فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب قوله: {وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد} [البقرة: 187] "

(بابُُ قوْله: { وكُلُوا وَاشْرَبُوا حتَّى يَتَبَيَّنَ لكُمُ الخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الفَجْرِ ثُمَّ أتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وأنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي المَسَاجِدِ} إِلَى قَوْلِهِ { تُتَّقون} { الْعَاكِفُ المُقِيمُ} (الْبَقَرَة: 187)

قَوْله تَعَالَى: { وكلوا وَاشْرَبُوا} أَمر إِبَاحَة أَبَاحَ الله تَعَالَى الْأكل وَالشرب مَعَ مَا تقدم من إِبَاحَة الْجِمَاع فِي أَي اللَّيْل شَاءَ الصَّائِم إِلَى أَن يتَبَيَّن ضِيَاء الصَّباح من سَواد اللَّيْل، وَعبر عَن ذَلِك بالخيط الْأَبْيَض وَالْخَيْط الْأسود.

     وَقَالَ  الزَّمَخْشَرِيّ الْخَيط أول مَا يَبْدُو من الْفجْر الْمُعْتَرض فِي الْأُفق كالخيط الْمَمْدُود وَالْخَيْط الْأسود مَا يَمْتَد مَعَه من غسق اللَّيْل، شبههما بالخيط الْأَبْيَض وَالْأسود.
قَوْله: (من الْفجْر) بَيَان الْخَيط الْأَبْيَض وَاكْتفى بِهِ عَن بَيَان الْخَيط الْأسود.
لِأَن بَيَان أَحدهمَا للْآخر، وَكَانَ هَذَا تَشْبِيها مخرجا من بابُُ الِاسْتِعَارَة.
قَوْله: (وَلَا تباشروهن) ، أَي: وَلَا تجامعوهن.
وَالْحَال أَنكُمْ (عاكفون) أَي: معتكفون فِيهَا وَالِاعْتِكَاف هُوَ اللّّبْث فِي الْمَسْجِد بنية التَّعَبُّد.



[ قــ :4262 ... غــ :4509 ]
- ح دَّثنا مُوسى بنُ إسْمَاعِيلَ حدَّثنا أبُو عَوَانَةَ عنْ حُصَيْنٍ عَن الشَّعْبِيّ عَن عَدِيّ قَالَ أخَذَ عَدِيٌّ عِقالاً أبْيَضَ وَعِقالاً أسْوَدَ حَتَّى كَانَ بَعْضُ اللَّيْلِ نَظَرَ فَلَمْ يَسْتَبِينا فَلَمَّا أصْبَحَ قَالَ يَا رَسُولَ الله جَعَلْتُ تَحْتَ وَسَادَتِي عِقَالَيْنِ قَالَ إنَّ وَسَادَك إِذا لَعَرِيضٌ أنْ كَانَ الخَيْطُ الأَبْيَضُ وَالأَسْوَدُ تَحْتَ وِسَادَتِكَ.


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي ذكر الْخَيط الْأَبْيَض وَالْأسود وَأَبُو عوَانَة بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة الوضاح الْيَشْكُرِي، وحصين، بِضَم الْحَاء وَفتح الصَّاد الْمُهْمَلَتَيْنِ ابْن عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ، وَالشعْبِيّ عَامر بن شرَاحِيل، والْحَدِيث مضى فِي الصّيام فِي بابُُ قَوْله تَعَالَى: (وكلوا وَاشْرَبُوا) وَتقدم الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.





[ قــ :463 ... غــ :4510 ]
- ح دَّثنا قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيدٍ حدَّثنا جَرِيرٌ عنْ مُطَرَفٍ عَن الشَّعْبِيّ عَنْ عَدِيَّ بن حاتمٍ رَضِي الله عَنهُ قَالَ.

قُلْتُ يَا رسولَ الله مَا الخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الخَيْطِ الأَسْوَدِ أهُما الخَيْطانِ قَالَ إِنَّك لَعَرِيضُ القَفا إنْ أبْصَرْتَ الخَيْطَيْنِ ثُمَّ قَالَ لَا بَلْ هُوَ سَوَادُ اللَّيْلِ وَبَيَاضُ النَّهَارِ.


هَذَا طَرِيق آخر فِي حَدِيث عدي عَن قُتَيْبَة عَن جرير بن عبد الحميد عَن مطرف بِضَم الْمِيم وَفتح الطَّاء الْمُهْملَة وَكسر الرَّاء الْمُشَدّدَة ابْن طريف إِلَى آخِره.





[ قــ :464 ... غــ :4511 ]
- ح دَّثنا ابنُ أبِي مَرْيَمَ حدَّثنا أبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بنُ مُطَرَّفٍ حدَّثني أبُو حَازِمٍ عنْ سَهْلٍ بنِ سَعْدٍ قَالَ وَأُنْزِلَتُ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ وَلَمْ يَنْزِلْ مِنَ الفَجْرِ وَكَانَ رِجالُ إذَا أرَدُوا الصَّوْمَ رَبَطَ أحَدُهُمْ فِي رِجْلَيْهِ الخَيْطَ الأَبْيَضَ وَالخَيْطَ الأَسْوَدَ وَلا يَزَالُ يَأكُلُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ رُؤْيَتُهُمَا فأنْزَلَ الله بَعْدَهُ مِنَ الفَجْرِ فَعَلِمُوا أنَّمَا يَعْنِي اللَّيْلَ مِنَ النَّهَارِ.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَابْن أبي مَرْيَم هُوَ سعيد بن مُحَمَّد بن الحكم بن أبي مَرْيَم الْبَصْرِيّ، وَأَبُو غَسَّان، بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَتَشْديد السِّين الْمُهْملَة مُحَمَّد بن مطرف بِلَفْظ اسْم الْفَاعِل من التطريف بِالطَّاءِ الْمُهْملَة مِلَّة وبالراء الْمدنِي، وَأَبُو حَازِم، بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالزَّاي سَلمَة بن دِينَار.
والْحَدِيث مضى فِي الصّيام فِي بابُُ قَوْله: { كلوا وَاشْرَبُوا} ( الْبَقَرَة: 187) بِهَذَا الْإِسْنَاد والمتن، وَمر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.