فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب قتل أبي جهل

( بابُُ قَتْلِ أبِي جَهْلٍ) أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان قتل أبي جهل، أَي: فِي كَيْفيَّة قَتله، وَهَذِه التَّرْجَمَة ثبتَتْ لغير أبي ذَر، قيل: سُقُوطهَا أوجه لِأَن فِيهِ هَلَاك غير أبي جهل أَيْضا.
قلت: وَفِي بعض النّسخ أَيْضا: بابُُ قتل أبي جهل وَغَيره، فعلى هَذَا ثُبُوتهَا أوجه.



[ قــ :3776 ... غــ :3961 ]
- حدَّثنا ابنُ نُمَيْرٍ حَدثنَا أَبُو أُسامَةَ حدَّثنا إسْمَاعِيلُ أخْبرَنا قَيْسٌ عنْ عَبْدِ الله رَضِي الله تَعَالَى عنهُ أنَّهُ أتَى أبَا جَهْلٍ وبِهِ رَمَقٌ يَوْمَ بَدْر فَقَالَ أبُو جَهْلٍ هَلْ أَعْمِدُ مِنْ رَجُلٍ قَتَلْتُمُوهُ.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَابْن نمير هُوَ مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير، وَقد مر غير مرّة، وَأَبُو أُسَامَة حَمَّاد بن أُسَامَة، وَإِسْمَاعِيل هُوَ ابْن أبي خَالِد الأحمسي البَجلِيّ والْحَدِيث من أَفْرَاده.

قَوْله: ( رَمق) وَهُوَ بَقِيَّة الرّوح يتَرَدَّد فِي الْحلق.
قَوْله: ( هَل أعمد من رجل؟) أَي: هَل أعجب من رجل قَتله قومه؟ يَعْنِي: لَيْسَ قتلكم لي إلاَّ قتل رجل قَتله قومه، لَا يزِيد على ذَلِك وَلَا هُوَ فَخر لكم وَلَا عَار عَليّ، يُقَال: أَنا أعمد من كَذَا، أَي: أعجب مِنْهُ، وَقيل: أعمد، بِمَعْنى: أغضب، من قَوْلهم: عمد عَلَيْهِ إِذا غضب، وَالْحَاصِل أَنه يهون على نَفسه مَا حل بِهِ من الْهَلَاك وَأَنه لَيْسَ بِعَارٍ عَلَيْهِ أَن يقْتله قومه،.

     وَقَالَ  السُّهيْلي: هُوَ عِنْدِي من قَوْلهم: عمد الْبَعِير يعمد، إِذا انفضح سنامه فَهَلَك، أَي: أهلك من رجل قَتله قومه.
.

     وَقَالَ  أَبُو عبيد: مَعْنَاهُ: هَل زَاد على سَيّده قَتله قومه؟ وَعَن عُبَيْدَة: أَي هَل كَانَ ذَلِك إلاَّ هَذَا؟ يَقُول: إِن هَذَا لَيْسَ بِعَارٍ عَليّ وَفِي ( تَهْذِيب) الْأَزْهَرِي: قَالَ شمر: هَذَا اسْتِفْهَام أَي: أعجب من رجل قَتله قومه، وَقد ذكرنَا هَذَا.





[ قــ :3777 ... غــ :396 ]
- حدَّثنا أحْمَدُ بنُ يُونُسَ حدَّثنا زُهَيْرٌ حدَّثنا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ أنَّ أنَسَاً حدَّثَهُمْ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ح وحدَّثني عَمْرُو بنُ خالِدٍ حدَّثنا زُهَيْرٌ عنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ عنْ أنَسٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ قَالَ النَّبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم منْ يَنْظُرُ مَا صنعَ أبُو جَهْلٍ فانْطَلَقَ ابنُ مَسْعُودٍ فوَجَدَهُ قَدْ ضرَبَهُ ابْنا عَفْرَاءَ حتَّى برَدَ قَالَ أأنتَ أبُو جَهْلٍ قَالَ فأخَذَ بِلِحْيَتِهِ قَالَ وهَلْ فَوْقَ رَجُلٍ قتَلْتُمُوهُ أوْ رَجُلٍ قتَلَهُ قَوْمُهُ قَالَ أحْمَدُ بنُ يُونُسَ أنْتَ أبُو جَهْلٍ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَأخرجه من طَرِيقين: أَحدهمَا عَن أَحْمد بن يُونُس هُوَ أَحْمد بن عبد الله بن يُونُس الْيَرْبُوعي الْكُوفِي عَن زُهَيْر بن مُعَاوِيَة الْجعْفِيّ الْكُوفِي عَن سُلَيْمَان بن طرخان التَّيْمِيّ الْبَصْرِيّ عَن أنس.
وَأخرجه مُسلم فِي الْمَغَازِي أَيْضا عَن عَليّ بن حجر وَعَن حَامِد بن عمر.
وَالْآخر: عَن عَمْرو بن خَالِد الْجَزرِي، سكن مصر عَن زُهَيْر ... إِلَى آخِره،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: الحَدِيث من مَرَاسِيل الصَّحَابَة، لِأَن الْأَصَح أَن أنسا لَمُ يشْهد بَدْرًا، قلت: قد ذكرنَا عَن قريب عَن أبي دَاوُد أَنه روى بِإِسْنَاد صَحِيح عَن أنس أَنه قَالَ: كنت أمنح المَاء لِأَصْحَابِي يَوْم بدر.

قَوْله: ( ابْنا عفراء) ، يَعْنِي: معَاذًا ومعوذاً، وَفِي ( صَحِيح مُسلم) : أَن للَّذين قتلاه: معَاذ بن عَمْرو بن الجموح ومعاذ بن عفراء، وَهُوَ ابْن الْحَارِث بن رِفَاعَة بن سَواد، وعفراء أمه، وَهِي ابْنة عبيد بن ثَعْلَبَة النجارية، وَكَذَلِكَ تقدم فِي كتاب الْجِهَاد فِي: بابُُ من لم يُخَمّس الأسلاب أَن معَاذ بن عَمْرو هُوَ الَّذِي قطع رجل أبي جهل وصرعه ثمَّ ضربه معوذ بن عفراء حَتَّى أثْبته ثمَّ تَركه وَبِه رَمق فدفق عَلَيْهِ عبد الله بن مَسْعُود واحتز رَأسه.
فَإِن قلت: مَا وَجه الْجمع بَين هَذِه الْأَقَاوِيل؟ قلت: لَعَلَّ الْقَتْل كَانَ بِفعل الْكل فأسند كل راوٍ إِلَى مَا رَآهُ من الضَّرْب أَو من زِيَادَة الْأَثر على حسب اعْتِقَاده.
قَوْله: ( حَتَّى برد) ، بِفتْحَتَيْنِ أَي: حَتَّى مَاتَ.
قَوْله: ( قَالَ) ، أَي: ابْن مَسْعُود: أَنْت أَبُو جهل؟ هَذَا على أصل رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي وَحده، وَفِي رِوَايَة الْأَكْثَرين: أَنْت أَبَا جهل، بِالنّصب على النداء أَي: أَنْت مصروع يَا أَبَا جهل، أَو هُوَ على مَذْهَب من يَقُول: وَلَو ضربه يَا أَبَا قبيس، أَو تَقْدِيره: أَنْت تكون أَبَا جهل؟ وخاطبه بذلك مقرعاً لَهُ ومتشفياً مِنْهُ، لِأَنَّهُ كَانَ يُؤْذِيه بِمَكَّة أَشد الْأَذَى، وَعند أبي إِسْحَاق وَالْحَاكِم من حَدِيث ابْن عَبَّاس، قَالَ ابْن مَسْعُود: فَوَجَدته بآخر رَمق فَوضعت رجْلي على عُنُقه، فَقلت: أخزاك الله يَا عَدو الله، قَالَ: وَبِمَا أخزاني؟ هَل أعمد من رجل قَتَلْتُمُوهُ؟.

     وَقَالَ  عِيَاض: إِن ابْن مَسْعُود إِنَّمَا وضع رجله على عنق أبي جهل ليصدق رُؤْيَاهُ، فَإِنَّهُ رأى ذَلِك فِي الْمَنَام، قَالَ: وَزعم رجال من بني مَخْزُوم أَنه قَالَ: لقد أرتقيت يَا رويعي الْغنم مرتقى صعباً، قَالَ: ثمَّ احتززت رَأسه فَجئْت بِهِ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقلت: هَذَا رَأس عَدو الله أبي جهل، فَقَالَ: وَالله الَّذِي لَا إل هـ إلاَّ هُوَ، فَحلف لَهُ، وَيُقَال: مر ابْن مَسْعُود على أبي جهل فَقَالَ: الْحَمد لله الَّذِي أخزاك وأعز الْإِسْلَام، فَقَالَ أَبُو جهل: أتشتمني يَا رويع هُذَيْل؟ فَقَالَ: نعم وَالله وأقتلك، فَحَذفهُ أَبُو جهل بِسَيْفِهِ،.

     وَقَالَ : دُونك هَذَا إِذا، فَأَخذه عبد الله فَضَربهُ حَتَّى قَتله، وَجَاء بِهِ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم،.

     وَقَالَ : يَا رَسُول الله! قتلت أَبَا جهل، فَقَالَ: الله الَّذِي لَا إل هـ إلاَّ هُوَ، فَحلف لَهُ، فَأَخذه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بِيَدِهِ ثمَّ انْطلق مَعَه حَتَّى أرَاهُ إِيَّاه، فَقَامَ عِنْده،.

     وَقَالَ : الْحَمد لله الَّذِي أعز الْإِسْلَام وَأَهله، ثَلَاث مَرَّات، وَعَن أبي إِسْحَاق: لما جَاءَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم البشير بقتل أبي جهل استحلفه ثَلَاثَة أَيْمَان بِاللَّه الَّذِي لَا إل هـ إلاَّ هُوَ لقد رَأَيْته قَتِيلا، فَحلف لَهُ، فَخر صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَاجِدا.
قَوْله: ( وَهل فَوق رجل قَتَلْتُمُوهُ؟) ، قَالَ النَّوَوِيّ: أَي: لَا عَار فِي قتلكم إيَّايَ.
قَوْله: ( أَو رجل قَتله قومه) ، شكّ من الرَّاوِي، وَهُوَ سُلَيْمَان التَّيْمِيّ بيَّنه ابْن علية عَنهُ،.

     وَقَالَ  التَّيْمِيّ أَيْضا: قَالَ أَبُو مجلز: قَالَ أَبُو جهل: فَلَو غير أكَّار قتلني؟ وَهَذَا فِي مُسلم، وَهُوَ مُرْسل، وَأَبُو مجلز بِكَسْر الْمِيم وَسُكُون الْجِيم وَفتح اللَّام وَفِي آخِره زَاي، واسْمه لَاحق بن حميد السدُوسِي الْبَصْرِيّ التَّابِعِيّ الْمَشْهُور، وروى عَنهُ سُلَيْمَان التَّيْمِيّ وَغَيره، والأكَّار، بِفَتْح الْهمزَة وَتَشْديد الْكَاف وَفِي آخِره رَاء، وَهُوَ الزراع، وَأَرَادَ بذلك ابْني عفراء لِأَنَّهُمَا من الْأَنْصَار وهم أَصْحَاب زرع ونخل، وَأَشَارَ بذلك إِلَى تنقيصهم.

قَوْله: ( أَحْمد بن يُونُس) وَهُوَ شَيْخه فِي الطَّرِيق الأول للْحَدِيث الْمَذْكُور، أَي: قَالَ أَحْمد فِي رِوَايَته: قَالَ ابْن مَسْعُود: أَنْت أَبُو جهل؟ على الأَصْل، وَعَامة الروَاة على قَوْله: أَنْت أَبُو جهل، وَقد ذكرنَا وَجهه.





[ قــ :3778 ... غــ :3963 ]
- حدَّثني مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى حدَّثنا ابنُ أبِي عَدِيٍ عنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ عنْ أنَسٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمَ بَدْرٍ مَنْ يَنْظُرُ مَا فَعَلَ أبُو جَهْلٍ فانْطَلَقَ ابنُ مَسْعُودٍ فوَجدَهُ قَدْ ضَرَبَهُ ابْنَا عَفْرَاءَ حتَّى برَدَ فأخَذَ بِلِحْيَتِهِ فَقَالَ أنْتَ أبَا جَهْلٍ قَالَ وهَلْ فَوْقَ رَجُلٍ قَتَلَهُ قَوْمُهُ أوْ قَالَ قَتَلْتُمُوهُ.
( انْظُر الحَدِيث 396 وطرفه) .


هَذَا طَرِيق آخر فِي حَدِيث أنس أخرجه عَن مُحَمَّد بن الْمثنى عَن ابْن أبي عدي، بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَكسر الدَّال وَتَشْديد الْيَاء: واسْمه مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم أَبُو عَمْرو الْبَصْرِيّ، وَإِبْرَاهِيم هُوَ اسْم أبي عدي السّلمِيّ عَن سُلَيْمَان التَّيْمِيّ.
قَوْله: ( مَا فعل أَبُو جهل؟) وَفِي الحَدِيث السَّابِق: ( مَا صنع أَبُو جهل) .
و: فعل، من أَعم الْأَفْعَال بِخِلَاف صنع.
قَوْله: ( حَتَّى برد) ، قد ذكرنَا أَن مَعْنَاهُ: مَاتَ، وَفِي رِوَايَة لمُسلم: ( حَتَّى برك) ، يَعْنِي حَتَّى سقط على الأَرْض.
قَالَ القَاضِي: رِوَايَة الجمور: ( برد) ، يَعْنِي بِالدَّال، وَاخْتَارَ جمَاعَة محققون الْكَاف.

حدَّثني ابنُ المُثَنَّى أخْبَرَنَا مُعَاذُ بنُ مُعاذٍ حدَّثنا سُلَيْمَانُ أخبرَنَا أنَسُ بنُ مالِكٍ نَحْوَهُ
هَذَا طَرِيق آخر فِي حَدِيث أنس أخرجه عَن مُحَمَّد بن الْمثنى عَن معَاذ، بِضَم الْمِيم: ابْن معَاذ التَّيْمِيّ عَن أنس، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، زَاد هُنَا اسْم وَالِد أنس، كَمَا نرَاهُ.





[ قــ :3778 ... غــ :3964 ]
- ( حَدثنَا عَليّ بن عبد الله قَالَ كتبت عَن يُوسُف بن الْمَاجشون عَن صَالح بن إِبْرَاهِيم عَن أَبِيه عَن جده فِي بدر يَعْنِي حَدِيث ابْني عفراء) عَليّ بن عبد الله هُوَ ابْن الْمَدِينِيّ قَوْله " كتبت " كِنَايَة عَن سَمِعت لِأَن الْكِتَابَة لَازم السماع عَادَة وَقَول بَعضهم ظَاهره أَنه كتبه عَنهُ وَلم يسمعهُ مِنْهُ بعيد ظَاهرا ويوسف بن الْمَاجشون هُوَ يُوسُف بن يَعْقُوب بن عبد الله بن أبي سَلمَة واسْمه دِينَار والماجشون هُوَ لقب يَعْقُوب وَتَفْسِيره المورد وَقد ذكر فِيمَا مضى مستقصى وَإِبْرَاهِيم هُوَ ابْن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف يروي عَنهُ ابْنه صَالح وَصَالح يروي عَن أَبِيه إِبْرَاهِيم عَن جده عبد الرَّحْمَن وَالضَّمِير فِي جده يرجع إِلَى صَالح والْحَدِيث مضى مطولا فِي كتاب الْخمس فِي بابُُ من لم يُخَمّس الأسلاب فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن مُسَدّد عَن يُوسُف بن الْمَاجشون إِلَى آخِره وَمر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ مستقصى قَوْله " فِي بدر " أَي فِي قصَّة غَزْوَة بدر قَوْله " يَعْنِي حَدِيث ابْني عفراء " أَرَادَ بِهِ الحَدِيث الَّذِي مضى فِي الْخمس



[ قــ :3779 ... غــ :3965 ]
- ( حَدثنِي مُحَمَّد بن عبد الله الرقاشِي حَدثنَا مُعْتَمر قَالَ سَمِعت أبي يَقُول حَدثنَا أَبُو مجلز عَن قيس بن عباد عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ أَنا أول من يجثو بَين يَدي الرَّحْمَن للخصومة يَوْم الْقِيَامَة.

     وَقَالَ  قيس بن عباد وَفِيهِمْ أنزلت هَذَانِ خصمان اخْتَصَمُوا فِي رَبهم قَالَ هم الَّذين تبارزوا يَوْم بدر حَمْزَة وَعلي وَعبيدَة أَو أَبُو عُبَيْدَة بن الْحَارِث وَشَيْبَة بن ربيعَة وَعتبَة بن ربيعَة والوليد بن عتبَة)
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَمُحَمّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الْملك بن مُسلم الرقاشِي وَالِد أبي قلَابَة عبد الْملك بن مُحَمَّد الْبَصْرِيّ وَهُوَ شيخ مُسلم أَيْضا وَالرَّقَاشِيُّ بِفَتْح الرَّاء وَالْقَاف المخففة وبالشين الْمُعْجَمَة فِي ربيعَة بن نزار نِسْبَة إِلَى رقاش بنت ضبيعة بن قيس بن ثَعْلَبَة ومعتمر هُوَ ابْن سُلَيْمَان يروي عَن أَبِيه سُلَيْمَان بن طرخان التَّيْمِيّ الْبَصْرِيّ وَأَبُو مجلز ضبطناه عَن قريب فِي هَذَا الْبابُُ وَقيس بن عباد بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْبَاء الْمُوَحدَة الضبعِي الْبَصْرِيّ وَلَيْسَ لَهُ فِي البُخَارِيّ سوى هَذَا الحَدِيث وَحَدِيث آخر تقدم فِي مَنَاقِب عبد الله بن مُسلم وَفِيه ثَلَاثَة من التَّابِعين يروي بَعضهم عَن بعض وهم سُلَيْمَان بن طرخان وَأَبُو مجلز وَقيس بن عباد والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي التَّفْسِير عَن حجاج بن منهال وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي السّير عَن هِلَال بن بشر الْبَصْرِيّ قَوْله " أَنا أول من يجثو " أَرَادَ بالأولية تَقْيِيده بالمجاهدين من هَذِه الْأمة لِأَن المبارزة الْمَذْكُورَة أول مبارزة وَقعت فِي الْإِسْلَام ويجثو بِالْجِيم والثاء الْمُثَلَّثَة من جثا يجثو أَي يقْعد على رُكْبَتَيْهِ مخاصما قَوْله ".

     وَقَالَ  قيس بن عباد " مَوْصُول بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور قَوْله " فيهم أنزلت " أَي فِي عَليّ وَحَمْزَة وَعبيدَة بن الْحَرْث وروى قيس بن عباد على مَا يَجِيء الْآن أَن أَبَا ذَر الْغِفَارِيّ كَانَ يقسم بِاللَّه سُبْحَانَهُ أنزلت هَذِه الْآيَة يَعْنِي قَوْله { هَذَانِ خصمان اخْتَصَمُوا} فِي سِتَّة نفر من قُرَيْش تبارزوا يَوْم بدر حَمْزَة بن عبد الْمطلب وَعلي بن أبي طَالب وَعبيدَة بن الْحَارِث رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم وَعتبَة وَشَيْبَة ابْني ربيعَة والوليد بن عتبَة قَوْله " هَذَا خصمان " الْخصم صفة يُوصف بهَا الفوج أَو الْفَرِيق كَأَنَّهُ قيل هَذَانِ فوجان أَو فريقان يختصمان وَهَذَانِ بِالنّظرِ إِلَى اللَّفْظ واختصموا بِالنّظرِ إِلَى الْمَعْنى.

     وَقَالَ  الله تَعَالَى فِي حق أحد الْفَرِيقَيْنِ الَّذين كفرُوا وهم عتبَة وَشَيْبَة والوليد { فَالَّذِينَ كفرُوا قطعت لَهُم ثِيَاب من نَار} الْآيَة قَوْله " هم الَّذين تبارزوا " من التبارز وَهُوَ الْخُرُوج من الصَّفّ على الِانْفِرَاد لِلْقِتَالِ قَوْله " حَمْزَة " بِالرَّفْع مَعَ مَا عطف عَلَيْهِ عطف بَيَان لقَوْله هم الَّذين تبارزوا وَيجوز أَن يكون خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف تَقْدِيره أحدهم حَمْزَة وَالثَّانِي عَليّ إِلَى آخِره بِهَذَا التَّقْدِير وَلم يَقع فِي هَذِه الرِّوَايَة تَفْصِيل المبارزين وَذكر ابْن إِسْحَاق أَن عُبَيْدَة بن الْحَارِث وَعتبَة بن ربيعَة كَانَا أسن الْقَوْم فبرز عُبَيْدَة لعتبة وَحَمْزَة لشيبة وَعلي للوليد وَفِي رِوَايَة مُوسَى بن عقبَة برز حَمْزَة لعتبة وَعبيدَة لشيبة وَعلي للوليد ثمَّ اتفقَا فَقتل عَليّ الْوَلِيد وَقتل حَمْزَة الَّذِي بارزه وَاخْتلف عُبَيْدَة وَمن بارزه بضربتين فَوَقَعت الضَّرْبَة فِي ركبة عُبَيْدَة فَمَاتَ مِنْهَا لما رجعُوا بالصفراء وَمَال حَمْزَة وَعلي إِلَى الَّذِي بارز عُبَيْدَة فأعاناه على قَتله وَعبيدَة مصغر عَبدة ابْن الْحَارِث بن عبد الْمطلب بن عبد منَاف الْقرشِي كَانَ أسن من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِعشر سِنِين أسلم قبل دُخُوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - دَار الأرقم وَكَانَ عمره يَوْم مَاتَ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ سنة -



[ قــ :3780 ... غــ :3966 ]
- حدَّثنا قَبِيصَةُ حدَّثنا سُفْيَانُ عنْ أبِي هاشِمٍ عنْ أبِي مَجْلَزٍ عنْ قَيْسِ بنِ عُبادٍ عنْ أبِي ذَرٍّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ نَزَلَتْ هاذانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فِي سِتَّةٍ مِنْ قُرَيْشٍ عَلِيٍّ وحَمْزَةَ وعُبَيْدَةَ ابنِ الحَارِثِ وشَيْبَةَ بنِ رَبِيعَةَ وعُتْبَةَ بنِ رَبِيعَةَ والْوَلِيدِ بنِ عُتْبَةَ.
.


قيس بن عباد الْمَذْكُور روى هَذَا الحَدِيث عَن عَليّ وَأبي ذَر كليهمَا، وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة، وَأَبُو هَاشم اسْمه يحيى بن دِينَار الرماني لنزوله قصر الرُّمَّان الوَاسِطِيّ.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا هُنَا عَن يحيى بن جَعْفَر وَعَن يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم، وَفِي التَّفْسِير عَن حجاج بن منهال.
وَأخرجه مُسلم فِي آخر كِتَابه: عَن عَمْرو بن زُرَارَة وَعَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَعَن ابْن الْمثنى.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي السّير وَفِي المناقب عَن مُحَمَّد بن منيع وَعَن سُلَيْمَان بن عبيد الله وَفِي التَّفْسِير عَن بنْدَار، وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الْجِهَاد عَن يحيى بن حَكِيم وَعَن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل.





[ قــ :3781 ... غــ :3967 ]
- حدَّثنا إسْحَاقُ بنُ إبْرَاهِيمَ الصَّوَّافُ حدَّثنا يُوسُفُ بنُ يَعْقُوبَ كانَ يَنْزِلُ فِي بَنِي ضُبَيْعَةَ وهْوَ مَوْلًى لِ بَني سَدُوسَ حدَّثنا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ عنْ أبِي مجْلَزٍ عنْ قَيْسِ بنِ عُبَادٍ قَالَ قَالَ عَلِيٌّ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ فِينا نَزَلَتْ هاذِهِ الآيَةَ { هاذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} ( الْحَج: 19) .
( انْظُر الحَدِيث 3965 وطرفه) .


هَذَا طَرِيق آخر فِي حَدِيث عَليّ بن أبي طَالب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أخرجه عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم الصَّواف الْبَصْرِيّ وَهُوَ من أَفْرَاده عَن يُوسُف بن يَعْقُوب أَبُو يَعْقُوب السدُوسِي مَوْلَاهُم، وَيُقَال لَهُ: الضبعِي، لِأَنَّهُ كَانَ ينزل بني ضبيعة، بِضَم الضَّاد الْمُعْجَمَة وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالعين الْمُهْملَة، وَكَانَ بقفاه سلْعَة فَقيل لَهُ: السلعي وَهُوَ الْبَصْرِيّ، وَلَيْسَ لَهُ فِي البُخَارِيّ سوى هَذَا الحَدِيث.





[ قــ :378 ... غــ :3968 ]
- حدَّثنا يَحْيَى بنُ جَعْفَرٍ أخْبَرَنَا وكِيعٌ عنْ سُفْيَانَ عنْ أبِي هاشِمٍ عنْ أبي مِجْلَزٍ عنْ قَيْسِ ابنِ عُبَادٍ سَمِعْتُ أبَا ذَرٍّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ يُقْسِمُ لَنَزَلَتْ هاؤلاَءِ الآياتُ فِي هاؤلاَءِ الرهْطِ السِّتَّةِ يَوْمَ بَدْرٍ نَحْوَهُ.
.


هَذَا طَرِيق آخر فِي حَدِيث أبي ذَر أخرجه عَن يحيى بن جَعْفَر بن أعين أَبُو زَكَرِيَّا البُخَارِيّ البيكندي، وَهُوَ من أَفْرَاده، وسُفْيَان هُوَ الثَّوْريّ.
قَوْله: ( يقسم) بِضَم الْيَاء أَي: يحلف، وَاللَّام فِي: لنزلت، للتَّأْكِيد وَأَرَادَ بِالْآيَاتِ قَوْله تَعَالَى: { هَذَانِ خصمان اخْتَصَمُوا} ( الْحَج: 19) .
إِلَى تَمام ثَلَاث آيَات،.

     وَقَالَ  مُجَاهِد: سَأَلت ابْن عَبَّاس، فَقَالَ: سُورَة الْحَج نزلت بِمَكَّة سوى ثَلَاث آيَات مِنْهَا نزلت بِالْمَدِينَةِ فِي سِتَّة نفر من قُرَيْش ثَلَاثَة مُؤمنُونَ وَثَلَاثَة كافرون، فالمؤمنون: عَليّ وَحَمْزَة وَعبيدَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، وَذكر الْبَاقِي مثل مَا فِي الْكتاب، فَنزلت فيهم: { هَذَانِ خصمان} ( الْحَج: 19) .
إِلَى تَمام ثَلَاث آيَات.
قلت: ثَلَاثَة من الْمُسلمين من بني عبد منَاف، وَثَلَاثَة من الْمُشْركين من بني عبد شمس بن عبد منَاف.





[ قــ :3783 ... غــ :3969 ]
- حدَّثنا يَعْقُوبُ بنُ إبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ حدَّثنا هُشَيْمٌ أخْبرَنا أبُو هاشِمٍ عنْ أبِي مِجْلَزٍ عنْ قَيْسٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍ يُقْسِمُ قَسَمَاً إنَّ هاذِه الآيَةَ { هذاان خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} ( الْحَج: 19) .
نَزَلَتْ فِي الَّذِينَ بَرزُوا يَوْمَ بَدْرٍ حَمْزَةَ وعَلِيٍّ وعُبَيْدَةَ بنِ الحارِثِ وعُتْبَةَ وشَيْبَةَ ابْنَيْ رَبِيعَةَ والوَلِيدِ بنِ عُتْبَةَ.
( انْظُر الحَدِيث 3966 وطرفه) .


هَذَا طَرِيق آخر فِي حَدِيث أبي ذَر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أخرجه عَن يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم الدَّوْرَقِي عَن هشيم، بِضَم الْهَاء وَفتح الشين الْمُعْجَمَة ابْن بشير، بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَفتح الشين الْمُعْجَمَة: الوَاسِطِيّ عَن أبي هَاشم الرماني عَن أبي مجلز لَاحق عَن قيس بن عباد.
قَوْله: ( قسما) نصب على أَنه مفعول مُطلق.
قَوْله: ( فِي الَّذين) أَي: فِي الرَّهْط الَّذين.
قَوْله: ( حَمْزَة) بِفَتْح التَّاء فِي مَوضِع الْجَرّ لِأَنَّهُ غير منصرف، و: عَليّ، بِالْجَرِّ عطف عَلَيْهِ، و: عُبَيْدَة، أَيْضا بِالْفَتْح فِي مَوضِع الْجَرّ لِأَنَّهُ مَعْطُوف على الْمَجْرُور، وَكَذَلِكَ: عتبَة وَشَيْبَة قَوْله: ( والوليد) بِالْجَرِّ لكَونه مَعْطُوفًا على المجرورات.



[ قــ :3784 ... غــ :3970 ]
- حدَّثني أحْمَدُ بنُ سَعِيدٍ أبُو عَبْدِ الله حدَّثنا إسْحَاقُ بنُ مَنْصُورٍ حدَّثنا إبْرَاهِيمُ بنُ يُوسُفَ عنْ أبِيهِ عنْ أبِي إسْحَاقَ سألَ البَرَاءَ وأنَا أسْمَعُ قَالَ أشَهِدَ عَلِيٌّ بَدْرَاً قَالَ بارَزَ وظَاهَرَ

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَأحمد بن سعيد بن إِبْرَاهِيم أَبُو عبد الله الْمَعْرُوف بالرباطي، وَهُوَ شيخ مُسلم أَيْضا، وَإِسْحَاق بن مَنْصُور أَبُو عبد الله السَّلُولي الْكُوفِي، وَإِبْرَاهِيم بن يُوسُف بن إِسْحَاق بن أبي إِسْحَاق عَمْرو بن عبد الله السبيعِي، وَإِبْرَاهِيم يروي عَن أَبِيه يُوسُف ويوسف يروي عَن جده أبي إِسْحَاق، وَإِسْحَاق مَاتَ قبل أَبِيه.
والْحَدِيث من أَفْرَاده.

قَوْله: ( وَأَنا أسمع) أَي: وَالْحَال أَنا أسمع سُؤال السَّائِل الْمَذْكُور عَن الْبَراء.
قَوْله: ( قَالَ) أَي: السَّائِل الْمَذْكُور.
قَوْله: ( أشهد) الْهمزَة فِيهِ للاستفهام على سَبِيل الاستخبار، و: شهد، فعل ماضٍ بِمَعْنى: حضر، وَعلي بن أبي طَالب بِالرَّفْع فَاعله.
قَوْله: ( بَدْرًا) أَي: غَزْوَة بدر، قَالَ: أَي الْبَراء بارز من المبارزة، وَقد مر تَفْسِيرهَا عَن قريب.
قَوْله: ( وَظَاهر) بِلَفْظ الْمَاضِي أَيْضا، أَي: لبس درعاً على درع، ويروى: ظهر من الظُّهُور، وَفِي الْكَلَام حذف، تَقْدِيره: قَالَ: نعم شهد بَدْرًا وبارز وَظَاهر.