فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب {إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم} [آل عمران: 173] الآية

( بابٌُ: { إنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ} ( آل عمرَان: 173) الآيَةَ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي قَوْله تَعَالَى: { إِن النَّاس قد جمعُوا لكم وأوله وَالَّذين قَالَ لَهُم النَّاس إِن النَّاس قد جمعُوا لكم فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُم إِيمَانًا وَقَالُوا حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل} وَفِي رِوَايَة أبي ذَر: بابُُ: { إِن النَّاس قد جمعُوا لكم فَاخْشَوْهُمْ} وَزَاد غَيره لفظ: الْآيَة، وَالْمرَاد بِالنَّاسِ الأول نعيم بن مَسْعُود الْأَشْجَعِيّ، وَقيل: المُنَافِقُونَ وَالْمرَاد بِالنَّاسِ الثَّانِي: أَبُو سُفْيَان وَأَصْحَابه، وَأَبُو نعيم أسلم بعد ذَلِك.
فَإِن قلت: مَا وَجه إِطْلَاق الْجمع على الْوَاحِد فِي قَول من قَالَ إِن المُرَاد بِالنَّاسِ الأول هُوَ أَبُو نعيم؟ قلت: قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: لِأَنَّهُ من جنس النَّاس كَمَا يُقَال: فلَان يركب الْخَيل ويلبس البرود وَمَاله إلاَّ فرس وَاحِد وَبرد وَاحِد.
قَوْله: ( فَزَادَهُم) الْفَاعِل فِيهِ هُوَ الضَّمِير الَّذِي يرجع إِلَى مَا دلّ عَلَيْهِ قَوْله: ( فَاخْشَوْهُمْ) أَي: ذَلِك التخويف زادهم إِيمَانًا أَي: تَصْدِيقًا وثبوتا وَإِقَامَة على نصْرَة نَبِيّهم.
قَوْله: ( حَسبنَا الله) أَي: كافينا قَوْله: ( وَنعم الْوَكِيل) أَي: نعم الموكول إِلَيْهِ.



[ قــ :4310 ... غــ :4563 ]
- ح دَّثنا أحْمَدُ بنُ يُونُسَ أُرَاهُ قَالَ حدَّثَنا أبُو بَكْرٍ عَنْ أبِي حَصينٍ عَنْ أبِي الضُّحَى عنِ ابنِ عَبَّاس حَسْبُنا الله وَنِعْمَ الوَكِيلُ قَالَها إبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلامُ أُلْقِيَ فِي النَّارِ.

     وَقَالَ ها مُحَمَّدٌ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِينَ قَالُوا: { إنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنا الله وَنِعْمَ الوَكِيلُ} .


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَأحمد بن يُونُس هُوَ: أَحْمد بن عبد الله بن يُونُس التَّمِيمِي الْيَرْبُوعي الْكُوفِي، وَأَبُو بكر هُوَ ابْن عَيَّاش، بتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف.
وبالشين الْمُعْجَمَة المقرىء الْمُحدث، قيل: اسْمه شُعْبَة وَأَبُو حُصَيْن، بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة واسْمه عُثْمَان بن عَاصِم، وَأَبُو الضُّحَى اسْمه مُسلم بن صبيح.

والْحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ فِي التَّفْسِير أَيْضا عَن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل، وَفِيه وَفِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة عَن هَارُون بن عبد الله.

قَوْله: ( أرَاهُ) بِضَم الْهمزَة.
أَي: أَظُنهُ، وَالْقَائِل بِهَذِهِ اللَّفْظَة البُخَارِيّ فَكَأَنَّهُ شكّ فِي شيخ شَيْخه وَفِي كَون مثل هَذِه الرِّوَايَة حجَّة خلاف.
قَوْله: ( وَقَالَهَا مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) ذكر القَاضِي إِسْحَاق البستي فِي ( تَفْسِيره) عَن قُتَيْبَة: حَدثنَا حجاج عَن ابْن جريج عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ( الَّذين قَالَ لَهُم النَّاس) قَالَ أَبُو سُفْيَان: يَوْم أحد مَوْعدكُمْ بدر حَيْثُ قتلتم أَصْحَابنَا فَانْطَلق النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لموعده حَتَّى نزل بَدْرًا وَزعم بَعضهم، أَنه قَالَ ذَلِك فِي غَزْوَة حَمْرَاء الْأسد، وَفِي ( تَفْسِير الطَّبَرِيّ) ، مر بِأبي سُفْيَان ركب من عبد الْقَيْس، فَقَالَ: إِذا جئْتُمْ مُحَمَّدًا فأخبروه.
أَنا قد أجمعنا السّير إِلَيْهِ، فَلَمَّا أخبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل، ذكره عَن ابْن إِسْحَاق وَعَن ابْن عَبَّاس وَمُجاهد وَقَتَادَة وَعِكْرِمَة نَحْو.





[ قــ :4311 ... غــ :4564 ]
- ح دَّثنا مَالِك بنُ إسْماعِيل حدَّثنا إسْرَائِيل عَنْ أبي حَصِينٍ عنْ أبِي الضُّحَى عنِ ابنِ عبَّاسٍ قَال كَانَ آخِرَ قَوْلِ إبْرَاهِيمَ حِينَ أُلْقِيَ حِينَ أُلْقِيَ فِي النَّارِ { حَسْبِيَ الله وَنِعْمَ الوَكِيلُ} .


هَذَا طَرِيق آخر فِي الحَدِيث الْمَذْكُور أخرجه عَن مَالك بن إِسْمَاعِيل بن زِيَاد، أَبُو غَسَّان النَّهْدِيّ الْكُوفِي، وَإِسْرَائِيل هُوَ ابْن يُونُس بن أبي إِسْحَاق السبيعِي الْكُوفِي، وروى النَّسَائِيّ كَمَا فِي رِوَايَة البُخَارِيّ.
كَانَ آخر قَول إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ السَّلَام، وَوَقع عِنْد أبي نعيم فِي ( الْمُسْتَخْرج) من طَرِيق عبيد الله بن مُوسَى عَن إِسْرَائِيل بِهَذَا الْإِسْنَاد أَنَّهَا أول مَا قَالَ، والتوفيق بَينهمَا أَنه يحمل على أَنه يكون أول شَيْء قَالَ، وَآخر شَيْء قَالَ.