فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب قتل حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه

( بابُُ قَتْلِ حَمْزَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان قتل حَمْزَة عَم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفِي رِوَايَة أبي ذَر قتل حَمْزَة بِدُونِ لَفْظَة بابُُ وَفِي رِوَايَة النَّسَفِيّ قتل حَمْزَة سيد الشُّهَدَاء ووردت هَذِه اللَّفْظَة فِي حَدِيث مَرْفُوع أخرجه الطَّبَرَانِيّ من طَرِيق أصبغ بن بنانة عَن عَليّ قَالَ قَالَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سيد الشُّهَدَاء حَمْزَة بن عبد الْمطلب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.



[ قــ :3874 ... غــ :4072 ]
- حدَّثني أبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الله حدَّثنا حُجَيْنُ بنُ الْمُثَنَّى حدَّثنا عَبْدُ العَزِيزِ بنُ عَبْدِ الله بنِ أبِي سلَمَةَ عنْ عَبْدِ الله بنِ الْفَضْلِ عنْ سُلَيْمَانَ بنِ يَسارٍ عنْ جَعفَرِ بنِ عَمْرِو بنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ قَالَ خرَجْتُ مَعَ عُبَيْدِ الله بنِ عَدِيِّ بنِ الخِيارِ فلَمَّا قَدِمْنَا حِمْصَ قَالَ لِي عُبَيْدُ الله بنُ عَدِيٍّ هلْ لَكَ فِي وَحْشِيٍّ نَسْألُهُ عنْ قَتْلِ حَمْزَةَ.

قُلْتُ نَعَمْ وكانَ وَحْشِيٌّ يَسْكُنْ حِمْصَ فسَألْنَا عنْهُ فَقيلَ لَنَا هُوَ ذَاكَ فِي ظِلِّ قَصْرِهِ كأنَّهُ حَمِيتٌ قَالَ فَجِئْنَا حتَّى وقَفْنَا علَيْهِ بِيَسيرٍ فسَلَّمْنَا فَرَدَّ السَّلاَمَ قَالَ وَعُبَيْدُ الله مُعْتَجِرٌ بِعَمَامَتِهِ مَا يَرَى وَحْشِيٌّ إلاَّ عَيْنَيْهِ ورِجْلَيْهِ فَقَالَ عُبَيْدُ الله يَا وَحْشِيُّ أتَعْرِفُنِي قَالَ فنَظَرَ إلَيْهِ ثُمَّ قالَ لاَ وَالله إلاَّ أنِّي لاَ أعْلَمُ أنَّ عَدِيَّ بنَ الخِيَارِ تَزَوَّجَ امْرَأةً يُقَالُ لَهَا أُمُّ قِتَالٍ بِنْتُ أبي العِيصِ فوَلَدَتْ لَهُ غُلامَاً بِمَكَّةَ فَكُنْتُ أسْتَرْضِعُ لَهُ فَحَمَلْتُ ذَلِكَ الْغُلاَمَ مَعَ أُمِّهِ فَنَاوَلْتُهَا إيَّاهُ فَلَكأنِّي نَظَرْتُ إلَى قَدَمَيْكَ قَالَ فكَشَفَ عُبَيْدُ الله عنْ وَجْهِه ثُمَّ قَالَ ألاَ تُخْبِرَنا بِقَتْلِ حَمْزَةَ قَالَ نَعَمْ إنَّ حَمْزَةَ قتَلَ طُعَيْمَةَ بنَ عَدِيِّ بنِ الخِيَارِ بِبَدْرٍ فَقَالَ لي مَوْلاَيَ جُبَيْرُ بنُ مُطْعِمٍ إنْ قَتَلْتَ حَمْزَةَ بِعَمِّي فأنْتَ حُرٌّ قَالَ فلَمَّا أنْ خَرَجَ النَّاسُ عامَ عَيْنَيْنِ وعَيْنَيْنِ جَبَلٌ بِحِيال أُحُدٍ بَيْنَهُ وبَيْنَهُ وادٍ خَرَجْتُ مَعَ النَّاسِ إلَى القِتَالِ فلَمَّا أنْ اصْطَفُّوا لِلْقِتَالِ خرَجَ سِباغٌ فَقال هَلْ مِنْ مُبَارِزٍ قَالَ فخَرَجَ إلَيْهِ حَمْزَةُ بنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ فقالَ يَا سِباغُ يَا ابنَ أُمِّ أنْمَارٍ مُقَطِّعَةِ البُظُورِ أتُحَادُّ الله ورَسُولَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ثُمَّ شَدَّ علَيْهِ فَكانَ كأمْسِ الذَّاهبِ قَالَ وكَمَنْتُ لِحَمْزَةَ تَحْتَ صَخْرَةٍ فَلَمَّا دَنَا مِنِّي رَمَيْتُهُ بِحَرْبَتِي فأضَعُهَا فِي ثُنَّتِهِ حَتَّى خَرَجَتْ مِنْ بَيْنِ وِرْكَيْهِ قَالَ فَكانَ ذَاكَ العَهْدَ بِهِ فلَمَّا رَجَعَ النَّاسُ رَجَعْتُ مَعَهُمْ فأقَمْتُ بِمَكَّةَ حَتَّى فَشَا فِيهَا الإسْلاَمُ ثُمَّ خَرَجْتُ إلَى الطَّائِفِ فأرْسَلُوا إِلَى رَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَسُولاً فَقِيلَ لِي إنَّهُ لاَ يَهِيجُ رَسُولاً قَالَ فَخَرَجْتُ مَعَهُمْ حتَّى قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فلَمَّا رآنِي قَالَ أنْتَ وَحْشِي.

قُلْتُ نَعَمْ قَالَ أنْتَ قَتَلْتَ حَمْزَةَ.

قُلْتُ قَدْ كانَ مِنَ الأمْر مَا قَدْ بَلَغَكَ قَالَ فهَلْ تَسْتَطِيعُ أنْ تُغَيِّبَ وَجْهَكَ عَنِّي قَالَ فَخَرَجْتُ فلَمَّا قُبِضَ رسولُ الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَخَرَجَ مُسَيْلَمَةُ الكَذَّابُ.

قُلْتُ لأخْرُجَنَّ إلَى مُسَيْلَمَةَ لَعَلِّي أَقْتُلُهُ فأُكَافِيءَ بِهِ حَمْزَةَ قَالَ فَخَرَجْتُ مَعَ النَّاسِ فكانَ مِنْ أمْرِهِ مَا كانَ قَالَ فإذَا رَجُلٌ قائِمٌ فِي ثَلْمَةِ جِدَارٍ كأنَّهُ جَمَلٌ أوْرَقُ ثَائِرُ الرَّأسِ قَالَ فرَمَيْتُهُ بِحَرْبَتِي فأضَعُهَا بَيْنَ ثَدْيَيْهِ حتَّى خَرَجَتْ مِنْ بَيْنِ كَتِفَيْهِ قَالَ وَوثَبَ إلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الأنْصَارِي فضَرَبَهُ بالسَّيْفِ على هامَتِهِ قَالَ قَالَ عَبْدُ الله بنُ الفَضْلِ فأخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بنُ يَسارٍ أنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ الله بنَ عُمَرَ يَقُولُ فَقالَتْ جارِيَةٌ علَى ظَهْرِ بَيْتٍ وأمِيرَ المُؤْمِنِينَ قتَلَهُ العَبْدُ الأسْوَدُ.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَأَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن عبد الله بن الْمُبَارك المخرمي، بِضَم الْمِيم وَفتح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الرَّاء الْبَغْدَادِيّ، ونسبته إِلَى محلّة من محَال بَغْدَاد، وَهُوَ من أَفْرَاده، وروى عَنهُ هُنَا وَفِي الطَّلَاق، وحجين، بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة وَفتح الْجِيم وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره نون: ابْن الْمثنى، أَصله من الْيَمَامَة وَسكن بَغْدَاد وَولي قَضَاء خُرَاسَان وَلَيْسَ لَهُ عِنْد البُخَارِيّ إلاَّ هَذَا الْموضع، وَعبد الله بن الْفضل بن عَبَّاس بن ربيعَة بن الْحَارِث بن عبد الْمطلب الْهَاشِمِي الْمدنِي من صغَار التَّابِعين، وَسليمَان بن يسَار ضد الْيَمين أَخُو عَطاء التَّابِعِيّ، وجعفر بن عَمْرو بن أُميَّة الضمرِي، بِفَتْح الضَّاد الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْمِيم وبالراء: نِسْبَة إِلَى ضَمرَة بن بكر بن عبد منَاف بن كنَانَة، وَعَمْرو بن أُميَّة هُوَ الصَّحَابِيّ الْمَشْهُور، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَعبيد الله بن عدي، بِفَتْح الْمُهْملَة الأولى: ابْن الْخِيَار ضد الأشرار ابْن عدي بن نَوْفَل بن عبد منَاف، وَقد مضى ذكره فِي مَنَاقِب عُثْمَان، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: ( حمص) ، بِكَسْر الْحَاء وَسُكُون الْمِيم: مَدِينَة مَشْهُورَة قديمَة إِحْدَى قَوَاعِد الشَّام ذَات بساتين، مشربها من نهر العَاصِي، سميت بحمص بن الْمهْر بن ألحاف بن مكتف من العماليق، وَهِي بَين حماة ودمشق،.

     وَقَالَ  الْبكْرِيّ: لَا يجوز فِيهَا الصّرْف كَمَا يجوز فِي هِنْد لِأَنَّهُ اسْم أعجمي.
قلت: يجوز صرفهَا مثل: هود ونوح، لِأَن سُكُون وَسطهَا يُؤثر فِي منع إِحْدَى العلتين فَيبقى على عِلّة وَاحِدَة.
قَوْله: ( فِي وَحشِي) ، بِفَتْح الْوَاو وَسُكُون الْحَاء الْمُهْملَة وَكسر الشين الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف: ابْن حَرْب ضد الصُّلْح كَانَ من سودان مَكَّة، قَالَ أَبُو عمر: مولى لطعيمة بن عدي، وَيُقَال: مولى جُبَير بن مطعم بن عدي، كَذَا قَالَ ابْن إِسْحَاق، وَكَانَ يكنى أَبَا رسمة، وَكَانَ يَرْمِي بِحَرْبَة فَلَا يكَاد يخطىء،.

     وَقَالَ  مُوسَى بن عقبَة: مَاتَ وَحشِي بن حَرْب فِي الْخمر وَلَيْسَ فِي الصَّحَابَة من سمي باسمه غَيره.
قَوْله: ( نَسْأَلهُ عَن قتل حَمْزَة) ، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: نَسْأَلهُ عَن قَتله حَمْزَة.
قَوْله: ( فسألنا عَنهُ فَقيل لنا) وَفِي رِوَايَة ابْن إِسْحَاق: قَالَ لنا رجل وَنحن نسْأَل عَنهُ: إِنَّه غلبت عَلَيْهِ الْخمر، فَإِن تجداه صَاحِيًا تجداه عَرَبيا يحدثكما بِمَا شئتما، وَإِن تجداه على غير ذَلِك، فانصرفا عَنهُ، وَفِي رِوَايَة الطَّيَالِسِيّ نَحوه،.

     وَقَالَ  فِيهِ: وَإِن أدركتماه شارباً فَلَا تسألاه.
قَوْله: ( كَأَنَّهُ حميت) بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَكسر الْمِيم وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره تَاء مثناة من فَوق، وَهُوَ الزق الَّذِي لَا شعر عَلَيْهِ، وَهُوَ للسمن، وَيجمع على: حمت، قَالَ ابْن الْأَثِير: وَهُوَ النحي والزق الَّذِي يكون فِيهِ السّمن أَو الزَّيْت وَنَحْوهمَا، والنحي يجمع على أنحاء، وَقيل: أَكثر مَا يُقَال: الحميت، فِي أوعية السّمن وَالزَّيْت، وَقيل: هُوَ الزق مُطلقًا،.

     وَقَالَ  أَبُو عبيد: أما الزق الَّذِي يَجْعَل فِيهِ اللَّبن فَهُوَ الوطب، وَجمعه أوطاب، وَمَا كَانَ للشراب فَهُوَ الزق، وَاسم الزق يجمع ذَلِك كُله،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: وَيُشبه الرجل السمين الجسيم بالحميت.
قَوْله: ( معتجر) ، من الاعتجار وَهُوَ لف الْعِمَامَة على الرَّأْس من غير تحنيك.
قَوْله: ( أم قتال) ، بِكَسْر الْقَاف وَتَخْفِيف التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: ( أم قبال) ، بِالْبَاء الْمُوَحدَة، وَالْأول أصح، وَهِي عمَّة عتاب بن أسيد بن أبي الْعيص بن أُميَّة.
قَوْله: ( بنت أبي الْعيص) ، بِكَسْر الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره صَاد مُهْملَة: ابْن أُميَّة بن عبد شمس، أم عبيد الله الْمَذْكُور آنِفا.
قَوْله: أسترضع لَهُ) أَي: اطلب لَهُ من يرضعه، وَزَاد فِي رِوَايَة ابْن إِسْحَاق: وَالله مَا رَأَيْتُك مُنْذُ ناولتك أمك السعدية الَّتِي أَرْضَعتك بِذِي طوى، فَإِنِّي ناولتكها وَهِي على بَعِيرهَا فأخذتك، فلمعت لي قدمك حِين رفعتك، فَمَا هُوَ إلاَّ أَن وقفت عَليّ فعرفتهما، وَهَذَا يُوضح قَوْله فِي حَدِيث الْبابُُ: فلكأني نظرت إِلَى قَدَمَيْك، يَعْنِي أَنه شبه قَدَمَيْهِ بقدمي الْغُلَام الَّذِي حمله، وَكَانَ هُوَ هُوَ، وَبَين الرِّوَايَتَيْنِ قريب من خمسين سنة، فَدلَّ ذَلِك على ذكاء مفرط وَمَعْرِفَة تَامَّة بالقيافة.
قَوْله: ( طعيمة) ، مصغر: طعمة، قَوْله: ( جُبَير) ، بِضَم الْجِيم مصغر: جبر ضد الْكسر ابْن مطعم، بِضَم الْمِيم على وزن اسْم فَاعل من الْإِطْعَام: ابْن عدي بن نَوْفَل بن عبد منَاف بن قصي الْقرشِي النَّوْفَلِي، أسلم جُبَير يَوْم الْفَتْح، وَقيل: عَام خَيْبَر، مَاتَ بِالْمَدِينَةِ سنة سبع وَخمسين فِي خلَافَة مُعَاوِيَة، وَكَانَت وَفَاة الْمطعم بن عدي فِي صفر سنة ثِنْتَيْنِ من الْهِجْرَة قبل بدر بِنَحْوِ سَبْعَة أشهر.
قَوْله: ( عدي بن الْخِيَار) ، قَالَ الدمياطي: صَوَابه عدي بن نَوْفَل، كَمَا ذَكرْنَاهُ، والمطعم وَالْخيَار ابْنا عدي.
قَوْله: ( فَلَمَّا أَن خرج النَّاس) ، ويروى: ( فَلَمَّا خرج النَّاس) ، بِدُونِ لَفْظَة: إِن وَالْمرَاد بِالنَّاسِ: قُرَيْش وَمن مَعَهم.
قَوْله: ( عَام عينين) أَي: عَام أحد، ثمَّ فسر الْعَينَيْنِ بقوله: وعينين: جبل بحيال إحد أَي من نَاحيَة أحد، يُقَال: فلَان بحيال كَذَا، بِكَسْر الْحَاء الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْيَاء آخر الْحُرُوف: أَي بمقابله، وَهَذَا تَفْسِير من بعض الروَاة، وَإِنَّمَا قَالَ: عَام عينين دون عَام أحد لِأَن قُريْشًا كَانُوا نزلُوا عِنْده،.

     وَقَالَ  ابْن إِسْحَاق: نزلُوا بعينين جبل بِبَطن السبخة من قناة على شَفير الْوَادي مُقَابل الْمَدِينَة.
قلت: عينين، تَثْنِيَة عين، قَالَ الْكرْمَانِي ضد الْمثنى ويروى بِلَفْظ الْجمع، وعَلى التَّقْدِيرَيْنِ النُّون تعتقب الْإِعْرَاب منصرفاً وَغير منصرف.
قَوْله: ( خرجت) جَوَاب: لما.
قَوْله: ( خرج سِبَاع) بِكَسْر السِّين الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْبَاء الْمُوَحدَة وَهُوَ اسْم لِابْنِ عبد الْعُزَّى الْخُزَاعِيّ.
قَوْله: ( يَا ابْن أم أَنْمَار) بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون النُّون، وَهِي أمة كَانَت مولاة لشريق بن عَمْرو الثَّقَفِيّ وَالِد الْأَخْنَس.
قَوْله: ( مقطعَة البظور) بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة والظاء الْمُعْجَمَة: جمع بظر، وَهُوَ هنة فِي الْفرج وَهِي اللحمة الكائنة بَين شفري الْفرج تقطع عِنْد الْخِتَان،.

     وَقَالَ  ابْن إِسْحَاق: كَانَت أمه ختانة بِمَكَّة تختن النِّسَاء.
انْتهى.
وَالْعرْف تطلق هَذَا اللَّفْظ فِي معرض الذَّم والشتم، وإلاَّ قَالُوا: ختانة.
قَوْله: ( أتحاد الله) بِفَتْح همزَة الِاسْتِفْهَام وَضم التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَبِالْحَاءِ الْمُهْملَة وَتَشْديد الدَّال، وَأَصله: تحادد، من المحادة وَهِي أَن يكون ذَا فِي حد وَذَا فِي حد، ثمَّ اسْتعْمل فِي المعاندة والمعاداة.
قَوْله: ( ثمَّ شدّ عَلَيْهِ) ، أَي: ثمَّ شدّ حَمْزَة على سِبَاع.
قَوْله: ( فَكَانَ كالأمس الذَّاهِب) ، وَهَذَا كِنَايَة عَن إعدامه إِيَّاه بِالْقَتْلِ فِي الْحَال.
قَوْله: ( الذَّاهِب) صفة لَازِمَة مُؤَكدَة.
قَوْله: ( قَالَ: وكمنت) أَي: قَالَ وَحشِي: وكمنت، بِفَتْح الْمِيم أَي: اختفيت، وَفِي رِوَايَة ابْن عَائِذ: عِنْد شَجَرَة، وروى ابْن أبي شيبَة من مُرْسل عَمْرو بن إِسْحَاق: أَن حَمْزَة عثر فانكشف الدرْع عَن بَطْنه فَأَبْصَرَهُ العَبْد الحبشي فَرَمَاهُ بالحربة.
قَوْله: ( فِي ثنته) بِضَم الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَتَشْديد النُّون وَهِي: الْعَانَة وَقيل مَا بَين السُّرَّة والعانة، وَيُقَال: الثَّاء مُثَلّثَة، وَفِي رِوَايَة الطَّيَالِسِيّ: ( فَجعلت ألوذ من حَمْزَة بشجرة وَمَعِي حربتي إِذا اسْتَمْكَنت مِنْهُ هززت الحربة حَتَّى رضيت مِنْهَا ثمَّ أرسلتها فَوَقَعت بَين ثندوتيه، وَذهب يقوم فَلم يسْتَطع، والثندوة بِفَتْح الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَسُكُون النُّون وَضم الدَّال الْمُهْملَة وبالواو الْخَفِيفَة: وَهِي من الرجل مَوضِع الثدي من الْمَرْأَة.
قَوْله: ( فَكَانَ ذَلِك الْعَهْد بِهِ) كِنَايَة عَن مَوته.
قَوْله: ( فَلَمَّا رَجَعَ النَّاس) ، أَي: قُرَيْش إِلَى مَكَّة.
قَوْله: ( حَتَّى فشى فِيهَا الْإِسْلَام) أَي: أَقمت بِمَكَّة إِلَى أَن ظهر فِيهَا الْإِسْلَام، ثمَّ خرجت مِنْهَا، وَفِي رِوَايَة ابْن إِسْحَاق: فَلَمَّا افْتتح رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، مَكَّة هربت مِنْهَا إِلَى الطَّائِف.
قَوْله: ( رَسُولا) ، كَذَا هُوَ فِي رِوَايَة أبي ذَر وَأبي الْوَقْت، وَفِي رِوَايَة غَيرهمَا: رسلًا، بِالْجمعِ.
قَوْله: ( فَقيل لي إِنَّه لَا يهيج الرُّسُل) أَي: لَا ينالهم مِنْهُ إزعاج.
قَوْله: ( مَا قد بلغك) ، يَعْنِي: من أَمر حَمْزَة وَقَتله، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
قَوْله: ( فَهَل تَسْتَطِيع أَن تغيب وَجهك عني) وَفِي رِوَايَة الطَّيَالِسِيّ: غيب وَجهك عني فَلَا أَرَاك.
قَوْله: ( فأكافيء بِهِ) بِالْهَمْزَةِ أَي: فأساوي بقتل مُسَيْلمَة قتل حَمْزَة.
قَوْله: ( فِي ثلمة جِدَار) أَي: فِي خلله.
قَوْله: ( جمل أَوْرَق) أَي: لَونه مثل الرماد، وَكَانَ ذَلِك من غُبَار الْحَرْب، قَالَه بَعضهم قلت: بل كَانَ ذَلِك من سَواد كفره وإنهماكه فِي الْبَاطِل، قَوْله: ( ثَائِر الرَّأْس) أَي: منتشر شعر رَأسه.
قَوْله: ( فأضعها بَين ثديبه) هَذِه رِوَايَة الْكشميهني، وَفِي رِوَايَة غَيره: فَوَضَعتهَا.
قَوْله: ( رجل من الْأَنْصَار) هُوَ عبد الله بن زيد بن عَاصِم الْمَازِني، وَجزم بِهِ الْوَاقِدِيّ وَإِسْحَاق بن رَاهَوَيْه وَالْحَاكِم، وَقيل: هُوَ عدي بن سهل، وَجزم بِهِ سيف فِي ( كتاب الرِّدَّة) وَقيل: أَبُو دُجَانَة، وَأغْرب وثيمة فِي ( كتاب الرِّدَّة) فَزعم أَنه شن، بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة وَتَشْديد النُّون: ابْن عبد الله،.

     وَقَالَ  ابْن عبد الْبر: إِن الَّذِي قَتله خلاس بن بشير بن الْأَصَم.

قَوْله: ( قَالَ: قَالَ عبد الله بن الْفضل) هُوَ مَوْصُول بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور أَولا، وفاعل: قَالَ، الأول عبد الْعَزِيز بن عبد الله بن سَلمَة الْمَذْكُور، أَي: قَالَ عبد الله بن الْفضل: أَخْبرنِي سُلَيْمَان بن يسَار الْمَذْكُور فِيهِ أَنه سمع عبد الله بن عمر يَقُول ... إِلَى آخِره.
قَوْله: ( وأمير الْمُؤمنِينَ) مَنْدُوب.
قَوْله: ( قَتله العَبْد الْأسود) وأرادت بِهِ الوحشي،.

     وَقَالَ  بَعضهم فِي قَول الْجَارِيَة أَمِير الْمُؤمنِينَ، نظر لِأَن مُسَيْلمَة كَانَ يَدعِي أَنه نَبِي مُرْسل من الله، فَكَانُوا يَقُولُونَ لَهُ: رَسُول الله وَنَبِي الله.
والتلقيب بأمير الْمُؤمنِينَ حدث بعد ذَلِك، وَأول من لقب بِهِ عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَذَلِكَ بعد قتل مُسَيْلمَة بِمدَّة.
انْتهى.
قلت: قَالَ ابْن التِّين: كَانَ مُسَيْلمَة يُسمى تَارَة بِالنَّبِيِّ وَتارَة بأمير الْمُؤمنِينَ، ورد عَلَيْهِ هَذَا الْقَائِل بقوله: فَإِن كَانَ يَعْنِي ابْن التِّين أَخذه من هَذَا الحَدِيث فَلَيْسَ بجيد، وإلاَّ فَيحْتَاج إِلَى نقل بذلك.
انْتهى.
قلت: قَوْله: لَيْسَ بجيد، غير جيد، لِأَن فِي الحَدِيث التَّصْرِيح بذلك، لِأَنَّهَا إِنَّمَا قَالَت بذلك لما رَأَتْ أَن أُمُور أَصْحَابه كلهَا كَانَت إِلَيْهِ، فَلذَلِك أطلقت عَلَيْهِ الإمرة، وَأما نسبتها إِلَى الْمُؤمنِينَ فباعتبار أَنهم كَانُوا آمنُوا بِهِ فِي زعمهم الْبَاطِل، وَقَوله: أول من لقب بِهِ عمر، لَا يُنَافِي ذَلِك، لِأَن هَذِه الأولية بِالنّظرِ إِلَى أبي بكر حَيْثُ لم يطلقوا عَلَيْهِ أَمِير الْمُؤمنِينَ، اكْتِفَاء بِلَفْظ الْخلَافَة، وَمَعَ هَذَا كَانَ هُوَ أَيْضا أَمِير الْمُؤمنِينَ.
<