فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب {كنتم خير أمة أخرجت للناس} [آل عمران: 110]

(بابٌُ: { كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} (آل عمرَان: 110)

أَي: هَذَا بابُُ فِي قَوْله تَعَالَى: (كُنْتُم خير أمة) أَي: وجدْتُم خير أمة وَقيل: كُنْتُم فِي علم الله خير أمة.
وَقيل: كُنْتُم فِي الْأُمَم قبلكُمْ مذكورين بأنكم خير أمة موصوفين بِهِ وروى عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس: هم الَّذين هَاجرُوا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وروى الطَّبَرِيّ عَن السّديّ، قَالَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ: لَو شَاءَ الله عز وَجل لقَالَ: أَنْتُم خير أمة، وَلَو قَالَ لَكنا كلنا وَلَكِن هَذَا خَاص بالصحابة وَمن صنع مثل مَا صَنَعُوا كَانُوا خير أمة.

     وَقَالَ  الواحدي: إِن رُؤُوس الْيَهُود، وَعدد مِنْهُم جمَاعَة مِنْهُم ابْن صوريا، عَمدُوا إِلَى مؤمنيهم، عبد الله بن سَلام وَأَصْحَابه، فآذوهم لإسلامهم، فَنزلت.

     وَقَالَ  مقَاتل: نزلت فِي أبي ومعاذ وَابْن مَسْعُود وَسَالم مولى أبي حُذَيْفَة وَذَلِكَ أَن مَالك بن الضَّيْف ووهب بن يهودا قَالَا للْمُسلمين ديننَا خير مِمَّا تدعوننا إِلَيْهِ وَنحن خير، وأوصل مِنْكُم فَنزلت.
وَيُقَال: هَذَا الْخطاب للصحابة وَهُوَ يعم سَائِر الْأمة قَوْله: (أخرجت) قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ أَي: أظهرت.
قَوْله: (للنَّاس) يَعْنِي: خير النَّاس للنَّاس، وَالْمعْنَى أَنهم خير الْأُمَم وأنفع النَّاس للنَّاس، وَلِهَذَا قَالَ: (تأمرون بِالْمَعْرُوفِ وتنهون عَن الْمُنكر) وَهَذَا هُوَ الشَّرْط فِي هَذِه الْخَيْرِيَّة.

     وَقَالَ  الزَّمَخْشَرِيّ: تأمرون، كَلَام مُسْتَأْنف بيَّن بِهِ كَونهم خير أمة.



[ قــ :4304 ... غــ :4557 ]
- ح دَّثنا مُحَمَّدُ بنُ يُوسُفَ عنْ سُفْيَانَ عنْ مَيْسَرَةَ عنْ أبِي حَازِمٍ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله عَنهُ { كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} قَالَ خَيْرَ النَّاسِ لِلنَّاسِ تَأْتُونَ بِهِمْ فِي السَلاسِلِ فِي أعْنَاقِهِمْ حَتَّى يَدْخُلُوا فِي الإسْلامِ.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَمُحَمّد بن يُوسُف أَبُو أَحْمد البُخَارِيّ البيكندي، وسُفْيَان هُوَ الثَّوْريّ، وميسرة ضد الميمنة ابْن عمار الْأَشْجَعِيّ الْكُوفِي، وَمَاله فِي البُخَارِيّ سوى هَذَا الحَدِيث وَآخر تقدم فِي بَدْء الْخلق، وَأَبُو حَازِم بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالزَّاي هُوَ سلمَان الْأَشْجَعِيّ.
والْحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ أَيْضا فِي التَّفْسِير عَن مُحَمَّد بن عبد الله المَخْزُومِي.

قَوْله: (خير النَّاس) ، أَي: خير بعض النَّاس لبَعْضهِم وأنفعهم لَهُم من يَأْتِي بأسير مُقَيّد فِي السلسلة إِلَى دَار الْإِسْلَام فَيسلم، وَإِنَّمَا كَانَ خيرا لِأَنَّهُ بِسَبَبِهِ صَار مُسلما، وَحصل أَصله جَمِيع السعادات الدنياوية والأخراوية.
<