فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب غزوة ذات الرقاع «

( بابُُ غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان غَزْوَة ذَات الرّقاع، بِكَسْر الرَّاء وبالقاف وبالعين الْمُهْملَة: سميت بذلك لأَنهم رقعوا فِيهَا راياتهم، وَقيل: لِأَن أَقْدَامهم نقبت فَكَانُوا يلقون الْخرق، وَقيل: كَانُوا يلقون الْخرق فِي الخر وَقيل: سميت بذلك لشَجَرَة هُنَاكَ تسمى: ذَات الرّقاع،.

     وَقَالَ  الْوَاقِدِيّ: سميت بذلك لجبل فِيهِ بقع حمر وبيض وسود،.

     وَقَالَ  ابْن إِسْحَاق: ثمَّ أَقَامَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْمَدِينَةِ بعد غَزْوَة بني النَّضِير شَهْري ربيع وَبَعض جُمَادَى، ثمَّ غزا نجداً يُرِيد بني محَارب وَبني ثَعْلَبَة من غطفان، وَاسْتعْمل على الْمَدِينَة أَبَا ذَر،.

     وَقَالَ  ابْن هِشَام: وَيُقَال: عُثْمَان بن عَفَّان، ثمَّ سَار حَتَّى نزل نجداً وَهِي غَزْوَة ذَات الرّقاع، فلقي بهَا جمعا من غطفان فتقارب النَّاس وَلم يكن بَينهم حَرْب، وَقد أَخَاف الله النَّاس بَعضهم بَعْضًا حَتَّى صلى رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَلَاة الْخَوْف، وَالْحَاصِل أَن غَزْوَة ذَات الرّقاع عِنْد ابْن إِسْحَاق كَانَت بعد بني النَّضِير وَقبل الخَنْدَق سنة أَربع، وَعند ابْن سعد وَابْن حبَان: أَنَّهَا كَانَت فِي الْمحرم سنة خمس، وَمَال البُخَارِيّ إِلَى أَنَّهَا كَانَت بعد خَيْبَر على مَا سَيَأْتِي، وَاسْتدلَّ على ذَلِك بِأَن أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيّ شَهِدَهَا، وقدومه إِنَّمَا كَانَ ليَالِي خَيْبَر صُحْبَة جَعْفَر وَأَصْحَابه، وَمَعَ هَذَا ذكرهَا البُخَارِيّ قبل خَيْبَر، وَالظَّاهِر أَن ذَلِك من الروَاة،.

     وَقَالَ  الْوَاقِدِيّ: خرج إِلَيْهَا رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة السبت لعشر خلون من الْمحرم فِي أَرْبَعمِائَة، وَقيل: سَبْعمِائة، وَعند الْبَيْهَقِيّ: ثَمَانمِائَة،.

     وَقَالَ  ابْن سعد: على رَأس تِسْعَة وَأَرْبَعين شهرا من الْهِجْرَة وَغَابَ خمس عشرَة لَيْلَة، وَفِي ( المعجم الْأَوْسَط) للطبراني: عَن إِبْرَاهِيم بن الْمُنْذر قَالَ مُحَمَّد ابْن طَلْحَة: كَانَت غَزْوَة ذَات الرّقاع تسمى غَزْوَة الْأَعَاجِيب.

وهْيَ غَزْوَةُ مُحَارِبِ خَصَفَةَ مِنْ بَنِي ثَعْلَبَةَ مِنْ غَطَفَانَ فنَزَلَ نَخْلاً
أَي: غَزْوَة ذَات الرّقاع هِيَ غَزْوَة محَارب.
قَوْله: ( محَارب خصفة) بِإِضَافَة محَارب إِلَى خصفة للتمييز، لِأَن محَارب فِي الْعَرَب جمَاعَة، ومحارب هَذَا هُوَ ابْن خصفة، بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة وَالصَّاد الْمُهْملَة وَالْفَاء المفتوحات، وَهُوَ ابْن قيس بن غيلَان بن إلْيَاس بن مُضر.
قَوْله: ( من بني ثَعْلَبَة) ، ذكره بِكَلِمَة: من، يَقْتَضِي أَن ثَعْلَبَة جد لمحارب، وَلَيْسَ كَذَلِك، وَالصَّوَاب مَا وَقع عِنْد ابْن إِسْحَاق وَغَيره محَارب خصفة.
وَبني ثَعْلَبَة بواو الْعَطف فَإِن غطفان هُوَ ابْن سعد بن قيس بن غيلَان، فمحارب وغَطَفَان ابْنا عَم، فَكيف يكون الْأَعْلَى مَنْسُوبا إِلَى الْأَدْنَى؟ وَفِي رِوَايَة الْقَابِسِيّ: خصفة بني ثَعْلَبَة،.

     وَقَالَ  الجياني: كِلَاهُمَا وهم، وَالصَّوَاب: محَارب خصفة وَبني ثَعْلَبَة، بواو الْعَطف كَمَا ذَكرْنَاهُ،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: محَارب قَبيلَة من فهر.
قلت: لَيْسَ كَذَلِك لِأَن الْمُحَاربين هُنَا لَا ينتسبون إِلَى فهر بل ينتسبون إِلَى خصفة، وَلم يحرر هَذَا الْموضع كَمَا يَنْبَغِي.
قَوْله: ( فَنزل) أَي: النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
قَوْله: ( نخلا) ، بِفَتْح النُّون وَسُكُون الْخَاء الْمُعْجَمَة: وَهُوَ مَوضِع من الْمَدِينَة على يَوْمَيْنِ وَهُوَ بواد يُقَال لَهُ: شدخ، بالشين الْمُعْجَمَة وَالدَّال الْمُهْملَة وَالْخَاء الْمُعْجَمَة، وَفِيه طوائف من قيس من بني فَزَارَة وَأَشْجَع وأنمار.

وهْيَ بَعْدَ خَيْبَرَ لأنَّ أبَا مُوساى جاءَ بَعْدَ خَيْبَرَ
أَي: غَزْوَة ذَات الرّقاع، إِنَّمَا وَقعت بعد غَزْوَة خَيْبَر، وَاسْتدلَّ على ذَلِك بقوله: لِأَن أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيّ جَاءَ بعد خَيْبَر، وَثَبت أَن أَبَا مُوسَى شهد غَزْوَة ذَات الرّقاع فَلَزِمَ من ذَلِك وُقُوع غَزْوَة ذَات الرّقاع بعد غَزْوَة خَيْبَر.



[ قــ :3926 ... غــ :4125 ]
- قالَ أبُو عَبْدِ الله وقالَ لِي عَبْدُ الله بنُ رَجَاءٍ أخْبَرَنَا عِمْرَانُ العَطَّارُ عنْ يَحْيَى بنُ أبِي كَثِيرٍ عنْ أبِي سلَمَةَ عنْ جَابِرِ بنِ عَبْدِ الله رَضِي الله تَعَالَى عنهُما أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأصْحَابِهِ فِي الْخَوفِ فِي غَزْوَةِ السَّابِعَةِ غَزْوَةِ ذاتِ الرِّقَاعِ.
.


أَبُو عبد الله هُوَ البُخَارِيّ نَفسه وَلَيْسَ فِي بعض النّسخ، قَالَ أَبُو عبد الله: وَإِنَّمَا الْمَذْكُور فِي أَكثر النّسخ،.

     وَقَالَ  عبد الله بن رَجَاء: على أَن لَفْظَة: لي، فِي رِوَايَة أبي ذَر فَقَط، وَعبد الله بن رَجَاء ضد الْخَوْف الفداني الْبَصْرِيّ سمع مِنْهُ البُخَارِيّ، وَأما عبد الله بن رَجَاء الْمَكِّيّ فَلم يُدْرِكهُ البُخَارِيّ وَعمْرَان هُوَ ابْن دَاوُد الْقطَّان وَفِي آخِره نون: الْبَصْرِيّ، وَلم يحْتَج بِهِ البُخَارِيّ إلاَّ اسْتِشْهَادًا، وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله أَبُو الْعَبَّاس السراج فِي مُسْنده المبوب، فَقَالَ: حَدثنَا جَعْفَر بن هَاشم حَدثنَا عبد الله بن عبد الرَّحْمَن عَن يحيى بن حسان عَن مُعَاوِيَة بن سَلام ثَلَاثَتهمْ عَن يحيى عَنهُ بِهِ، وَأَعَادَهُ عَن أبي بكر فِي فَضَائِل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.

قَوْله: ( صلى بِأَصْحَابِهِ فِي الْخَوْف) ، أَي: فِي حَالَة الْخَوْف، وَفِي رِوَايَة السراج: أَربع رَكْعَات، صلى بهم رَكْعَتَيْنِ ثمَّ ذَهَبُوا، ثمَّ جَاءَ أُولَئِكَ فصلى بهم رَكْعَتَيْنِ.
قَوْله: ( فِي غَزْوَة السَّابِعَة) ، قَالَ بَعضهم: هُوَ من أضافة الشَّيْء إِلَى نَفسه على رَأْي.
قلت: كَانَ يَنْبَغِي أَن يُقَال: هُوَ من إِضَافَة الشَّيْء إِلَى نَفسه بِتَأْوِيل، وَهُوَ أَن يُقَال: غَزْوَة السفرة السَّابِعَة،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي وَغَيره: تَقْدِيره غَزْوَة السّنة السَّابِعَة من الْهِجْرَة، وَهَذَا التَّقْدِير غير صَحِيح، لِأَنَّهُ يلْزم مِنْهُ أَن تكون غَزْوَة الرّقاع بعد خَيْبَر، وَلَيْسَ كَذَلِك كَمَا ذكرنَا مَعَ أَنه قَالَ فِي الْغَزْوَة السَّابِعَة بِالْألف وَاللَّام فِي الْغَزْوَة، ثمَّ قَالَ: ويروى غَزْوَة السَّابِعَة، ثمَّ فَسرهَا بِمَا ذكرنَا عَنهُ الْآن، والغزوات الَّتِي وَقع فِيهَا الْقِتَال: بدر وَأحد وَالْخَنْدَق وَقُرَيْظَة والمريسيع وخيبر، فعلى مَا ذكره يلْزم أَن تكون ذَات الرّقاع بعد خَيْبَر للتنصيص على أَنَّهَا السَّابِعَة.
قَوْله: ( غَزْوَة ذَات الرّقاع) ، بِالْجَرِّ على أَنه عطف بَيَان أَو بدل.

وَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ صلَّى النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الخَوْفَ بذِي قَرَدٍ
أَي: قَالَ عبد الله بن عَبَّاس، صلى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَلَاة الْخَوْف بِذِي قرد، بِفَتْح الْقَاف وَالرَّاء، وَهُوَ مَوضِع على نَحْو يَوْم من الْمَدِينَة مِمَّا يَلِي بِلَاد غطفان، وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله النَّسَائِيّ وَالطَّبَرَانِيّ من طَرِيق أبي بكر بن أبي الجهم عَن عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة عَن ابْن عَبَّاس: أَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى بِذِي قرد صَلَاة الْخَوْف، وَقد مر فِي أَبْوَاب صَلَاة الْخَوْف عَن ابْن عَبَّاس صُورَة صَلَاة الْخَوْف، وَلَكِن لم يذكر فِيهِ: بِذِي قرد.





[ قــ :396 ... غــ :416 ]
- وقَالَ بكْرُ بنُ سَوَادَةَ حدَّثني زِيادُ بنُ نافِعٍ عنْ أبِي مُوساى أنَّ جابِرَاً حدَّثَهُمْ صَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِهِمْ يَوْمَ مُحَارِبٍ وثَعْلَبَةَ.
.
بكر بن سوَادَة، بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْوَاو وبالدال الْمُهْملَة: الجذامي، بِضَم الْجِيم وبالذال الْمُعْجَمَة، يكنى أَبَا ثُمَامَة، عداده فِي أهل مصر، وَكَانَ أحد الْفُقَهَاء بهَا وأرسله عمر بن عبد الْعَزِيز، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، إِلَى أفريقية ليفقههم فَمَاتَ بهَا سنة ثَمَان وَعشْرين وَمِائَة، وَوَثَّقَهُ ابْن معِين وَالنَّسَائِيّ، وَلَيْسَ لَهُ فِي البُخَارِيّ سوى هَذَا الْموضع الْمُعَلق، وَزِيَاد، بِكَسْر الزَّاي وَتَخْفِيف الْيَاء آخر الْحُرُوف: ابْن نَافِع النجيبي الْمصْرِيّ، من التَّابِعين الصغار، وَلَيْسَ لَهُ أَيْضا فِي البُخَارِيّ سوى هَذَا الْموضع، وَأَبُو مُوسَى ذكره أَبُو مَسْعُود الدِّمَشْقِي وَغَيره أَنه عَليّ بن رَبَاح اللَّخْمِيّ، وَقيل: إِنَّه أَبُو مُوسَى الغافقي، واسْمه مَالك بن عبَادَة، وَله صُحْبَة،.

     وَقَالَ  أَبُو عمر: مَالك بن عبَادَة الْهَمدَانِي، قدم على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي وَفد هَمدَان مَعَ مَالك بن عمْرَة وَعقبَة بن نمر فأسلموا وَيُقَال: إِنَّه مصري وَلَا يعرف اسْمه، وَالْأول أولى، كَمَا نبه عَلَيْهِ الْحَافِظ الْمزي، وَلَيْسَ لَهُ فِي البُخَارِيّ أَيْضا سوى هَذَا الْموضع.

قَوْله: ( بهم) أَي: بالصحابة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم.
قَوْله: ( يَوْم محَارب وثعلبة) هُوَ يَوْم غَزْوَة ذَات الرّقاع، وَقد مر فِي أول الْبابُُ وَهُوَ قَوْله: وَهِي غَزْوَة محَارب خصفة.
فَإِن قلت: ذكر هُنَا محَارب خصفة من بني ثَعْلَبَة، وَهنا يَقُول: وثعلبة، بعطفها على محَارب؟ قلت: كَأَنَّهُ أَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَن قَوْلهم: من بني ثَعْلَبَة، وهم وَقد ذَكرْنَاهُ مستقصًى.





[ قــ :396 ... غــ :417 ]
- وقَالَ ابنُ إسْحَاقَ سَمِعْتُ وهْبَ بنَ كَيْسَانَ سَمِعْتُ جابِرَاً خرَجَ النَّبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى ذَاتِ الرِّقَاعِ مِنْ نَخْلٍ فَلَقِيَ جَمْعَاً مِنْ غَطْفَانَ فلَمْ يَكُنْ قِتَالٌ وأخافَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ بَعْضَاً فصَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَكْعَتَيِّ الخَوْفِ.
.


أَي: قَالَ مُحَمَّد بن إِسْحَاق صَاحب ( الْمَغَازِي) ، وَقد مر فِي أول الْبابُُ مَا ذكره ابْن إِسْحَاق،.

     وَقَالَ  بَعضهم: لم أر هَذَا الَّذِي سَاقه عَن ابْن إِسْحَاق هَكَذَا فِي شَيْء من كتب الْمَغَازِي وَلَا غَيرهَا.
قلت: لَا يلْزم من عدم رُؤْيَته فِي مَوضِع من الْمَوَاضِع عدم رُؤْيَة البُخَارِيّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ ذَلِك فِي مَوضِع لم يطلع عَلَيْهِ هَذَا الْقَائِل، لِأَن اطِّلَاعه لَا يُقَارب أدنى اطلَاع البُخَارِيّ وَلَا إِلَى شَيْء من ذَلِك.

وَقَالَ يَزِيدُ عنْ سَلَمَةَ غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمَ القَرَدِ
يزِيد هَذَا من الزِّيَادَة ابْن أبي عبيد مولى سَلمَة بن الْأَكْوَع يروي عَن سَلمَة هَذَا، وَمضى مَوْصُولا مطولا قبل غَزْوَة خَيْبَر، وَترْجم لَهُ البُخَارِيّ: غَزْوَة ذِي قرد، وَهِي الْغَزْوَة الَّتِي أَغَارُوا فِيهَا على لقاح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَيْسَ فِيهَا ذكر لصَلَاة الْخَوْف أصلا.
فَإِن قلت: فعلى هَذَا مَا فَائِدَة ذكر حَدِيث سَلمَة هَهُنَا؟ قلت: لَعَلَّه ذكره من أجل حَدِيث ابْن عَبَّاس الْمَذْكُور.
قيل إِنَّه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى صَلَاة الْخَوْف بِذِي قرد، وَلَا يلْزم من ذكر: ذِي قرد، فِي الْحَدِيثين أَن تتحد الْقِصَّة، كَمَا لَا يلْزم من كَونه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى صَلَاة الْخَوْف فِي مَكَان أَن لَا يكون صلاهَا فِي مَكَان آخر.





[ قــ :397 ... غــ :418 ]
- حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ العَلاءِ حدَّثنا أبُو أُسَامَةَ عنْ بُرَيْدِ بنِ عَبْدِ الله بنِ أبِي بُرْدَةَ عنْ أبِي بُرْدَةَ عنْ أبِي مُوساى رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ خرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غَزَاةِ ونَحْنُ فِي سِتَّةِ نفَرٍ بَيْنَنَا بَعِيرٌ نَعْتَقِبُهُ فنَقِبَتْ أقْدَامُنَا ونَقِبَتْ قدَمَايَ وسَقَطَتْ أظْفَارِي وكُنَّا نَلُفُّ علَى أرجُلِنَا الخِرَقَ فسُمِّيَتْ غَزْوَةَ ذَاتِ الرِّقَاَعِ لِمَا كُنَّا نَعْصِبُ مِنَ الخِرَقِ علَى أرْجُلِنَا وحَدَّثَ أبُو مُوساى بِهاذَا الحَدِيثِ ثُمَّ كَرِهَ ذَاك قَالَ مَا كُنْتُ أصْنَعُ بأنْ أذْكُرَهُ كأنَّهُ كَرِهَ أنْ يَكُونَ شَيْءٌ مِنْ عَمَلِهِ أفْشَاهُ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَمُحَمّد بن الْعَلَاء أَبُو كريب الْهَمدَانِي الْكُوفِي، وَأَبُو أُسَامَة حَمَّاد بن أُسَامَة، وبريد، بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَفتح الرَّاء وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف: ابْن عبد الله بن أبي بردة بن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ، يروي عَن جده أبي بردة عَن أبي مُوسَى عبد الله بن قيس الْأَشْعَرِيّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم أَيْضا فِي الْمَغَازِي عَن عبد الله بن براد وَأبي كريب كِلَاهُمَا عَن أبي أُسَامَة عَنهُ.

قَوْله: ( وَنحن فِي سِتَّة نفر) الظَّاهِر أَنهم كَانُوا من الْأَشْعَرِيين.
قَوْله: ( نعتقبه) أَي: نركبه عقبَة وَهِي أَن يتناوبوا فِي الرّكُوب بِأَن يركب أحدهم قَلِيلا ثمَّ ينزل فيركب الآخر حَتَّى يَأْتِي إِلَى آخِرهم.
قَوْله: ( فنقبت) ، بِفَتْح النُّون وَكسر الْقَاف، يُقَال: نقب الْبَعِير إِذا رقت أخفافه، ونقب الْخُف إِذا تخرق، وَذَلِكَ لمشيهم حُفَاة قد نقبت أَقْدَامهم وَسَقَطت أظفارهم.
قَوْله: ( لما كَانَ) ، أَي: لأجل مَا فَعَلْنَاهُ من ذَلِك.
قَوْله: ( وَحدث أَبُو مُوسَى بذلك) هَذَا مَوْصُول بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور، وَهُوَ مقول أبي بردة عَن أبي مُوسَى.
قَوْله: ( ثمَّ كره ذَلِك) أَي: أَبُو مُوسَى مَا حَدثهُ من ذَلِك لما فِيهِ من تَزْكِيَة نَفسه.
قَوْله: ( كَأَنَّهُ كره) إِلَخ.
وَذَلِكَ لِأَن كتمان الْعَمَل الصَّالح أفضل من إِظْهَاره إلاَّ لوُجُود مصلحَة تَقْتَضِي ذَلِك.
قَالَ الله تَعَالَى: { وَإِن تخفوها وتؤتوها الْفُقَرَاء فَهُوَ خير لكم} ( الْبَقَرَة: 71) .





[ قــ :398 ... غــ :419 ]
- حدَّثنا قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيدٍ عنْ مَالِكٍ عنْ يَزِيدَ بنِ رُومَانَ عنْ صَالِحِ بنِ خَوَّاتٍ عمَّنْ شَهِدَ مَعَ رسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمَ ذَاتِ الرِّقَاعِ صلَّى صَلاَةَ الخَوْفِ أنَّ طَائِفَةً صَفَتْ معَهُ وطَائِفَةٌ وُجَاهَ العَدُوِّ فصَلَّى بالَّتِي معَهُ رَكْعَةٌ ثُمَّ ثَبَتَ قائمَاً وأتَمُّوا لأنْفُسِهِمْ ثُمَّ انْصَرَفُوا فَصَفُّوا وِجَاهَ العَدُوِّ وَجاءَتِ الطَّائِفَةُ الأُخْرَى فصَلَّى بِهِمْ الرَّكْعَةَ الَّتِي بَقِيَتْ منْ صَلاَتِهِ ثُمَّ ثَبَتَ جالِساً وأتَمُّوا لأنْفُسِهِمْ ثُمَّ سَلَّمَ بِهِمْ.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَيزِيد من الزِّيَادَة ابْن رُومَان، بِضَم الرَّاء: مولى الزبير بن الْعَوام، وَصَالح بن خَوات، بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الْوَاو وَفِي آخِره تَاء مثناة من فَوق: ابْن جُبَير، بِضَم الْجِيم وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة: ابْن النُّعْمَان الْأنْصَارِيّ.

والْحَدِيث أخرجه بَقِيَّة الْجَمَاعَة كلهم فِي الصَّلَاة، فَمُسلم عَن يحيى بن يحيى وَغَيره، وَأَبُو دَاوُد عَن القعْنبِي، وَالتِّرْمِذِيّ عَن بنْدَار، وَالنَّسَائِيّ عَن قُتَيْبَة، وَابْن مَاجَه عَن بنْدَار بِهِ.

قَوْله: ( عَمَّن شهده مَعَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) ويروى: عَمَّن شهد مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قيل: اسْم هَذَا الْمُبْهم: سهل بن أبي حثْمَة، قَالَ الْمزي: هُوَ سهل بن عبد الله بن أبي حثْمَة، وَاسم أبي حثْمَة: عَامر بن سَاعِدَة الْأنْصَارِيّ،.

     وَقَالَ  بَعضهم: الرَّاجِح أَنه أَبُو صَالح الْمَذْكُور، وَهُوَ خَوات بن جُبَير، وَاحْتج على ذَلِك بِأَن أَبَا أويس روى هَذَا الحَدِيث عَن يزِيد بن رُومَان شيخ مَالك فِيهِ، فَقَالَ: عَن صَالح بن خَوات عَن أَبِيه أخرجه ابْن مَنْدَه فِي ( معرفَة الصَّحَابَة) من طَرِيقه.
انْتهى.
قلت: الَّذِي يظْهر أَن صَالحا سَمعه من أَبِيه وَمن سهل بن أبي حثْمَة، فَلذَلِك كَانَ يبهمه تَارَة كَمَا فِي الطَّرِيق الْمَذْكُور، ويفسره أُخْرَى كَمَا فِي الطَّرِيق الَّذِي يَأْتِي الْآن، وَلَا يُقَال: هَذِه رِوَايَة عَن مَجْهُول، لِأَن الصَّحَابَة كلهم عدُول فَلَا يضر ذَلِك.
قَوْله: ( مَعَه) أَي: مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
قَوْله: ( وَجَاء الْعَدو) ، أَي: محاذيهم ومواجههم، والوجاه، بِضَم الْوَاو وَكسرهَا.

قَالَ مالِكٌ وذَلِكَ أحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي صَلاَةِ الخَوْفِ
هَذَا مَوْصُول بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور، ثمَّ كَلَام مَالك هَذَا يَقْتَضِي أَنه سمع فِي كَيْفيَّة صَلَاة الْخَوْف صِفَات مُتعَدِّدَة وَاخْتَارَ مِنْهَا فِي الْعَمَل حَدِيث صَالح بن خَوات الْمَذْكُور، أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله: ( وَذَلِكَ أحسن مَا سَمِعت) وَوَافَقَهُ على ذَلِك الشَّافِعِي وَأحمد وَأَبُو دَاوُد، ثمَّ إِن بعض الْعلمَاء حملُوا اخْتِلَاف الصِّفَات فِي صَلَاة الْخَوْف على اخْتِلَاف الْأَحْوَال، وَبَعْضهمْ حملوها على التَّوَسُّع والتخيير، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ مستقصًى فِي أَبْوَاب صَلَاة الْخَوْف.





[ قــ :398 ... غــ :4130 ]
- وقَالَ مُعاذٌ حدَّثنا هِشَامٌ عنْ أبِي الزُّبَيْرِ عنْ جَابِرِ قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِنَخْلٍ فذَكَرَ صَلاَةَ الخَوْفِ.
.


كَذَا وَقع، معَاذ، بِغَيْر نِسْبَة عِنْد الْأَكْثَرين، وَوَقع عِنْد النَّسَفِيّ: قَالَ معَاذ بن هِشَام أخبرنَا هِشَام،.

     وَقَالَ  بَعضهم: فِيهِ رد على أبي نعيم وَمن تبعه فِي الْجَزْم بِأَن معَاذًا هَذَا هُوَ ابْن فضَالة شيخ البُخَارِيّ.
قلت: وُقُوع معَاذ بِغَيْر نِسْبَة يحْتَمل الْوَجْهَيْنِ على مَا لَا يخفى، وَقَول أبي نعيم مترجح حَيْثُ قَالَ: أخبرنَا هِشَام، وَلم يقل: أخبرنَا أبي، وكل من معَاذ وَهِشَام ذكر مُجَردا، أما معَاذ بن هِشَام على قَول النَّسَفِيّ فَهُوَ ثِقَة صَاحب غرائب، وَأما هِشَام الَّذِي روى عَنهُ معَاذ فَهُوَ هِشَام بن أبي عبد الله الدستوَائي الْبَصْرِيّ، وَاسم ابْن عبد الله سنبر، روى عَنهُ ابْنه معَاذ وَيحيى الْقطَّان فِي آخَرين،.

     وَقَالَ  عَمْرو بن عَليّ: مَاتَ سنة ثَلَاث وَخمسين وَمِائَة، وَأَبُو الزبير مُحَمَّد بن مُسلم بن تدرس بِلَفْظ مُخَاطب الْمُضَارع من الدراسة.

قَوْله: ( بِنَخْل) مر تَفْسِيره عَن قريب عِنْد قَوْله: فَنزل نخلا، وَفَائِدَة إِيرَاد البُخَارِيّ هَذَا الحَدِيث مُخْتَصرا مُعَلّقا هِيَ مَا قيل: إِنَّه أَشَارَ إِلَى أَن رِوَايَات جَابر متفقة على أَن الْغَزْوَة الَّتِي وَقعت فِيهَا صَلَاة الْخَوْف هِيَ غَزْوَة ذَات الرّقاع،.

     وَقَالَ  بَعضهم: فِيهِ نظر، لِأَن سِيَاق رِوَايَة هِشَام عَن أبي الزبير هَذِه تدل على أَنه حَدِيث آخر فِي غَزْوَة أُخْرَى.
قلت: لَا نسلم ذَلِك لِأَنَّهُ ذكر فِيمَا مضى عَن قريب عَن جَابر: خرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى ذَات الرّقاع من نخل فلقي جمعا من غطفان ... إِلَى آخِره.

تابَعَهُ اللَّيْثُ عنْ هِشَامٍ عنْ زَيْدِ بنِ أسْلَمَ أنَّ القَاسِمَ بنَ مُحَمَّدٍ حدَّثَهُ صلَّى النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غَزْوَةِ بَنِي أنْمَارٍ
الظَّاهِر أَن مُتَابعَة اللَّيْث لِمعَاذ الْمَذْكُور.
فَإِن قلت: كَيفَ وَجه هَذِه الْمُتَابَعَة لِأَن حَدِيث معَاذ فِي غَزْوَة محَارب وثعلبة وَحَدِيث اللَّيْث فِي أَنْمَار؟ قلت: ديار بني أَنْمَار تقرب من ديار بني ثَعْلَبَة، فَبِهَذَا الْوَجْه يحْتَمل الِاتِّحَاد، وَهِشَام الَّذِي روى عَنهُ اللَّيْث هُوَ هِشَام بن سعد الْمدنِي أَبُو سعيد الْقرشِي مَوْلَاهُم، يُقَال لَهُ: يَتِيم زيد بن أسلم، روى عَن زيد بن أسلم فَأكْثر، وروى عَنهُ اللَّيْث ابْن سعد وَآخَرُونَ وَعَن ابْن معِين: هُوَ ضَعِيف،.

     وَقَالَ  أَبُو حَاتِم: لَا يحْتَج بِهِ،.

     وَقَالَ  أَبُو دَاوُد: هُوَ أثبت النَّاس فِي زيد بن أسلم، قيل: إِنَّه مَاتَ سنة سِتِّينَ وَمِائَة، وَهُوَ يروي عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن أبي بكر، وَقد وصل البُخَارِيّ فِي ( تَارِيخه) هَذَا الْمُعَلق، قَالَ: قَالَ لي يحيى ابْن عبد الله بن بكير: أخبرنَا اللَّيْث عَن هِشَام بن سعد عَن زيد بن أسلم سمع الْقَاسِم بن مُحَمَّد: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى فِي غَزْوَة بني أَنْمَار، وَذكر الْوَاقِدِيّ أَن سَبَب غَزْوَة ذَات الرّقاع هُوَ أَن أَعْرَابِيًا قدم من حلب إِلَى الْمَدِينَة، فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْت نَاسا من بني ثَعْلَبَة وَمن بني أَنْمَار قد جمعُوا لكم جموعاً فَأنْتم فِي غَفلَة عَنْهُم، فَخرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي أَرْبَعمِائَة، وَيُقَال: سَبْعمِائة، فعلى هَذَا غَزْوَة بني أَنْمَار متحدة مَعَ غَزْوَة بني محَارب وثعلبة، وَهِي غَزْوَة ذَات الرّقاع، وأنمار، بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون النُّون وبالراء: قَبيلَة من بجيلة، بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَكسر الْجِيم.





[ قــ :399 ... غــ :4131 ]
- حدَّثنا مُسَدَّدٌ حدَّثنا يَحْيَى بنُ سَعيدٍ القَطَّانُ عنْ يَحْيَى بنِ سَعِيدٍ الأنْصَارِيِّ عنِ القَاسِمِ بنِ مُحَمَّد عنْ صَالِحِ بنِ خَوَّاتٍ عنْ سَهْلِ بنِ أبِي حَثْمَةَ قَالَ يَقُومُ الإمامُ مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ وطائِفَةٌ مِنْهُمْ معَهُ وطائِفَةٌ مِنْ قِبَلِ العَدُوِّ وُجُوهُهُمْ إِلَى العَدُوِّ فَيُصَلِّي بالَّذِينَ معَهُ رَكْعَةً ثُمَّ يَقُومُونَ فَيَرْكَعُونَ لأِنْفُسِهِمْ رَكْعَةً ويَسْجُدُونَ سَجْدَتَيْنِ فِي مَكانِهِمْ ثُمَّ يَذْهَبُ هاؤلاءِ إلَى مَقامِ أُولائِكَ فَيَجِيء فيَرْكَعُ بِهِمْ رَكْعَةً فلَهُ ثِنْتَانِ ثُمَّ يَرْكَعُونَ ويَسْجُدُونَ سَجْدَتَيْنِ.

هَذَا طَرِيق آخر فِي حَدِيث صَالح بن خَوات الَّذِي مضى عَن قريب، وَقد صرح فِيهِ أَن صَالحا رَوَاهُ عَن سهل بن أبي حثْمَة، وَهُنَاكَ قَالَ: عَمَّن شهد مَعَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.
وَأخرج هَذَا الطَّرِيق عَن مُسَدّد عَن يحيى بن سعيد الْقطَّان عَن يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن أبي بكر الصّديق، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَفِي هَذَا الْإِسْنَاد ثَلَاثَة من التَّابِعين الْمَدَنِيين على نسق وَاحِد، وهم: يحيى الْأنْصَارِيّ، وَالقَاسِم وَصَالح، وَقد ترجمنا سهلاً هُنَاكَ، وَاخْتلف فِي شَأْن سهل، فَقَالَت جمَاعَة: إِنَّه كَانَ صَغِيرا فِي زمن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَمَاتَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ ابْن ثَمَان سِنِين، وَمِمَّنْ جزم بذلك الطَّبَرِيّ وَابْن حبَان وَابْن السكن، فعلى هَذَا تكون رِوَايَته لقصة صَلَاة الْخَوْف مُرْسلَة،.

     وَقَالَ  ابْن أبي حَاتِم عَن رجل من ولد سهل: أَنه حَدثهُ أَنه بَايع تَحت الشَّجَرَة وَشهد الْمشَاهد إلاَّ بَدْرًا، وَكَانَ الدَّلِيل لَيْلَة أحد،.

     وَقَالَ  الْوَاقِدِيّ: قبض رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ ابْن ثَمَان سِنِين وَلكنه حفظ عَنهُ فروى وأتقن،.

     وَقَالَ  أَبُو عمر: هُوَ مَعْدُود فِي أهل الْمَدِينَة وَبهَا كَانَت وَفَاته.

قَوْله: ( يقوم الإِمَام) هَكَذَا ذكره مَوْقُوفا، وَهَكَذَا أخرجه البُخَارِيّ بعد حَدِيث من طَرِيق ابْن أبي حَازِم عَن يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ، وَأوردهُ من طَرِيق عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم عَن أَبِيه مَرْفُوعا.
قَوْله: ( من قبل الْعَدو) ، بِكَسْر الْقَاف وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة، وَهُوَ الْجِهَة الْقَابِلَة.

حدَّثنا مُسَدَّدٌ حدَّثنا يَحْيَى عنْ شُعْبَةَ عنْ عَبْدِ الرَّحْمَّنِ بنِ القَاسِمِ عنْ أبِيهِ عنْ صالِحِ بنِ خَوَّاتٍ عنْ سَهْلِ بنِ أبِي حَثْمَةَ عنِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِثْلَهُ
هَذَا طَرِيق آخر مَرْفُوع أخرجه عَن مُسَدّد عَن يحيى الْقطَّان عَن شُعْبَة عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم عَن أَبِيه الْقَاسِم ابْن مُحَمَّد بن أبي بكر ... إِلَى آخِره.

حدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ الله قَالَ حدَّثنِي ابنُ أبِي حازِمٍ عنْ يَحْيَى سَمِعَ القاسِمَ أخبَرَنِي صالِحُ بنُ خَوَّاتٍ عنْ سَهْلٍ حدَّثَهُ قَوْلَهُ
هَذَا طَرِيق مَوْقُوف أخرجه عَن مُحَمَّد بن عبيد الله بن مُحَمَّد مولى عُثْمَان بن عَفَّان الْقرشِي الْأمَوِي الْمدنِي عَن عبد الْعَزِيز ابْن أبي حَازِم سَلمَة بن دِينَار عَن يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن أبي بكر ... إِلَخ.





[ قــ :3930 ... غــ :413 ]
- حدَّثنا أبُو اليَمَانِ أخبرَنا شُعَيْبٌ عنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أخبرَنِي سالِمٌ أنَّ ابنَ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما قَالَ غَزَوْتُ مَعَ رسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قِبَلَ نَجْدٍ فَوَازَيْنَا العَدُوَّ فَصافَفْنَا لَهُمْ.
.


هَذَا الحَدِيث بِعَين هَذَا الْإِسْنَاد مر فِي أَبْوَاب صَلَاة الْخَوْف أتم مِنْهُ وأكمل، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.
قَوْله: ( فوازينا) .
من الموازاة وَهِي الْمُقَابلَة.
قَوْله: ( فصاففنا لَهُم) ، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: فصاففناهم، وَكَذَا فِي رِوَايَة أَحْمد عَن أبي الْيَمَان شيخ البُخَارِيّ الحكم بن نَافِع.




[ قــ :3931 ... غــ :4133 ]
- حدَّثنا مُسَدَّدٌ حدَّثنا يَزيدُ بنُ زُرَيْعٍ حدَّثنا مَعْمَرٌ عنِ الزُّهْرِيِّ عنْ سَالِمِ بنِ عَبْدِ الله بنِ عُمَرَ عنْ أبِيهِ أنَّ رسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلَّى بإحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ والطَّائِفَةُ الأخْرَى مُوَاجِهَةُ العَدُوِّ ثُمَّ انْصَرَفُوا فقامُوا فِي مَقامِ أصْحَابِهِمْ فَجاءَ أُولائِكَ فصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً ثُمَّ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ ثُمَّ قامَ هاؤلاَءِ فَقَضَوْا رَكْعَتَهُمْ وقامَ هَؤْلاَءِ فَقَضَوْا رَكْعَتَهُمْ.
.


هَذَا طَرِيق آخر فِي حَدِيث عبد الله بن عمر أخرجه عَن مُسَدّد عَن يزِيد من الزِّيَادَة ابْن زُرَيْع، بِضَم الزَّاي وَفتح الرَّاء، عَن معمر بن رَاشد.
.
إِلَخ.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد عَن مُسَدّد أَيْضا ... إِلَخ نَحوه.
قَوْله: ( والطائفة الْأُخْرَى) ، مُبْتَدأ، ( ومواجهة) خَبره، وَالْجُمْلَة حَالية.
قَوْله: ( فقضوا) ، من الْقَضَاء الَّذِي بِمَعْنى الْأَدَاء، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: { فَإِذا قضيت الصَّلَاة} ( الْجُمُعَة: 100) .
أَي: أدّيت، لَا بِمَعْنى الْقَضَاء الاصطلاحي.





[ قــ :3931 ... غــ :4135 ]
- حدَّثنا إسْمَاعِيلُ قَالَ حدَّثني أخي عنْ سُلَيْمَانَ عنْ مُحَمَّدِ بنِ أبِي عَتِيقٍ عنِ ابنِ شِهَابٍ عنْ سِنَانِ بنِ أبِي سِنَانٍ الدُّؤَلِيِّ عنْ جابِرِ بنِ عَبْدِ الله رَضِي الله تَعَالَى عنهُما أخبَرَهُ أنَّهُ غَزَا مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قِبَلَ نَجْدٍ فلَمَّا قفَلَ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قفَلَ معَهُ فأدْرَكَتْهُمُ القَائِلَةُ فِي وَادٍ كَثِيرِ العِضَاهِ فنَزَلَ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وتَفَرَّقَ النَّاسُ فِي العِضَاهِ يَسْتَظِلّونَ بالشَّجَرِ ونَزَلَ رَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَحتَ سَمُرَةٍ فعَلَّقَ بِهَا سَيْفَهُ قَالَ جَابِرٌ فَنِمْنَا نَوْمَةً ثُمَّ إذَا رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَدْعُونَا فَجِئْنَاهُ فإذَا عِنْدَهُ أعْرَابِيٌّ جالِسٌ فَقَالَ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إنَّ هاذَا اخْتَرَطَ سَيْفِي وأنَا نَائِمٌ فاسْتَيْقَظْتُ وهْوَ فِي يَدِهِ صَلْتاً فَقَالَ لي مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي.

قُلْتُ لَهُ الله فَهَا هُوَ ذَا جَالِسٌ ثُمَّ لَمْ يُعَاقِبْهُ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن غزوته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قبل نجد هِيَ غَزْوَة ذَات الرّقاع، وَالدَّلِيل عَلَيْهِ أَن فِي رِوَايَة يحيى بن أبي كثير عَن أبي سَلمَة: كُنَّا مَعَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بِذَات الرّقاع.

وَهَذَا الحَدِيث بطريقيه قد مضى فِي الْجِهَاد فِي: بابُُ تفرق النَّاس عَن الإِمَام عِنْد القائلة، وَأخرجه هُنَا أَيْضا نَحوه.
الأول: عَن أبي الْيَمَان الحكم بن نَافِع عَن شُعَيْب بن أبي حَمْزَة عَن مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ عَن سِنَان وَأبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف عَن جَابر، وَهَذَا الْإِسْنَاد بِعَيْنِه هُنَاكَ.
الثَّانِي: عَن إِسْمَاعِيل بن أبي أويس عَن أَخِيه عبد الحميد عَن سُلَيْمَان بن بِلَال عَن مُحَمَّد بن أبي عَتيق وَهُوَ مُحَمَّد ابْن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر الصّديق، نسب إِلَى جده، عَن ابْن شهَاب عَن سِنَان بن أبي سِنَان وَاسم أبي سِنَان يزِيد ابْن أُميَّة، وَمَاله فِي البُخَارِيّ إلاَّ هَذَا الحَدِيث.
وَأخرجه من رِوَايَته عَن أبي هُرَيْرَة فِي الطِّبّ، وَأخرج البُخَارِيّ هَذَا هُنَاكَ عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل عَن إِبْرَاهِيم بن سعد عَن ابْن شهَاب عَن سِنَان عَن جَابر وَلَيْسَ فِيهِ ذكر أبي سَلمَة.

قَوْله: ( قبل نجد) ، بِكَسْر الْقَاف وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة: أَي: جِهَته،.

     وَقَالَ  ابْن الْأَثِير: النجد مَا ارْتَفع من الأَرْض وَهُوَ اسْم خَاص لما دون الْحجاز مِمَّا يَلِي الْعرَاق،.

     وَقَالَ  الْجَوْهَرِي: نجد من بِلَاد الْعَرَب وَهُوَ خلاف الْغَوْر، والغور هُوَ تهَامَة وكل مَا ارْتَفع من تهَامَة إِلَى أَرض الْعرَاق فَهُوَ نجد، وَهُوَ مَذْكُور، وَالْحَاصِل أَن غَزْوَة ذَات الرّقاع كَانَت بِنَجْد.

قَوْله: ( الدؤَلِي) بِضَم الدَّال وَفتح الْهمزَة، قَالَ الْكرْمَانِي: ويروى بِكَسْر الدَّال وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف.
قلت: الأول: نِسْبَة إِلَى الدؤل بن بكر بن عبد مَنَاة بن كنَانَة، وَهُوَ بِكَسْر الْهمزَة وَلكنهَا فتحت فِي النِّسْبَة.
وَالثَّانِي: نِسْبَة إِلَى الدؤل بن حفيفة بن لحيم، وَإِلَى غير ذَلِك.
قَوْله: ( فَلَمَّا قفل) أَي: رَجَعَ.
قَوْله: ( القائلة) أَي: شدَّة الْحر وسط النَّهَار.
قَوْله: ( العضاه) بِكَسْر الْعين الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الضَّاد الْمُعْجَمَة وبالهاء: كل شجر عَظِيم لَهُ شوك كالطلح والعوسج، الْوَاحِدَة عضه، الْهَاء أَصْلِيَّة، وَقيل: عضهة، وَقيل: عضاهة، فحذفت الْهَاء الْأَصْلِيَّة كَمَا حذفت فِي الشّفة ثمَّ ردَّتْ فِي العضاه كَمَا ردَّتْ فِي الشفاه.
قَوْله: ( تَحت شَجَرَة) أَي: شَجَرَة كَثِيرَة الْوَرق.
قَوْله: ( قَالَ جَابر) هُوَ مَوْصُول بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور، وَسقط ذَلِك من رِوَايَة معمر.
قَوْله: ( فَإِذا) كلمة: إِذا، فِي الْمَوْضِعَيْنِ للمفاجأة.
قَوْله: ( أَعْرَابِي جَالس) وَفِي رِوَايَة معمر: فَإِذا أَعْرَابِي قَاعد بَين يَدَيْهِ، واسْمه غورث كَمَا سَيَأْتِي.
قَوْله: ( اخْتَرَطَ سَيفي) أَي: سَله.
قَوْله: ( صَلتا) بِفَتْح الصَّاد الْمُهْملَة وَسُكُون اللَّام وَفِي آخِره تَاء مثناة من فَوق: أَي مُجَردا من الغمد بِمَعْنى مصلوتاً، وانتصابه على الْحَال.
قَوْله: ( وَالله) ، أَي: الله يَمْنعنِي.
قَوْله: ( فها هُوَ ذَا جَالس) ، كلمة: هَا، للتّنْبِيه و: هُوَ ضمير الشَّأْن وَكلمَة، ذَا، للْإِشَارَة إِلَى الْحَاضِر مُبْتَدأ، و: جَالس، خَبره وَالْجُمْلَة خبر لقَوْله: هُوَ، فَلَا تحْتَاج إِلَى رابط كَمَا عرف فِي مَوْضِعه.
قَوْله: ( ثمَّ لم يُعَاقِبهُ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) وَذَلِكَ لشدَّة رغبته فِي استئلاف الْكفَّار ليدخلوا فِي الْإِسْلَام لم يؤاخذه بِمَا صنع، بل عَفا عَنهُ.
وَذكر الْوَاقِدِيّ: أَنه أسلم وَأَنه رَجَعَ إِلَى قومه فاهتدى بِهِ خلق كثير.


( وَقَالَ أبان حَدثنَا يحيى بن أبي كثير عَن أبي سَلمَة عَن جَابر قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِذَات الرّقاع فَإِذا أَتَيْنَا على شَجَرَة ظليلة تركناها للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فجَاء رجل من الْمُشْركين وَسيف النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مُعَلّق بِالشَّجَرَةِ فاخترطه فَقَالَ لَهُ تخافني قَالَ لَا قَالَ فَمن يمنعك مني قَالَ الله فتهدده أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وأقيمت الصَّلَاة فصلى بطَائفَة رَكْعَتَيْنِ ثمَّ تَأَخَّرُوا وَصلى بالطائفة الْأُخْرَى رَكْعَتَيْنِ وَكَانَ للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَربع وَلِلْقَوْمِ ركعتاه) هَذَا طَرِيق آخر فِي حَدِيث جَابر وَهُوَ مُعَلّق أخرجه عَن أبان بِفَتْح الْهمزَة وَتَخْفِيف الْبَاء الْمُوَحدَة ابْن يزِيد الْعَطَّار الْبَصْرِيّ وَوَصله مُسلم عَن أبي بكر بن أبي شيبَة عَن عَفَّان عَن أبان بِتَمَامِهِ قَوْله ظليلة أَي مظللة أَي ذَات ظلّ كثيف قَوْله فجَاء رجل هُوَ غورث على مَا يَأْتِي بَيَانه الْآن قَوْله وَسيف النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْوَاو فِيهِ للْحَال قَوْله وأقيمت الصَّلَاة الخ وَاسْتشْكل ابْن التِّين هَذِه الرِّوَايَة عَن جَابر لأَنهم كَانُوا فِي سفر فَكيف يُصَلِّي بِكُل طَائِفَة رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ يُصَلِّي أَكثر من الْمَأْمُومين وَأجِيب بِأَنَّهُ لَا إِشْكَال هُنَا لأَنهم صلوا مَعَه رَكْعَتَيْنِ ثمَّ كملوا يدل عَلَيْهِ قَوْله ثمَّ تَأَخَّرُوا فَإِن قلت قَوْله وَكَانَ للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَربع وَلِلْقَوْمِ رَكْعَتَيْنِ يُنَافِي هَذَا الْجَواب قلت معنى قَوْله وَلِلْقَوْمِ رَكْعَتَيْنِ مَعَ الإِمَام وَرَكْعَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ منفردين وأولوه كَذَا كَمَا أولُوا حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا فرض الله عز وَجل الصَّلَاة على لِسَان نَبِيكُم فِي الْحَضَر أَرْبعا وَفِي السّفر رَكْعَتَيْنِ وَفِي الْخَوْف رَكْعَة حَيْثُ قَالُوا أَن المُرَاد رَكْعَة مَعَ الإِمَام وركعة أُخْرَى يَأْتِي بهَا مُنْفَردا كَمَا جَاءَت الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة فِي صَلَاة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَصْحَابه فِي الْخَوْف.

     وَقَالَ  النَّوَوِيّ لَا بُد من هَذَا التَّأْوِيل جمعا بَين الْأَدِلَّة
( وَقَالَ مُسَدّد عَن أبي عوَانَة عَن أبي بشر اسْم الرجل غورث بن الْحَارِث وَقَاتل فِيهَا محَارب خصفة) أَبُو عوَانَة بِفَتْح الْعين هُوَ الوضاح الْيَشْكُرِي الْبَصْرِيّ وَأَبُو بشر بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة هُوَ جَعْفَر بن أبي وحشية وَهَذَا التَّعْلِيق أخرجه سعيد بن مَنْصُور عَن أبي عوَانَة عَن أبي بشر عَن سُلَيْمَان بن قيس يَعْنِي الْيَشْكُرِي الثِّقَة عَن جَابر قَوْله اسْم الرجل أَرَادَ الرجل الَّذِي فِي قَوْله فجَاء رجل من الْمُشْركين قَوْله غورث بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْوَاو وَفتح الرَّاء وبالثاء الْمُثَلَّثَة وَقيل بِضَم أَوله مَأْخُوذ من الغرث وَهُوَ الْجُوع وَحكى الْخطابِيّ فِيهِ غويرث بِالتَّصْغِيرِ قَوْله " وَقَاتل فِيهَا " أَي فِي تِلْكَ الْغَزْوَة قَوْله " محَارب خصفة " مفعول قَاتل ومحارب مُضَاف إِلَى خصفة وَقد ذكرنَا أَن محَارب قبائل كَثِيرَة فَذكر خصفة للتمييز وروى الْبَيْهَقِيّ من طَرِيقين عَن أبي عوَانَة عَن أبي بشر عَن سُلَيْمَان بن قيس عَن جَابر قَالَ قَاتل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - محَارب خصفة فَرَأَوْا من الْمُسلمين غرَّة فجَاء رجل مِنْهُم يُقَال لَهُ غورث بن الْحَارِث حَتَّى قَامَ على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ من يمنعك الحَدِيث
( وَقَالَ أَبُو الزبير عَن جَابر كُنَّا مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِنَخْل فصلى الْخَوْف) أَبُو الزبير مُحَمَّد بن مُسلم بن تدرس علقه عَنهُ البُخَارِيّ وَتقدم الْكَلَام فِي رِوَايَة أبي الزبير عَن جَابر عَن قريب قَوْله " فصلى الْخَوْف أَي فصلى صَلَاة الْخَوْف
( وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة صليت مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي غَزْوَة نجد صَلَاة الْخَوْف وَإِنَّمَا جَاءَ أَبُو هُرَيْرَة إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَيَّام خَيْبَر) هَذَا التَّعْلِيق وَصله أَبُو دَاوُد وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن حبَان من طَرِيق أبي الْأسود أَنه سمع عُرْوَة يحدث عَن مَرْوَان بن الحكم أَنه سَأَلَ أَبَا هُرَيْرَة هَل صليت مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صَلَاة الْخَوْف.

     وَقَالَ  أَبُو هُرَيْرَة نعم قَالَ مَرْوَان مَتى قَالَ عَام غَزْوَة نجد قَوْله " وَإِنَّمَا جَاءَ أَبُو هُرَيْرَة إِلَى آخِره " ذكر البُخَارِيّ هَذَا تَأْكِيدًا لقَوْله أَن غَزْوَة ذَات الرّقاع كَانَت بعد خَيْبَر وَذَلِكَ لِأَن أَبَا هُرَيْرَة مَا جَاءَ إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَّا فِي أَيَّام خَيْبَر وَفِيه نظر لَا يخفى لِأَنَّهُ لَا يلْزم من قَوْله صليت مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي غَزْوَة نجد صَلَاة الْخَوْف أَن يكون هَذَا فِي غَزْوَة ذَات الرّقاع لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - غزا غزوات عديدة فِي جِهَة نجد