فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب غزوة خيبر


[ قــ :4011 ... غــ :4223 ]
- ( حَدثنَا مُسلم حَدثنَا شُعْبَة عَن عدي بن ثَابت عَن الْبَراء قَالَ غزونا مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نَحوه) هَذَا طَرِيق آخر أخرجه عَن مُسلم بن إِبْرَاهِيم إِلَى آخِره وَلِهَذَا الحَدِيث ثَلَاث طرق كَمَا رَأَيْتهَا اثْنَان عاليان وَوَاحِد نَازل فَذكره بَين العاليين لِأَن فِيهِ التَّصْرِيح بِسَمَاع التَّابِعِيّ لَهُ من الصحابيين دوهما فَإِنَّهُمَا بالعنعنة -



[ قــ :401 ... غــ :46 ]
- حدَّثني إبْرَاهِيمُ بنُ مُوساى أخْبرنَا ابنُ أبِي زَائِدَةَ أخبرَنَا عاصِمٌ عنْ عامِرٍ عنِ البَرَاءِ بنِ عازِبٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما قَالَ أمَرَنَا النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ أنْ نُلْقَيَ الْحُمُرَ الأهْلِيَّةَ نِيئةً ونَضِيجَةً ثُمَّ لَمْ يأمُرْنَا بأكْلِهِ بَعْدُ.
.


هَذَا وَجه آخر أخرجه عَن إِبْرَاهِيم بن مُوسَى عَن يحيى بن زَكَرِيَّا بن أبي زَائِدَة عَن عَاصِم الْأَحول عَن عَامر الشّعبِيّ عَن الْبَراء ... إِلَى آخِره.
وَأخرجه مُسلم فِي الذَّبَائِح عَن زُهَيْر بن حَرْب وَعَن أبي سعيد الْأَشَج.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الصَّيْد عَن مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى، وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الذَّبَائِح عَن سُوَيْد بن سعيد.

قَوْله: ( أَن نلقي) بِضَم النُّون وَسُكُون اللَّام وَكسر الْقَاف، من الْإِلْقَاء، وَكلمَة: أَن، مَصْدَرِيَّة التَّقْدِير: أمرنَا بِأَن نلقي أَي: بإلقاء الْحمر الْأَهْلِيَّة مُطلقًا، يَعْنِي نيئة ونضيجة، فَقَوله: نيئة، بِكَسْر النُّون وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفتح الْهمزَة وبالتاء، وَذكره ابْن الْأَثِير فِي: بابُُ: نيء، أَعنِي فِي بابُُ: النُّون بعْدهَا الْيَاء ثمَّ الْهمزَة، وَذكره الْجَوْهَرِي فِي بابُُ: نوء، بِالْوَاو مَوضِع الْيَاء، قَالَ: وأناء اللَّحْم ينيئه إناءة: إِذا لم ينضجه، وَقد ناء اللَّحْم ينئي نيئاً فَهُوَ لحم نئي بِالْكَسْرِ مثل: بِالْكَسْرِ مثل: نيع: بيَّن النيوء والنيوءة،.

     وَقَالَ  ابْن الْأَثِير: وَقد تقلب الْهمزَة يَاء فَيُقَال: نياً بِالتَّشْدِيدِ،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: نيئة ونضيحة، بِالتَّنْوِينِ وَالْإِضَافَة، يَعْنِي: يجوز فِيهِ الْوَجْهَانِ أَحدهمَا نيئة ونضيجة بِالتَّاءِ فِي آخرهما، وَالْآخر: نيئها ونضيجها، بِالْإِضَافَة إِلَى الضَّمِير الَّذِي يرجع إِلَى اللحوم، فَفِي الْإِضَافَة تحذف التَّاء، وَلم أر أحدا من الشُّرَّاح حقق هَذَا الْموضع كَمَا يَنْبَغِي.
قَوْله: ( بعد) ، بِضَم الدَّال أَي: بعد أمره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بإلقاء الْحمر الْأَهْلِيَّة.
وَفِيه إِشَارَة إِلَى اسْتِمْرَار تَحْرِيمهَا.





[ قــ :4013 ... غــ :47 ]
- حدَّثني مُحَمَّدُ بنُ أبِي الحُسَيْنِ حدَّثَنا عُمَرُ بنُ حَفْصٍ حدَّثَنا أبِي عنْ عاصِمٍ عنْ عامِرٍ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما قَالَ لاَ أدْرِي أنَهَى عنْهُ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْ أجْلِ أنَّهُ كانَ حَمُولَةَ النَّاسِ فَكَرِهَ أنْ تَذْهَبَ حَمُولَتُهُمْ أوْ حَرَّمَهُ يَوْمَ خَيْبَرَ لَحْمَ الحُمُرِ الأهْلِيَّةِ.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَمُحَمّد بن أبي الْحُسَيْن جَعْفَر السماني الْحَافِظ، وَكَانَ من أَقْرَان البُخَارِيّ، وعاش بعده خمس سِنِين، وَقد ذكر الكلاباذي وَمن تبعه أَن البُخَارِيّ مَا روى عَنهُ غير هَذَا الحَدِيث.
.

     وَقَالَ  بَعضهم: تقدم فِي الْعِيدَيْنِ حَدِيث آخر، قَالَ البُخَارِيّ فِيهِ: حَدثنَا مُحَمَّد حَدثنَا عمر بن حَفْص، فَالَّذِي يظْهر أَنه هَذَا قلت: يحْتَمل أَن يكون غَيره، وَعمر بن حَفْص يروي عَن أَبِيه حَفْص بن غياث بن طلق بن مُعَاوِيَة أَبُو حَفْص النَّخعِيّ الْكُوفِي، وَهُوَ أحد مَشَايِخ البُخَارِيّ، روى عَنهُ هُنَا بالواسطة، وَعَاصِم هُوَ ابْن سُلَيْمَان الْأَحول، وعامر هُوَ ابْن شرَاحِيل الشّعبِيّ.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الذَّبَائِح عَن أَحْمد بن يُوسُف السّلمِيّ عَن عمر بن حَفْص.

قَوْله: ( أنهى عَنهُ؟) أَي: عَن لحم الْحمر الْأَهْلِيَّة، والهمزة فِيهِ للاستفهام على سَبِيل الاستخبار.
قَوْله: ( حمولة النَّاس) ، بِفَتْح الْحَاء، وَهِي الَّتِي يحمل عَلَيْهَا النَّاس من الدَّوَابّ سَوَاء كَانَت عَلَيْهَا الْأَحْمَال أَو لم تكن، كالركوبة.
.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: الحمولة كل مَا احْتمل عَلَيْهِ الْحَيّ من حمَار وَغَيره.
قَوْله: ( أَو حرمه يَوْم خَيْبَر؟) يَعْنِي تَحْرِيمًا مُطلقًا مُؤَبَّدًا.
قَوْله: ( لحم الْحمر الْأَهْلِيَّة) ، بَيَان للضمير الَّذِي فِي: عَنهُ، وَفِي: حرمه، وَيجوز فِيهِ النصب على تَقْدِير: أَعنِي لحم الْحمر الْأَهْلِيَّة، وَالرَّفْع على تَقْدِير: هُوَ لحم الْحمر الْأَهْلِيَّة، فالنصب على المفعولية، وَالرَّفْع على أَنه خبر لمبتدأ مَحْذُوف.



[ قــ :4014 ... غــ :48 ]
- حدَّثنا الحَسَنُ بنُ إسْحَاقَ حدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنِ سابِقٍ حدَّثَنا زَائِدَةُ عنْ عُبَيْدِ الله ابنِ عُمَرَ عنْ نافِعٍ عنِ ابنِ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما قَالَ قَسَمَ رسُولَ الله ت يَوْمَ خَيْبَرَ لِلْفَرَس سَهْمَيْنِ ولِلرَّاجِلِ سَهْماً قَالَ فسَّرَهُ نافِعٌ فَقَالَ إذَا كانَ معَ الرَّجُلِ فَرَسٌ فلَهُ ثَلاثَةُ أسْهُم وإنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فَرَسٌ فلَهُ سَهْمٌ.
( انْظُر الحَدِيث 863) .


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( يَوْم خَيْبَر) وَالْحسن بن إِسْحَاق بن زِيَاد الْمروزِي يلقب بحسنويه الشَّاعِر الثِّقَة، وَهُوَ من أَفْرَاده، وَمُحَمّد بن سَابق الْكُوفِي الْبَزَّار أَصله فَارسي كَانَ بِالْكُوفَةِ، مَاتَ سنة ثَلَاث عشرَة وَمِائَتَيْنِ، وَهُوَ من شُيُوخ البُخَارِيّ حدث عَنهُ بالواسطة، وزائدة هُوَ ابْن قدامَة أَبُو الصَّلْت الْكُوفِي، وَعبيد الله بن عمر الْعمريّ.

قَوْله: ( فسره نَافِع) ، أَي: قَالَ عبيد الله ابْن عمر الرَّاوِي عَن نَافِع، وَهُوَ مَوْصُول بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور.





[ قــ :4015 ... غــ :49 ]
- حدَّثنا يَحْيى بنُ بُكَيْرٍ حدَّثَنَا اللَّيْثُ عنْ يُونُسَ عنِ ابنِ شِهابٍ عنْ سَعِيدِ بنِ المُسَيَّبِ أنَّ جُبَيْرَ بنَ مُطْعِمٍ أخْبَرَهُ قَالَ مَشَيْتُ أنَا وعُثْمَانُ بنُ عَفَّانَ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقُلْنَا أعْطَيْتَ بَنِي المُطَّلِب مِنْ خُمْسِ خَيْبَرَ وتَرَكْتَنا ونحَنُ بِمَنْزِلَةٍ واحِدَةٍ مِنْكَ فقَالَ إنَّمَا بَنُو هاشِمٍ وبَنُو المُطَّلِبِ شَيْءٌ واحِدٌ قَالَ جُبَيْرٌ ولَمْ يَقْسِمِ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِبَنِي عَبْدِ شَمْسٍ وبَنِي نَوْفَلٍ شَيْئَاً ( انْظُر الحَدِيث 3140 وطرفه) .


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( من خمس خَيْبَر) والْحَدِيث قد مر فِي الْخمس فِي: بابُُ وَمن الدَّلِيل على أَن الْخمس للْإِمَام، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عبد الله بن يُوسُف عَن اللَّيْث عَن عقيل عَن ابْن شهَاب عَن سعيد بن الْمسيب ... إِلَى آخِره، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.

قَوْله: ( بني الْمطلب) ، وَهُوَ الْمطلب بن عبد منَاف بن قصي بن كلاب.
قَوْله: ( مِنْك) ، لأَنهم كلهم بَنو أعمام رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَكَانَ عُثْمَان عبشمياً، وَجبير بن مطعم كَانَ نوفلياً.
قَوْله: ( شَيْء وَاحِد) ، لِأَن أَحدهمَا لم يُفَارق الآخر لَا فِي الْجَاهِلِيَّة وَلَا فِي الْإِسْلَام فَكَانَا مَحْصُورين مَعًا فِي خيف بني كنَانَة.
وَقَوله: ( شَيْء) بالشين الْمُعْجَمَة وبالهمزة فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رواي الْمُسْتَمْلِي: سي، بِكَسْر السِّين الْمُهْملَة وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف.
.

     وَقَالَ  ابْن الْأَثِير: ( شَيْء وَاحِد) هَكَذَا رَوَاهُ يحيى بن معِين أَي: مثل سَوَاء، يُقَال: هما سيان أَي: مثلان، وَالرِّوَايَة الْمَشْهُورَة: شَيْء وَاحِد بالشين الْمُعْجَمَة.
قَوْله: ( قَالَ جُبَير بن مطعم) وَهُوَ مَوْصُول بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور.
قَوْله: ( لبني عبد شمس) هُوَ: ابْن عبد منَاف بن قصي بن كلاب.





[ قــ :4016 ... غــ :430 ]
- حدَّثني مُحَمَّدُ بنُ العَلاءِ حدَّثنا أبُو أُسامَةَ حدَّثنا بُرَيْدُ بنُ عَبْدِ الله عَن أبِي بُرْدَةَ عنْ أبِي مُوساى رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ بَلَغَنَا مَخْرَجُ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ونَحْنُ بالْيَمَنِ فخَرَجْنَا مُهَاجِرِينَ إلَيْهِ أنَا وأخَوَانِ لِي أنَا أصْغَرُهُمْ أحَدُهُمَا أبُو بُرْدَةَ والآخَرُ أبُو رُهْمٍ إمَّا قَالَ فِي بِضْعٍ وإمَّا قَالَ فِي ثَلاَثَةٍ وخَمْسِينَ أوْ إثْنَيْنِ وخَمْسِينَ رَجُلاً مِنْ قَوْمَي فرَكِبْنَا سَفِينَةً فألْقَتْنَا سَفِينَتُنَا إلَى النَّجَاشِيِّ بالحَبَشَةِ فَوَافَقْنَا جَعْفَرَ بنَ أبِي طالِبٍ فأقَمْنَا معَهُ حَتَّى قَدِمْنَا جَمِيعاً فوَافَقْنَا النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِينَ افْتَتَحَ خَيْبَرَ وكانَ أُنَاسٌ مِنَ النَّاسِ يَقُولُونَ لَنا يَعْنِي لأِهْلِ السَّفِينَةِ سَبَقْنَاكُمْ بالهِجْرَةِ.
ودَخَلَتْ أسْماءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ وهْيَ مِمَّنْ قَدِمَ معَنَا علَى حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زَائِرَةً وقَدْ كَانَتْ هَاجَرَتْ إلَى النَّجَاشِيِّ فِيمَنْ هَاجَرْنَ فَدَخَلَ عُمَرُ علَى حَفْصَةَ وأسْمَاءُ عِنْدَها فَقال عُمَرُ حِينَ رأى أسْمَاءَ مَنْ هاذِهِ قالَتْ أسْمَاءُ بنْتُ عُمَيْسٍ قَالَ عُمَرُ الحَبَشِيَّةُ هاذِهِ البَحْرِيَّةُ هاذِهِ قالَتْ أسْمَاءُ نَعَمْ قَالَ سَبَقْنَاكُمْ بِالْهِجْرَةِ فنَحْنُ أحَقُّ بِرَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْكُمْ فَغَضِبَتْ وقالَتْ كَلاَّ وَالله كُنْتُمْ مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُطْعِمُ جائِعَكُمْ ويَعِظُ جاهِلَكُمْ وكُنَّا فِي دَارِ أوْ فِي أرْضِ البُعَدَاءِ البَغَضَاءِ بالحَبَشَةِ وذالِكَ فِي الله وَفِي رسُولِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وايْمُ الله لَا أطعَمُ طَعَامَاً وَلَا أشْرَبُ شَرَابَاً حتَّى أذُكُرَ مَا.

قُلْتُ لِرَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ونَحْنُ كُنَّا نُؤْذِي ونخافُ وسأذْكُرُ ذالِكَ للنبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأسألُهُ وَالله لَا أكْذِبُ ولاَ أزِيغُ ولاَ أزِيدُ عَلَيْهِ.
فَلَمَّا جاءَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قالَتْ يَا نَبِيَّ الله أنَّ عُمَرَ قَالَ كَذَا وكَذَا قَالَ فَمَا قُلْتِ لَهُ قالَتْ.

قُلْتُ لهُ كَذَا وكَذَا قَالَ لَيْسَ بأحَقَّ بِي مِنْكُمْ ولَهُ ولأِصْحَابِهِ هِجْرَةٌ واحِدَة ولَكُمْ أنْتُمْ أهْلَ السَّفِينَةِ هِجْرَتَانِ قالَتْ فَلَقَدْ رأيْتُ أبَا مُوساى وأصْحابَ السَّفِينَةِ يأتُونِي أرْسَالاً يَسْألُونِي عَنْ هاذَا الحَدِيأ مَا مِنَ الدُّنيا شَيْءٌ همْ بِهِ أفْرَحُ وَلَا أعْظَمُ فِي أنْفُسِهِمْ مِمَّا قَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أبُو بُرْدَةَ قالَتْ أسْمَاءُ فَلَقَدْ رأيْتُ أبَا مُوساى وإنَّهُ لَيَسْتَعِيدُ هاذَا الحَدِيثَ مِنِّي.

قالَ أبُو بُرْدَةَ عنْ أبِي مُوسَى قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إنِّي لأعْرِفُ أصْوَاتَ رُفْقَةِ الأشْعَرِيِّينَ بالْقُرْآنِ حِينَ يَدْخُلُونَ باللَّيْلِ وأعْرِفُ مَنازِلَهُمْ مِنْ أصْوَاتِهِمْ بالْقُرْآنِ باللَّيْلِ وإنْ كُنْتُ لَمْ أرَ مَنَازِلَهُمْ حِينَ نَزَلُوا بالنَّهَارِ ومِنْهُمْ حَكِيمٌ إِذا لَقِيَ الْخَيْلَ أوْ قَالَ العَدُوُّ قالَ لَهُمْ إنَّ أصْحَابِي يأمُرُونَكُمْ أنْ تَنْتَظِرُوهُمْ.


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (حِين افْتتح خَيْبَر) وَمُحَمّد بن الْعَلَاء أَبُو كريب الْهَمدَانِي وَهُوَ شيخ مُسلم، وَأَبُو أُسَامَة حَمَّاد بن أُسَامَة، وبريد، بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَفتح الرَّاء وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف: ابْن عبد الله بن أبي بردة واسْمه عَامر بن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ، سمع جده أَبَا مُوسَى عبد الله بن قيس الْأَشْعَرِيّ، والْحَدِيث مضى مقطعاً فِي الْخمس وَفِي هِجْرَة الْحَبَشَة.

قَوْله: (مخرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) ، بِفَتْح الْمِيم: إِمَّا مصدر ميمي بِمَعْنى: خُرُوجه، أَو اسْم زمَان بِمَعْنى: وَقت خُرُوجه، وَالْوَاو فِي (وَنحن بِالْيمن) للْحَال.
قَوْله: (أَبُو بردة) بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الرَّاء، واسْمه عَامر بن قيس (وَأَبُو رهم) بِضَم الرَّاء وَسُكُون الْهَاء: ابْن قيس الْأَشْعَرِيّ،.

     وَقَالَ  أَبُو عمر: وَكَانَ لأبي مُوسَى ثَلَاثَة أخوة وَأَبُو بردة عَامر وَأَبُو رهم ومجدي بَنو قيس بن سليم، وَقيل: اسْم أبي رهم مجدي، ومجدي، بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْجِيم وَكسر الدَّال الْمُهْملَة وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف، وَجزم ابْن حبَان فِي (الصَّحَابَة) بِأَن اسْمه مُحَمَّد، وَذكر ابْن قَانِع أَن اسْمه) : مجيلة، بِكَسْر الْجِيم وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وباللام ثمَّ الْهَاء.
قَوْله: (أما قَالَ فِي بضع) بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الضَّاد الْمُعْجَمَة،.

     وَقَالَ  ابْن الْأَثِير: وَقد تفتح الْبَاء، وَهُوَ مَا بَين الثَّلَاث إِلَى التسع، وَقيل: مَا بَين الْوَاحِد إِلَى الْعشْرَة لِأَنَّهُ قِطْعَة من الْعدَد.
فَإِن قلت: فِي: بضع، يتَعَلَّق بِمَاذَا؟ وَمَا مَحَله من الْإِعْرَاب؟ قلت: يتَعَلَّق بقوله: فخرجنا، وَمحله النصب على الْحَال.
قَوْله: (من قومِي) ، وَفِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي: (من قومه) .
قَوْله: (سَفِينَتنَا) ، بِالرَّفْع لِأَنَّهُ فَاعل ألقتنا.
قَوْله: (إِلَى النَّجَاشِيّ) بِفَتْح النُّون وَتَشْديد الْيَاء وتخفيفها، وَهُوَ اسْم من ملك الْحَبَشَة.
قَوْله: (فَوَافَقنَا جَعْفَر بن أبي طَالب) ، يَعْنِي: صادفناه بِأَرْض الْحَبَشَة.
قَوْله: (حَتَّى قدمنَا جَمِيعًا) ذكر ابْن إِسْحَاق أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث عَمْرو بن أُميَّة الضمرِي إِلَى النَّجَاشِيّ أَن يُجهز إِلَيْهِ جَعْفَر بن أبي طَالب، وَمن مَعَه، فجهزهم وَأكْرمهمْ وَقدم بهم عَمْرو بن أُميَّة وَهُوَ بِخَيْبَر، وسمى ابْن إِسْحَاق من قدم مَعَ جَعْفَر، وهم سِتَّة عشر رجلا، فيهم امْرَأَته أَسمَاء بنت عُمَيْس، وخَالِد بن سعيد بن الْعَاصِ وَامْرَأَته وَأَخُوهُ عَمْرو بن سعيد، ومعيقيب بن أبي فَاطِمَة.
قَوْله: (اسماء بنت عُمَيْس) مصغر: العمس بالمهملتين ابْن سعد بن الْحَارِث بن تيم بن كَعْب الخثعمية، وَأمّهَا هِنْد بنت عَوْف وَهِي أُخْت مَيْمُونَة زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَأُخْت لبابَُُة أم الْفضل زَوْجَة الْعَبَّاس، وَزوج أَسمَاء جَعْفَر بن أبي طَالب وَلما قتل جَعْفَر تزَوجهَا أَبُو بكر الصّديق، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَولدت لَهُ مُحَمَّد بن أبي بكر ثمَّ مَاتَ عَنْهَا فَتَزَوجهَا عَليّ بن أبي طَالب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فَولدت لَهُ يحيى ابْن عَليّ بن أبي طَالب.
قَوْله: (وَكَانَ أنَاس) ، سمى مِنْهُم: عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
قَوْله: (وَهِي مِمَّن قدم مَعنا) هُوَ كَلَام أبي مُوسَى.
قَوْله: (على حَفْصَة) ، زَاد أَبُو يعلى: زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
قَوْله: (زائرة) ، نصب على الْحَال.
قَوْله: (ألحبشية هَذِه؟) بِهَمْزَة الِاسْتِفْهَام، نَسَبهَا إِلَى الْحَبَشَة لسكناها فيهم.
قَوْله: (البحرية؟) ، بِهَمْزَة الِاسْتِفْهَام أَيْضا، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر: (البحيرية) ، بِالتَّصْغِيرِ: نَسَبهَا إِلَى الْبَحْر لركوبها الْبَحْر.
قَوْله: (فِي دَار) بِلَا تَنْوِين لِأَنَّهُ مُضَاف إِلَى (الْبعدَاء) .
قَوْله: (أَو فِي أَرض) شكّ من الرَّاوِي، و: الْبعدَاء، بِضَم الْبَاء وَفتح الْعين: جمع بعيد، أَي: الْبعدَاء عَن الدّين.
قَوْله: (الْبغضَاء) بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وبالمعجمتين المفتوحتين جمع بغيض، يَعْنِي الْبغضَاء للدّين، وَفِي رِوَايَة أبي يعلى: الْبعدَاء أَو الْبغضَاء، بِالشَّكِّ، وَفِي رِوَايَة النَّسَفِيّ: الْبعد، بِضَمَّتَيْنِ، وَفِي رِوَايَة الْقَابِسِيّ: الْبعد الْبعدَاء الْبغضَاء، جمع بَينهمَا، وَالظَّاهِر أَنه فسر الأولى بِالثَّانِيَةِ، وَفِي رِوَايَة ابْن سعد: وَكُنَّا الْبعدَاء والطرداء.
قَوْله: (وَذَلِكَ فِي الله وَرَسُوله) أَي: لأجل الله وَطلب رِضَاهُ، وَلأَجل رَسُوله.
قَوْله: (وَايْم الله) همزته همزَة وصل، وَقيل: همزَة قطع، بِفَتْح الْهمزَة، وَقيل: بِكَسْرِهَا.
يُقَال: أيم الله، وأيمن الله وَمن الله، وَقيل: أَيمن جمع يَمِين، وَلما كثر فِي كَلَامهم حذفوا النُّون كَمَا قَالُوا فِي: لم يكن لم يَك.
قَوْله: (نؤذي ونخاف) كِلَاهُمَا على صِيغَة الْمَجْهُول.

قَوْله: (أهل السَّفِينَة) بِنصب أهل على الِاخْتِصَاص، أَو على حذف حرف النداء.
قَوْله: (هجرتان) إِحْدَاهمَا إِلَى النَّجَاشِيّ، وَالْأُخْرَى إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَوْله: (يأتوني) وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: يأْتونَ.
قَوْله: (إرْسَالًا) بِفَتْح الْهمزَة.
أَي: أَفْوَاجًا يتبع بَعضهم بَعْضًا، وَالْوَاحد: رسل، بِفتْحَتَيْنِ.

قَوْله: (قَالَ أَبُو بردة عَن أبي مُوسَى) هُوَ الرَّاوِي عَنهُ لَا أَخُو أبي مُوسَى، لِأَنَّهُ لَهُ أَخا يُسمى أَبَا بردة أَيْضا، وَقد ذَكرْنَاهُ.
قَوْله: (رفْقَة الْأَشْعَرِيين) الرّفْقَة، بِضَم الرَّاء وَكسرهَا: الْجَمَاعَة ترافقهم فِي سفرك، والأشعريين، نِسْبَة إِلَى أشعر أَبُو قَبيلَة من الْيمن، وَتقول الْعَرَب: جَاءَك الأشعرون، بِحَذْف يَاء النِّسْبَة.
قَوْله: (حِين يدْخلُونَ بِاللَّيْلِ) ، قَالَ الدمياطي: صَوَابه يرحلون، بِالْحَاء الْمُهْملَة، وَكَذَا حَكَاهُ عِيَاض عَن بعض رُوَاة مُسلم أَنه اخْتَارَهُ،.

     وَقَالَ  النَّوَوِيّ: الأول أصح وَالْمرَاد: يدْخلُونَ مَنَازِلهمْ إِذا خَرجُوا إِلَى الْمَسَاجِد.
قَوْله: (مِنْهُم حَكِيم) قَالَ عِيَاض: قَالَ أَبُو عَليّ الصَّدَفِي: هُوَ صفة لرجل مِنْهُم،.

     وَقَالَ  أَبُو عَليّ الجياني: هُوَ اسْم علم على رجل من الْأَشْعَرِيين.
قَوْله: (أَو قَالَ الْعَدو) شكّ من الرَّاوِي.
قَوْله: (أَن تنتظروهم) ، كَذَا هُوَ فِي الْأُصُول من: الِانْتِظَار، وَذكره ابْن التِّين بِلَفْظ: تنظروهم، مثل: { انظرونا نقتبس من نوركم} (الْحَدِيد: 13) .
وَمعنى كَلَامه: أَن أَصْحَابه يحبونَ الْقِتَال فِي سَبِيل الله وَلَا يبالون مَا يصيبهم من ذَلِك، وَيُقَال: مَعْنَاهُ أَن هَذَا الْحَكِيم لفرد شجاعته كَانَ لَا يفر من الْعَدو بل يواجههم، وَيَقُول لَهُم: إِذا أَرَادوا الِانْصِرَاف مثلا انتظروا الفرسان حَتَّى يأتوكم ليبعثهم على الْقِتَال، هَذَا بِالنّظرِ إِلَى قَوْله: (أَو قَالَ: الْعَدو) بِالنّصب، أَي: أَو قَالَ الْحَكِيم: إِذا لَقِي الْعَدو، وَأما بِالنّظرِ إِلَى قَوْله: (إِذا لَقِي الْخَيل) ، فَيحْتَمل أَن يُرِيد خيل الْمُسلمين، وَيُشِير بذلك إِلَى أَن أَصْحَابه كَانُوا رجالة، فَكَانَ هُوَ يَأْمر الفرسان أَن ينتظروهم ليسيروا إِلَى الْعَدو جَمِيعًا.





[ قــ :4018 ... غــ :433 ]
- حدَّثني إسْحَاقُ بنُ إبْرَاهِيمَ سَمِعَ حَفْصَ بنَ غِيَاثٍ حدَّثَنَا بُرَيْدُ بنُ عَبْدِ الله عنْ أبِي بُرْدَةَ عَنْ أبِي مُوساى قَالَ قَدِمْنَا علَى النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَعْدَ أنِ افْتَتَحَ خَيْبَرَ فقَسَمَ لَنَا ولَمْ يَقْسِمْ لأحَدٍ لَمْ يَشْهَدِ الفَتْحَ غَيْرَنا.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( بعد أَن افْتتح خَيْبَر) .
وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم هُوَ ابْن رَاهَوَيْه، وبريد، بِضَم الْبَاء: هُوَ عبد الله بن أبي بردة الْأَشْعَرِيّ.

والْحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْجِهَاد عَن مُحَمَّد بن الْعَلَاء.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي السّير عَن أبي سعيد الْأَشَج عَن حَفْص بن غياث.

قَوْله: ( سمع حَفْص بن غياث) أَي: أَنه سمع حَفْص بن غياث.
قَوْله: ( قدمنَا) يَعْنِي: هُوَ وَأَصْحَابه مَعَ جَعْفَر وَمن مَعَه.
قَوْله: ( غَيرنَا) يَعْنِي: الْأَشْعَرِيين وَمن مَعَهم وجعفر وَمن مَعَه، وَاحْتج أَصْحَابنَا بِهَذَا الحَدِيث على أَن الَّذين يلحقون الْغَنِيمَة قبل إحرازها بدار الْإِسْلَام يشاركونهم فِيهَا، خلافًا للشَّافِعِيَّة، فَإِنَّهُم احْتَجُّوا بقوله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الْغَنِيمَة لمن شهد الْوَقْعَة.
قلت: هَذَا مَوْقُوف على عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَرَفعه غَرِيب! فَإِن قلت: قَالَ بعض الشَّافِعِيَّة: حَدِيث أبي مُوسَى مَحْمُول على أَنهم شهدُوا قبل حوز الْغَنَائِم.
قلت: يحْتَاج ذَلِك إِلَى بَيَان،.

     وَقَالَ  ابْن حبَان فِي ( صَحِيحه) : إِنَّمَا أَعْطَاهُم من خمس خمسه ليستميل بِهِ قُلُوبهم وَلم يعطهم من الْغَنِيمَة، لأَنهم لم يشْهدُوا فتح خَيْبَر.
قلت: الْجَواب مَا ذَكرْنَاهُ.





[ قــ :4019 ... غــ :434 ]
- حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ مُحَمَّدٍ حدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بنُ عَمْرٍ وحدَّثَنا أبُو إسْحَالقَ عنْ مالِكِ بنِ أنَسٍ قَالَ حدَّثَنِي ثَوْرٌ قَالَ حدَّثَنِي سالِمٌ مَوْلَى ابنِ مُطِيعٍ أنَّهُ سَمِعَ أبَا هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ يَقُولُ افْتَتَحْنَا خَيْبَرَ ولَمْ نَغْنَمْ ذَهَباً ولاَ فِضَّةً إنَّمَا غَنِمْنَا البَقَرَ والإبِلَ والمَتَاعَ والحَوَائِطَ ثُمَّ انْصَرَفْنَا معَ رَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إلَى وادِي القُرَى ومَعَهُ عَبْدٌ لَهُ يُقَالُ لَهُ مِدْعَمٌ أهْدَاهُ لَهُ أحَدُ بَنِي الضِّبابُُِ فبَيْنَمَا هُوَ يَحُطُّ رَحْلَ رسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إذْ جاءَهُ سَهْمٌ عائِرٌ حتَّى أصَابَ ذَلِكَ العَبْدَ فَقَالَ النَّاسُ هَنِيئَاً لَهُ الشَّهَادَةُ فَقَالَ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَلْ والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إنَّ الشَّمْلَةَ الَّتِي أصَابَهَا يَوْمَ خَيْبَرَ مِنَ المَغَانِمِ لَمْ تُصِبْهَا المَقَاسِمُ لَتَشْتَعِلُ عَلَيْهِ نارَاً فَجاءَ رَجُلٌ حِينَ سَمِعَ ذَلِكَ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِشِرَاكٍ أوْ بِشِرَاكَيْنِ فَقَالَ هاذَا شَيْءٌ كُنْتُ أصَبْتُهُ فَقَالَ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شِرَاكٌ أوْ شِرَاكَانِ مِنْ نَارٍ.
( الحَدِيث 434 طرفه فِي: 6707) .


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَعبد الله بن مُحَمَّد الْجعْفِيّ الْمَعْرُوف بالمسندي وَمُعَاوِيَة بن عَمْرو بن الْمُهلب الْأَزْدِيّ الْبَغْدَادِيّ وَأَصله كُوفِي، وَهُوَ من مَشَايِخ البُخَارِيّ، روى عَنهُ بالواسطة وروى عَنهُ فِي الْجُمُعَة بِلَا وَاسِطَة، وَأَبُو إِسْحَاق هُوَ إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الْفَزارِيّ، وثور بِلَفْظ الْحَيَوَان المشور ابْن زيد أَبُو خَالِد الكلَاعِي السَّامِي، حمصي مَا بِبَيْت الْمُقَدّس سنة خمس وَخمسين وَمِائَة، وَهُوَ من أَفْرَاد البُخَارِيّ، وَسَالم أَبُو الْغَيْث مولى عبد الله بن مُطِيع بن الْأسود الْقرشِي الْعَدوي الْمدنِي، روى عَن أبي هُرَيْرَة حَدِيثا وَاحِدًا.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ فِي الْأَيْمَان وَالنُّذُور عَن إِسْمَاعِيل بن عبد الله عَن مَالك، وَهَهُنَا بَينه وَبَين مَالك ثَلَاثَة أنفس، وَنزل فِي هَذَا الحَدِيث دَرَجَتَيْنِ، لِأَن البُخَارِيّ لَهُ حرص شَدِيد على الْإِتْيَان بالطرق المصرحة بِالتَّحْدِيثِ.
وَأخرجه مُسلم أَيْضا عَن القعْنبِي وَغَيره.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد عَن القعْنبِي بِهِ، وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي السّير عَن مُحَمَّد بن سَلمَة والْحَارث بن مِسْكين.

قَوْله: ( افتتحنا خَيْبَر) وَفِي رِوَايَة عبيد الله بن يحيى عَن يحيى عَن أَبِيه فِي ( الْمُوَطَّأ) : حنين، بدل: خَيْبَر، وَخَالفهُ مُحَمَّد ابْن وَضاع عَن يحيى بن يحيى فَقَالَ: خَيْبَر، مثل الْجَمَاعَة وَحكى الدَّارَقُطْنِيّ عَن مُوسَى بن هَارُون أَنه قَالَ: وهم ثَوْر فِي هَذَا الحَدِيث، لِأَن أَبَا هُرَيْرَة لم يخرج مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى خَيْبَر، وَإِنَّمَا قدم بعد خُرُوجهمْ وَقدم عَلَيْهِم خَيْبَر بعد أَن فتحت.
قَالَ أَبُو مَسْعُود: وَيُؤَيِّدهُ حَدِيث عَنْبَسَة بن سعيد عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ: أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِخَيْبَر بَعْدَمَا افتتحوها، وَلما روى مُحَمَّد بن إِسْحَاق هَذَا الحَدِيث لم يذكر هَذِه اللَّفْظَة، لِأَنَّهُ استشعر توهم ثَوْر بن زيد.
وَأخرجه ابْن حبَان وَالْحَاكِم وَابْن مَنْدَه من طَرِيقه بِلَفْظ: انصرفنا مَعَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى وَادي الْقرى،.

     وَقَالَ  بَعضهم: إِذا حمل: افتتحنا، على: افْتتح الْمُسلمُونَ، لَا يلْزم شَيْء من ذَلِك.
قلت: هَذَا بعيد بِهَذَا الْوَجْه.
قَوْله: ( وَلم نغنم ذَهَبا) إِلَى قَوْله: ( والحوائط) وَهُوَ جمع حَائِط وَهُوَ الْبُسْتَان من النّخل، وَفِي رِوَايَة مُسلم: غنمنا الْمَتَاع وَالطَّعَام وَالثيَاب، وَفِي رِوَايَة ( الْمُوَطَّأ) : إلاَّ الْأَمْوَال وَالْمَتَاع وَالثيَاب.
قَوْله: ( إِلَى وَادي الْقرى) جمع قَرْيَة، مَوضِع بِقرب الْمَدِينَة وَهُوَ من أَعمالهَا.
قَوْله: ( وَمَعَهُ عبد الله) وَفِي رِوَايَة ( الْمُوَطَّأ) : عبد أسود، قَوْله: ( مدعم) ، بِكَسْر الْمِيم وَسُكُون الدَّال وَفتح الْعين الْمُهْمَلَتَيْنِ.
قَوْله: ( أهداه لَهُ) أَي: أهْدى العَبْد للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أحدُ بني الضبابُ، كَذَا فِي رِوَايَة أبي إِسْحَاق، بِكَسْر الضَّاد الْمُعْجَمَة وَتَخْفِيف الْبَاء الْمُوَحدَة الأولى بِلَفْظ جمع: الضَّب، وَفِي رِوَايَة مُسلم: أهداه لَهُ رِفَاعَة بن زيد أحد بني الضبيب، بِضَم الضَّاد بِصِيغَة التصغير، وَفِي رِوَايَة إِبْنِ إِسْحَاق: رِفَاعَة بن زيد الجذامي ثمَّ الضبيني، بِضَم الضَّاد الْمُعْجَمَة وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة بعْدهَا نون، وَقيل: بِفَتْح الْمُعْجَمَة وَكسر الْمُوَحدَة: بطن من جذام، وَضَبطه الْكرْمَانِي بِضَم الْمُعْجَمَة وَفتح الْمُوَحدَة الأولى وَسُكُون التَّحْتَانِيَّة بَينهمَا.
.

     وَقَالَ  الرشاطي: الضبيبي فِي جذام، وَضَبطه بِضَم الضَّاد الْمُعْجَمَة وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة الأولى وَكسر الثَّانِيَة بَينهمَا يَاء آخر الْحُرُوف سَاكِنة، ثمَّ قَالَ ابْن حبيب: فِي جذام الضبيب، وَلم يرد شَيْئا، وَذكر أَبُو عمر: رِفَاعَة بن زيد بن وهب الجذامي ثمَّ الضبيبي من بني الضبيب، قَالَ: هَكَذَا يَقُول بعض أهل الحَدِيث، وَأما أهل النّسَب فَيَقُولُونَ: الضبيني، يَعْنِي بالنُّون فِي آخِره، يَعْنِي: من بني الضبين من جذام، قَالَ: وَلم أر هَذَا القَوْل لأحد.
.

     وَقَالَ  أَبُو يعلى العالي

: صَوَابه الضبيبي، يَعْنِي بِفَتْح الضَّاد وَالْبَاء الْمُوَحدَة وبالنون من بني ضبينة من جذام.
قلت: النِّسْبَة إِلَى لفظ فعيلة: فعلى، مثل الْحَنَفِيّ نِسْبَة إِلَى أبي حنيفَة، وَكَذَلِكَ الضبيني، فَافْهَم فَإِنَّهُ مَوضِع التباس،.

     وَقَالَ  الْوَاقِدِيّ: قدم على رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رِفَاعَة بن زيد بن وهب الجذامي ثمَّ الضبيني فِي هدنة الْحُدَيْبِيَة، قبل خَيْبَر فِي جمَاعَة من قومه فأسلموا وَعقد لَهُ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، على قومه وَهُوَ الَّذِي أهْدى لَهُ عبدا.
قَوْله: ( إِذْ جَاءَهُ سهم عائر) ، كلمة: إِذْ، للمفاجأة جَوَاب قَوْله: ( فَبَيْنَمَا) ، والعائر بِالْعينِ الْمُهْملَة والهمزة بعد الْألف أَي: حائد عَن قَصده، وَقيل: هُوَ سهم لَا يدْرِي أَيْن أَتَى.
قَوْله: ( بل وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ) ، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: بلَى، وَهُوَ تَصْحِيف، وَفِي رِوَايَة مُسلم: كلا وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ، وَهُوَ رِوَايَة ( الْمُوَطَّأ) قَوْله: ( إِن الشملة) هِيَ كسَاء يشْتَمل بِهِ الرجل وَيجمع على الشمَال.
قَوْله: ( لتشتعل) خبر: إِن، وَاللَّام الْمَفْتُوحَة فِيهِ للتَّأْكِيد، وَيحْتَمل أَن يكون اشتعال النَّار حَقِيقَة بِأَن تصير الشملة بِعَينهَا نَارا فيعذب بهَا، وَيحْتَمل أَن يكون المُرَاد أَنَّهَا سَبَب لعذاب النَّار، وَكَذَا القَوْل فِي: الشرَاك الَّذِي يَأْتِي.
قَوْله: ( بِشِرَاك) بِكَسْر الشين الْمُعْجَمَة وَتَخْفِيف الرَّاء، وَهُوَ سير النَّعْل على ظهر الْقدَم.
قَوْله: ( أَو بِشِرَاكَيْنِ) شكّ من الرَّاوِي.





[ قــ :400 ... غــ :435 ]
- حدَّثنا سَعِيدُ بنُ أبِي مَرْيَمَ أخْبرَنَا مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ قَالَ أخْبَرَنِي زَيْدٌ عنْ أبِيهِ أنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ يقُولُ أمَّا والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْلاَ أنْ أتْرُكَ آخِرَ النَّاسِ بَبَّانَاً لَيْسَ لَهُمْ شَيْءٌ مَا فُتِحَتْ علَيَّ قَرْيَةٌ إلاَّ قَسَمْتُهَا كَمَا قَسَمَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَيْبَرَ ولاكِنِّي أتْرُكُهَا خِزَانَةً لَهُمْ يَقْتَسِمُونَهَا.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( كَمَا قسم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، خَيْبَر) .
وَمُحَمّد بن جَعْفَر ابْن أبي كثير وَزيد هُوَ ابْن أسلم مولى عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.

قَوْله: ( بباناً) بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة الأولى وَتَشْديد الثَّانِيَة وبالنون، مَعْنَاهُ: شَيْئا وَاحِدًا،.

     وَقَالَ  الْخطابِيّ: وَلَا أَحسب هَذِه اللَّفْظَة عَرَبِيَّة وَلم أسمعها فِي غير هَذَا الحَدِيث،.

     وَقَالَ  الْأَزْهَرِي: بل هِيَ لُغَة صَحِيحَة لَكِنَّهَا غير فَاشِية،.

     وَقَالَ  صَاحب ( الْعين) : يُقَال: هم على ببان وَاحِد، أَي: على طَريقَة وَاحِدَة،.

     وَقَالَ  ابْن فَارس: هم على ببان وَاحِد أَي: شَيْء وَاحِد،.

     وَقَالَ  الْجَوْهَرِي: هُوَ فعلان،.

     وَقَالَ  أَبُو سعيد الضَّرِير: لَيْسَ فِي كَلَام الْعَرَب: ببان، وَإِنَّمَا هُوَ: ببان، بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَتَشْديد الْبَاء آخر الْحُرُوف.
قَالَ ابْن الْأَثِير: ببائين موحدتين وَهُوَ الصَّحِيح،.

     وَقَالَ  الطَّبَرِيّ: الْمَعْنى: لَوْلَا أَن أتركهم فُقَرَاء معدمين لَا شَيْء لَهُم، أَي: متساويين فِي الْفقر، وَيُقَال: مَعْنَاهُ لَوْلَا أترك الَّذين هم من بَعدنَا فُقَرَاء مستويين فِي الْفقر لقسمت أَرَاضِي الْقرى الْمَفْتُوحَة بَين الْغَانِمين، لكني مَا قسمتهَا بل جَعلتهَا وَقفا مُؤَبَّدًا تركتهَا كالخزانة لَهُم يقتسمونها كل وَقت إِلَى يَوْم الْقِيَامَة.
وغرضه أَنِّي لَا أقسمها على الْغَانِمين كَمَا قسم رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نظرا إِلَى الْمصلحَة الْعَامَّة للْمُسلمين، وَذَلِكَ كَانَ بعد استرضائه لَهُم، كَمَا فعل عمر بن الْخطاب بِأَرْض الْعرَاق.

     وَقَالَ  ابْن الْأَثِير: مَعْنَاهُ: لأسويَّنَّ بينِم فِي الْعَطاء حَتَّى يَكُونُوا وَاحِدًا لَا فضل لأحد على غَيره.
قَوْله: ( خزانَة يقتسمونها) أَي: يقتسمون خراجها.





[ قــ :401 ... غــ :436 ]
- ( حَدثنِي مُحَمَّد بن الْمثنى حَدثنَا ابْن مهْدي عَن مَالك بن أنس عَن زيد بن أسلم عَن أَبِيه عَن عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ لَوْلَا آخر الْمُسلمين مَا فتحت عَلَيْهِم قَرْيَة إِلَّا قسمتهَا كَمَا قسم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خَيْبَر) هَذَا طَرِيق آخر فِي حَدِيث عمر عَن مُحَمَّد بن الْمثنى عَن عبد الرَّحْمَن بن مهْدي عَن مَالك إِلَى آخِره وَقد مضى هَذَا فِي الْجِهَاد فِي أَبْوَاب الْخمس فِي بابُُ الْغَنِيمَة لمن شهد الْوَقْعَة وَقد مر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ قَالُوا وَقد غنم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - غَنَائِم وأراضي وَلم ينْقل عَنهُ أَنه قسم فِيهَا إِلَّا خَيْبَر وَذكر أَنه إِجْمَاع السّلف فَإِن رأى الإِمَام فِي وَقت من الْأَوْقَات قسمتهَا رَأيا لم يمْتَنع ذَلِك فِيمَا يَفْتَحهُ