فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب قوله: {إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب}

( بابُُُ قَوْلِهِ: { إنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالأَرْضِ} ( آل عمرَان: 190) الآيَةَ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي قَوْله تَعَالَى: { إِن فِي خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض وَاخْتِلَاف اللَّيْل وَالنَّهَار لآيَات لأولي الْأَلْبابُُ} ( آل عمرَان: 190) ويروى: بابُُ قَوْله تَعَالَى: { إِن فِي خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض} وسَاق إِلَى ( الْأَلْبابُُ) .

     وَقَالَ  الطَّبَرَانِيّ بِإِسْنَادِهِ إِلَى سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس.
قَالَ: أَتَت قُرَيْش الْيَهُود فَقَالُوا: بِمَا جَاءَكُم مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَام؟ قَالُوا: عَصَاهُ وَيَده الْبَيْضَاء للناظرين، وَأتوا النَّصَارَى فَقَالُوا: كَيفَ كَانَ عِيسَى، عَلَيْهِ السَّلَام؟ قَالُوا: كَانَ يبرىء الأكمه والأبرص ويحيي الْمَوْتَى، فَأتوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: ادْع لنا أَن يَجْعَل لنا الصَّفَا ذَهَبا.
فَدَعَا بِهِ فَنزلت هَذِه الْآيَة: { إِن فِي خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض} الْآيَة.
فليتفكروا فِيهَا انْتهى قلت: هَذَا مُشكل لِأَن هَذِه الْآيَة مَدَنِيَّة وسؤالهم أَن يكون الصَّفَا ذَهَبا كَانَ بِمَكَّة، وَالله أعلم.
قَوْله: ( أَن فِي خلق السَّمَوَات) ، أَي: فِي ارتفاعها واتساعها وَالْأَرْض فِي انخفاضها وكثافتها واتضاعها وَمَا فِيهَا من الْآيَات الْعَظِيمَة الْمُشَاهدَة من كواكب سيارات وثوابت وبحار وجبال وقفار وأشجار ونبات وزروع وثمار وحيوان ومعادن وَمَنَافع مُخْتَلفَة الألوان والطعوم والروائح والخواص، ( وَاخْتِلَاف اللَّيْل وَالنَّهَار) أَي: تعاقبهما وتعارضهما بالطول وَالْقصر ( لآيَات) أَي: لأدلة وَاضِحَة على الصَّانِع وَعظم قدرته وباهر حكمته وعَلى وحدانيته ( لأولي الْأَلْبابُُ) أَي: لأَصْحَاب الْعُقُول التَّامَّة الذكية الَّتِي تدْرك الْأَشْيَاء بحقائقها على مَا هِيَ عَلَيْهِ.



[ قــ :4316 ... غــ :4569 ]
- ح دَّثنا سَعِيدُ بنُ أبِي مَرْيَمَ أخبرنَا مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ قَالَ أخْبَرَنِي شَرِيكُ بنُ عَبْدِ الله بنِ أبِي نَمِرٍ عَنْ كُرَيْبٍ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ الله عَنْهُمَا قَالَ بِتُّ عِنْدَ خَالَتِي مَيْمُونَةً فَتَحَدَّثَ رَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَ أهْلِهِ سَاعَةٌ ثُمَّ رَقَدَ فَلَمَّا كَانَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ قَعَدَ فَنَظَرَ إلَى السَّمَاءِ فَقَالَ { إنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُوَلِي الألْبابُُِ} ثُمَّ قَامَ فَتَوَضَأَ وَاسْتَنَّ فَصَلَى إحْدَى عَشَرَةَ رَكْعَةً ثُمَّ أذَّنَ بِلالٌ فَصَلَّى رِكْعَتَيْنِ ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الصُّبْحَ.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَمُحَمّد بن جَعْفَر هُوَ ابْن أبي كثير.
والْحَدِيث قد مضى فِي كتاب الْوتر فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ بأتم مِنْهُ عَن عبد الله بن سَلمَة عَن مَالك عَن مخرمَة بن سُلَيْمَان عَن كريب عَن ابْن عَبَّاس إِلَى آخِره، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ، وَفِيه مِمَّا لم يذكر هُنَاكَ مَا ذكره الصيدلاني من رِوَايَة المخلص عَنهُ عَن عبد الله أردْت أَن أعرف صَلَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، من اللَّيْل، فَسَأَلت عَن ليلته فَقيل لزوجته مَيْمُونَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، فأتيتها فَقلت: إِنِّي تنحيت عَن السخ، ففرشت لَهُ فِي جَانب الْحُجْرَة، فَلَمَّا صلى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بِأَصْحَابِهِ دخل إِلَى بَيته فحس بِي.
فَقَالَ: من هَذَا؟ فَقَالَت مَيْمُونَة: ابْن عمك، وَذكر فِيهِ، فَلَمَّا كَانَ فِي جَوف اللَّيْل خرج إِلَى الْحُجْرَة فَقلب وَجهه إِلَى السَّمَاء ثمَّ عَاد إِلَى مضجعه فَلَمَّا كَانَ ثلث اللَّيْل الآخر خرج إِلَى الْحُجْرَة فَقلب وَجهه فِي أفق السَّمَاء ثمَّ عمد إِلَى قربَة الحَدِيث.
وَذكر أَبُو الشَّيْخ ابْن حبَان عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: تضيفت لَيْلَة خَالَتِي مَيْمُونَة، وَهِي حِينَئِذٍ لَا تصلي.
انْتهى.
وَهَذَا يمْنَع تخرص من قَالَ: لَعَلَّهَا كَانَت حَائِضًا ليلتئذ.
قَوْله: ( الآخر) مَرْفُوع لِأَنَّهُ صفة للثلث فِي قَوْله: ( فَلَمَّا كَانَ ثلث اللَّيْل) فَإِن قلت: جَاءَ فِي لفظ نَام حَتَّى انتصف اللَّيْل أَو بعده، بِقَلِيل أَو قبله: بِقَلِيل، وَفِي لفظ: فَقَامَ من آخر اللَّيْل.
قلت: طَرِيق الْجمع أَنه قَامَ قومتين وَتَوَضَّأ.