فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى} [البقرة: 238]

( بابُُ: { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الوُسْطَى} ( الْبَقَرَة: 238)

أَي: هَذَا بابُُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى: { حَافظُوا على الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى} أَي: الْوُسْطَى بَين الصَّلَوَات، وَالْوُسْطَى تَأْنِيث الْأَوْسَط، والأوسط الأعدل من كل شَيْء، وَلَيْسَ المُرَاد مِنْهُ التَّوَسُّط بَين الشَّيْئَيْنِ لِأَن الْوُسْطَى على وزن: فعلى، للتفضيل.
.

     وَقَالَ  الزَّمَخْشَرِيّ أَي: الفضلى، من قَوْلهم للأفضل الْأَوْسَط، وَإِنَّمَا أفردت وعطفت على الصَّلَوَات لانفرادها بِالْفَضْلِ وَهِي صَلَاة الْعَصْر عِنْد الْأَكْثَرين وَقد بسطنا الْكَلَام فِيهِ فِي ( شرح كتاب الطَّحَاوِيّ) .



[ قــ :4282 ... غــ :4533 ]
- ح دَّثنا عَبْدُ الله بنُ مُحَمَّدٍ حدَّثنا يَزِيدُ أخْبَرَنا هِشامٌ عنْ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبِيدَةَ عنْ عَلِيٍّ رَضِي الله عنهُ قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.

وحدَّثني عبْدُ الرَّحْمانِ يَحْيَى بنُ سَعَيد قَالَ هِشامٌ حدَّثنا مُحَمَّدٌ عَنْ عَبِيدَةَ عنْ عَلِيّ رَضِي الله عَنهُ أنّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قالَ يَوْمَ الخَنْدَقِ حَبَسُونا عَنْ صَلاة الوُسْطَى حتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ مَلأَ الله قُبُورَهُمْ وَبُيُوتَهُمْ أوْ أجْوَافَهُمْ شَكَّ يَحْيَى نَارا.


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( عَن صَلَاة الْوُسْطَى) وَأخرجه من طَرِيقين ( الأول) : عَن عبد الله بن مُحَمَّد الْجعْفِيّ البُخَارِيّ الْمَعْرُوف بالمسندي عَن يزِيد من الزِّيَادَة ابْن هَارُون الوَاسِطِيّ عَن هِشَام بن حسان الفردوسي عَن مُحَمَّد بن سِيرِين عَن عُبَيْدَة، بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة السَّلمَانِي عَن عَليّ بن أبي طَالب.
( وَالثَّانِي) : عَن عبد الرَّحْمَن بن بشر بن الحكم عَن يحيى بن سعيد الْقطَّان، وَمضى الحَدِيث فِي غَزْوَة الخَنْدَق.

قَوْله: ( حبسونا) ، أَي: منعونا عَن صَلَاة الْوُسْطَى.
أَي: إيقاعها فِي وَقتهَا وَإِضَافَة الصَّلَاة إِلَى الْوُسْطَى من إِضَافَة الْمَوْصُوف إِلَى الصّفة.
كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: { بِجَانِب الغربي} ( الْقَصَص: 44) وفيهَا خلاف بَين الْبَصرِيين والكوفيين، فأجازها الْكُوفِيُّونَ ومنعها البصريون، وَفِي رِوَايَة مُسلم شغلونا عَن الصَّلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الْعَصْر، وَقد اخْتلفُوا فِيهِ، وَالْجُمْهُور على أَنَّهَا صَلَاة الْعَصْر، وَبِه قَالَ ابْن مَسْعُود وَأَبُو هُرَيْرَة، وَهُوَ الصَّحِيح من مَذْهَب أبي حنيفَة، وَقَول أَحْمد وَالَّذِي صَار إِلَيْهِ مُعظم الشَّافِعِيَّة،.

     وَقَالَ  النَّوَوِيّ: وَهُوَ قَول أَكثر عُلَمَاء الصَّحَابَة،.

     وَقَالَ  الْمَاوَرْدِيّ: هُوَ قَول جُمْهُور التَّابِعين،.

     وَقَالَ  ابْن عبد الْبر: وَهُوَ قَول أَكثر أهل الأثروبة، قَالَ من الْمَالِكِيَّة ابْن حبيب وَابْن الْعَرَبِيّ وَابْن عَطِيَّة.

وَقد جمع الْحَافِظ الدمياطي فِي ذَلِك كتابا سَمَّاهُ ( كشف المغطى عَن الصَّلَاة الْوُسْطَى) .
وَذكر فِيهَا تِسْعَة عشرَة قولا الأول: إِنَّهَا الصُّبْح، وَهُوَ قَول أبي أُمَامَة وَأنس وَجَابِر وَأبي الْعَالِيَة وَعبيد بن عُمَيْر وَعَطَاء وَعِكْرِمَة وَمُجاهد، نَقله ابْن أبي حَاتِم عَنْهُم، وَهُوَ قَول مَالك وَالشَّافِعِيّ، نَص عَلَيْهِ فِي ( الْأُم) وَالثَّانِي: إِنَّهَا الظّهْر، وَهُوَ قَول زيد بن ثَابت وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وروى ابْن الْمُنْذر عَن أبي سعيد وَعَائِشَة أَنَّهَا الظّهْر، وَبِه قَالَ أَبُو حنيفَة فِي رِوَايَة.
وَالثَّالِث: أَنَّهَا الْعَصْر، وَمر الْكَلَام فِيهِ الْآن.
وَالرَّابِع: أَنَّهَا الْمغرب.
نَقله ابْن أبي حَاتِم بِإِسْنَاد حسن عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: الصَّلَاة الْوُسْطَى هِيَ الْمغرب، وَبِه قَالَ قبيصَة بن ذُؤَيْب، لِأَنَّهَا لَا تقصر فِي السّفر، وَلِأَن قبلهَا صلاتا السِّرّ، وَبعدهَا صلاتا الْجَهْر.
وَالْخَامِس: أَنَّهَا جَمِيع الصَّلَوَات أخرجه ابْن أبي حَاتِم بِإِسْنَاد حسن عَن نَافِع، قَالَ: سُئِلَ ابْن عمر، فَقَالَ: هِيَ كُلهنَّ، وَبِه قَالَ معَاذ ابْن جبل، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
السَّادِس: أَنَّهَا الْجُمُعَة ذكره ابْن حبيب من الْمَالِكِيَّة.
السَّابِع: الظّهْر فِي الْأَيَّام وَالْجُمُعَة يَوْم الْجُمُعَة.
الثَّامِن: الْعشَاء نَقله بن التِّين والقرطبي لِأَنَّهَا بَين صَلَاتَيْنِ لَا تقصران وَاخْتَارَهُ الْوَاقِدِيّ.
التَّاسِع: الصُّبْح وَالْعشَاء للْحَدِيث الصَّحِيح فِي أَنَّهُمَا أنقل الصَّلَاة على الْمُنَافِقين، وَبِه قَالَ الْأَبْهَرِيّ من الْمَالِكِيَّة.
الْعَاشِر: الصُّبْح وَالْعصر لقُوَّة الْأَدِلَّة فِي أَن كلاًّ مِنْهُمَا قيل فِيهِ: إِنَّه الْوُسْطَى.
الْحَادِي عشر: صَلَاة الْجَمَاعَة.
الثَّانِي عشر) الْوتر، وصنف فِيهِ علم الدّين السخاوي جُزْءا.
الثَّالِث عشر: صَلَاة الْخَوْف.
الرَّابِع عشر: صَلَاة عيد الْأَضْحَى.
الْخَامِس عشر: صَلَاة عيد الْفطر.
السَّادِس عشر: صَلَاة الضُّحَى.
السَّابِع عشر: وَاحِدَة من الْخمس غير مُعينَة، قَالَه سعيد بن جُبَير، وَشُرَيْح القَاضِي وَهُوَ اخْتِيَار إِمَام الْحَرَمَيْنِ من الشَّافِعِيَّة ذكره فِي ( النِّهَايَة) .
الثَّامِن عشر: أَنَّهَا الصُّبْح أَو الْعَصْر على الترديد.
التَّاسِع عشر: التَّوَقُّف، وَزَاد بَعضهم الْعشْرين: وَهِي صَلَاة اللَّيْل، وَلم يبين مَا ادَّعَاهُ.
قَوْله: ( شكّ يحيى) ، هُوَ الْقطَّان الرَّاوِي.

<"