فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب غزوة مؤتة من أرض الشأم

( بابُُ غَزْوَةِ مُوتةَ مِنْ أرْضِ الشَّامِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان غَزْوَة موتَة بِضَم الْمِيم وَسُكُون الْوَاو بِغَيْر همزَة عِنْد أَكثر الروَاة، وَبِه قَالَ الْمبرد،.

     وَقَالَ  ثَعْلَب، والجوهري وَابْن فَارس.
بِالْهَمْزَةِ الساكنة بعد الْمِيم، وَحكى صَاحب ( الواعي) الْوَجْهَيْنِ،.

     وَقَالَ : أَبُو الْعَبَّاس مُحَمَّد بن يزِيد، لَا يهمز مَوته.
قَوْله: ( بِأَرْض الشَّام) .
صفة لمَوْته.
أَي: كائنة بِأَرْض الشَّام، قَالَ ابْن إِسْحَاق: وَهِي بِالْقربِ من أَرض البلقاء،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: هِيَ على مرحلَتَيْنِ من بَيت الْمُقَدّس، وَالسَّبَب فِيهَا أَن شُرَحْبِيل بن عَمْرو الغساني، وَهُوَ من أُمَرَاء قَيْصر على الشَّام، قتل رَسُولا أرْسلهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى صَاحب بصرى، وإسم الرَّسُول: الْحَارِث بن عُمَيْر، وَلم يقتل لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَسُول غَيره، فَجهز لَهُم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عسكراً فِي ثَلَاثَة آلَاف وَأمر عَلَيْهِم زيد بن حَارِثَة، فَقَالَ: إِن أُصِيب فجعفر، وَإِن أُصِيب فعبد الله ابْن رَوَاحَة فتجهزوا وعسكروا بالجرف، وأوصاهم أَن يَأْتُوا مقتل الْحَارِث بن عُمَيْر، وَأَن يَدعُوهُم من هُنَاكَ إِلَى الْإِسْلَام فَإِن أجابوا وَإِلَّا فقاتلوهم، وَخرج مشيعاً لَهُم حَتَّى بلغ ثنية الْوَدَاع، وَلما بلغ الْعَدو مَسِيرهمْ جمعُوا لَهُم أَكثر من مائَة ألف، وبلغهم أَن هِرقل قد نزل مآب من أَرض البلقاء فِي مائَة ألف من بهرا، وَوَائِل وَبكر ولخم وجذام.
فَقَاتلهُمْ الْمُسلمُونَ وَقَاتل الْأُمَرَاء على أَرجُلهم، فَقتل زيد طَعنا بِالرِّمَاحِ، ثمَّ أَخذ اللِّوَاء جَعْفَر فَنزل عَن فرس لَهُ شقراء فعرقبها فَكَانَت أول فرس عرقب فِي الْإِسْلَام، فقاتل حَتَّى قتل، ضربه رجل من الرّوم فَقَطعه نِصْفَيْنِ، فَوجدَ فِي أحد نصفه بضعَة وَثَلَاثُونَ جرحا، ثمَّ أَخذه عبد الله فقاتل حَتَّى قتل، فَاصْطَلَحَ النَّاس على خَالِد بن الْوَلِيد، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فَأخذ اللِّوَاء وانكشف النَّاس، فَكَانَت الْهَزِيمَة على الْمُسلمين، وتبعهم الْمُشْركُونَ، فَقتل من قتل من الْمُسلمين وَرفعت الأَرْض لسيدنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَلَمَّا أَخذ خَالِد اللِّوَاء قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْآن حمي الْوَطِيس، وَجعل خَالِد مقدمته ساقة وساقته مُقَدّمَة وميمنته ميسرَة وميسرته ميمنة، فَأنْكر الرّوم ذَلِك، وَقَالُوا: قد جَاءَهُم مدد فرعبوا وانكشفوا منهزمين، فَقتلُوا مِنْهُم مقتلة لم يَقْتُلهَا قوم، وغنم الْمُسلمُونَ بعض أَمْتعَة الْمُشْركين وَفِي ( الدَّلَائِل) للبيهقي وَلما أَخذ خَالِد للواء قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّه سيف من سيوفك، فَأَنت تنصره، فَمن يومئذٍ سمي خَالِد سيف الله وَذكر فِي ( مغازي) أبي الْأسود عَن عُرْوَة بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْجَيْش إِلَى مُؤْتَة فِي جُمَادَى من سنة ثَمَان، وَكَذَا قَالَ ابْن إِسْحَاق ومُوسَى بن عقبَة وَغَيرهمَا من أهل الْمَغَازِي، لَا يَخْتَلِفُونَ فِي ذَلِك إلاَّ مَا ذكر خَليفَة فِي ( تَارِيخه) أَنَّهَا كَانَت سنة سبع.



[ قــ :4039 ... غــ :4261 ]
- أخْبرنا أَحْمَدُ بنُ أبي بَكْرٍ حدّثنا مُغِيرَةُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمانِ عنْ عبْدِ اللهبنِ سَعْدٍ عنْ نافِعٍ عنْ عبْدِ الله بن عُمَرَ رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ أمَّرَ رَسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غَزْوةِ مَوتَةَ زَيْدَ بنَ حارِثَةَ فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إنْ قُتِلَ زَيْدٌ فجَعْفَرٌ وَإِن قُتِلَ جَعْفَرٌ فَعَبْدُ الله بنُ رَوَاحَةَ قَالَ عبْدُ الله كُنْتُ فِيهِمْ فِي تِلْكَ الغَزْوَةِ فالْتَمَسْنا جَعْفَرَ بنَ أبي طالِبٍ فَوَجَدْناهُ فِي القَتْلى وَوَجَدْنا مافي جَسَدِهِ بِضْعاً وتِسْعِينَ منْ طَعْنَةٍ ورَمْيَةٍ.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَأحمد بن أبي بكر اسْمه الْقَاسِم أَبُو حَفْص الْقرشِي الزُّهْرِيّ وَهُوَ شيخ مُسلم أَيْضا.
مَاتَ بِالْمَدِينَةِ سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ وَهُوَ ابْن اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين سنة.
ومغيرة، بِضَم الْمِيم وَكسرهَا وبالألف وَاللَّام وبدونهما ابْن عبد الرَّحْمَن المَخْزُومِي، وَهُوَ فِي طبقَة مُغيرَة بن عبد الرَّحْمَن الخزامي، وَهُوَ أوثق من المَخْزُومِي.
وَلَيْسَ للمخزومي فِي البُخَارِيّ سوى هَذَا الحَدِيث، وَكَانَ فَقِيه أهل الْمَدِينَة بعد مَالك وَهُوَ صَدُوق، وَعبد الله بن سعد بن أبي هِنْد الْمدنِي، وَفِي رِوَايَة مُصعب: عبد الله ابْن سعيد، بِالْيَاءِ آخر الْحُرُوف.

قَوْله: ( أمّر) ، بتَشْديد الْمِيم من التأمير.
قَوْله: ( فجعفر) ، أَي: فالأمير جَعْفَر.
قَوْله: ( قَالَ عبد الله) أَي: ابْن عمر، وَهُوَ مَوْصُول بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور.
قَوْله: ( فالتمسنا جَعْفَر بن أبي طَالب) أَي: بعد قَتله.
قَوْله: ( فِي الْقَتْلَى) أَي: بَين الْقَتْلَى كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: { فادخلي فِي عبَادي} ( الْفجْر: 29) أَي: بَين عبَادي.
قَوْله: ( بضعاً وَتِسْعين) ، وَفِي الرِّوَايَة الْمَاضِيَة: ( خمسين) وَلَا تنَافِي بَينهمَا لِأَن الْخمسين كَانَت فِي ظَهره وَهَذَا فِي جَمِيع جسده، وَكَانَ ذَلِك من الطعنات والضربات، وَهَذَا من الطعنات والرميات، وَالْفرق بَينهمَا أَن الطعنة بِالرُّمْحِ والضربة بِالسَّيْفِ والرمية بِالسَّهْمِ مَعَ أَن التَّخْصِيص بِالْعدَدِ لَا يدل على نفي الزَّائِد.





[ قــ :4040 ... غــ :46 ]
- حدَّثنا أحْمَدُ بنُ واقِدٍ حَدَّثَنا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ عنْ أيُّوبَ عنْ حُمَيْدِ بنِ هِلاَلٍ عنْ أنَسٍ رض الله عَنهُ أنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَعَى زَيْداً وجَعْفَراً وابنَ رَوَاحَةَ لِلنَّاسِ قَبْلَ أنْ يأتِيهُمْ خَبَرُهُمْ فَقال أخَذَ الرَّايَة زَيْدٌ فأصِيبَ ثُمَّ أخَذَ جَعْفَرٌ فأصيبَ ثُمَّ أخَذَ ابنُ رَوَاحَةَ فأُصِيبَ وَعَيْناهُ تَذْرِفانِ حتَّى أخَذَ الرَّايَةَ سَيْفٌ منْ سُيُوفِ الله حتَّى فَتَحَ الله عَلَيْهِمْ.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَأحمد بن وَاقد هُوَ أَحْمد بن عبد الْملك بن وَاقد، بِالْقَافِ وَالدَّال الْمُهْملَة: أَبُو يحيى الْحَرَّانِي، وَقد نسبه البُخَارِيّ هُنَا إِلَى جده وَهُوَ من أَفْرَاده، وَحميد بن هُبَيْرَة الْعَدوي الْبَصْرِيّ.

والْحَدِيث مضى فِي الْجَنَائِز عَن أبي معمر وَفِي الْجِهَاد عَن يُوسُف بن يَعْقُوب الصفار وَفِي عَلَامَات النُّبُوَّة عَن سُلَيْمَان بن حَرْب وَفِي فضل خَالِد عَن أَحْمد بن وَاقد أَيْضا.

قَوْله: ( نعى زيدا) أَي: أخبر بقتْله.
قَوْله: ( ثمَّ أَخذ جَعْفَر) أَي: الرَّايَة.
قَوْله: ( ثمَّ أَخذ ابْن رَوَاحَة) وَهُوَ عبد الله ابْن رَوَاحَة.
قَوْله: ( وَعَيناهُ) ، الْوَاو فِيهِ للْحَال.
قَوْله: ( تَذْرِفَانِ) ، بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة وَالرَّاء الْمَكْسُورَة أَي: تدفعان الدُّمُوع.
قَوْله: ( سيف من سيوف الله) أَرَادَ بِهِ خَالِد بن الْوَلِيد، فَمن يومئذٍ سمي خَالِد: سيف الله.

وَفِيه: جَوَاز الْإِعْلَام بِمَوْت الْمَيِّت، وَلَا يكون ذَلِك من النعي الْمنْهِي عَنهُ.
وَفِيه: جَوَاز تَعْلِيق الْإِمَارَة بِشَرْط، وَجَوَاز تَوْلِيَة عدَّة أُمَرَاء بالترتيب، وَاخْتلفُوا: أهل تَنْعَقِد تَوْلِيَة الثَّانِي فِي الْحَال أم لَا؟ وَفِيه: جَوَاز التأمير بِغَيْر مؤمر،.

     وَقَالَ  الطَّحَاوِيّ: هَذَا أصل يُؤْخَذ مِنْهُ أَن على الْمُسلمين أَن يقدموا رجلا إِذا غَابَ الإِمَام يقوم مقَامه إِلَى أَن يحضر.
وَفِيه: جَوَاز الِاجْتِهَاد فِي حَيَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَفِيه: علم ظَاهر من أَعْلَام النُّبُوَّة.
وَفِيه: فَضِيلَة تَامَّة لخَالِد بن الْوَلِيد، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.





[ قــ :4041 ... غــ :463 ]
- ( حَدثنَا قُتَيْبَة حَدثنَا عبد الْوَهَّاب قَالَ سَمِعت يحيى بن سعيد قَالَ أَخْبَرتنِي عمْرَة قَالَت سَمِعت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا تَقول لما جَاءَ قتل ابْن حَارِثَة وجعفر بن أبي طَالب وَعبد الله بن رَوَاحَة رَضِي الله عَنْهُم جلس رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يعرف فِيهِ الْحزن قَالَت عَائِشَة وَأَنا أطلع من صائر الْبابُُ تَعْنِي من شقّ الْبابُُ فَأَتَاهُ رجل فَقَالَ أَي رَسُول الله إِن نسَاء جَعْفَر قَالَ وَذكر بكاءهن فَأمره أَن ينهاهن قَالَ فَذهب الرجل ثمَّ أَتَى فَقَالَ قد نَهَيْتُهُنَّ وَذكر أَنه لم يطعنه قَالَ فَأمر أَيْضا فَذهب ثمَّ أَتَى فَقَالَ وَالله لقد غلبننا فَزَعَمت أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ فاحث فِي أفواههن من التُّرَاب قَالَت عَائِشَة فَقلت أرْغم الله أَنْفك فوَاللَّه مَا أَنْت تفعل وَمَا تركت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من العناء) مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَعبد الْوَهَّاب هُوَ ابْن عبد الْمجِيد الثَّقَفِيّ وَيحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ وَعمرَة بنت عبد الرَّحْمَن بن سعد والْحَدِيث مضى فِي الْجَنَائِز فِي بابُُ من جلس عِنْد الْمُصِيبَة فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن مُحَمَّد بن الْمثنى عَن عبد الْوَهَّاب إِلَى آخِره قَوْله " لما جَاءَ قتل زيد " أَي خبر قَتله يحْتَمل أَن يكون ذَلِك على لِسَان قَاصد جَاءَ من الْجَيْش وَيحْتَمل أَن يكون على لِسَان جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام كَمَا دلّ عَلَيْهِ حَدِيث أنس الَّذِي قبله قَوْله " جلس رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَي فِي الْمَسْجِد وَكَذَا فِي رِوَايَة الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق الْمقدمِي عَن عبد الْوَهَّاب قَوْله " يعرف فِيهِ الْحزن للرحمة الَّتِي فِي قلبه " وَلَا يُنَافِي ذَلِك الرِّضَا بِالْقضَاءِ قَوْله " من صائر الْبابُُ " بالصَّاد الْمُهْملَة والهمزة بعد الْألف وَقد فسره بقوله تَعْنِي من شقّ الْبابُُ وَهَذَا التَّفْسِير إِنَّمَا وَقع فِي رِوَايَة الْقَابِسِيّ فَيكون من الرَّاوِي وَذكر ابْن التِّين وَغَيره أَن الصَّوَاب ضير الْبابُُ بِكَسْر الضَّاد وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالراء.

     وَقَالَ  الْجَوْهَرِي الضير شقّ الْبابُُ قَوْله أَن نسَاء جَعْفَر ظَاهره يدل على أَنه كَانَت لَهُ نسَاء وَلَكِن لم يعرف لَهُ إِلَّا امْرَأَة وَاحِدَة وَهِي أَسمَاء بنت عُمَيْس فعلى هَذَا يكون مُرَاد الرجل امْرَأَته وَمن انتسب إِلَيْهِ من النِّسَاء وَقَوله أَن نسَاء جَعْفَر خَبره مَحْذُوف تَقْدِيره يبْكين كَذَا قَالَه الْكرْمَانِي قلت فعلى هَذَا قَوْله قَالَ وَذكر بكائهن سد مسد الْخَبَر ويروى قَالَت يَعْنِي عَائِشَة وَالضَّمِير فِي ذكر يرجع إِلَى الرجل وعَلى رِوَايَة قَالَ بالتذكير يكون فِيهِ إدراج من الرَّاوِي قَوْله أَن ينهاهن قيل وَقع فِي رِوَايَة أبي ذَر أَن يأتيهن من الْإِتْيَان وَالظَّاهِر أَنه محرف قَوْله " وَذكر أَنه لم يطعنه " وَفِي رِوَايَة الْكشميهني وَذكر أَنَّهُنَّ لم يطعنه بِضَم الْيَاء من الإطاعة قَوْله لقد غلبننا أَي فِي عدم الإطاعة قَوْله فاحث أَمر من حثا يحثو وحثى يحثي إِذا رمى فعلى هَذَا يجوز فِي الثَّاء فِي ثاء فاحث الضَّم وَالْكَسْر قَوْله أرْغم الله أَنْفك أَي ألصقه بالرغام وَهُوَ التُّرَاب وَهَذَا يسْتَعْمل فِي الْعَجز عَن الانتصاف والانقياد على كره قَوْله فوَاللَّه مَا أَنْت تفعل أَرَادَت لقصورك مَا تفعل مَا أمرت بِهِ وَلَا تخبر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لقصورك عَن ذَلِك حَتَّى يُرْسل غَيْرك قَوْله " وَمَا تركت " رَسُول الله من العناء بِالْعينِ الْمُهْملَة وَالنُّون وبالمد وَهُوَ التَّعَب وَوَقع فِي رِوَايَة العذري عِنْد مُسلم من الغي بالغين الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الْيَاء وَفِي رِوَايَة الطَّبَرِيّ مثله وَلَكِن بِالْعينِ الْمُهْملَة



[ قــ :404 ... غــ :464 ]
- ( حَدثنِي مُحَمَّد بن أبي بكر حَدثنَا عمر بن عَليّ عَن إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد عَن عَامر قَالَ كَانَ ابْن عمر إِذا حَيا ابْن جَعْفَر قَالَ السَّلَام عَلَيْك يَا ابْن ذِي الجناحين) مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ أَنه يتَعَلَّق بِجَعْفَر الَّذِي اسْتشْهد بمؤتة وَمُحَمّد بن أبي بكر هُوَ الْمقدمِي وَعمر بن عَليّ عَمه وعامر هُوَ الشّعبِيّ قَوْله إِذا حَيا أَي إِذا سلم على ابْن جَعْفَر وَهُوَ عبد الله وَإِنَّمَا لقب بذلك لِأَنَّهُ لما قطعت يَدَاهُ يَوْم مُؤْتَة جعل الله لَهُ جناحين يطير بهما فِي الْجنَّة وَعَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رَأَيْت جعفرا يطير فِي الْجنَّة مَعَ الْمَلَائِكَة ولقب بالطيار أَيْضا وروى الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل من مُرْسل عَاصِم بن عمر بن قَتَادَة أَن جناحي جَعْفَر من ياقوت.

     وَقَالَ  السُّهيْلي جَنَاحَانِ ليسَا كَمَا يسْبق إِلَى الْوَهم كجناحي الطَّائِر وريشه لِأَن الصُّورَة الْآدَمِيَّة أشرف الصُّور وأكملها وَالْمرَاد بالجناحين صفة ملكية وَقُوَّة روحانية أعطيها جَعْفَر وَقد عبر الْقُرْآن عَن الْعَضُد بالجناح توسعا فِي قَوْله تَعَالَى { واضمم يدك إِلَى جناحك} قلت إِذا لم يثبت خبر فِي بَيَان كيفيتهما فنؤمن بِهِ من غير بحث عَن حقيقتهما وَالله أعلم -



[ قــ :4043 ... غــ :465 ]
- حدَّثنا أبُو نُعَيْمٍ حدَّثنا سُفْيانُ عنْ إسْماعيلَ عنْ قَيْس بنِ أبي حازِمِ قَالَ سَمِعْتُ خالِدَ بنَ الوَلِيدِ يَقولُ لَقَدِ انْقَطَعَتْ فِي يَدِي يَوْمَ مُوتَةَ تِسْعَةُ أسْيافٍ فَما بَقِيَ فِي يَدِي إلاَّ ضَعِيفَةٌ يَمانِيَّةٌ.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَأَبُو نعيم، بِضَم النُّون: الْفضل بن دُكَيْن، وسُفْيَان هُوَ الثَّوْريّ، وَإِسْمَاعِيل هُوَ ابْن أبي خَالِد الأحمسي البَجلِيّ، وَقيس بن أبي حَازِم البَجلِيّ، وَهَؤُلَاء كلهم كوفيون.
قَوْله: ( صعيفة يَمَانِية) الصعيفة: السَّيْف العريض، واليمانية: بتَخْفِيف الْيَاء على الْأَصَح وَأَصله أَن يقْرَأ بِالتَّشْدِيدِ لِأَنَّهَا يَاء النِّسْبَة إلاّ أَنهم خففوها.
فَقَالُوا سيف يمَان، وَأَصله يماني.





[ قــ :4044 ... غــ :466 ]
- حدَّثني مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى حدّثنا يَحْيَى عَنْ إسْمَاعيِلَ قَالَ حدّثني قَيْسٌ سَمِعْتُ خالِدٍ ابنَ الوَلِيدِ يَقُولُ لَقَدْ دُقَّ فِي يَدِي يَوْمَ مُوتَةَ تِسْعَةُ أسْيَافٍ وَصَبَرَتْ فِي يَدي صَعِيفَةٌ لِي يَمَانِيَّةٌ.
.


هَذَا طَرِيق آخر فِي حَدِيث خَالِد.
وَيحيى هُوَ ابْن سعيد الْقطَّان.
قَوْله: ( دق) على صِيغَة الْمَجْهُول، أَي: تكسر قطعا قطعا.
قَوْله: ( وَصَبَرت) أَي: لم تَنْقَطِع وَلم تندق.



[ قــ :4045 ... غــ :467 ]
- حدَّثني عِمْرَانُ بنُ مَيْسَرَةَ حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ فُضَيْلٍ عنْ حُصَيْنٍ عنْ عامِرٍ عنِ النُّعْمانِ إِن بَشِيرٍ رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ اغْمِيَ عَلَى عَبْدِ الله بنِ رَوَاحَةَ فَجَعَلَتْ أُخْتُهُ عَمْرَةُ تَبْكي واجبَلاَهْ واكَذَا واكَذَا تُعَدَّدُ عَلَيْهِ فقالَ حِينَ أفاقَ مَا قُلْتِ شَيْئاً إلاَّ قِيلَ لي آنْتَ كَذَلِكَ.


قيل: لَا مُطَابقَة للتَّرْجَمَة فِي ذكر هَذَا الحَدِيث هُنَا لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ مَا يدل على أَنه كَانَ فِي غَزْوَة موتَة.
قلت: يُمكن أَن يُوَجه ذكره هُنَا بِشَيْء وَإِن كَانَ فِيهِ نوع تعسف، وَهُوَ أَن الْمَذْكُور فِيهِ من جملَة مَا جرى على عبد الله بن رَوَاحَة الْمَذْكُور فِي الْبابُُ وَهُوَ الْمَوْت فِيمَا مضى وَالْمَرَض هُنَا.

وحصين، بِضَم الْحَاء هُوَ ابْن عبد الرَّحْمَن، وعامر هُوَ الشّعبِيّ كَمَا مر الْآن.

قَوْله: ( أُخْته عمْرَة) هِيَ: وَالِدَة النُّعْمَان بن بشير رَاوِي الحَدِيث، وَوَقع فِي رِوَايَة هشيم عِنْد أبي نعيم، وَفِي مُرْسل أبي عمر أَن الْجونِي عِنْد ابْن سعد: أَنَّهَا أم عبد الله بن رَوَاحَة، قيل: هَذَا خطأ فَاحش، وَاسم أمه كَبْشَة بنت وَاقد قَوْله: ( أغمى على عبد الله) يَعْنِي: مرض وَحصل لَهُ الْإِغْمَاء فِي مَرضه: فَلَمَّا رَأَتْ أُخْته عمْرَة هَذِه الْحَالة بَكت وندبت،.

     وَقَالَ ت نادبة بقولِهَا ( واجبلاه) بِالْجِيم وَاللَّام وَالْوَاو فِيهِ للندبة وَهُوَ حرف نِدَاء، وَلكنه يخْتَص بالندبة وَالْهَاء فِيهِ للسكن، وَفِي رِوَايَة هشيم عَن حُصَيْن عِنْد أبي نعيم فِي ( الْمُسْتَخْرج) واعضداه، وَفِي مُرْسل الْحسن عِنْد ابْن سعد: واجبلاه واعزاه، وَفِي مُرْسل أبي عمرَان الْجونِي عِنْده واظهراه.
قَوْله: ( تعدد عَلَيْهِ) أَي: على عبد الله بن رَوَاحَة، وتعدد، بِضَم التَّاء من التعديد، وَهُوَ ذكر أَوْصَاف الْمَيِّت ومحاسنه فِي أثْنَاء الْبكاء.
قَوْله: ( فَقَالَ) أَي: عبد الله ( حِين أَفَاق) من إغمائه مُخَاطبا لأخته عمْرَة: ( مَا قلت شَيْئا إلاَّ قيل: أَنْت كَذَلِك؟) الْهمزَة فِيهِ للاستفهام على سَبِيل الْإِنْكَار.
أَي: قيل لي هَذَا الْكَلَام على سَبِيل الْإِيذَاء والإهانة، وَفِي مُرْسل أبي عمرَان الْجونِي: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، كَانَ عَاده، يَعْنِي: عبد الله، فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ.
فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِن كَانَ أَجله قد حضر فيسر عَلَيْهِ وإلاَّ فاشفه.
قَالَ: فَوجدَ خفَّة، فَقَالَ: كَانَ قد رفع مرزبة من حَدِيد، يَقُول: أَنْت كَذَا؟ فَلَو قلت: نعم لقمعني بهَا.





[ قــ :4045 ... غــ :468 ]
- حدَّثنا قُتَيْبَةُ حدّثنا عَبْثَرٌ عَنْ حُصَيْنٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عنِ النُّعْمانِ بنِ بَشِيرٍ قَالَ أُغْمِيَ عَلَى عَبْدِ الله بنِ رَوَاحَةَ بِهَذَا فَلَمَّا ماتَ لَمْ تَبْكِ عَلَيْهِ.
.


هَذَا طَرِيق آخر فِي حَدِيث النُّعْمَان بن بشير أخرجه عَن قُتَيْبَة بن سعيد عَن عَبْثَر، بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة وَفتح الثَّاء الْمُثَلَّثَة وبالراء فِي آخِره ابْن الْقَاسِم الْكُوفِي عَن حُصَيْن بن عبد الرَّحْمَن عَن عَامر الشّعبِيّ.
قَوْله: ( بِهَذَا) أَي: بِمَا ذكر فِي الحَدِيث الْمَاضِي من قَوْله: فَجعلت أُخْته تبْكي إِلَى آخِره.
قَوْله: ( فَلَمَّا مَاتَ) أَي: عبد الله فِي غَزْوَة موتَة بلغَهَا الْخَبَر لم تبْكي عَلَيْهِ لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد نهاها عَن الْبكاء فامتثلت أمره صلى الله عَلَيْهِ وَسل