبي: وسماني الله؟ يَعْنِي هَل نَص عَليّ باسمي؟ أَو قَالَ: إقرأ على وَاحِد من أَصْحَابك فاخترتني أَنْت؟ قَالَ: نعم، أَي: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: نعم إِن الله سماك.
وَفِي رِوَايَة للطبراني عَن أبي بن كَعْب، قَالَ: نعم بِاسْمِك ونسبك فِي الْمَلأ الْأَعْلَى،.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيّ.
وَفِي رِوَايَة: الله سماني لَك؟ بِهَمْزَة الِاسْتِفْهَام على التَّعَجُّب مِنْهُ إِذْ كَانَ ذَلِك عِنْده مستبعداً، لِأَن تَسْمِيَته تَعَالَى لَهُ وتعيينه ليقْرَأ عَلَيْهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، تشريف عَظِيم، فَلذَلِك بَكَى من شدَّة الْفَرح وَالسُّرُور،.

     وَقَالَ  النَّوَوِيّ؛ قيل؛ بكاؤه خوفًا من تَقْصِيره على شكر هَذِه النِّعْمَة الْعَظِيمَة، وروى الْحَاكِم مصححاً من حَدِيث زر بن حُبَيْش عَن أبي بن كَعْب: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَرَأَ عَلَيْهِ { لم يكن} ( الْبَيِّنَة: 1) .
وَقَرَأَ فِيهَا: إِن الدّين عِنْد الله الحنيفية لَا الْيَهُودِيَّة وَلَا النَّصْرَانِيَّة وَلَا الْمَجُوسِيَّة، من تعجل خيرا فَلَنْ يكفره، وَالله أعلم.