فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب حجة الوداع

( بابُُ حَجَّةِ الوَدَاعِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حجَّة الْوَدَاع، يجوز فتح الْحَاء وَكسرهَا وَكَذَلِكَ كسر الْوَاو وَفتحهَا، وَإِنَّمَا سميت حجَّة الْوَدَاع لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ودع النَّاس فِيهَا وَلم يحجّ بعْدهَا، وَسميت أَيْضا: حجَّة الْإِسْلَام لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يحجّ من الْمَدِينَة غَيرهَا وَلَكِن حج قبل الْهِجْرَة مَرَّات قبل النُّبُوَّة وَبعدهَا، وَقد قيل: إِن فَرِيضَة الْحَج نزت عامئذٍ، وَقيل: سنة تسع، وَقيل: قبل الْهِجْرَة، وَهُوَ غَرِيب وَسميت: حجَّة الْبَلَاغ، أَيْضا لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بلغ النَّاس فِيهَا شرع الله فِي الْحَج قولا وفعلاً وَلم يكن بَقِي من دعائم الْإِسْلَام وقواعده إِلَّا وَقد بلغه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَسميت أَيْضا: حجَّة التَّمام والكمال، وَحجَّة الْوَدَاع أشهر.



[ قــ :4157 ... غــ :4395 ]
- حَدَّثَنَا إسْماعِيلُ بنُ عبْدِ الله حدَّثنا مالِكٌ عَن ابْن شِهاب عنْ عُرْوَةَ بنِ الزُّبَيْرِ عنْ عائشَةَ رضيَ الله عَنْهَا قالَتْ خرَجْنا معَ رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ فأهْلَلْنا بِعُمْرَةٍ ثُمَّ قَالَ لَنا رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَنْ كانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُهْلِلْ بالحَجِّ معَ العُمْرة ثُمَّ لَا يَحِلَّ حتَّى يَحِلَّ مِنْهُما جَمِيعاً فَقدِمتُ معَهُ مَكَّةَ وَأَنا حائِضٌ ولَمْ أطُفْ بالبَيْتِ وَلَا بَيْنَ الصفَّا والمَرْوَةِ فَشَكَوْتُ إِلَى رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ انْقُضى رَأسَكِ وامْتَشِطِي وأهَلِّي بالحَجِّ وَدَعِي العُمْرَةَ فَفَعَلْتُ فَلَمَّا قَضَيْنا الحجَّ أرْسَلَنِي رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم معَ عبْدِ الرَّحْمانِ بنِ أبي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ إِلَى التَّنْعِيم فاعْتَمَرْتُ فَقَالَ هَذِهِ مَكَان عُمرَتِكِ قالَتْ فَطافَ الَّذِينَ أهَلُّوا بالعُمْرَةِ بالبَيْتِ وبَيْنَ الصَّفا والمَرْوَةِ ثُمَّ حَلُّوا ثُمَّ طافُوا طَوَافاً آخرَ بعَدَ أنْ رَجَعُوا مِنْ منى وَأما الَّذِينَ جَمَعُوا الحَجَّ والعُمْرَةَ فإنَّما طافُوا طَوافاً واحِداً.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: حجَّة الْوَدَاع.
والْحَدِيث مر فِي الْحَج فِي: بابُُ التَّمَتُّع والإقران، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عبد الله بن يُوسُف عَن مَالك مُخْتَصرا، وَأخرجه عَن عَائِشَة مطولا، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ مُسْتَوفى.

قَوْله: ( فأهللنا) أَي: أحرمنا.
قَوْله: ( هَذِه مَكَان) بِالرَّفْع وَالنّصب.





[ قــ :4158 ... غــ :4396 ]
- ح دّثني عَمْرُو بن عَلِيِّ حدَّثنا يَحْيَى بنُ سعِيدٍ حدَّثنا ابنُ جُرَيْجٍ قَالَ حدَّثَنَي عَطاءٌ عنِ ابْن عَبَّاسٍ إِذا طافَ بالبَيْت فَقَدْ حل فَقُلْتُ مِنْ أيْنَ قَالَ هذَا ابنُ عَبَّاسٍ قَالَ منْ قَوْل الله تَعالى ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى البيْتِ العَتِيقِ ومِنْ أمْرِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أصْحابَهُ أنْ يَحِلُّوا فِي حَجَّةِ الوَداعِ.

قُلْتُ إِنَّمَا كانَ ذَلِكَ بَعْدَ المُعَرَّفِ قَالَ كانَ ابنُ عَبَّاسٍ يَرَاهُ قبلُ وبَعْدُ.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة فِي قَوْله: ( حجَّة الْوَدَاع) ، وَعَمْرو بن عَليّ بن بَحر أَبُو حَفْص الْبَاهِلِيّ الْبَصْرِيّ الصَّيْرَفِي، وَيحيى بن سعيد الْقطَّان، وَابْن جريج هُوَ عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز بن جريج، وَعَطَاء هُوَ ابْن أبي رَبَاح.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الْمَنَاسِك عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم.

قَوْله: ( فقد حل) ، أَي: قبل السَّعْي وَالْحلق.
قَوْله: ( فَقلت) ، الْقَائِل هُوَ ابْن جريج، وَالْمقول لَهُ عَطاء.
قَوْله: ( قَالَ) أَي: عَطاء.
قَوْله: ( بعد الْمُعَرّف) ، بِفَتْح الرَّاء: التَّعْرِيف أَي: الْوُقُوف بِعَرَفَة، يُقَال: عرف النَّاس إِذا شهدُوا عَرَفَة.
قَوْله: ( قبل وَبعد) ، أَي: قبل الْمُعَرّف وَبعده.





[ قــ :4159 ... غــ :4397 ]
- ح دّثني بَيانٌ حَدثنَا النَّضْرُ أخبرَنا شُعْبَةُ عنْ قَيْسٍ قَالَ سمِعْتُ طارِقاً عنْ أبي مُوسى الأشْعَرِيِّ رَضِي الله عنهُ قَالَ قَدِمْتُ على النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالبَطْحاءِ فَقَالَ أحَجَجْتَ.

قُلْتُ نَعَمْ قَالَ كَيْفَ أهْلَلْتَ.

قُلْتُ لَبَّيْكَ بإهْلاَلٍ كإهْلاَلِ رسولِ لله قَالَ طُفْ بالبَيْتِ وبالصَّفا والمرْوةِ ثُمَّ حِلَّ فَطُفْتُ بالْبَيْتِ وبالصفَّا والمَرْوَةِ وأتَيْت امْرأةً مِنْ قَيْسٍ فَفَلَتْ رأسِي.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: ( قدمت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) لِأَن قدومه كَانَ وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فِي حجَّة الْوَدَاع.

وَبَيَان، بِفَتْح الْمُوَحدَة وَتَخْفِيف الْيَاء آخر الْحُرُوف وَبعد الْألف نون: ابْن عَمْرو البُخَارِيّ، وَالنضْر، بالضاد الْمُعْجَمَة: هُوَ ابْن شُمَيْل، وَقيس هُوَ ابْن مُسلم، وطارق هُوَ ابْن شهَاب الأحمسي البَجلِيّ الْكُوفِي، أدْرك الْجَاهِلِيَّة وَله رُؤْيَة وغزوة مَعَ أبي بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.

قَوْله: ( بالبطحاء) ، حَال أَي: قدمت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، حَال كَونه نازلاً بالبطحاء، وَهُوَ مسيل وَادي مَكَّة.
قَوْله: ( أحججت؟) الْهمزَة فِيهِ للاستفهام على سَبِيل الاستخبار أَي: آحرمت بِالْحَجِّ؟ هُوَ شَامِل لِلْحَجِّ الْأَكْبَر والأصغر الَّذِي هُوَ الْعمرَة.
قَوْله: ( ثمَّ حل) ، بِكَسْر الْحَاء وَتَشْديد اللَّام: أَمر من الْإِحْلَال.
قَوْله: ( فَقلت رَأْسِي) بِفَتْح اللَّام المخففة أَي: فتشت رَأْسِي وأخرجت الْقمل مِنْهُ من: فلي يفلي فلياً وَهُوَ أَخذ الْقمل من الشّعْر، ومضمون الحَدِيث من الْفِقْه قد مر فِي الْحَج فِي: بابُُ من أهل فِي زمن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كإهلاله.





[ قــ :4160 ... غــ :4398 ]
- ح دّثني إبْرَاهِيمُ بنُ المُنْذِرِ أخبْرنا أنَسُ بنُ عِياضٍ حَدثنَا مُوسَى بنُ عُقْبَةَ عنْ نافِعٍ أنَّ ابنَ عُمَرَ أخْبَرَهُ أنَّ حَفصَةَ رَضِي الله عَنْهَا زَوْجَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخبَرَتْهُ أنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أمَرَ أزْوَاجَهُ أنْ يَحْلِلْنَ عامَ حَجَّةِ الوَداعِ فقالَتْ حَفْصَةُ فَمَا يَمنَعُكَ فَقَالَ لَبَّدْتُ رأسِي وقَلَّدْتُ هَدْيي فَلَسْتُ أحِل حَتَّى أنْحَرَ هَدْيي.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( عَام حجَّة الْوَدَاع) ، والْحَدِيث مضى فِي: بابُُ التَّمَتُّع والإقران.
أخرجه عَن إِسْمَاعِيل وَعبد الله بن يُوسُف كِلَاهُمَا عَن مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر عَن حَفْصَة وَهِي بنت عمر بن الْخطاب وَأُخْت عبد الله بن عمر.

قَوْله: ( فَمَا يمنعك أَنْت؟) تخاطب بِهِ حَفْصَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بقولِهَا: فَمَا يمنعك أَنْت؟ أَي: فَمَا يمنعك عَن التَّحَلُّل يَا رَسُول الله؟ قَوْله: ( لبدت رَأْسِي) من التلبيد وَهُوَ أَن يَجْعَل الْمحرم فِي رَأسه شَيْئا من صمغ ليصير شعره كاللبد لِئَلَّا يشعث فِي الْإِحْرَام، ( وقلدت) من التَّقْلِيد، وتقليد الْهَدْي: أَن يعلق فِي عُنُقه شَيْء ليعلم أَنه هدي.





[ قــ :4161 ... غــ :4399 ]
- حَدَّثَنَا أبُو اليَمانِ قَالَ حدّثني شُعَيْبٌ عنِ الزُّهْريِّ.

     وَقَالَ  مُحَمَّدُ بنُ يُوسُفَ حدَّثنا الأوْزاعيُّ قَالَ أَخْبرنِي ابنُ شهِابٍ عنْ سُلَيْمان بنِ يَسارٍ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِي الله عَنْهُمَا أنَّ امْرَأةً مِنْ خَثَعَمَ اسْتَفْتَتْ رسُولَ الله فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ والفَضْلُ بنُ عَبَّاسٍ رَديفُ رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقالَتْ يَا رسُولَ الله إنَّ فَرِيضَةَ الله عَلَى عِبَادِهِ أدْرَكَتْ أبي شَيْخاً كَبِيراً لاَ يَسْتَطِيعُ أنْ يَسْتَوِيَ عَلَى الرَّاحِلَةِ فَهَلْ يَقْضِي أنْ أحُجَّ عَنْهُ قَالَ: نَعَمْ.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( حجَّة الْوَدَاع) .
أخرجه من طَرِيقين أَحدهمَا: مَوْصُول وَهُوَ: عَن أبي الْيَمَان الحكم ابْن نَافِع عَن شُعَيْب بن أبي حَمْزَة عَن مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ عَن سُلَيْمَان بن يسَار ضد الْيَمين عَن عبد الله بن عَبَّاس.
وَالْآخر: غير مَوْصُول.
وَهُوَ قَوْله: ( وَقَالَ مُحَمَّد بن يُوسُف) هُوَ الْفرْيَابِيّ، وَهُوَ شيخ البُخَارِيّ، أَيْضا، وَكَأَنَّهُ لم يسمعهُ مِنْهُ فَلذَلِك علقه.
وَهُوَ يروي عَن عبد الرَّحْمَن بن عَمْرو الْأَوْزَاعِيّ عَن بن شهَاب وَهُوَ الزُّهْرِيّ عَن سُلَيْمَان بن يسَار، وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله أَبُو نعيم فِي ( الْمُسْتَخْرج) من طَرِيقه.
وَهَذَا الحَدِيث قد مضى فِي الْحَج فِي: بابُُ الْحَج عَمَّن لَا يَسْتَطِيع الثُّبُوت على الرَّاحِلَة، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ مُسْتَوفى.





[ قــ :416 ... غــ :4400 ]
- ح دّثني مُحَمَّدٌ حَدثنَا سُرَيْجُ بنُ النُّعْمانِ حَدثنَا فُلَيْحٌ عنْ نافِعٍ عنِ ابنِ عُمَرَ رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ أقْبَلَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عامَ الفَتْحِ وهْوَ مُرْدِفٌ أُسامَةَ عل القَصْوَاءِ وَمَعَهُ بِلاَلٌ وعُثْمانُ بنُ طَلْحَةَ حَتَّى أناخَ عِنْدَ البَيْتِ ثُمَّ قَالَ لِعُثْمانَ ائْتِنا بالمِفْتاحِ فَجاءَهُ بالمِفْتاحِ فَفَتَحَ لهُ البابَُ فَدَخَلَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأُسامَةُ وبِلاَلٌ وعُثمانُ ثُمَّ أغلقُوا عَلَيْهِمِ البابَُ فَمَكَثَ نَهَارا طَوِيلاً ثُمَّ خَرَجَ وابْتَدَرَ النَّاسُ الدُّخُولَ فَسَبَقْتُهُمْ فَوَجَدْتُ بِلاَلاً قائِماً مِنْ وَرَاءِ البابُِ فَقُلْتُ لهُ أيْنَ صَلَّى رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ صَلَّى بَيْنَ ذَيْنِكَ العَمُودَيْنِ المُقَدَّمَيْنِ وكانَ البَيْتُ عَلى سِتَّةِ أعْمِدَةٍ سَطْرَيْنِ صَلَّى بَيْنَ العَمُودَيْنِ مِنَ السَّطْرِ المُقَدَّمِ وجَعَلَ بابَُ البَيْتِ خَلْفَ ظَهْرِهِ واسْتَقْبَلَ بِوَجْهِهِ الَّذِي يَسْتَقْبِلُكَ حِين تَلِجُ البَيْتَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجِدَارِ قَالَ ونَسِيتُ أنْ أسْأَلَهُ كَمْ صَلَّى وعِنْدَ المَكان الَّذِي صَلَّى فِيهِ مَرْمَرَةٌ حَمْرَاءٌ.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( عَام الْفَتْح) ، لِأَن حجَّة الْإِسْلَام كَانَت فِيهِ، وَهِي حجَّة الْوَدَاع، وَمُحَمّد شيخ البُخَارِيّ ابْن رَافع بن أبي زيد الْقشيرِي النَّيْسَابُورِي.
كَذَا قَالَه النَّسَائِيّ،.

     وَقَالَ  الْحَاكِم: هُوَ مُحَمَّد بن يحيى الذهلي، بِضَم الذَّال الْمُعْجَمَة، وسريج، بِضَم السِّين الْمُهْملَة وَفتح الزَّاي وَفِي آخِره جِيم، مصغر السرج: ابْن النُّعْمَان أَبُو الْحسن البغداي الْجَوْهَرِي، وَهُوَ شيخ البُخَارِيّ، تَارَة يرْوى عَنهُ بِوَاسِطَة كَمَا فِي هَذَا الْموضع، وَتارَة بِلَا وَاسِطَة، وفليح، بمض الْفَاء: هُوَ ابْن سُلَيْمَان.

قَوْله: ( وَهُوَ مردف) ، الْوَاو فِيهِ للْحَال.
قَوْله: ( على الْقَصْوَاء) ، وَهُوَ اسْم نَاقَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَهِي الَّتِي ابتاعها أَبُو بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَأُخْرَى مَعهَا من بني قشر بثمانمائة دِرْهَم، وَهِي الَّتِي هَاجر عَلَيْهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَكَانَت إِذْ ذَاك ربَاعِية، وَكَانَ لَا يحملهُ غَيرهَا إِذا نزل عَلَيْهِ الْوَحْي.
وَفِي ( عُيُون الْأَثر) : كَانَت نَاقَته الَّتِي هَاجر عَلَيْهَا تسمى الْقَصْوَاء والجدعاء والعضباء، وَقيل: العضباء غير الْقَصْوَاء، والعضباء هِيَ الَّتِي سبقت، فشق ذَلِك على الْمُسلمين، والقصواء تَأْنِيث الْأَقْصَى، قَالَ ابْن الْأَثِير: الْقَصْوَاء النَّاقة الَّتِي قطع طرف أذنها من قصوته قصواً فَهُوَ مقصو، وناقة قصواء، وَلَا يُقَال: بعير أقْصَى، وَلم تكن نَاقَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قصواء، وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا لقباً لَهَا، وَقيل: كَانَت مَقْطُوعَة الْأذن.
قَوْله: ( وَعُثْمَان بن طَلْحَة) بن أبي طَلْحَة، واسْمه عبد الله بن عبد الْعُزَّى بن عُثْمَان بن عبد الدَّار بن قصي الْقرشِي الْعَبدَرِي، قتل أَبوهُ طَلْحَة يَوْم أحد كَافِرًا، وَهَاجَر عُثْمَان إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَت هجرته فِي هدنة الْحُدَيْبِيَة مَعَ خَالِد بن الْوَلِيد، فلقيا عَمْرو بن الْعَاصِ مُقبلا من عِنْد النَّجَاشِيّ يُرِيد الْهِجْرَة، فاصطحبوا جَمِيعًا حَتَّى قدمُوا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بِالْمَدِينَةِ فأسلموا، وَشهد عُثْمَان فتح مَكَّة فَدفع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، مِفْتَاح الْكَعْبَة إِلَيْهِ وَإِلَى شيبَة بن عُثْمَان، ثمَّ نزل عُثْمَان الْمَدِينَة فَأَقَامَ بهَا إِلَى أَن توفّي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ثمَّ انْتقل إِلَى مَكَّة فسكنها حَتَّى مَاتَ بهَا فِي أول خلَافَة مُعَاوِيَة سنة ثِنْتَيْنِ وَأَرْبَعين، وَقيل: إِنَّه قتل بأجنادين.
قَوْله: ( ثمَّ أغلقوا) ويرو: غلقوا، بتَشْديد اللَّام.
قَوْله: ( فَقلت لَهُ) ، أَي: لِبلَال رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
قَوْله: ( فَقَالَ: صلى) إِلَى آخر الحَدِيث، رِوَايَة عبد الله بن عمر عَن بِلَال: وَمضى فِي الصَّلَاة فِي: بابُُ الصَّلَاة بَين السَّوَارِي.
قَوْله: ( سطرين) بِالسِّين الْمُهْملَة، وَفِي رِوَايَة بِالْمُعْجَمَةِ، وَأنْكرهُ عِيَاض.
قَوْله: ( حِين تلج) أَي: حِين تدخل، من الولوج.
قَوْله: ( وَبَينه) أَي: وَبَين الَّذِي يسْلك أَو بَين رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
قَوْله: ( مرمرة حَمْرَاء) ، قَالَ الْكسَائي: المرمرة الرخام.
قلت: المرمرة غير الرخام، وَهِي مَعْرُوفَة وَيجمع على: مر مر، والأبحاث الْمُتَعَلّقَة بِهِ قد مرت فِي أَبْوَاب كَثِيرَة لِأَن البُخَارِيّ أخرج هَذَا الحَدِيث: فِي الصَّلَاة وَفِي الْجِهَاد وَفِي الْمَغَازِي وَفِي الْحَج، وَأخرجه مُسلم فِي الْحَج عَن جمَاعَة، وَأَبُو دَاوُد فِيهِ أَيْضا عَن جمَاعَة، وَالنَّسَائِيّ كَذَلِك عَن جمَاعَة، وَابْن ماجة كَذَلِك عَن دُحَيْم.





[ قــ :4163 ... غــ :4401 ]
- حَدَّثَنَا أبُو اليَمانِ أخبْرَنا شُعَيْبٌ عنِ الزُّهْرِيِّ حدّثني عُرْوةُ بن الزُّبَيْرِ وأبُو سَلَمَة ابنُ عبْدِ الرَّحْمانِ أنَّ عائِشَةَ زَوْجَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخْبَرَتْهُما أنَّ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَىٍّ زَوْجَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حاضَتْ فِي حجَّةِ الوَدَاعِ فَقَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أحابِسَتُنا هِي فَقُلْتُ إنَّها قَدْ أفاضَتْ يَا رسُولَ الله وطافَتْ بالْبَيْتِ فَقَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلْتَنْفِرْ.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( فِي حجَّة الْوَدَاع) ، وَأَبُو الْيَمَان الحكم بن نَافِع والْحَدِيث مضى من طَرِيق آخر فِي الْحَج فِي: بابُُ إِذا حَاضَت الْمَرْأَة بَعْدَمَا أفاضت، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.





[ قــ :4164 ... غــ :440 ]
- حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ سُلَيْمانَ قَالَ أَخْبرنِي ابنُ هْبٍ قَالَ حدّثني عمَرُ بنُ مِحَمَّدٍ أنَّ أباهُ حدَّثَهُ عنِ ابنِ عُمرَ رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ كُنَّا نَتَحَدَّثُ بِحَجَّةِ الوَدَاعِ والنبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَيْنَ أظْهُرِنا ولاَ نَدْري مَا حَجَّةُ الوَداعِ فَحَمِدَ الله وأثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ ذَكَرَ المسِيحَ الدَّجَّالَ فأطْنَبَ فِي ذِكْرِهِ.

     وَقَالَ  مَا بَعَثَ الله منْ نَبِيٍّ إلاَّ أنْذَرَ أُمَّتَهُ أنْذَرَهُ نُوحٌ النبيِيُّونَ مِنْ بَعْدِهِ وإنَّهُ يَخْرُجُ فيكُمْ فَمَا خَفى عَلَيْكُمْ منْ شأنهِ فَلَيْسَ يَخْفَى عَلَيْكُمْ أنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ عَلَى مَا يَخْفَى عَلَيْكُمْ ثلاَثاً إنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بأعْوَرَ وإنَّهُ أعْوَرُ عَيْنِ اليُمْنَى كأنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طافِيَةٌ.
ألاَ إنَّ الله حَرَّم عَلَيْكُمْ دِماءَكُمْ وأمْوَالَكُمْ كَحُرْمَة يَوْمِكُم هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا ألاَ هَلْ بَلَّغْتُ قالُوا نَعَمْ قَالَ اللَّهُمَّ اشْهَدُ ثَلَاثًا ويْلَكُمْ أوْ وَيْحَكُمْ انْظُرُوا لاَ تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّاراً يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رقابَ بَعْضٍ.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَيحيى بن سُلَيْمَان أَبُو سعيد الْجعْفِيّ البُخَارِيّ، سكن مصر وروى عَن عبد الله بن وهب الْمصْرِيّ، وَعمر بن مُحَمَّد بن زيد بن عبد الله بن الْخطاب، وَعمر هَذَا يروي عَن أَبِيه مُحَمَّد، وَمُحَمّد يروي عَن جده عبد الله بن عمر.

وَحَدِيث مُحَمَّد هَذَا أخرجه البُخَارِيّ فِي مَوَاضِع بطرق مُخْتَلفَة فِي الدِّيات عَن أبي الْوَلِيد وَفِي الْفِتَن عَن حجاج ابْن منهال وَفِي الْأَدَب عَن عبد الله بن عبد الْوَهَّاب وَفِي الْحُدُود عَن مُحَمَّد بن عبد الله وَفِي الْحَج عَن مُحَمَّد بن الْمثنى، وَأول حَدِيثه: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بمنى: أَتَدْرُونَ أَي يَوْم هَذَا؟ وَأخرجه مُسلم فِي الْإِيمَان عَن حَرْمَلَة وَغَيره.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي السّنة عَن أبي الْوَلِيد بِهِ.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْمُحَاربَة عَن أَحْمد بن عبد الله، وَأخرجه ابْن ماجة فِي الْفِتَن عَن دُحَيْم مُخْتَصرا.

قَوْله: ( كُنَّا نتحدث بِحجَّة الْوَدَاع) .
قَوْله: ( وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) ، الْوَاو فِيهِ للْحَال.
قَوْله: ( وَلَا نَدْرِي مَا حجَّة الْوَدَاع) لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ ذكرهَا فتحدثوا بهَا، وَلَكنهُمْ مَا فَهموا المُرَاد من الْوَدَاع: هَل هُوَ وداع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أم غَيره؟ حَتَّى توفّي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَعَلمُوا عِنْد ذَلِك أَنه وادع النَّاس بالوصايا الَّتِي أوصاها لَهُم قرب أَيَّام مَوته مِنْهَا.
قَوْله: ( لَا ترجعوا بعدِي كفَّارًا) .
قَوْله: ( فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ) فِيهِ حذف تَقْدِيره: ركب وَاجْتمعَ النَّاس إِلَيْهِ وخطب فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ، وَفِي رِوَايَة أبي نعيم فِي ( الْمُسْتَخْرج) : فَحَمدَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
.
الحَدِيث وَحده، وَأثْنى عَلَيْهِ الله، وَفِي قصَّة الدَّجَّال، وَفِيه: أَلا إِن الله حرم عَلَيْكُم دماءكم ... وَهَذِه الْخطْبَة كلهَا كَانَت فِي حجَّة الْوَدَاع.
قَوْله: ( فاطنب) ، أَي: طوّل.
قَوْله: ( أنذره نوح) إِنَّمَا عين نوحًا بتصريح اسْمه بعد أَن كَانَ دَاخِلا فِي قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( مَا بعث الله من نَبِي إلاّ أنذر أمته) لِأَن نوحًا وَمن بعده خلق ثَان، لِأَن من قبله هَلَكُوا كلهم وَلم يبْق إلاَّ نوح وَأَوْلَاده الثَّلَاثَة: يافث وسام وَحَام، وَهُوَ أَب ثَان، وَالْأَب الأول هُوَ آدم، عَلَيْهِ السَّلَام.
قَوْله: ( وَإنَّهُ) ، أَي: وَإِن الدَّجَّال يخرج فِيكُم، أَرَادَ فِي أمته عِنْد قرب السَّاعَة.
قَوْله: ( فَمَا خَفِي عَلَيْكُم) ، كلمة: مَا، شَرْطِيَّة أَي: إِن خَفِي عَلَيْكُم بعض شَأْنه فَلَا يخفى عَلَيْكُم أَن ربكُم لَيْسَ بأعور، وَالثَّانِي بدل من الأول، أَي: لَا يخفى عَلَيْكُم أَنه لَيْسَ مِمَّا يخفى أَنه لَيْسَ أعوارً، واستئناف قَوْله: ( وَإنَّهُ أَعور عين الْيُمْنَى) ، وَقد مر تَفْسِير هَذَا فِي: بابُُ { وَاذْكُر فِي الْكتاب مَرْيَم} ( مَرْيَم: 16) وَكَذَلِكَ تَفْسِير قَوْله: ( كَأَن عينه عنبة طافية) ، وَقد ذكرنَا أَنه فِي رِوَايَة أُخْرَى: أَنه جاحظ الْعين كَأَنَّهَا كَوْكَب، وَفِي أُخْرَى: أَنَّهَا لَيست بناتية وَلَا حجراء، وَهَهُنَا: أَنه أَعور عين الْيُمْنَى، وَفِي حَدِيث حُذَيْفَة.
أَنه مَمْسُوح الْعين عَلَيْهَا ظفرة غَلِيظَة، وَفِي حَدِيث آخر: أَنه أَعور عين الْيُسْرَى، وَوجه الْجمع بَين هَذِه الْأَوْصَاف المتنافرة أَن يقدر فِيهَا أَن إِحْدَى عَيْنَيْهِ ذَاهِبَة وَالْأُخْرَى مَعِيبَة، فَيصح أَن يُقَال لكل وحادة عوراء، إِذْ الأَصْل فِي العور الْعَيْب.
قَوْله: ( أَلا إِن الله) كلمة: أَلا للاستفتاح، وَفِيه معنى الْحَث على سَماع مَا يَأْتِي.
قَوْله: ( كَحُرْمَةِ يومكم هَذَا) ، قَالَ الطَّيِّبِيّ رَحمَه الله: هَذَا من تَشْبِيه مَا لم تجر بِهِ الْعَادة بِمَا جرت بِهِ الْعَادة، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: { وَإِذ نتقنا الْجَبَل فَوْقهم كَأَنَّهُ ظلة} ( الْأَعْرَاف: 171) كَانُوا يستبيحون دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالهمْ فِي الْجَاهِلِيَّة فِي غير الْأَشْهر الْحرم ويحرمونها فِيهَا كَأَنَّهُ قيل: إِن دماءكم وَأَمْوَالكُمْ مُحرمَة عَلَيْكُم أبدا كَحُرْمَةِ يومكم وشهركم وبلدكم.
قَوْله: ( أَلا هَل بلغت؟) بتَشْديد اللَّام.
قَوْله: ( ثَلَاثًا) ، أَي: ثَلَاث مَرَّات، وانتصابه على أَنه صفة لمصدر مَحْذُوف أَي: قَالَه قولا ثَلَاثًا.
قَوْله: ( أَو وَيحكم) شكّ من الرَّاوِي، وَكلمَة: وَيحكم، كلمة ترحم وتوجع، وَقد يُقَال بِمَعْنى الْمَدْح والتعجب، وانتصابه على المصدرية وَيسْتَعْمل مُضَافا وَغير مُضَاف، وَالْوَيْل فِي الأَصْل الْحزن والهلاك، وَيسْتَعْمل عِنْد التوجع والتعجب، وَهَهُنَا هُوَ المُرَاد.
قَوْله: ( لَا ترجعوا بعدِي كفَّارًا) قَالَ الْكرْمَانِي: هُوَ تَشْبِيه أَو هُوَ من بابُُ التَّغْلِيظ فَهُوَ مجَاز، أَو المُرَاد مَعْنَاهُ اللّغَوِيّ وَهُوَ التستر بالأسلحة، وَالْأولَى أَنه على ظَاهره وَهُوَ النَّهْي عَن الارتداد، وأوله الْخَوَارِج بالْكفْر الَّذِي هُوَ الْخُرُوج عَن الْملَّة: إِذْ كل كَبِيرَة عِنْدهم كفر، وَيُقَال: مَعْنَاهُ لَا تكن أفعالكم تشبه أَعمال الْكفَّار فِي ضرب رِقَاب الْمُسلمين، وَيُقَال: مَعْنَاهُ إِذا فَارَقت الدُّنْيَا فاثبتوا بعدِي على مَا أَنْتُم عَلَيْهِ من الْإِيمَان وَالتَّقوى وَلَا تظلموا أحدا وَلَا تَحَارَبُوا الْمُسلمين وَلَا تَأْخُذُوا أَمْوَالهم بِالْبَاطِلِ، فَإِن هَذِه الْأَفْعَال من الضَّلَالَة والعدول عَن الْحق إِلَى الْبَاطِل.
قَوْله: ( يضْرب بَعْضكُم رِقَاب بعض) ، جملَة مستأنفة مبينَة لقَوْله: ( لَا ترجعوا بعدِي كفَّارًا) .





[ قــ :4165 ... غــ :4404 ]
- حَدَّثَنَا عَمْرُو بنَ خالِدٍ حَدثنَا زُهَيْرٌ حَدثنَا أبُو إسحاقَ قَالَ حدّثني زَيْدُ بن أرْقَمَ أنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غَزَا تِسْع عَشْرَةَ غَزْوَةً وأنَّهُ حَجَّ بَعْدما هاجَرَ حَجَّةً واحِدةً لَمْ يَحُجَّ بَعْدَها حَجَّةُ الوَدَاعِ قَالَ أَبُو إسْحاقَ وبِمَكَّةَ أخْرَي.
( انْظُر 3949 وطرفه) .


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( حجَّة الْوَدَاع) .
وَعَمْرو بن خَالِد الْحَرَّانِي، وَزُهَيْر مصغر زهر بن مُعَاوِيَة وَأَبُو إِسْحَاق عَمْرو بن عبد الله السبيعِي.
والْحَدِيث مضى فِي أول الْمَغَازِي من حَدِيث شُعْبَة عَن أبي إِسْحَاق.

قَوْله: ( لم يحجّ بعْدهَا حجَّة الْوَدَاع) ، يَعْنِي وَلَا حج قبلهَا إلاَّ أَن يُرِيد نفي الْحَج الْأَصْغَر وَهُوَ الْعمرَة فَلَا فَإِنَّهُ اعْتَمر قبلهَا قطعا.
قَوْله: ( حجَّة الْوَدَاع) مَرْفُوع على أَنه خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف يَعْنِي: هِيَ حجَّة الْوَدَاع، حَاصله أَنه بعد الْهِجْرَة لم يحجّ إلاَّ حجَّة الْوَدَاع.
قَوْله: ( قَالَ أَبُو إِسْحَاق) ، هُوَ الرَّاوِي وَهُوَ مَوْصُول بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور.
قَوْله: ( وبمكة أُخْرَى) يَعْنِي: حج حجَّة أُخْرَى بِمَكَّة قبل أَن يهاجروا، وَهَذَا يُوهم أَنه لم يحجّ قبل الْهِجْرَة إلاَّ حجَّة وَاحِدَة، وَلَيْسَ كَذَلِك، بل حج قبل الْهِجْرَة مرَارًا عديدة، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ عَن قريب.





[ قــ :4166 ... غــ :4405 ]
- حَدَّثَنَا حَفْصُ بنُ عُمَرَ حَدثنَا شُعْبَةُ عنْ عَلِيِّ بنِ مُدركٍ عنْ أبي زُرْعَةَ بنِ عَمْرِو بنِ جرِيرٍ عنْ جَرِيرٍ أنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ لِجَرِيرٍ اسْتنْصِتِ النَّاسَ فَقَالَ لاَ تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّاراً يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَعلي بن مدرك، بِضَم الْمِيم وَسُكُون الدَّار وَكسر الرَّاء: النَّخعِيّ الْكُوفِي من ثقاة التَّابِعين وَمَاله فِي البُخَارِيّ إلاَّ هَذَا الحَدِيث، لكنه أوردهُ فِي مَوَاضِع فِي الْفِتَن وَفِي الدِّيات، وَأَبُو زرْعَة بِضَم الزَّاي وَسُكُون الرَّاء وبالعين الْمُهْملَة: اسْمه هرم بن عَمْرو بن جرير بن عبد الله بن جَابر البَجلِيّ، وَأَبُو زرْعَة يروي عَن جده جرير.

وَأخرجه مُسلم فِي الْإِيمَان عَن أبي بكرَة وَآخَرين.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْعلم عَن مُحَمَّد بن عُثْمَان وَغَيره.
وَأخرجه ابْن ماجة فِي الْفِتَن عَن بنْدَار.

قَوْله: ( استنصت النَّاس) ، أَي: أسكتهم، وَفِيه دَلِيل على وهم من زعم أَن إِسْلَام جرير كَانَ قبل موت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَرْبَعِينَ يَوْمًا، لِأَن حجَّة الْوَدَاع كَانَت قبل مَوته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَكْثَرَ من ثَمَانِينَ يَوْمًا، لِأَن جَرِيرًا قد ذكر أَنه حج مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حجَّة الْوَدَاع.