فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب قوله: {إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان} [المائدة: 90]

(بابُُ قَوْلِهِ: { إنَّما الخَمْرُ وَالمَيْسَرُ وَالأنْصابُ وَالأزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ} (الْمَائِدَة: 90)

أَي: هَذَا بابُُ فِي قَوْله تَعَالَى: { إِنَّمَا الْخمر} الْآيَة لم يَقع لفظ بابُُ إلاَّ فِي رِوَايَة أبي ذَر، وَفِي هَذِه الْآيَة الْكَرِيمَة نهى الله عباده الْمُؤمنِينَ عَن تعَاطِي الْخمر وَالْميسر وَهُوَ الْقمَار، وروى ابْن أبي حَاتِم عَن أَبِيه عَن عبس بن مَرْحُوم عَن حَاتِم عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه عَن عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَنه قَالَ: الشطرنج من الْقمَار،.

     وَقَالَ  ابْن أبي حَاتِم، حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل الأحمسي حَدثنَا وَكِيع عَن سُفْيَان أَن اللَّيْث وَعَطَاء ومجاهدا وَطَاوُس، قَالُوا: كل شَيْء من الْقمَار فَهُوَ الميسر حَتَّى لعب الصّبيان بالجوز، وروى عَن رَاشد بن سعد وَحَمْزَة بن حبيب مثله، قَالَا: حَتَّى الكعاب والجوز وَالْبيض الَّتِي يلْعَب بهَا الصّبيان،.

     وَقَالَ  ابْن كثير فِي (تَفْسِيره) وَأما الشطرنج فقد قَالَ عبد الله بن عمر: أَنه شَرّ من النَّرْد، وَنَصّ على تَحْرِيمه مَالك وَأَبُو حنيفَة وَأحمد، وَكَرِهَهُ الشَّافِعِي.
قلت: إِذا كَانَ الشطرنج شرا من النَّرْد فَانْظُر مَا قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فِي النَّرْد، رَوَاهُ مَالك فِي (الْمُوَطَّأ) وَأحمد فِي (مُسْنده) وَأَبُو دَاوُد وَابْن مَاجَه فِي (سنَنَيْهِمَا عَن) أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (من لعب بالنرد فقد عصى الله وَرَسُوله) ، وروى مُسلم عَن بُرَيْدَة بن الْحصيب الْأَسْلَمِيّ، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (من لعب بالنرد شير فَكَأَنَّمَا صبغ يَده بِلَحْم خِنْزِير وَدَمه) .

وَقَالَ ابنُ عَبَّاس الأزْلامُ القِدَاحُ يَسْتَقْسِمُونَ بِهَا فِي الأُمورِ
هَذَا التَّعْلِيق رَوَاهُ أَبُو بكر بن الْمُنْذر عَن عَلان بن الْمُغيرَة حَدثنَا أَبُو صَالح حَدثنَا مُعَاوِيَة عَن عَليّ بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس، وَرَوَاهُ أَبُو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم بِسَنَد صَحِيح نَحوه، قَالَ: وروى عَن الْحسن وَمُجاهد وَإِبْرَاهِيم وَعَطَاء وَمُقَاتِل نَحْو ذَلِك.
قَوْله: (الأزلام) ، جمع زلم، بِفَتْح الزَّاي وَاللَّام، وَجَاء فِيهِ ضم الزَّاي.
قَوْله: (القداح) ، جمع قدح، بِكَسْر الْقَاف وَسُكُون الدَّال، وَهُوَ السهْم الَّذِي كَانُوا يستقسمون بِهِ أَو الَّذِي يرْمى بِهِ عَن الْقوس، يُقَال للسهم أول مَا يقطع قطع، ثمَّ ينحت ويبرى فيسمى: بريا ثمَّ يقوم فيسمى، قدحا، ثمَّ يراش ويركب نصله فيسمى سَهْما.
قَوْله: (يستقسمون بهَا) من الاستسقام وَهُوَ طلب الْقسم الَّذِي قسم لَهُ وَقدر مِمَّا لم يقدر، وَهُوَ استفعال مِنْهُ، وَكَانُوا إِذا أَرَادَ أحدهم سفرا أَو تزويجا أَو نَحْو ذَلِك من الْمُهِمَّات ضرب بالأزلام، وَهِي القداح، وَكَانَ على بَعْضهَا مَكْتُوب أَمرنِي رَبِّي، وعَلى الآخر: نهاني رَبِّي، وعَلى الآخر: غفل، فَإِن خرج أَمرنِي رَبِّي، مضى لشأنه، وَإِن خرج: نهاني أمسك، وَإِن خرج الغفل عادا أحالها وَضرب بهَا أُخْرَى إِلَى أَن يخرج الْأَمر أَو النَّهْي قلت: الغفل، بِضَم الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْفَاء،.

     وَقَالَ  ابْن الْأَثِير: هُوَ الَّذِي لَا يُرْجَى خَيره وَلَا شَره، وَالْمرَاد هُنَا الْخَالِي عَن شَيْء، وَذكر ابْن إِسْحَاق، أَن أعظم أصنام قُرَيْش كَانَ هُبل، وَكَانَ فِي جَوف الْكَعْبَة وَكَانَت الأزلام عِنْده يتحاكمون فِيمَا أشكل عَلَيْهِم فِيمَا خرج مِنْهَا رجعُوا إِلَيْهِ.

وَالنُّصُبُ أنْصابٌ يَذْبَحُونَ عَلَيْها
هَذَا أَيْضا من قَول ابْن عَبَّاس، وَصله ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَطاء عَن ابْن عَبَّاس.
قَوْله: (وَالنّصب) ، بِضَم النُّون وَالصَّاد وسكونها: مُفْرد جمعه أنصاب.
.

     وَقَالَ  ابْن الْأَثِير النصب حجر كَانُوا ينصبونه ويذبحون عَلَيْهِ فيحمر بِالدَّمِ، وَيُقَال: الأنصاب أَيْضا جمع نصب، بِفَتْح النُّون وَسُكُون الصَّاد، وَهِي الْأَصْنَام.

وَقَالَ غَيْرُهُ الزَّلَمُ القِدحُ لَا رِيشَ لَهُ وَهُوَ وَاحِدُ الأزْلامِ
أَي: قَالَ غير ابْن عَبَّاس: (الزلم) بِفتْحَتَيْنِ هُوَ (الْقدح الَّذِي لَا ريش لَهُ) وَقد مر الْكَلَام فِيهِ عَن قريب قَوْله: (وأحدِ الأزلام) أَي: الزلم مُفْرد وَجمعه أزلام، وَفِي الْحَقِيقَة لَا فرق بَين هَذَا القَوْل وَبَين قَول ابْن عَبَّاس الَّذِي مضى، غير أَن ابْن عَبَّاس لم يذكر فِي كَلَامه مُفْرد؟ الأزلام، وَفِي القَوْل ذكر الْمُفْرد ثمَّ الْجمع.

وَالاسْتِسْقَامُ أنْ يُجيلَ القِدَاحَ فَإنْ نَهَتْهُ انْتَهَى وإنْ أمَرْتُهُ فَعَلَ مَا تأمُرُهُ
أَشَارَ بِهِ إِلَى تَفْسِير قَول ابْن عَبَّاس: يستقسمون بهَا فِي الْأُمُور، وَهُوَ مُشْتَقّ من الاستقسام، وَهُوَ أَن يجيل القداح فَإِن طلع الْقدح الَّذِي عَلَيْهِ النَّهْي انْتهى وَترك، وَإِن طلع الَّذِي عَلَيْهِ الْأَمر ائتمر وَفعل، وَقد مر بَيَانه عَن قريب.

يُجِيلُ يُدِيرُ
أَشَارَ بِهِ إِلَى أَن معنى قَوْله: يجيل يُدِير من الإجالة بِالْجِيم وَهِي الإدارة، وَهَذَا مَا ثَبت إلاَّ فِي رِوَايَة أبي ذَر.

وَقَدْ أعْلَمُوا القِدَاحَ أعْلاما بِضُرُوبٍ يَسْتَسْقُمونَ بِهَا
أَي: الْجَاهِلِيَّة أعلمُوا القداح لضروب أَي: لأنواع من الْأُمُور يطْلبُونَ بذلك بَيَان قسمهم من الْأَمر أَو النَّهْي.

وَفَعَلْتُ مِنْهُ قَسَمْتُ وَالقُسُومُ المَصْدَرُ
أَشَارَ بِهِ إِلَى أَن من أَرَادَ أَن يخبر عَن نَفسه من لفظ الاستسقام يَقُول: قسمت، بِضَم التَّاء، وَأَشَارَ بقوله والقسوم الْمصدر إِلَى أَن مصدر قسمت الَّذِي هُوَ إِخْبَار عَن نَفسه من الثلاثي الْمُجَرّد يَأْتِي قسوما على وزن فعولًا، وَقد جَاءَ لفظ القسوم فِي قَول الشاعرة:
وَلم أقسم فتحبسني القسوم
وَلَكِن الِاحْتِجَاج بِهَذَا على أَن لفظ القسوم مصدر فِيهِ نظر لِأَنَّهُ يحْتَمل أَن يكون جمع قسم، بِكَسْر الْقَاف.



[ قــ :4363 ... غــ :4616 ]
- (حَدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم أخبرنَا مُحَمَّد بن بشر حَدثنَا عبد الْعَزِيز بن عمر ابْن عبد الْعَزِيز قَالَ حَدثنِي نَافِع عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ نزل تَحْرِيم الْخمر وَإِن فِي الْمَدِينَة يَوْمئِذٍ لخمسة أشربة مَا فِيهَا شراب الْعِنَب) مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة واسحق بن إِبْرَاهِيم الْمَعْرُوف بِابْن رَاهَوَيْه وَمُحَمّد بن بشر بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة ابْن الفرافصة أَبُو عبد الله الْعَبْدي الْكُوفِي وَعبد الْعَزِيز بن عمر بن عبد الْعَزِيز بن مَرْوَان بن الحكم الْقرشِي الْأمَوِي الْمدنِي.

     وَقَالَ  الْحميدِي لَيْسَ لَهُ فِي الصَّحِيح عَن نَافِع إِلَّا هَذَا الحَدِيث والْحَدِيث من أَفْرَاده قَوْله " لخمسة أشربة " وَهِي شراب التَّمْر وَالْعَسَل وَالْحِنْطَة وَالشعِير والذرة فَإِن قلت روى أَحْمد من رِوَايَة الْمُخْتَار بن فلفل قَالَ سَأَلت أنسا عَن الأوعية الحَدِيث وَفِيه الْخمر من الْعِنَب وَالتَّمْر وَالْعَسَل وَالْحِنْطَة وَالشعِير والذرة وَفِي رِوَايَة أبي يعلى الْموصِلِي وَحرمت الْخمر وَهِي من الْعِنَب وَالتَّمْر وَالْعَسَل وَالْحِنْطَة وَالشعِير والذرة وَفِي رِوَايَة أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْخمر من هَاتين الشجرتين النَّخْلَة وَالْعِنَب رَوَاهُ مُسلم قلت لَا تعَارض بَين هَذِه الْأَحَادِيث لِأَن كل وَاحِد من الروَاة روى مَا حفظه من الْأَصْنَاف وَأَيْضًا أَن مَفْهُوم الْعدَد لَيْسَ بِحجَّة على الصَّحِيح وَعَلِيهِ الْجُمْهُور فَإِن قلت حَدِيث أبي هُرَيْرَة يدل على الْحصْر قلت لَا نسلم ذَلِك لِأَن الْحصْر إِنَّمَا يكون إِذا كَانَ الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر معرفتين كَقَوْلِك الله رَبنَا وَنَحْوه -



[ قــ :4364 ... غــ :4617 ]
- ح دَّثنا يَعْقُوبُ بنُ إبْرَاهِيمَ حدَّثنا ابنُ عُلَيَّةَ حدَّثنا عَبْدُ العَزِيزِ بنُ صُهَيْبٍ قَالَ قَالَ أنَسُ بنُ مَالِكٍ رَضِيَ الله تَعَالَى عَنهُ مَا كانَ لَنَا خَمْرٌ غَيْرُ فَضِيخِكُمْ هَذا الَّذي تُسَمُّونَهُ الْفَضِيخَ فَإنِّي لَقَائِمٌ أسْقِي أبَا طَلْحَةَ وَفُلانا وَفُلانا إذْ جَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ وَهَلْ بَلَغَكُمُ الخَبَرُ فَقَالُوا وَمَا ذَاكَ قَالَ حُرِّمَتِ الخَمْرُ قَالُوا أهْرِقْ هاذِهِ القِلالَ يَا أنَسُ قَالَ فَمَا سَألُوا عَنْهَا وَلا رَاجَعُوها خَبِر الرَّجُلِ.


مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: حرمت الْخمر، وَيَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم الدورق وَهُوَ شيخ مُسلم أَيْضا، وَابْن علية هُوَ إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم وَعليَّة أمه، والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الْأَشْرِبَة عَن يحيى بن أَيُّوب.

قَوْله: ( غير فضيخكم) ، الفضيخ، بِفَتْح الْفَاء وَكسر الضَّاد الْمُعْجَمَة وَفِي آخِره خاء مُعْجمَة، وَهُوَ شراب يتَّخذ من الْبُسْر وَحده من غير أَن تمسه النَّار، واشتقاقه من الفضخ وَهُوَ الْكسر،.

     وَقَالَ  إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ: الفضيخ أَن يكسر الْيُسْر وَيصب عَلَيْهِ المَاء وَيتْرك حَتَّى يغلي،.

     وَقَالَ  أَبُو عبيد: هُوَ مَا فضخ من الْبُسْر من غير أَن تمسه نَار، فَإِن كَانَ تَمرا فَهُوَ خليط.
قَوْله: ( أَبَا طَلْحَة) ، هُوَ زيد بن سهل الْأنْصَارِيّ زوج أم أنس.
قَوْله: ( وَفُلَانًا وَفُلَانًا) ، وَفِي رِوَايَة مُسلم من حَدِيث عبد الْعَزِيز بن صُهَيْب: إِنِّي لقائم أسقيهاأبا طَلْحَة وَأَبا أَيُّوب ورجالاً من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بيتنا إِذْ جَاءَ رجل الحَدِيث، وَفِي رِوَايَة لَهُ من حَدِيث قَتَادَة عَن أنس، قَالَ: كنت أَسْقِي أَبَا دُجَانَة ومعاذ بن جبل فِي رَهْط من الْأَنْصَار، وَفِي رِوَايَة أُخْرَى لَهُ من حَدِيث سُلَيْمَان التَّيْمِيّ: حَدثنَا أنس بن مَالك قَالَ: إِنِّي لقائم على الْحَيّ على عمومتي أسقيهم من قضيخ لَهُم وَأَنا أَصْغَرهم سنا لحَدِيث، وَفِي رِوَايَة أُخْرَى عَن قَتَادَة عَن أنس قَالَ: إِنِّي لأسقي أَبَا طَلْحَة وَأَبا دُجَانَة وَسُهيْل بن بَيْضَاء من مزادة الحَدِيث، وَسَيَأْتِي فِي كتاب الأشرية من حَدِيث أنس قَالَ: كنت أَسْقِي أَبَا عُبَيْدَة وَأَبا طَلْحَة وَأبي بن كَعْب من فضيخ الحَدِيث.
قَوْله: ( إِذْ جَاءَ رجل) ، كلمة إِذا انْظُر فِيهِ معنى المفاجأة وَالرجل لم يسم.
قَوْله: ( أهرق) ، أَمر من إهراق، وَقيل: الصَّوَاب أرق لِأَن الْهَاء بدل من الْهمزَة فَلَا يجمع بَينهمَا، ورد عَلَيْهِ بِأَن أهل اللُّغَة أثبتته كَذَلِك.
قَوْله: ( القلال) ، بِالْكَسْرِ جمع قلَّة وَهِي الجرة الَّتِي يقلها الْقوي من الرِّجَال، والكوز اللَّطِيف الَّذِي تقله الْيَد وَلَا يثقل عَلَيْهَا، وَفِي الحَدِيث جَوَاز الْعَمَل بِخَبَر الْوَاحِد، وَفِيه أَن الْخمر كَانَت مُبَاحَة قبل التَّحْرِيم.





[ قــ :4365 ... غــ :4618 ]
- ح دَّثنا صَدَقَةُ بنُ الفَضْلِ أخْبَرنا ابنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرو عَنْ جَابِرٍ قَالَ صَبَّحَ أُناسٌ غَدَاةَ أُحُدٍ الخَمْرَ فَقُتِلُوا مِنْ يَوْمِهِمْ جَمِيعا شُهَدَاءً وَذَلِكَ قَبْلَ تَحْرِيمِها.


مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: ( وَذَلِكَ قبل تَحْرِيمهَا) وَابْن عُيَيْنَة هُوَ سُفْيَان، وَعَمْرو هُوَ ابْن دِينَار، والْحَدِيث مضى فِي الْجِهَاد فِي: بابُُ فضل قَول الله تَعَالَى: { وَلَا تحسبن الَّذين قتلوا فِي سَبِيل الله} ( آل عمرَان: 169) الْآيَة.
فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عَليّ بن عبد الله عَن سُفْيَان عَن عَمْرو عَن جَابر إِلَى آخِره، وَمر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ، وَمر فِي الْمَغَازِي أَيْضا عَن عبد الله بن مُحَمَّد.

والْحَدِيث أخرجه الْبَزَّار فِي ( مُسْنده) حَدثنَا أَحْمد بن عَبدة حَدثنَا سُفْيَان عَن عَمْرو بن دِينَار سمع جَابر بن عبد الله يَقُول: اصطبح نَاس الْخمر من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ثمَّ قتلوا شُهَدَاء يَوْم أُحد.
فَقَالَت الْيَهُود: فقد مَاتَ بعض الَّذين قتلوا وَهِي فِي بطونهم، فَأنْزل الله تَعَالَى: { لَيْسَ على الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات جنَاح فِيمَا طعموا} ( الْمَائِدَة: 93) ثمَّ قَالَ: وَهَذَا إِسْنَاد صَحِيح، وَهُوَ كَمَا قَالَ: وَلَكِن فِي سِيَاقه غرابة، وَهَذَا الحَدِيث يدل على أَن تَحْرِيم الْخمر كَانَ بعد غَزْوَة أحد فِي شَوَّال سنة ثَلَاث من الْهِجْرَة.





[ قــ :4366 ... غــ :4619 ]
- ح دَّثنا إسْحَاقُ بنُ إبْرَاهِيمَ الحَنْظَلِيُّ أخْبَرَنَا عِيسَى وَابْنُ إدْرِيسَ عَنْ أبي حَيَّانَ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ ابنِ عُمَرَ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ رَضِيَ الله عنهُ عَلَى مِنْبَرِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُولُ أمَّا بَعْدُ أيُّها النَّاسُ إنَّهُ نَزَلَ تَحْرِيمُ الخَمْرِ وَهِيَ مِنْ خَمْسَةٍ مِنَ العِنَبِ وَالتَّمْرِ وَالعَسَلِ والحِنْطَةِ والشَّعِيرِ وَالخَمْرُ مَا خَامَرَ العَقْلَ.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم هُوَ ابْن رَاهَوَيْه، وَعِيسَى هُوَ ابْن يُونُس بن أبي إِسْحَاق السبيعِي، وَابْن إِدْرِيس هُوَ عبد الله بن إِدْرِيس الأودي الْكُوفِي، وَأَبُو حَيَّان، بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف: يحيى بن سعيد التَّيْمِيّ، وَالشعْبِيّ هُوَ عَامر بن شرَاحِيل.

والْحَدِيث أخرجه أَيْضا فِي الِاعْتِصَام عَن إِسْحَاق أَيْضا وَفِي الْأَشْرِبَة أَيْضا عَن أَحْمد بن أبي رَجَاء، وَأخرجه مُسلم فِي آخر الْكتاب عَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَغَيره، وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْأَشْرِبَة عَن أَحْمد بن حَنْبَل.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن أَحْمد بن منيع.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ وَفِي الْوَلِيمَة عَن يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم وَعَن آخَرين، وَهَذَا الحَدِيث مَوْقُوف على عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ من رِوَايَة زَكَرِيَّا بن أبي زَائِدَة وَمُحَمّد بن قيس كِلَاهُمَا عَن الشّعبِيّ، وَمن رِوَايَة أبي حُصَيْن عَن الشّعبِيّ عَن ابْن عمْرَة ( وَلم يذكر عمر) .

قَوْله: ( وَالْخمر مَا خمرالعقل) أَي: ستره وغطاه وَسَار عَلَيْهِ كالخمار، وَهُوَ بِعُمُومِهِ يتَنَاوَل كل مَا أَزَال الْعقل سَوَاء كَانَ متخذا من الْعِنَب وَالزَّبِيب والحبوب بأنواعها أَو نباتا كجوز الْهِنْد والحشيش وَلبن الخشخاش وكل ذَلِك إِذا أسكر حرم، وَلَا تعَارض بَين حَدِيث عمر هَذَا وَبَين حَدِيث ابْنه عبد الله الْمَذْكُور فِي أول الْبابُُ لما ذكرنَا من الْجَواب عَنهُ هُنَاكَ.