فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب وفود الأنصار إلى النبي صلى الله عليه وسلم بمكة، وبيعة العقبة

( بابُُ وُفُودِ الأنْصَارِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَكَّةَ وبَيْعَةِ العَقَبَةِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان وُفُود الْأَنْصَار، أَي: قدومهم إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَهُوَ بِمَكَّة.
قَوْله: ( وبيعة الْعقبَة) أَي: الَّتِي ينْسب إِلَيْهَا جَمْرَة الْعقبَة، وَهِي بمنى، كَانَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعرض نَفسه على الْقَبَائِل فِي كل موسم، وَأَنه أَتَى كِنْدَة وَبني حنيفَة وَبني كلب وَبني عَامر بن صعصعة وَغَيرهم فَلم يجب أحد مِنْهُم إِلَى مَا سَأَلَ.
.

     وَقَالَ  مُوسَى بن عقبَة عَن الزُّهْرِيّ: كَانَ يَقُول لَهُم: لَا أكره أحدا مِنْكُم على شَيْء بل أُرِيد أَن تمنعوا من يُؤْذِينِي حَتَّى أبلغ رِسَالَة رَبِّي فَلَا يقبله أحد، بل يَقُولُونَ: قوم الرجل أعلم بِهِ، فَبينا هُوَ عِنْد الْعقبَة إِذْ لَقِي رهطاً من الْخَزْرَج فَدَعَاهُمْ إِلَى الله تَعَالَى فَأَجَابُوهُ، فجَاء فِي الْعَام الْمقبل إثنا عشر رجلا إِلَى الْمَوْسِم من الْأَنْصَار، أحدهم: عبَادَة بن الصَّامِت، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فَاجْتمعُوا برَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْعقبَة وَبَايَعُوهُ، وَهِي بيعَة الْعقبَة الأولى، فجَاء فِي الْعَام الآخر سَبْعُونَ إِلَى الْحَج، فواعدهم رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَلَمَّا اجْتَمعُوا أخرجُوا من كل فرقة نَقِيبًا فَبَايعُوهُ ثمَّة لَيْلًا، وَهِي الْبيعَة الثَّانِيَة.



[ قــ :3710 ... غــ :3889 ]
- حدَّثنا يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ حدَّثنا اللَّيْثُ عنْ عُقَيْلٍ عنِ ابنِ شِهابٍ وحدَّثنا أحْمدُ بنُ صالِحٍ حدَّثنا عَنْبَسَةُ حدَّثنا يُونُسُ عنِ ابنِ شِهَابٍ قَالَ أخْبرَنِي عبْدُ الرَّحْمانِ بنُ عَبْدِ الله بنِ كَعْبِ بنِ مالِكٍ أنَّ عَبْدَ الله بنَ كَعْبٍ وكانَ قائِدَ كَعْبٍ حِينَ عَمِيَ قَالَ سَمِعْتُ كَعْبَ بنَ مالِكٍ يُحَدِّثُ حِينَ تَخَلَّفَ عنِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غَزْوة تَبُوكَ بِطُولِهِ قَالَ ابنُ بُكَيْرٍ فِي حدِيثِهِ ولَقَدْ شَهِدْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَةَ العَقْبَةِ حِينَ تَوَاثَقْنَا علَى الإسْلاَمِ وَمَا أُحِبُ أنَّ لِي بِهَا مَشْهَدَ بَدْرٍ وإنْ كانَتْ بدْرٌ أذْكَرَ فِي النَّاسِ مِنْهَا.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( وَلَقَد شهِدت) إِلَى آخِره.
وَأخرج هَذَا الحَدِيث من طَرِيقين: الأول: عَن يحيى بن بكير وَهُوَ يحيى بن عبد الله بن بكير المَخْزُومِي الْمصْرِيّ عَن اللَّيْث بن سعد الْمصْرِيّ عَن عقيل بن خَالِد الْأَيْلِي عَن مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ عَن عبد الرَّحْمَن، على مَا يَجِيء الْآن.
وَالثَّانِي: عَن أَحْمد بن صَالح أبي جَعْفَر الْمصْرِيّ عَن عَنْبَسَة، بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون النُّون وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة وبالسين الْمُهْملَة: ابْن خَالِد بن يزِيد الْأَيْلِي، يروي عَن عَمه يُونُس بن يزِيد عَن ابْن شهَاب ... إِلَى آخِره، وَمضى الحَدِيث فِي الْوَصَايَا وَفِي صفة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَسَيَأْتِي فِي الْمَغَازِي فِي موضِعين وَفِي التَّفْسِير كَذَلِك وَفِي الاسْتِئْذَان وَفِي الْأَحْكَام مطولا ومختصراً وَمضى فِيهِ بعض الْكَلَام.

قَوْله: ( قَالَ ابْن بكير فِي حَدِيثه) يُرِيد أَن اللَّفْظ الَّذِي سبق لعقيل لَا ليونس.
قَوْله: ( وَلَقَد شهِدت) أَي: قَالَ كَعْب: حضرت الْعقبَة الثَّانِيَة.
قَوْله: ( حِين تواثقنا) باالثاء الْمُثَلَّثَة وَالْقَاف أَي: حِين وَقع بَيْننَا الْمِيثَاق على مَا تبايعنا عَلَيْهِ.
قَوْله: ( إِن لي بهَا) أَي: بدلهَا وَفِي مقابلتها وَمَا أحبه لِأَن هَذِه الْبيعَة كَانَت فِي أول الْإِسْلَام وَمِنْهَا فَشَا الْإِسْلَام وتأكدت أَسبابُُه وأساسه.
قَوْله: ( وَإِن كَانَت بدر أذكر) كلمة: أَن، واصلة بِمَا قبلهَا.
قَوْله: ( بدر) أَي: غَزْوَة بدر، وَقَوله: ( أذكر) ، أفعل التَّفْضِيل بِمَعْنى الْمَذْكُور يَعْنِي: أَكثر شهرة وذكراً بَين النَّاس.





[ قــ :3711 ... غــ :3890 ]
- حدَّثنا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الله حدَّثنا سُفْيَانُ قَالَ كانَ عَمْرٌ ويَقُولُ سَمِعْتُ جابِرَ بنَ عَبْدِ الله رَضِي الله تَعَالَى عنهُما يَقُولُ شَهِدَ بِي خَالايَ العَقَبَةَ.
( الحَدِيث 3890 طرفه فِي: 3891) .


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( شهد بِي خالاي الْعقبَة) .
وَعلي بن عبد الله الْمَعْرُوف بِابْن الْمَدِينِيّ، وسُفْيَان بن عُيَيْنَة، وَعمر هُوَ ابْن دِينَار.
والْحَدِيث من أَفْرَاده.
قَوْله: ( خالاي) تَثْنِيَة خَال مُضَاف إِلَى يَاء الْمُتَكَلّم الْخَفِيفَة، ويروى بِالْيَاءِ الثَّقِيلَة، قَالَه الْكرْمَانِي، ثمَّ قَالَ: أَي مَعَ خَالِي، قلت: لم أدرِ وَجه ذَلِك على مَا لَا يخفى، ويروى بالأفراد كَمَا يَجِيء الْآن.
قَوْله: ( الْعقبَة) لم يُفَسِّرهَا، أَي: عقبَة هِيَ الأولى أم الثَّانِيَة؟.

     وَقَالَ  بَعضهم: هِيَ الْعقبَة الثَّانِيَة،.

     وَقَالَ  أَبُو عمر بن عبد الْبر: هِيَ الْعقبَة الأولى، كَمَا يَجِيء عَن قريب فِي تَرْجَمَة الْبَراء، وَالْقَوْل مَا قَالَت حذام.

قَالَ أبُو عَبْدِ الله قَالَ ابنُ عُيَيْنَةَ أحَدُهُمَا البَرَاءُ بنُ مَعْرُورٍ
أَبُو عبد الله هُوَ البُخَارِيّ أَي: قَالَ البُخَارِيّ نَفسه.
قَالَ سُفْيَان بن عُيَيْنَة رَاوِي الحَدِيث: أحد الخالين الْبَراء، بتَخْفِيف الرَّاء وبالمد: ابْن معْرور، بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة وَضم الرَّاء الأولى، قَالَ أَبُو عمر: الْمَعْرُور هُوَ ابْن صَخْر بن خنساء بن سِنَان ابْن عبيد بن عدي بن كَعْب بن سَلمَة الْأنْصَارِيّ السّلمِيّ الخزرجي أَبُو بشر، وَأمه الربابُُ بنت النُّعْمَان، وَهُوَ أحد النُّقَبَاء لَيْلَة الْعقبَة الأولى، وَكَانَ سيد الْأَنْصَار وَكَبِيرهمْ، وَهُوَ أول من اسْتقْبل الْكَعْبَة للصَّلَاة إِلَيْهَا، وَأول من أوصى بِثلث مَاله، مَاتَ فِي حَيَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قبل قدومه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، الْمَدِينَة بِشَهْر فِي صفر، وَلما قدم رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، الْمَدِينَة أَتَى قَبره فِي أَصْحَابه وَكبر عَلَيْهِ أَرْبعا وَصلى، وَفِي بعض النّسخ: مَوضِع: قَالَ أَبُو عبد الله، قَالَ عبد الله بن مُحَمَّد، وَهُوَ الْجعْفِيّ أَن ابْن عُيَيْنَة قَالَ: أَحدهمَا الْبَراء بن معْرور، كَذَا فِي رِوَايَة أبي ذَر وَغَيره، وَوَقع فِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ: قَالَ سُفْيَان: خالاه الْبَراء بن معْرور وَأَخُوهُ، وَلم يسمه، وَاعْترض الدمياطي قَول سُفْيَان فِي الحَدِيث، فَقَالَ: هَذَا وهم لِأَن أم جَابر هِيَ أنيسَة بنت غنمة بن عدي، وأخواها ثَعْلَبَة وَعمر وهما خالا جَابر وَقد شهد الْعقبَة الْأَخِيرَة، وَأما الْبَراء بن معْرور فَلَيْسَ هُوَ من أخوال جَابر.
انْتهى.
.

     وَقَالَ  بَعضهم: لكنه من أقَارِب أمه، وأقارب الْأُم يسمون أخوالاً مجَازًا.
قلت: لَا ضَرُورَة إِلَى الذّهاب إِلَى الْمجَاز من غير دَاع لَهُ مَعَ شهرة النّسَب فِيمَا بَينهم، لِأَن ثَعْلَبَة وعمراً ابْنا غنمة بن عدي بن سِنَان بن عبيد ابْن عَمْرو بن سَواد بن غنم بن كَعْب بن سَلمَة، وَشهد ثَعْلَبَة الْعقبَة فِي السّبْعين، وَشهد بَدْرًا وَهُوَ أحد الَّذين كسروا الهة بني سَلمَة، قتل يَوْم الخَنْدَق شَهِيدا، قَتله هُبَيْرَة بن أبي وهب المَخْزُومِي، قَالَ أَبُو عمر: وَقيل: قتل يَوْم خَيْبَر شَهِيدا، وَأما عَمْرو أَخُوهُ فَإِنَّهُ شهد بيعَة الْعقبَة مَعَ أَخِيه ثَعْلَبَة، وَهُوَ أحد البكائين الَّذين نزلت فيهم: { وَلَا على الَّذين إِذا مَا أتوك لتحملهم ... } ( التَّوْبَة: 9) .
الْآيَة، وَمَات وَلَيْسَ لَهُ عقب.
.

     وَقَالَ  صَاحب ( التَّوْضِيح) : قَالَ شَيخنَا فِي شَرحه: يُرِيد وَالله أعلم بخالاي: عبس بن عَامر بن عدي بن سِنَان بن عبيد، وخَالِد بن عدي بن سِنَان، وَذَلِكَ أَن أمه أنيسَة بنت غنمة، وَهَذَا أقرب من قَول ابْن عُيَيْنَة: أَحدهمَا الْبَراء بن معْرور وَأَخُوهُ، لأَنهم كلهم شهدُوا الْعقبَة لِأَن الْبَراء من بني خنساء بن سِنَان بن عبيد ... إِلَى آخر مَا ذكره الْآن.
انْتهى.
قلت: كَأَنَّهُ أَرَادَ بشيخه: عَلَاء الدّين مغلطاي، فَإِن لَهُ شرحاً على البُخَارِيّ، وَاعْترض عَلَيْهِ بَعضهم مِمَّا عاصرناه من أَصْحَاب الدَّعَاوَى العريضة، فَقَالَ: أما عبس فقد رَأَيْنَاهُ فِي الصَّحَابَة، وَأما خَالِد بن عدي بن سِنَان فَلم نره فِي الصَّحَابَة، إِنَّمَا كَانَ فِي كتاب ابْن الْأَثِير: خَالِد بن عدي، كَانَ ينزل الْأَشْعر.
قلت: قَالَ أَبُو عمر: خَالِد بن عدي الْجُهَنِيّ، يعد فِي أهل الْمَدِينَة، وَكَانَ ينزل الْأَشْعر، روى عَنهُ بشر بن سعيد،.

     وَقَالَ  الذَّهَبِيّ: لَهُ حَدِيث فِي مُسْند أبي يعلى.





[ قــ :3713 ... غــ :389 ]
- حدَّثني إسْحَاقُ بنُ مَنْصُورٍ أخْبرَنا يَعْقُوبُ بنُ إبْرَاهِيمَ حدَّثنا ابنُ أخِي ابنِ شِهَابٍ عنْ عَمِّهِ قَالَ أخبرَنِي أبُو إدْرِيسَ عائِذ الله بنُ عَبْدِ الله أنَّ عُبَادَةَ بنَ الصَّامِتِ مِنَ الَّذِينَ شَهِدُوا بَدْرَاً مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ومِنْ أصْحَابِهِ لَيْلَةَ العَقَبَةِ أخْبَرَهُ أنَّ رسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ وحَوْلَهُ عِصَابَةٌ مِنْ أصْحَابِهِ تَعالَوْا بايِعُونِي علَى أنْ لاَ تُشْرِكُوا بِاللَّه شيْئَاً ولاَ تَسْرِقُوا ولاَ تَزْنُوا ولاَ تَقْتُلُوا أوْلادَكُمْ ولاَ تَأتُونَ بِبُهْتانٍ تَفْتَرُونَهُ بَيْنَ أيْدِيكُمْ وأرْجُلِكُمْ ولاَ تَعْصُونِي فِي مَعْرُوفٍ فَمَنْ وفَى مِنْكُمْ فأجْرُهُ علَى الله ومَنْ أصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئاً فَعُوقِبَ بِهِ فِي الدُّنْيَا فَهْوَ لَهُ كَفَّارَةٌ ومَنْ أصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئاً فستَرَهُ الله فأمُرُهُ إلَى الله إنْ شَاءَ عاقَبَهُ وإنْ شاءَ عفَا عَنْهُ قَالَ فَبَايَعْتُهُ علَى ذَلِكَ.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( بايعوني) وَفِي قَوْله: ( فَبَايَعته) .
وَإِسْحَاق بن مَنْصُور بن مهْرَان الكوسج أَبُو يَعْقُوب الْمروزِي، وَيَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم بن سعد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَهُوَ يروي عَن مُحَمَّد بن عبد الله بن أخي الزُّهْرِيّ، وَهُوَ يروي عَن عَمه أبي بكر مُحَمَّد بن مُسلم، وَهُوَ يروي عَن أبي إِدْرِيس عَائِذ الله بِصِيغَة اسْم الْفَاعِل من العوذ بِالْعينِ الْمُهْملَة وبالذال الْمُعْجَمَة ابْن عبد الله بن عَمْرو الْخَولَانِيّ العوذي، وَيُقَال: العيذي أَيْضا، كَانَ من عُلَمَاء أهل الشَّام وعبادهم وقرائهم، مَاتَ سنة ثَمَانِينَ.
والْحَدِيث قد مضى فِي أول كتاب الْإِيمَان فِي: بابُُ مُجَرّد، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ: عَن أبي الْيَمَان عَن شُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ إِلَى آخِره.





[ قــ :3714 ... غــ :3893 ]
- حدَّثنا قُتَيْبَةُ حدَّثنا اللَّيْثُ عنْ يَزِيدَ بنِ أبِي حَبِيبٍ عنْ أبِي الخَيْرِ عنِ الصُّنَابِحِيِّ عنْ عُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ أنَّهُ قَالَ إنِّي مِنَ النُّقَبَاءِ الَّذِينَ بايَعُوا رسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.

     وَقَالَ  بايَعْنَاهُ علَى أنْ لاَ نُشْرِكَ بِاللَّه شيْئَاً ولاَ نَسْرِقُ وَلَا نَزْنِي ولاَ نَقْتُلَ النَّفْسَ الَّتِي حرَّمَ الله إلاَّ بالحَقِّ ولاَ نَنْتَهِبَ ولاَ نَعْصِيَ بالجَنَّةِ إنْ فَعَلْنَا ذَلِكَ فإنْ غَشِينا مِنْ ذَلِكَ شَيْئاً كانَ قَضاءَ ذَلِكَ إِلَى الله.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( بَايعُوا) وَفِي قَوْله: ( بَايَعْنَاهُ) وَأَبُو الْخَيْر ضد الشَّرّ اسْمه مرْثَد، بِفَتْح الْمِيم وبالثاء الْمُثَلَّثَة وَسُكُون الرَّاء بَينهمَا وبالدال الْمُهْملَة، والصنابحي، بِضَم الصَّاد الْمُهْملَة وَتَخْفِيف النُّون وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة وَبِالْحَاءِ الْمُهْملَة: واسْمه عبد الرَّحْمَن ابْن عسيلة مصغر عسلة بالمهملتين التَّابِعِيّ، وَأَصله من الْيمن، خرج مِنْهَا مُهَاجرا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَمَاتَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَهُوَ فِي الطَّرِيق.

والْحَدِيث أخرجه أَيْضا فِي الدِّيات عَن عبد الله بن يُوسُف.
وَأخرجه مُسلم فِي الْحُدُود عَن قُتَيْبَة وَمُحَمّد بن رمح.

قَوْله: ( من النُّقَبَاء) وهم الْأَشْرَاف، وَقيل: الْأُمَنَاء الَّذين يعْرفُونَ طرق أُمُورهم، وَقيل: شُهَدَاء الْقَوْم وضمناؤهم.
قَوْله: ( وَلَا تنتهب) بِالنّصب أَيْضا عطفا على المنصوبات، قبله أَي: لَا نَأْخُذ مَال أحد بِغَيْر حَقه، وَحمله بَعضهم على الْعُمُوم فمنعوا من النهب فِيمَا أَبَاحَهُ مَالِكه فِي الْأَمْلَاك وَشبههَا، وَاحْتج الْمُجِيز بِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نحر بدنات،.

     وَقَالَ : من شَاءَ فليقطع، قَوْله: ( وَلَا نعصي) بِالْعينِ وَالصَّاد الْمُهْمَلَتَيْنِ وَهَذِه رِوَايَة أبي ذَر، وَفِي روزاية غيرَة: وَلَا نقضي، بِالْقَافِ وَالضَّاد الْمُعْجَمَة، وَمعنى الأولى: أَن لَا نعصي الله فِي شَيْء من ذَلِك.
قَوْله: ( بِالْجنَّةِ) ، مُتَعَلق بقوله: بَايَعْنَاهُ، وَحَاصِل الْمَعْنى: أَنا بَايَعْنَاهُ على أَن لَا نَفْعل شَيْئا من الْمَذْكُورَات بِمُقَابلَة الْجنَّة، يَعْنِي: يكون لنا الْجنَّة عِنْد ذَلِك، وَمعنى الثَّانِيَة: لَا نقضي لَهُ بِالْجنَّةِ، بل الْأَمر فِيهِ موكول إِلَى الله تَعَالَى لَا حتم فِي شَيْء مِنْهُ.
.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: ويروى: فالجنة، بِالْفَاءِ.
قلت: ذكر ذَلِك وَسكت، فَإِن صحت الرِّوَايَة بِالْفَاءِ فالتقدير: فالجنة جزاؤنا إِن فعلنَا ذَلِك.
قَوْله: ( فَإِن غشينا) بالغين والشين المعجمتين: من الغشيان، وَهُوَ الْإِصَابَة.
قَوْله: ( شَيْئا) ، بِالنّصب مفعول: غشينا، ويروى: إِن غشينا، بِفَتْح الْيَاء على لفظ الْمَاضِي، و: نَا، مَفْعُوله.
وَقَوله: ( شَيْء) بِالرَّفْع فَاعله على هَذِه الرِّوَايَة.
قَوْله: ( كَانَ قَضَاء ذَلِك) ، أَي: كَانَ الحكم فِيهِ عِنْد الغشيان من ذَلِك مفوضاً إِلَى الله تَعَالَى، إِن شَاءَ عاقب وَإِن شَاءَ عَفا، أللهم أعفِّ عنَّا يَا كريم.