فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب غزوة الحديبية


[ قــ :3964 ... غــ :4171 ]
- حدَّثنا إسْحَاقُ حدَّثنَا يَحْيَى بنُ صالِحٍ قَالَ حدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ هُوَ ابنُ سَلاَّمٍ عنْ يَحْيَى عنْ أبِي قِلاَبَةَ أنَّ ثابِتَ بنَ الضَّحَّاكِ أخْبَرَهُ أنَّهُ بايَعَ النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَحْتَ الشَّجَرَةِ.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( تَحت الشَّجَرَة) وَإِسْحَاق هُوَ ابْن مَنْصُور بن بهْرَام الكوسج الْمروزِي، وَهُوَ شيخ مُسلم أَيْضا، وَيحيى ابْن صَالح هُوَ الرحاظي الْحِمصِي وَهُوَ شيخ البُخَارِيّ أَيْضا.
وَقد يحدث عَنهُ بِوَاسِطَة، وَمُعَاوِيَة بن سَلام، بتَشْديد اللَّام وَيحيى هُوَ ابْن أبي كثير، وَوَقع فِي رِوَايَة ابْن السكن: عَن زيد بن سَلام، بدل: يحيى بن أبي كثير، قَالَ أَبُو عَليّ الجياني: وَلم يُتَابع على ذَلِك، وَأَبُو قلَابَة، بِكَسْر الْقَاف: عبد الله بن زيد الْجرْمِي، وثابت بن الضَّحَّاك بن خَليفَة بن ثَعْلَبَة بن عدي بن كَعْب بن عبد الْأَشْهَل، ولد سنة ثَلَاث من الْهِجْرَة وَسكن الشَّام ثمَّ انْتقل إِلَى الْبَصْرَة وَمَات بهَا سنة خمس وَأَرْبَعين، وَقيل: إِنَّه مَاتَ فِي فتْنَة ابْن الزبير، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم.

وَهَذَا الحَدِيث أوردهُ هَكَذَا مُخْتَصرا، وَأخرج مُسلم بَقِيَّته عَن يحيى بن يحيى عَن مُعَاوِيَة بِهَذَا الْإِسْنَاد.





[ قــ :3965 ... غــ :417 ]
- حدَّثني أحْمَدُ بنُ إسْحَاقَ حدَّثَنَا عُثْمَانُ بنُ عُمَرَ أخبَرَنَا شُعْبَةُ عنْ قَتَادَةَ عنْ أنَسِ بنِ مالِكٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ { إنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحَاً مُبِيناً} ( الْفَتْح: 1) .
قَالَ الحُدَيْبِيَةُ قَالَ أصْحَابُهُ هَنِيئاً مَرِيئَاً فَما لَنَا فأنْزَلَ الله { ليُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ والمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ} ( الْفَتْح: 5) .
قَالَ شُعْبَةُ فقَدِمْتُ الكُوفَةَ فَحَدَّثْتُ بِهاذَا كُلِّهِ عنْ قَتَادَةَ ثُمَّ رَجَعْتُ فذَكَرْتُ لَهُ فَقالَ أمَّا إنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَعَنْ أنَسٍ وأمَّا هَنِيئَاً مَرِيئَاً فعَنْ عِكْرِمَةَ.
( الحَدِيث 417 طرفه فِي: 4834) .


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( قَالَ: الْحُدَيْبِيَة) وَأحمد بن إِسْحَاق بن الْحصين أَبُو إِسْحَاق السّلمِيّ السرماري، وسرمار قَرْيَة من قرى بُخَارى، مَاتَ فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ، وَعُثْمَان بن عمر بن فَارس الْبَصْرِيّ.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي التَّفْسِير عَن بنْدَار.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي التَّفْسِير عَن عَمْرو بن عَليّ.

قَوْله: ( قَالَ: الْحُدَيْبِيَة) ، أَي: قَالَ أنس: الْفَتْح فِي قَوْله تَعَالَى: { إنَّا فَتَحْنَا لَكَ} ( الْفَتْح: 1) .
هُوَ فِي الْحُدَيْبِيَة.
قَوْله: ( قَالَ أَصْحَابه) أَي: أَصْحَاب رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
قَوْله: ( هَنِيئًا) أَي: لَا إِثْم فِيهِ.
قَوْله: ( مريئاً) أَي: لَا دَاء فِيهِ.
يُقَال: هنأني الطَّعَام ومرأني.
وَإِذا لم يذكر هنأني يَقُول: امرأني، بِالْهَمْزَةِ.
قَالَه أَبُو عبيد الْهَرَوِيّ،.

     وَقَالَ  ابْن فَارس: يُقَال مرأني الطَّعَام وأمرأني أَي: انهضم، وَذكر ابْن الْأَعرَابِي أَنه لَا يُقَال: مرأني.
قَوْله: ( فَمَا لنا) ، من قَول الصَّحَابَة أَيْضا.
قَوْله: ( قَالَ شُعْبَة: فَقدمت الْكُوفَة) إِلَى آخِره، إِشَارَة إِلَى أَن بعض الحَدِيث عِنْد قَتَادَة عَن أنس، وَبَعضه عِنْده عَن عِكْرِمَة، وَقد أخرجه الْإِسْمَاعِيلِيّ من طَرِيق حجاج بن مُحَمَّد عَن شُعْبَة، وَجمع فِي الحَدِيث بَين أنس وَعِكْرِمَة وَسَاقه مساقاً وَاحِدًا.





[ قــ :3966 ... غــ :4173 ]
- حدَّثنا عبْدُ الله بنُ مُحَمَّدٍ حدَّثَنا أبُو عامِرٍ حدَّثَنا إسْرَائِيلُ عنْ مَجْزَأةَ بنِ زَاهِرٍ الأسْلَمِيِّ عنْ أبِيهِ وكانَ مِمَّنْ شَهِدَ الشَّجَرَةَ قَالَ إنِّي أوقِدُ تَحْتَ القِدْرِ بِلُحُومِ الْحُمُرِ إذْ نادَى مُنَادِي رسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إنَّ رَسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَنْهَاكُمْ عنْ لُحُومِ الحُمُرِ.


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( وَكَانَ مِمَّن شهد الشَّجَرَة) .
وَأَبُو عَامر هُوَ عبد الْملك بن عَمْرو الْعَقدي، بِالْعينِ الْمُهْملَة وَالْقَاف المفتوحتين، وَوَقع فِي رِوَايَة ابْن السكن: حَدثنَا عُثْمَان بن عمر، بدل: أبي عَامر، وَإِسْرَائِيل هُوَ ابْن يُونُس، وَإِسْرَائِيل هَذَا وَقع فِي الْأُصُول وَلَا بُد مِنْهُ،.

     وَقَالَ  بَعضهم: وَحكى بعض الشُّرَّاح أَنه وَقع فِي بعض النّسخ بإسقاطه، وَأنكر عَلَيْهِ.
قلت: أَرَادَ بِبَعْض الشُّرَّاح: صَاحب ( التَّوْضِيح) ، وَهُوَ من مشايخه، ومجزأة، بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْجِيم وبالزاي والهمزة قبل الْهَاء،.

     وَقَالَ  أَبُو عَليّ الجياني: المحدثون يسهلون الْهمزَة وَلَا يتلفظون بهَا، وَقد يكسرون الْمِيم، وَهُوَ يروي عَن أَبِيه زَاهِر بن الْأسود بن حجاج ابْن قيس بن عبد بن دعبل بن أنس بن خُزَيْمَة بن مَالك بن سلامان بن سلم بن أفْضى الْأَسْلَمِيّ.
وَلَيْسَ لَهُ فِي البُخَارِيّ إلاَّ هَذَا الحَدِيث وَالَّذِي بعده.

قَوْله: ( عَن أَبِيه) ، كَذَا وَقع للْجَمِيع، وَوَقع فِي رِوَايَة الْأصيلِيّ: عَن أبي زيد الْمروزِي عَن أنس، بدل قَوْله: عَن أَبِيه.
قَالَ أَبُو عَليّ الجياني: هُوَ تَصْحِيف.
قَوْله: ( قَالَ: إِنِّي لأوقد تحد الْقدر) إِلَى آخِره، حِكَايَة عَمَّا كَانَ يَوْم خَيْبَر من النَّهْي الْمَذْكُور، وَلَيْسَ فِي الحَدِيث مَا يدل على أَنه كَانَ يَوْم الْحُدَيْبِيَة، وَإِنَّمَا أورد البُخَارِيّ الحَدِيث لأجل قَوْله فِيهِ: ( وَكَانَ مِمَّن شهد الشَّجَرَة) وَقد اعْترض الدَّاودِيّ هُنَا،.

     وَقَالَ : مَا وَقع هُنَا وهم، فَإِن النَّهْي عَن لُحُوم الْحمر الْأَهْلِيَّة لم يكن بِالْحُدَيْبِية.
قلت: الْجَواب مَا ذكرته، فَلَا حَاجَة إِلَى النِّسْبَة إِلَى الْوَهم.





[ قــ :3968 ... غــ :4175 ]
- حدَّثني مُحَمَّدُ بنُ بَشَّارٍ حدَّثَنا ابنُ أبِي عَدِيٍّ عنْ شُعْبَةَ عنْ يَحْيَى بنِ سَعِيدٍ عنْ بُشَيْرِ بنِ يَسارٍ عنْ سُوَيْدِ بنِ النُّعْمَانِ وكانَ مِنْ أصْحَابِ الشَّجَرَةِ قَالَ كانَ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأصْحَابُهُ أُوتُوا بِسَوِيقٍ فَلاكُوهُ.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( وَكَانَ من أَصْحَاب الشَّجَرَة) وَابْن أبي عدي هُوَ مُحَمَّد، وَيحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ، وَبشير، بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَفتح الشين الْمُعْجَمَة: ابْن يسَار ضد الْيَمين الْأنْصَارِيّ، وسُويد، بِضَم السِّين الْمُهْملَة وَفتح الْوَاو: ابْن النُّعْمَان بن مَالك بن عَائِذ بن مجدعة بن جشم بن حَارِثَة الْأنْصَارِيّ، يعد فِي أهل الْمَدِينَة.
والْحَدِيث مضى فِي كتاب الطَّهَارَة فِي: بابُُ من مضمض من السويق وَلم يتَوَضَّأ، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.

قَوْله: ( فلاكوه) من اللوك وَهُوَ مضغ الشَّيْء وإدارته فِي الْفَم.

تابَعَهُ مُعاذٌ عنْ شُعْبَةَ
أَي: تَابع ابْن أبي عدي معَاذ بن معَاذ قَاضِي الْبَصْرَة عَن شُعْبَة بن الْحجَّاج، وق وصل هَذِه الْمُتَابَعَة الْإِسْمَاعِيلِيّ عَن يحيى بن مُحَمَّد عَن عبيد الله بن معَاذ عَن أَبِيه مُخْتَصرا.





[ قــ :3969 ... غــ :4176 ]
- حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ حاتِمِ بنِ بَزِيعٍ حدَّثَنَا شَاذَانُ عنْ شُعْبَةَ عنْ أبِي جَمْرَةَ قَالَ سألْتُ عائِذَ بنَ عَمْرو رَضِي الله تَعَالَى عنهُ وكانَ مِنْ أصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْ أصْحَابِ الشَّجَرَةِ هَلْ يُنْقَضُ الوِتْرُ قَالَ إذَا أوْتَرْتَ مِنْ أوَّلِهِ فَلاَ تُوتِرْ مِنْ آخِرِهِ.


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( من أَصْحَاب الشَّجَرَة) وَمُحَمّد بن حَاتِم، بِالْحَاء الْمُهْملَة: ابْن بزيع، بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَكسر الزَّاي وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالعين الْمُهْملَة، وشاذان، بالشين الْمُعْجَمَة وَتَخْفِيف الذَّال الْمُعْجَمَة: هُوَ الْأسود بن عَامر الشَّامي ثمَّ الْبَغْدَادِيّ، وَلَفظ: شَاذان مُعرب، وَمَعْنَاهُ: فرحين بِالْفَاءِ، وَأَبُو جَمْرَة، بِالْجِيم وَالرَّاء: واسْمه نصر بن عمرَان الضبيعي،.

     وَقَالَ  أَبُو عَليّ الجياني، وَقع فِي نُسْخَة أبي ذَر: عَن أبي الْهَيْثَم، بِالْحَاء وَالزَّاي، وَهُوَ وهم مِنْهُ، وَالصَّوَاب: بِالْجِيم وَالرَّاء، وعائذ، بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة: ابْن عَمْرو، بِفَتْح الْعين: ابْن هِلَال الْمُزنِيّ، يكنى أَبَا عُبَيْدَة، وَكَانَ من صالحي الصَّحَابَة سكن الْبَصْرَة وابتنى بهَا دَارا فِي إمرة عبد الله ابْن زِيَاد أَيَّام يزِيد بن مُعَاوِيَة، وَمَا لَهُ فِي البُخَارِيّ إلاَّ هَذَا الحَدِيث ذكره مَوْقُوفا.

قَوْله: ( هَل ينْقض؟) على صِيغَة الْمَجْهُول ( وَالْوتر) مَرْفُوع بِهِ يَعْنِي: إِذا صلى مثلا ثَلَاث رَكْعَات ونام، فَهَل يُصَلِّي بعد النّوم شَيْئا آخر مِنْهُ مُضَافا إِلَى الأول، مُحَافظَة على قَوْله: ( إجعلوا آخر صَلَاتكُمْ بِاللَّيْلِ وترا؟) وَإِذا صلاهَا مرّة فَهَل يُصليهَا مرّة أُخْرَى بعد النّوم؟ فَأجَاب بِاخْتِيَار الصّفة الثَّانِيَة ( فَقَالَ: إِذا أوترت) إِلَى آخِره، وَقد اخْتلف فِي هَذِه الْمَسْأَلَة، فَكَانَ أَبُو عمر مِمَّن يرى نقض الْوتر، وَالصَّحِيح عِنْد الشَّافِعِيَّة أَنه لَا ينْقض وَهُوَ قَول مَالك أَيْضا.
قلت: وَهُوَ قَول أَصْحَابنَا أَيْضا، وَعَلِيهِ الْجُمْهُور، وَالله أعلم.





[ قــ :3970 ... غــ :4177 ]
- ( حَدثنِي عبد الله بن يُوسُف أخبرنَا مَالك عَن زيد بن أسلم عَن أَبِيه أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يسير فِي بعض أَسْفَاره وَكَانَ عمر بن الْخطاب يسير مَعَه لَيْلًا فَسَأَلَهُ عمر بن الْخطاب عَن شَيْء فَلم يجبهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثمَّ سَأَلَهُ فَلم يجبهُ ثمَّ سَأَلَهُ فَلم يجبهُ.

     وَقَالَ  عمر بن الْخطاب ثكلتك أمك يَا عمر نزرت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثَلَاث مَرَّات كل ذَلِك لَا يجيبك قَالَ عمر فحركت بَعِيري ثمَّ تقدّمت أَمَام الْمُسلمين وخشيت أَن ينزل فِي قُرْآن فَمَا نشبت أَن سَمِعت صَارِخًا يصْرخ بِي قَالَ فَقلت لقد خشيت أَن يكون نزل فِي قُرْآن وَجئْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَسلمت عَلَيْهِ فَقَالَ لقد أنزلت عَليّ اللَّيْلَة سُورَة لهي أحب إِلَيّ مِمَّا طلعت عَلَيْهِ الشَّمْس ثمَّ قَرَأَ إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا)
مطابقته للتَّرْجَمَة إِنَّمَا تتأتى على قَول من يَقُول المُرَاد بِالْفَتْح صلح الْحُدَيْبِيَة وَقد اخْتلفُوا فِيهِ اخْتِلَافا كثيرا فَقيل المُرَاد فتح الْإِسْلَام بِالسَّيْفِ والسنان وَقيل الحكم وَقيل فتح مَكَّة قيل هُوَ الْمُخْتَار وَقيل فتح الْإِسْلَام بِالْآيَةِ وَالْبَيَان وَالْحجّة والبرهان وَفِي تَفْسِير النَّسَفِيّ وَالْأَكْثَرُونَ على أَن الْفَتْح كَانَ يَوْم الْحُدَيْبِيَة.

     وَقَالَ  الْبَراء بن عَازِب نَحن نعد الْفَتْح بيعَة الرضْوَان.

     وَقَالَ  الشّعبِيّ هُوَ فتح الْحُدَيْبِيَة.

     وَقَالَ  الزُّهْرِيّ لم يكن فتح أعظم من صلح الْحُدَيْبِيَة وَيُقَال الْفَتْح فِي اللُّغَة فتح المغلق وَالصُّلْح الَّذِي جعل بَين الْمُشْركين بِالْحُدَيْبِية كَانَ مشدودا متعذرا حَتَّى فَتحه الله وَزيد بن أسلم مولى عمر بن الْخطاب يروي عَن أَبِيه أسلم عَن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وَظَاهره أَنه مُرْسل وَلَكِن قَول عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فحركت بَعِيري إِلَى آخِره يدل على أَنه عَن عمر والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي التَّفْسِير عَن القعْنبِي وَفِي فَضَائِل الْقُرْآن عَن إِسْمَاعِيل وَالْكل عَن مَالك وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي التَّفْسِير عَن ابْن بشار وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن مُحَمَّد بن عبد الله المَخْزُومِي قَوْله " فِي بعض أَسْفَاره " الظَّاهِر أَنه كَانَ فِي سفر الْحُدَيْبِيَة قَوْله " أَن ينزل " على صِيغَة الْمَجْهُول قَوْله " فِي " بِكَسْر الْفَاء وَتَشْديد الْيَاء وَكَذَلِكَ فِي بعد قَوْله قد نزل قَوْله " قد نزرت " بِفَتْح النُّون وَتَشْديد الزَّاي أَي ألححت وضيقت عَلَيْهِ حَتَّى أحرجته وَقيل الْمَعْرُوف بتَخْفِيف الزَّاي من النزر وَهُوَ الْقلَّة وَمِنْه الْبِئْر النزور أَي قَليلَة المَاء فَقيل ذَلِك لمن كثر عَلَيْهِ السُّؤَال حَتَّى انْقَطع جَوَابه.

     وَقَالَ  ابْن الْأَعرَابِي النزر الإلحاح فِي السُّؤَال وَعَن الْأَصْمَعِي نزر فلَان فلَانا إِذا استخرج مَا عِنْده قَلِيلا قَلِيلا قَوْله " فَمَا نشبت " أَي فَمَا لَبِثت من نشب ينشب من بابُُ علم يعلم يُقَال لم ينشب أَن فعل كَذَا أَي لم يلبث وَحَقِيقَته لم يتَعَلَّق بِشَيْء غَيره وَلَا اشْتغل بسواه قَوْله " إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا " قد مر تَفْسِير الْفَتْح آنِفا وَاخْتلف فِي الْموضع الَّذِي نزلت فِيهِ سُورَة الْفَتْح فَعِنْدَ أبي معشر بِالْجُحْفَةِ وَفِي الإكليل عَن مجمع بن حَارِثَة بكراع الغميم -



[ قــ :3970 ... غــ :4179 ]
- حدَّثني عَبْدُ الله بنُ مُحَمَّدٍ حدَّثَنا سُفْيَانُ قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ حِينَ حَدَّثَ هذَا الحَدِيثَ حَفِظْتُ بَعْضَهُ وثَبَّتَنِي مَعْمَرٌ عنْ عرْوَةَ بنِ الزُّبَيْرِ عنِ المِسْوَرِ بنِ مَخْرَمَةَ ومَرْوَانَ بنِ الحَكَمِ يَزِيدُ أحَدُهُمَا علَى صاحِبِهِ قالاَ خرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عامَ الحُدَيْبِيَّةِ فِي بِضْعَ عَشْرَةَ مِائَةً مِنْ أصْحَابِهِ فلَمَّا أتَي ذَا الحُلَيْفَةِ قَلَّدَ الْهَدْيَ وأشْعَرَهُ وأحْرَمَ مِنْهَا بِعُمْرَةٍ وبعَثَ عَيْنَاً لَهُ مِنْ خُزَاعَةَ وسارَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى كانَ بِغَدِيرِ الأشْظَاظِ أتَاهُ عَيْنُهُ قَالَ إنَّ قُرَيْشَاً جَمَعُوا لَكَ جموعا وَقد جمعو لَك الأحَابِيشَ وهُمْ مُقَاتِلُوكَ وصادُّوكَ عنِ البَيْتِ ومانِعُوكَ فَقال أشِيرُوا أيُّهَا النَّاسُ عَلَيَّ أتَرَوْنَ أنْ أمِيلَ إلَى عِيَالِهِمْ وذَرَارِيِّ هاؤُلاءِ الَّذِينَ يُرِيدُونَ أنْ يَصُدُّونَا عنِ البَيْتِ فإنْ يأتُونَا كانَ الله عَزَّ وَجَلَّ قَدْ قَطَعَ عَيْنَاً مِنَ المُشْرِكِينَ وإلاَّ تَرَكْنَاهُمْ مَحْرُوبِينَ قَالَ أبُو بَكْرٍ يَا رسُولَ الله خَرَجْتَ عامِدَاً لِهاذَا البَيْتِ لاَ تُرِيدُ قَتْلَ أحَدٍ ولاَ حَرْبَ أحَدٍ فتَوَجَّهْ لَه فَمَنْ صَدَّنَا عنْهُ قاتَلْناهُ قَالَ امْضُوا علَى اسمِ الله.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَعبد الله بن مُحَمَّد هُوَ الْمَعْرُوف بالمسندي، وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة، والمسور، بِكَسْر الْمِيم، ومخرمة بِفَتْحِهَا، وَقد ذكر هَؤُلَاءِ غير مرّة.

والْحَدِيث مضى فِي كتاب الشُّرُوط فِي: بابُُ الشُّرُوط فِي الْجِهَاد، مطولا جدا، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ، ولنذكر هُنَا مَا لم يذكر هُنَاكَ.

قَوْله: ( هَذَا الحَدِيث) ، أَشَارَ بِهِ إِلَى الحَدِيث الَّذِي ذكره هُنَا.
قَوْله: ( حفظت بعضه) ، الْقَائِل هُوَ سُفْيَان أَي: سَمِعت بعض الحَدِيث عَن الزُّهْرِيّ.
قَوْله: ( وثبتني معمر) ، أَي: جعلني معمر بن رَاشد ثَابتا فِيمَا سمعته من الزُّهْرِيّ هَهُنَا.
قَوْله: ( عَام الْحُدَيْبِيَة) ، وَهُوَ عَام سِتّ من الْهِجْرَة، وَقد بسطنا الْكَلَام فِيهِ فِي أول الْبابُُ، وَكَذَلِكَ مر الْكَلَام فِي قَوْله: ( بضع عشرَة مائَة) قَوْله: ( فَلَمَّا أَتَى ذَا الحليفة) أَي: فَلَمَّا جَاءَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، الْمَكَان الَّذِي يُسمى ذَا الحليفة، وَهُوَ مِيقَات أهل الْمَدِينَة وَهِي الَّتِي تسمى: أبار على، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
قَوْله: ( وَأَشْعرهُ) من الْإِشْعَار، وَقد ذَكرْنَاهُ عَن قريب.
قَوْله: ( بعث عينا) ، أَي: جاسوساً.
قَوْله: ( من خُزَاعَة) ، بِضَم الْخَاء الْمُعْجَمَة وَتَخْفِيف الزَّاي، وَهِي فِي الأزد وَفِي قضاعة، وَالَّتِي فِي الأزد تنْسب إِلَى خُزَاعَة وَهُوَ عَمْرو بن ربيعَة، وَالَّتِي فِي قضاعة بطن وَهُوَ خُزَاعَة ابْن مَالك، وَاسم هَذَا الْعين: بسر بن سُفْيَان بن عَمْرو بن عُوَيْمِر الْخُزَاعِيّ، قَالَ أَبُو عمر: أسلم سنة سِتّ من الْهِجْرَة وَشهد الْحُدَيْبِيَة، وَبسر، بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون السِّين الْمُهْملَة.
قَوْله: ( بغدير الأشظاظ) بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة وبالظاءين المعجمتين،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: بالمهملتين، وَقيل: بالمعجمتين، مَوضِع تِلْقَاء الْحُدَيْبِيَة، وَضَبطه الْبكْرِيّ أَيْضا بالمهملتين،.

     وَقَالَ  الْهَرَوِيّ: هُوَ بملتقى الطَّرِيقَيْنِ من عسفان للْخَارِج إِلَى مَكَّة على يَمِينك بِمِقْدَار ميلين، وَرُبمَا اجْتمع فِيهِ المَاء وَلَيْسَ ثمَّة غَدِير غَيره، والغدير مُجْتَمع المَاء.
قَوْله: ( الْأَحَابِيش) ، بِالْحَاء الْمُهْملَة وبالباء الْمُوَحدَة والشين الْمُعْجَمَة على وزن المصابيح الْجَمَاعَة من النَّاس لَيْسُوا من قَبيلَة وَاحِدَة،.

     وَقَالَ  ابْن الْأَثِير: هم أَحيَاء من القارة انضموا إِلَى بني لَيْث فِي محاربتهم قُريْشًا، والتحبش التجمع، وَقيل: حالفوا قُريْشًا تَحت جبل يُسمى حبيشاً فسموا بذلك.
قَوْله: ( من الْمُشْركين) يتَعَلَّق بقوله: ( قطع) أَي: إِن يَأْتُونَا كَانَ الله تَعَالَى قد قطع مِنْهُم جاسوساً، يَعْنِي الَّذِي بَعثه رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أَي: غَايَته أَنا كُنَّا كمن لم يبْعَث الجاسوس وَلم يعبر الطَّرِيق، وواجههم بِالْقِتَالِ، وَإِن لم يَأْتُونَا نهبنا عِيَالهمْ وَأَمْوَالهمْ وتركناهم محروبين، بِالْحَاء الْمُهْملَة الرَّاء، أَي: مسلوبين منهوبين، يُقَال: حربه إِذا أَخذ مَاله وَتَركه بِلَا شَيْء، وَقد حَرْب مَاله، أَي: سلبه فَهُوَ محروب،.

     وَقَالَ  الْخطابِيّ: الْمَحْفُوظ مِنْهُ كَانَ الله قد قطع عنقًا بِالْقَافِ أَي: جمَاعَة من أهل الْكفْر فيقل عَددهمْ وتهن بذلك قوتهم، قَالَ الْخَلِيل: جَاءَ الْقَوْم عنقًا أَي: طوائف، والأعناق الرؤساء، قَوْله: ( فَتوجه) أَمر من توجه يتَوَجَّه.
قَوْله: ( لَهُ) أَي: الْبَيْت.
قَوْله: ( وَمن صدنَا عَنهُ) ، أَي: وَمن منعنَا من الْبَيْت.





[ قــ :3973 ... غــ :418 ]
- قَالَ ابنُ شِهَابٍ وأخبرَنِي عُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ أنَّ عائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهَا زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قالَتْ إنَّ رسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَمْتَحِنُ مَنْ هاجَرَ مِنَ المُؤْمِنَاتِ بِهاذِهِ الْآيَة { يَا أيُّهَا النَّبِيُّ إذَا جاءَكَ المُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ} ( الممتحنة: 1) .
وعَنْ عَمِّهِ قالَ بلَغَنَا حِينَ أَمَرَ الله رسُولَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنْ يَرُدَّ إِلَى المُشْرِكِينَ مَا أنْفَقُوا علَى مَنْ هَاجَرَ مِنْ أزْوَاجِهِمْ وبَلَغَنا أنَّ أبَا بَصِيرٍ فذَكَرَهُ بِطُولِهِ.
.


هَذَا طَرِيق آخر فِي الحَدِيث الْمَذْكُور.
وَإِسْحَاق هُوَ ابْن رَاهَوَيْه، وَيَعْقُوب هُوَ ابْن إِبْرَاهِيم بن سعد وَابْن أخي ابْن شهَاب اسْمه مُحَمَّد بن عبد الله بن مُسلم بن شهَاب وَعَمه مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ.

قَوْله: ( على قَضِيَّة الْمدَّة) ، أَي: الْمُصَالحَة فِي الْمدَّة الْمعينَة.
قَوْله: ( أَن يقاضي) ، أَي: يُصَالح ويحاكم.
قَوْله: ( وامعضوا) ، بتَشْديد الْمِيم وَفتح الْعين الْمُهْملَة وَضم الضَّاد الْمُعْجَمَة، وَأَصله: انمعضوا، بالنُّون قبل الْمِيم فأدغمت النُّون فِي الْمِيم، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: امتعضوا، بِالتَّاءِ المثناء من: الامتعاض، يُقَال: إنمعض من شَيْء سَمعه وامتعض إِذا غضب وشق عَلَيْهِ، وَفِي ( الْمطَالع) للأصيلي والهمداني: امتعظوا بِمَعْنى كَرهُوا، وَهُوَ غير صَحِيح فِي الْخط والهجاء، وَإِنَّمَا يَصح: امتعضوا، بضاد غير مشالة كَمَا عِنْد أبي ذَر وعبدوس بِمَعْنى: كَرهُوا وأنفوا، وَوَقع عِنْد الْقَابِسِيّ: امعظوا، بتَشْديد الْمِيم وظاء مُعْجمَة، وَعند بَعضهم: اتغظوا، من الغيظ، وَعند بَعضهم عَن النَّسَفِيّ: وانغضوا، بغين مُعْجمَة وضاد مُعْجم غير مشالة من الإنغاص وَهُوَ الِاضْطِرَاب، قَالَ: وكل هَذِه الرِّوَايَات إحالات وتعبيرات وَلَا وَجه لشَيْء من ذَلِك إِلَّا: امتعضوا.
قَوْله: ( مهاجرات) ، حَال من الْمُؤْمِنَات.
قَوْله: ( أم كُلْثُوم بنت عقبَة) ، بِضَم الْعين وَسُكُون الْقَاف: ابْن أبي معيط واسْمه أبان بن أبي عَمْرو، وَاسم أبي عَمْرو ذكْوَان بن أُميَّة بن عبد شمس بن عبد منَاف،.

     وَقَالَ  أَبُو عمر: أسلمت أم كُلْثُوم بِمَكَّة قبل أَن تَأْخُذ النِّسَاء فِي الْهِجْرَة إِلَى الْمَدِينَة ثمَّ هَاجَرت وبايعت فَهِيَ من الْمُهَاجِرَات المبايعات، وَقيل: هِيَ أول من هَاجر من النِّسَاء، وَكَانَت هجرتهَا سنة سبع فِي الْهُدْنَة الَّتِي كَانَت بَين رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَبَين الْمُشْركين من قُرَيْش،.

     وَقَالَ  ابْن إِسْحَاق: هَاجَرت أم كُلْثُوم بنت عقبَة بن أبي معيط فِي هدنة الْحُدَيْبِيَة فَخرج أَخَوَاهَا عمَارَة والوليد ابْنا عقبَة حَتَّى قدما على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يسألانه أَن يردهَا عَلَيْهِمَا بالعهد الَّذِي كَانَ بَينه وَبَين قُرَيْش فِي الْحُدَيْبِيَة، فَلم يفعل،.

     وَقَالَ : أَبى الله ذَلِك.
قَالَ أَبُو عمر: يَقُولُونَ إِنَّهَا مشت على قدميها من مَكَّة إِلَى الْمَدِينَة، فَلَمَّا قدمت الْمَدِينَة تزَوجهَا زيد بن حَارِثَة فَقتل عَنْهَا يَوْم مُؤْتَة، فَتَزَوجهَا الزبير بن الْعَوام فَولدت لَهُ زَيْنَب ثمَّ طَلقهَا، فَتَزَوجهَا عبد الرَّحْمَن بن عَوْف فَولدت لَهُ إِبْرَاهِيم وعوفاً، وَمَات عَنْهَا فَتَزَوجهَا عَمْرو بن الْعَاصِ، فَمَكثت عِنْده شهرا وَمَاتَتْ، وَهِي أُخْت عُثْمَان لأمه، وَأمّهَا أورى بنت كريز بن ربيعَة بن حبيب بن عبد شمس بن عبد منَاف.
قَوْله: ( وَهِي عاتق) أَي: شَابة، وَقيل: من أشرفت على الْبلُوغ، وَقيل: من لم تتَزَوَّج.

قَوْله: ( قَالَ ابْن شهَاب: وَأَخْبرنِي عُرْوَة) هُوَ مَوْصُول بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور، وَقد وَصله الْإِسْمَاعِيلِيّ عَن أبي يعلى عَن أبي خَيْثَمَة عَن يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم بِهِ.
قَوْله: ( كَانَ يمْتَحن) ، من الامتحان وَهُوَ الِابْتِلَاء، أَي: كَانَ يمتحنهن بِالْحلف وَالنَّظَر فِي الأمارات ليغلب على ظَنّه صدق إيمانهن، وَعَن ابْن عَبَّاس: معنى: امتحانهن: أَن يستحلفن من خرجن من بغض زوج، وَمَا خرجن رَغْبَة عَن أَرض إِلَى أَرض، وَمَا خرجن التمَاس دنيا، وَمَا خرجن إلاَّ حبا لله وَرَسُوله.
قَوْله: ( بِهَذِهِ الْآيَة) وَهِي قَوْله تَعَالَى: { يَا أَيهَا النَّبِي إِذا جَاءَك الْمُؤْمِنَات يبايعنك على أَن لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّه شَيْئا وَلَا يَسْرِقن} ( الممتحنة: 1) .
الْآيَة، وَسبب نزُول هَذِه الْآيَة مَا ذكره الْمُفَسِّرُونَ: أَن الله تَعَالَى لما نصر رَسُوله وَفتح مَكَّة وَفرغ من بيعَة الرِّجَال جَاءَت النِّسَاء يبايعنه، فَنزلت هَذِه الْآيَة، وَهُوَ على الصَّفَا وَعمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَسْفَل مِنْهُ وَهُوَ يُبَايع النِّسَاء بِأَمْر رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ويبلغهن عَنهُ.
قَوْله: ( وَعَن عَمه) ، هُوَ عطف على قَوْله: ( حَدثنِي ابْن أخي ابْن شهَاب عَن عَمه) ، وَهُوَ مَوْصُول بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور.
قَوْله: ( قَالَ بلغنَا) إِلَى آخِره، مُرْسل وَهُوَ مَوْصُول من رِوَايَة معمر.
قَوْله: ( مَا أَنْفقُوا) ، أَي: أَمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، برد مَا أنْفق الْمُشْركُونَ على نِسَائِهِم الْمُهَاجِرَات إِلَيْهِم،.

     وَقَالَ  أَبُو زيد من أَصْحَابنَا الْحَنَفِيَّة: هُوَ عِنْد أهل الْعلم مَخْصُوص بنساء أهل الْعَهْد وَالصُّلْح، وَكَانَ الامتحان أَن تستحلف المهاجرة أَنَّهَا مَا خرجت نَاشِزَة وَلَا هَاجَرت إلاَّ لله وَلِرَسُولِهِ، فَإِذا حَلَفت لم ترد ورد صَدَاقهَا إِلَى بَعْلهَا، وَإِن كَانَت من غَيْرِي أهل الْعَهْد لم تستحلف وَلم يرد صَدَاقهَا.
قَوْله: ( وبلغنا أَن أَبَا بَصِير ... فَذكره مطولا) أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا مضى من قصَّة أبي بَصِير فِي كتاب الشُّرُوط مطولا، وَاخْتَصَرَهُ هَهُنَا، وَأَبُو بَصِير، بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَكسر الصَّاد الْمُهْملَة، وَقد اخْتلف فِي اسْمه وَنسبه، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ فِي كتاب الشُّرُوط.





[ قــ :3974 ... غــ :4183 ]
- حدَّثنا قُتَيْبَةُ عنْ مالِكٍ عنْ نافِعٍ أنَّ عَبْدَ الله بنَ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما خرَجَ مُعْتَمِرَاً فِي الْفِتْنَةِ فَقَالَ إنْ صُدِدْتُ عنِ البَيْتِ صَنَعْنَا كَمَا صَنَعْنَا مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأهَلَّ بِعُمْرَةٍ مِنْ أجْلِ أنَّ رسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كانَ أهَلَّ بِعُمْرَةٍ عامَ الحُدَيْبِيَةِ.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( عَام الْحُدَيْبِيَة) والْحَدِيث مضى فِي كتاب الْحَج فِي: بابُُ إِذا أحْصر الْمُعْتَمِر، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عبد الله بن يُوسُف عَن مَالك إِلَى آخِره.
قَوْله: ( فِي الْفِتْنَة) أَي: فِي أَيَّام الْفِتْنَة.
قَوْله: ( إِن صددت) ، على صِيغَة الْمَجْهُول أَي: إِن منعت.



[ قــ :3975 ... غــ :4184 ]
- حَدثنَا مُسَدّد حَدثنَا يحيى عَن عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر أَنه أهل.

     وَقَالَ  إِن حيل بيني وَبَينه لفَعَلت كَمَا فعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين حَالَتْ كفار قُرَيْش بَينه وتلا { لقد كَانَ لكم فِي رَسُول الله أُسْوَة حَسَنَة} .

وَهَذَا طَرِيق آخر فِي الحَدِيث الْمَذْكُور أخرجه عَن مُسَدّد عَن يحيى بن سعيد الْقطَّان عَن عبيد الله بن عمر الْعمريّ عَن نَافِع وَهَذَا أَيْضا مضى فِي الْحَج فِي الْبابُُ الْمَذْكُور مطولا
قَوْله ( وَبَينه) أَي وَبَين الْبَيْت