فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب غزوة خيبر


[ قــ :3993 ... غــ :4203 ]
- حدَّثنا أبُو اليَمَانِ أخبرَنا شُعَيْبٌ عنُ الزُّهْرِيِّ قَالَ أخْبرَنِي سَعِيدُ بنُ المُسَيَّبِ أنَّ أبَا هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ شَهِدْنَا خَيْبَرَ فَقالَ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِرَجُلٍ مِمَّنْ معَهُ يَدَّعِي الإسلامَ هاذَا منْ أهْلِ النَّارِ فلَمَّا حَضَرَ القِتَالُ قاتَلَ الرَّجُلُ أشَدَّ القِتَالِ حتَّى كَثُرَتْ بهِ الجِرَاحَةُ فَكادَ بَعْضُ النَّاسِ يَرْتَابُ فوَجَدَ الرَّجُلَ ألَمَ الجِرَاحَةِ فأهْوَى بِيَدِهِ إلَى كِنانَتِهِ فاسْتَخْرَجَ مِنْهَا أسْهُمَاً فنَحَرَ بِهَا نَفْسَهُ فَاشْتَدَّ رِجالٌ مِنَ المُسْلِمِينَ فَقالُوا يَا رسُولَ الله صَدَقَ الله حَدِيثَكَ انْتَحَرَ فُلاَنٌ فقَتَلَ نَفْسَهُ فَقالَ قُمْ يَا فُلاَنُ فأذِّنْ أنَّهُ لاَ يَدْخُلُ الجَنَّةَ إلاَّ مُؤْمِنٌ إنَّ الله يُؤَيِّدُ الدِّينَ بالرَّجُلِ الفَاجِرِ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَأَبُو الْيَمَان الحكم بن نَافِع وَشُعَيْب بن أبي حَمْزَة.
والْحَدِيث مضى فِي الْجِهَاد فِي: بابُُ إِن الله يُؤَيّد الدّين بِالرجلِ الْفَاجِر، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ بأتم مِنْهُ من طَرِيقين.

قَوْله: ( لرجل) اللَّام فِيهِ بِمَعْنى، عَن.
كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: { وَقَالَ الَّذين كفرُوا للَّذين آمنُوا} ( مَرْيَم: 73) .
وَيجوز أَن يكون بِمَعْنى: فِي كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: { وَنَضَع الموازين الْقسْط ليَوْم الْقِيَامَة} ( الْأَنْبِيَاء: 47، العنكبوت: 12، يس: 47، الْأَحْقَاف: 11) .
وَالْمعْنَى: قَالَ فِي شَأْنه.
قَوْله: ( فَاشْتَدَّ) أَي: أسْرع فِي الجري قَوْله: ( انتحر) أَي: نحر نَفسه.
قَوْله: ( يرتاب) ، أَي: يشك فِي صدق الرَّسُول وَحَقِيقَة الْإِسْلَام، وَفِي رِوَايَة معمر فِي الْجِهَاد: أَن يرتاب، وَدخُول: أَن، على خبر: كَاد، جَائِز مَعَ قلَّة.
قَوْله: ( قُم يَا فلَان) هُوَ بِلَال، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، كَمَا وَقع صَرِيحًا فِي الْجِهَاد.
قَوْله: ( يُؤَيّد) وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: ليؤيد.
قَوْله: ( بِالرجلِ الْفَاجِر) ، يحْتَمل أَن يكون: اللَّام للْجِنْس فَيعم كل فَاجر أيد الدّين وساعده بِوَجْه من الْوُجُوه، وَيحْتَمل أَن تكون للْعهد عَن ذَلِك الشَّخْص الْمعِين، وَهُوَ قزمان الْمَذْكُور فِي الحَدِيث السَّابِق، وَلكنه إِنَّمَا يكون للْعهد إِذا كَانَ الحديثان متحدين فِي الأَصْل، وَالظَّاهِر التَّعَدُّد، وَالله أعلم.

تابَعَهُ مَعْمَرٌ عنِ الزُّهْرِيِّ
أَي: تَابع شعيباً معمر بن رَاشد عَن الزُّهْرِيّ فِي هَذَا الْإِسْنَاد، وَقد مرت هَذِه الْمُتَابَعَة مَوْصُولَة فِي الْجِهَاد فِي الْبابُُ الَّذِي ذَكرْنَاهُ.





[ قــ :3993 ... غــ :404 ]
- وقَالَ شَبِيبٌ عنْ يُونُسَ عنِ ابنِ شِهَابٍ أخْبَرَنِي ابنُ المُسَيَّلِ وعَبْدُ الرَّحْمانِ بنُ عَبْدِ الله بنِ كَعْبٍ أنَّ أبَا هُرَيْرَةَ قَالَ شَهِدْنَا مَعَ النِّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَيْبَرَ.

شبيب بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة الأولى: ابْن سعيد، مر فِي الاستقراض، وَيُونُس هُوَ ابْن يزِيد، وَابْن شهَاب هُوَ مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ، وَهَذَا تَعْلِيق وَصله النَّسَائِيّ عَن عبد الْملك بن عبد الحميد الْمَيْمُونِيّ عَن مُحَمَّد بن شبيب عَن أَبِيه عَن يُونُس، فَذكره.

وَقَالَ ابنُ المُبَارَكِ عنْ يُونُسَ عنْ الزُّهْرِيِّ عنْ سَعِيدٍ عنِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
ابْن الْمُبَارك هُوَ عبد الله الْمروزِي، هَذَا تَعْلِيق ومرسل أَرَادَ بِهَذَا أَن ابْن الْمُبَارك وَافق شبيباً فِي لفظ حنين، وَخَالفهُ فِي الْإِسْنَاد فَأرْسلهُ، وَقد مر طَرِيق ابْن الْمُبَارك فِي الْجِهَاد، وَلَيْسَ فِيهِ تعْيين الْغَزْوَة.

تابَعَهُ صالِحٌ عنِ الزُّهْرِيِّ
أَي: تَابع ابْن الْمُبَارك صَالح بن كيسَان عَن الزُّهْرِيّ، وَقد روى البُخَارِيّ هَذِه الْمُتَابَعَة فِي ( تَارِيخه) ، قَالَ: قَالَ لي عبد الْعَزِيز الأويسي عَن إِبْرَاهِيم بن سعد عَن صَالح بن كيسَان عَن ابْن شهَاب: أَخْبرنِي عبد الرَّحْمَن بن عبيد الله بن كَعْب بن مَالك أَن بعض من شهد مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ لرجل مَعَه: ( هَذَا من أهل النَّار) الحَدِيث، قَالَ بَعضهم: فَظهر من هَذَا أَن المُرَاد بالمتابعة فِي ترك ذكر اسْم الْغَزْوَة لَيْسَ إلاَّ.
قلت: لَا نسلم ذَلِك، لِأَن ابْن الْمُبَارك تَابع شبيباً فِي لفظ: حنين، وَصَالح بن كيسَان تَابع ابْن الْمُبَارك، وَالظَّاهِر أَن الْمُتَابَعَة أَعم من أَن تكون فِي لفظ: حنين، وَفِي غَيره من الْمَتْن والإسناد، وَلَا يلْزم من عدم ذكر لفظ: حنين، فِي رِوَايَة البُخَارِيّ فِي ( تَارِيخه) أَن لَا يكون المُرَاد من قَوْله: مِمَّن شهد مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، شُهُوده فِي حنين لاحْتِمَال طي بعض الروَاة ذكره.
وَقَالَ الزُّبَيْدِيُّ أخْبَرَنِي الزُّهْرِيُّ أنَّ عَبْدَ الرَّحْمانِ بنَ كَعْبٍ أخْبَرَهُ أنَّ عُبَيْدَ الله بنَ كَعْبٍ قَالَ أخْبَرَنِي مَنْ شَهِدَ معَ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَيْبَرَ
الزبيدِيّ، بِضَم الزَّاي وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالدال الْمُهْملَة: وَهُوَ مُحَمَّد بن الْوَلِيد أَبُو الْهُذيْل الشَّامي الْحِمصِي، وَعبد الرَّحْمَن هُوَ ابْن عبيد الله بن كَعْب، وَأما عبيد الله فمصغر عبد الله ويروى: عبد الله، مكبراً ابْن عبد الله بن عمر بن الْخطاب، فَحَدِيثه مُرْسل لِأَنَّهُ تَابِعِيّ بِالتَّكْبِيرِ والتصغير، قَالَ الغساني: وَأما عبيد الله فَلَا أَدْرِي من هُوَ؟ وَلَعَلَّه وهم، وَالصَّحِيح عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن كَعْب، وَطَرِيق الزبيدِيّ هَذَا مُعَلّق مُخْتَصر.

قَالَ الزُّهْرِيُّ وأخْبَرَنِي عُبَيْدُ الله بنُ عَبْدِ الله وسَعِيدٌ عنِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
هَذَا أَيْضا مُعَلّق مُرْسل يرويهِ الزُّهْرِيّ عَن عبيد الله بِالتَّصْغِيرِ ابْن عبد الله بِالتَّكْبِيرِ عَن سعيد بن الْمسيب، وَرَوَاهُ الذهلي عَن الزُّهْرِيّ، قَالَ: أَخْبرنِي عبد الرَّحْمَن بن عبد الله، وَهَذَا أصوب من: عبيد الله بن عبد الله، نبه عَلَيْهِ أَبُو عَليّ الجياني، وَهَذِه رِوَايَات مُخْتَلفَة فِيهَا كَلَام كثير.





[ قــ :3994 ... غــ :405 ]
- حدَّثنا مُوسَى بنُ إسْمَاعِيلَ حدِّثَنا عَبْدُ الوَاحِدِ عنْ عاصِمٍ عنْ أبي عُثْمَانَ عنْ أبِي مُوسَى الأشْعَرِيِّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ لَمَّا غَزَا رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَيْبرَ أوْ قالَ لَمَّا تَوَجَّهَ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أشْرَفَ النَّاسُ عَلَى وادٍ فرَفَعُوا أصْوَاتَهُمْ بالتَّكْبِيرِ الله أكْبَرُ الله أكْبَرُ لَا إلاه إلاَّ الله فَقَالَ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ارْبَعُوا عَلَى أنْفُسِكُمْ إنَّكُمْ لاَ تَدْعُونَ أصَمَّ وَلاَ غائِبَاً إنَّكُمْ تَدْعُونَ سَمِيعاً قَرِيبَاً وَهْوَ مَعَكُمْ وأنَا خَلْفَ دَابَّةِ رسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فسَمِعَنِي وأنَا أقُولُ لاَ حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إلاَّ بِاللَّه فَقَالَ لي يَا عَبْدَ الله بنَ قَيْسٍ.

قُلْتُ لَبَّيْكَ رسُولُ الله قَالَ ألاَ أدُلَّكَ عَلَى كَلِمَةٍ مِنْ كَنْزٍ مِنْ كُنُوزِ الجَنَّةِ.

قُلْتُ بَلَى يَا رسُولَ الله فِدَاكَ أبِي وأُمِّي قَالَ لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إلاَّ بِاللَّه.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَعبد الْوَاحِد هُوَ ابْن زِيَاد، وَعَاصِم هُوَ ابْن سُلَيْمَان الْأَحول، وَأَبُو عُثْمَان عبد الرَّحْمَن بن مل النَّهْدِيّ.
بالنُّون وَهَؤُلَاء كلهم بصريون، وَأَبُو مُوسَى عبد الله بن قيس الْأَشْعَرِيّ.

والْحَدِيث مضى فِي الْجِهَاد فِي: بابُُ مَا يكره من رفع الصَّوْت بِالتَّكْبِيرِ.

قَوْله: ( أَو قَالَ: لما توجه) ، شكّ من الرَّاوِي، قَوْله: ( أشرف النَّاس على وَاد) ، ظَاهر هَذَا يُوهم أَن ذَلِك وَقع وهم ذاهبون إِلَى خَيْبَر، وَلَيْسَ كَذَلِك، بل إِنَّمَا وَقع ذَلِك حَال رجوعهم لِأَن أَبَا مُوسَى إِنَّمَا قدم بعد فتح خَيْبَر مَعَ جَعْفَر، فَحِينَئِذٍ يحْتَاج إِلَى تَقْدِير ليَصِح الْكَلَام، تَقْدِيره: لما توجه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، إِلَى خَيْبَر فحاصرها فَفَتحهَا ففرغ، فَرجع فَأَشْرَف النَّاس ... إِلَى آخِره.
قَوْله: ( إربعوا) بِكَسْر الْهمزَة مَعْنَاهُ: إرفقوا، يُقَال: ربع عَلَيْهِ يربع ربعا إِذا كف عَنهُ، وَأَرْبع على نَفسه: كف عَنْهَا وأرفق بهَا.
قَوْله: ( لبيْك رَسُول الله) يَعْنِي: يَا رَسُول الله، وَحذف حرف النداء كثير.
قَوْله: ( من كنز من كنوز الْجنَّة) ، كلمة: من، الأولى للتبيين، وَالثَّانيَِة للتَّبْعِيض.





[ قــ :3995 ... غــ :406 ]
- حدَّثنا المَكِّيُّ بنُ إبْرَاهِيمَ حدَّثَنَا يَزِيدُ بنُ أبِي عُبَيْدٍ قالَ رأيْتُ أثَرَ ضَرْبَةٍ فِي سَاق سلَمَةَ فقُلْتُ يَا أبَا مُسْلِمٍ مَا هَذِه الضَّرْبَةُ فَقَالَ هَذِهِ ضَرْبَةٌ أصَابَتْنِي يَوْمَ خَيْبَرَ فقالَ النَّاسُ أُصِيبَ سلَمَةُ فأتَيْتُ النِّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فنَفَثَ فِيهِ ثَلاَثَ نفَثَاتٍ فَمَا اشْتَكَيْتُهَا حَتَّى السَّاعَةِ.


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( يَوْم خَيْبَر) والمكي هُوَ علم وَلَيْسَ بِنِسْبَة إِلَى مَكَّة، وَقد وهم فِيهِ الْكرْمَانِي، فَقَالَ: الْمَكِّيّ، مَنْسُوب إِلَى مَكَّة، وَسَلَمَة هُوَ ابْن الْأَكْوَع وَهَذَا الحَدِيث من ثلاثيات البُخَارِيّ وَهُوَ الرَّابِع عشر مِنْهَا.

قَوْله: ( يَا أَبَا مُسلم) ، كنية سَلمَة ابْن الْأَكْوَع.
قَوْله: ( فنفث فِيهِ) ، أَي: فِي مَوضِع الضَّرْبَة، والنفثات جمع نفثة وَهِي فَوق النفخ وَدون التفل، وَقد يكون بِغَيْر ريق بِخِلَاف التفل، وَقد يكون بريق خَفِيف بِخِلَاف النفخ.
قَوْله: ( حَتَّى السَّاعَة) ، بِالنّصب نَحْو: أكلت السَّمَكَة حَتَّى رَأسهَا بِالنّصب، هَكَذَا قَالَه الْكرْمَانِي قلت: تمثيله لَا يَتَأَتَّى إلاَّ فِي حَالَة النصب، لِأَن فِيهِ يجوز الْأَوْجه الثَّلَاثَة: الرّفْع وَالنّصب والجر، بِخِلَاف حَتَّى السَّاعَة، فَإِنَّهُ لَا يجوز فِيهِ الرّفْع وَهُوَ ظَاهر، أما وَجه النصب فَلَا بُد فِيهِ من تَقْدِير زمَان تَقْدِيره: فَمَا اشتكيتها زَمَانا حَتَّى السَّاعَة، وَأما الْجَرّ فلكون حَتَّى للْعَطْف، والمعطوف دَاخل فِي الْمَعْطُوف عَلَيْهِ، فَافْهَم.





[ قــ :3996 ... غــ :407 ]
- حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ مَسْلَمَةَ حدَّثَنا ابنُ أبِي حازِمٍ عنْ أبِيهِ عنْ سَهْلٍ قَالَ الْتَقَى النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم والمُشْرِكُونَ فِي بَعْضِ مغَازِيهِ فاقْتَتَلُوا فَمالَ كلُّ قَوْمٍ إلَى عسْكَرِهِمْ وَفِي المُسْلِمِينَ رَجُلٌ لَا يَدَعُ مِنَ المُشْرِكِينَ شاذَّةً ولاَ فاذَّةً إلاَّ اتَّبَعَهَا يَضْرِبُهَا بِسَيْفِهِ فَقِيلَ يَا رسُولَ الله مَا أجْزَأ أحَدُهُمْ مَا أجْزأ فُلانٌ فقَالَ إنَّهُ مِنْ أهْلِ النَّارِ فَقَالُوا أيُّنَا مِنْ أهْلِ الجَنَّةِ إنْ كانَ هاذَا مِنْ أهْلِ النَّارِ فَقالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ لأتَّبِعَنَّهُ فإذَا أسْرَعَ وأبْطأ كُنْتُ مَعَهُ حَتَّى جُرِحَ فاسْتَعْجَلَ المَوْتَ فوَضَعَ نِصَابَ سَيْفِهِ بالأرْضِ وذبابَُُهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ ثُمَّ تَحَامَلَ علَيْهِ فقَتَلَ نَفْسَهُ فَجَاءَ الرَّجُلُ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقالَ أشْهَدُ أنَّكَ رسُولُ الله فَقال ومَا ذاكَ فأخْبَرَهُ فَقالَ إنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أهْلِ الجَنَّةِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ وإنَّهُ مِنْ أهْلِ النَّارِ ويَعْمَلُ بِعَمَلِ أهْلِ النَّارِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ وهْوَ مِنْ أهْلِ الجَنَّةِ.
.


هَذَا طَرِيق آخر لحَدِيث سهل بن سعد الَّذِي مضى فِي هَذَا الْبابُُ عَن قريب، وَكَانَ من التَّرْتِيب أَن يذكرهُ عَقِيبه، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ مُسْتَوفى، وَابْن أبي حَازِم هُوَ عبد الْعَزِيز بن أبي حَازِم يروي عَن أَبِيه أبي حَازِم، واسْمه: سَلمَة بن دِينَار، يروي عَن سهل بن سعد السَّاعِدِيّ الْأنْصَارِيّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَوْله: ( يضْربهَا) ، ويروى: ( فضربها) .
قَوْله: ( أحدهم) ، ويروى: أحد.
قَوْله: ( نِصَاب سَيْفه) ، وَهُوَ مقبضه.
قَوْله: ( بِالْأَرْضِ) ، أَي: ملتصقاً بهَا، أَو تكون الْبَاء بِمَعْنى: فِي.





[ قــ :3997 ... غــ :408 ]
- حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ سَعِيدٍ الخُزَاعِيُّ حدَّثَنَا زِيادُ بنُ الرَّبِيعِ عنْ أبِي عِمْرانَ قالَ نظَرَ أنَسٌ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الجُمُعَةِ فرَأى طَيَالِسَةً فَقَالَ كأنَّهُمُ السَّاعَةَ يَهُودُ خَيْبَرَ.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( يهود خَيْبَر) وَمُحَمّد بن سعيد بن الْوَلِيد أَبُو بكر الْخُزَاعِيّ الْبَصْرِيّ، وروى عَنهُ البُخَارِيّ هُنَا مُفردا، وَفِي الْجِهَاد مَقْرُونا، وَلَيْسَ لَهُ فِي البُخَارِيّ إلاَّ هذَيْن الْمَوْضِعَيْنِ.
وَهُوَ ثِقَة من أَفْرَاد أَحْمد.
وَزِيَاد، بِكَسْر الزَّاي وَتَخْفِيف الْيَاء آخر الْحُرُوف: ابْن الرّبيع أَبُو خِدَاش بِكَسْر الْخَاء الْمُعْجَمَة وَتَخْفِيف الدَّال الْمُهْملَة وَفِي آخِره شين: اليحمدي الْأَزْدِيّ الْبَصْرِيّ، وَثَّقَهُ أَحْمد وَغَيره، وَنقل ابْن عدي عَن البُخَارِيّ أَنه قَالَ: فِيهِ نظر،.

     وَقَالَ  ابْن عدي: وَمَا أرى بِرِوَايَاتِهِ بَأْسا، وَأَبُو عمرَان هُوَ عبد الْملك بن حبيب الْجونِي، بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الْوَاو وبالنون: نِسْبَة إِلَى بني الجون، بطن من الأزد.

قَوْله: ( فَرَأى طيالسة) أَي: عَلَيْهِم، وَهُوَ جمع طيلسان، بِفَتْح اللَّام وَالْهَاء فِي الْجمع للعجمة، لِأَنَّهُ فَارسي مُعرب،.

     وَقَالَ  الْجَوْهَرِي: والعامة تَقول بِكَسْر اللَّام.
قَوْله: ( كَأَنَّهُمْ) ، أَي: كَانَ هَؤُلَاءِ النَّاس الَّذين رأى عَلَيْهِم الطيالسة يهود خَيْبَر، وَهَذَا إِنْكَار عَلَيْهِم لِأَن التَّشَبُّه بهم مَمْنُوع، وَأدنى الدَّرَجَات فِيهِ الْكَرَاهَة، وَقد روى ابْن خُزَيْمَة وَأَبُو نعيم: أَن أنسا قَالَ: مَا شبهت النَّاس الْيَوْم فِي الْمَسْجِد وَكَثْرَة الطيالسة إلاَّ يهود خَيْبَر،.

     وَقَالَ  بَعضهم: وَلَا يلْزم من هَذَا كَرَاهِيَة لبس الطيالسة.
قلت: لَا نسلم ذَلِك، لِأَنَّهُ إِذا لم يفهم مِنْهُ الْكَرَاهَة فَمَا فَائِدَة تشبيهه إيَّاهُم باليهود فِي استعمالهم الطيالسة؟.

     وَقَالَ  أَيْضا: وَقيل: إِنَّمَا أنكر ألوانها.
قلت: وَمن هُوَ قَائِل هَذَا من الْعلمَاء حَتَّى يعْتَمد عَلَيْهِ؟ وَمن قَالَ: إِن الْيَهُود فِي ذَلِك الزَّمن كَانُوا يستعملون الصفر من الطيالسة أَو غَيرهَا؟ وَلَئِن سلمنَا أَنَّهَا كَانَت صفراء، فَلم يكن تَشْبِيه أنس، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، لأجل اللَّوْن، وَقد روى الطَّبَرَانِيّ عَن أنس قَالَ: كَانَت للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ملحفة مصبوغة بالورس والزعفران يَدُور بهَا على نِسَائِهِ، فَإِن كَانَت لَيْلَة هَذِه رشها بِالْمَاءِ، وَإِن كَانَت لَيْلَة هَذِه رشها بِالْمَاءِ، وَقد روى الطَّبَرَانِيّ أَيْضا من حَدِيث أم سَلمَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، قَالَت: رُبمَا صبغ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رِدَاءَهُ أَو إزَاره بزعفران أَو ورس ثمَّ يخرج فيهمَا.





[ قــ :3998 ... غــ :409 ]
- حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ مَسْلَمَةَ حدَّثَنَا حاتِمٌ عنْ يَزِيدَ بنِ أبِي عُبَيْدٍ عنْ سَلَمَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ كانَ عَلِيٌّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ تخَلَّفَ عنِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي خَيْبَرَ وكانَ رَمِدَاً فَقال أنَا أتَخَلَّفُ عنِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فلَحِقَ بِهِ فلَمَّا بِتْنَا الَّلَيْلَةَ الَّتِي فُتِحَتْ قَالَ لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غدَاً أوْ ليَأخُذَنَّ الرَّايَةَ غدَاً رَجُلٌ يُحِبُّهُ الله ورَسُولُهُ يُفْتَحُ عَلَيْهِ فنَحْنُ نَرْجُوهَا فَقِيلَ هاذَا علِيٌّ فأعْطَاهُ فَفُتِحَ علَيْهِ.
( انْظُر الحَدِيث 975 وطرفه) .


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَقد تكَرر ذكر رِجَاله، والْحَدِيث مر فِي الْجِهَاد فِي: بابُُ مَا قيل فِي لِوَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.

قَوْله: ( وَكَانَ رمداً) بِفَتْح الرَّاء وَكسر الْمِيم، وَفِي رِوَايَة ابْن أبي شيبَة: أرمد، وَفِي رِوَايَة جَابر عِنْد الطَّبَرَانِيّ فِي ( الصَّغِير) : أرمد، بتَشْديد الدَّال، وَفِي حَدِيث ابْن عمر عِنْد أبي نعيم فِي ( الدَّلَائِل) : أرمد لَا يبصر.
قَوْله: ( فَقَالَ: أَنا أَتَخَلَّف؟) كَأَنَّهُ أنكر على نَفسه تَأَخره عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
قَوْله: ( فلحق بِهِ) أَي: بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَيحْتَمل أَن يكون لحق بِهِ فِي الطَّرِيق، وَيحْتَمل أَن يكون بعد الْوُصُول إِلَى خَيْبَر.
قَوْله: ( أَو ليأخذن الرَّايَة) شكّ من الرَّاوِي.
قَوْله: ( رجل) فَاعل: ليأخذن.
قَوْله: ( يُحِبهُ الله وَرَسُوله) صفة الرجل، والراية: الْعلم الَّذِي يحمل فِي الْحَرْب بِهِ مَوضِع صَاحب الْجَيْش، وَقد يحملهُ أَمِير الْجَيْش، وَرُبمَا يَدْفَعهُ إِلَى مقدم الْعَسْكَر، وَقد صرح جمَاعَة من أهل اللُّغَة بِأَن الرَّايَة وَالْعلم مُتَرَادِفَانِ، لَكِن روى أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ من حَدِيث ابْن عَبَّاس: كَانَت راية رَسُول الله، وَمثله عِنْد الطَّبَرَانِيّ عَن بُرَيْدَة، وَعند ابْن أبي عدي عَن أبي هُرَيْرَة، وَزَاد: مَكْتُوب فِيهِ: لَا إلاه إلاَّ الله مُحَمَّد رَسُول الله، قَوْله: ( فَنحْن نرجوها) أَي: نرجو الرَّايَة أَن تدفع إِلَيْنَا أَرَادَ أَن كل وَاحِد مِنْهُم كَانَ يَرْجُو ذَلِك.
قَوْله: ( فَقيل: هَذَا عَليّ) أَي: قد حضر.
قَوْله: ( فَفتح عَلَيْهِ) فِيهِ اخْتِصَار، أَي: فَلَمَّا حضر أعطَاهُ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الرَّايَة فَتقدم بهَا وَقَاتل فَفتح الله على يَدَيْهِ.





[ قــ :3999 ... غــ :410 ]
- حدَّثنا قُتَيْبَةُ بنُ سعِيدٍ حدَّثَنَا يَعْقُوبُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمانِ عنْ أبِي حازِمٍ قَالَ أخْبَرَنِي سَهْلُ بنُ سَعْدٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ أنَّ رسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يَوْمَ خَيْبَرَ لأُعْطِيَنَّ هاذِهِ الرَّايَةَ غَدَاً رَجُلاٌ يَفْتَحُ الله علَى يَدَيْهِ يُحِبُّ الله ورَسُولَهُ ويُحِبُّهُ الله ورسُولُه قَالَ فَبَاتَ النَّاسُ يَدُوكُونَ لَيْلَتَهُمْ أيُّهُمْ يُعْطَاهَا فلَمَّا أصْبَحَ النَّاسُ غَدَوْا علَى رسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كُلُّهُمْ يَرْجُو أنْ يُعْطَاهَا فَقَالَ أيْنَ عَلِيُّ بنُ أبِي طَالِب فَقِيلَ هُوَ يَا رَسُولَ الله يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ قَالَ فأرْسَلُوا إلَيْهِ فأُتِيَ بِهِ فبَصَقَ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي عَيْنَيْهِ ودَعَا لَهُ فبَرَأ حتَّى كأنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ وجَعٌ فأعْطَاهُ الرَّايَةَ فَقَالَ عَلِيٌّ يَا رسُولَ الله أُقَاتِلُهُمْ حتَّى يَكُونُوا مِثْلَنَا فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انْفُذْ علَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ ثمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإسْلاَمِ وأخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَقِّ الله فِيهِ فَوَالله لِأَن يَهْدِيَ الله بِكَ رَجُلاً واحِدَاً خَيْرٌ مِنْ أنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَأَبُو حَازِم سَلمَة بن دِينَار.
والْحَدِيث قد مضى فِي الْجِهَاد فِي: بابُُ فضل من أسلم على يَدَيْهِ رجل، بِعَين هَذَا الْإِسْنَاد والمتن، وَهنا بعض زِيَادَة، وَهِي قَوْله: ( يدوكون ليلتهم) بِضَم الدَّال الْمُهْملَة: من الدوك، وَهُوَ الِاخْتِلَاط أَي: باتوا فِي اخْتِلَاط وَاخْتِلَاف.
قَوْله: ( كلهم يَرْجُو) ويروى: يرجون.
قَوْله: ( فَأتى بِهِ) على صِيغَة الْمَجْهُول.
قَوْله: ( ودعا لَهُ) فَقَالَ أللهم أذهب عَنهُ الْحر والقر، قَالَ: فَمَا اشتكيتهما حَتَّى يومي هَذَا، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ عَنهُ.
قَوْله: ( فبرأ) بِفَتْح الرَّاء والهمزة على وزن: ضرب، قيل: وَيجوز بِكَسْر الرَّاء على وزن: علم، وروى الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث عَليّ: فَمَا رمدت وَلَا صدعت مُنْذُ دفع إِلَيّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الرَّايَة يَوْم خَيْبَر.
قَوْله: ( أقاتلهم) حذف مِنْهُ همزَة الاستفهمام، قَوْله: ( حَتَّى يَكُونُوا مثلنَا) حَتَّى يَكُونُوا مُسلمين مثلنَا.
قَوْله: ( أنفذ) بِضَم الْفَاء وبالذال الْمُعْجَمَة.
قَوْله: ( فِيهِ) أَي: فِي الْإِسْلَام.
قَوْله: ( حمر النعم) بِسُكُون الْمِيم وبفتح النُّون فِي النعم وَالْعين الْمُهْملَة وَهُوَ من ألوان الْإِبِل المحمودة، وَكَانَت الْعَرَب تفتخر بهَا.





[ قــ :4000 ... غــ :411 ]
- حدَّثنا عَبْدُ الغَفَّارِ بنُ دَاوُدَ حدَّثَنا يَعْقُوبُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمانِ ح وحدَّثنِي أحْمَدُ بنُ عِيسَى حدَّثنا ابنُ وَهْبٍ قَالَ أخْبرنِي يَعْقُوبُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمانِ الزُّهْرِيُّ عنْ عَمْرٍ ومَوْلَى المُطَّلِبِ عنْ أنَسٍ بنِ مالِكٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ قَدِمْنَا خَيْبَرَ فلَمَّا فتَحَ الله علَيْهِ الحِصْنَ ذُكِرَ لَهُ جَمَالُ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيِّ ابنِ أخْطَبَ وقَدْ قُتِلَ زَوْجُهَا وكانَتْ عَرُوسَاً فاصْطَفَاهَا النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِنَفْسِهِ فخَرَجَ بِهَا حَتَّى بلَغَ بِهَا سُدَّ الصَهْبَاءِ حَلَّتْ فبَنَى بِهَا رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثُمَّ صنَعَ حَيْسَاً فِي نِطعٍ صَغِيرٍ ثُمَّ قالَ لي آذِنْ مَنْ حَوْلَكَ فَكانَتْ تِلْكَ ولِيمَتَهُ علَى صَفِيَّةَ ثُمَّ خَرَجْنَا إِلَى المَدِينَةِ فرَأيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُحَوِّي لَهَا ورَاءَهُ بِعَبَاءَةٍ ثُمَّ يَجْلِسُ عِنْدَ بَعِيرِهِ فَيَضَعُ رُكْبَتَهُ وتَضَعُ صَفِيَّةُ رِجْلَهَا علَى رُكْبَتِهِ حَتَّى تَرْكَبَ.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَأخرجه من طَرِيقين: أَحدهمَا: عَن عبد الْغفار بن دَاوُد أبي صَالح الْحَرَّانِي سكن مصر وَهُوَ من أَفْرَاده وَقد أخرج عَنهُ هُنَا وَفِي الْبيُوع خَاصَّة هَذَا الحَدِيث الْوَاحِد.
وَالْآخر: عَن أَحْمد بن عِيسَى فِي رِوَايَة كَرِيمَة، ولعلي بن شبويه عَن الْفربرِي أَحْمد بن صَالح الْمصْرِيّ وَبِه جزم أَبُو نعيم فِي ( الْمُسْتَخْرج) ، وَعَمْرو بِفَتْح الْعين مولى الْمطلب، بتَشْديد الطَّاء وَكسر اللَّام، وَفِي رِوَايَة عبد الْغفار بن أبي عَمْرو وَاسم أبي عَمْرو ميسرَة.

والْحَدِيث مضى فِي كتاب الْبيُوع فِي: بابُُ هَل يُسَافر بالجارية قبل أَن يَسْتَبْرِئهَا.

قَوْله: ( الْحصن) ، اسْمه القموص، قَوْله: ( صَفِيَّة بنت حييّ) ، بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة وَفتح الْيَاء آخر الْحُرُوف الأولى وَتَشْديد الثَّانِيَة: ( ابْن أَخطب) بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة وبالطاء الْمُهْملَة.
قَوْله: ( زَوجهَا) ، واسْمه: كنَانَة بن الرّبيع بن أبي الْحقيق، بِضَم الْحَاء.
قَوْله: ( فاصطفاها) أَي: اخْتَارَهَا لنَفسِهِ، وَذَلِكَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ لَهُ سهم يدعى الصفي، إِن شَاءَ عبدا أَو أمة أَو فرسا يختاره من الْخمس، فَاخْتَارَ صَفِيَّة هُنَا، قَوْله: ( سد الصَّهْبَاء) ، السد، بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَضمّهَا، والصهباء مَوضِع بِأَسْفَل خَيْبَر، وَقد تقدم ذكرهَا عَن قريب، وَوَقع فِي رِوَايَة عبد الْغفار هُنَا: سد الروحاء، وَالْأول أصوب، قَالَه بَعضهم،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي:.

     وَقَالَ  بَعضهم: الصَّوَاب سد الروحاء، والروحاء بالراء مَكَان قريب من الْمَدِينَة بَينهمَا نَيف وَثَلَاثُونَ ميلًا من جِهَة مَكَّة.
قَوْله: ( حلت) ، أَي: صَارَت حَلَالا لرَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالطَّهَارَةِ من الْحيض وَنَحْوه.
قَوْله: ( فَبنى بهَا رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) أَي: فَدخل عَلَيْهَا.
قَوْله: ( حَيْسًا) ، بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالسين الْمُهْملَة: هُوَ تمر يخلط بِسمن وأقط.
قَوْله: ( يحوِّي لَهَا) بِضَم الْيَاء وَفتح الْحَاء الْمُهْملَة وَتَشْديد الْوَاو الْمَكْسُورَة أَي: يَجْعَل لَهَا حوية، وَهِي كسَاء محشو يدار حول الرَّاكِب.





[ قــ :4001 ... غــ :41 ]
- حدَّثنا إسْمَاعِيلُ قَالَ حدَّثني أخي عنْ سُلَيْمَانَ عنْ يَحْيَى عنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ سَمِعَ أنَسَ ابنَ مَالِكٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أقامَ عَلَى صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيُ بِطَرِيقِ خَيْبَرَ ثَلاثَةَ أيَّامٍ حتَّى أعْرَسَ بِهَا وكانَتْ فِيمَنْ ضُرِبَ علَيْهَا الحِجَابُ.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( أَقَامَ على صَفِيَّة بنت حييّ بطرِيق خَيْبَر) ، وَإِسْمَاعِيل هُوَ ابْن أبي أويس، وَأَخُوهُ أَبُو بكر بن عبد الحميد، وَسليمَان هُوَ ابْن بِلَال، وَيحيى هُوَ ابْن سعيد الْأنْصَارِيّ، وَرِوَايَته عَن حميد من رِوَايَة الأقران.
والْحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ أَيْضا فِي النِّكَاح وَفِي الْوَلِيمَة عَن مُحَمَّد بن نصر هُوَ الْفراء عَن أَيُّوب بن سُلَيْمَان عَن أبي بكر بن أبي أويس بِهِ.

قَوْله: ( ثَلَاثَة أَيَّام) ، أَرَادَ أَنه أَقَامَ فِي الْمنزلَة الَّتِي أعرس بهَا فِيهَا ثَلَاثَة أَيَّام.
لَا أَنه سَار ثَلَاثَة أَيَّام ثمَّ أعرس، وأعرس من الإعراس، وَلَا يُقَال: عرس بِالتَّشْدِيدِ من التَّعْرِيس، يُقَال: أعرس الرجل فَهُوَ معرس إِذا دخل بامرأته عِنْد بنائها.
قَوْله: ( وَكَانَت) أَي: صَفِيَّة ( فِيمَن ضرب عَلَيْهَا الْحجاب) أَي: كَانَت من أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ، لِأَن ضرب الْحجاب إِنَّمَا هُوَ على الْحَرَائِر لَا على ملك الْيَمين.