فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب ذكر جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه

( بابُُ ذِكْرِ جَرِيرِ بنِ عَبْدِ الله البَجَليِّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)

أَي: هَذَا بابُُ فِيهِ ذكر جرير بن عبد الله بن جَابر، وَهُوَ الشليل، بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة وبلامين بَينهمَا يَاء آخر الْحُرُوف: ابْن مَالك بن نصر بن ثَعْلَبَة بن جشم بن عَوْف البَجلِيّ، نِسْبَة إِلَى بجيلة بنت صَعب بن سعد الْعَشِيرَة أم ولد أَنْمَار بن أراش أحد أجداد جرير، وكنيته أَبُو عَمْرو، نزل الْكُوفَة ثمَّ نزل قرقيسيا وَبهَا مَاتَ سنة إِحْدَى وَخمسين، وَكَانَ سيداً مُطَاعًا مليحاً طوَالًا بديع الْجمال صَحِيح الْإِسْلَام كَبِير الْقد، قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: على وَجهه مسحة ملك.
وَعَن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَالَ: إِنَّه يُوسُف هَذِه الْأمة، وَلما دخل على رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أكْرمه وَبسط لَهُ رِدَاءَهُ،.

     وَقَالَ : إِذا أَتَاكُم كريم قوم فأكرموه.
رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي ( الْأَوْسَط) من حَدِيث قيس عَنهُ،.

     وَقَالَ  أَبُو عمر: كَانَ إِسْلَامه فِي الْعَام الَّذِي توفّي فِيهِ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ جرير: أسلمت قبل موت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَفِيه نظر، لِأَنَّهُ ثَبت فِي ( الصَّحِيح) : أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ لَهُ: استنصت النَّاس فِي حجَّة الْوَدَاع وَذَلِكَ قبل مَوته بِأَكْثَرَ من ثَمَانِينَ يَوْمًا، قيل: الصَّحِيح أَن إِسْلَامه كَانَ فِي سنة الْوُفُود سنة تسع أَو سنة عشر.



[ قــ :3647 ... غــ :3822 ]
- حدَّثنا إسْحَاقُ الوَاسِطِيُّ قالَ حدَّثنا خالِدٌ عنْ بَيان عنْ قَيْسٍ قالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ قَالَ جَرِيرُ بنُ عَبْدِ الله رَضِي الله تَعَالَى عنهُ مَا حَجَبَنِي رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُنْذُ أسْلَمْتُ ولاَ رآنِي إلاَّ ضَحِكَ.
( انْظُر الحَدِيث 5303 وطرفه) .
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن فِيهِ ذكر جرير وإكرام النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، إِيَّاه، وَإِسْحَاق هُوَ ابْن شاهين الوَاسِطِيّ ابْن بشر وَهُوَ من أَفْرَاد البُخَارِيّ، وخَالِد هُوَ ابْن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن الطَّحَّان الوَاسِطِيّ من الصَّالِحين، وَبَيَان، بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَتَخْفِيف الْيَاء آخر الْحُرُوف: ابْن بشر، بِالْبَاء الْمُوَحدَة الْمَكْسُورَة: الأحمسي الْمعلم، وَقيس هُوَ ابْن أبي حَازِم، بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالزَّاي، والْحَدِيث مضى فِي الْجِهَاد فِي: بابُُ من لَا يثبت على الْخَيل، بأتم مِنْهُ.





[ قــ :3647 ... غــ :383 ]
- وعَنْ قَيْسٍ عنْ جَرِيرِ بنِ عَبْدِ الله قَالَ كانَ فِي الجَاهِلِيَّةِ بَيْتٌ يُقالُ لَهُ ذُو الخَلَصَةِ وكانَ يُقالُ لَهُ الكَعْبَةُ الْيَمانِيَّةُ أوِ الْكَعْبَةُ الشَّامِيَّةُ فقالَ لِي رَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَلْ أنْتَ مُرِيحِي مِنْ ذِي الخَلَصَةِ قالَ فنَفَرْتُ إلَيْهِ فِي خَمْسِينَ وَمَائَةِ فارِسٍ مِنْ أحْمَسَ قالَ فكَسَرْنَاهُ وقَتلْنَا مَنْ وجَدْنا عِنْدَهُ فأتَيْنَاهُ فأخْبَرْنَاهُ فدَعَا لَنَا وَلأِحْمَسَ.
.


فِيهِ أَيْضا ذكر جرير وَخَبره، وَفِيه الْمُطَابقَة وَفِيه إكرام النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لَهُ حَيْثُ دَعَا لَهُ ولأحمس، وَهُوَ بالمهملتين اسْم قَبيلَة، وَهُوَ أحمس بن غوث، وغوث هَذَا ابْن بجيلة بنت مُصعب الْمَذْكُور آنِفا.

قَوْله: ( وَعَن قيس) ، هُوَ مَوْصُول بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور، وَهُوَ قيس بن أبي حَازِم.

والْحَدِيث مضى بأتم مِنْهُ فِي الْجِهَاد فِي: بابُُ الْبشَارَة فِي الْفتُوح، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ، وَلَكِن نتكلم بِبَعْض شَيْء لطول الْعَهْد من هُنَاكَ فَنَقُول.

قَوْله: ( بَيت) وَكَانَ لخثعم وَكَانَ بِالْيمن وَكَانَ فِيهِ صنم يدعى بالخلصة، بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة الْمَفْتُوحَة وباللام الْمَفْتُوحَة، وَحكى سكونها، واليمانية بتَخْفِيف الْيَاء على الْأَصَح.
.

     وَقَالَ  النَّوَوِيّ: فِيهِ إِشْكَال، إِذْ كَانُوا يسمونها بِالْكَعْبَةِ اليمانية فَقَط، وَأما الْكَعْبَة الشامية فَهِيَ الْكَعْبَة المكرمة الَّتِي بِمَكَّة، شرفها الله تَعَالَى، وَفرقُوا بَينهمَا بِالْوَصْفِ للتمييز، فَلَا بُد من تَأْوِيل اللَّفْظ بِأَن يُقَال: كَانَ يُقَال لَهَا الْكَعْبَة اليمانية، وَالَّتِي بِمَكَّة الْكَعْبَة الشامية، وَقد يرْوى بِدُونِ: الْوَاو، فَمَعْنَاه: كَانَ يُقَال هَذَانِ اللفظان أَحدهمَا لموْضِع وَالْآخر لآخر،.

     وَقَالَ  القَاضِي: ذكر الشامية غلط من الروَاة وَالصَّوَاب حذفه،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: الضَّمِير فِي: لَهُ، رَاجع إِلَى الْبَيْت، وَالْمرَاد بِهِ: بَيت للصنم، كَانَ يُقَال لبيت الصَّنَم: الْكَعْبَة اليمانية، والكعبة الشامية فَلَا غلط وَلَا حَاجَة إِلَى التَّأْوِيل بالعدول عَن الظَّاهِر.
قَوْله: ( مريحي) من الإراحة، بالراء الْمُهْملَة.