فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب هجرة الحبشة

( بابُُ هِجْرَةِ الحَبَشَةِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان هِجْرَة الْمُسلمين من مَكَّة إِلَى أَرض الْحَبَشَة، الْهِجْرَة فِي الأَصْل اسْم من الهجر ضد الْوَصْل وَقد هجره هجراً وهجراناً، ثمَّ غلبت على الْخُرُوج من أَرض إِلَى أَرض وَترك الأولى للثَّانِيَة، يُقَال مِنْهُ: هَاجر مهاجرة، وَكَانَ وُقُوع هِجْرَة الْمُسلمين من مَكَّة إِلَى أَرض الْحَبَشَة مرَّتَيْنِ.
أولاهما: كَانَت فِي شهر رَجَب من سنة خمس من المبعث، قَالَ الْوَاقِدِيّ: أول من هَاجر مِنْهُم أحد عشر رجلا، وَأَرْبع نسْوَة، وَأَنَّهُمْ انْتَهوا إِلَى الْبَحْر مَا بَين ماش وراكب، فاستأجروا سفينة بِنصْف دِينَار إِلَى الْحَبَشَة وهم: عُثْمَان ابْن عَفَّان وَامْرَأَته رقية بنت رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَأَبُو حُذَيْفَة بن عتبَة وَامْرَأَته سهلة بنت سُهَيْل، وَالزُّبَيْر ابْن الْعَوام، وَمصْعَب بن عُمَيْر، وَعبد الرَّحْمَن بن عَوْف، وَأَبُو سَلمَة بن عبد الْأسد وَامْرَأَته أم سَلمَة بنت أبي أُميَّة، وَعُثْمَان بن مَظْعُون وعامر بن ربيعَة الْعَنزي وَامْرَأَته ليلى بنت أبي خَيْثَمَة، وَأَبُو سُبْرَة بن أبي رهم، وحاطب بن عَمْرو، وَسُهيْل بن بَيْضَاء، وَعبد الله بن مَسْعُود، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم.
وَالثَّانيَِة: من الْهِجْرَة فَكَانَ أَهلهَا اثْنَيْنِ وَثَمَانِينَ رجلا سوى نِسَائِهِم وَأَبْنَائِهِمْ، وعمار بن يَاسر يشك فِيهِ، فَإِن كَانَ فيهم فقد كَانُوا ثَلَاثَة وَثَمَانِينَ رجلا، وَقد ذَكَرْنَاهُمْ فِي ( تاريخنا الْكَبِير) على مَا ذكره ابْن إِسْحَاق، رَحمَه الله، وَجزم ابْن إِسْحَاق بِأَن ابْن مَسْعُود كَانَ فِي الْهِجْرَة الثَّانِيَة.

وقالَتْ عائِشَةُ قَالَ النَّبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أُرِيتُ دَارَ هِجْرَتِكُمْ ذَاتَ نَخْلٍ بَيْنَ لاَبَتَيْنِ فَهَاجَرَ مَنْ هاجَرَ قِبَلَ المَدِينَةِ وَرَجَعَ عامَّةُ مَنْ كانَ هَاجَرَ بأرْضِ الحَبَشَةِ إِلَى المَدِينَةِ
هَذَا تَعْلِيق سَيَأْتِي مَوْصُولا مطولا فِي: بابُُ الْهِجْرَة إِلَى الْمَدِينَة.
قَوْله: ( أريت) ، بِضَم الْهمزَة على صِيغَة الْمَجْهُول.
قَوْله: ( لابتين) ، تَثْنِيَة لابة، واللابة بتَخْفِيف الْبَاء الْمُوَحدَة وَهِي الْحرَّة ذَات الْحِجَارَة السود الَّتِي قد ألبستها لكثرتها، وَالْمَدينَة مَا بَين حرتين عظيمتين، والحرة، بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَتَشْديد الرَّاء.
قَوْله: ( قِبَل الْمَدِينَة) ، بِكَسْر الْقَاف وَفتح الْبَاء، أَي: جِهَة الْمَدِينَة وناحيتها فِيهِ عنْ أبِي مُوسَى وأسْماءَ عنِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
أَي: فِي هَذَا الْبابُُ روى عَن أبي مُوسَى عبد الله بن قيس الْأَشْعَرِيّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَسَيَأْتِي فِي آخر الْبابُُ حَدِيثه مُسْندًا مُتَّصِلا.
قَوْله: وَأَسْمَاء هِيَ بنت عُمَيْس الخثعمية، وَهِي أُخْت مَيْمُونَة بنت الْحَارِث زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأمها، رَوَت عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَت أَولا تَحت جَعْفَر بن أبي طَالب وَهَاجَرت مَعَه إِلَى أَرض الْحَبَشَة، ثمَّ قتل عَنْهَا يَوْم مُؤْتَة فَتَزَوجهَا أَبُو بكر الصّديق، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فَمَاتَ عَنْهَا ثمَّ تزَوجهَا عَليّ بن أبي طَالب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وحديثها سَيَأْتِي فِي غَزْوَة خَيْبَر، إِن شَاءَ الله تَعَالَى.



[ قــ :3693 ... غــ :3872 ]
- حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ مُحَمَّدٍ الجُعْفِيُّ حدَّثنا هِشامٌ أخبرَنا معْمَرٌ عنِ الزُّهْرِيِّ حدَّثنا عُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ أنَّ عُبَيْدِ الله بنَ عَدِيِّ بنِ الخِيارِ أخبرَهُ أنَّ المِسْوَرَ بنَ مَخْرَمَةَ وعَبْدَ الرَّحْمانِ ابنَ الأسْوَدِ بنِ عَبْدِ يغُوثَ قالاَ لَهُ مَا يَمْنَعُكَ أنْ تُكَلِّمَ خالَكَ عُثْمَانَ فِي أخِيهِ الوَلِيدِ بنَ عُقْبَةَ وكانَ أكْثَرَ النَّاسُ فِيما فعَلَ بِهِ: قَالَ عُبَيْدُ الله فانْتَصَبْتُ لِعُثْمَانَ حِينَ خَرَجَ إلَى الصَّلاةِ فقُلْتُ لهُ إنَّ لِي إليْكَ حاجَةً وهْي نصِيحَةٌ فقالَ أيُّهَا المَرْءُ أعُوذُ بِاللَّه مِنْكَ فانْصَرَفْتُ فلَمَّا قَضَيْتُ الصَّلاةَ جَلَسْتُ إِلَى المِسْوَرِ وَإِلَى ابنِ عَبْدِ يَغُوثَ فحَدَّثْتُهُمَا بالَّذِي.

قُلْتُ لِعُثْمَانَ.

     وَقَالَ  لِي فَقالا قَدْ قَضَيتَ الَّذِي كانَ عَلَيْكَ فبَيْنَمَا أنَا جالِسٌ مَعَهُمَا إذْ جاءَنِي رَسُولُ عُثْمَانَ فَقَالَا لِي قدِ ابْتَلاكَ الله فانْطَلَقْتُ حتَّى دَخَلْتُ علَيْهِ فَقَالَ مَا نَصِيحَتُكَ الَّتي ذَكَرْتَ آنِفَاً قَالَ فتَشَهَّدْتُ ثُمَّ.

قُلْتُ إنَّ الله بعَثَ مُحَمَّداً صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأنْزَلَ علَيْهِ الكِتابَ وكُنْتُ مِمَّنْ اسْتَجابَ لله ورَسُولِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وآمَنْتَ بِهِ وهاجَرْتَ الهِجْرَتَيْنِ الأولَيَيْنِ وصَحِبْتَ رسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ورَأيْتَ هَدْيَهُ وقَدْ أكْثَرَ النَّاسُ فِي شأنِ الوَلِيدِ بنِ عُقْبَةَ فحَقٌّ عَلَيْكَ أنْ تُقِيمَ عَلَيْهِ الحَدَّ فَقالَ لِي يَا ابنَ أخِي أدْرَكْتَ رَسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ.

قُلْتُ لاَ ولَكِنْ قَدْ خَلَصَ إلَيَّ منْ عِلْمِهِ مَا خَلَصَ إلَى العَذْرَاءِ فِي سِتْرِها قَالَ فتَشَهَّدَ عُثْمَانُ فَقَالَ إنَّ الله قدْ بعَثَ مُحَمَّدَاً صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالحَقِّ وأنْزَلَ عَلَيْهِ الكِتَابَ وكُنْتُ مِمَّنِ اسْتَجَابَ لله ورَسُولِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وآمَنْتُ بِمَا بُعِثَ بِهِ مُحَمَّدٌ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وهاجَرْتُ الهِجْرَتَيْنِ الأولَيَيْنِ كَمَا قُلْتَ وصَحِبْتُ رَسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وبايَعْتُهُ وَالله مَا عَصَيْتُهُ ولاَ غَشَشْتُهُ حتَّى تَوَفَّاهُ الله ثُمَّ اسْتَخْلَفَت الله أبَا بَكْرٍ فَوالله مَا عَصَيْتُهُ ولاَ غَشَشْتُهُ ثُمَّ اسْتخْلِفَ عُمَرُ فَوالله مَا عَصيْتُهُ ولاَ غَشَشْتُهُ ثُمَّ اسْتُخْلِفَ أفَلَيْسَ لِي علَيْكُمْ مِثْلُ الَّذِي كانَ لَهُمْ علَيَّ قَالَ بلَى قَالَ فَمَا هَذِهِ الأحَادِيثُ الَّتي تَبْلُغُنِي عنْكُمْ فأمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ شأنِ الْوَلِيدِ بنِ عُقْبَةَ فسَنَأخُذُ فيهِ إنْ شاءَ الله بالحَقِّ قَالَ فجَلَدَ الوَلِيدَ أرْبَعِينَ جَلْدَة وأمَر علِيَّاً أنْ يَجْلِدَهُ وكانَ هُوَ يَجْلِدُهُ.

     وَقَالَ  يُونُسُ وابنُ أخِي الزُّهْرِيِّ عنِ الزُّهْرِيِّ أفَلَيْسَ لي عَلَيْكُمْ مِنَ الحَقِّ مثْلُ الَّذِي كانَ لَهُمْ.
( انْظُر الحَدِيث 3696 وطرفه) .


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( عُثْمَان) و ( هَاجَرت الهجرتين) .
وَهِشَام هُوَ ابْن يُوسُف الصَّنْعَانِيّ.
والْحَدِيث قد مر فِي مَنَاقِب عُثْمَان، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن أَحْمد بن شبيب عَن سعيد عَن أَبِيه عَن يُونُس عَن ابْن شهَاب عَن عُرْوَة، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ، وَلَكِن نتكلم هُنَا أَيْضا لِأَن الرِّوَايَتَيْنِ فيهمَا من الزِّيَادَة وَالنُّقْصَان على مَا لَا يخفى.

قَوْله: ( فِي أَخِيه الْوَلِيد بن عقبَة) وَكَانَ أَخا عُثْمَان لأمه وَهَاجَر الهجرتين الْأَوليين، بِضَم الْهمزَة وباليائين آخر الْحُرُوف تَثْنِيَة أولى، وَهُوَ على طَرِيق التغليب بِالنِّسْبَةِ إِلَى هِجْرَة الْحَبَشَة فَإِنَّهَا كَانَت أولى وثانية، وَأما هِجْرَة الْمَدِينَة فَلم تكن إلاَّ وَاحِدَة،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: والهجرتين الْأَوليين أَي: هِجْرَة الْمَدِينَة وهجرة الْحَبَشَة، وَإِنَّمَا قَالَ الْأَوليين أَي: بِالنِّسْبَةِ إِلَى هِجْرَة من هَاجر بعده من الصَّحَابَة.
قلت: الصَّوَاب مَا ذَكرْنَاهُ.
قَوْله: ( رَأَيْت هَدْيه) بِفَتْح الْهَاء وَسُكُون الدَّال: أَي: طَرِيقَته وَسيرَته.
قَوْله: ( يَا ابْن أخي) قَالَ الْكرْمَانِي: يَا ابْن أخي، سَهْو وَالصَّوَاب: يَا ابْن أُخْتِي، لِأَنَّهُ كَانَ خَاله إلاَّ أَن يُقَال: إِنَّه تكلم بِهِ على مَا هُوَ عَادَة الْعَرَب من قَوْلهم: يَا ابْن عمي وَيَا ابْن أخي.
قَوْله: ( قد خلص) ، بِفتْحَتَيْنِ أَي: قد وصل.
( والعذراء) االبكر، أَرَادَ أَن علم الشَّرِيعَة وصل إِلَيْهِ كَمَا وصل إِلَى المُخدرات.
قَوْله: ( أَرْبَعِينَ) قيل: مر فِيمَا مضى أَنه جلده ثَمَانِينَ، وَأجِيب: بِأَن التَّخْصِيص بِالْعدَدِ لَا يدل على نفي الزَّائِد،.

     وَقَالَ  بعض الْعلمَاء: كَانَ يضْربهُ بِسَوْط لَهُ طرفان، فَمن اعْتبر الطَّرفَيْنِ عده ثَمَانِينَ، وَمن اعْتبر نفس السَّوْط عده أَرْبَعِينَ.
قَوْله: ( وبايعته) بِالْبَاء الْمُوَحدَة من الْمُبَايعَة، ويروى: وتابعته، بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاة من فَوق من الْمُتَابَعَة.
قَوْله: ( قَالَ يُونُس) هُوَ ابْن يزِيد الْأَيْلِي.
( وَابْن أخي الزُّهْرِيّ) هُوَ مُحَمَّد بن عبد الله بن مُسلم ( وَالزهْرِيّ) هُوَ مُحَمَّد بن مُسلم، وَتَعْلِيق يُونُس وَصله البُخَارِيّ فِي مَنَاقِب عُثْمَان، وَتَعْلِيق ابْن أخي الزُّهْرِيّ وَصله قَاسم ابْن أصبغ فِي ( مُصَنفه) وَمن طَرِيقه وَصله ابْن عبد الْبر فِي ( تمهيده) والتعليقان وَالَّذِي بعده من التَّفْسِير فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي وَحده.





[ قــ :3694 ... غــ :3873 ]
- ( حَدثنِي مُحَمَّد بن الْمثنى حَدثنَا يحيى عَن هِشَام قَالَ حَدثنِي أبي عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَن أم حَبِيبَة وَأم سَلمَة ذكرتا كَنِيسَة رأينها بِالْحَبَشَةِ فِيهَا تصاوير فذكرتا للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ إِن أُولَئِكَ إِذا كَانَ فيهم الرجل الصَّالح فَمَاتَ بنوا على قَبره مَسْجِدا وصورا فِيهِ تيك الصُّور أُولَئِكَ شرار الْخلق عِنْد الله يَوْم الْقِيَامَة) مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ أَن كلا من أم حَبِيبَة وَأم سَلمَة من الْمُهَاجِرَات إِلَى الْحَبَشَة فَإِنَّهَا أم حَبِيبَة هَاجَرت فِي الْهِجْرَة الثَّانِيَة مَعَ زَوجهَا عبد الله بن جحش فَمَاتَ هُنَاكَ وَيُقَال أَنه كَانَ تنصر وَتَزَوجهَا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعده وَأما أم سَلمَة فَإِنَّهَا قد هَاجَرت فِي الْهِجْرَة الأولى مَعَ زَوجهَا أبي سَلمَة بن عبد الْأسد وَاسْمهَا هِنْد وَأم حَبِيبَة اسْمهَا رَملَة بنت أبي سُفْيَان وَيحيى هُوَ ابْن سعيد الْقطَّان وَهِشَام هُوَ ابْن عُرْوَة بن الزبير بن الْعَوام والْحَدِيث مضى فِي كتاب الْجَنَائِز فِي بابُُ بِنَاء الْمَسْجِد على الْقَبْر فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن إِسْمَاعِيل عَن مَالك عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة وَمضى أَيْضا فِي كتاب الصَّلَاة فِي بابُُ الصَّلَاة فِي الْبيعَة أخرجه عَن مُحَمَّد عَن عَبدة عَن هِشَام بن عُرْوَة الخ وَمر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ



[ قــ :3695 ... غــ :3874 ]
- ( حَدثنَا الْحميدِي حَدثنَا سُفْيَان حَدثنَا إِسْحَاق بن سعيد السعيدي عَن أَبِيه عَن أم خَالِد بنت خَالِد قَالَت قدمت من أَرض الْحَبَشَة وَأَنا جوَيْرِية فكساني رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خميصة لَهَا أَعْلَام فَجعل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يمسح الْأَعْلَام بِيَدِهِ وَيَقُول سناه سناه قَالَ الْحميدِي يَعْنِي حسن حسن) مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله قدمت من أَرض الْحَبَشَة والْحميدِي هُوَ عبد الله بن الزبير بن عِيسَى وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة وَإِسْحَاق بن سعيد بن عَمْرو بن سعيد بن الْعَاصِ وجد أَبِيه هُوَ سعيد بن الْعَاصِ وَهُوَ ابْن عَم أم خَالِد الْمَذْكُورَة وَأم خَالِد اسْمهَا أمة بِفَتْح الْهمزَة وَالْمِيم وبالهاء وخَالِد هَذَا هُوَ ابْن الزبير بن الْعَوام وَبنت خَالِد بن سعيد بن الْعَاصِ والْحَدِيث مضى بأتم مِنْهُ وأطول فِي الْجِهَاد وَفِي بابُُ من تكلم بِالْفَارِسِيَّةِ والرطانة فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن حبَان بن مُوسَى عَن عبد الله عَن خَالِد بن سعيد الخ وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ والخميصة بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَكسر الْمِيم وَهِي ثوب خَز أَو صوف معلم وَقيل لَا تسمى خميصة إِلَّا أَن تكون سَوْدَاء معلمة وَجَمعهَا خمائص قَوْله سناه بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَتَخْفِيف النُّون كلمة حبشية مَعْنَاهَا حسن كَمَا فسره الْحميدِي شيخ البُخَارِيّ -



[ قــ :3696 ... غــ :3875 ]
- حدَّثنا يَحْيَى بنُ حَمَّادٍ حدَّثنا أبُو عَوَانَةَ عنْ سُلَيْمَانَ عنْ إبْرَاهِيمَ عنْ عَلْقَمَةَ عنْ عَبْدِ الله رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ كُنَّا نُسَلَّمُ علَى النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وهْوَ يُصَلِّي فَيَرُدُّ علَيْنَا فلَمَّا رَجَعْنَا مِنْ عِنْدِ النَّجَاشِيِّ سلَّمْنَا علَيْهِ فلَمْ يَرُدَّ عَلَيْنَا فَقُلْنَا يَا رسُولَ الله إنَّا كُنَّا نُسَلِّمُ عَلَيْكَ فتَرُد عَلَيْنَا قَالَ إنَّ فِي الصَّلاةِ شُغْلاً فقُلْتِ لإبْرَاهِيمَ كَيْفَ تَصْنَعُ أنْتَ قَالَ أرُدُّ فِي نَفْسِي.
( انْظُر الحَدِيث 1199 وطرفه) .

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( فَلَمَّا رَجعْنَا من عِنْد النَّجَاشِيّ) وَهُوَ بِفَتْح النُّون وَتَخْفِيف الْجِيم وَكسر الشين الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الْيَاء وتخفيفها، وَهُوَ اسْم من ملك الْحَبَشَة، ككسرى اسْم من ملك الْفرس، وَقَيْصَر اسْم من ملك الرّوم، وَيحيى بن حَمَّاد الشَّيْبَانِيّ الْبَصْرِيّ، روى البُخَارِيّ عَنهُ بالواسطة فِي آخر الْحيض، وَأَبُو عوَانَة، بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة: الوضاح الْيَشْكُرِي، وَسليمَان الْأَعْمَش، وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ، وعلقمة بن قيس النَّخعِيّ، والْحَدِيث مضى فِي أَوَاخِر الصَّلَاة فِي: بابُُ لَا يرد السَّلَام فِي الصَّلَاة، وَأخرجه هُنَاكَ عَن عبد الله بن أبي شيبَة عَن ابْن فُضَيْل عَن الْأَعْمَش عَن إِبْرَاهِيم ... الخ، وَفِيه: كنت أسلم فَلَمَّا رجعت سلمت عَلَيْهِ.
قَوْله: ( لشغلاً) ويروى: شغلاً، بلام التَّأْكِيد.





[ قــ :3697 ... غــ :3876 ]
- حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ العَلاَءِ حدَّثنا أبُو أُسَامَةَ حدَّثنا بُرَيْدُ بنُ عَبْدِ الله عنْ أبِي بُرْدَةَ عنْ أبِي مُوسَى رَضِي الله تَعَالَى عنهُ بلَغَنَا مَخْرَجُ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ونَحْنُ بالْيَمَنِ فرَكِبْنَا سَفِينَةً فألْقَتْنَا سَفِينَتُنَا إِلَى النَّجاشِيِّ بالحَبْشَةِ فَوافَقْنَا جَعْفَرَ بنَ أبِي طالِبٍ فأقَمْنَا معَهُ حَتَّى قَدِمْنَا فوَافَقْنَا النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِينَ افْتَتَحَ خَيْبَرَ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَكُمْ أنْتُمْ يَا أهْلَ السَّفِينَةِ هِجْرَتَانِ.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( فَأَلْقَتْنَا سَفِينَتنَا إِلَى النَّجَاشِيّ بِالْحَبَشَةِ) وَذَلِكَ من حَيْثُ إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أطلق على ذَلِك هِجْرَة حَيْثُ قَالَ: لكم أَنْتُم يَا أهل السَّفِينَة هجرتان.

وَأَبُو أُسَامَة حَمَّاد بن أُسَامَة، وبريد، بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف: ابْن عبد الله بن أبي بردة بن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ، وبريد يروي عَن جده أبي بردة عَامر أَو الْحَارِث، وَقيل: كنيته اسْمه وَأَبُو مُوسَى عبد الله بن قيس الْأَشْعَرِيّ.

والْحَدِيث أخرجه مقطعاً فِي الْخمس وَفِي الْمَغَازِي وَهَهُنَا.
وَأخرجه مُسلم فِي الْفَضَائِل عَن أبي كريب وَأبي عَامر.

قَوْله: ( مخرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) الْمخْرج بِفَتْح الْمِيم مصدر ميمي بِمَعْنى الْخُرُوج، وَالْوَاو فِي: ( وَنحن بِالْيمن) للْحَال.
قَوْله: ( فَرَكبْنَا السَّفِينَة) أَي: لنصل إِلَى مَكَّة.
قَوْله: ( فَأَلْقَتْنَا سَفِينَتنَا إِلَى النَّجَاشِيّ) أَرَادَ أَن الرّيح هاج عَلَيْهِم فَمَا ملكوا أَمرهم حَتَّى أوصلهم إِلَى بِلَاد الْحَبَشَة.
قَوْله: ( فَوَافَقنَا) ، بِالْفَاءِ وَسُكُون الْقَاف فِي الْمَوْضِعَيْنِ.
فَإِن قلت: روى أَحْمد بِإِسْنَاد حسن عَن ابْن مَسْعُود، قَالَ: ( بعثنَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى النَّجَاشِيّ وَنحن نَحوا من ثَمَانِينَ رجلا فيهم: عبد الله بن مَسْعُود وجعفر بن أبي طَالب عبد الله بن عرفطة وَعُثْمَان بن مَظْعُون وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم) الحَدِيث.
قلت: الْمَذْكُور هُنَا هُوَ الصَّحِيح، وَمَعَ هَذَا فقد يُمكن الْجمع على تَقْدِير صِحَة الْخَبَرَيْنِ بِأَن يكون أَبُو مُوسَى هَاجر أَولا إِلَى مَكَّة فَأسلم، فَبَعثه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، مَعَ من بعث إِلَى الْحَبَشَة فَتوجه هُوَ إِلَى بِلَاد قومه وهم مُقَابل الْحَبَشَة من الْجَانِب الشَّرْقِي، فَلَمَّا تحققوا اسْتِقْرَار النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه بِالْمَدِينَةِ هَاجر هُوَ وَمن أسلم من قومه، فألقتهم السَّفِينَة لأجل هيجان الرّيح إِلَى الْحَبَشَة فعلى هَذَا معنى قَوْله: ( بلغنَا مخرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) أَي: خُرُوجه إِلَى الْمَدِينَة، وَلَيْسَ الْمَعْنى: بلغنَا مبعثه، لِأَنَّهُ يبعد جدا أَن يتَأَخَّر بعد علمه بمبعثه سِنِين عديدة.
قَوْله: ( حِين افْتتح خَيْبَر) ، كَانَ افْتِتَاح خَيْبَر فِي سنة سبع، وَعَن الزُّهْرِيّ: فِي سنة سِتّ، وَفِي مُسلم: ( فَوَافَقنَا رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، حِين افْتتح خَيْبَر، فَأَسْهم لنا، أَو قَالَ: فأعطانا مِنْهَا وَمَا قسم لأحد غَابَ عَن فتح خَيْبَر مِنْهَا شَيْئا إلاَّ لمن شهد مَعَه إلاَّ أَصْحَاب سَفِينَتنَا مَعَ جَعْفَر وَأَصْحَابه قسم لَهُم مَعَهم) .
قَوْله: ( لَكِن أَنْتُم يَا أهل السَّفِينَة هجرتان) ، يَعْنِي هِجْرَة من مَكَّة إِلَى الْحَبَشَة وهجرة من الْحَبَشَة، إِلَى الْمَدِينَة، وَأما الَّذين لم يهاجروا إِلَى الْحَبَشَة فَلَيْسَ لَهُم إلاَّ هِجْرَة وَاحِد من الْمَدِينَة إِلَى مَكَّة.