فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب مقدم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه المدينة

( بابُُ مَقْدَمِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأصْحَابِهِ المَدِينَةَ)
أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان قدوم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وقدوم أَصْحَابه الْمَدِينَة، وَكَانَ وُصُول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، إِلَى قبَاء يَوْم الِاثْنَيْنِ أول شهر ربيع الأول، وَمر الْكَلَام فِيهِ عَن قريب، وَكَانَ وُصُول أَكثر أَصْحَابه قبله وَنزل رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، على كُلْثُوم بن الْهدم، قَالَه ابْن شهَاب، وَقيل: نزل على سعد بن خَيْثَمَة وَجمع بَينهمَا بِأَن نُزُوله كَانَ على كُلْثُوم، وَكَانَ يجلس مَعَ أَصْحَابه عِنْد سعد بن خَيْثَمَة لِأَنَّهُ كَانَ أعزب، وَكَانَ يُقَال لبيته: بَيت العزاب، قَالَ ابْن شهَاب: وَبلغ عَليّ بن أبي طَالب نُزُوله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أمنا بقباء، فَركب رَاحِلَته فلحق بِهِ وَهُوَ بقباء.



[ قــ :3741 ... غــ :3924 ]
- حدَّثنا أبُو الوَلِيدِ حدَّثنا شُعْبَةُ قَالَ أنْبأنَا أبُو إسْحَاقَ سَمِعَ البَرَاءَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ أوَّلُ مَنْ قَدِمَ علَيْنَا مُصْعَبُ بنُ عُمَيْرٍ وابنُ مَكْتُومٍ ثُمَّ قَدِمَ علَيْنَا عَمَّارُ بنُ يَاسِرٍ وبِلالٌ رَضِي الله تَعَالَى عنهُم.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة لِأَن فِيهَا مقدم أَصْحَابه أَيْضا، وَأَبُو الْوَلِيد هِشَام بن عبد الْملك الطَّيَالِسِيّ، وَأَبُو إِسْحَاق عَمْرو بن عبد الله السبيعِي، والبراء هُوَ ابْن عَازِب.

وَأخرج البُخَارِيّ هَذَا الحَدِيث أَيْضا فِي فَضَائِل الْقُرْآن عَن أبي الْوَلِيد وَفِي التَّفْسِير عَن عَبْدَانِ عَن أَبِيه.

قَوْله: ( أَنبأَنَا) وَكَانَ شُعْبَة يروي أَن أَنبأَنَا وَأخْبرنَا وَحدثنَا بِمَعْنى، وَقيل: يجوز أَن يُقَال أَنبأَنَا عِنْد الْإِجَازَة لِأَنَّهَا إنباء عرفا، فعلى هَذَا يكون الإنباء أَعم من الْإِخْبَار.
قَوْله: ( أول من قدم علينا) أَي: بِالْمَدِينَةِ، وَزَاد الْحَاكِم فِي ( الإكليل) : عَن شُعْبَة من الْمُهَاجِرين.
قَوْله: ( مُصعب بن عُمَيْر) بِضَم الْمِيم وَسُكُون الصَّاد وَعُمَيْر مصغر عَمْرو بن هَاشم بن عبد منَاف بن عبد الدَّار بن قصي الْقرشِي الْعَبدَرِي، وَفِي رِوَايَة ابْن أبي شيبَة: مُصعب بن عُمَيْر أَخُو بني عبد الدَّار، وَذكر مُوسَى بن عقبَة أَنه نزل على خبيب ابْن عدي.
قَوْله: ( وَابْن أم مَكْتُوم) هُوَ عَمْرو، وَيُقَال: عبد الله وَهُوَ من بني عَامر بن لؤَي.
قلت: عَمْرو بن قيس بن زَائِدَة، وَيُقَال: زِيَاد ابْن الْأَصَم، والأصم هُوَ جُنْدُب بن هرم بن رَوَاحَة بن حجر بن عبد بن بغيض بن عَامر بن لؤَي وَيُقَال: عَمْرو بن زَائِدَة، وَيُقَال عبد الله بن زَائِدَة الْقرشِي،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: هُوَ عَمْرو بن قيس بن زَائِدَة على الْأَصَح العامري الْقرشِي الأعمي مُؤذن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَاسم أمه عَاتِكَة، بِالْعينِ الْمُهْملَة وبالتاء الْمُثَنَّاة من فَوق: بنت عبد الله بن عتكة بن عَامر بن مَخْزُوم المخزومية، قتل بالقادسية شَهِيدا، وَقيل: رَجَعَ مِنْهَا إِلَى الْمَدِينَة وَمَات بهَا وَهُوَ ابْن خَال خَدِيجَة بنت خويلد، وَفِي رِوَايَة ابْن أبي شيبَة: ثمَّ أَتَانَا بعده، يَعْنِي: بعد مُصعب بن عَمْرو بن أم مَكْتُوم الْأَعْمَى أَخُو بني فهم، فَقُلْنَا لَهُ: مَا فعل رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ قَالَ: هم على أثري.
قَوْله: ( ثمَّ قدم علينا عمار بن يَاسر) الْعَبْسِي أَبُو الْيَقظَان مولى بني مَخْزُوم وَأمه سميَّة بنت خياط، أسلم بِمَكَّة قَدِيما وَأَبوهُ وَأمه، قتل بصفين سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَدفن هُنَاكَ، وَكَانَ مَعَ عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وبلال الْمُؤَذّن وَهُوَ ابْن رَبَاح، وحمامة أمه مولاة أبي بكر الصّديق، شهد الْمشَاهد كلهَا مَعَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَسكن بعده دمشق وَمَات بهَا سنة عشْرين وَدفن بِبابُُ الصَّغِير، وَقيل: بِبابُُ كيسَان، وَقيل: مَاتَ بحلب وَدفن بِبابُُ الْأَرْبَعين.





[ قــ :374 ... غــ :395 ]
- حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ بَشَّارٍ حدَّثنا غُنْدَرٌ حدَّثنا شُعْبَةُ عنْ أبِي إسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ البَرَاءَ ابنَ عَازِبٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما قَالَ أوَّلُ مَنْ قَدِمَ علَيْنَا مُصْعَبُ بنُ عُمَيْرٍ وابنُ مَكْتُومٍ وَكَانَا يُقْرِئَانِ النَّاسَ فَقَدِمَ بِلالٌ وسعْدٌ وعَمَّارُ بنُ يَاسِرٍ ثُمَّ قَدِمَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ فِي عِشْرِينَ مِنْ أصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثُمَّ قَدِمَ النَّبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَمَا رأيْتُ أهْلَ المَدِينَةِ فَرِحُوا بِشَيءٍ فرَحَهُمْ بِرَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى جَعَلَ الإمَاءُ يَقُلْنَ قَدِمَ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَمَا قَدِمَ حتَّى قَرَأتُ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى فِي سُوَرٍ مِنَ الْمُفَصَّلِ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وغندر بِضَم الْغَيْن مُحَمَّد بن جَعْفَر وَأَبُو إِسْحَاق قد مر الْآن.
فَإِن قلت: جزم مُوسَى بن عقبَة بِأَن أول من قدم الْمَدِينَة من الْمُهَاجِرين مُطلقًا أَبُو سَلمَة بن عبد الْأسد، وَهنا أول من قدم مُصعب.
قلت: قد يجمع بَينهمَا بِأَن أَبَا سَلمَة خرج لَا لقصد الْإِقَامَة بِالْمَدِينَةِ، بل فِرَارًا من الْمُشْركين، بِخِلَاف مُصعب بن عُمَيْر فَإِنَّهُ خرج إِلَيْهَا للإقامة بهَا وَتَعْلِيم من أسلم من أَهلهَا بِأَمْر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَلِكُل مِنْهُمَا أولية من جِهَة.

قَوْله: ( وَكَانَ يقرئان النَّاس) أَي: مُصعب وَابْن أم مَكْتُوم، وَفِي أَكثر النّسخ: وَكَانُوا يقرئون النَّاس بِصِيغَة الْجمع بعد ذكر اثْنَيْنِ، وَفِي رِوَايَة الْحَاكِم: وَكَانُوا يقرئوننا.
قَوْله: ( وَسعد) هُوَ ابْن أبي وَقاص أحد الْعشْرَة المبشرة.
قَوْله: ( ثمَّ قدم عمر بن الْخطاب فِي عشْرين من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) ذكر ابْن إِسْحَاق مِنْهُم زيد بن الْخطاب وَسَعِيد بن زيد بن عَمْرو وَعبد الله ابْني سراقَة، وخنيس بن حذافة وواقد بن عبد الله وخولي بن أبي خولي، وَمَالك بن أبي خولي وأخاه هِلَال وَعَيَّاش بن أبي ربيعَة وخالداً وإياساً وعامراً وعاقلاً من بني البكير، قَالَ فنزلوا جَمِيعًا، أَي: هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة عشر على رِفَاعَة بن الْمُنْذر وروى ابْن عَائِذ فِي الْمَغَازِي بِإِسْنَاد لَهُ عَن ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عنهُما، قَالَ: خرج عمر وَالزُّبَيْر وَطَلْحَة وَعُثْمَان وَعَيَّاش بن أبي ربيعَة فِي طَائِفَة فَتوجه عُثْمَان وَطَلْحَة إِلَى الشَّام ... انْتهى، وَذكر مُوسَى بن عقبَة أَن أَكثر الْمُهَاجِرين نزلُوا على بني عَمْرو بن عَوْف بقباء إلاَّ عبد الرَّحْمَن بن عَوْف فَإِنَّهُ نزل على سعد بن الرّبيع وَهُوَ خزرجي.
قَوْله: ( فَرَحهمْ) مَنْصُوب بِنَزْع الْخَافِض أَي: كفرحهم.
قَوْله: ( حَتَّى جعل الْإِمَاء) جمع أمة وَفِي رِوَايَة الْحَاكِم من طَرِيق إِسْحَاق بن أبي طَلْحَة عَن أنس، فَخرجت جوَار من بني النجار يضربن بالدف وَهن يقلن:
نَحن جوَار من بني النجار
يَا حبذا مُحَمَّدًا من جَار
وَفِي ( شرف الْمُصْطَفى) : لما دخل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، جعل الولائد يقلن:
( طلع الْبَدْر علينا ... من ثنيات الْوَدَاع)

( وَجب الشُّكْر علينا ... مَا دَعَا لله دَاع) قَوْله: ( فِي سور من الْمفصل) أَي: مَعَ سور من الْمفصل، وَهُوَ السَّبع الْأَخير من الْقُرْآن.
فَإِن قلت: قَوْله حَتَّى قَرَأت { سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى} ( الْأَعْلَى: 1) .
يدل على أَنَّهَا نزلت بِمَكَّة، وَذكروا أَن قَوْله تَعَالَى: { قد أَفْلح من تزكّى وَذكر اسْم ربه فصلى} ( الْأَعْلَى: 9 10) .
نزلت فِي صَلَاة الْعِيد وَصدقَة الْفطر فِي السّنة الثَّانِيَة من الْهِجْرَة.
قلت: لَا يبعد أَن تكون السُّورَة مَكِّيَّة وَتَكون الْآيَتَانِ مدنيتان، وَجَوَاب آخر، وَهُوَ الْأَوْجه: أَن نزُول السُّورَة كلهَا كَانَ بِمَكَّة، وَلَكِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بيَّن أَن المُرَاد من الْآيَتَيْنِ صَلَاة الْعِيد وَصدقَة الْفطر، وَلَا شكّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، مُبين للشرائع وَالْأَحْكَام.





[ قــ :3743 ... غــ :396 ]
- حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفَ أخْبرنَا مالِكٌ عنْ هِشامِ بنِ عُرْوَةَ عنْ أبِيهِ عنْ عائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهَا أنَّها قالَتْ لَما قَدِمَ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم المَدِينَةَ وُعِكَ أبُو بَكْرٍ وبِلالٌ قالَتْ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِمَا فقُلْتُ يَا أبَتِ كَيْفَ تَجِدُكَ وَيَا بِلاَلُ كَيْفَ تَجِدُكَ قالَتْ فَكانَ أبُو بَكْرٍ إذَا أخَذَتْهُ الحُمَّى يَقُولُ:
( كلُّ امْرِىءٍ مُصَبَّحٌ فِي أهْلِهِ ... والمَوْتُ أدْنَى مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ)

وكانَ بِلالٌ إذَا أقْلَعَ عنْهُ الحُمَّى يَرْفَعُ عَقِيرَتَهُ ويَقُولُ:
( ألاَ لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أبِيتَنَّ لَيْلَةًبِوَادٍ وحَوْلِي إذْخِرٌ وجَلِيلُ)

( وهَلْ أرِدَنْ يَوْماً مياه مَجَنَّةٍ وهَلْ يَبْدُوَنْ لِي شَامَةٌ وطَفِيلُ)

قالَتْ عائِشَةُ فَجِئْتُ رَسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأخْبَرْتُهُ فَقَالَ اللَّهُمَّ حَبِّبْ إلَيْنَا المَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أوْ أشَدَّ وصَحِّحْها وبارِكْ لَنَا فِي صاعِها ومُدِّها وانْقُلْ حُمَاهَا فاجْعَلْهَا بالجُحْفَةِ.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
والْحَدِيث مر فِي كتاب الْحَج فِي آخر الْأَبْوَاب، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ: عَن عبيد بن إِسْمَاعِيل عَن أبي أُسَامَة عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة ... إِلَى آخِره، وَفِيه: أللهم الْعَن شيبَة ... إِلَى قَوْله: إِلَى أَرض الوباء، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.

قَوْله: ( وعك) على صِيغَة الْمَجْهُول أَي: حم.
قَوْله: ( قَالَت) أَي: عَائِشَة.
قَوْله: ( عَلَيْهِمَا) أَي: على أبي بكر وبلال.
قَوْله: ( كَيفَ تجدك) بتاء الْخطاب، أَي: كَيفَ تَجِد نَفسك، وَمثله: تجدك الثَّانِي.
قَوْله: ( مصبح) بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة، أَي: مصاب بِالْمَوْتِ صباحاً، وَقيل: المُرَاد يُقَال لَهُ: صبحك الله بِالْخَيرِ، وَقد يفجؤه الْمَوْت فِي بَقِيَّة النَّهَار.
قَوْله: ( أدنى) أَي: أقرب، والشراك، بِكَسْر الشين الْمُعْجَمَة وَتَخْفِيف الرَّاء: سير النَّعْل على وَجههَا.
قَوْله: ( إِذا أقلع) أَي: الْكَفّ وَزَالَ قَوْله: ( عقيرته) بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَكسر الْقَاف، وَهُوَ الصَّوْت بالبكاء أَو بِالْغنَاءِ.
قَوْله: ( بواد) أَي: بوادي مَكَّة، وَالْوَاو فِي: ( وحولي) للْحَال.
قَوْله: ( وجليل) بِالْجِيم، وَهُوَ نبت ضَعِيف يحشى بِهِ خصاص الْبيُوت.
قَوْله: ( أردن) مُتَكَلم الْمُضَارع بالنُّون الْخَفِيفَة.
قَوْله: ( مجنة) بِفَتْح الْمِيم وَالْجِيم وَالنُّون: اسْم مَوضِع على أَمْيَال من مَكَّة، وَكَانَ بِهِ سوق فِي الْجَاهِلِيَّة.
قَوْله: ( وَهل يبدون) أَي: وَهل يظهرن، وَهُوَ بالنُّون الْخَفِيفَة.
قَوْله: ( شامة) بالشين الْمُعْجَمَة وَتَخْفِيف الْمِيم ( وطفيل) بِفَتْح الطَّاء الْمُهْملَة وَكسر الْفَاء، وهما جبلان بِقرب مَكَّة.
.

     وَقَالَ  الْخطابِيّ، كنت أَحسب أَنَّهُمَا جبلان حَتَّى ثَبت عِنْدِي أَنَّهُمَا عينان،.

     وَقَالَ  بَعضهم: زعم بَعضهم أَن الصَّوَاب بِالْمُوَحَّدَةِ يَعْنِي: شَابة بِالْبَاء الْمُوَحدَة بدل الْمِيم، وَالْمَعْرُوف بِالْمِيم.
قلت: الْقَائِل بِهِ هُوَ الصغاني:
( إِذا قَالَت حذام فصدقوها)

قَوْله: ( فِي صاعها) ويروى: وصاعنا.
قَوْله: ( بِالْجُحْفَةِ) بِضَم الْجِيم وَسُكُون الْحَاء الْمُهْملَة وَفتح الْفَاء على سبع مراحل من الْمَدِينَة، وَبَينه وَبَين الْبَحْر سِتَّة أَمْيَال، وَهُوَ مِيقَات أهل مصر الْآن، وَأما فِي ذَلِك الْوَقْت فَكَانَ مسكن الْيَهُود، لعنهم الله تَعَالَى.





[ قــ :3744 ... غــ :397 ]
- حدَّثني عَبْدُ الله بنُ مُحَمَّدٍ حدَّثنا هِشامٌ أخبرَنا مَعْمَرٌ عنِ الزُّهْرِيِّ حدَّثني عرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ أنَّ عُبَيْدَ الله بنَ عَدِيٍّ أخْبَرَهُ دَخَلْتُ عَلَى عُثْمَانَ:.

     وَقَالَ  بِشْرُ بنُ شُعَيْبٍ حدَّثني أبِي عنِ الزُّهْرِيِّ حدَّثنِي عُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ أنْ عُبَيْدَ الله بنَ عَدِيِّ بنِ الْخِيَارِ أخْبَرَهُ قَالَ دَخَلْتُ علَى عُثْمَانَ فتَشَهَّدَ ثُمَّ قالَ أمَّا بَعْدُ فإنَّ الله بَعَثَ مُحَمَّدَاً صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالحَقِّ وكُنْتُ مِمَّنِ اسْتَجَابِ لله ولِرَسُولِهِ وآمَنَ بِمَا بُعِثَ بِهِ مُحَمَّدٌ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثُمَّ هَاجَرْتُ هِجْرَتَيْنِ ونِلْتُ صِهْرَ رسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وبايَعْتُهُ فَوَالله مَا عَصَيْتُهُ ولاَ غَشَشْتُهُ حتَّى تَوَفَّاهُ الله تعالَى.
( انْظُر الحَدِيث 3696 وطرفه) .


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( ثمَّ هَاجَرت هجرتين) وَكَانَ عُثْمَان مِمَّن رَجَعَ من الْحَبَشَة فَهَاجَرَ من مَكَّة إِلَى الْمَدِينَة وَمَعَهُ زَوجته رقية بنت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَعبد الله بن مُحَمَّد الْمَعْرُوف بالمسندي، وَهِشَام هُوَ ابْن يُوسُف الصَّنْعَانِيّ، وَمعمر بِفَتْح الميمين هُوَ ابْن رَاشد، وَعبيد الله بن عدي بتَشْديد الْيَاء ابْن الْخِيَار، ويروى بِدُونِ الْألف وَاللَّام النَّوْفَلِي، أدْرك زمن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَلَكِن لم يثبت لَهُ رُؤْيَة وَلَا رِوَايَة، إِلَى هُنَا مَوْصُول.
قَوْله: ( وَقَالَ بشر) مُعَلّق، وَهُوَ بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة: ابْن شُعَيْب يروي عَن أَبِيه شُعَيْب بن أبي حَمْزَة الْحِمصِي عَن مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ.
والْحَدِيث مر بأتم مِنْهُ فِي مَنَاقِب عُثْمَان، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَالْمُعَلّق وَصله أَحْمد فِي ( مُسْنده) عَن بشر بن يَعْقُوب بِتَمَامِهِ.
قَوْله: ( هجرتين) هما هِجْرَة الْحَبَشَة وهجرة الْمَدِينَة.
قَوْله: ( ونلت) بالنُّون ويروى: وَكنت، صهر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَي الِاتِّصَال بِهِ من جِهَة الْقَرَابَة النسبية، أَي: ببنتيه.

تابَعَهُ إسْحَاقُ الكَلْبِيُّ حدَّثني الزُّهْرِيُّ مِثْلَهُ
أَي: تَابع شعيباً الرَّاوِي عَن الزُّهْرِيّ بقوله: حَدثنِي إِسْحَاق بن يحيى الْكَلْبِيّ الْحِمصِي، وَوصل هَذِه الْمُتَابَعَة أَبُو بكر بن شَاذان بِإِسْنَادِهِ إِلَى يحيى بن صَالح عَنهُ عَن الزُّهْرِيّ مثله.





[ قــ :3745 ... غــ :398 ]
- حدَّثنا يَحْيَى بنُ سُلَيْمَانَ حدَّثني ابنُ وَهْبٍ حدَّثنا مالِكٌ ح وأخبرَني يُونُسُ عنِ ابنِ شِهَابٍ قَالَ أخبرَنِي عُبَيْدُ الله بنُ عَبْدِ الله أَن ابنَ عَبَّاسٍ أخْبرَهُ أنَّ عَبْدَ الرَّحْمانِ بنَ عَوْفٍ رَجَعَ إلَى أهْلِهِ وهْوَ بِمِنًى فِي آخِرِ حَجَّةٍ حَجَّهَا عُمَرُ فوَجَدَنِي فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمانِ فقُلْتُ يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إنَّ الْمَوْسِمَ يَجْمَعُ رَعاعَ النَّاسِ وإنِّي أرَى أنْ نُمْهِلَ حَتَّى تقْدَمَ المَدِينَةَ فإنَّهَا دارُ الهِجْرَةِ والسُّنَّةِ وتَخْلُصَ لأِهْلِ الفِقْهِ وأشْرَافِ النَّاسِ وذَوِي رأيِهِمْ قَالَ عُمَرُ لأقُومَنَّ فِي أوَّلِ مقَامٍ أقُومُهُ بالمَدِينَةِ.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( فَإِنَّهَا دَار الْهِجْرَة وَالسّنة) وَرِجَاله قد ذكرُوا غير مرّة، وَيحيى بن سُلَيْمَان الْجعْفِيّ سكن مصر، وَعبيد الله بن عبد الله بن عتبَة بن مَسْعُود.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ فِي الْمُحَاربين مطولا عَن عَليّ بن عبد الله وَعَن عبد الْعَزِيز بن عبد الله وَفِي الْمَغَازِي والاعتصام عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل وَأخرجه بَقِيَّة الْجَمَاعَة.
قَوْله: ( قَالَ ابْن وهب: أَخْبرنِي يُونُس) وَكَذَلِكَ قَالَ فِي الْمَظَالِم فِي: بابُُ مَا جَاءَ فِي السقائف حَيْثُ قَالَ: حَدثنِي يحيى بن سُلَيْمَان، قَالَ: حَدثنِي ابْن وهب، قَالَ: حَدثنِي مَالك وَأَخْبرنِي يُونُس عَن إِبْنِ شهَاب ... إِلَى آخِره مُخْتَصرا، حَاصله أَن عبد الله بن وهب روى هَذَا الحَدِيث عَن مَالك، وروى عَن يُونُس بن يزِيد أَيْضا وَله فِيهِ شَيْخَانِ، والْحَدِيث الَّذِي يَأْتِي فِي الْمُحَاربين يُفَسر هَذَا لِأَنَّهُ مُخْتَصر مِنْهُ.

قَوْله: ( رَجَعَ إِلَى أَهله وَهُوَ بمنى) أَي: وَالْحَال أَن أَهله بمنى وَأَرَادَ بِهِ منزله، ويوضحه مَا فِي حَدِيث الْمُحَاربين عَن ابْن عَبَّاس: كنت أقرىء رجَالًا من الْمُهَاجِرين مِنْهُم عبد الرَّحْمَن بن عَوْف، فَبَيْنَمَا أَنا فِي منزله بمنى وَهُوَ عِنْد عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فِي آخر حجَّة حَجهَا إِذْ رَجَعَ إِلَى عبد الرَّحْمَن، فَقَالَ: لَو رَأَيْت رجلا أَتَى أَمِير الْمُؤمنِينَ الْيَوْم، فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ! هَل لَك فِي فلَان؟ يَقُول: لَو قد مَاتَ عمر لقد بَايَعت فلَانا.
فوَاللَّه مَا كَانَت بيعَة أبي بكر إِلَّا فلتة فتمت، فَغَضب عمر، ثمَّ قَالَ: إِنِّي إِن شَاءَ الله لقائم العشية فِي النَّاس فمحذرهم هَؤُلَاءِ الَّذين يُرِيدُونَ أَن يغصبوهم أُمُورهم، قَالَ عبد الرَّحْمَن: فَقلت: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ: لَا تفعل فَإِن الْمَوْسِم يجمع رعاع النَّاس وغوغاءهم، إِلَى أَن قَالَ: فامهل حَتَّى تقدم الْمَدِينَة فَإِنَّهَا دَار الْهِجْرَة وَالسّنة، فتخلص بِأَهْل الفقة وأشراف النَّاس فَتَقول مَا قلت مُتَمَكنًا، فيعي أهل الْعلم مَقَالَتك ويضعونها على موَاضعهَا.
فَقَالَ عمر: أما وَالله إِن شَاءَ الله لأقومن بذلك أول مقَام أقومه بِالْمَدِينَةِ ... الحَدِيث بِطُولِهِ، فَإِن لم يقف النَّاظر فِيهِ لم يحصل لَهُ تمكن فِي فهم حَدِيث الْبابُُ لِأَنَّهُ مُخْتَصر، والمطول شرح لَهُ، فَلذَلِك ذكرنَا مِنْهُ قدر الِاحْتِيَاج هَهُنَا، وَسَيَجِيءُ مزِيد الْكَلَام فِي الْمُحَاربين إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
قَوْله: ( إِن الْمَوْسِم) أَي: موسم الْحَج، وَهُوَ مُجْتَمع النَّاس، وسمى بِهِ لِأَنَّهُ معلم لجَمِيع النَّاس.
قَوْله: ( رعاع النَّاس) بِفَتْح الرَّاء وَتَخْفِيف الْعين الْمُهْملَة الأولى: الأسقاط والسفلة وغوغاؤهم، أصل الغوغاء الْجَرَاد حَتَّى يخف للطيران، ثمَّ استعير للسفلة من النَّاس المسرعين إِلَى الشَّرّ، وَيجوز أَن يكون من الغوغاء: الصَّوْت والجلبة الْكَثِيرَة لِكَثْرَة لغلطهم وصياحهم.
قَوْله: ( وَالسّنة) ويروى: والسلامة عَن الْكشميهني.
قَوْله: ( وتخلص) أَي: تصل.
قَوْله: ( أول مقَام) أَرَادَ بِهِ قِيَامه فِي الْمَدِينَة بالْكلَام وَالْحكم.





[ قــ :3745 ... غــ :398 ]
- حدَّثنا يَحْيَى بنُ سُلَيْمَانَ حدَّثني ابنُ وَهْبٍ حدَّثنا مالِكٌ ح وأخبرَني يُونُسُ عنِ ابنِ شِهَابٍ قَالَ أخبرَنِي عُبَيْدُ الله بنُ عَبْدِ الله أَن ابنَ عَبَّاسٍ أخْبرَهُ أنَّ عَبْدَ الرَّحْمانِ بنَ عَوْفٍ رَجَعَ إلَى أهْلِهِ وهْوَ بِمِنًى فِي آخِرِ حَجَّةٍ حَجَّهَا عُمَرُ فوَجَدَنِي فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمانِ فقُلْتُ يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إنَّ الْمَوْسِمَ يَجْمَعُ رَعاعَ النَّاسِ وإنِّي أرَى أنْ نُمْهِلَ حَتَّى تقْدَمَ المَدِينَةَ فإنَّهَا دارُ الهِجْرَةِ والسُّنَّةِ وتَخْلُصَ لأِهْلِ الفِقْهِ وأشْرَافِ النَّاسِ وذَوِي رأيِهِمْ قَالَ عُمَرُ لأقُومَنَّ فِي أوَّلِ مقَامٍ أقُومُهُ بالمَدِينَةِ.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( فَإِنَّهَا دَار الْهِجْرَة وَالسّنة) وَرِجَاله قد ذكرُوا غير مرّة، وَيحيى بن سُلَيْمَان الْجعْفِيّ سكن مصر، وَعبيد الله بن عبد الله بن عتبَة بن مَسْعُود.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ فِي الْمُحَاربين مطولا عَن عَليّ بن عبد الله وَعَن عبد الْعَزِيز بن عبد الله وَفِي الْمَغَازِي والاعتصام عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل وَأخرجه بَقِيَّة الْجَمَاعَة.
قَوْله: ( قَالَ ابْن وهب: أَخْبرنِي يُونُس) وَكَذَلِكَ قَالَ فِي الْمَظَالِم فِي: بابُُ مَا جَاءَ فِي السقائف حَيْثُ قَالَ: حَدثنِي يحيى بن سُلَيْمَان، قَالَ: حَدثنِي ابْن وهب، قَالَ: حَدثنِي مَالك وَأَخْبرنِي يُونُس عَن إِبْنِ شهَاب ... إِلَى آخِره مُخْتَصرا، حَاصله أَن عبد الله بن وهب روى هَذَا الحَدِيث عَن مَالك، وروى عَن يُونُس بن يزِيد أَيْضا وَله فِيهِ شَيْخَانِ، والْحَدِيث الَّذِي يَأْتِي فِي الْمُحَاربين يُفَسر هَذَا لِأَنَّهُ مُخْتَصر مِنْهُ.

قَوْله: ( رَجَعَ إِلَى أَهله وَهُوَ بمنى) أَي: وَالْحَال أَن أَهله بمنى وَأَرَادَ بِهِ منزله، ويوضحه مَا فِي حَدِيث الْمُحَاربين عَن ابْن عَبَّاس: كنت أقرىء رجَالًا من الْمُهَاجِرين مِنْهُم عبد الرَّحْمَن بن عَوْف، فَبَيْنَمَا أَنا فِي منزله بمنى وَهُوَ عِنْد عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فِي آخر حجَّة حَجهَا إِذْ رَجَعَ إِلَى عبد الرَّحْمَن، فَقَالَ: لَو رَأَيْت رجلا أَتَى أَمِير الْمُؤمنِينَ الْيَوْم، فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ! هَل لَك فِي فلَان؟ يَقُول: لَو قد مَاتَ عمر لقد بَايَعت فلَانا.
فوَاللَّه مَا كَانَت بيعَة أبي بكر إِلَّا فلتة فتمت، فَغَضب عمر، ثمَّ قَالَ: إِنِّي إِن شَاءَ الله لقائم العشية فِي النَّاس فمحذرهم هَؤُلَاءِ الَّذين يُرِيدُونَ أَن يغصبوهم أُمُورهم، قَالَ عبد الرَّحْمَن: فَقلت: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ: لَا تفعل فَإِن الْمَوْسِم يجمع رعاع النَّاس وغوغاءهم، إِلَى أَن قَالَ: فامهل حَتَّى تقدم الْمَدِينَة فَإِنَّهَا دَار الْهِجْرَة وَالسّنة، فتخلص بِأَهْل الفقة وأشراف النَّاس فَتَقول مَا قلت مُتَمَكنًا، فيعي أهل الْعلم مَقَالَتك ويضعونها على موَاضعهَا.
فَقَالَ عمر: أما وَالله إِن شَاءَ الله لأقومن بذلك أول مقَام أقومه بِالْمَدِينَةِ ... الحَدِيث بِطُولِهِ، فَإِن لم يقف النَّاظر فِيهِ لم يحصل لَهُ تمكن فِي فهم حَدِيث الْبابُُ لِأَنَّهُ مُخْتَصر، والمطول شرح لَهُ، فَلذَلِك ذكرنَا مِنْهُ قدر الِاحْتِيَاج هَهُنَا، وَسَيَجِيءُ مزِيد الْكَلَام فِي الْمُحَاربين إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
قَوْله: ( إِن الْمَوْسِم) أَي: موسم الْحَج، وَهُوَ مُجْتَمع النَّاس، وسمى بِهِ لِأَنَّهُ معلم لجَمِيع النَّاس.
قَوْله: ( رعاع النَّاس) بِفَتْح الرَّاء وَتَخْفِيف الْعين الْمُهْملَة الأولى: الأسقاط والسفلة وغوغاؤهم، أصل الغوغاء الْجَرَاد حَتَّى يخف للطيران، ثمَّ استعير للسفلة من النَّاس المسرعين إِلَى الشَّرّ، وَيجوز أَن يكون من الغوغاء: الصَّوْت والجلبة الْكَثِيرَة لِكَثْرَة لغلطهم وصياحهم.
قَوْله: ( وَالسّنة) ويروى: والسلامة عَن الْكشميهني.
قَوْله: ( وتخلص) أَي: تصل.
قَوْله: ( أول مقَام) أَرَادَ بِهِ قِيَامه فِي الْمَدِينَة بالْكلَام وَالْحكم.





[ قــ :3746 ... غــ :399 ]
- حدَّثنا مُوسَى بنُ إسْمَاعِيلَ حدَّثنا إبْرَاهِيمُ الأنْصَارِي بنُ سَعْدٍ أخبرَنَا ابنُ شِهابٍ عنْ خَارِجَةَ بنِ زَيْدِ بنِ ثابِتٍ أنَّ أمَّ العَلاَءِ امْرَأةً مِنْ نِسَائِهِمْ بايَعَتِ النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخْبَرَتْهُ أنَّ عُثْمَانَ بنَ مَظْعُونٍ طارَ لَهُمْ فِي السُّكْنَى حِينَ اقْتَرَعَتِ الأنْصَارُ عَلَى سُكْنَى الْمُهَاجِرِينَ قالَتْ أُمُّ العَلاءِ فاشْتَكَى عُثْمَانُ عِنْدَنَا فَمَرَّضْتُهُ حتَّى تُوُفِّيَ وجَعَلْنَاهُ فِي أثْوَابِهِ فدَخَلَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقُلْتُ رَحْمَةُ الله علَيْكَ أبَا السَّائِبِ شَهَادَتي علَيْكَ لَقَدْ أكْرَمَكَ الله فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ومَا يُدْرِيكِ أنَّ الله أكْرَمَهُ قالَتْ.

قُلْتُ لاَ أدْرِي بأبِي أنْتَ وأُمِّي يَا رَسُولَ الله فَمَنْ قالَ أمَّا هُوَ فقَدْ جاءَهُ وَالله الْيَقِينُ وَالله إنِّي لأرْجُو لَهُ الخَيْرَ ومَا أدْرِي وَالله وأنَا رسُولُ الله مَا يُفْعَلُ بِي قالَتْ فَوَالله لاَ أُزَكِّي أحَدَاً بَعْدَهُ قالَتْ فأحْزَنَني ذَلِكَ فَنمت فأرِيتُ لِعُثْمَانَ بنِ مَظْعُونٍ عَيْنَاً تَجْرِي فَجِئْتُ رسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأخْبَرْتُهُ فقَالَ ذَلِكَ عَمَلُهُ.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: ( حِين اقترعت الْأَنْصَار على سُكْنى الْمُهَاجِرين) وَإِبْرَاهِيم بن سعد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن ابْن عَوْف، وَأم الْعَلَاء.
قَالَ التِّرْمِذِيّ: هِيَ وَالِدَة خَارِجَة بن زيد بن ثَابت الرَّاوِي عَنْهَا، وَأم الْعَلَاء هِيَ بنت الْحَارِث بن ثَابت بن خَارِجَة الْأَنْصَارِيَّة الخزرجية، وَاسْمهَا كنيتها.
والْحَدِيث مر فِي كتاب الْجَنَائِز فِي: بابُُ الدُّخُول على الْمَيِّت، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ: عَن يحيى ن بكير عَن اللَّيْث عَن عقيل عَن ابْن شهَاب ... إِلَى آخِره.
قَوْله: ( من نِسَائِهِم) ، أَي: من نسَاء الْأَنْصَار.
قَوْله: ( حَتَّى اقترعت) ، وَوَقع أَيْضا: قرعت، وَالْأول هُوَ الْمَعْرُوف.
قَوْله: ( طَار لَهُم) أَي: خرج لَهُم فِي الْقرعَة.
قَوْله: ( أَبَا السَّائِب) هُوَ كنية عُثْمَان بن مَظْعُون، بالظاء الْمُعْجَمَة.





[ قــ :3747 ... غــ :3930 ]
- ( حَدثنَا عبيد الله بن سعيد حَدثنَا أَبُو أُسَامَة عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت كَانَ يَوْم بُعَاث يَوْمًا قدمه الله عز وَجل لرَسُوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقدم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمَدِينَة وَقد افترق ملوهم وَقتلت سرواتهم فِي دُخُولهمْ فِي الْإِسْلَام) مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله فَقدم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَعبيد الله بن سعيد بن يحيى أَبُو قدامَة الْيَشْكُرِي السَّرخسِيّ وَهُوَ من مَشَايِخ مُسلم أَيْضا وَأَبُو أُسَامَة حَمَّاد بن أُسَامَة وَهِشَام يروي عَن أَبِيه عُرْوَة بن الزبير عَن أم الْمُؤمنِينَ عَائِشَة والْحَدِيث فِي بابُُ مَنَاقِب الْأَنْصَار فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عبيد بن إِسْمَاعِيل عَن أبي أُسَامَة إِلَى آخِره قَوْله " يَوْم بُعَاث " بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَتَخْفِيف الْعين الْمُهْملَة وَفِي آخِره ثاء مُثَلّثَة وَهُوَ يَوْم جرى بَين الْأَوْس والخزرج فِيهِ قتال قَوْله " وَقد افترق " الْوَاو فِيهِ للْحَال قَوْله " ماؤهم " أَي أَشْرَافهم قَوْله " وسرواتهم " أَي ساداتهم وَهُوَ جمع سراة وَيجمع السرى يَعْنِي النفيس على سراة أَيْضا على غير قِيَاس قَوْله فِي دُخُولهمْ يتَعَلَّق بقوله قدمه الله تَعَالَى يَعْنِي لَو كَانَ صَنَادِيدهمْ أَحيَاء لما انقادوا لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حبا للرياسة



[ قــ :3748 ... غــ :3931 ]
- ( حَدثنِي مُحَمَّد بن الْمثنى حَدثنَا غنْدر حَدثنَا شُعْبَة عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة أَن أَبَا بكر دخل عَلَيْهَا وَالنَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عِنْدهَا يَوْم فطر أَو أضحى وَعِنْدهَا قينتان تُغنيَانِ بِمَا تقاذفت الْأَنْصَار يَوْم بُعَاث فَقَالَ أَبُو بكر مزمار الشَّيْطَان مرَّتَيْنِ فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - دعهما يَا أَبَا بكر إِن لكل قوم عيدا وَإِن عيدنا هَذَا الْيَوْم) مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ أَنه مُطَابق للْحَدِيث السَّابِق فِي ذكر يَوْم بُعَاث والمطابق للمطابق للشَّيْء مُطَابق لذَلِك الشَّيْء وَلم أر أحدا من الشُّرَّاح ذكر لَهُ مُطَابقَة وَالَّذِي ذكرته من الْفَيْض الالهي وَرِجَاله قد ذكرُوا غير مرّة وغندر مُحَمَّد بن جَعْفَر وَهِشَام يروي عَن أَبِيه عُرْوَة بن الزبير بن الْعَوام رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ والْحَدِيث قد مر بأتم مِنْهُ فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ فِي بابُُ إِذا فَاتَتْهُ صَلَاة الْعِيد يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ عَن يحيى بن بكير عَن اللَّيْث عَن عقيل عَن ابْن شهَاب إِلَى آخِره وَقد مر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ قَوْله وَالنَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْوَاو فِيهِ للْحَال قَوْله " أَو أضحى " شكّ من الرَّاوِي أَي أَو يَوْم أضحى قَوْله " قينتان " تَثْنِيَة قينة بِفَتْح الْقَاف وَهِي الْمُغنيَة قَوْله " بِمَا تقاذفت " بِالْقَافِ والذال الْمُعْجَمَة أَي بِمَا ترامت بِهِ الْأَنْصَار فِي ذَلِك الْيَوْم ويروى بِمَا تعازفت بِالْعينِ الْمُهْملَة وَالزَّاي قَالَ الْخطابِيّ يحْتَمل أَن يكون من عزف اللَّهْو وَضرب المعازف على تِلْكَ الْأَشْعَار المحرضة لِلْقِتَالِ وَأَن يكون من العزف وَهُوَ أصوات الوغى كعزيف الرِّيَاح وَهُوَ مَا يسمع من دويها وَالْمَعَازِف الملاهي والعازف اللاعب بهَا وَفِي بعض النّسخ وَعِنْدهَا قينتان بِمَا تقاذفت الْأَنْصَار بِدُونِ لفظ تُغنيَانِ فَلذَلِك قَالَ الْخطابِيّ يُرِيد بالقينتين جارتين لَا مغنيتين وَأَرَادَ بِهَذَا تَنْزِيه بَيت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من أَن يكون فِيهِ غناء من مغنيتين مشهورتين ( قلت) فعلى هَذَا الابدان بِقدر مُتَعَلق مُنَاسِب لقَوْله بِمَا وَهُوَ أَن يُقَال قينتان تنشدان بِمَا تقاذفت الْأَنْصَار فَافْهَم -



[ قــ :3749 ... غــ :393 ]
- حدَّثنا مُسَدَّدٌ حدَّثنا عَبْدُ الوَارِثِ ح وحدَّثنا إسْحَاقُ بنُ مَنْصُورٍ أخْبرنَا عبْدُ الصَّمَدِ قَالَ سَمِعْتُ أبِي يُحَدِّثُ حدَّثنا أبُو التَّيَّاحَ يَزِيدُ بنُ حُمَيْدٍ الضُّبَعِيُّ قَالَ حدَّثني أنَسُ بنُ مالِكٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ لَمَّا قدِمَ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم المَدِينَةَ نَزَلَ فِي عُلْوِ المَدِينَةِ فِي حَيٍّ يُقالُ لَهُمْ بَنُو عَمْرِو بنِ عَوْفٍ قَالَ فأقَامَ فِيهِمْ أرْبَعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً ثُمَّ أرْسَلَ إِلَى مَلاءِ بَنِي النَّجَّارِ قَالَ فَجاؤُا مُتَقَلِّدِي سُيُوفِهِمْ قَالَ وكأنِّي أنْظُرُ إِلَى رسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم علَى رَاحِلَتِهِ وأبُو بَكْرٍ رِدْفَهُ ومَلإ بَنِي النَّجَّار حَوْلَهُ حَتَّى ألْقَى بِفَنَاءِ أبِي أيُّوبَ قَالَ فَكانَ يُصَلِّي حَيْثُ أدْرَكَتْهُ الصَّلاَةُ ويُصَلِّي فِي مَرَابِضِ الغَنَمِ قَالَ ثُمَّ إنَّهُ أمَرَ بِبِناءِ الْمَسْجِدِ فأرْسَلَ إلَى مَلأ بَنِي النَّجَّارِ فَجاؤا فقَال يَا بَنِي النَّجَّارِ ثامِنُونِي حائِطَكُمْ هاذَا فقَالُوا لَا وَالله لَا نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إلاَّ الله تَعَالَى قَالَ فكانَ فِيهِ مَا أقُولُ لَكُمْ كانَتْ فِيهِ قُبُورُ المُشْرِكِينَ وكانَتْ فِيهِ خِرَبٌ وكانَ فِيهِ نَخْل فأمَرَ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِقُبُورِ المُشْرِكِينَ فَنُبِشَتْ وبالخِرَبِ فَسُوِّيَتْ وبالنَّخْلِ فقُطِعَ قَالَ فَصَفُّوا النَّخْلَ قِبْلَةَ المَسْجِدِ قَالَ وجعَلُوا عِضَادَتَيْهِ حِجَارَةً قَالَ جَعَلُوا يَنْقُلُونَ ذَاكَ الصَّخْرَ وهُمْ يَرْتَجِزُونَ ورسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم معَهُمْ يَقُولُونَ:
( أللَّهُمَّ إِنَّه لاَ خَيْرَ إلاَّ خَيْرُ الآخِرَهْفانْصُرِ الأنْصَارَ والمُهَاجِرَهْ)
.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَعبد الْوَارِث هُوَ ابْن عبد الصَّمد.
والْحَدِيث مر فِي كتاب الصَّلَاة فِي: بابُُ هَل تنبش قُبُور مُشْركي الْجَاهِلِيَّة، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن مُسَدّد عَن عبد الْوَارِث عَن أبي التياح عَن أنس ... إِلَى آخِره، وَتقدم الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ، وَأَبُو التياح، بِفَتْح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف.

قَوْله: ( علو الْمَدِينَة) ، بِضَم الْعين وَسُكُون اللَّام، وكل مَا كَانَ فِي جِهَة نجد يُسمى: الْعَالِيَة، وَمَا كَانَ فِي جِهَة تهَامَة يُسمى: السافلة، وقباء من عوالي الْمَدِينَة، وَأخذ من نزُول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فِي علو الْمَدِينَة التفاؤل لَهُ ولدينه بالعلو.
قَوْله: ( يُقَال لَهُم: بَنو عَمْرو بن عَوْف) ، وَهُوَ ابْن مَالك ابْن الْأَوْس بن حَارِثَة.
قَوْله: ( إِلَى مَلأ بني النجار) أَي: جَمَاعَتهمْ.
قَوْله: ( حَتَّى ألْقى بِفنَاء أبي أَيُّوب) ، معنى ألْقى: نزل، أَو ألْقى رَحْله، وفناء الدَّار بِكَسْر الْفَاء مَا امْتَدَّ من جوانبها، وَاسم أبي أَيُّوب: خَالِد بن زيد بن كُلَيْب الْأنْصَارِيّ من بني مَالك ابْن النجار.
قَوْله: ( ثامنوني) أَي: عينوا لي ثمنه، أَو: ساوموني بِثمنِهِ، يُقَال: ثامنت الرجل فِي كَذَا أَي: ساومته.
قَوْله: ( حائطكم) أَي: بستانكم.
( قَالَ: فَكَانَ فِيهِ) أَي: قَالَ أنس: فَكَانَ فِي حائطكم.
قَوْله: ( خرب) بِكَسْر الْخَاء الْمُعْجَمَة وَفتح الرَّاء، ويروى: خرب، بِفَتْح الْخَاء وَكسر الرَّاء،.

     وَقَالَ  الْخطابِيّ: أَكثر الرِّوَايَة بِالْفَتْح ثمَّ بِالْكَسْرِ، قَالَ: وَيحْتَمل الخرب بِالضَّمِّ ثمَّ السّكُون، قَالَ: وَهِي الخروق المستديرة فِي الأَرْض، وَيحْتَمل: الجرف، بِكَسْر الْجِيم وَفتح الرَّاء وبالفاء، وَهُوَ مَا تجرفه السُّيُول وتأكله من الأَرْض، وَيحْتَمل: الحدب، بِفَتْح الْحَاء وَالدَّال الْمُهْمَلَتَيْنِ، وَهُوَ الْمُرْتَفع من الأَرْض، وَهَذِه احتمالات لَا يلْتَفت إِلَيْهَا مَعَ وجود الرِّوَايَة الْمَشْهُورَة الصَّحِيحَة.
قَوْله: ( عضادتيه) تَثْنِيَة عضادة، وَهِي: مَا حول الْبابُُ.