فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب حج أبي بكر بالناس في سنة تسع

( حَجُّ أبي بَكْرٍ بالنَّاس فِي سَنَةِ تسْعٍ)

أَي: هَذَا بَيَان حج أبي بكر الصّديق رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، بِالنَّاسِ.
قَوْله: حج أبي بكر، مُضَاف ومضاف إِلَيْهِ مَرْفُوع بِالِابْتِدَاءِ، وَخَبره قَوْله: فِي سنة تسع، أَي: كَانَ، أَو: وَقع فِي سنة تسع من الْهِجْرَة، وَيجوز أَن يكون لفظ: حج فعلا مَاضِيا، فَيُقَال: حج أَبُو بكر، وَيكون: أَبُو بكر، فَاعله وَلم يخْتَلف فِي أَن حجه كَانَ فِي سنة تسع، وَلَكنهُمْ اخْتلفُوا فِي أَي شهر حج أَبُو بكر، فَذكر ابْن سعد وَغَيره بِإِسْنَاد صَحِيح عَن مُجَاهِد: أَن حجَّة أبي بكر وَقعت فِي ذِي الْقعدَة، وَمِنْهُم من قَالَ: إِن حجَّته كَانَت فِي ذِي الْحجَّة، وَمِنْهُم من لم يبين ذَلِك،.

     وَقَالَ  الْوَاقِدِيّ: إِنَّه خرج فِي تِلْكَ الْحجَّة مَعَ أبي بكر ثَلَاثمِائَة من الصَّحَابَة، وَبعث مَعَه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عشْرين بَدَنَة.
وَذهب جمَاعَة إِلَى أَن حج أبي بكر هَذَا لم يسْقط عَنهُ الْفَرْض بل كَانَ تَطَوّعا قبل فرض الْحَج.



[ قــ :4127 ... غــ :4363 ]
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ داوُدَ أبُو الرَّبِيعِ حَدثنَا فُلَيْحٌ عنِ الزُّهْرِيِّ عنْ حُمَيْدِ بنِ عبْدِ الرَّحْمانِ عنْ أبي هُرَيْرَةَ أنَّ أَبَا بكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِي الله عنهُ بعثَهُ فِي الحَجَّةِ الَّتي أمَّرَهُ عَلَيْها النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَبْلَ حَجَّةِ الوَدَاعِ يَوْمَ النَّحْرِ فِي رَهْطٍ يُؤَذِّنُ فِي النَّاسِ لَا يَحُجُّ بعْدَ العامِ مُشْركٌ وَلَا يَطَوفُ بالبَيْتِ عُرْيانٌ.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَسليمَان بن دَاوُد أَبُو الرّبيع ضد الخريف الْعَتكِي الزهْرَانِي الْبَصْرِيّ، وفليح، بِضَم الْفَاء: ابْن سُلَيْمَان، وَكَانَ اسْمه: عبد الْملك وفليح لقبه فغلب على اسْمه والْحَدِيث مضى فِي الْحَج فِي: بابُُ لَا يطوف بِالْبَيْتِ عُرْيَان، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن يحيى بن بكير عَن اللَّيْث عَن ابْن شهَاب وَهُوَ الزُّهْرِيّ عَن حميد بن عبد الرَّحْمَن ... الخ، وَقد مضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.





[ قــ :418 ... غــ :4364 ]
- ح دّثني عبْدُ الله بنُ رَجاءٍ حدّثنا إسْرَائِيلُ عنْ أبي إسْحاقَ عَن البَرَاءِ رَضِي الله عَنهُ قَالَ آخِرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ كامِلَةً بَراءَة وآخِرُ سورَةٍ نزلَت خاتمَةُ سورَةِ النِّساءِ { يَسْتَفْتُونَكَ قُل الله يُفتيكُمْ فِي الْكلاَلَةِ} ( النِّسَاء: 176) .


مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن بَرَاءَة نزلت وَقد بعث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَبَا بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، على الْحَج، فَقيل: لَو بعث بهَا إِلَى أبي بكر فَقَالَ: لَا يُؤَدِّي عني إلاَّ رجل من أهل بَيْتِي، ثمَّ دَعَا عليا، فَقَالَ: أخرج بصدر بَرَاءَة وأذّن فِي النَّاس يَوْم النَّحْر إِذا اجْتَمعُوا بمنى.
.
الحَدِيث رَوَاهُ ابْن إِسْحَاق.
.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: وَجه تعلقه بالترجمة مُنَاسبَة الْآيَة الَّتِي فِي بَرَاءَة وَهِي قَوْله تَعَالَى: { إِنَّمَا الْمُشْركُونَ نجس فَلَا يقربُوا الْمَسْجِد الْحَرَام بعد عَامهمْ هَذَا} ( بَرَاءَة: 8) لما وَقع فِي حجَّته، وكل من الْوَجْهَيْنِ لَا يَخْلُو عَن تعسف مَعَ أَن الأول أقرب.

وَعبد الله بن رَجَاء ضد الْخَوْف ابْن الْمثنى الغداني الْبَصْرِيّ، وَرُبمَا يرْوى عَنهُ البُخَارِيّ بِوَاسِطَة، وَإِسْرَائِيل هُوَ ابْن يُونُس يروي عَن جده أبي إِسْحَاق عَمْرو بن عبد الله السبيعِي عَن الْبَراء بن عَازِب.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْفَرَائِض عَن عبيد الله بن مُوسَى.

قَوْله: ( كَامِلَة) قَالَ الدَّاودِيّ: لفظ: كَامِلَة، لَيْسَ بِشَيْء لِأَن بَرَاءَة نزلت شَيْئا بعد شَيْء.
قلت: وَلِهَذَا لم يذكر لفظ: كَامِلَة، فِي هَذَا الحَدِيث فِي التَّفْسِير، وَلَفظه هُنَاكَ: آخر سُورَة نزلت بَرَاءَة، وَآخر آيَة نزلت يستفتونك وَذكر النّحاس عَن ابْن عَبَّاس: آخر سُورَة نزلت: { إِذا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح} ( النَّصْر: 10) وَسَيَأْتِي فِي التَّفْسِير عَن ابْن عَبَّاس: أَن آخر آيَة نزلت آيَة الرِّبَا، وَآخر سُورَة نزلت ... الخ قَالَ الْكرْمَانِي: يستفتونك، لَيْسَ آخر سُورَة نزلت، بل آخر آيَة من السُّورَة كَمَا صرح بِهِ فِي التَّفْسِير، ثمَّ قَالَ: المُرَاد من السُّورَة فِيهِ الْقطعَة من الْقُرْآن أَو الْإِضَافَة فيهمَا بِمَعْنى من البيانية نَحْو شجر أَرَاك، أَي: آخر من سُورَة، أَو بِمَعْنى: من البيانية نَحْو شجر أَرَاك، أَي: آخر من سُورَة، أَو بِمَعْنى: من، التبعضية أَي: الآخر بعض السُّورَة.
قلت: لفظ الحَدِيث فِي ( الْأَطْرَاف) لِلْحَافِظِ الْمزي: وَآخر آيَة نزلت، وَهُوَ الصَّوَاب فَلَا يحْتَاج إِلَى هَذِه التعسفات.