فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب قوله: {إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح} [النساء: 163] إلى قوله: {ويونس، وهارون، وسليمان} [النساء: 163]

(بابُُ قَوْلِهِ: { إنّا أوْحَيْنَا إلَيْكَ} إلَى قَوْل { وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ} (النِّسَاء: 163)

أَي: هَذَا بابُُ فِي قَوْله تَعَالَى إِلَى آخِره، وَلم يذكر لفظ: بابُُ، إلاَّ فِي رِوَايَة أبي ذَر، وَذكر الْمَذْكُور إِلَى { وَسليمَان} فِي رِوَايَة أبي ذَر.
وَفِي رِوَايَة أبي الْوَقْت إِلَى (نوح والنبيين من بعده) وَتَمام الْآيَة.
(إِنَّا أَوْحَينَا إِلَيْك كَمَا أَوْحَينَا إِلَى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إِلَى إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل وَإِسْحَاق وَيَعْقُوب والأسباط وَعِيسَى وَأَيوب وَيُونُس وَهَارُون وَسليمَان وآتينا دَاوُد زبورا) قَوْله: (أَنا أَوْحَينَا إِلَيْك) ، أَي: إِنَّا أَوْحَينَا إِلَيْك يَا مُحَمَّد كَمَا أَوْحَينَا إِلَى نوح، وَقدم نوحًا عَلَيْهِ السَّلَام، لِأَنَّهُ أول أَنْبيَاء الشَّرَائِع وأكبرهم سنا وَلِأَنَّهُ لم يُبَالغ أحد من الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام، فِي الدعْوَة مثل مَا بَالغ هُوَ عَلَيْهِ السَّلَام، وَجعله الله ثَانِي الْمُصْطَفى فِي موضِعين من كِتَابه، فَقَالَ: { ومنك وَمن نوح} (الْأَحْزَاب: 7) وَفِي هَذِه الْآيَة، وَهُوَ أول من تَنْشَق عَنهُ الأَرْض بعد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ثمَّ ذكر جَمِيع الْأَنْبِيَاء.
بقوله: { والنبيين من بعده} وَخص مِنْهُم جمَاعَة بِالذكر صَرِيحًا تَشْرِيفًا لَهُم.
ثمَّ قَالَ: { والأسباط} وهم أَوْلَاد يَعْقُوب و { عِيسَى وَأَيوب} وَقدم عِيسَى على من قبله لِأَن الْوَاو لَا تَقْتَضِي التَّرْتِيب، وَفِي تَخْصِيصه أَيْضا رد على الْيَهُود.
قَوْله: (زبورا) وَهُوَ اسْم الْكتاب الَّذِي أنزل الله تَعَالَى على دَاوُد.



[ قــ :4350 ... غــ :4603 ]
- ح دَّثنا مُسَدَّدٌ حدَّثنا يَحْيَى عنْ سُفْيَانَ قَالَ حدَّثني الأعْمَشُ عَنْ أبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ الله عَن النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَا يَنْبَغي لأحَدٍ أنْ يَقُولَ أَنا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بنِ مَتَّى.


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: { يُونُس} وَيحيى هُوَ الْقطَّان، وسُفْيَان هُوَ الثَّوْريّ، وَالْأَعْمَش هُوَ سُلَيْمَان، وَأَبُو وَائِل هُوَ شَقِيق بن سَلمَة، وَعبد الله ابْن مَسْعُود.

والْحَدِيث قد مر فِي كتاب الْأَنْبِيَاء فِي: بابُُ قَول الله تَعَالَى: { وَإِن يُونُس لمن الْمُرْسلين} (الصافات: 139) بِهَذَا الْإِسْنَاد.
قَوْله: (مَا يَنْبَغِي لأحد) وَفِي رِوَايَة الْحَمَوِيّ وَالْمُسْتَمْلِي: (مَا يَنْبَغِي لعبد) .
قَوْله: (أَنا) قَالَ الْكرْمَانِي: أَنا أَي: العَبْد أَو رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قلت: إِن كَانَ المُرَاد من لفظ: أَنا هُوَ العَبْد فَمَعْنَاه أَن العَبْد الْقَائِل بِهِ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَن يَقُول: أَنا خير من يُونُس، وَإِن كَانَ المُرَاد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَيكون الْمَعْنى: قَالَ ذَلِك تواضعا وهضما للنَّفس.
قَوْله: (مَتى) ، بِفَتْح الْمِيم وَتَشْديد الْمُثَنَّاة من فَوق مَقْصُورا وَالصَّحِيح أَنه اسْم أَبِيه.





[ قــ :4351 ... غــ :4604 ]
- ح دَّثنا مُحَمَّدُ بنُ سنانٍ حدَّثنا فُلَيْحٌ حدَّثنا هِلالٌ عنْ عَطاءٍ بنِ يَسارٍ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله عَنهُ عَن النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَنْ قَالَ أَنا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بنِ مَتَّى فَقَدْ كَذَبَ.


مطابقته للتَّرْجَمَة مثل مُطَابقَة الحَدِيث الَّذِي مضى قبله.
وَمُحَمّد بن سِنَان، بِكَسْر السِّين الْمُهْملَة وَتَخْفِيف النُّون وَبعد الْألف نون أُخْرَى، وفليح، بِضَم الْفَاء: ابْن سُلَيْمَان، وهلال بن عَليّ، وَعَطَاء بن يسَار ضد الْيَمين.

قَوْله: ( من قَالَ) إِلَى آخِره، قَالَ الدَّاودِيّ: يُرِيد لَا يَقُول أحد ذَلِك.
وَلَو أَرَادَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَفسه لَكَانَ نَهْيه قبل أَن يعلم أَنه خير الْبشر، فَيَقُول: كذب من قَالَ مَا لم يعلم.