فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك} [المائدة: 67]

(بابٌُ: { يَا أيُّها الرَّسولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} (الْمَائِدَة: 67)

أَي: هَذَا بابُُ فِي قَوْله تَعَالَى: { يَا أَيهَا الرَّسُول} الْآيَة، ذكر الواحدي من حَدِيث الْحسن بن مُحَمَّد قَالَ: حَدثنَا عَليّ بن عَبَّاس عَن الْأَعْمَش وَأبي الحجاف عَن عَطِيَّة عَن أبي سعيد، قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة: { يَا أَيهَا الرَّسُول بلغ مَا أنزل إِلَيْك من رَبك} يَوْم غَدِير خم فِي عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ،.

     وَقَالَ  مقَاتل: قَوْله: { بلغ مَا أنزل إِلَيْك} وَذَلِكَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَعَا الْيَهُود إِلَى الْإِسْلَام فَأكْثر الدُّعَاء فَجعلُوا يستهزؤن بِهِ وَيَقُولُونَ: أَتُرِيدُ يَا مُحَمَّد أَن نتخذك حنانا كَمَا اتَّخذت النَّصَارَى عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، حنانا؟ فَلَمَّا رأى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَلِك سكت عَنْهُم، فحرض الله تَعَالَى نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الدُّعَاء إِلَى دينه لَا يمنعهُ تكذيبهم إِيَّاه واستهزاؤهم بِهِ عَن الدُّعَاء،.

     وَقَالَ  الزَّمَخْشَرِيّ: نزلت هَذِه الْآيَة بعد أحد، وَذكر الثَّعْلَبِيّ عَن الْحسن: قَالَ سيدنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لما بَعَثَنِي الله عز وَجل برسالته ضقت بهَا ذرعا وَعرفت أَن من النَّاس من يكذبنِي، وَكَانَ يهاب قُريْشًا وَالْيَهُود وَالنَّصَارَى، فَنزلت، وَقيل: نزلت فِي عُيَيْنَة بن حُصَيْن وفقراء أهل الصّفة، وَقيل: فِي الْجِهَاد، وَذَلِكَ أَن الْمُنَافِقين كرهوه وَكَرِهَهُ أَيْضا بعض الْمُؤمنِينَ، فَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يمسك فِي بعض الْأَحَايِين عَن الْحَث على الْجِهَاد لما يعرف من كَرَاهِيَة الْقَوْم لَهُ، فَنزلت: وَقيل: { بلغ مَا أنزل إِلَيْك من رَبك} فِي أَمر زَيْنَب بنت جحش، وَهُوَ مَذْكُور فِي البُخَارِيّ.
وَقيل: { بلغ مَا أنزل إِلَيْك} أَي: فِي أَمر نِسَائِك،.

     وَقَالَ  أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن عَليّ بن حُسَيْن مَعْنَاهُ بلغ مَا أنزل إِلَيْك من رَبك فِي فضل عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فَلَمَّا نزلت هَذِه الْآيَة أَخذ بيد عَليّ،.

     وَقَالَ : من كنت مَوْلَاهُ فعلي مَوْلَاهُ، وَقيل: بلغ مَا أنزل إِلَيْك من حُقُوق الْمُسلمين، فَلَمَّا نزلت هَذِه الْآيَة خطب صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حجَّة الْوَدَاع ثمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ هَل بلغت؟ وَعند الْجَوْزِيّ: بلغ مَا أنزل إِلَيْك من الرَّجْم وَالْقصاص.



[ قــ :4359 ... غــ :4612 ]
- ح دَّثنا مُحَمَّدُ بنَ يُوسُفَ حدَّثنا سُفْيانُ عَنْ إسْمَاعِيلَ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوق عَنْ عَائِشةَ رَضِيَ الله عَنْهَا قَالَتْ مَنْ حَدَّثَكَ أنَّ مُحَمَّدا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَتَمَ شَيْئا مِمَّا أُنْزِلَ عَلَيْهِ فَقَدْ كَذَبَ وَالله يَقولُ: { يَا أيُّها الرَّسُولُ بَلّغْ مَا أُنْزِلَ إلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} الْآيَة.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَمُحَمّد بن يُوسُف هُوَ الْفرْيَابِيّ صرح بِهِ أَبُو نعيم وسُفْيَان هُوَ الثَّوْريّ وَإِسْمَاعِيل هُوَ ابْن أبي خَالِد البَجلِيّ الْكُوفِي، وَالشعْبِيّ هُوَ عَامر، ومسروق هُوَ ابْن الأجدع.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ مطولا ومختصرا وَأخرجه فِي التَّوْحِيد مقطعا.
وَأخرجه مُسلم فِي الْإِيمَان عَن ابْن نمير وَغَيره.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي التَّفْسِير عَن أَحْمد بن منيع وَعَن ابْن أبي عَمْرو.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن مُحَمَّد بن الْمثنى مطولا.
وَفِيه الزِّيَادَة، وَأخرجه عَن آخَرين أَيْضا.